خُطبة عيد الأضحى المبارك التي ألقاها الحبيب الإمام الصادق المهدي إمام أنصار الله في القاهرة

الإمام الصادق المهدي في صلاة يد الأضحى المبارك في القاهرة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر ولله الحمد

خطبة عيد الأضحى المبارك

10 ذو الحجة 1436هـ الموافق الخميس 24 سبتمبر 2015م

 

الخطبة الأولى

الله أكبر.. الله أكبر .. الله أكبر

الحمدُ للهِ الوالِي الكريمِ. والصلاةُ علىَ الحبيبِ محمدٍ وآلهِ وصحبِهِ مَعَ التسْلِيْمِ.

أحْبَابـِي فِي اللهِ وإخوانِي فِي الوَطَنِ العزيزِ،
الحج لمن استطاع إليه سبيلا من فرائض الإسلام. كان يمارس قبل الإسلام مخلوطاً بالشرك. الإٍسلام أبقى على الشعيرة
وطهرها من الشرك، وجعلها من أقوى رموز التوحيد لله ووحدة الأمة المؤمنة به.
أما الأضحية فهي قربان لله تحاكى قصة إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام. الأب قال: (إنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى)[1] والابن قال: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[1].
الصلاة يوم العيد ضحى وفي فلاة سنة، وفي جماعة حاشدة لإظهار قوة وفتوة الإسلام.
الأضحية ينبغي أن تخلو من العيوب، وأن تذبح برفق، وأن يكتفي صاحبها بثلثها ويهدي لأحبابه ثلثها وأن يتصدق بثلثها وجلدها.
هذه السنة جائزة على المستطيع الذي يملك ضرورات الحياة فإن عجز فالسنة ألا يضحي بل يكتفي بأضحية النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن أمته. فمن مقاصد الشريعة الإسلامية نفي الحرج (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[2] والتيسير من السنة.
“َيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا”.
أحْبَابـِي،
نحن في تحيات الصلاة نصلي على محمد وآل محمد كما على إبراهيم وآل إبراهيم. إن الإبراهيمية تجمعنا نحن واليهود والمسيحيين في ملة إبراهيم عليه السلام.
الصهيونية حركة سياسية غاصبة نعاديها، والصليبية حركة غازية نعاديها، فهما وجهان للظلم والعدوان. خطتنا نحوهما:
(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ)[3]. وكثير من اليهود يرفضون الصهيونية وكذلك من المسيحيين يرفضون الصليبية هؤلاء أخوة لنا في الإيمان الإبراهيمي علينا أن نعقد معهم ميثاق الإيمانيين الذي يجمع بين الإيمانيين في دعوة التوحيد، والالتزام بمكارم الأخلاق، وبحقوق الإنسان وأن نتعاون على التنمية البشرية وعلى منافع الخلق.
نذكرهم أن توراتهم تبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم إذ جاء في سفر التثنية في التوراة الفصل 18 وفيه يخاطب الله موسى عليه السلام: ” أقيم لهم من وسط إخوتهم نبياً مثلك وأجعل كلامي في فمه”. والتوراة تحدد الجهة التي منها هذا النبي وهي فاران أي غفار مكة.
وجاء في التوراة في خطاب إلهي لإبراهيم عليه السلام في سفر التكوين (17/20): “أما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه وها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً جداً وأجعله أمة عظيمة”. وإسماعيل هو جد محمد صلى الله عليه وسلم.
أما الإنجيل فقد جاء في إنجيل يوحنا ( 15/ 14-17) جاء: “أما المعزى الذي سيبعثه الأب باسمي فهو الذي سيذكركم بكل الذي أقوله لكم”. هذا الوصف ينطبق على محمد صلى الله عليه وسلم، أول نبي بعد عيسى عليه السلام. بعض المسيحيين قال المعزى هذا هو الروح القدس. هذا غير صحيح فالروح القدس موجود قبل مولد عيسى عليه السلام وهو الذي في اعتقادهم لامس مريم عليها السلام لميلاد عيسى.
وفي إنجيل يوحنا أيضاً قال المسيح عليه السلام: “وأما متى جاء ذلك الروح الحق فهو الذي يرشدكم للحق لأنه لا يتكلم عن نفسه يوحنا (16/14) إذن: شخص يأتي نبياً بعد عيسى وينطق بالوحي ويزكي عيسى فهذه صفات لا تنطبق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا كله يصدق ما جاء في القرآن: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ)[4].
أما كتاب الله فإنه يطلق صفة الإسلام على كل الملة الإبراهيمية. قال تعالى: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ  مُسْلِمُونَ* وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[5].
أحْبَابـِي فِي اللهِ وإخوانِي فِي الوَطَنِ العزيزِ،
شنت الولايات المتحدة منذ 14 عاما حرباً أممية هي وحلفاؤها ضد القاعدة، والقاعدة في هذا الأثناء توسعت وقامت لها فروعٌ كثيرة. فرع القاعدة في بلاد الرافدين أي العراق والشام تحول إلى داعش وأقام خلافة سماها إسلامية، ومنذ عام 2014م بويع أبو بكر البغدادي خليفة وعاصمته الرقة، المدينة السورية.
القاعدة لم تنشأ من فراغ بل هي حركة لبت نداء الجهاد لإجلاء السوفييت الغزاة من أفغانستان. وبعد النجاح في تلك المهمة مع آخرين قرروا إجلاء الوجود الأمريكي أسوة بالسوفييت من أرض المسلمين. لذلك أعلنوا حرباً ضد الأمريكان واعتبروا النظم الحاكمة ما هي إلا حليف لهم فالواجب في نظهرهم إسقاط هذه النظم وإقامة خلافة إسلامية تطبق الشريعة.
داعش، وهي فرع من القاعدة في العراق والشام، رأت أن أهل السنة في العراق وفي سوريا ظلموا، وأسرعوا بإقامة الخلافة انتصاراً لأهل السنة المظلومين ومحاربة للنفوذ الأمريكي الذي اعتبروه سبباً في ظلم أهل السنة. هذه الخلافة رفضها زعيم القاعدة د. أيمن الظواهري لأنها فرضت نفسها دون شورى المسلمين. ولكن خلافة داعش تمسكت بموقفها واحتجت بأن البغدادي أولى بالخلافة لأنه قرشي النسب.
القاعدة، وداعش بعدها، يطبقان أحدث أساليب الاتصال والدعاية، وأقسى وسائل العنف والترعيب، ويملكون أموالاً طائلة، وقوات مسلحة صمدت سنوات في وجه تحالف دولي كبير بإمكانات مالية وعسكرية هائلة.
القاعدة وداعش يعبران عن أشواق يتطلع أصحابها لأنماط ماضوية كالخلافة، ولتطبيق للشريعة بصورة بعيدة عن مراعاة الواقع، وبعيدة عن نهج التدبر، فهي ثورة على الواقع بالقفز إلى الوراء.
إقامة الحجة الشرعية ضد داعش وإدانة أساليبها الوحشية تجد تجاوباً واسعاً في أمتنا، وفي العالم. ولكن ثورة داعش الظلامية تستمد قوة من فكرة ترفدها أربعة عوامل هي:
  1.  حاضنة دينية وثقافية موجودة في المنطقة تتطلع للخلافة والشرعية بنفس الخلو من الإحاطة بالواقع، ومن التدبر.
  2.  غضب على نظم الحكم في كثير من البلدان بأنها مستبدة سياسياً وظالمة اجتماعياً.
  3.  شعور في كثير من الأوساط السنية بتهميش أهل السنة، سيما في العراق وسوريا.
  4.  استنكار تبعية كثير من بلدان المسلمين للهيمنة الدولية.
  5.  النزاعات داخل الدول العربية وفيما بينها خلقت فراغات تتمدد عبرها حركة القاعدة “وخلافة” داعش.
  6.  ما برحت آلام الأمة العربية والإسلامية تزيد بسبب الغطرسة الإسرائيلية. ويزيد ألق الحركات المتمردة على الواقع الراهن كلما بدا كيان الحكام مشغولاً بحروبه الطائفية تاركاً إسرائيل تعربد كما تشاء. وآخر حلقات الإذلال أنه في يوم السبت 12/9 اعتصم مقدسيون في المسجد الأقصى للتصدي لاقتحام صهيوني مزمع يوم الأحد. وفي يوم الأحد اقتحمت منظمات الهيكل المسجد تدعمها الشرطة الإسرائيلية ووقعت مواجهات جرح أثناءها 100 من أهل فلسطين وخربت نوافذ وسجاجيد.
مرة أخرى كانت ردود الفعل العربية والإسلامية عاجزة. ما يدعم سخط الساخطين. نحن إذ ندين هذا العدوان نرجو أن يعمل ولاة الأمر على دعم صمود المعتصمين وعقد لقاءات قمة لدعم صمود المقدسيين والاتفاق على إستراتيجية لمواجهة المخطط الإسرائيلي ضد الأقصى، ولتهويد القدس، ولتوسيع المستوطنات. إن عجز الواقع يعزز الثورة ضده.
أحْبَابـِي فِي اللهِ وإخوانِي فِي الوَطَنِ العزيزِ،
الأوضاع في المنطقة العربية ما بين الخليج والمحيط صنعت حالة رفض ثوري. لذلك:
  •  اندلعت ثورة الربيع العربي، ومع أنها وقعت في خمس بلدان فقط فإنها ألهمت حماسة شعبية واسعة النطاق حتى أن بلاداً كالمغرب استبقت الأحداث بإصلاح دستوري خطى خطوة نحو الملكية الدستورية.
  •  ومع أن ثورات الربيع العربي لم تحقق كل أهدافها فإن الحالة الثورية انتشرت في المنطقة وإن أخذت أشكال احتجاجات شبابية ومطلبية.
  •  الفرق بين القاعدة وداعش، وكلاهما يمثلان تطلعاً للخلافة وتطبيقاً منكفئاً للشريعة، هو أن داعش ركبت موجة ثورة سنية على حكم المالكي في شكل اعتصامات واحتجاجات وانطلقت بهذه الثورة لأفق جديد.
لقد أحصينا ثلاثين مركزاً دراسياً ذات درجة معقولة من الاستقلال الفكري، يرجى أن يوجه معهد البحوث والدراسات العربية التابع للجامعة العربية الدعوة لعشرة مراكز منها لاجتماع عاجل، ليجتمعوا كبرلمان فكري ويقدموا مانفستو للإصلاح الدستوري والسياسي والاقتصادي والأمني والدولي، ثم تدعو الجامعة العربية لمؤتمر قمة عربي للنظر في تلك التوصيات اللازمة للخلاص القومي.
ينبغي أن نتأمل دولياً في المنطقة. إننا نجاور ثلاث دول: سنية هي تركيا، وشيعية هي إيران، ويهودية هي إسرائيل؛ ثلاثتها تحكم بنظم تعددية بقيادات منتخبة ومدنية، وحققت تنمية غير ريعية ووطنت التكنولوجيا، وأمامنا أن نحقق إصلاحات جذرية لنتعامل معها ندياً أو سوف نجعل بلداننا نهباً لنفوذها هي ونظام الثورة الداعشية.
هذا المصير لا ينقذ منطقتنا منه حماية دولية، فالدول المعنية سوف تعطي أولوية في التعامل مع الدول الكبرى الثلاث في المنطقة.
الأمة العربية أمام تحدٍ أن تكون أو لا تكون، وتستطيع إذا لحقت بموجة التاريخ أن تقود تكوين جامع إسلامي يعيد وحدة
إسلامية بأنماط جديدة. (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[6]. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر أهل القبلة.

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطبة الثانية

الله أكبر.. الله أكبر .. الله أكبر
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبهِ ومن والاه،
أحْبَابـِي فِي اللهِ وإخوانِي فِي الوَطَنِ العزيزِ،
هنالك أكثر من منظومة فكرية تتنافس على عقول وقلوب الشارع السياسي في بلادنا لبراليون، واشتراكيون وقوميون عرب، وقومية أفريقانية، وحركات إسلامية.
ولكن الذي تدل عليه الحقائق أن الفكر الإسلامي يحافظ على النسبة الأكبر في رأس المال السياسي الآن.
هنالك تجارب مرجعية إسلامية ناجحة في تونس، والمغرب، وتركيا، واندونيسيا، وماليزيا وهنالك تجارب فاشلة أهمها التجربة السودانية والتجربة الأخوانية المصرية.
كانت الحركات ذات المرجعية الأخوانية قد اجتمعت في مطلع عام 1989م واستعرضوا تجاربهم مع الانقلابات العسكرية وقرروا بالإجماع تجنب استخدام الرافع العسكري للبرنامج الإسلامي.
الاخوانيون السودانيون حضروا ذلك الاجتماع وخرقوا توصياته. أولاً بالانقلاب العسكري، وثانياً بخرق كل توجهات الحركات الإسلامية بإقامة نظام حكم هو صورة طبق الأصل لنظام الحزب الواحد المعتمد على الدولة البوليسية.
بدأ النظام السوداني الانقلابي بجسم أخواني ببرنامج دعوي معتمد على تحالف بين الجبهة الإسلامية القومية وجماعة عسكرية. ثم انتقل إلى نظام أمنجي خالص. وبعد أن عجز على تطويع الحركة الشعبية لتحرير السودان بالحماسة الجهادوية دخل معها في حكم ثنائي. وبعد إخفاق اتفاقية السلام في تحقيق أهدافها المعلنة في تحقيق الوحدة الجاذبة والسلام، والتحول الديمقراطي تحول النظام إلى أحادية عسكرية. ثم إلى نظام أمنجي بلا أيديولوجية حقيقية بل يعتمد على مليشيات قبلية لا تجمعه معها أية فكرية أو حتى عصبية مشتركة.
توازن القوى الجديد الذي يعتمد عليه النظام توازن مضطرب ويفتح الباب أمام مغامرات كثيرة. لا سيما والحالة الأمنية في البلاد تعاني من جبهات اقتتال مستمرة، والحالة الاقتصادية تعاني من تدهور مستمر، والحالة المعيشية من سوء لا يطاق، وطبقة القطط السمان تجسد سلطان الفساد، وقيادة البلاد ملاحقة جنائياً ودولياً.
التدهور الاقتصادي والمشقة المعيشية سببها التمكين، أي نتيجة لسياسات النظام لتمكين جماعتهم على حساب باقي المواطنين.
والتمكين اقتضى أن يعتمد النظام على الإنتاج الريعي على حساب قطاع الإنتاج الحقيقي، مما أدى لتدهور الإنتاج الزراعي فهاجر المنتجون إلى العاصمة فتضاعف استهلالك القمح 8 مرات في ربع القرن الإنقاذي، مما شكل ضغطاً على النقد الأجنبي المحدود جداً. وكانت النتيجة إفقار الريف والحضر.
المخرج ليس بإجراءات استيراد القمح المعلنة مؤخراً، وهي صفحة جديدة في كتاب التمكين، ولكن المخرج بالإصلاح السياسي المطلوب، والتوافق الفوري على الاقتصاد وبرامج التنمية. قالوا لنا هاتوا برهانكم على الفساد نقول لهم:
من ليس يفتح للضياء عيونه هيهات يوما واحداً أن يبصرا
اقترنت عندكم الثروة بالسلطة وقانون (من أين لك هذا) كشاف يكشف المستور.
قوى المستقبل الوطني فصائلها تعمل من أجل الاتفاق على ميثاق يحدد مصير السودان السلامي الديمقراطي الفدرالي، المستفيد من التجارب الإسلامية الناجحة، المستوعب للتنوع الثقافي والإثني في نطاق المساواة في المواطنة. وتعمل على إقامة هيكل موحد لقوى المستقبل وتعلن خريطة طريق للمستقبل الوطني.
النظام السوداني بعد أن اقتنع بالحوار الوطني يريده حواراً مجزءاً بيانه: (7+7) للقوى السياسية المدنية، والدوحة للقوى الدارفورية المسلحة، و2046 للحركة الشعبية شمال.
بهذه الطريقة يجعل النظام نفسه عمدة الحوار ليبرم اتفاقيات ثنائية تحافظ للنظام على ثوابته.
هذا النهج غير مقبول وهو معزول وطنياً، وإقليمياً، ودولياً.
قوى المستقبل الوطني سوف تعمل من أجل ربيع سوداني يحقق أهداف الشعب السوداني المشروعة ويطبق الميثاق الوطني المنشود.
ومع ذلك فنحن دعاة الحوار الوطني. وبموجب توصيات اجتماعه رقم 539 تبنى مجلس السلم والأمن الأفريقي بالإجماع رؤيتنا العادلة للحوار الوطني.
هذه الرؤية تبدأ بلقاء تحضيري جامع خارج السودان للاتفاق على إجراءات بناء الثقة وعلى خريطة طريق ثم ملتقى جامع داخل السودان.
هذه الخطة تحظى بدعم أفريقي ودولي وتتطلع لإعادة الثقة في آلية السيد ثامو أمبيكي الرفيعة وتقويتها.
ويرجى أن تكون الخطوة التالية أن يوسع مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2046 ويتخذ قراراً تحت عنوان (السلام العادل الشامل والاستقرار الديمقراطي في السودان).
هذا القرار الجديد يرجى أن يتبنى أن يكون الحوار السوداني جامعاً. وأن يتضمن منافع للسودان أهمها تسوية مسألة المحكمة الجنائية الدولية بصورة توفق بين المساءلة والاستقرار في السودان، وتوصية دولية لإعفاء الدين الخارجي السوداني ضمن برنامج إلغاء ديون البلاد الفقيرة المديونة. هذا معناه أن يحقق السودان السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل وينعم بتسوية مسألة المحكمة الجنائية على أساس يوفق بين المساءلة والاستقرار وإلغاء الدين الخارجي ورفع العقوبات الاقتصادية، وفك تجميد الدعم التنموي، وتطبيع العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية، وتجنب أن يقع السودان في حالة الانهيار الذي يواجه دولاً أخرى. هذا يصل بالسودان إلى بر السلامة ويمكن أهل السودان من توحيد الإرادة لبناء الوطن.
وفي هذا اليوم المبارك يطيب لي أن أوجه لرئيس الدولة السوداني نداء العيد. أقول: أيها الأخ، نحن من انقلبتم علينا وقلتم فينا ما قلتم من إدانات باطلة. ومع ذلك ما زلنا نمثل الثقل المعنوي، والفكري والشعبي الأكبر في البلاد. وأنت الآن تقود حزباً مفككاً من خرج منه أكبر ممن بقي فيه. قال لي من أثق في صدقهم ممن أيدوا الانقلاب وشاركوا فيه: إذا أُجري استفتاء بين مناصري الانقلاب في يونيو 1989م لصوتت الأغلبية ضد النظام الآن. والانتخابات الأخيرة أثبتت لكم عزلتكم الشعبية، وموقف مجلس السلم والأمن الأفريقي أثبت عزلتكم الإقليمية، وصدور 62 قراراً ضدكم من مجلس الأمن الدولي أغلبها تحت الفصل السابع يؤكد عزلتكم الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية والقضاء المستقل في كل مكان سيف مسلط.
نحن المؤمنين بالحوار الوطنى كأحد وسائل تحقيق مطالب الشعب السودانى المشروعة نرحب بما أعلنته من عفوٍ ووقفٍ لإطلاق النار المصحوب بضوابطه كخطوة نحو الحوار الوطنى باستحقاقاته.
تذكر أيها الأخ أن عين العناية ترعى السودان لذلك:
  •  عشية الاستقلال كانت المخاوف أن يقتتل السودانيون في حرب أهلية ولكنهم تجاوزا الموقف وأجمعوا على استقلال نظيف.
  •  ولدى اندلاع انتفاضة أكتوبر 1964م تجاوب الفريق إبراهيم عبود رحمه الله تجاوباً وطنياً مكننا من تحول ديمقراطي صار مضرب الأمثال.
  •  ولدى انتفاضة رجب/ أبريل تحركت القوات المسلحة وجنبت البلاد المخاطر.
وأمامك فرصة لدخول التاريخ بأوسع أبوابه: أن تستجيب لنداء الوطن، وترسم معنا خريطة طريق لسلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل، بأسلوب لا يعزل أحداً ولا يهيمن عليه أحد.
تجاوب أيها الأخ مع هذه الفرصة التاريخية ونحن نضمن لك الوفاء بالتزاماتنا كاملة إن شاء الله.
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى )[7]. (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[8].
أحْبَابـِي فِي اللهِ وإخوانِي فِي الوَطَنِ العزيزِ،
عيدكم مبارك أعاده الله عليكم وعلينا وعلى الوطن باليمن والبركات. اللهم أرحمنا وأرحم آباءنا وأمهاتنا، وأهدنا وأهد أبناءنا وبناتنا وبارك لنا في رزقنا وأحفظ سوداننا أرض جدودنا ومنبت رزقنا.
آمين.
________________________________________________________
[1] سورة الصافات الآية (102)
[2] سورة الحج الآية (78)
[3] سورة البقرة الآية (190)
[4] سورة الأعراف الآية (157)
[5] سورة آل عمران الآية (84) و الآية (85)
[6] سورة هود الآية (117)
[7] سورة الليل الآية (5) والآية (6) والآية (7)
[8] سورة الرعد الآية (11)