الإمام الصادق المهدي في الحلقة الحادية عشرة من شهادته على العصر

الإمام الصادق المهدي في الحلقة الحادية عشرة من شهادته على العصر
الجريدة السبت 24 أكتوبر 2015 العدد 1556 الصفحة 4
الجريدة السبت 24 أكتوبر 2015 العدد 1556 الصفحة 4

 

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

الحلقة الحادية عشرة الجزء الأول

فشلت حركة ٧٦ لمشكلة فنية تمثلت في عدم الاستفادة من الإذاعة لتعبئة الجماهير

حسن حسين ليس إخوانياً وأقرب إلينا وانقلابه فشل بسبب الاختراق وقلة المؤيدين

الإمام الصادق المهدي في الحلقة الحادية عشرة من شهادته على العصر

السبت 24 أكتوبر 2015

منصور: بدأت المعارضة السودانية تبحث عن أرضية مشتركة لمواجهة العقيد جعفر نميري وانقلابه، والنظام العسكري الديكتاتوري الذي بدأ يؤسسه في السودان بعد الانقلاب الذي قام به عام ۱۹٦۹م. أنت قضيت أربع سنوات في السجن، ثم خرجت، وبعد ذلك سعيت مع أطراف أخرى في المعارضة لتأسيس ما يسمى بالتحالف الوطني، ما هو التحالف الوطني؟

الإمام: أول خطوة في مواجهة نميري كانت بعد الجزيرة أبا، لأنه بعد مجزرة الجزيرة أبا.

منصور: مارس ۱۹۷۰.

الإمام: نعم، هاجر كثير من الأنصار إلى إثيوبيا وهنالك كونوا معسكر لاجئين. أنا عندما كنت في السجن قبل أن يطلق سراحي كتبتُ للدكتور عمر نور الدائم، قلتُ له اتصل بالإخوة في ليبيا لنرى كيف يمكن أن يعاونونا في محنتنا.

منصور: تقصد الاتصال بمعمر القذافي؟

الإمام: نعم.

منصور: وانت كنت عارف إن القذافي على علاقة سيئة مع النميري.

الإمام: نعم، أصلاً هو العلاقة السيئة نمت عندما اتجه نميري غرباً ودخل في عملية دفاع مشترك مع مصر السادات، ونشأت هناك كما نعتقد أسوأ مرحلة في علاقات السودان الخارجية، لأن السودان أُقحم في الحرب الباردة، فليبيا في ذلك الوقت ومعها اليمن الجنوبية، وكانت ماركسية، ومعها إثيوبيا، وكانت ماركسية، كونوا حلف عدن، مقابل هذا كان الحلف المشترك بين مصر والسودان، مصر السادات والسودان نميري.

منصور: ما هي أهداف حلف عدن هذا؟

الإمام: حلف عدن كان أصلاً موجهاً ضد الحلف الغربي لأنه كان تحت مظلة الاتحاد السوفيتي أو حلف وارسو، الموقف هكذا، أنا خرجت من السودان.

منصور (مقاطعاً): يعني عفواً ده حلف مرهون بس بالخمس دول هذه؟ ثلاث دول ضد دولتين؟

الإمام: نعم. أنا خرجت في عام ۱۹۷٤م بعد أن اعتقلت للمرة الثانية، وهناك كنت قد أرسلت قبل خروجي من السجن الدكتور عمر نور الدائم.

منصور: ذهب لليبيا.

الإمام: للاتفاق مع الليبيين، وهناك تم اتفاق بالفعل على أساس أن العقيد القذافي وحكومته سيدعمون المعارضة السودانية.

منصور: طيب، هذا الاتفاق كان فقط بين حزب الأمة يمثلهم عمر نور الدائم، وبين الحكومة الليبية بتمثيل القذافي ولا كانت كل المعارضة السودانية؟

الإمام: الحقيقة أنه أنا عندما انتبدت وكلفت الدكتور عمر أن يذهب كانت الفكرة أن يذهب هو ويكتشف إمكانية التعاون مع المعارضة، ولكن عندما استجابت الحكومة الليبية أنا قلت للدكتور عمر يجب أن يشرك معه في هذا العمل الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة الشريف حسين الهندي، والجبهة الإسلامية القومية في ذلك الوقت ما كانت تسمى كذلك لكن..

منصور: الدكتور حسن الترابي.

الإمام: نعم، أن يتفقوا معاً، فالشخص الذي قام بالوساطة لهذا اللقاء كان السيد بابكر كرار، لأنه كان على صلة بكادر وقيادة الثورة الليبية.

منصور: من هو بابكر كرار؟

الإمام: بابكر كرار كان شخص أصلاً من الإخوان المسلمين، ثم صار شخص كون الحزب الاشتراكي الإسلامي، على كل حال طلبت القيادة الليبية من بابكر كرار أن يكتب لها.

منصور (مقاطعاً): بابكر كرار اللي كان مراقباً للإخوان المسلمين في السودان وتركهم؟

الإمام: نعم.

منصور: وبقى بعد كده بقى وزير خارجية أظن؟

الإمام: لا ما كان، لكن هو كان أصلاً قيادي في الإخوان المسلمين. طلبوا من الأخ بابكر كرار أن يكتب لهم مذكرة عن القوى السياسية السودانية. كتب لهم مذكرة كانت مدهشة لكثيرين. لأنه قال لهم الفعل في السودان هم الأنصار، بقية التكوينات في السودان هي ردود فعل، على كل حال، بناء على هذه المذكرة العقيد القذافي عمل مواعيد لدكتور عمر، ودكتور عمر أصر على أن يكون اللقاء مشتركاً، فذهب معه الشريف حسين الهندي والسيد عثمان خالد.

منصور: عثمان خالد ممثل الترابي؟

الإمام: نعم، هنالك اتفق على أنهم يدعمونا، وكانت القوى..

منصور: إيه أشكال الدعم اللي اتفق عليها في الوقت ده؟

الإمام: يعني نحن كان عندنا وجود كما قلت لك الجماعة الذين ذهبوا لإثيوبيا، تدريب هؤلاء.

منصور: آآ، عسكرياً؟

الإمام: نعم.

منصور: يعني قررتوا المواجهة العسكرية؟

الإمام: نعم.

منصور: كان أنت وصيت عمك ألا يقوم بها.

الإمام: نعم، الفكرة كانت أن النميري بعد حوادث شعبان التي ذكرتها لك قفل كل منافذ العمل السياسي والحرية للعمل، ودة اللي خلانا نقول ما عاد هناك فرصة غير أن نواجهه، وخصوصاً وأنه صار هناك فرصة للانتقام مما حدث في الجزيرة أبا. فالدعم كان هو تقوية هؤلاء.

منصور: طيب الآن برضه السعوديين كانوا بيكرهوا نميري، هل دخلوا معاك على الخط في الدعم؟

الإمام: دخلوا في المرحلة الأولى. ولكن..

منصور: المرحلة الأولى لعمك يعني..

الإمام: نعم، ولكن في المرحلة الثانية ما دخلوا..

منصور: لكن أنت قلت لي إن حتى السلاح الذي أرسلوه والدعم لم يصل.

الإمام: لم يصل،

منصور: اتأكل في السكة يعني.

الإمام: لا، ما وصل لأنه الإجراءات التي قامت بها حكومة نميري سبقت هذا التحضير، وأنا كما قلت لك كنت أقرأ تقارير
الأمن، وكان في هذه التقارير أنهم يجب أن يستعجلوا، خصوصاً بعدما حدث ما حدث وفكرة اعتقال الإمام وتطورت الأمور. المهم كونا تحالف الجبهة الوطنية، وكانت فكرة هذا التجمع هي العمل المشترك ضد نظام نميري. واستمر هذا ال..

منصور: هل كنتم تعتقدون أنكم يمكن أن تسقطوا نظام نميري بهذه الطريقة؟

الإمام: فعلاً أسقطناه، يعني نحن تحركنا بصورة فيها كفاءة عالية، سربنا قوات داخل العاصمة، وتحركت هذه القوات. الشيء الذي خذلنا هو أن الفصيل العسكري، كنا متفقين مع بعض العسكريين، أننا معاً نسقط النظام.

منصور: طب اسمحلي هنا، هل محاولة انقلاب ٥ أيلول سبتمبر ۷٥ كنتم انتم على علاقة بها؟

الإمام: لا..

منصور: طيب، إنتو كنتو على علاقة بمحاولة الانقلاب الأخرى اللي تمت في ۲ يوليو ۷٦؟

الإمام: نعم، ما هي دي اللي دبرناها..

منصور: دي اللي قام بها محمد نور سعد، اللي حصل فيها مجزرة، طيب قبل ما أوصل لها عاوز أسألك عن محاولة انقلاب حسن حسين. وهذا انقلاب نجح لمدة ۱۰٦ دقيقة كما يذكر الدكتور حسن مكي، كان لكم علاقة بالانقلاب ده؟

الإمام: لم تكن لنا أي علاقة به.

منصور: حسن حسين كان من الإخوان المسلمين؟

الإمام: لا..

منصور: ولا له علاقة بهم؟

الإمام: نعم، ليست له علاقة بهم.

منصور: هناك وثيقة أمريكية بتاريخ ٥ سبتمبر بتقول إنه شقيقه لواء بالمعاش عثمان حسين كانت له علاقات بحزب الأمة قبل انقلاب نميري سنة ٦۹.

الإمام: نعم صحيح. لكن ما كانت بيننا أية تدابير مشتركة، لكن المهم حسن حسين قام بهذه الحركة، وكانت عدد من تيارات وأبناء غرب السودان.

منصور: نميري ألقى خطاب في ۷ سبتمبر ۱۹۷٥م اتهمك أنت الصادق المهدي، وعمر نور الدائم من حزب الأمة، عز الدين علي عامر من الحزب الشيوعي، أبو بكر عوض مذيع في الإذاعة، وبابكر كرار من الإخوان المسلمين، والشريف الهندي من الاتحادي الديمقراطي، وأحمد زين العابدين كان حيكون رئيس وزراء، وقال إن دول هم اللي دبروا هذا الانقلاب.

الإمام: غير صحيح، أنا بقولك ما كانت عندنا أية علاقة نحن فوجئنا بالانقلاب أو محاولة الانقلاب، لكن صحيح حسن حسين كان بيعتبر نفسه هو سيحقق إسقاط نميري وسيدعو هؤلاء جميعا ليشتركوا معه في الحكومة، باعتبار أن.

منصور: هو دعا في البيان بتاعه حسن حسين قال إنه سيقيم الديمقراطية والعدالة ويعني كانما كان سيقوم بانقلاب ديمقرراطي كان سيقوم به لصالح الأحزاب الأخرى.

الإمام: نعم.

منصور: هذا صحيح..

الإمام: نعم

منصور: إيه الأسباب التي أدت لفشله؟

الإمام: أنا أعتقد أنه حصل نوع من الاختراق ونتيجة لذلك أمكن احتواء الانقلاب، وأنا أعتقد الانقلاب أصلاً ما كانت عنده قاعدة عريضة، هناك ضباط نعم، وهناك مدنيين نعم، ولكن ما كانت هناك قاعدة عريضة ولا تدبير مشترك، يعني نحن ما كان عندنا فكرة.

منصور: ودة اللي نميري أعلنه، أعلن أن الضباط الذين قاموا بالانقلاب لم يكونوا كافيين لإنجاحه وهو قضى عليه، وأعلن كده، قال لقد قضيت على الشيوعيين في انقلاب ۷۱، واليوم قضيت على الإخوان المسلمين في انقلاب ۷٥.

الإمام: ما كانت حركة إخوان مسلمين، لكن الحركة كانت حركة للمعارضة، لكن قاعدتها، قاعدة تأييدها كانت محدودة للغاية لذلك ما كانت عندها لا شعبية كافية ولا دعم عسكري كافٍ.

منصور: إنتو بدأتو تدربوا وتعدوا أنفسكوا للقيام بانقلاب وربطتوا مع عسكريين في داخل السودان من الجيش، لكن قبل كده في ۲ فبراير ۱۹۷٦ أصدرتو ما يسمى بالميثاق الوطني. إنتو بديتو الآن تعدوا. إيه خطتكم لإسقاط النظام عن طريق قوات يتم تدريبها في إثيوبيا وإرتريا بدعم من معمر القذافي، وضباط من الجيش السوداني في الداخل سيشاركون معكم؟ ماذا كانت خطتكم لإسقاط نظام نميري في ۲ يوليو ۱۹۷٦م.

الإمام: الخطة كانت ببساطة هي الآتي: دربنا عدداً كبيراً من الأنصار، وعدد محدود من جماعة الإخوان المسلمين، وكانت الفكرة أن نسرب عدداً من المدربين إلى داخل العاصمة، وقد تم هذا بكفاءة عالية، وظلوا موجودين داخل العاصمة، ثانياً.

منصور: خلايا نائمة.

الإمام: خلايا نائمة، وعندهم قائد اللي هو محمد نور سعد أيضا كان في الخارج، وهو الذي دربهم في المعسكرات في الخارج، تسرب معهم إلى الداخل وآويناهم.

منصور: يعني محمد نور سعد لم يكن داخل الجيش السوداني في ذلك الوقت؟

الإمام: لا هو كان أبعد من الجيش السوداني، هو أبعد من الجيش السوداني نتيجة اتهامه بأنه كان مع حركة حسن حسين، فالمهم هو دخل داخل السودان، فكانت الفكرة أن هذه القيادة العسكرية في اليوم الموعود ستقوم باحتلال كل المفاصل في داخل العاصمة.

منصور: اللي هي إيه المفاصل بقى؟

الإمام: قادة القيادات، والإذاعة..

منصور: لم تكن كما هي عليه الآن كلها ملمومة في حتة واحدة.. كانت متفرقة.

الإمام: نعم، اللي حصل هي أنه القائد نجح في الاستيلاء على المواقع العسكرية، ونجحت فكرة أن الخلايا النائمة تظل سرية إلى أن تتحرك وتحركت فعلاً، سلاحهم ما كان معهم، نحن رحّلنا السلاح إلى خارج شمال أم درمان على أساس أنه هم حينما يحدد اليوم للتحرك فإنهم سوف يخرجون الى حيث السلاح، وهناك يستلمون سلاحهم ويتسربون عائدين للعاصمة للقيام بالمهمة، هذا كله تم بكفاءة عالية.

منصور: وخدوا السلاح ودخلوا

الإمام: وخدوا السلاح ودخلوا.. المشكلة كانت أنهم، نحن كنا تقديرنا أنهم ينبغي أن يحتلوا الإذاعة وهي عاملة حتى يستطيعوا أن يستفيدوا منها، للأسف ده ما حصلش.

منصور: الإذاعة كانت زمان بتشتغل مثلاً للساعة ۱۲ بالليل ويروحوا يناموا ويجوا الصبح.

الإمام: أيوة، فبدل ما، يعني عشان كده ما كانت، وما كانوا لابسين زي عسكري كانوا لابسين زي مدني، ده خلى النظام يقدر يقول هؤلاء مرتزقة، ويعزلهم من القوات المسلحة، كانت الفكرة..

منصور: إن القوات المسلحة تنضم ليكو.

الإمام: وأنا قلت للسيد محمد نور سعد إذا القوات المسلحة ما انضمت، بطّل المشروع، لازم نفكر في يوم تاني، لأنه الفكرة كلها أن القوات المسلحة يجب أن تشترك هي ولا تعتبر أن هؤلاء آتون من الخارج.. الحصل إنه الإخوة في ليبيا قالوا إنهم يريدون أن يشتركوا معنا.

منصور: يعني يجيبوا ليهم قوات تدخل معاكم؟

الإمام: نعم أن يشتركوا معنا بالطيران وبغيره، أنا رفضت هذا، في بعض..

منصور: (مقاطعاً) رفضت ليه؟

الإمام: رفضت ليه؟ أنا قلت لهم هذه قضيتنا، نتدرب نعم لكن نموت فيها نحن لا يموت فيها شخص غير سوداني.

منصور: هو مش ح يموت فيها هو ح يجي من بعيد.

الإمام: لا ما هو يعني ح يشترك، أنا كان عندي سببان أولاً أي مشاركة من ليبيا ستحيد عبر مشاركة مصرية السبب الثاني أننا لا نريد أن يموت أي ليبي أو يقبض أي ليبي أو يشترك أي ليبي في العملية. عشان كده لما السادات قال لقذافي هؤلاء المرتزقة القذافي قال له ولله هؤلاء أشرف ناس، نحن دربنا ناس كثيرين، ما رأينا مثلهم في الشرف والانضباط، وأنا كنت أريد أن أشترك معهم، رفضوا أن أشترك لأسباب أنهم ما عايزين يكون في شراكة معنا في السودان.

منصور: حجم القوات التي شاركت في الانقلاب قدر إيه؟

الإمام: كانت زي ألف.

منصور: فقط ألف كافيين يعملوا انقلاب في السودان؟

الإمام: ما هو مفاتيح، والفكرة كما قلت لك هناك ضباط في الجيش السوداني كانوا متفقين معنا أنهم يكملوا العمل.

منصور: لكن الإشكالية كانت في أن هؤلاء ارتدوا الزي المدني.

الإمام: ما كانت مشكلة.

منصور: وإن الإذاعة كانت قافلة.

الإمام: أيوة المشكلة كلها أن هؤلاء، يعني أنا كان كلامي للسيد محمد نور سعد إنه إذا لم تضمن مشاركة القوات المسلحة السودانية بطّل العملية، واختار وقت تاني، لغاية ما نضمن، لأنه أنا دايماً كما تلاحظ في كل الحركات أعتقد أن القوات المسلحة يجب أن يكون لها دور. المهم أنا في رأيي..

منصور: لأنه مهما كانت المحاولات الانقلابية لا تستطيع أن تواجه جيشاً مسلحاً دون أن ينحاز هذا الجيش أو جزءاً منه إلى هؤلاء.

الإمام: تمام، أنا في رأيي المشكلة التي أفشلت المشروع بعد أن كان ناجحاً تماماً عبارة أن هؤلاء مرتزقة جاءوا لغزو السودان، وعدم استخدام الإذاعة للبيان لكي يبين أهداف الحركة، وعدم مشاركة الفصيل المسلح من القوات المسلحة الذي كنا متفقين معه أن يقوم بعمل معين.

منصور: هنا القوة التي شاركت في هذا الانقلاب طبعاً النميري أطلق عليه غزو المرتزقة

الإمام: نعم.

منصور: القوة التي شاركت تحالف ضم حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي، الاتحادي الديمقراطي بزعامة الشريف حسين الهندي، جبهة الميثاق الإسلامي بقيادة حسن الترابي، وتم هذا بمساعدة من معمر القذافي.

الإمام: نعم.

منصور: القوات تحركت من الحدود الليبية إلى جانب قوات أو مجموعات تحركت من الطلبة ومن الجيش برضه في السودان، فشل الانقلاب، أعدم قادة الانقلاب رمياً بالرصاص، كانت مجزرة في شوارع الخرطوم، عدد اللي قتلوا تقريباً حوالي ۸۰۰ شخص في الشوارع، منهم ۷۰۰ تقريباً ممن الذين أطلق عليهم النميري المرتزقة. يعني تقريباً من الألف الذين قاموا بهذه المحاولة الانقلابية تقريباً ۷۰۰ قتلوا.

الإمام: نعم، أنا ما متأكد من الأرقام بتاعة الشهداء الذين ماتوا لكن مؤكد عدد كبير لأنه نميري.

منصور: لا هم ۸۰۰ اللي قتلوا ليه؟ لأنه هناك ۷۰۰ قتلوا في المحاولة وهناك ۱۰۰ أعدموا بعد ذلك على رأسهم محمد نور سعد.

الإمام: على كل حال الفكرة كلها أنه كنا نعتقد أن نظام نميري قد صار احتلالاً داخلياً وينبغي التخلص منه بأسرع فرصة
ممكنة. الحركة نجحت في رأيي، وكان عندها سند شعبي كبير.

منصور: النميري هرب لمدة ۳ أيام وأنا بستغرب أزاي هم فضلوا يومين النميري هربان وما قدروش يسيطروا على الوضع.

الإمام: ما دي الإذاعة كما قلت ليك مشكلة الإذاعة.

منصور: الإذاعة قفلت يومين؟

الإمام: لا، ما تحركت قوات قيادات باعتبار أن هذا غزو أجنبي.

منصور: فالجيش صده بهذه الطريقة؟

الإمام: نعم.

منصور: أنا لقيت الحقيقة دكتور حسن مكي في ص ۲۷ من كتابه عن الحركة الإسلامية قايل حاجة عن الانقلابات جميلة
جداً، بقول: يتطلب العمل العسكري الناجح لاستلام السلطة السياسية دقة التنظيم، ودقة اختيار القيادات البديلة، ومواءمة الخطاب السياسي وملامسته لقضايا الناس، والتتابع والنفاذ في إجراءات استلام السلطة حتى لا يعطي الانطباع بوجود فراغ، بالإضافة إلى عنصري استخدام الأزمة السياسية في التوقيت الملائم وكسر شوكة النظام القديم ولا يبقى بعد ذلك إلا عنصر التوفيق وﻟﻠﻪ الأمر من قبل ومن بعد هل كنتم تملكون هذه المقومات؟

الإمام: نعم أعتقد أننا كانت كوادرنا قوية وعندنا سند شعبي كبير، المشكلة في رأيي مسائل فنية، عدم تشغيل الإذاعة..

منصور: ما المسائل الفنية دي هي اللي بتنجح الانقلابات أو بتسقطها..

الإمام: أيوة ما معليش، ما هو دة الحصل إنه كان ممكن إذا استطاعوا أن يشغلوا الإذاعة وأذاعوا البيان لكانوا قد وجدوا
تأييد شعبي كبير جداً.

منصور: من يتحمل هذه الدماء التي سالت؟ ۸۰۰ شخص من خيرة أبناء السودان؟

الإمام: يتحملها الطغاة الذين يحكمون بالقوة.

منصور: والذين أصدورا لهؤلاء الأوامر حتى يقوموا بالانقلاب دون اكتمال عوامله.

الإمام: لا يا أخي، كل الناس اللي عايزين يواجهوا عمل معين يواجهونه بتضحية، ما كانت هناك مشكلة غير أن الذين استولوا على السلطة بالقوة..

منصور: هل كل هؤلاء كان عندهم هذا الاستعداد للتضحية حتى الموت كما حدث؟

الإمام: نعم ما هو كلها أصلاً كانت كلها اختيارية. ما كان فيها..

منصور: أين كنتم أنتم حينما جرت المحاولة الانقلابية.

الإمام: اللي حصل هو أنه نحن كنا في الخارج وكان التحرك يقتضي

منصور: كنتو في ليبيا ولا في..

الإمام: في ليبيا، ما أصله هو التحرك كله من ليبيا، لكنهم تحركوا من داخل السودان مش من ليبيا، نحن كنا في ليبيا، وكنت أنا على رأس قوة ستدعم الحركة في الداخل، ونحن في الطريق جاءنا الخبر بأن العملية فشلت. كان الذين معنا كانوا يرون.

منصور: ما وقع الأمر عليك؟

الإمام: مفاجأة حزينة جداً، لكن الجماعة الذين كانوا معنا كانوا يرون أنه ينبغي أن نواصل لأنه كانت عندنا قوة برضو، نواصل ونواجه الموقف، أنا رأيت لا، نرجع، لأنه قلت لهم ونحن هناك بعد هذا التطور ستتحرك طائرات مصرية باتفاق
مع النميري،

منصور: ممكن تقصف أي حد في السكة.

الإمام: وتضربنا ونحن في السكة، ولذلك عدنا واعتبرنا الموضوع انتهى.. لكن قيمة الذي عملناه كانت كبيرة ليه؟

منصور: ما قيمته؟

الإمام: قيمته أنها أقنعت نميري أنه لا يستطيع أن يواصل الحكم بالقوة، ويجب أن يفتح الحريات للناس، وبالفعل هو ده أصلاً السبب الذي أدى للمصالحة، ما كان ممكن تحصل مصالحة لأنه كان افترض أن القوى كلها بعد أن قضى على الشيوعيين وأن قضى على حسن حسين أن الأمور كلها صارت منتهية في يده، فبعد الحادث ده.

منصور: قبل المصالحة النميري عمل شيء انتقل به من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. النميري بدأ انقلابه شيوعياً مع الشيوعيين، والشيوعيون عملوا عليه انقلاب ۷۱ وبعدين ما يسمى حسن حسين وانقلابكم، الآن إن الإخوان المسلمين حاولوا ينقلبوا عليه وحزب الأمة حاول ينقلب عليه، الآن أخذ يزايد على الإسلاميين وبدأ يصبح أمير المؤمنين.

الإمام: ده لسه.

منصور: في يوليو ۷٦ ، افتتح بنك فيصل الإسلامي، وفي أبريل ۱۹۷۷م عمل لجنة لمراجعة القوانين بما يتماشى مع الشريعة الإسلامية في محاولة إلى استقطاب الناس، ولأن شرب الخمر كان أيضاً شائعاً بين السودانيين، بين المسؤولين يعني، فحظر شرب الخمر على من يتولى منصباً عاماً، وبدأ يلعب دور أمير المؤمنين،

الإمام: نعم، يعني في ذلك الوقت ما سمى نفسه أمير المؤمنين.

منصور: لسه ما وصلش، ده ح يوصل بعد كده لمرحلة أمير المؤمنين، لكن أصبح يزايد على الإسلاميين في مظاهر الإسلام.

الإمام: نعم.

منصور: إنتو بتدعوا لإيه يا حزب الأمة؟ إنت بتدعوا لإيه يا حسن الترابي إنتو بتدعوا لأيه يا إخوان مسلمين أنا أحسن منكم أنا بطبقه في أيدي السلطة.

الإمام: تمام لكن نحن كان كلامنا أولاً لا يمكن أن تطبق الإسلام فوقياً لا بد أن تكون هناك ديمقراطية. هذا هو الإشكال الذي بقي،

منصور: ودي مشكلتك معاه إلى النهاية.

الإمام: أيوة، المهم هو بعد ۲ يوليو ۷٦ أدرك أن النظام لا يمكن أن يستمر لأنه هناك قوة اجتماعية هائلة ومستعدة تضحي.

منصور: طيب إنتو أدركتوا إيه بعد ما فلذة كبدكم من القوة راحت في انقلاب ۲ يوليو؟

الإمام: لا هذا كان جزءاً بسيطاً من القوة التي عندنا، نحن فكرتنا كانت أصلاً أنه إذا نجحت نجحت إذا ما نجحت هناك
إمكانية،

منصور: ترتب لانقلاب آخر؟

الإمام: نكرر أيوة المهمة، فهو كان يعلم ذلك. فقام هو أرسل لي.

منصور: وأنت في ليبيا؟

الإمام: أرسل لي في لندن أستاذ فتح الرحمن البشير.

* رصد المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي

الجريدة

الجريدة الأحد 25 أكتوبر 2015 العدد 1557 الصفحة 9
الجريدة الأحد 25 أكتوبر 2015 العدد 1557 الصفحة 9

 

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

الحلقة الحادية عشر الجزء الثاني

الأخوان المسلمون زايدوا في المصالحة مع النميري والشريف حسين وافق عليها

ما كان للنميري أن يتكلم معنا بمستوى الندية هكذا لولا حركة ٢ يوليو ١٩٧٦

الإمام الصادق المهدي في الحلقة الحادية عشرة من شهادته على العصر

الأحد 25 أكتوبر 2015

منصور: مين فتح الرحمن البشير؟

الإمام: فتح الرحمن البشير كان أحد زعماء الحزب الاتحادي ليعرض فكرة المصالحة. ما كان ممكن نميري يتكلم معنا بمستوى الندية هكذا لولا حركة ۲ يوليو لأنه بعد ۲ يوليو أدرك أن هناك قوة لا يستطيع أن يمحوها بالقوة، فعرض المصالحة، وأنا ما كان عندي مانع، عرضتها على الجبهة قيادة الجبهة الوطنية المعنية وهناك وافقوا.

منصور: طب هم كلهم كانوا برة بما فيهم حسن الترابي؟

الإمام: لا حسن الترابي ما كان في ال.. حسن الترابي كان في السجن لكن هؤلاء كانوا معنا عثمان خالد، ومعنا حسين الهندي واتفقنا على أن نستجيب لعملية المصالحة.

منصور: كان في بنود لعملية اللقاء والمصالحة؟

الإمام: نعم، البنود كلها..

منصور: أرسلت اليكم قبل أن تلتقوا بهم؟

الإمام: نعم، ما هو أنا قلت أصلاً للوسيط إذا وافق هو، نميري، على أن نطور الأوضاع في البلاد على أساس ديمقراطي أنا ما عندي مانع أن نتحاور معه على هذا الأساس، دة كان ال..

منصور: لكن إنت الآن فاجأت حلفاءك والتقيت بنميري في بورتسودان في ۷ يوليو ۷۷.

الامام: نعم.

منصور: ولم تخبرهم أنك ستقابله.

الإمام: لا أخبرتهم بأننا قبلنا والذي تم،

منصور: لكن ميعاد اللقاء نفسه ما اخبر تهمش..

الإمام: لا ميعاد اللقاء.

منصور: لماذا لم تخبرهم به؟

الإمام: لأنه ما كنا في مكان واحد كنا موزعين على مناطق مختلفة، وعلى كل حال أنا ذاهب لأحضر ومعي مشروع إذا قبل يقبل وإذا رفض يُرفض.

منصور: ألم تخشى من أن يخدعك النميري كما خدعك العسكر من قبل، وخدعك النميري مرة من قبل واستدعاك من القاهرة ورماك في السجن..

الإمام: صحيح ولكن انا كنت اعلم وكتبت للناس أيضاً وأنا ماشي كتبت لهم مذكرة، وقلت لهم إذا قتلت خذوا بثأري.

منصور: يعني انت كنت عارف إنك انت رايح مغامرة؟

الإمام: نعم.

منصور: إما أن تقتل وإما أن تحقق نتائج للمصالحة؟

الإمام: نعم.

منصور: نسبة النجاح كانت كم عندك ونسبة أن تتعرض للقتل أو السجن على الأقل كانت كم في ظل أن النميري غدر بك قبل ذلك ووضعك في السجن؟

الإمام: في رأيي رجحتُ أن تكون المهمة ناجحة لأنه يعلم إذا قتلني زي ما قال الإمام علي: تلكم قريش تمناني لتقتلني فلا وربك ما بروا وما ظفروا وإن قتلوني فرهنٌ ذمتي لهمو بذات وتقين لا يعفو لها أثرُ وأنا عارف كدة..

منصور: رحت لوحدك في بورتسودان؟

الإمام: نعم.

منصور: في طائرة خاصة ولا..

الإمام: في طائرة خاصة مع فتح الرحمن البشير، الوسيط.

منصور: من لندن؟

الإمام: من لندن نعم.

منصور: يعني نميري بعتلك طائرة إلى لندن وأقلتك إلى بورتسودان؟

الإمام: نعم.

منصور: كيف التقيت معاه؟ هو قاتل اخوانك وقاتل الأنصار، وساجنك والآن بيدعوك إلى اللقاء، التقيت معاه بالأحضان وبتاع زي السودانيين ما بيقابلوا بعض دائماً، ولا كان هناك حاجز نفسي بينك وبينه؟

الإمام: بدأت بحاجز نفسي وكلام فيه اتهام انهم فعلوا وفعلوا وكدة، وهو قال على كل حال لكي نوقف حمام الدم هذا أنا أريد أن نتفق.

منصور: ما الذي قدمه لك في الاتفاق؟

الإمام: أشياء، أول حاجة بالنسبة لحوادث للجزيرة أبا،

منصور: فتحتوا كل الملفات.

الإمام: نعم، يحصل تحقيق فيها، ويرد اعتبار لدور الإمام الهادي، ثانيا تطور ديمقراطي اتفقنا على كيف يتم هذا التطور الديمقراطي ويشمل كل الأطراف، وتقود البلاد حكومة قومية تمارس حقها في ظل هذا التطور الديمقراطي، والحاجة أيضاً المهمة إطلاق سراح كل الذين كانوا معتقلين من جماعتنا.

منصور: جماعتكم انتو بس ولا كل المعارضة؟

الإمام: لا كل الجماعة المعارضة إطلاق سراحهم، والموافقة على أننا نواصل هذا الكلام بعد ما نعود في الخرطوم، وعفو عام على كل الناس الذين اشتركوا في هذه العملية، ونخطط معاً عبر حوار كيفية تحقيق التحول الديمقراطي في السودان.

منصور: هل وثقت به؟

الإمام: في ذلك الوقت نعم، لأنه كما قلت لك كنت أدرك أنه يعلم أن هذا أفضل له من استمرار المواجهة.

منصور: إيه أوراق القوة عندكم؟

الإمام: أوراق القوة أننا عندنا سند شعبي كافي.

منصور: الشعب في الآخر بيقول ربنا يعيني.

الإمام: يا حبيبي في شعب وفي شعب. نحن عندنا ناس ملتزمين، نستطيع إذا كنا في أي وقت أردنا أن نحولهم أو ندربهم لعمل مسلح يفعلون، يعني هناك تماسك، عندنا نحن تماسك شعبي كبير، ونميري كان يعلم ذلك لأنه حاول، حاول يعمل حاجة سماها استئناس الأنصار، عاد بخفي حنين، ما وجد إمكانية لأنه يستقطبهم. هو بيستقطب بعض زعماء العشائر وبعض زعماء الطرق..

منصور: بالترغيب والترهيب.

الإمام: نعم، ولكنه ما استطاع أن يستقطب أي قسم حقيقي من الأنصار.

منصور: تعرضتم في هذا اللقاء إلى أملاكك وأملاك عائلتك التي صادرها النميري؟

الإمام: أبداً، لم أذكر في هذا الموضوع شيئاً عن مصالح خاصة. ولكن في مرحلة لاحقة في التفاوض، جاءني النميري بدوسيه وقال لي هاك هذه أملاكك.

منصور: أملاك آل المهدي.

الإمام: أملاك دائرة المهدي، نعم، لأستلمها. وأنا قلت له لا استلمها. ما عندي دخل بهذا الموضوع، أنا ما جايي عشان اتفاوض معاك بالنيابة عن ورثة دائرة المهدي، ولا أنا وكيل عنهم، ولكن يا أخي أنتم في عهدكم الشيوعي أطلقتم عقوبات اقتصادية لعدد من الناس، إذا أنت الآن قررت أن ترفع هذه العقوبة كجزء من عملية تغيير موقفكم ما في مانع، بس بالنسبة لينا نحن أنا أقترح أن تكون لجنة، لأنه نحن كانت في ذلك الوقت المسألة موروثة ما في حد واحد بيمثل الناس كلهم، تعين لجنة، تعطي هذه اللجنة صلاحيات قضائية، هذه اللجنة برئاسة المراجع العام السيد حسين عبد الرحيم، وعضوية مندوب من المالية وبنك السودان والنائب العام، وتفوضهم أن ينظروا في هذه الأملاك ويوزعوها على الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية، فقط أنا أطالب بأمرين.

منصور: ما هما؟

الإمام: وهما: الجزيرة أبا أصلها مسجلة باسم الإمام عبد الرحمن.

منصور: كلها.

الإمام: كلها، باعتبار أنه هو كان قد عمرها، هذه الجزيرة أبا لا تورث، تسجل لأهل الجزيرة أبا، أنا كلامي كدة.

منصور: اللي هم عايشين فيها.

الإمام: اللي هم عايشين فيها..

منصور: بيزرعوها وبيقلعوها..

الإمام: نعم، أنا ما عايز أي تناقض بين أسرتنا وأهل الجزيرة أبا ديل ناس أوفياء وعندهم معنا علاقات في التاريخ كلها عظيمة. ولذلك هؤلاء تسجل الجزيرة أبا بأسمائهم. كذلك بيت المهدي الذي هو مجمع بيت المهدي الذي فيه قبة الإمام المهدي وغيرها، هذه تسجل وقف للأنصار، وهو وافق على أن الجزيرة أبا لا توزع في الورثة، وأن بيت المهدي لا يوزع في الورثة لكن بقية الأصول توزع على الورثة بحسب حقوقهم الشرعية وأنا لا دخل لي بهذا، وانا لا دخل لي بهذا، هذا يتم بين الورثة وبين اللجنة الفنية.

منصور: لقاءك مع نميري في بورتسودان في ۷ يوليو ۷۷، هل دونتم ما اتفقتم عليه؟

الإمام: انا دونته. لكن ما اتفقنا عليه.

منصور: ما كانش اتفاق مكتوب.

الإمام: لا لأنه كان هناك بقية كلام سيتم.

منصور: متى رتبتم للموعد الآخر؟

الإمام: رتبنا للموعد الآخر بعد عودتي لل..

منصور: للتحالف؟

الإمام: أيوة عشان أؤكد لهم ما حدث، ونتفق على مواصلة العمل، وقد فعلت.

منصور: وافقوا؟

الإمام: نعم.

منصور: كلهم؟

الإمام: كلهم.

منصور: دون اعتراضات؟

الإمام: دون اعتراضات، بل منذ ذلك الحين الجبهة الاسلامية القومية، الجماعة اللي كانوا.

منصور: اللي كان بيرأسها الدكتور حسن الترابي.

الإمام: زايدوا، يعني هم سبقوا في انه حتى قبل الاتفاق، انهم زايدوا في الاتفاق مع نميري. الشريف حسين الهندي في اجتماع وافقنا كلنا، وبعده اجتمعنا أنا وهو بمذيع في البي بي سي إسمه إسماعيل طه، وأنا قلت كلامي وهذا كله مسجل، ولكن عندما انتهيت سأله إسماعيل طه..

منصور: آآ إسماعيل طه.. كنت أسمعه وأنا صغير.

الإمام: سأله ما رأيك في هذا الكلام قال أنا موافق الشريف حسين، الغريب بين السودانيين مش أن يتفقوا، الغريب ألا يتفقوا، هذا كلامه الذي أذاعه. لكن بعد ذلك، وفي ذلك الوقت القذافي ما كان عنده اعتراض. على أي حال ما أبدى..

منصور: (مقاطعاً) أنا كنت لسة ح أقولك القذافي بعد كل اللي عملوا معاكم فعلتم هذا بدون الرجوع إليه؟

الإمام: أيوة فعلنا هذا دون الرجوع إليه، ولكن أنا كان رأيي أن هذه قضية سودانية ونحن نقرر فيها بحسب مصلحة السودانيين. ولكن قام السادات بحملة تأديبية على ليبيا..

منصور: آآ طبعاً، مجنون ليبيا.

الإمام: ههنا القذافي أخذ موقف قوي جداً ضد المصالحة. ولكن في الأول لم يأخذ موقف ضد إلا..

منصور: بستغرب كم مرة التقيتم مع النميري حتى إبرام المصالحة النهائية؟

الإمام: ثلاث مرات.

منصور: في كل مرة كنت وحدك ولا في المرات الأخرى كان معك الآخرين؟

الإمام: كانوا في معي الاخرين، حتى هو كان ذاته بيجمع الناس ونجتمع نتكلم، لكن أنا بدا لي أن النميري ما كان مستعجلا لإنهاء الموضوع ولكن ما كان اعترض على ما نقوم به في التنظيمات الطالبية وال.

منصور: انتو رجعتو بداتو تمارسوا نشاطكو؟

الإمام: أيوة.

منصور: لكن الاتفاق النهائي كإبرام لم يكن قد تم.

الإمام: ما تم.

منصور: هل صحيح أن النميري قد عرض عليك في هذه المرحلة أن تتولى رئاسة الحكومة؟

الإمام: لا، في مرحلة لاحقة.

منصور: لاحقة ليست هذه..

الإمام: لكن في المرحلة اللاحقة مش رئاسة الحكومة. زارني السيد جعفر نميري ومعه السيد فتح الرحمن البشير في منزلي، وقال لي يا فلان، أنا لا أرى فيمن معي أصلح، يصلح لخلافتي.

منصور: هو في عسكري في الدنيا عمل انقلاب وما مرمطش كل اللي حواليه؟

الإمام: معليش على أي حال، يعني أنه أنا لا أرى ..

منصور: يعني هو مرمطهم كلهم.

الإمام: تمام. ما أرى فيمن حولي من يصلح لقيادة البلاد ولذلك أعرض عليك أن تكون خليفتي وأن تكون نائبي في رئاسة الجمهورية. قلت له يا أخي الرئيس..

منصور: سنة كم تفتكر دة بالضبط؟ ۷۸ بقى دخلتو على ۷۸ ولا لسة في الست شهور الأخيرة من ۷۷؟

الإمام: لا زيادة..

منصور: في ۷۹؟

الإمام: أظن في سنة ۱۹۸۰، المهم فقال لي انا هذا هو عرضي لك، قلت له يا أخي الرئيس أنا في ظل الدستور الحالي ما لم يتغير لدستور ديمقراطي، لا أوافق على منصبك نفسه!

منصور: كرئيس دولة؟

الإمام: كرئيس دولة، مش موافق.

منصور: هو فضل لحد سنة ۸۰ وهو بدا معاكم المصالحة في ۷۷ لم يفعل أي شيء؟

الإمام: أيوة لكن كما قلت لك.

منصور: كله هنكرة كدة علشان..

الإمام: أيوة، دة أحسن مكسب، صرنا نعمل نحن بحرية.

منصور: بدون ما يكون ليكم وجود رسمي.

الإمام: بدون ما يكون لنا وجود رسمي لأنه أنا قلت مش حناخد أي وجود رسمي ما لم نتفق على دستور جديد.

منصور: نميري كلف الرشيد الطاهر بكر وكان الرشيد طاهر بكر مراقب عام للأخوان المسلمين في السودان، وخرج عليهم انشق عليهم وانضم للاتحاد الاشتراكي، انت انضميت للاتحاد الاشتراكي كمان؟

الإمام: حصلت حاجة، في رأيي هذه واحدة من أخطائي،

منصور: أيوة كدة اعترف لنا بالأخطاء.

الإمام: ح اعترف لك بالأخطاء، هذه واحدة من أخطائي، جاءني الأخ دكتور عبد الحميد صالح، وهذا كان من كوادرنا وقال لي النميري يريد أن تدخل معنا في الاتحاد الاشتراكي ويعد بأننا من داخل الاتحاد الاشتراكي سنحقق الإصلاحات المطلوبة، المهم وافقت، دخلت الاتحاد الاشتراكي لمدة شهرين، كان من ضمن الاتفاق مع نميري أنه الا يتخذ اي قرار الى أن نتفق إلا بالاتفاق، حدثت كامب ديفيد. ولما حدثت كامب ديفيد.

منصور: ۷۷.

الإمام: ولما حدثت كامب ديفيد.

منصور: يعني كامب ديفيد ولا مرواح السادات إلى القدس سنة ۷۷؟

الإمام: كامب ديفيد.

منصور: كامب ديفيد ۷۹ ، لا أنا لسة قبل ۷۹.

الإمام: لا ما أنا جاييك عشان أقول ليك أنا دخلت متى انت سالتني دخلت متى.

منصور: انت دخلت الاتحاد الاشتراكي ۷۹؟

الإمام: أيوة، ما هو مباشرة قال لي النميري بواسطة الدكتور عبد الحميد تعال وسنحقق الإصلاحات المطلوبة من هذا المنبر، دخلت، كانت هناك فكرة أنه لما تمت كامب ديفيد أنا كنت ضدها.

منصور: طيب اسمحلي أنا عاوز آخد تفاصيل كامب ديفيد وموقفك ودخولك الاتحاد الاشتراكي بالتفصيل في الحلقة القادمة لأنه النميري استوعبكم جميعاً في تنظيمه أو حزبه الذي أسسه أنت وحسن الترابي دخلكو كلكو الاتحاد الاشتراكي، واستوعبكم دون أن يمنحكم الحق في تكوين أحزابكم والقيام بدوركم السياسي، في المرة الأولى دي، لما انت تصالحت مع نميري في ۷ يوليو ۱۹۷۷م بقيت ٦ أشهر وبعدها غادرت السودان محبطاً في ديسمبر ۷۷ ، صح؟

الإمام: نعم.

منصور: ست شهور وانت عمال تحاول وهو الراجل لعب عليكو لعبته وانت رحت وانت خرجت محبطاً.

الإمام: يا أستاذي، أهم حاجة أنه انا قلت لك، نحن استطعنا أن نكون حزبنا من جديد.

منصور: لكن بدون وجود رسمي.

الإمام: لا مش مهم.

منصور: انت رحت في حزب النميري وأصبحت عضو فيه.

الإمام: لا ما أنا حقولك اللي حصل ايه.

منصور: طب قل لي الحلقة الجاية اللي حصل إيه، بالتفصيل عشان اعطيك الوقت.

الإمام: أنا بس داير أقولك النقطة هنا هي أنه أكبر مكسب أدى إلى الانتفاضة بعد ذلك، التكوينات الحرة الشعبية.

* رصد وتحرير وتحقيق المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي

تنويه مهم: في هذه الحلقة حدث خلط لدى الحبيب الإمام الصادق المهدي بين عقدي السبعينات والتسعينات في ملابسات تكوين الحركة الشعبية لتحرير السودان، والخلط بين تحالفي الجبهة الوطنية في عقد السبعينات والتجمع الوطني الديمقراطي في التسعينات، وقد أصدر المكتب الخاص للحبيب الإمام الصادق المهدي بياناً نقل اعتذار الحبيب الإمام، وقد قمنا بتعديل نص الحلقة إزالة للخلط.

الجريدة

تاريخ بث الحلقة الحادية عشرة في قناة الجزيرة يوم الأحد 4 أكتوبر 2015