ماذا ستفعل المعارضة سياسياً بعد الانتخابات

الإمام الصادق المهدي في برنامج مصر في يوم
الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي
الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وإمام الأنصار المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

 ماذا ستفعل المعارضة سياسياً بعد الانتخابات

بقلم الإمام الصادق المهدي

22 أبريل 2015م

 لا أحب أن اسمي أنفسنا معارضة بل أطلقت عليها قوى المستقبل الوطني.

 كان النظام السوداني أمام خيار كسبي فيه خريطة طريق تنتهي بلقاء جامع داخل السودان لإبرام اتفاق سلام عادل شامل وحوكمة لا يهيمن عليها أحد ولا تعزل أحداً تحقق للبلاد استقراراً ديمقراطياً.

 اختار النظام السوداني الغياب عن لقاء دعت إليه الآلية الأفريقية الرفيعة تحضره كافة الأطراف السودانية دون شروط مسبقة للتحضير للحوار المنشود، هذا اللقاء طالب به مجلس السلم والأمن الأفريقي ونشطت لإنجاحه الحكومة الألمانية وهم أكثر الدول الأوربية اتصالاً بكافة الأطراف السودانية وتحمست له كل أطراف الأسرة الدولية، واحتشدت لحضوره كل الجهات الحكومية وغير الحكومية الدولية المهتمة بالشأن السوداني.

 احتج النظام السوداني لغيابه بأمور غير مقنعة وأهمها الانشغال بالانتخابات وهي انتخابات أعلنت كل قوى المستقبل الوطني مقاطعتها ونظمت حملة (ارحل) ذات الثقل الشعبي الواسع ضدها، وأعلنت كل الدول والمنظمات الملتزمة بحقوق الإنسان إدانتها ورفض مراقبتها ولم يذهب لمراقبتها إلا المنظمات التي للحكومة السودانية عضوية فيها كالاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، هؤلاء ملزمون بشروط العضوية حضورها وهم “شهود نعم”.

 الانتخابات الديمقراطية تتوافر فيها شروط المنافسة الحقيقية. الحزب الحاكم أسقط كل شروط المنافسة النزيهة بتسخير كل أجهزة الحكومة، وأموالها، وإعلامها، وأمنها لصالح مرشحيه، والنظام الحاكم غيب حريات التنظيم والتعبير والنشر.

الشعب السوداني المعلم رفض المشاركة في المهزلة واستجاب لحملة (ارحل) ورد على حملة المشاركة في الانتخابات بتعرية شعبية النظام فكأنما سجل النظام إصابات في مرماه:

 لا يبْلغَ الأَعْدَاءُ مِـنْ جَاهِـلٍ *** مَا يَبْلغُ الْجَاهِلُ مِنْ نَفْسِهِ

 قيادة النظام بذلت كل هذا الجهد لتعرية نفسها شعبياً، ومعلوم أنها ملاحقة دولياً جنائياً ما يعني قفل الطريق أمام أية فرصة لإعفاء دين البلاد الخارجي وقدره (48) مليار دولار، ورفع العقوبات الاقتصادية وهي تكلف السودان (745) مليون دولار سنوياً، ومعونة الكوتنو ومبلغها (350) مليون دولار سنوياً، أي أن نتائج هذه الانتخابات تعني عقوبات مستمرة للسودان حتى قبل محاكمة المتهمين.

 قوى المستقبل الوطني نشرت بياناً يوضح إعراض الشعب عن الانتخابات، وتعتبر ما حدث هبة انتخابية تضاف للهبات التي حققها الجهاد المدني ضد النظام مثل هبة سبتمبر 2013م.

 وكنا قد أعلنا أن المضي في الانتخابات يقابله المضي في الاستعداد للإضراب العام، فالانتفاضة لإقامة نظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل.

 ولتنظيم هذه الخطى سوف تجتمع قوى المستقبل الوطني في مكان وزمان تحت التحضير، اجتماع سوف تحفه روح معنوية عالية بدنو صباح الوطن، نعلم أن النظام كعهدنا به سوف يحاول أن يزور

 المعطيات ليصنع من الفسيخ شربات ولكن الناس لمسوا الحقائق ولا سبيل لتضليلهم، بل يبدو النظام كمن سعت لحتفها بظلفها حقاً كما قال تعالى: (وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)*.

 زاد النظام في عزلته لأنه أعطى انطباعاً أن غيابه من طاولة الحوار مرتبط بأنه عقد صفقة الدم السوداني مقابل الدعم العربي، ما جعلنا نخاطب الجامعة العربية ودولها بالانحياز للشعب السوداني والأسرة الدولية لا دعاة الحرب والطغيان في السودان، خطابي للجامعة العربية أرسلت منه نسخة لكل وزراء خارجية الحكومات العربية، وسوف التقي الأمين العام للجامعة العربية مؤكداً له أن الشعب السوداني ينتظر أن يدعم العرب السلام والاستقرار الديمقراطي في السودان لا الاحتراب والطغيان، وحبذا لو نسقت الجامعة العربية موقفها مع الاتحاد الأفريقي لدعم مستقبل سلامي وديمقراطي في السودان.

 في 13/4/2015م دعتني الخارجية الألمانية لتسأل ما فرص الحوار الوطني بعد الانتخابات؟ قلت لهم: مشروع الحوار الوطني الذي قتله النظام في أديس أبابا بغيابه قد مات.

قلت لهم إن إحياء الحوار في الإطار الذي قوضه النظام السوداني غير مجدٍ. إذا أردتم المبادرة بعملية سلام مجدية في السودان فالواجب اتخاذ الخطوات الآتية:

1. أن يتخذ النظام من جانب واحد إجراءات بناء الثقة – مثل – إطلاق كافة السجناء، وكفالة الحريات العامة، ووقف إطلاق النار، وتنفيذ اتفاقية العون الإنساني الثلاثية.

2. الاستعداد لإعلان مبادئ للحوار أهمها السلام العادل الشامل، والتحول الديمقراطي، عبر ملتقى قومي دستوري يضع أسس دستور المستقبل، وقيام حكومة قومية انتقالية لا تعزل أحداً ولا يهيمن عليها أحد تستمر حتى إجراء انتخابات عامة حرة.

3. تقوية آلية الوساطة الأفريقية بشركاء لهم موقع مؤسسي معها.

4. اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي لتشخيص أسباب إخفاق اتفاقيات السلام في السودان المبرمة والتي ما زالت في طور التفاوض وأهمها طابعها الثنائي، وانحصارها في المحاصصة دون مخاطبة أسباب النزاع الحقيقية.

5. أن يضع المجلس توصية بعملية سلام شاملة تشرك كل أصحاب المصلحة الوطنية وتتبنى الأهداف الوطنية السودانية المشروعة وتضع حلاً سياسياً عادلاً لمسألة المحكمة الجنائية الدولية وأساساً متفقاً مع حقوق السودان في إعفاء ديون البلدان الفقيرة.

 6. أن يجتمع مجلس الأمن الدولي لمناقشة توصية مجلس الأمن والسلم الأفريقي ويصدر بها بعد التداول قراراً دولياً جديداً بموجب الفصل السابع.

 هذا هو أسلوب القوة الأفريقية والدولية الناعمة لإنقاذ السلام والاستقرار في السودان من تقلبات الهوى الحزبي ووضع حد لمأساة شعب يرزح ربع قرن من الاقتتال والطغيان.

——————————————-

* سورة الليل الآيات (8، 9، 10)