الصادق المهدي لـ”اليوم التالي”: حزب الأمة سيظل جزءاً من نداء السودان

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس نداء السودان وآخر رئيس وزراء شرعي ومنتخب للسودان ديمقراطياً

 

 

حاورته في القاهرة: صباح موسى

 

** تشهد الحياة السياسية بالبلاد حالة كبيرة وسريعة من التغييرات على كافة المستويات والأصعدة، ربما لمواكبة التغيير الكبير الذي حدث، وربما لمناهضته، جمل كثيرة من التناقضات والتعرجات بالاصطفاف تارة وبالتفكير في التحالفات تارة أخرى، بالهيكلة وإعادة الترتيب والبناء وبالصراع والتنافس في آن واحد، ليخيم على المشهد الكلي صورة غير مفهومة لم تتضح ملامحها النهائية بعد.. في ظل هذه الحالة التقت (اليوم التالي) الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام الأنصار والذي يمثل رقما مهما وكبيرا في المشهد السياسي السوداني، تحدث الإمام معنا عن مجمل الأوضاع التي تمر بها البلاد بروح هادئة حينا وغاضبة في أحايين أخرى، كان الإمام دقيقا في إجاباته، صوب سهام نقده بجرأة ملحوظة، رد الهجوم عليه بهجوم أعنف منه، بدا واثقا من نفسه ومن حزبه، وصف من يتهمونه بأنهم يقفون مع الثورة المضادة، شخّص الحالة ووضع يده على التحديات، قدم الرؤية والإحتمالات، وقدم الوارد المقلق، أبدى ترحيبه في مناطق وأبدى استياءه من أخرى، توقع الانقلابات ورأى الانتخابات المبكرة إسعافا من أي انتكاسة لا رغبة فيها، حرص على السلام إيمانا بتحقيقه لا سيطرة على سير تنفيذه، لمس مواطن الخلل ووصف روشتة العلاج. وأنهى بنصائح رجل الدولة صاحب الخبرة الطويلة والغنية الذي يعرف ماذا يقول وكيف، متى يهاجم ومتى يصمت.. في حضرة الإمام الصادق المهدي كان هذا اللقاء فإلى تفاصيله:

 

* بداية نود أن تطلعنا على أسباب تقديم استقالتك من رئاسة نداء السودان؟
قدمت استقالتي من رئاسة تحالف نداء السودان بغرض استشراف مرحلة جديدة تبدأ بتمحيص سابقتها والعمل على دعم الإيجابيات والتخلص من السلبيات، والمرحلة الحالية تتطلب الاتفاق على هيكلة جديدة للتحالف، ولابد من ضرورة إزالة أي عقبات تعترض سبيلها، وقيادة الثورة صارت جزءا من نظام الحكم في السودان، ولذلك قدمت لهم أفكارا في اجتماع التحالف بالعين السخنة لإعادة الهيكلة وحول ما ينبغي القيام به خلال المرحلة المقبلة وأن تكون الرئاسة جماعية، وكذلك تطوير الحرية والتغيير، وذلك لمواكبة التطور الجديد، ونشكر مصر على استضافتها لفعاليات نداء السودان في العين السخنة وعلى دورها في إتمام عملية السلام في السودان، كما نشكر دول الجوار لما قامت به من دعم إيجابي للثورة، وأيضا نقدم الشكر للأسرة الدولية، ونقول إن السودان سوف يحتاج دعمًا قويًا وكبيرًا وواضحًا من جيراننا والأسرة الدولية، ونؤكد هنا على عزيمتنا في نداء السودان بأن نكون عند حسن الظن في خوض المرحلة القادمة بكفاءة عالية تمكن السودان من القضاء على المفاسد التى مثلها النظام البائد، والاستعداد لبناء السلام والاقتصاد والديمقراطية.

وهل سيظل الصادق المهدي عضوا في نداء السودان؟
حزب الأمة سيكون جزءا من نداء السودان، ليس بالضرورة الصادق المهدي.

هناك حديث يتردد بأنك قدمت استقالتك من نداء السودان لأنك ترغب في أن تتولى رئاسة مفوضية السلام هل هذا صحيح؟
أنا أرغب في السلام وليس في رئاسة مفوضية السلام، ولكن كثيرا من الناس يرون أن عندي تأهيلا ويتصورون أنني بهذا التأهيل أبحث عن رئاسة، أنا لا أبحث عن رئاسة، حتى رئاسة نداء السودان أنا قبلتها بعد ضغط شديد وإجماع من العناصر والزملاء والذين كانوا يرون أن هذا ضروريا للمحافظة على تماسك النداء، ولذلك عندما زالت الحاجة الآن باعتبار أننا في مرحلة جديدة قدمت استقالتي من الرئاسة، مع أنها كلفتني كثير جدا، لأنني بموجب هذه الرئاسة تعرضت لعشر بلاغات نصفها عقوباتها إعدام، وكان البشير دائما يقول يستحيل أسيب الصادق، بنوع من الاستهداف الشخصي، وكان يربط ذلك أيضا برئاسة نداء السودان، لا أنا لن أتقدم لرئاسة المفوضية، إنما سأحرص على أن تكون بطريقة متوازنة، وأن يدخل فيها حزب الأمة نعم لكن ليست بشخصي، للأسف كما قلت هناك ناس مشغولون بهذه الأحاديث هوسا وليس الأمر مربوطا بأي معلومات، وإنما تعبير عن هوس في نفوسهم، لن أتولى أي مسؤولية سياسية أو تنفيذية في المرحلة الانتقالية.

أيضا حديثك عن إمكانية حدوث انتخابات مبكرة أربك الساحة كثيرا بماذا ترد عليه؟
أتحدث عن أن الثورة عندها ثلاث مراحل، المرحلة الأولى للمجلس العسكري الذي أزال نظام البشير وأدار الحكم الانتقالي في المرحلة الأولى، المرحلة الثانية هي الحالية وهي مرحلة مجلس السيادة المشترك ومجلس وزراء مدني ومجلس تشريعي سيكون شاملا لكل القوى السياسية وأن يبرأ منه التلوث بالعلاقة مع النظام المباد، المرحلة الثالثة ستكون مرحلة الانتخابات العامة الحرة، ونحن في حزب في الأمة عندنا موقف مبدئي من دعم المرحلة الانتقالية الحالية وإزالة أي عقبات في سبيلها، وهكذا نحن حتى مع عدم موافقاتنا على بعض التعينات وافقنا على الاستمرار للمحافظة على استقرار الفترة الانتقالية، وسنحرص على ذلك، ولكن هذا الحرص لا يعني أن نغمض أعيننا، ولذلك نحن الآن قدمنا مقترحات حول تطوير نداء السودان، ظهر هذا بوضوح في اجتماع العين السخنة، عندنا رؤية محددة أيضا حول تطوير الحرية والتغيير وتطوير الدستور (الوثيقة الدستورية)، وعقدنا لذلك ورشة لتناول كيف يكون ذلك بما يزيل أية تناقضات وهكذا، وكذلك الحرص على أن تكون عملية السلام عادلة وشاملة، يعني نحن نواصل هذه المبادرة في تجويد الأداء، ولكن بنفس المنطق نعتقد أن هناك مخاطر كثيرة أهم هذه المخاطر مشاكل جسيمة مسألة السلام والإصلاح الاقتصادي وتوازن السياسات الخارجية والتي تشكل تحديات كبيرة، للأسف يمكن أن تكون هناك ردة سياسية جسيمة تسعى لإفشال المرحلة الانتقالية، وهناك قوى خارجية أيضا يمكن أن تفكر في استمالة السودان لها، هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى إضعاف وإخفاق الفترة الانتقالية، نحن ضد هذه العوامل ومع نجاح الفترة الانتقالية بدون تحفظ، ولكننا نعلم أيضا أن هناك عناصر تفكر دائما في الانقلابات، الانقلابات في السودان لم تكن عسكرية بمعنى أن مؤلفيها عسكريون، كان منفذوها عسكريين، ولكن المخطط للأسف كان حزبا سياسيا، الأحزاب السياسية التي لا تعتقد أن لها وجودا شعبيا يكفي تفكر دائما في الوصول للسلطة عن طريق الانقلاب، وهذا موضوع بحثه بصورة كبيرة أحد مفكري حزب البعث في كتاب بعنوان (التجربة المرة)، كثير من القوى السياسية المؤدلجة تفكر دائما بمنطق التجربة المرة هذه، في رأيي هؤلاء للأسف يجتهدون في استغلال أي فراغات، أية انتكاسات لصالح التفكير الانقلابي، لكن نحن نقول إذا ـ لأي سبب ـ تعثرت مسيرة الحكم الانتقالي، يجب أن يكون بدلا من القفز إلى الوراء والقفز إلى الوضع الديكتاتوري القفز إلى الأمام للوضع الانتخابي، نتحدث عنه وهو مبرمج كمرحلة ثالثة للثورة، ولكن يمكن أن يكون إسعافا في حالة وجود نكسة، نتحدث عن هذه الأشياء كاحتمالات لمواجهة حقيقة استغلال القوى الانقلابية لظروف البلاد والقفز للوراء.

في هذا السياق هاجمك محمد يوسف القيادي بتجمع المهنيين وقال إننا لم نطمئن لأن الصادق المهدي يشارك معنا في الثورة وإنه إذا أراد الحكم فعليه أن يقف مع الثورة المضادة. بماذا ترد؟
محمد يوسف، للأسف أنا سكت عن الكلام عنه، حتى لا نتحدث عن نقاط ضعف في حلفائنا، لكنه كان جزءا في مرحلة طويلة من نظام البشير وقسم الولاء له وكان جزءا من النظام المباد، ولذلك نحن سكتنا عن نقاط ضعف حلفائنا حتى لا نفتح مجالا لأن يستغل هذا، ولكن للأسف هو من الذين يسكنون في بيوت من زجاج ويقذفون الناس بالحجارة، للأسف كان جزءا من النظام المباد، وكنا وحدنا الذين لم نشترك في النظام المباد، والذين صمدنا ضده ثلاثين عاما، ورفضنا عندما عرض علينا النظام المباد رئاسة الوزراء وعرض علينا المشاركة في السلطة (لا وعد ولا وعيد)، فأمثال محمد يوسف يسيئون للناس، وحتى إذا أخذ حزب الأمه موقفا ضد الوضع الحالي، فحزب الأمة أكبر حزب سياسي عنده شعبية في السودان، ما مصلحة الثورة والقوى الثورية أن يخسروا حزب الأمة بهذا النوع من التصريحات الفجة والتي من شأنها أن تدعم تصريحات الثورة المضادة والردة السياسية، لأنهم إذا قالوا إن حزب الأمة ضد هذه المرحلة، فمعنى هذا أنه يضعف المرحلة، ويمثل ذخيرة للثورة المضادة لتسعى لفرض أجندتها المرفوضة، كل ذلك يمكن أن توظفها الردة السياسية لصالحها.

ما تعليقك على التحالف الذي تم بين عبد العزيز الحلو ومولانا محمد عثمان الميرغني مؤخرا؟
في رأيي وارد التحالف بين كل الناس، لكن هذا التحالف بين (تيق وميق)، ويمكن أن يكون مناورة سياسية لتوجيه رسائل معينة لجهات معينة، ولذلك هذا التحالف ليس منطقيا، عموما سيكون الباب المفتوح لكل التحالفات، وعلى أية حال أي تحالف يعزز السلام والحل السلمي لقضية السلام نرحب به.

وما تقييمك لأداء حكومة حمدوك حتى الآن؟
نحن نؤيد هذه الحكومة، ولكن تقييم الأداء سيكون في مرحلة لاحقة.

وما رأيك في زيارات حمدوك الخارجية؟
جيدة جدا، هي زيارات مفيدة جدا، فالسودان لديه مشاكل كثيرة متعلقة بالخارج مثل إعفاء الدين ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

هل تعتقد أنه سيكون هناك تجاوب أمريكي لشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
في رأيي أن كل الدول ترى أن هناك تغييرا في السودان أساسيا لصالح حقوق الإنسان والديمقراطية، ولذلك أعتقد أنه ستكون هناك استجابة.

وما رأيك في سير المحاكمات؟
رأيي أن جرائم البشير كثيرة، ولكن المحاكمة الحالية تعطي انطباعا بأن هذه أهم جرائمه، وهذه ليست أهم جرائمه، ولذلك كنا نعتقد أنه كان ينبغي أن تكون المحاكمات للجرائم الأساسية عن الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

هناك من يصر على ضرورة تقديم البشير للمحكمة الجنائية الدولية هل تؤيد ذلك؟
رأيي ببساطة شديدة أن السودان ينبغي أن يصادق على المحكمة الجنائية الدولية، لأن هذا جزء من التطبيع مع الأسرة الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية جزء من النظام الدولي الحالي، والسودان يجب أن يصادق عليها، أما تسليم أو عدم تسليم البشير فيرتبط في رأيي باستشارة أصحاب الدم، لأن هناك من يرى أن هنالك جرائم ارتكبها البشير لا تحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية، لأن المحكمة متعلقة بأربعة أنواع من الجرائم، وهناك جرائم أخرى ارتكبها البشير، وهناك من يرى محاكمته في السودان بعد تأكيد استقلال القضاء.

(مقاطعة)… وماذا يرى الصادق المهدي؟
في رأيي يسلم للمحكمة الجنائية الدولية في ما ارتكب، لكن كما قلت يستأنس في هذا الموضوع دعم انضمام السودان للمحكمة الجنائية الدولية بأصحاب الدم، والمحكمة الجنائية الدولية نظامها يسمح بالمحكمة الداخلية إذا كانت نزيهة

وبالنسبة لسير التحقيقات في فض الاعتصام؟
عملنا لجنة تحقيق وخرجت بنتائج جيدة جدا، لكننا جميعا ننتظر لجنة قومية مستقلة للتحقيق ومحاسبة الجناة.

هناك حديث يتردد بأنك قلت بأن كل الموجودين في ميدان القيادة كانوا يعلمون بفض الاعتصام.. ما صحة هذا الكلام؟
لم أقل ذلك.. ولم أتحدث بأن هناك نية لفض الاعتصام، أو أن هناك أن جهات وأحزابا كانت تعلم بعملية الفض.

وما تعليقك على الطريقة التي خرج بها المؤتمر الوطني من جديد؟
أرى أن المؤتمر الوطني – وقلت هذا كثيرا – مدان تاريخيا بجريمة الانقلاب العسكري وجريمة الشمولية وجريمة إشعال الحروب، وكل الجرائم التي ارتكبها البشير مرتبطة بالمؤتمر الوطني، لذلك قلت ومازلت أقول إن المؤتمر الوطني لكي يعيد نفسه ينبغي أن يعقد مراجعات سياسية، يعترف فيها بجرائم الانقلاب والشمولية وكل الجرائم، ويعترف بأن كل الذين ارتكبوا جرائم يقدمون للمحاكمات، ولكن إذا فعلوا ذلك وراجعوا موقفهم من الإسلام، لأن الإسلام الذي اتبعوه نابع من مفهوم الحاكمية، وتعني أن هناك من يمثلون الله في الحكم وهذا خطأ، والمهم في ذلك إذا أرادوا أن يعاملوا باحترام يجب أن يقوموا بهذه المراجعات والاعترافات.

ألا ترى أن حديث بروف غندور لم يكن يصب في هذا الاتجاه؟
لا… لابد من مؤتمر يناقش هذه المسائل.

هناك جدل دائر حول دور صلاح قوش في الثورة فهناك من يرى أنه كان داعما كبيرا لها وأنه أحد قادة التغيير، وآخرون يرون أنه مجرم ويجب أن يقدم للعدالة.. الصادق المهدي كيف يرى قوش؟
قوش عنده مهام كثيرة، له ماله في مراحل وعليه ما عليه في مراحل أخرى، كونه لعب دورا، وأنا أعتقد أنه لعب دورا في التغيير وإبعاد البشير فهذا له، ولكن هناك أشياء فعلها عليه.

هل يمكن أن يكون قوش جزءا من المعادلة السياسية الحالية؟
المعادلة السياسية السودانية سيكون هناك قانون من أين لك هذا، من طاله هذا القانون سيحاسب، وسيكون هناك قانون للعدالة الانتقالية من طاله هذا القانون يجب أن يحاسب، فهو وغيره من المسؤولين في النظام السابق إذا طالهم قانون من أين لك هذا وقانون العدالة الانتقالية ينبغي أن يساءلوا، ومازلنا نقول إن قوش لعب دورا في تنحية البشير.

 

 

 

اليوم التالي