بيان حول: زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردغان للسودان

بسم الله الرحمن الرحيم

زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردغان

26/12/2017م

 

في خطابي في مناسبة 25 ديسمبر تطرقت لهذه الزيارة ولكن ما رشح عن كلامي في بعض الصحف كان انتقائياً، لذلك أصدر هذا البيان توضيحاً للموقف:

أولاً: كنت زميلاً للمرحوم أربكان في المجلس الأوربي الإسلامي، وكنت في مداولاتي معه أقول إن الاتجاه الإسلامي في تركيا لا يمكن أن يغفل الدولة والمجتمع العميقين اللذين أسسهما مصطفى كمال ونظامه.  لذك استبشرت بما قام به رجب طيب أردغان وزملاؤه من مفاصلة مع حزب الفضيلة بقيادة أربكان وكونوا حزب العدالة والتنمية بنهج جديد في توافق مع العلمانية استصحاباً للواقع التركي.

نجح حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردغان في أمرين مهمين هما: تحقيق تنمية اقتصادية مجدية، واستصحاب الواقع العلماني. أي نهم أجروا بريسترويكا: إعادة هيكلة بالتعبير الروسي.

ثانياً: نرحب بزيارة الرئيس رجب طيب أردغان لبلادنا رغم أنها كانت حكومية بامتياز، جيرها النظام لصالحه الحكومي مغيباً القوى الشعبية ذات الوزن.

ثالثاً: أيدنا الرئيس التركي في موقفه لقمع المحاولة الانقلابية، فالانقلاب العسكري مهما كانت أهدافه المعلنة إذا استولى على السلطة سوف يمارسها دكتاتورياً. من يحتل السلطة بالقوة سوف يستخدم القوة لحماية سلطانه. حقيقة أيدتها كل التجارب في الواقع والتاريخ.

رابعاً: التجربة الأخوانية في السودان أولاً، ثم في مصر ثانياً، وقعت في أخطاء أفدحها في السودان ما يتطلب مراجعة لنهجها. ولكن في الحالين لم تجر مراجعة، ومن الخطأ أن يتبنى صاحب التجربة المراجعة (حزب العدالة والتنمية) المواقف الأخوانية التي لم تحقق المراجعة المطلوبة لا سيما في السودان حيث كانت التجربة انقلابية، وفوقية، محصنة بالإكراه. وتبني حزب العدالة والتنمية دعم الحركة الأخوانية العابرة للحدود كما هو موقفه الحالي خطأ إستراتيجي يوهمها أنها مقبولة دون إجراء المراجعات اللازمة.

خامساً: خطأ آخر أن تتبنى قيادة تركيا الحديثة الدفاع عن التجربة العثمانية. السلطنة العثمانية حققت مكاسب كثيرة للإٍسلام ولكنها مع طول بقائها في السلطة، ستة قرون، تعرضت للفساد والاستبداد ما أثار ضدها ثورات: العرابية في مصر، والمهدية في السودان، والكمالية في تركيا وغيرها.

ينبغي أن تعامل تركيا الحديثة التاريخ العثماني على أساس: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ)[1]. لذلك منذ فترة صرت أتحدث عن التجربة العثمانية في السودان باعتبارها مرحلة وقد انطوت، ونمسك عن تسميتها بالتركية فالعثمانية مرحلة تاريخية كانت وانتهت، وتركيا دولة وشعباً من شأنهما الاستمرار وهم أشقاؤنا بلا نزاع.

الفترة العثمانية ونسختها المصرية الخديوية ارتكبت مظالم في السودان لا يجوز إنكارها فقد جأر السودانيون بالشكوى منها شكوى خلدتها عبارة: عشرة رجال في تربة ولا ريال في طلبة.

سادساً: نرحب بإقبال الاستثمار التركي على السودان، ولكن هذا الاستثمار لن يتحقق ما لم يتحقق الإصلاح الاقتصادي والمالي المنشود. ما يجذب المستثمرين مناخ اقتصادي ومالي سليم غير سقيم، ولكن المناخ الحالي طارد.

سابعاً: أما الحديث عن تخصيص سواكن للاستثمار التركي فلا يمكن أن يتم بعفوية “الشعقيبة”، ويجري التعامل مع الموضوع كأنها صفقة شخصية. الصحيح أن يصدر قانون لتطوير سواكن، وأن تحدد الدولة ما سوف تقوم به في إطار هذا التطوير وأن ينص على ترحيب بالاهتمام التركي بهذا التطوير حسب متطالبات القانون وأن يكون مشروع التطوير متاح للآخرين الذين يجذبهم المشروع.

 

هذا وبالله التوفيق.

الصادق المهدي

 

[1] سورة البقرة الآية (134).

1 Comment

  1. مع كل التقدير للسيد الصادق المهدي وهو يخاطبنا ليوضح موقفه من زيارة رجب أردوقان، فلا أجده قد بدا واضحاً في موقفه كما أراد.
    وقد تكون هذه عادته التي عهدناها فيه وأدت به وبنا الي ما أتاح المجال سهلاً لتستولي عصبة الكيزان علي الحكم وتجهض النظام الديمقراطي الذي كان علي رأسه.
    كيف يمكننا أن نتفهم عدم رفضك وبكل وضوح للدعم الغير محدود الذي يقدمه رجب أردوقان الي نظام الطغمة الذي يقبع بالقوة العسكرية الدكتاتورية علي رقاب شعبنا وينهب بلا حياء ولا إكتراث كل خيرات بلادنا؟
    كيف يمكننا أن نتفهم ترحيبك به وهو الذي يساهم في استمرار بقاء هذه الطغمة الدكتاتورية ويدعمها بكل ثقله؟
    كيف نتسامح مع توضيحك عن ما سُميّ محاولة إنقلاب في تركيا في حين أن من يدعمهم بكل ثقله هم من انقلبوا علي حكمنا الديمقراطي ونكلوا بقياداتنا الحزبية والسياسية والنقابية وبكل من عارض طريقهم الإستبدادي حتي “إخوانهم”؟ ولا أظن يفوت عليك الإنقلاب الذي أحدثه رجب حينما إستغل المناخ العاطفي الذي أحدثته آلة مؤسسات حكمه عقب “فشل” محاولة الإنقلاب العسكري، لينقلب هو علي الدستور ويعدله ليصبح الحاكم المطلق بكل صلاحيات حكم الفرد المعهودة!
    لا أدري كيف تفوت عليك مثل هذه الأمور والتي تعتبر مبادئ أساسية وبسيطة لمن يريد إجلاء الحقيقة بالحق؟
    إن كنت تقصد التعامل الدبلوماسي مع رئيس دولة يعتبر ضيف في بلدنا، فهي مصيبة التهاون في إلتزام المبادئ عند مقام قولها بكل وضوح !

    وإن كنت تقصد نصح ضيفك وضيف دكتاتورية حكمنا، فهي مصيبة من يأمل أن تنقذه قشة وهو يلتقط آخر أنفاسه قبل أن يغرق !

    أما إن كنت تسعي لإسترضاء ضيفك وكسب وده، فهي مصيبتك أنت والمستفحلة في نفسك منذ أن عرفك السودان وشعبه المغلوب علي أمره.

    “فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ”

قسم التعليقات مغلق.