المصري اليوم تحاور الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي

الإمام الصادق المهدي مع المصري اليوم

 

كتب: جمعة حمد الله

22 يوليو 2015

منذ أكثر من عام، خرج رئيس الوزراء السودانى الأسبق، زعيم حزب الأمة، الصادق المهدى، من العاصمة السودانية الخرطوم ، وتنقل بين القاهرة وعدد من العواصم، ويهدده خطر الاعتقال حال عودته للسودان، بسبب رفض النظام السودانى إعلان باريس، الذى وقعه المهدى مع قيادات الجبهة الثورية، التى تقود معارضة مسلحة ضد نظام البشير.

«المصرى اليوم» التقت رئيس الوزراء السودانى الأسبق فى مقر إقامته بالقاهرة، وطرحت عليه العديد من التساؤلات، أبرزها عن موعد عودته للخرطوم وهل يخشى الاعتقال فى حال عودته، وتحدث «المهدى» عن رؤيته لطبيعة العلاقات السودانية المصرية حاليا، وعن الخطاب المفتوح الذى وجهه للرئيس عبدالفتاح السيسى، يطالبه فيه باستخدام صلاحياته الدستورية، بعدم التصديق على أحكام الإعدام التى صدرت فى حق الرئيس المعزول محمد مرسى، وعدد من قيادات جماعة الإخوان.. وإلى نص الحوار:

■ هناك تساؤلات حول عودة الصادق المهدى إلى الخرطوم.. هل حددت موعدا؟

 – إن شاء الله، أولا أريد توضيح أننى عندما خرجت من السودان، لم أخرج بفكرة البقاء فى الخارج، وإنما كنت أحاور الإخوة فى الجبهة الثورية، الذين يحملون السلاح ضد النظام السودانى، وكان بيننا وبينهم خلاف حول عدد من الأمور، على رأسها أنهم يريدون إسقاط النظام بالقوة، فى حين نرى نحن أن إسقاط النظام بالقوة يمكن أن يخلق ديكتاتورية جديدة، لذلك لابد أن نلتمس وسيلة أخرى نسميها «القوة الناعمة»، ثانيا كانوا يطالبون بتقرير المصير للمناطق المتضررة فى السودان، ونحن نقول لا المطلوب سودان عريض عادل بين أهله وليس تفتيت السودان، وعندما لاحت فرصة أن نتفق حول هذه الأمور ذهبت إلى باريس وأصدرنا إعلان باريس، وهذا الإعلان ينص على أننا نريد نظاما جديدا فى السودان، ويتم تحقيق ذلك من خلال القوة الناعمة، وهذا خلق توازنا جديدا فى القوى، وصار على أن أمتن وأدعم هذا التوازن الجديد، وبقيت فى الخارج حتى نعقد مؤتمرا جامعا ينشأ منه هيكل ينسق العمل بين الذين يريدون نظاما جديدا وسلاما عادلا شاملا، والاتفاق على ميثاق ماذا بعد النظام الحالى، وخريطة طريق لتحقيق ذلك.

 ■ هل صحيح أنك ترفض العودة للخرطوم لأنك مهدد بالاعتقال هناك؟

 ـ السبب الأول لبقائى خارج السودان ليس كما يردد البعض خوفا من اعتقالى فور العودة إلى الخرطوم، فالاعتقال بالنسبة لى رأسمال سياسى، ولذلك لا خوف منه، وقد تعرضت للاعتقال قبل ذلك 10 مرات، ولكن أخاف إذا عدت للخرطوم يتم منعى من الخروج من جديد، والسبب الثانى لتأخرى عن العودة للخرطوم، هو أننى أرأس منتدى الوسطية العالمى، ونحن نخاف كثيرا من المواجهات التى تشهدها المنطقة العربية حاليا، بين سنة وشيعة وإسلاميين وعلمانيين وفقراء وأغنياء، فهناك 7 تقاطعات تستقطب الرأى العام فى بلداننا العربية، وطرحنا فكرة نداء استنهاض الأمة لحل هذه المشاكل بوسيلة توفيقية، وبقيت خارج السودان لدعم وإنضاج هذا المشروع، والسبب الثالث لبقائى خارج السودان أنا عضو فى نادى مدريد وهذا النادى يضم أكثر من 100 رئيس دولة سابق ورئيس وزراء منتخبين انتخابا حرا، واقترحت على النادى مناقشة قضية الطور الرابع للإرهاب، الذى ينطلق من كيانات وشبكات تشبه الدول، وعنده ما يمكن أن نسميه تنظيما شبه دولى أممى، وهذا لا يمكن معالجته قطريا، ولابد من معالجته دوليا، من هذا المنطلق سنعقد مؤتمرا لمواجهة هذه القضية، خاصة أن الأسرة الدولية لها دور كبير فى تكوين إرهاب الطور الرابع، ما يستوجب أن يكون لها دور فى مواجهته، وعندما تكتمل هذه المهام سأعود للسودان ـ إن شاء الله ـ بصرف النظر عن العلاقة من النظام الحاكم فى الخرطوم.

■ هل كنت تتوقع ردة الفعل العنيفة من النظام السودانى تجاه اتفاق باريس؟

لم أتوقع أبدا ردة فعل من هذا النوع، فما حققناه فى الاتفاق هو مطالب الشعب السودانى، على رأسها «إنهاء الحرب وأن تكون المعارضة خالية من العنف»، وألا يكون هناك حق تقرير مصير جديد فى السودان، مثلما حدث مع جنوب السودان.

 صحيح أن هناك بندا فى الإعلان يتضمن هجوما على النظام باعتباره مسؤولا عن الخراب الذى حدث، ولكن كان يمكن للنظام أن يقول «هذا البند مرفوض.. ولكن نرحب بما تحقق من إنجاز»، وللأسف لم يحدث هذا، وفى رأيى أن موقف النظام من الإعلان يعود لعدد من الأسباب، على رأسها أن ما حدث جرد النظام من زمام المبادرة، لأنه هو الذى يسعى لإبرام الاتفاقيات وتحقيق هذه الخطى، فما حدث فى رأيى نوع من الغيرة السياسية، فلم يعترفوا بهذا الإنجاز الوطنى، خاصة بعد تأكيدنا على ضرورة أن يكون لمصر دور فى هذا الاتفاق، فكثير من القوى الثورية فى السودان تقف إلى جانب النظام السودانى، ولا دخل لها بالآخرين، ونحن أقنعنا هذه القوى واتفقنا أن يكون لمصر دور فى الشأن السودانى أسوة بدول الجوار الأفريقى، ولم يرحبوا به، لأن هذا الإعلان جرد النظام من زمام المبادرة، وأعطى الزمام لجهة مثلنا يعارضونها.

وعندما لم يجد النظام سببا لرفض الإعلان اختلقوا سببا كاذبا، حيث قالوا: «نرفض إعلان باريس لأنه مجرد غطاء لعمل مسلح سيجرى تحت هذا الإعلان»، بمعنى أنهم يرفضون الإعلان لأن باطنه عمل مسلح، ثانيا قالوا إن هذا الإعلان تم بوساطة إسرائيلية، فى محاولة لـ«شيطنة الإعلان».

■ وهل هذا الأمر صحيح؟

 – هذا كذب صريح، فهم يعلمون أننى قائد سياسى وصاحب رؤى سياسية، ومعروف عنى أننى أفضل دائما العمل السلمى والتصالحى، وهم يعملون ذلك جيدا، ويعلمون أننى وصلت لحكم السودان مرتين، ولم تكن لى صلة بإسرائيل من قريب أو بعيد، أو غيرها من الأعداء، فهذا كذب صريح وهم يدركون هذا جيدا، أوكما قال الله سبحان وتعالى فى كتابه العزيز «وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا».

■ بعض الأطراف المحسوبة على النظام طالبتك بالاعتذار وعدم التوقيع على اتفاق باريس مقابل العودة للخرطوم.. ما تعليقك؟

 – من الذى يعتذر لمن؟ يعتذر المخطئ، فهم الذين عليهم الاعتذار، فقد ارتكبوا فى حقى فى الفترة الماضية مجموعة «سخافات»، كلها تتطلب الاعتذار، على سبيل المثال هناك قوة مكونة من ميليشيات تسمى «الدعم السريع» تعمل ضمن سياسة الحكومة فى محاربة القوى المسلحة، ومعروف أن القوى غير النظامية ترتكب تجاوزات وتخريبا ولا تلتزم بما يسمى «قانون الحرب»، وهو معروف دوليا وإسلاميا، فلا يوجد الآن شئ اسمه «الحرب خراب»، فالحرب لها ضوابط فى الإسلام، وطبقا لاتفاقيات جنيف لها ضوابط أيضا، وأنا ذكرت أن هذه القوة متهمة بأنها ارتكبت تجاوزات وجرائم فى أعمالها، وينبغى إجراء تحقيق فى هذه الجرائم، وهذا التحقيق من شأنه أن يبرئ أو يدين، وفى النهاية ينصف المظلومين ويعاقب المجرمين، فسعوا لاعتقالى ببلاغ تحت البند 50 من القانون الجنائى فى السودان، الذى ينص على «أن من يعمل على تقويض النظام الدستورى بالقوة يعتقل ويحقق معه ويحتجز فى السجن إلى أن تتم محاكمته»، هم اختاروا هذا البند لأن البنود الأخرى يمكن أن يحقق معك ويطلق سراحك، وما قلته ليس فيه تقويض للنظام بالقوة، وما فعلوه جناية فى حقى وعلى القانون، تستوجب اعتذارهم.

وبعد أن أطلق سراحى كان واضحا أن ما حدث تجاوز وعدوان على، كذلك ما قيل عن إعلان باريس، هذه كلها إساءات أو يمكن تسميته «قذفا سياسيا» ويجب عليهم أن يعترفوا بأخطائهم، أما إعلان باريس فليس به أى شىء، فأكثر الناس تأييدا للبشير، السيد الطيب مصطفى «خال البشير»، وهو شخص عنده آراء صريحة قال: «أنا نظرت لإعلان باريس لم أجد ما يمكننى أن أعارضه»، ومن المعروف أن الطيب مصطفى يأخذ موقفا باستمرار ضد الجبهة الثورية، ويمكن وصف كلامه بـ«شهد شاهد من أهلها».

 ■ هل تمت اتصالات بينك وبين أطراف فى النظام السودانى مؤخرا؟

تحدث اتصالات فى بعض الأحيان لكنها غير جادة، وكان آخر لقاء فى أديس أبابا نهاية مارس الماضى، وجاء هنا الدكتور مصطفى عثمان، وزير الخارجية السودانى السابق، ليتأكد أننا ذاهبون إلى أديس أبابا، فأكدنا له مشاركتنا عن قوى المعارضة بشخصى والسيد مالك عقار، وأبلغنا ذلك للوسطاء، وكان هذا الاجتماع تحضيريا لوضع خارطة طريق للمستقبل، وعندما التقيت الدكتور مصطفى عثمان اتفقنا أن نلتقى فى أديس أبابا لبحث هذا الموضوع، لكنهم غابوا عن اجتماع أديس أبابا، وكان هذا آخر لقاء بينى وبين مسؤول فى النظام السودانى.

■ هل حددت أجندتك فى حال العودة للخرطوم؟

 – مؤخرا، اتصل بى ممثلون من الحكومة الألمانية وقالوا إنهم يريدون استئناف الحوار، وذهبت لألمانيا تلبية لدعوة الخارجية الألمانية وقلت لهم إن الحوار القديم «مات» قتله النظام بما فعله، ولكن يمكن التفكير فى حوار جديد، انطلاقا من أن نظام الخرطوم فقد بما فعله المصداقية تماما، ولكى يبنى شيئا من الثقة ينبغى أن يعلن من طرف واحد مجموعة من الإجراءات، أولا ـ إطلاق سراح المعتقلين ثانيا ـ كفالة الحريات، ثالثا ـ السماح ببرنامج الإغاثات الإنسانية، ورابعا ـ إعلان وقف إطلاق النار، فإذا أعلن النظام هذه الإجراءات، فالخطوة التالية يجتمع الأمن والسلم الأفريقى لمراجعة ما حدث ويقترح خطة جديدة لعملية الحوار فى السودان، ويكون هناك ما يمكن أن نسميه «جائزة للسودانيين»، ويوجد مخرج للبشير فى أمر المحكمة الجنائية الدولية، بتسوية عن طريق البند السادس عشر فى نظام روما، فهناك برنامج للدول المديونة الفقيرة ـ والسودان عليه ديون تقدر بـ48 مليار دولارـ وتعانى الخرطوم من عقوبات تكلفها أكثر من 745 مليون دولار سنويا، كل هذا يتغير إذا قيل إن السودانيين اتفقوا على السلام والنظام السياسى الديمقراطى المطلوب، هذه التوصية التى يتخذها مجلس الأمن والسلم الأفريقى ترفع إلى مجلس الأمن الدولى لإقرارها.

■ لكن بعض الأطراف السودانية ترى أنه من الأفضل أن يكون الحوار داخليا؟

 – هذه كلمات يقولونها للتمويه، فليس هناك أى اتفاق حدث فى السودان، وهناك 16 اتفاقا تمت خارج السودان، فاتفاق سلام الجنوب أبرم خارج السودان، وتحديدا فى كينيا، وكذلك اتفاق الدوحة وأبوجا وأسمرة، كل الاتفاقيات الخاصة بالسلام فى السودان تم التوقيع عليها خارج الخرطوم، فكيف يمكن أن يكون هناك اتفاق فى الداخل و«الناس بينهم ما صنع الحداد واختلافات كبيرة» ودماء، التحضير للاتفاق لابد أن يتم خارج السودان إلى أن تكتمل الصورة، وتكون هناك ثقة متبادلة، ثم يكون الاتفاق النهائى فى مجلس نسميه «مؤتمر قومى دستورى» يعقد فى داخل السودان، والنقاش فى الداخل نهاية الطريق وليس بدايته.

■ هل صحيح أنك وجهت رسالة لجنوب أفريقيا تعترض فيها على صدور حكم بتوقيف الرئيس عمر البشير أثناء حضوره القمة الأفريقية؟

هذا ما يتمناه بعض الناس الذين يريدون تزييف الحقائق، فأنا علمت أن المحكمة الجنائية الدولية أمرت باعتقال البشير وهو فى جنوب أفريقيا والمحكمة العليا فى جوهانسبرج أمرت باعتقاله، وبعدها خرج هو من جنوب أفريقيا، وما حدث تحديدا هو أننى وجهت خطابا للاتحاد الأفريقى باعتبارى رئيس وزراء منتخبا، قلت له أنا مع المحكمة الجنائية الدولية منذ بدايتها، لتحمى الشعوب من بطش الحكومات والتجاوزات، وثانيا أنا مع استقلال القضاء لأنه ضمان للعدالة فى كل مكان، ولكن فى هذه الحالة أقترح أن يكون هناك حل سياسى يحقق للشعب السودانى مطالبه، وهذا لا يمنع مساءلة البشير، ولكن ستكون له فرصة أن يجد له مخرجا ضمن البند الـ16 وهو بند فى تكوين المحكمة، فقلت إنه يمكن أن نستفيد من البند السادس عشر بتحقيق مصالح الشعب السودانى بتجميد ملاحقة البشير، مقابل أن يعطى الشعب السودانى حقوقه فى السلام والديمقراطية، لأن مجرد اعتقاله بدون ترتيبات، يمكن أن يؤدى لمزيد من الخراب.

■ كيف ترى العلاقة بين مصر والسودان فى الوقت الراهن؟

يسعيان للتعايش، لأن هناك قضايا مشتركة بينهما تتعلق بأمن الحدود أو الأمن الغذائى أومياه النيل، ولكن الموقف المصرى من جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها تنظيما إرهابيا، فى حين أن الإخوان المسلمين تركيبة عضوية فى النظام السودانى، فبفضلهم قام وبتحالف معهم مستمر، فهذه مسألة خطيرة، فإذا لم تتم معالجة القضايا الجوهرية مثل العلاقة بين الإسلاميين والسلطة، ستظل هذه الأمور فى خلفية نزاع محتمل، والآن مع وجود تعايش مصرى سودانى، إلا أنه لا شك فى وجود تعاطف إخوانى سودانى مع ما يحدث ضد الإخوان فى مصر، فلا شك أيضا أن الحكومة السودانية تلعب دورا فى دعم فجر ليبيا الموجودة فى طرابلس، ولا شك كذلك فى أن السودان لديه تفاهمات مع عناصر إخوانية، ما يتناقض بالطبع مع الموقف المصرى، الذى يعتبر الإخوان جماعة إرهابية، ولذلك فى رأيى هناك مواجهة معلقة وتعايش فى قضايا آنية مستمر.

وأذكر هنا أنه عندما صدرت أحكام الإعدام الأخيرة فى حق الرئيس السابق محمد مرسى وعدد من قيادات جماعة الإخوان، الحكومة السودانية تجنبت التعقيب على هذه الأحكام واعتبرتها شأنا داخليا، ولكن هناك إخوانا مسلمين مشتركون فى النظام وهناك جماعات كثيرة فى السودان رفضت هذه الأحكام، وخرجت فى مظاهرات، ولذلك أقول إن العلاقة بين مصر والسودان الآن بها تعايش حول القضايا الآنية ولكن دون حسم للقضايا الجوهرية.

■ لكن حكومتى القاهرة والخرطوم تؤكدان على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وأنها فى أفضل مراحلها الآن؟

نعم.. تمنيات طيبة، ولكن رأيى كما ذكرت، فطالما الإخوان يعتبرون إرهابيين فى مصر ويعتبرون أحبابا فى السودان هذا سيكون سببا لمشاكل كثيرة، والأمر لا يقف عند هذا الحد، فالسودان لديه علاقات استراتيجية سواء مع قطر أو مع تركيا وعلاقات استراتيجية مع الإخوان، وفى مصر تعتبر هذه العلاقات مرفوضة ومدانة ومخونة، فلا يمكن أن تكون المسائل بالأمانى بل بالواقع.

■ ولماذا طلبت من الرئيس السيسى عدم التصديق على أحكام الإعدام فى حق قيادات الإخوان؟

 – وجهت للرئيس عبد الفتاح السيسى خطابا مفتوحا، قلت فيه نحن ضحايا الإخوان المسلمين أو ضحايا لحركة إخوانية، وعندما كان الرئيس السابق محمد مرسى فى السلطة، توسطنا لإيجاد تسوية بينه وبين جبهة الإنقاذ وقتها، وقدمت وقتها عددا من الاقتراحات والرئيس السابق مرسى ذكر وقتها أنه سينظر فيها ويدرسها ولكن جماعة المقطم رفضوها، ولذلك نحاول تجنب أى مواجهات فى مصر قد يتأثر بها الشعب المصرى، والشعب السودانى كذلك، وذكرت فى خطابى بالنسبة لهذه المحاكمات أننى لا أتدخل فى استقلال القضاء المصرى، ولكن معروف أن لك صلاحيات دستورية أرجو أن تستخدمها لوقف تنفيذ الإعدام.

وأعتقد أن الإخوان المسلمين ارتكبوا أخطاء كبيرة فى مصر مثلما ارتكبوا فى السودان، ولكن هذا يمكن أن يجعل بعض المنتتمين للجماعة يراجعون مواقفهم، وهذا حدث بالفعل من قبل، سواء فى تركيا حيث قام فرع الإخوان فى تركيا بقيادة نجم الدين أربكان بمراجعات أربع مرات، كان آخرها ما قام به رجب طيب أردوغان نفسه، وكذلك فى تونس والمغرب تمت تسوية سياسية مع الإخوان، نحن نريد أن يكون هناك مناخ لتشجيع المراجعات داخل الإخوان المسلمين حتى يكونوا قادرين على الاندماج فى العملية السياسية بصورة تحول دون الاستقطاب الحالى باعتبار أن هذا الاستقطاب يمكن أن يغلب فكرة المتطرفين داخل الجماعة وهذا يقود لتحالف زيادة بين الإخوان والخوارج والجهات الخارجية التى نسميها الطور الرابع من الإرهاب، والإعدام سيغلق هذا الباب، والعدالة الجنائية ليست وحدها المطلوبة.

 ■ لكن طرحت الكثير من المبادرات للمصالحة ولكن جماعة الإخوان رفضتها وكان آخرها مبادرة من زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشى.. ما رأيك؟

هناك مشاكل كثيرة، ولكن كما ذكرت لك الحركة الإخوانية فى مناطق كثيرة فى العالم قامت بمراجعات، وليسوا هم وحدهم من قام بمثل هذه المراجعات، فهنا فى مصر حدثت مراجعات فكرية للجماعة الإسلامية، إذن فكرة المراجعات موجودة، وأريد ألا نلغى فكرة المراجعات نهائيا، نعم المناخ الحالى به حالة استقطاب كبيرة ولكل طرف حجته، وما أخشاه أنه فى حال تنفيذ أحكام الإعدام تحدث مواجهات مستمرة ودماء، مثلما حدث بعد إعدام سيد قطب، الذى جعل القطبية هى المسيطرة على كثير من الأفكار الإخوانية، وفى رأيى، هناك أفكار إخوانية معتدلة وشخصيات معتدلة مثل الهضيبى والشيخ التلمسانى فهناك أشخاص يمثلون مرجعية معتدلة مثلما توجد شخصيات لها مرجعيات متطرفة، وأعتقد أن القضية هنا سياسية وفكرية وليست قضية أمنية فقط.

■ أخيرا مع ما تشهده المنطقة العربية حاليا من حروب ونزاعات هل يمكن تحميل جماعات الإسلام السياسى مسؤولية ما يحدث؟

 – الإسلام موجود فى أشواق المواطنين جميعهم، قوة اجتماعية هائلة جدا فى الشارع وقوة ثقافية، للأسف هذه القوة يمكن للبعض استغلالها، ما يحدث هو أن وجود ضعف وهشاشة فى النظم الحاكمة ووجود ظلم اجتماعى وهيمنة دولية فتح مجالا لحركات العنف والغلو والتطرف، وهذه الحركات ليست مقطوعة من شجرة ولكنها مربوطة بأهداف المواطنين المختلفة، وهنا يجب أن نذكر كيف نشأ الجيل الجديد من الإرهاب، فالجيل الأول هو عندما كانت الجماعات الإسلامية تقوم بتفجيرات بشكل فردى ومتقطع، والمرحلة الثانية كانت وقت الغزو السوفيتى لأفغانستان، حيث تم استدعاء القوى الإسلامية من جميع أنحاء العالم فتكونت التيارات الجهادية منها القاعدة، وهذا التنظيم معروف أنه تم تكوينه بدعم أمريكى وعربى ودولى فى ذلك الوقت، والمرحلة الثالثة جاءت نتيجة اضطهاد السنة فى العراق وسوريا، فتحول عمل القاعدة فى سوريا والعراق من استهداف الأمريكان، إلى استهداف الشيعة وتكون تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف بتنظيم داعش، وهو ما يمثل الطور الرابع للإرهاب، وهذا الطور الرابع يمثل خطرا كبيرا جدا، حيث صار هناك إمارات متشابكة وتعاون وآلة إعلامية وعسكرية خطيرة وصار جاذبا لكثير من الشباب المسلم، وهذا العدو يقتضى فى رأيى مواجهة باعتباره الخطر الأكبر ولابد من حلول سياسية فى كل البلدان العربية، ويجب البحث عن اتفاق استراتيجى بين العرب والأتراك والإيرانيين.

 وأقول إن العلاقة بين مصر والمملكة العربية السعودية الآن يمكن أن تكون أساسا للجانب العربى وتتبناه الجامعة العربية ويتم التوصل إلى اتفاق عربى إيرانى تركى لتعايش سلمى، وبدون هذا كل الحروب ستتحول لحروب طائفية وإقليمية، فأعداؤنا الاستراتيجيون يرغبون فى تمزيق المنطقة على أسس طائفية وعرقية.

 

المصري اليوم