الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي يرد على حوار المئة سؤال 20_5

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان

 

 

حاورته عبير المجمر (سويكت)
في holiday Inn بباريس

 

جميع المحاولات التي تمت للصلح بين سلفاكير و مشار فشلت فشلاً ذريعاً لأنهما ينطلقان من رؤية قبلية و لكن أنا أفكر في صياغة فترة إنتقالية بإشراف دولي حتى يتجاوز الجنوب هذه الفترة التي ستغرقه في عدوان قبلي لا أول له و لا نهاية.

الإنجليز غرسوا سياسات فصل الجنوب و لكن سرعان ما تراجعوا و اكتشفوا أنه سيكون دولة غير مجدية و سيزيد مشاكل أي بلد أفريقية أخرى إذا ضم إليها.

بعد الإستقلال الإنجليز وجدوا أن بقاء السودان موحداً أخف ضرراً بالنسبة لهم من إنفصال الجنوب ففشلت سياستهم الانفصالية التي غرسوها و التي ولدت التيارات الانفصالية في الجنوب آنذاك .

في عهدنا في ظل الديمقراطية نفذت الكثير من العوامل المطروحة كحل لمشاكل الجنوب و كان وارد أن تتحقق الوحدة الكاملة في ظل الديمقراطية و تعالج المفاهيم الانفصالية و لكن حكومة الديكتاتوريات عبود و نميري و البشير حاولوا تطبيق الإسلامو عروبية الفوقية على مجموعات غير مسلمة.

بعد إنفصال الجنوب ظهرت عيوب الدولة الوليدة لأن العامل الوحيد الذي وحد الحركات الجنوبية هو النفور من الشمال فعندما جاء الإنفصال أظهر ضعف تكوين الدولة الوطنية في الجنوب و عدم وجود تكوين قومي مشترك.

موضوع الوحدة بين الشمال والجنوب و العودة إلى الماضي لا فائدة منه لكن هناك ضرورة لعمل علاقة كونفدرالية لأن البلدين يحتجان لعلاقة عضوية بينهما.

في عهدنا في ظل الديمقراطية كان الناس في الوطن العربي و الأفريقي يهرعون لعقد مؤتمراتهم في السودان الديمقراطي، ففي عهدنا عقد المجلس العربي لحقوق الإنسان في السودان و كان السودان المكان الذي تقام فيه الأنشطة العربية التي تتطلب مناخ حرية.

ليس هناك خلافات بيننا و بين الدكتور الصادق أبو نفيسة.

إبراهيم غندور أعفي و لم يستقيل،و إستقالته الأولى كانت بسبب سحب ملفات خارجية منه و إعطائها لآخرين و ما حصل معه تخبط من النظام في التعامل مع كوادره.

أنا حقيقةً لا أفهم، شخص بصفات غندور و من كوادر النظام الناجحه و قام بإنجازات كبيرة لصالح النظام كان يجب أن يقدر و يكرم بدل أن يعامل بهذه الطريقة.

 

الجزء الخامس

 

 

فى كل حواراتي مع السيد الإمام أكتشف بأنه يتمتع بذاكرة حديدية و ببعد نظر ثاقب و حضور متجدد و شباب دائم يتجلى هذا بوضوح في ممارسته الفكرية و الرياضية، و أنت عندما تجلس في حضرة الإمام تشعر بأنك أمام شاب فتى ذكي ألمعي المواهب يمتاز و يتميز بمفأجات متجددة، كما يتميز بهدوء عقلاني لا مثيل له، لا يعرف الغضب أو الانفعال فكل ما أثرته بأسئلة ساخنة أو إستفسارات إستفزازية لا يعرف الهروب أو الدوران و الزوغان كما يفعل كثير من الآخرين الذين احتذوا أحذية سياسية أكبر منهم و هربوا هروبا كبيراً حتى من الأسئلة الغير مباشرة المكتوبة المكشوفة .
فالإمام دائما حاضراً يتسع صدره و عقله لكل المحاورين بمختلف مقاماتهم لا يكل و لا يمل برغم تقدم سنه، فقد حاورته هنا في باريس و المعروف إن عدد ساعات الصيام في باريس تمتد إلى تسعة عشر ساعة و بالرغم من كل ذلك كان صابراً محتسبا تقبل أخطر الإتهامات بأريحية سمحاء، و أجاب على جميع الأسئلة بصدر رحب و هذا إن دل إنما يدل على أن الإمام مازال شاب في قيادته و إدارته و حواراته التي تميزت بالحنكة و الحكمة.

 

و هو ماهر يجيد فن الرد على الخصوم و الآن إلى مضابط الحوار :

 

السيد الإمام عندما إنفصل الجنوب حلمنا بأن يعم السلام و الأمان و الإستقرار هذه المنطقة المحببة إلى قلوبنا و لكن أتضح العكس، الجنوب إلى أين ؟
أنا أعتقد أن عندما كان الإنجليز يحكمون السودان كله و كانوا يريدون فصل الجنوب و وجهوا سياستهم بالفعل و سميت ” سياسات الجنوب” ،و كانت هذه السياسات إنفصالية و لكن الإنجليز سرعان ما اكتشفوا أن هناك عوامل تجعل من الأفضل عدم فصل الجنوب لأن إنفصاله سيؤدي إلى دولة غير مجدية، و إذا حاولوا ضمه إلى دولة أفريقيا أخرى من دول أفريقيا سيزيد من مشاكل تلك المنطقة، فبعد أن كانوا عازمين على فصل الجنوب قرروا في عام 1947 تغيير هذه السياسات بإعتبار أن هناك عوامل جيو سياسية géopolitique تجعل أن من أخف الأضرار بالنسبة لهم في ذاك الوقت أن يظل السودان موحد ، و لكن إستقلال السودان جاء بعد ذلك بفترة وجيزة الأمر الذي لم يسمح لهم بتنفيذ السياسات الانفصالية التي غرسوها، و لذلك السبب الأول الذي ذكرته أدى إلى وجود تيار إنفصالي في الجنوب كان سببه هذا الغرس البريطاني لسياسات الإنفصال، لكن عندما أستقل السودان تولدت المشاكل بين الحركة السياسية في الجنوب و الحركة السياسية في الشمال، و لكن في رأيي في ظل الديمقراطية كانت الكثير من العوامل المطروحه لحل هذه المشكلة قد تمت و كان وارد جدا في ظل الديمقراطية أن تكون هناك وحده للسودان تعالج هذا المفهوم، و كانت هناك ثلاثة إجراءات قامت بها النظم الديكتاتورية بدايةً بنظام الفريق عبود الذي حاول أن يجري نوع من التعريب و الاسلمة الفوقية ثم نظام الفريق جعفر نميري الذي أيضاً حاول أن يطبق مشروع أسلمة لمنطقة أغلبية أهلها غير مسلمين، ثم جاءت ثالثة الأسفار في ظل هذا النظام الحالي و قرروا كذلك تطبيق سياسية فوقية إسلاموية عروبية في البلاد مما جعل كل الأحزاب السياسية الجنوبية تقرر أن السودان حسم أمره في أن هويته عربية و إسلامية بموجب سياسة النظام الانقلابي و هم ليسوا عرب و لا مسلمين، لذلك هم أجمعوا على المطالبة بتقرير المصير، و أنا أقول هذا الكلام من أجل توضيح أن المشاكل كانت أسبابها في الأصل سياسية و كان يمكن أن نتجنبها، و تلك الأسباب هي التي أدت إلى نفور الجنوب ، و إنفصال الجنوب تأسس على مسائل سلبية و ليس على مسائل وجود قومية يمكن أن تقييم دولة مستقلة، و لذلك بعد أن تم فصل الجنوب ظهرت هذه العيوب، فالعامل الوحيد الذي كان قد وحد الحركات الجنوبية هو النفور من الشمال و عدم وجود قومية موحدة.
و لذلك في رأيي إن التجربة حتى الآن أثبتت أن حركة الإنفصال كانت مبنية على ردود فعل ضد سياسات خاطئة، و عندما تمت تجربة الإنفصال ظهر ما ظهر من ضعف في تكوين دولة وطنية، و الآن في رأيي السلطة في الجنوب تواجه صعوبة في بناء دولة وطنية في ظل عدم وجود تكوين قومي مشترك.

 

إذن أنتم بذلك تستبعدون إحتمال أن تكون هناك وحدة بين الجنوب و السودان في المستقبل ؟
في رأيي أنا أفكر في أنه لا يمكن العودة إلى ما كان عليه السودان في الماضي، و لكن أنا أعتقد في أنه هناك ضرورة لعمل علاقة كونفدرالية، لأن الجنوب يحتاج إلى علاقة عضوية مع الشمال و كذلك الشمال في حاجة إلى علاقة عضوية مع الجنوب، و أنا أعتقد أن الصيغة المناسبة لهذه العلاقة بين الشمال و الجنوب هي علاقة جديدة علاقة “الكونفدرالية” بدل العودة إلى ما كان عليه الوضع في الماضي.

 

السيد زعيم الأنصار لطالما لعبتم دورا فعال في مواقف وطنية عديدة، فهل يمكن لكم هذه المرة أن تلعبوا دور في رأب الصدع بين الرئيس سلفاكير و دكتور رياك مشار لحقن دماء الأطفال و النساء و الكهول في الجنوب الحبيب ؟
هذا السؤال طبعاً سؤال مهم جداً ،فأنا في رأيي المشكلة ليست بين مشار و سلفاكير فهم ضحايا للتنافر القبلي، و أنا أعتقد أنه كل المحاولات التي تمت حتى الآن للصلح بين الطرفين فشلت فشل ذريع في حل المشاكل لأن الطرفين ينطلقان من رؤية و مصلحة قبيلتيهما، و أنا كنت و ما زالت أفكر في ضرورة صياغة لفترة انتقالية بإشراف دولي حتى يتكون للجنوب جيش قومي و خدمة مدنية، و بذلك يتم تجاوز المرحلة الحالية، لأن المرحلة الحالية إذا تركت كما هي سوف تستغرق في عدوان قبلي لا أول له و لا اخر.

 

كرجل دولة ما هو رأيكم في إستقالة إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني السابق،؟
إبراهيم غندور اعفى فهي لم تك إستقالة، لكن في يناير كان قد تقدم بإستقالة و لم تقبل منه هذه الإستقالة، و هو كان قد تقدم بهذه الإستقالة لأن الملفات الخارجية التي ينبغي أن تكون من مسؤوليته أخذت منه و سلمت للآخرين، لذلك هو استنكر هذا الفعل و قدم استقالتة و لم تقبل منه هذه الإستقالة، ثم بعد ذلك تحدث بصراحة للمجلس الوطني فأعفي، و أنا أعتقد أن الكلام الذي الذي قاله كلمة حق، و بعده جاء رئيس الوزراء و كرر نفس الكلام بمعنى أن الحالة المالية منهارة، لذلك لا أفهم هذا الذي حدث ، و ليس لدي تفسير له غير أنه تخبط شديد من النظام في عدم التعامل مع كوادره فهذا النظام أولا كان عليه أن يشكر غندور لأنه يعتبر من أنجح كوادره فقد أستطاع أن يدجن الحركة النقابية لصالح النظام، و ثانياً لأنه أجري عمليات حوار مع الولايات المتحدة في فترته ،فمن المدهش أن شخصاً بهذه الصفات كان يجب أن يقدر و يكرم بدل أن يعامل بهذه الطريقة.

 

لكن السيد الامام الشعب السوداني لا ينظر لغندور بهذه الطريقة، و على عكسكم لا يرون لماذا يكرم و يقدر غندور هذا ؟ فكما قلتم أنه نجح في تنفيذ بعض الملفات لصالح النظام، و هنا أركز على كلمة ” لصالح النظام”، فالملفات الخارجية التي أنجزت لمصلحة النظام و ليست لمصلحة الشعب، و لم يستفيد الشعب من غندور هذا شيئا ، ثم أن البعض يرى أن ما قام به غندور مجرد تمثيلية خدمة لاجندته الشخصية و مخططاته المستقبلية، إضافة إلى أن احتجاجاته كانت عن موضوع “الدبلوماسيين “، بينما نسي غندور أن منذ توليه مهامة في نظام الفساد و الإستبداد الشعب كان و مازال يعاني المرض و الجوع و الغلاء و الفساد و الإستبداد و مصادرة الحريات ، و غندور لم ترمش له عين و لكن أتته شجاعة مفاجئة هكذا فقط فيما يخص شريحة “الدبلوماسيين”، و كأنما كان ينتظر أن يصل رأس السوط الشريحة التي هو منحدر منها “الدبلوماسيين”، و قد رأي البعض أن هناك تفرقة طبقية حتى في المعاناة و الإنسانية ،فبينما تحدث غندور عن حقوق من يسموا بالدبلوماسيين نسي إن شريحة المعلمين الكادحة اعتادوا على أن لا يستوفوا حقوقهم و رواتبهم منذ شهور و سنين حتى أصبحت مهنة التعليم طاردة و مهنة من لا مهنة له، بخلاف طبعا مهنة الدبلوماسيين، فما تعليقكم على ذلك ؟
في رأيي هذا نقد في غير محله، غندور تحدث عن جانب من جوانب أداء النظام و هذا الجانب يكشف الجوانب الأخرى، لأنه إذا كانت وزارة الخارجية لا تحظى بالتمويل اللازم فهذا في حد ذاته يعكس إنهيار الدولة، فهو لم يتحدث عن جميع الملفات الاقتصادية فهو يتحدث عما يليه، لكن العاقل عندما يقرأ الذي حدث سيفكر في أن الحكومة عاجزة عن تمويل وزارة الخارجية و هذا يكشف عن موقف مالي منهار، لذلك هو تحدث عن المسألة الإقتصادية فتحدث عما يليه منها و هو تمويل وزارة الخارجية يعني الحكاية ما فيها أي تمثلية.

 

إذن أنتم تستبعدون أن تكون تمثيلية تنفيذاً لاجندته الشخصية و مخططاته المستقبلية و طموحه السلطوي في الوصول إلى كرسي الرئاسة فكانت محاولته للظهور في زي الواعظ الذي يحارب الفساد الداخلي بينما الشعب مقتنع اقتناع كامل إنهم جميعهم وجوه مختلفة لعملة واحدة و لا خير في زيد و لا عبيد و يبقى غندور إبن هذا النظام ؟
لا طبعا غندور تكلم عن واقع و…..

 

قلت له لكن السيد الامام الواقع يقول أن جميع الشرائح السودانية تعيش حالة من الجوع و الغلاء و المرض و مصادرة الحريات و القمع الأمني، فأين غندور من هذا الواقع المرير أم أن صحوة الضمير هذه جاءته فجأة عندما ضرب رأس السوط شريحة الدبلوماسيين أو بالأحرى عند اقتراب إنتخابات 2020؟
لا يا آنسه ما قاله غندور هذا واقع لا علاقة به بموضوع تمثيلية أو أي أشياء أخرى ،و هو تحدث عن واقع أن الوزارة منذ سبعة شهور لم تك قادرة على أن تصرف مرتابت الدبلوماسيين، و هو طلب منه إن يخاطب البرلمان و هذا الكلام لم يقله في الصحافه أو في أي جهه أخرى و إنما قاله للبرلمان الذي هو مسؤول عن محاسبة و مساءلة المسؤولين، لذلك لا يعاب عليه إنه قال هذا الكلام في البرلمان، أما أنه جزء من نظام فيه أستبداد و فساد نعم ، و لكن على أي حال فيما يليه كان صريح في بيان أن وزارته لم تحظ بالتمويل المطلوب للقيام بمهامهم..

 

حسناً السيد الإمام الرئيس المصري السابق حسني مبارك كان قد رفض إقامة مؤتمر لحقوق الإنسان في مصر في الوقت الذي رفع فيه فتحي رضوان دعوة قضائية و لم تستجيب له المحكمة الإدارية المصرية، و في ذلك الوقت قد سمحتم أنتم بإقامة مؤتمر حقوق الإنسان في السودان فكانت هذه المرة الأولى و الأخيرة و لم يتكرر بعدها مثل هذا الحدث؟
لا، هو الموضوع لم يحدث بهذا الشكل من الجانب المصري، فقد تكون المجلس العربي لحقوق الإنسان و كان المجلس العربي هذا يريد أن يعقد مؤتمر قبل الديمقراطية في السودان، و قد عقد هذا المؤتمر التأسيسي في قبرص، ثم بحثوا عن بلد عربي اخر يقيموا فيه هذا المؤتمر فوجدوا السودان، و طبعاً المجلس العربي لحقوق الإنسان كان مازال موجود لكن في مرحلته التأسيسية، و لم يجدوا بلد يعقدوا فيه مؤتمر إلا السودان، و ليس هم فقط و لكن كل الأنشطة العربية التي تتطلب مناخ حرية مثل (الشباب، المهندسين، الأطباء) في ذلك الوقت كانوا يهرعون لعقد مؤتمراتهم في السودان الديمقراطي.

 

حسناً، السيد الإمام يقال دائما (زعيم القوم لا يحمل الحقدا)، فهل تم صلح بينكم و بين الدكتور صادق أبو نفيسة ؟و ما هي أسباب الخلافات بينكم،؟
رد ضاحكاً : “من أين أتيتي بهذا الكلام ؟؟؟” ، أنا ليس لدي أي خلافات مع الدكتور الصادق ابو نفيسه ،ثم أضاف ضاحكاً :“جبيتها من وين دي؟؟؟”.

 

قلت له : هناك بعض الاقاويل التي ترددت حول هذا الشأن، فأردت أن أتحقق منكم مباشرةً ،أن كانت لكم خلافات مع الدكتور الصادق ابو نفيسه و ماهي الأسباب؟
رد قائلاً : قطعا ليس هناك خلافات بيني وبين الدكتور الصادق ابو نفيسه و لا أدري من أين أتيتي بهذا الكلام؟؟؟.

 

قلت له ضاحكة : هي اقاويل ترددت فأردت التحقق منكم باعتباركم الجهة المسؤولة؟؟؟

رد قائلاً : اذا كان الأمر كذلك اذن ما سمعته خطأ و غير صحيح و لا خلافات بيني و بين الدكتور الصادق ابو نفيسه.

 

 

 

تابعونا للحوار بقية