آخر لحظة مع رئيس حزب الأمة القومي في أجرأ الإفادات حول الراهن السياسي «2-1»

الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله

 

8 يونيو 2013

 

حوار-أميمة عبد الوهاب :

 

رفض رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي وصف مواقفه من الحكومة بغير الواضحة والمتأرجحة.. نافياً أن يكون قد غيَّر لغته مع النظام في كل حالاته.. ضعفاً كانت أم قوة.. كما طالب الحكومة بعدم الزج بالبترول واتفاقاته في المساجلات بينهما وبين جوبا، لأن فيه منفعة للشعبين.. داعياً إياهما للتحاور مع القوى السياسية حال وقوع عدوان على البلاد حتى يتم الاتفاق على موقف قومي متوازن…. 

 

بعد تحرير ابو كرشولا مباشرة كانت أول ردة فعل التلويح من حكومة السودان بأن أي عدم التزام من جوبا بأحد الاتفاقات الموقعة معها ستلغي كل الاتفاقات، ما خطورة ذلك؟

نحن ضد هذا النوع من الانفعال، واعتقد قضايا الدولة لا تدار بهذه الطريقة.. «عن ابي هريرة رضي الله عنه إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ليس الشديد بالصرَّعة إنما الشديد من امتلك نفسه عند الغضب» متفق عليه..

ومن فترة قلنا إن الاتفاق بين الجنوب والشمال لابد له من وجود طرف ثالث -دولي كمراقب- وهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان عدم إخلال طرف بالاتفاق، وأيضاً دائماً نقول هذه الاتفاقات ألا تكون ثنائية، ويجب أن تؤمن بمشاركة قومية من آخرين لهم كلمة ورأي فيما يتعلق بالمصير الوطني، كان دائماً حديثنا ومازال أن تأمين الاتفاقات يأخذ طابعاً قومياً، والنقطة الثالثة التي نشير إليها بأن لا يدخل البترول في المساجلات بين الشمال والجنوب لأننا نعتقد أن البترول فيه منفعة للشعبين.. أيضاً نحن نقول إن مبدأ حل المشاكل بالتفاوض يجب أن يكون ملزماً، لأننا نعتقد أنه لا مجال لحل هذه القضايا عسكرياً، ولكن الحكومة تقول بكل وضوح إنها ستتصدى لأي عدوان وتعمل على هزيمة المعتدين، ولكن مهما يحدث نحن ندعو لحلول سياسية في القضايا المصيرية، وأيضاً لا نشك في إن نقول الجبهة الثورية أخطأت خطأً جسيماً فيما قامت به، وليس لديه اي معنى غير دمار وعدوان على المدنيين ولا يحقق شيئاً، إذا كانت الجبهة الثورية تعتقد أنها بهذا التحرك ستسقط الحكومة فهذا لن يسقطها، بل هذا التحرك سيعطي الحزب الحاكم سنداً من الذين يرفضون هذا الأسلوب، وبالعكس سيحقق هذا السلوك عكس مقاصده، حيث أن الناس يقولون نحن نحمل الجبهة الثورية مسؤولية ما حدث ونحصر الخسائر التي حدثت، ونقول نحن نطالب بموقف دولي في هذا الصدد باعتبار انه- مافي شك- يجب إبعاد مثل هذا الفعل، لأنه لا يجنى سوى المواجهات الدموية، ويكلف المدنيين العزل ويروعهم، لذا أنا أقول عندما تقع مثل هذه الأحداث يجب أن تجلس الحكومة مع القوى السياسية ليخرجوا بموقف قومي متوازن لا يضيِّع شيئاً من الحقوق والحقائق، ولكن ما ينصب في إطار الانفعال في هذه الظروف غير مجدي.

 

عدم الاعتراف بقطاع الشمال وبالتالي لا تفاوض معه رغم وجود القرار «2046» الملزم للطرفين بالتعاون والتوصل لاتفاق، هل تعتقد أن الحكومة ستتمسك بذلك في تحدٍ للمجتمع الدولي وما خطورة ذلك أيضاً؟

الحكومة قالت من قبل إنها لا تعترف بقطاع الشمال وتراجعت، وأرسلت وفداً للتفاوض، بل وقطاع الشمال هو الذي وضع مطالب ولكن الوفد الحكومي رفضها، لذلك نحن نعتقد أنه ليس هناك بديل للحوار، البديل الوحيد، إلا إذاأصبحت الحكومة بوسيلة سحرية الرأي الآخر.. والرأي الآخر موجود ومؤيدوه موجودون ومسلحون والحل نعم ردع حتى لا يعتقد أنه سينفذ مطالبه بالقوة.. ولكن يجب أن يكون الباب مفتوحاً دائماً لحوار سياسي.

 

ألا تعتقد ان الجبهة الثورية أقدمت على فعل متهور باحتلال ابو كرشولا أليس ذلك كافياً لإعادة النظر في علاقة المعارضة بها؟

أنا لن أتحدث عن بقية المعارضة، ولكن نحن أول من اتصل بالجبهة الثورية قبل أن تصبح جبهة، وذلك عبر الوفد الذي ذهب برئاسة مريم الصادق واسماعيل كتر.. وتحدثنا معهم عن الرهان على حل سياسي وليس عسكرياً، والتقيت أنا مع مندوب الجبهة الثورية في لندن في نوفمبر 2012م، وكان حديثنا معه بأننا لا نوافق على اية حل عسكري، وأننا نعتقد أن اية جهة تحقق نظاماً بوسائل القوة ستصبح هي نفسها تستخدم السيطرة والتمكين، ولن تتعامل مع القوى السياسية الأخرى بصورة ندية، مثلما تفعل الإنقاذ نفسها لأنها جاءت الى السلطة على ظهر دبابة، لذا لا تتعامل مع الآخرين حتى يومنا هذا كانداد، وكل من يكره هذا الأسلوب في النهاية سيكون موقعه من الآخرين وصاية.. لهذا لا نقبل هذا الأسلوب وتحدثنا معهم أن يحدث تفاهم بين كل القوى السياسية والمسلحة على حل سياسي، وأن القوى المسلحة تقول إنها ستحافظ على سلاحها الى أن تتوصل لاتفاق سياسي.. وفي هذه الأثناء سندافع عن أنفسنا إذا هوجمنا، لكن لا يكون هناك مشروع إطاحة بالقوة، لأن ذلك سيوجد اصطفافاً من نوع آخر، لذا نحن نعتبر المغامرة التي حدثت خاطئة ونتائجها عكسية، ولن تحقق غير الدمار، لذا إذا كان مبدأ التفاوض مع الآخرين مهما فعلوا.. الحركة الشعبية- والعدل والمساواة- وحركة تحرير السودان- كلها بدأت بعنف ودخلت في اتفاقية سلام.

 

سيادتكم متهمون بعدم وضوح المواقف من الحكومة تؤيدونها وتتقاربون معها في قوتها، وتناهضونها عندما تكون في أضعف حالاتها أو عند حدوث إخفاق ما؟

ديل ناس عابثين، يصنفون الناس حسب أهوائهم.. نحن لا نتحدث عن حكومة قوية أو حقيقية.. نحن نتحدث عن مباديء، نحن مبدأنا نريد نظاماً جديداً ولا يستطيع اي أحد أن يقول غير ذلك، نحن مبدأنا لا يمكن أن نشارك في هذا النظام، وهذا كلام واضح، أيضاً مبدأنا نحن نريد أن نحقق أهدافنا في النظام الجديد بوسائل خالية من العنف، ومبدأنا أن نحاور الجبهة الثورية وغيرها كي تقتنع بهذه الاستراتيجية.. مبدئياً نتحدث مع الأسرة الدولية على هذا الأساس وهذا المنطق.. لا أدري من أين يأتي هؤلاء الناس بهذا الحديث، وكلامي الذي قلته لك ليس فردياً، وإنما هو مدروس، في كل مرة يقال لنا تهاجمون الحكومة عندما تكون ضعيفة، تتقاربون معها عندما تكون قوية، عايز واحد يأتينا بكلمة واحدة تقاربنا فيها مع الحكومة، سواء كانت قوية أو ضعيفة، نحن لدينا مواقف مبدئية منها، ونحن أصلاً لم نغير لغتنا في التعامل مع هذا النظام، والتعامل مع المعارضة بأصنافها المختلفة، نحن لدينا مواقف مبدئية وماضون فيها.. الجديد لا يمكن أن يحدث دون ضغوط، وحددنا طبيعة هذه الضغوط وهي توقيعات مليونية واعتصامات في ساحات العاصمة، وأمام السفارات، وهذا أسلوبنا الذي نعمل عليه وماضون فيه، وقلنا في اية وقت يقتنع النظام بأنه موافق على نظام جديد حينها سنستعين بتجربة جنوب افريقيا، وهي الكوديسا كوسيلة للنظام الجديد، وهذا هو موقفنا وهو مطبوع ومنشور، ومدعوم بكل الحجج، وأقول ذلك في مقابلاتي ومؤتمراتي الصحفية ولم يتغير أصلاً، والحكومة تتقارب معها فيماذا؟ هي تطرح علينا أشياء.. مثلاً طرحت علينا بواسطة لجنة برئاسة المشير سوار الذهب، وطرحوا علينا المشاركة في إعداد الدستور، قلنا ليس لدينا مانع من ذلك، ولكن تكون الدعوة من هيئة قومية مستقلة لا يكونها الحزب الحاكم، ولابد أن تتوفر الحريات.. الآن لدينا بيان بعد تحرير ابوكرشولا حُجب من الصحف، لأنه ليس فيه التأييد الأعمى للحكومة، فليس هناك حريات، ولابد أن ندخل في الدستور أسس اتفاقات السلام المنشود- على اي حال لم يخبروننا أنهم وافقوا على ذلك، رغم أن اللجنة قالت إن هذه المطالب معقولة، وكذلك ولهذه الأسباب لم نقاطع هيئة الدستور.. أيضاً حضر إلينا بروفيسور ابراهيم غندور وطلب منا المشاركة في محادثات السلام، وقلنا له أنتم تريدوننا أن نشارك «مردوفين»، ونحن ليس لدينا الاشتراك في شيء كهذا، ونعتقد أن عملية السلام يجب أن تخضع للضوابط الآتية.. أولاً: يقوم بها مجلس قومي للسلام وليس المؤتمر الوطني، ويكون المجلس قومياً ممثلاً لكل الناس.. ثانياً: يجب الدخول فيه باعلان مباديء.. وأرسلنا ذلك للجبهة الثورية ايضاً، وقلنا لهم نحن نقبل المشاركة في عملية السلام إذا كان انطلق من مجلس قومي للسلام، وإعلان مباديء وأرسلنا ذلك للجبهة الثورية أيضاً، وقلنا لهم نحن نقبل المشاركة في عملية السلام، إذا كان انطلق من مجلس قومي للسلام، وإعلان مباديء، وأرسلنا لهم صورة من المشروع.. لذلك أنا لا أدري الناس من أين يأتون بمثل هذه الأحاديث مثل (الناس ممسكين العصا من المنتصف ومترددين) كلامنا واضح وموثق، وليس هناك حزب لديه كلام موثق مثلنا، ومنطلق من مؤسسات، واي حدث يحدث يخرج حزب الأمة ببيان حوله.. ومواقف حزب الأمة واضحة بدون اية مواربة، ومع ذلك يأتي واحد ما فاهم حاجة يقول إن حزب الأمة مواقعه غير ثابتة، والكاتب مثل ذلك الكلام يتحدث عن هواه.

 

رشح الحديث عن لقاء سري بين سيادتكم وقيادات بالمؤتمر الوطني بغرض المشاركة في الحكومة؟

وطيب «مالو» نحن بنقابل الجن، لكن لا نتفق إلا على المباديء، وليس لدينا تحفظ في أن نلتقي مع من يريد أن يلتقي معنا.. لكن يكذب من يقول إننا نبيع مبادئنا في هذه اللقاءات، الجماعة الكانوا في التجمع الوطني الديموقراطي عندما بدأنا حواراً مع المؤتمر الوطني كلهم قالوا إن حزب الأمة ذهب ليشترك، واتهمنا بذلك، ونحن قلنا لهم نحن لم نذهب للمشاركة ولكن للتفاوض والتوصل الى مباديء لحل مشكلة السودان، الحصل إنه كلهم دخلوا إلا نحن، الآن القوى السياسية نوعين ناس كانوا مع المؤتمر الوطني وأبعدهم، وآخرين التحقوا به بعد اتفاقية السلام، نحن وحدنا من انتقد اتفاقية السلام مبدئياً، وذلك موثق.. والقوى السياسية كلها بيمينها ويسارها «دقست» حول الاتفاقية، ونحن وضعنا اتفاقية السلام والدستور في الميزان وقلنا إن هذا الاتفاق ذكر انه سيحقق وحدة جاذبة وسلاماً وتحولاً ديموقراطياً.. نحن قلنا لن يحقق الثلاثة لأسباب متعلقة ببنية الاتفاقية، و«كلامنا طلع صاح»، وكل الآخرين بصورة أو أخرى التحقوا بالحكومة عدا حزب الأمة الذي وقف حتى الآن موقفاً مبدئياً.. والآن الموجودون في الحكم معترفون بوزن حزب الأمة، ويعتقدون أن وزن حزب الأمة يمنحهم شرعية.. ولذلك الدكتور حسن الترابي عرض علينا المشاركة الكاملة 1993م، والرئيس البشير عرضها علينا في 1996 أيضاً، ثم في 2001 وأيضاً 2008.. وتعوض علينا وبشروط مغرية جداً، إذا كنا نفكر بمنطق شخصي وحزبي لقبلنا، لكن كلها كانت مرفوضة لنا، إذا لم نتفق على دستور وكيف يُحكم السودان ليس لدينا استعداد للمشاركة.. وقلنا ذلك كثيراً من يحكم السودان؟ بالنسبة لنا المهم كيف يحكم السودان.. ولذلك أعتقد أن هذه العروض تمت باريحية شديدة وكبيرة جداً، كلها أخذنا فيها موقفاً مبدئياً، صحيح نحن نتحدث مع المؤتمر الوطني وليس وحده وأمنا طلابه وقطاعه السياسي بالخرطوم في إطار الإصلاح السياسي في السودان، لا نعتذر عن اية منبر ندعى له، ولكن لا نذهب ونقول في ذلك المنبر غير المباديء المتفق عليها، لذا هذه المجهودات اتت بنتائج داخل المؤتمر الوطني، والتحرك الإصلاحي فيه كبير جداً، ونعتقد أن الحوار المباشر الواضح المبدئي له أثر كبير جداً في هذه الاستجابة.. وسنستمر ولن نعتذر لدى اي منبر طالما ليس هناك «ثرثرة» بكلام.. وثانياً نحن دخلنا في حوار مع كل الأطراف، ولكن في كل الحالات نحافظ على مبدئنا ونحن نتكلم ونحن واثقين في أنفسنا وفي مبادئنا حتى نتوارى بالاعتذارات، وهذا مبدأ ومنهج وسلوك نحن نتكلم مع كل الأطراف بالمباديء.. نعم بنقابلهم أنا أحياناً التقي الرئيس البشير في صلاة الصبح، والسيد النائب الأول الأستاذ علي عثمان في مناسبات اجتماعية. نعم السياسة «شغالة» بالتهريج والكلام الفارغ، لكن نحن ننتهج طريقة مبدئية..

نحن نلتقي حتى الذين يهاجموننا إذا كان على مستوى الحكومة والسياسة أو الصحافة وليس لدينا «قشة مرة» في البحث عن مخرج للبلد، نحن نلتقي كل الناس ومع الصحافة ولا نطالب باسئلة مكتوبة أو حضور رئيس التحرير كما يفعل آخرون..

 

 

 

آخر لحظة