الإمام الصادق المهدي في الحلقة السابعة من شهادته على العصر

الإمام الصادق المهدي في الحلقة السابعة من شهادته على العصر
جريدة الجريدة الثلاثاء 15 سبتمبر 2015 العدد 1523 الصفحة 4
جريدة الجريدة – الثلاثاء 15 سبتمبر 2015 العدد 1523 الصفحة 4

 

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

الحلقة السابعة

كانت هناك مشاكل كثيرة بين عبد الناصر وحزب الأمة، ولكنها في رأيي لم تبلغ العداء وكانت حكومة عبد الناصر تدعم الحزب المنافس لنا

انتخابات ٦٥ كانت أول انتخابات يفوز فيها حزب الأمة بأكثرية المقاعد

الإمام الصادق المهدي في الحلقة السابعة من شهادته على العصر

الثلاثاء 15 سبتمبر 2015

منصور: أجريت الانتخابات في شهر مايو عام ۱۹٦٥م في السودان، فاز حزب الأمة بثلاثة وسبعين مقعداً بينما فازت الأحزاب الأخرى بمقاعد أقل، وشكل حزب الأمة الحكومة برئاسة محمد أحمد المحجوب في ۱۳ يونيو عام ۱۹٦٥م، محجوب يقول إنك لم تدعه في حاله وقضيت الوقت تؤلب عليه الوزراء وتحرض ضده حتى يتمرد عليه من معه في الحزب.

الإمام: انتخابات ٦٥ كانت أول انتخابات يفوز فيها حزب الأمة بأكثرية المقاعد، ليس هذا فقط وإنما تغيرت أيضاً عملية الانتخاب نفسها لأنه لأول مرة كان حزب الأمة نصف مقاعد نوابه من زعماء العشائر، هذه المرة بهذا التخطيط الجديد كان نصف النواب من خريجي الجامعات.

منصور: ما الفرق؟

الإمام: الفرق أن هذا أتى بهيئة برلمانية عندها حرص على المشاركة، ومستوى من الوعي يمكنها من فرض إرادتها.

منصور: هل تقصد بهذا أن الامتداد الديني لحزب الأمة في القبائل وفي المناطق الريفية انعكس هذه المرة وأصبح ممثلو حزب الأمة معظمهم من المدن ومن المتعلمين؟

الإمام: أبقينا على مركزنا في الريف وأضفنا إلى ذلك مراكز في المدن، هذا كان الدليل على أن الإصلاح الذي قدناه في حزب الأمة أتى أكله. المهم، أنا لم أدخل البرلمان..

منصور: لأن سنك كان دون الثلاثين.

الإمام: كان دون الثلاثين، وكان حزبي يدرك قيمة وجودي في البرلمان لأنني كما لاحظت كل المرحلة الماضية كان لي دور قيادي فيها، ولذلك اعترافاً بهذا تم ترشيح وفوز عمي السيد بشرى السيد حامد بفهم أنه عندما أبلغ الثلاثين سيخلي هذه الدائرة وسأترشح فيها وأدخل البرلمان.

منصور: هذا كان اتفاقاً واضحاً قبل الانتخابات؟

الإمام: اتفاق واضح قبل الانتخابات.

منصور: لأن الآخرين يقولون إنك أهنته حينما أخرجته ورشحت نفسك مكانه حينما بلغت الثلاثين، وأهنت الناخبين الذين انتخبوه أيضاً.

الإمام: لا يا أخي، هو هذا كله كلام فارغ، لأن الناخبون هؤلاء هم أعضاء في حزب الأمة وهم يتجاوبون مع سياسة الحزب، وهذا الرجل عمي، وهو الذي قرر أ ن يرشح في هذه الدائرة، وأنه سيخليها لي، ما في حاجة اسمها إهانة ولا إساءة ولا كلام من هذا النوع.. كانت طوعية وبالرضا التام.

منصور: يعني انتم ضامنين أن الناخبين في هذه الدائرة سينتخبون مرشح حزب الأمة أياً كان فما بالك أن يكون المرشح هو الصادق المهدي؟

الإمام: ليس بالضرورة، ولكن على أي حال عندهم الاختيار، كانوا يمكن أن يمنعوني، أو لا يرشحوا، أو لا يؤيدوا ترشيحي.

منصور: هل هو حينما أخلى لك الدائرة في ديسمبر حينما بلغت الثلاثين، رُشّح ضدك من الأحزاب الأخرى في نفس الدائرة مرشحون آخرون؟

الإمام: نعم، ما هي عملية انتخابية. انتخابات السودان في العهد الديمقراطي كانت كلها نزيهة وشفافة، على كل حال انتخبت.

منصور: أنا عاوز قبل ما انتخبت في حاجة حصلت في أغسطس ۱۹٦٥م، انت انتخبت في ديسمبر لما بلغت الثلاثين، لا ربما في يناير كمان لأن انت مواليد في آخر ديسمبر، السفير الأمريكي أرسل برقية في ۱۰ أغسطس ٦٥ إلى وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت قال له فيها: ليلة أمس تحدثت مع الصادق المهدي الشاب الصاعد حفيد الإمام المهدي الكبير لفترة طويلة من الزمن وكان الحديث يدعو للتفاؤل. تذكر حديثك مع السفير الأمريكي؟

الإمام: لا أذكره. ولكن كان واضح تماماً هناك تفاؤل عام في السودان بعد الثورة، وفي أثناء هذه الانتخابات كما قلت كان هناك تفاؤل عظيم بأن الديمقراطية في السودان صارت مثمرة للغاية، على كل حال.

منصور: لا استنى هنا، معليش اسمح لي، السفير لم يبعث ورقتين أو جملتين لوزير الخارجية، دة بخصوص لقاءك، أفرد له صفحات وصفحات وقضايا وقضايا، وقال إن الحديث كان مطولاً. السفير تحدث معك حواراً مطولاً بشان جنوب السودان، واستفضت معه في الحديث، وتحدث معك أيضاً بشأن مصر واستفضت معه في الحديث، ووجهت اتهامات قاسية إلى عبد الناصر، ورددت على الاتهامات الموجهة لك بأن حزبكم هو حزب عميل للبريطانيين، افتخرت أن السودان دولة بها ديمقراطية في الوقت أن مصر يحكمها ديكتاتور.. فانت إزاي ناسي لقاء زي دة؟

الإمام: لا يعني أنا هذا كلام علني، وليس ما أقوله للسفير، هذا كان جزء من حملتنا الانتخابية، نقول هذه المعاني، يعني لم تكن هذه المعاني سرية، لأنه كان أصلا عندنا برنامج اسمه آفاق جديدة هو الذي انعكست فيه هذه المعاني، فلم تكن هذه المعاني سرية، كانت هذه المعاني واضحة ونتحدث بها بصراحة.

منصور: طيب هل معنى ذلك أن حزب الأمة كانت بينه وبين عبد الناصر عداء سافر، واضح، في تلك المرحلة.

الإمام: لا كانت هناك مشاكل كثيرة، ولكن في رأيي لم تبلغ عداء، كان واضحاً أننا نعتقد أن الحكومة المصرية تدعم الحزب المنافس بصورة واضحة، وكنا نأخد عليها ذلك، ولكن لم يكن في الأمر عداء أصلاً، حتى أنه عندما حصلت هزيمة ٦۷ كنا قد وقفنا مع مصر ودعمنا موقفها، ثم فيما بعد رُتّب مؤتمر الخرطوم مؤتمر اللاءات بقيادة حزب الأمة.

منصور: كان المحجوب رئيس الحكومة وقتها..

الإمام: نعم ما داير أن أقول موقف حزب الأمة كسياسة.

منصور: بس كان حزب الأمة منقسم الآن في ۱۹٦۷م..

الإمام: أيوة، لكن لم يكن من حزب الأمة في انقسامه اختلاف حول هذه القضية.

منصور: هنا حينما رُشِّحت للانتخابات حينما بلغت ال ۳۰ عاما وأخلى لك عمك دائرته حتى تدخل الانتخابات، الفترة منذ يونيو ٦٥ وحتى دخولك الانتخابات تفتكر التاريخ في نهاية ٦٥ أو بداية ٦٦ في يناير كنت ولا ديسمبر؟ المهم هذه الفترة انت ما سبتش محجوب في حاله يدير الحكومة، وكنت تنغص عليه حياته.

الإمام: يا أخي، أنا لا بد أن تستمع لردي، لأنه انت سألتني السؤال ثم صرت تجيب من..

منصور: ما انا رجعت أكرر السؤال تاني أهو عشان تجاوبني.

الإمام: ما عشان كدة تعطيني فرصة عشان أجاوب.

منصور: اتفضل. انت قصتك طويلة مع محجوب في الجزئية دي..

الإمام: ما أنا كلها ساشرحها لك، السيد محمد أحمد محجوب وقع في مشكلتين.

منصور: ما هما؟

الإمام: الأولى خلاف مع السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة..

منصور: بعدين دة.

الإمام: لا، من البداية. لأنه من يمثل السودان في المؤتمرات الخارجية؟ الرئيس أزهري كان يرى أنه هو الذي يمثل والسيد محمد أحمد محجوب كان يرى أن هذا الموضوع نحن في حكومة ضمن نظام برلماني. نشأت هذه المشكلة، المشكلة الأهم..

منصور: نحن عاوزين نفهم المشاهدين ماذا هو مجلس السيادة هذا الذي كان يتكون من خمسة. يعني السودان ما كانش فيها رئيس واحد، كانوا خمسة و..

الإمام: مجلس السيادة كانوا خمسة وهؤلاء يمارسون صلاحيات رمزية كملكة بريطانيا. النظام البرلماني فيه رئيس الوزراء هو الذي يمثل الدولة في المؤتمرات الخارجية، ولكن حصل خلاف حاد بين السيد محمد أحمد محجوب والسيد إسماعيل الأزهري. لكن الموضوع الأخطر من هذا، وأنا لا دخل لي البتة فيه، وبدأ قبل دخولي البرلمان، وهو أن السيد محمد أحمد محجوب استفز الهيئة البرلمانية في حزب الأمة بأنه لا يستجيب لمطالبهم، وأنا كرئيس لحزب الأمة ومعي الآخرون كونا لجنة برئاسة السيد أمين التوم، وعضوية السيد ميرغني حسين زاكي الدين، والسيد عبد الرحمن..

منصور (مقاطعا) لجنة داخلية من الحزب.

الإمام: لجنة داخلية من الحزب:

منصور: مهمتها؟

الإمام: مهمتها أن تصالح النواب مع رئيس الوزراء..

منصور: ما انت بتزنبق من ورا بالنواب عليه..

الإمام: ما بقولك هذه المشكلة نشأت ما بينه وما بين النواب، السبب المباشر كان إلى أي وزارة تتبع هيئة توفير المياه؟ نوابنا كانوا يرون أن تتبع لوزارة الحكم المحلي وكان وزيرها السيد عبد الله نقد الله.

منصور: ما هو من الحزب عندكم.

الإمام: نعم ولكن كان السيد محمد أحمد محجوب وافق على أن تتبع لوزارة لشخص اتحادي هذا هو الخلاف الأول الذي بدأ بين السيد محمد أحمد محجوب والهيئة البرلمانية، والخلاف كما قلت لك، يعني صدقني أنا ما كنت طرفاً في هذا. الخلاف بدأ بين نواب حزب الأمة ورئيس الوزراء. عندما حدث هذا الخلاف كونا لجنة، وكنت أنا مهتما جداً بإزالة التناقض بين السيد محمد أحمد محجوب والهيئة البرلمانية. هذه اللجنة مكونة برئاسة السيد أمين التوم ومرت على كل..

منصور: مكونات البرلمان، أعضاء البرلمان من حزب الأمة..

الإمام: أعضاء البرلمان من حزب الأمة، وقالوا هم في النهاية نحن لا نثق في السيد محمد أحمد محجوب، السيد محمد أحمد محجوب كما هو كان معلوم..

منصور: دة امتى الكلام دة، قبل ما انت تترشح؟

الإمام: أيوة قبل ما أنا اترشح.

منصور: يعني دة كل دة من بدري الصراعات دي؟

الإمام: أيوة المشكلة بدأت من البداية الصراع بين السيد محجوب والهيئة البرلمانية وأنا لم أكن في ذلك الوقت أصلاً عضواً في الهيئة البرلمانية.

منصور: يعني انت حينما رشحت كانت هناك أزمة بالفعل يواجهها المحجوب مع الأزهري ومع الهيئة البرلمانية لحزب الأمة؟

الإمام: نعم، مع الأزهري جاءت بعد ذلك، لكن مع الهيئة البرلمانية هي كانت الأزمة الأكثر حدة. المهم في هذه الأزمة نشأت مشكلة.

منصور: ما هي؟

الإمام: السيد محمد أحمد محجوب قال للنواب أنا لست مسئولاً لديكم، أنا مسئول للإمام. هنا دخلت أنا أنه لا، الإمام عبد الرحمن نفسه أصدر منشور في عام ۱۹٥۱ فيه قال أنا لا أتدخل في قرارات الحزب أنا راعي الحزب ولكن لا أتدخل في قراراته، يا سيد محمد أحمد محجوب لا يمكن أن تقول هذا الكلام لأن هذا الكلام معناه أن الناس الذين ينتخبونك في البرلمان ليس عندهم صلاحية يسائلونك، إذن أنا رأيي ورأي الهيئة البرلمانية نعم الإمام عنده رأيه وممكن يقول رأيه كما شاء، لكن في النهاية المساءلة حول هذا الموضوع للهيئة البرلمانية.

منصور: يعني انت هنا تريد أن ترسخ أن من حق الهيئة البرلمانية للحزب أن تسائل رئيس الحكومة إذا كان منها باعتباره مسئولاً أمامها؟ وهي التي تسائله وليس الإمام.

الإمام: وهذا دستور الحزب.

منصور: وإن الإمام مسئوليته وسلطته روحية على الحزب كما هي روحية على الأنصار.

الإمام: وكذلك سياسية، ولكن في النهاية الهيئة البرلمانية هي التي تقرر.

منصور: كيف كان رد المحجوب؟ رفض.

الإمام: كان رد المحجوب أنني مسئول لدى الامام وليس مسئولاً لدى.. شوف محجوب الليبرالي والذي كان مفروض هو يكون أولى الناس بدعم فكرة المؤسسية، احتمى وراء الطائفية التي هاجمها.

منصور: لأنه هو في النهاية حيلاقي نفسه أنت الذي ترأسه، وأنت لم تبلغ الثلاثين بعد.

الإمام: لا هذه ليست المشكلة، المشكلة الهيئة البرلمانية عندها كينونتها في البرلمان.

منصور: طيب عايز أسألك عن حاجة وقعت قبل انتخابك، لأنها تتعلق بك حينما أصبحت رئيساً للوزراء بعد ذلك، في شهر ديسمبر، ۸ ديسمبر ۱۹٦٥م اشتد الصراع بين الإسلاميين وبين الحزب الشيوعي الذي كان له تمثيل ووجود رسمي في البرلمان، ووصل الأمر إلى مرحلة اتخاذ قرار بحل الحزب الشيوعي السوداني ومصادرة أملاكه بقرار من البرلمان.

الإمام: نعم!

منصور: هل كان هذا صائباً في ذلك الوقت؟

الإمام: لم يكن صائباً، ولم يكن هذا من رأيي ولا من رأي محجوب هذا موضوع لم نختلف فيه.

منصور: أمال رأي مين؟

الإمام: أقولك، كانت هناك ندوة في معهد المعلمين بجامعة الخرطوم، وفي هذه الندوة أحد الحاضرين قيل إنه منسوب للحزب الشيوعي قال كلاماً مسيئاً للسيدة عائشة رضي لله عنها. جبهة الميثاق الإسلامي فجرت هذا الموقف وقادت موكباً إلى السيد إسماعيل الأزهري في منزله بصفته رئيس مجلس السيادة. السيد إسماعيل الأزهري كان غضباناً جداً لأن دائرته الانتخابية فاز فيها السيد عبد الخالق محجوب الأمين العام (سكرتير) للحزب الشيوعي، وكان يرى أن الحزب الشيوعي كان يتمدد على حساب حزبه. ولذلك لما جاء هذا الموكب، هذا الموكب لم يذهب لرئيس الوزراء.

منصور: راح مباشرة لرئيس مجلس السيادة.

الإمام: راح لرئيس مجلس السيادة، وقال لرئيس مجلس السيادة هذه مطالبنا: حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه. السيد إسماعيل الأزهري قال لهم: أنا أوافق على هذا المطلب وأمنح البرلمان أسبوعاً، إن هو وافق على هذه المطالب كان بها، وإلا أنا سأقود معكم المظاهرات..

منصور: دة رئيس مجلس السيادة إسماعيل الأزهري.

الإمام: نعم!

منصور: وانت بتقول هنا إن له أغراض شخصية من وراء الموضوع..

الإمام: لا أغراض سياسية. المهم هو قال هذا الكلام، عندما قال هذا الكلام انخلق تيار قوي جداً كاسح..

منصور: ضد الحزب الشيوعي.

الإمام: ضد الحزب الشيوعي باعتبار أن الحزب أساء لل..

منصور: السيدة عائشة وللإسلام..

الإمام: كل النواب بصرف النظر عن رأي أحزابهم تجاوبوا..

منصور: صوتوا ضد الحزب الشيوعي..

الإمام: تجاوبوا مع هذا المطلب. عندما قرر البرلمان هذا ذهبت أنا ووزير الداخلية الذي كان السيد عبد الله نقد الله، ذهبنا والتقينا اللجنة التنفيذية للحزب الشيوعي في دارهم، وقلنا لهم هذه المسألة لم يكن لنا يد فيها، ولذلك يجب أن تفهموا أن هذا الموضوع تيار شعبي كاسح، لا تعارضوه أو تدخلوا في نزاعات معه لأن هذا الموضوع بهذه الصفة صار تياراً جارفاً..

منصور: هل هذا الذي دفع الحزب الشيوعي لأن يلجأ للقضاء بعد ذلك؟

الإمام: نعم، وليس هذا فقط، ولكن الحزب الشيوعي تصرف باتفاق معنا انا ووزير الداخلية أن لا..

منصور: تكون له ردة فعل..

الإمام: ألا تكون له ردة فعل، وأن يذهبوا في الموضوع هذا بالصورة القانونية.

منصور: أنا عايز أسألك سؤال هنا، الشعب السوداني شعب متدين إما صوفية وإما طيبين وإما كذا، ما الذي جعل الشيوعية تنتشر فيهم في تلك الفترة حتى يصبح للحزب الشيوعي هذه الكينونة الكبيرة؟

الإمام: السبب ببساطة شديدة السودان فيه كانت ديمقراطية معيارية، بمعنى أن الحزب الشيوعي نفسه في السودان كان حقيقة مصدره الحركة الشيوعية في مصر، ولكنها كانت في مصر مكبوتة في السودان وجدت حرية، مثل الحركة الإخوانية، كل الحركات العقائدية هذه جاءتنا وافدة من مصر ووجدت في السودان مناخاً أفضل من المناخ المصري، ولذلك تمددت في الاتجاه الأخواني وفي الاتجاه الشيوعي.

منصور: لكن كانوا يعملوا سوياً، الشيوعيون والأخوان عندكم في السودان..

الإمام: لا، لا يعملون سوياً..

نواصل

* رصد وتحرير وتحقيق المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي

الجريدة

جريدة الجريدة الإثنين 28 سبتمبر 2015 العدد 1531 الصفحة 5
جريدة الجريدة – الإثنين 28 سبتمبر 2015 العدد 1531 الصفحة 5

 

الحلقة السابعة الجزء الثاني

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

أنا ووزير الداخلية ذهبنا لنشرح للحزب الشيوعي هذا التطور.. كنا نرى هذا الإجراء بهذه الطريقة غير صحيح

الهيئة البرلمانية هى التي تنتخب، والسيد محمد أحمد محجوب ألب الإمام بأننا يجب أن نقف عند هذا الحد

حكومة محمد أحمد محجوب، بصرف النظر عن هذه المشاكل، كانت حكومة فاشلة للغاية

الإمام الصادق المهدي في الحلقة السابعة من شهادته على العصر

 

الإمام: السبب ببساطة شديدة السودان فيه كانت ديمقراطية معيارية، بمعنى أن الحزب الشيوعي نفسه في السودان كان حقيقة مصدره الحركة الشيوعية في مصر، ولكنها كانت في مصر مكبوتة في السودان وجدت حرية، مثل الحركة الإخوانية، كل الحركات العقائدية هذه جاءتنا وافدة من مصر ووجدت في السودان مناخاً أفضل من المناخ المصري، ولذلك تمددت في الاتجاه الأخواني وفي الاتجاه الشيوعي.

منصور: لكن كانوا يعملوا سوياً، الشيوعيون والأخوان عندكم في السودان..

الإمام: لا، لا يعملون سوياً..

منصور: لا أنا أقصد كانوا بيعملوا سوياً يعني ما بيعملوش مع بعض، يعني كان هذا موجود وهذا موجود والصراع نشأ بسبب هذا الموقف، لكن لو احنا رجعنا إلى ثورة ٦٤ ، حسن الترابي كان كتفاً إلى كتف مع ممثل الحزب الشيوعي في اللجنة التي فاوضت العسكر.

الإمام: نعم، يعني كان الحزبان عندهما مساحة للعمل السياسي، باعتبار أن الحريات في السودان كانت مكفولة بصورة غير موجودة في العالم العربي كله.

منصور: الوثائق الأمريكية تقول إنك انت ألقيت محاضرة في المركز الثقافي الروسي في نهاية ديسمبر ۱۹٦٦م وكأنك ترد الاعتبار للشيوعيين واليسار وتقول لهم أنا لست ضد قرار الحل (أكيد يعني: أنا لست مع قرار الحل).

الإمام: لا، أنا بقولك، أنا ووزير الداخلية ذهبنا لنشرح للحزب الشيوعي هذا التطور. نعم نحن كنا نرى هذا الإجراء بهذه الطريقة غير صحيح. على كل حال أنا أرد لك على التناقض الذي حدث بين السيد محمد أحمد محجوب والهيئة البرلمانية لأن هذا هو المهم. الإمام ذهب إليه السيد محمد أحمد مجوب، وأنا سأوضح في كل هذه المناسبات، أن السيد محمد أحمد محجوب الذي كتب كتابات كثيرة ضد الطائفية والزعامة الطائفية، قد استثمرها حتى الآخر، بالنسبة لمواقفه، بالنسبة لمدح للإمام عبد الرحمن، وبالنسبة للتعاون مع الإمام الهادي، فمشى وقال للإمام الهادي إن تجريدك من تعيين رئيس الوزراء يجردك من الصلاحية السياسية. عندئذٍ الإمام قال نعم أنا الذي أختار رئيس الوزراء وليس الهيئة البرلمانية، هذا هو الذي أدى للتناقض في النهاية الذي انقسم حوله الحزب.

منصور: إنت إذا بترفض كلام محجوب. وبتعتبره كان غريم لك وكان متجنياً وكان لا يقول الحقائق، عندي شهادة أخرى: (في الصراع الأخير انتفض الصادق المهدي على عمه إمام الأنصار الهادي المهدي، وبالتالي على محجوب، وكانت إمامة الأنصار قد آلت إلى الإمام الهادي عند وفاة الإمام الصديق والد الصادق، وعندما رأى الصادق أن زعامة الطائفة قد فلتت من بين يديه وانتقلت إلى عمه، قرر الاستيلاء على القيادة السياسية لحزب الأمة ومن ثم قيادة الحكومة، وكما أسلف الذكر لم يكن ذلك في مقدور الصادق باعتبارت دستورية هي عدم بلوغه سن الترشح، وفور بلوغ الصادق تلك السن أقنع حزب الأمة أحد أنصاره بشرى حامد ممثل دائرة كوستي الانتخابية بالتنازل له عن مقعده)، هذا منصور خالد.

الإمام: ما هذا.. هؤلاء السادة ليس عندهم تفاصيل الموقف، أنا ما كنت عاوز أكون رئيساً للوزراء.

منصور: ازاي، انت من الأول وانت عايز تبقى رئيس وزراء.

الإمام: لا أبداً، ما كنت عاوز أكون رئيس وزراء..

منصور: طب ليه رشحت نفسك ما صبرتش شوية، دة انت يوم ما بقيت ثلاثين تاني يوم رحت رشحت نفسك..

الإمام: ما أنا أصلاً قائد الحزب، وكان ضروري يكون عندي دور في قيادته في البرلمان. مافي مشكلة في هذه. لكن لم يكن هذا حتماً. في الواقع الشخص الذي جاء بحجة في هذا الموضوع هو الدكتور عمر نور الدائم.

منصور: ما حجته؟

الإمام: الدكتور عمر نور الدائم قال نحن الذين نذهب ونقنع الناس بتأييد الحزب، ويأتي أفراد ما عندهم مساءلة لدى القاعدة، ويتصرفون باعتبار أنهم اختيروا بإشارة من الإمام، ولذلك ما عندهم هم مساءلة لدى القاعدة، نحن إذن سنفقد مصداقيتنا مع الجماهير، لذلك يجب نحن الذين نقنع الجماهير وتسائلنا الجماهير أن نتولى المسئولية.

منصور: في كلام تاني المحجوب بيقولوا في صفحة ۲۰۰ ، ولازم أبين رأيه هو يعني مات توفي لله يرحمه ومش موجود وهذا تاريخ، (برزت خلافاتي مع السيد الصادق المهدي في الاشهر الأولى من عام ۱۹٦٦م، فذات مساء جاء بعض أفراد عائلة المهدي إلى منزلي طالبين مني الاستقالة حتى يصبح الصادق الذي بلغ الثلاثين من العمر رئيساً للوزراء بعد أن تم إفراغ أحد المقاعد البرلمانية له، وانتخب في هذا المقعد، وكان جوابي لهم أن هذا طلب غريب، والصادق لا يزال فتياً والمستقبل أمامه وفي وسعه أن ينتظر، وليس من مصلحته أو مصلحة البلاد والحزب أن يصبح رئيساً للوزراء الآن، بيد أنهم
أصروا فتصلبت، وساندني مجلس الحزب). انت بتقول كلام تاني خالص..

الإمام: يا أخي أنت الآن تتحدث عن رأي السيد محمد أحمد محجوب، فليكن. لكن أريد أن تسمع رأيي.

منصور: ما أنا بسمع منك. انت بتقوللي قصة أخرى تماماً.

الإمام: أيوة.

منصور: هو بيقول الحزب معايا، وانت بتقول لا الحزب..

الإمام: هو يا أخي، إذا كان الحزب معه، عندما حصل خلاف، أتدري ماذا حدث؟ حتى لما حصل انقسام بين الجماعة المذكورين هنا، أي أصحاب الرأي بأن القرار لنا وليس للإمام، وهذا منطقي، لما حصل انقسام ثلثا النواب وقفوا معنا، ثلثين، فكيف يكون الحزب أيده؟ ثم حتى عندما ذهبنا للانتخابات ونحن منقسمون ٦۰ ٪ من القاعدة وقفت معنا. ولذلك..

منصور: أنا حاجي للتفصيل، لكن الأمريكان كان لهم رأي..

الإمام: يا أخي باﻟﻠﻪ اسمع كلامي، أنا داير أشرح لك ماذا حصل. وبعد ما تقرر أنه نعم الهيئة البرلمانية هي التي تنتخب، والسيد محمد أحمد محجوب ألّب الإمام بأننا يجب أن نقف عند هذا الحد، والحد هو أن القرار ليس للحزب بل القرار للإمام، هذا هو موقف محجوب، وهذا هو الذي حصل فيه الخلاف، عندما حصل هذا الخلاف، كان هناك أصلاً الخلاف بين محجوب وأزهري، الانقسام الذي حدث في الهيئة البرلمانية لحزب الأمة، والخلاف الذي بين الأزهري ومحجوب كان من نتائجه نشأ ائتلاف بيننا في حزب الأمة والسيد إسماعيل الأزهري، وهذا هو الذي أدى إلى..

منصور: إسقاط محجوب.

الإمام: الخلاف لإسقاط محجوب.

منصور: أنا حجيلك لذلك، لكن أنا الآن لقيت وثيقة أمريكية فيها موقف متناقض ويشرح بعض الأشياء. أول حاجة بتقول نحن نرى أن الصادق المهدي قليل الخبرة ليكون رئيساً للوزراء، هذا كلام السفير الأمريكي لوزير خارجية أمريكا، ولكن يمكن أن تكون حكومته أقوى من حكومة محجوب الحالية، كلام متناقض، وبهذا يمكن أن يخدم أهدافنا سابقة الذكر، ويؤمن دولة موحدة وسلاماً في جنوب السودان. لكن بيقولوا إيه؟ (صار واضحاً الآن أن الاختلافات الأساسية في حزب الأمة هي بين جيلين
الجيل الجديد والجيل القديم، وبين فكرتين سياسيتين فكرة تقليدية وفكرة ليبرالية، وبين نوعين من الأحزاب طائفية وحديثة، هذا هو الاختلاف بين الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وبين عمه الهادي المهدي إمام طائفة الأنصار الإسلامية). بالنسبة لنا ولمصالحنا (أي الأمريكان) تظل طائفة الأنصار تشكل أساس العمل السياسي والفكري.. الوثيقة نفسها فيها تناقض. فيها إن الأنصار يعتبروا، لكن لو الصادق جاء ممكن يعمل حكومة قوية، وفيها إن الصادق يمثل فكر جديد لكن الصادق أيضاً سنه صغير ما ينفعش رئيس حكومة.

الإمام: تمام. الحقيقة أن حكومة السيد محمد أحمد محجوب، بصرف النظر عن هذه المشاكل، كانت حكومة فاشلة للغاية.

منصور: إيه اللي فشلها؟

الإمام: أقولك أنا.

منصور: انت اللي كنت بتفشلها.

الإمام: أقولك، لا أبداً، أنا برة الحكومة.

منصور: انت اللي في يدك السلطة السياسية.

الإمام: لا أبداً، اذا كان انت بتقول إن الحزب معاه كيف يكون بيدي السلطة، هذا كلام متناقض! شوف، اللي حصل أنه: أولاً السيد محمد أحمد محجوب اهمل حل مشكلة الجنوب تماما، نحن كما قلت لك بعد فشل المائدة المستديرة اتفقنا على لجنة الاثني عشر وتسلسل الأمر لحل ضمن هذا الحوار، السيد محمد أحمد محجوب كرئيس وزراء أهمل تماما حل مشكلة الجنوب عبر هذا الحوار. ثانياً أهمل تماماً قضية الدستور الذي كان مهم جدا أن تتكون لجنة قومية للدستور لتضع الدستور، ثالثاً جاء بوزير مالية حقيقة ليس عنده صلة بالمرة ومعرفة بالمسألة المالية، كان هذا جزء من التخبط. هذه الأشياء كانت سبب في الخلاف الكبير الذي دار، وبعدين نشأ خلاف داخل مجلس الوزراء، لأن هناك بعض أبناء السيد محمد أحمد محجوب نالوا صفقة معينة، وزير الإعلام في ذلك الوقت السيد عبد الرحمن النور..

منصور: دة في الحكومة الثانية مش في دي.

الإمام: لا في دي، لأن هذه هي التي أدت في النهاية للانقسام، عندما حصل هذا الكلام صار هناك اتهام بالفساد  مجموع هذه الاشياء أفضت في النهاية إلى ما حدث من انقسام في حزب الأمة.

منصور: انت كنت تدري انك لن تسقط الحكومة فقط وإنما ستقسم الحزب إلى قسمين؟

الإمام: لا أبداً أصلاً فكرة انقسام الحزب لم تكن في ذهني. أنا كان في ذهني أن يقر السيد محمد أحمد محجوب والإمام وكلهم أن الذي يسائل رئيس الوزراء هو الهيئة البرلمانية، وهذا فعلاً الكلام عن جيلين وفكرتين إلى آخره. المهم السيد محمد أحمد محجوب كان يساير هذا الخط الأبوي، ونحن نتحدث عن الخط المؤسسي.

منصور: بس السودان مهيأة الآن لخط مؤسسي؟

الإمام: نعم.. نعم! ما هو كما قلت لك الجيل الذي صنع الثورة في أكتوبر صار جيلا جديدا صار هو المسؤول، حتى نحن لما عملنا حاجة سميناها مؤتمر القوى الجديدة، أي القوى التي أفرزتها ثورة أكتوبر، فعندما كانت مجموعة هذه المآخذ أدت إلى الانقسام الذي أدى في النهاية إلى تحالف بيننا، وكنا نحن أغلبية الهيئة البرلمانية، وحزب السيد اسماعيل الأزهري.

منصور: حاجيلك للتحالف، لكن عاوز استوضح منك نقطة تاريخية. المحجوب صحيح طلب منك مهلة حتى يعود من نيروبي ويحل هذه المشكلة، ورجع فوجدك قلبت الدينا على رأسه؟ صحيح؟

الإمام: أبداً ولا حصل. أنا ما كان بيني وبين السيد المحجوب موقف تفاوض أصلاً، المشكلة كانت كما قلت لك بين الهيئة البرلمانية، والهيئة البرلمانية كان عندها رئيس السيد عبد الرحمن عمر. كانوا هم الذين يتفاوضون في الموضوع وليس أنا، وكانت الفكرة إنهم دايرين الاعتراف، ليس لأنهم يريدون تغيير محجوب، دايرين الاعتراف بأنهم هم عندهم هذه الصلاحية وهو يقول لهم لا هذه الصلاحية عند الإمام، يعني السيد محمد أحمد محجوب مع أنه ما في شك شخصية ليبرالية، كان على طول الخط يحتمي بالقرار الطائفي.

منصور: هناك كلام عن أنك أصبت بالغرور والنرجسية، وكنت ترى نفسك أكثر من الآخرين وهذا كلام وثيقة أمريكية، خليني أقولك إيه اللي قالوه.. من السفير إلى وزير الخارجية في ۱٤ يونيو ۱۹٦٦م. (يبدو أن أيام حكومة المحجوب رئيس الوزراء منذ سنة تقريباً صارت معدودة، وصار واضحاً أن التوقعات والبدائل التي أشرنا إليها في رسائل سابقة رست على أن الصادق المهدي رئيس حزب الأمة سيتحالف مع الحزب الوطني الاتحادي وسيسقط وزارة محجوب ويصوتان للصادق رئيساً
للوزراء في حكومة مع الاتحاديين. تقف بين الصادق المهدي وعمه عدة أسباب شخصية بالإضافة إلى صراع الأجيال والعقائد والنظريات).

الصادق: على كل حال، ليكن رأيهم، ولكن..

منصور: ما خليني أقول للناس رأيهم برضه..

الإمام: ما أنا بقولك رأيي. يعني الحقائق التي حصلت. كما رأيت، منذ قبل هذه التطورات كنت أنا الديمنو المحرك في العمل السياسي كما لاحظت ولذلك ما كانت هناك مسألة غرور كان هناك إنجاز..

منصور: بس انت بشكل سريع كدة بقيت زعيم وقائد في خلال شهور؟

الصادق: لا يا أخي.. أنا كنت منذ ٦٤

منصور: أيوة منذ ٦٤ ، ونحن هنا في ٦٦

الإمام: لا ليس ٦٤ ، منذ ٥۹ عندما تكونت الجبهة القومية الديمقراطية كنت أمينها العام وهذا ما جعلني أفاوض بالنسبة للديمقراطية، وأفاوض المجلس العسكري هذا كله من منطلق مؤسسي حتى قبل رئاسة حزب الأمة.

منصور: طيب خليني أقولك الامريكان كان شايفينك شكلك إيه وانت عمرك ثلاثين سنة. خليني أقولك، أنا بقول للناس.. فيه لك وعليك..

الإمام: كويس، انت بس اسمع كلامي.

منصور: أنا بسمع كلامك بس لازم أرى رأي الآخرين فيك لأن هذا تاريخ..

الإمام: أيوة قله، لكن يعني ما..

الجريدة

جريدة الجريدة الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 العدد 1532 الصفحة 9
جريدة الجريدة – الثلاثاء 29 سبتمبر 2015 العدد 1532 الصفحة 9

 

الحلقة السابعة الجزء الثالث والأخير

تُوثق قناة الجزيرة القطرية عبر ( برنامج شاهد على العصر) الذي يقدمه الإعلامي أحمد منصور للإمام الصادق المهدي، ولازالت الحلقات متواصلة وشيقة ولتسيير المتابعة رأت (الجريدة) نشر الحلقات ..وافق مكتب الإمام مشكوراً على ذلك وأرسل الحلقات محررة وهي جديرة بالإهتمام لمافيها من معلومات ثرة تتوفر لأول مرة.

أحمد منصور: ولد الصادق المهدي في العباسية بأم درمان في السودان في الخامس والعشرين من ديسمبر عام ۱۹۳٥م، والده هو الصديق المهدي مؤسس حزب الأمة وإمام الأنصار خلفاً لجده عبد الرحمن المهدي، التحق الصادق المهدي بداية في جامعة الخرطوم لدراسة الهندسة الزراعية لكنه تركها وانتقل لدراسة الاقتصاد والسياسة والفلسفة في جامعة أوكسفرد في بريطانيا، التي تخرج منها عام ۱۹٥۹م (الإمام تخرج في ۱۹٥۷ – المكتب الخاص للإمام)، انغمس بعد عودته للسودان في العمل السياسي، وكان من أبرز المناهضين لنظام عبود العسكري حيث تولى رئاسة الجبهة الوطنية الموحدة المعارضة (الجبهة القومية المتحدة- المكتب) للنظام العسكري حتى سقوطه في العام ۱۹٦٤م، شارك في صياغة ميثاق ثورة أكتوبر عام ۱۹٦٤م، كما اختير في نوفمبر من نفس العام رئيسا لحزب الأمة. انتخب رئيساً لوزراء السودان للمرة الأولى في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م وبقي في منصبه حتى منتصف مايو عام ۱۹٦۷م. ترأس الجبهة الوطنية المعارضة لنظام جعفر نميري بين عامي ۱۹۷۲م و ۱۹۷۷م. شارك في ثورة أبريل عام ۱۹۸٥م التي أطاحت بنظام نميري العسكري. انتخب مرة أخرى رئيساً لوزراء السودان في السادس من مايو عام ۱۹۸٦م، وبقي في منصبه حتى أطاح به الانقلاب الذي قاده عمر البشير في الثلاثين من يونيو عام ۱۹۸۹م، يتولى الصادق المهدي إمامة الأنصار علاوة على رئاسته لحزب الأمة. ولم يتوقف نشاطه السياسي بعد الإطاحة به. وقد أدى نشاطه السياسي لاعتقاله عدة مرات. نتابع في هذه الحلقة والحلقات القادمة شهادته على عصر السودان الحديث..

الإمام الصادق المهدي في حواره مع أحمد منصور:

آل المهدي كانوا ضدي مع رئاسة السيد محمد أحمد محجوب

الإتحاديون أيدوا سحب الثقة من المحجوب، وبعد سحبها منه تكون ائتلاف جديد..!!

من أكبر أخطاء الأمريكان أنهم لا يدركون الحقائق الثقافية والسياسية في المنطقة

الإمام الصادق المهدي في الحلقة السابعة من شهادته على العصر

الإمام: قل كلامهم، أنا..

منصور: (يرى الصادق المهدي أن محجوب ليس من عائلة المهدي وبالتالي لا يجب أن يقف في وجه زعيم من العائلة هو الصادق. يرى الصادق المهدي أن الحزب الوطني الاتحادي وهو الحليف يعاني أيضاً من سيطرة الجيل القديم بقيادة إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة وأن وصول الشباب إلى قيادة الحزب سيساعد شباب الاتحادي على الوصول إلى قيادة حزبهم أيضاً).. انت كنت تشجع الشباب حتى في الأحزاب الأخرى..

الإمام: نعم أنا حينما كونت حكومتي..

منصور: ان يتمردوا على قيادتهم..

الإمام: لا ما يتمردوا، ولكن كنت أرى هناك ضرورة لجيل جديد، وفعلاً حينما كونت حكومة أدخلت فيها قيادات من الحزب الاتحادي كان بعيداً لهم أن يعينوا باعتبار أن هناك سيطرة للحرس القديم..

منصور: (يرى الصادق المهدي نفسه زعيماً فريداً من نوعه، ليس فقط في السودان ولكن في الدول المجاورة. فهو ليس عسكرياً مثل عبد الناصر ولكنه درس في الغرب، و(عبد الناصر) لا يمكن اعتباره مثقفاً ولم يدرس في الغرب، عبد الناصر عسكري، ثانياً بالمقارنة مع السعودية هو أمير بحق، لكنه مثقف درس في الغرب ولم يدرس في المدارس الوهابية. بالمقارنة مع قادة سوريا والعراق يرى نفسه ليبرالياً وحتى تقدمياً ولكن في نظام ديمقراطي وليس في نظام انقلابي أو عسكري)..
الأمريكان كانوا بقولواعنك كدة وشايفينك كدة..

الامام: نعم وممكن يقولوا عني وهذا رأي الأمريكان، الأمريكان من أكبر أخطائهم لا يدركون الحقائق الثقافية ولا الحقائق السياسية في المنطقة، ولذلك وقعوا في أخطاء كبيرة جداً في تقييم هذه المسألة. حينما جاء الرئيس بوش عايز يخوض معركة احتلال العراق، كتبتُ له خطابا قلت له فيه إنك تستطيع أن تهزم الجيش في لمح البصر ولكن سيكون انتصاراً عسكرياً تعقبه هزيمة سياسية، لا تفعل ..وطبعا لم ينشغل بما نقول، أنا أعتقد انه هناك سوء فهم كثير،

منصور: الأمريكان قايلين كلام متوافق معك في منتصف يوليو في وثيقة أخرى، بيقولوا إيه؟ يقولوا يبدو أن ثلثي نواب الحزب يؤديون الصادق المهدي، هذا كلام صح ولا غلط؟

الإمام: نعم..

منصور: الأمريكان قالوا كلام صح أهو! (ويؤيد الثلث عمه الإمام، لذلك نتوقع خلال أسابيع قليلة سقوط وزارة محجوب الذي ظل يؤيد الإمام، وتحالف الصادق مع الاتحاديين لتشكيل حكومة جديدة برئاسته).

الإمام: نعم.

منصور: هنا توقع الأمريكان كان سليم مائة في المائة، وهذا ما تحقق.

الإمام: نعم. والأوضح من ذلك. أنا عندما سقطت حكومتي بتآمر من الحرس القديم.

منصور: لسة أنا حجي.. لسة حكومتك ما قامتش..

الإمام: لا ما انا جاييك..

منصور: لسة ما قامتش عشان تسقط، المحجوب للتاريخ بيقول حاجة ورد عليها. بيقول إنه بعد ما رجع من نيروبي طلب منك ان تلتقوا حتى رأب الصدع داخل الحزب وحتى لا ينقسم الحزب. وقالك يا بني انت لسة صغير أنا لو اخطات الشعب حيغفرلي خطأي ولكن انت لو اخطأت الشعب لن يغفر لك خطأك، ومع ذلك لقاك راكب راسك، وهو بيقولك: إنني مقتنع الآن أنك لا تصلح لرئاسة الوزارة، وقد تصبح رئيساً للوزراء يوماً ما، ولكن لن تدوم أكثر من تسعة أشهر، ويقول إن وزارتك
فعلاً ما دامتش أكثر من تسعة أشهر زي ما هو توقع.

الإمام: هذا كلام بعدي، كلام بعد ما حدث. لكن الحقيقة هذه قراءة غير صحيحة، لأن الذي حدث بالفعل أن حكومتي كانت..

منصور: (مقاطعاً) انت طلبت من محجوب صراحة أن يستقيل؟

الامام: أبدا ولا تكلمت أنا في هذه المسألة..

منصور: ولا راح له، ولا بعثت له مجموعة من آل المهدي يطلبوا منه أن يستقيل..

الإمام: ولا جاء من.. آل المهدي كانوا ضدي كما شرحت لك، آل المهدي كانوا مع رئاسة السيد محمد أحمد محجوب، ما في حد من آل المهدي كانوا يعتبرون أني في سن لا تسمح بأن أكون قائد ولا لحزب الأمة دعك عن رئاسة الوزارة. والدليل على ذلك كما قلت لك، حينما جاء تكوين حزب الأمة أسرتي اقترحت السيد محمد أحمد محجوب رئيساً، وهذا كله موثق هذا الكلام، لكن المهم بالنسبة لأدائي صحيح كانت هناك حالة من التأييد الشعبي العريض جداً، وكان هذا التأييد يصدح به عدد كبير جداً من الشعراء.

منصور: أنا لسة انا عندي هنا سؤال مهم. كيف رتبت مع إسماعيل الأزهري خطة الإطاحة بحكومة محمد أحمد المحجوب الذي كان يمثل جناح الإمام الهادي المهدي وكان يرأس الحكومة.

الإمام: الذي حدث هو أن نواب حزب الأمة طرحوا الثقة في السيد محمد أحمد محجوب.

منصور: كدة من الهوا ولا انت رتبت وخططت؟

الإمام: لا ما من الهوا، لأنهم كانوا قالوا له ما دمت تعتقد أن هذا القرار ليس عندنا نحن سنثبت لك أن القرار عندنا ولذلك طرحوا الثقة فيه.. الاتحاديون أيدوا سحب الثقة منه، بعد أن سحبت الثقة منه تكون ائتلاف جديد.. فالحقيقة هي أن الخلاف أصلاً بين محجوب والهيئة البرلمانية.

منصور: وانت براءة يعني؟!

الإمام: لا ما براءة، لكن الحقيقة انه انا مع فكرة ان الهيئة البرلمانية هي التي تنتخب وليس الامام. هذا هو الذي اتفقنا فيه مع الهيئة البرلمانية. والسيد محمد أحمد محجوب الذي هو زعيم ليبرالي هو احتمى بصلاحية الإمام ضد الهيئة البرلمانية، وهذا هو الذي أوغر صدر الهيئة البرلمانية فطرحوا الثقة فيه. طرحوا الثقة ليس في البرلمان في الأول. طرحوا الثقة في داخل الهيئة البرلمانية، سحبوها منه، ثم طرحوها في البرلمان.

منصور: من كتاب محمد أحمد محجوب (لم يدهشني أن يتابع الصادق المهدي دسائسه ضدي لا سيما بعد ما طلب انصاره في الحزب مني أن استقيل.. قلت إن المجلس التأسيسي هو الذي انتخبني ولن أستقيل إلا إذا سحب المجلس ثقته). هل كان هناك.. هل هي مجرد اسباب شخصية وعناد و..

الإمام: أنا في رأيي السيد محمد أحمد محجوب يغطي أخطاءه، أنا ما كانت عندي ضغينة معه ولا خلاف معه. الخلاف كما أوضحت لك مع الهيئة البرلمانية. وخطأه هو أنه احتمى بقرار الإمام في وجه الهيئة البرلمانية. ما كانت هناك مسألة شخصية بيني وبينه، وأنا عشان أدلل على ذلك، فهناك حاجة حصلت في المستقبل سأقولها لك الآن لأنها تكشف أنه ليست هناك عداوة..

منصور: لا إزاي ما فيش عداوة؟

الإمام: ما بقولك أنا.

منصور: في ناس تقوللي وانا اقولك في ناس تانية قالوا هناك عداوة.

الإمام: اسمع كلامي إذن قبل أن تقول لي كلام الناس.

منصور: تفضل.

الإمام: في سنة ۱۹٦۸ ومحجوب رئيس للوزراء للمرة الثانية ذهبت أنا وفي ذلك الوقت في المعارضة إلى بيروت. قدم لي هناك دعوة السيد صلاح الأسير، صديق السيد محمد أحمد محجوب.

منصور: ما انت رويت لنا دي قبل كدة.

الإمام: لا لم أروها، رويتها معك شخصياً لكن ما رويتها في البرنامج.

منصور: في البرنامج ما رويتهاش؟ في الاستماع يعني. اتفضل..

الإمام: أيوة.. داير أوريك انه ما في عداوة. السيد محمد أحمد محجوب حضر. صلاح الأسير صديقه عمل لي دعوة تكريمية في بيروت في فندق كارلنتون.

منصور: صلاح الأسير دة صحفي لبناني؟

الإمام: هو صحفي وشاعر لبناني، في الدعوة فوجئت بأن السيد محمد أحمد محجوب هناك، وهذا يدل على أنه ليست هناك عداوة ولا حاجة لكن هذا صديقه يكرمني، صديقه الذي هو صلاح الأسير. ولا هناك أي مفهوم عداوة. جاءني السيد محمد أحمد محجوب وقال لي يا فلان عندك مانع أشرب معك قهوة في غرفتك؟ (قلت له) مافي مانع تعال مرحباً وأهلاً، طلعت فوق جاءني في غرفتي، (قال لي) شوف يا فلان أنت تعلم أننا بصدد إصدار الدستور، وسيكون جمهورية رئاسية، ونحن كلنا اتفقنا على إبعادك، كل القوى، الحرس القديم، ولذلك وضعنا الحد الأدنى للمرشح ٤۰ عاماً، أنت ما عندك فرصة لتترشح بموجب هذا الدستور، وسيجاز هذا الدستور، أنا اقول لك لا عمك ولا السيد أزهري يصلحان لقيادة جمهورية رئاسية في السودان. أنا، أي هو، المؤهل لذلك، ومعي أهل المدن ومعي أهل الجنوب ينقصنا تأييدك، قف معي في هذا وأنا سأفوز، والدورة الثانية لك ستكون بلغت الأربعين، قلت له يا أستاذ أنا لا أعتقد أنك أنت لديك القدرات السياسية التي تدعيها أنت شاعر وأديب ودبلوماسي ولكنك لست سياسيا.

منصور: بمعنى كدة ان انتو كنتو متصارعين برضه والعداء بينكم كان مستحكم.

الإمام: لا أنا أقول لك مافي عداء. يعني بنتحاور هو جاء يعرض علي موقفاً مشتركاً..

منصور: ماشي ماشي كمّل..

الإمام: المهم رفضت، وهذا ضمن أشياء أخرى سأتكلم عنها حينما أتحدث عن انقلاب نميري سأتكلم عنها، المهم ما كانت هناك خصومة وهو كان يعلم، أي السيد محمد أحمد محجوب، أن المشكلة التي حدثت في حزب الأمة بينه وبين النواب وليست بينه وبين الصادق ولا حتى بين الصادق وبين الإمام.

منصور: (رغم تحالفه مع الإمام الهادي ضد الصادق، خرج محجوب من السلطة بعد اقتراح برلماني بسحب الثقة منه في يوليو عام ۱۹٦٦م، ولكن محجوب لم يترك الحكم دون أن يقول في الصادق المهدي ما قاله مالك في الخمر).

الإمام: هذا قاله بعد ذلك.

منصور: (نعت المحجوب خليفته في الرئاسة بالشاب المغرور عديم الخبرة وأبدى أسفه على أن الحكم أصبح ملكية عائلية يورثها الأب إلى الابن.. يدعو للحيرة تعليق الصادق لانقلابه على محجوب بحاجة الحزب والحكومة إلى دماء جديدة وهو التعليل الذي بررت به في العام ۲۰۰۲ بعض قيادات حزب الأمة، مبارك المهدي وصحبه، حملتها ضد الصادق). دة منصور خالد الذي لا يعجبك كلامه.

الامام: أيوة ما يا أخي هو في ذلك الوقت أسرة المهدي بقيادة الإمام مع محجوب وليست معي. ما داير تشوف الحكاية دي انت؟ عند هذا الصراع الكلام عن أسرة المهدي فالإمام الذي هو إمام الانصار ورئيس بيت المهدي كان مع محجوب وليس معي في هذا الصراع. والمدهش هو ذلك: أن في هذا الصراع السيد محمد أحمد محجوب محتمي بالعصبية الدينية، وكان مفروض هو بصفته رئيس الوزراء والشخص الليبرالي يكون طرحه مختلفاً. ما كان الصادق ممثل أسرة المهدي، كان ممثل الأنصار وممثل بيت المهدي يقفون في ذلك الوقت مع السيد محمد أحمد محجوب.

منصور: كيف رتبت الأمور مع إسماعيل الأزهري لتشكيل الحكومة الجديدة بعد ما نجحتما في إسقاط حكومة محمد أحمد محجوب؟

الإمام: اتفقنا على ميثاق أننا لازم نعطي أولوية للدستور، ولازم نعطي أولوية لحل مشكلة الجنوب، ولازم نعطي أولوية للإصلاح الاقتصادي، ولازم بموجب ذلك إذن أن نكون حكومة لا يدخلها الحرس القديم، وأنا أرجوك (أيها) السيد إسماعيل الأزهري، أن تختار للوزارة من الاتحاديين من يمثلون كادراً جديداً، وهذا ما أدى إلى (اختيار) عز الدين السيد، وموسى المبارك.. كادر جديد من الاتحاديين ما كان ممكن أن يدخلوا الحكومة لولا اتفاقي مع السيد إسماعيل الأزهري. فاتفقنا على هذا البرنامج واتفقنا على كادر جديد، ويستمر السيد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة، ويتكون الائتلاف بيننا في الحكومة.

منصور: هل كنت وعمرك ۳۰ عاماً فقط تملك المقومات والقدرة والمؤهلات التي تقود بها حكومة في السودان، رئيس وزراء السودان، شاب عمره ۳۰ عاماً فقط، في الوقت الذي كان يرأس الحكومات قبلك، من بعد الاستقلال على الأقل فطاحلة كبار السن: عبد الله خليل..؟؟

الإمام: طيب، هناك رد على هذا، يا أخي الكلام عن السن لا معنى له، الذي حدث بالذات عندما سقطت حكومتي الرأي العام السوداني المستقل: سيد أحمد نقد الله في الرأي العام، وحسن ساتي في آخر لحظة، هذه جرائد مستقلة قالوا سقطت حكومة أنجح رئيس و زراء مر على السودان..

منصور: أنا حجيلك لحكومة أنجح رئيس وزراء والأداء بتاعها، نبدأ به الحلقة القادمة أنك شكلت الحكومة في شهر يوليو عام ۱۹٦٦م، كيف شكلت الحكومة، مكوناتها، أدائها، والصراعات التي دخلتَ فيها.. شكراً جزيلاً لك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. في الحلقة القادمة إن شاء لله نواصل الاستماع إلى شهادة السيد الإمام الصادق المهدي إمام الأنصار في السودان، زعيم حزب الأمة ورئيس الوزراء السوداني الأسبق، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة لله وبركاته.

* رصد وتحرير وتحقيق المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي

الجريدة

تاريخ بث الحلقة السابعة في قناة الجزيرة يوم الأحد 6 سبتمبر 2015