مذكرة أعضاء مجلس الوصية للإمام الهادي المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على سيدنا وعلى آله مع التسليم .

أما بعد

مولانا الإمام:

إننا كأبناء الإمام المهدي وأعيان أسرته، وكأوصياء الإمام الراحل الصديق معك في تحمل إمامة الأنصار، قد قدمنا سيادتك إماماً للأنصار وبايعناك بيعة مخلصة لهذا المقام الكبير.

وإننا مع محاولاتنا أن نعمل وأن نعاون سيادتك نقيم التنظيم بعد التنظيم، ونتخذ الأساس بعد الأساس، آملين أن نهتدي بوضعٍ يمكننا من العمل الجاد المخلص لرفعة شأن الدين والوطن. فوضعنا المشروع التنظيمي الأول في ديسمبر 1961م، ثم مشروعاً آخر في يونيو 1962م، ثم مشروعاً آخر في مايو 1963، ثم اتفاقاً تنظيمياً آخر في سبتمبر 1963م، ثم وضعنا النظام الأخير في يونيو 1964م.

وكانت تتخلل تلك الاتفاقات فترات من الخلاف والاحتكاكات، وتدخلها مجموعات من الوسطاء، ولكن النتيجة في كل تلك الأحوال كانت واحدة: وهي عدم استطاعتنا تنفيذ ما أبرم، وانتكاس مجهوداتنا نكسةً بعد نكسة.

وأخيراً عندما اجتمع مجلسكم، وانتدب لجنة لبحث موقفنا العام إزاء حالة البلاد الراهنة، عكفت اللجنة على تحليل حالة البلاد، فوجدتها في درك بعيد من السوء والاضطراب وفقدان الأمن، كما وجدت أن الفئات الشعبية بدأت تتحرك في معارضة النظام القائم، وبدأت تجمعات المثقفين أيضاَ تتحرك، وكلهم يتصرفون كأنما قيادة هذه الأمة آلت إليهم، وكلهم يسعون لإقامة أجهزة للعمل الوطني، فمع أن هذا النضال عمل حميد إلا أن أعضاء اللجنة اعتبروه من خسائر قيادة الأنصار، إذ انصرفت عنها القيادة الشعبية، وخسارة أخرى أحصتها اللجنة وهي تفكك الأنصار سياسياً، وخسارة ثالثة خسرناها كأنصار هي أن قادة السودان كانوا يعدوننا حماية لهم فأصبحنا اليوم عند أكثرهم موضع شك وريبة.

أحصت اللجنة كل ذلك، ثم وجهت السؤال نحو الأسباب التي تعانيها والتي أدت إلى هذا التدهور في موقفنا العام، والتي إن لم تخضع لتغيير أساسي فلا جدوى لنشاطنا، ولا سبيل لاستعادة مركزنا. وعند هذه النقطة رأت اللجنة أن يحال هذا الأمر للجنة من السادة أبناء المهدي فتناولناه، وبحثناه بحثاً مستفيضاً، وفكرنا فيه ملياً، واستعرضناه على ضوء تجاربنا في النظم العديدة التي قامت وماتت في مهدها دون أن تجدي فتيلاً، ورأينا في النهاية أن واجبنا نحو سيادتك، وواجبنا نحو مسئوليتنا الدينية والوطنية والتاريخية، أن نحمل إليك ما اهتدينا إليه بعد وافر البحث، وهو أن نرفع مقام الإمامة الذي هو رمز احترامنا وعظمتنا، والذي نأمل ألا يتعرض لويلات النزاع في الرأي، والاحتكاكات في الاختصاص الذي يجلبه العمل في المحيط السياسي والاجتماعي، وأن نرفعه بعيداً عن هذه المجالات فلا يكون له مساساً بها، ولا بتنظيماتها، وأن يكون الإمام قائماً بمسئوليات البيعة وما يتبعها من مراسم ترمز لوحدة كياننا، على أن تتولى المسئوليات العامة هيئة قوامها أبناء المهدي والأنصار ومن يؤيد مبادئهم من المواطنين، وأن تكون لها أهدافها وبرامجها وتنظيماتها الخاصة، وأن يلتزم الإمام بتأييد هذه الهيئة تأييداً مطلقاً ورعايتها في نظر الأنصار والمواطنين، وأن يكون هذا الأمر واضحاً بيناً حتى لا يثير إشكالاً أو التباساً، ولا يكون مجالاً للاحتكاكات وتنازع الاختصاصات، ولا إلى تعريض أفرادنا لخلافات يكون الإمام طرفاً فيها، وحتى نبرأ من ويلات التجارب المرة التي عشناها في الثلاثة أعوام الماضية.

وإننا بإخلاص لعقيدة الإمام المهدي عليه السلام، وحرصاً على مصلحة السودان والأنصار، وإخلاصاً لمسئوليتنا التاريخية في هذا الأمر، وصدقاً في علاقتنا الخاصة والعامة مع سيادتك، لا نرى مجالاً للتقدم بسوى هذا النظام، وهكذا شأن الإسلام فإن أنظمته وأوضاعه فيما نرى رهينة التوجيه، والقيادة تتشكل حسبما يحقق الصالح العام للمسلمين في كل زمان ومكان.

فإن وافقتم على هذا الرأي نسأل الله أن يوفقك وإيانا للتي هي أقوم، وأن يهدينا سبله حتى نتزحزح من الوضع الذي صار إليه حالنا. فإن لم تر سيادتك ذلك، فإننا لا نرى مناصاً من تحويل جميع المسئوليات في جميع هذه الشئون لسيادتك، دون اشتراك منا أو تدخل حتى نريح ضمائرنا من المسئولية التي لا نجد سبيلاً لتصريفها على الوجه الذي نراه صحيحاً.

ومن الله التوفيق والهدى ،،،

 

عبد الله الفاضل المهدي

يحي عبد الرحمن المهدي

الصادق الصديق المهدي

أحمد عبد الرحمن المهدي

 

30 جماد أول 1384 هـ

6/10/1964م