الإمام الصادق المهدي في حوار مع اليوم التالي 2-2

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله

 

 

السبت 28 أبريل 2018

حاورته في القاهرة: صباح موسى

 

** لاشك أن الحديث مع الصادق المهدي زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار دائما يأتي بجديد، ولكن الحديث معه هذه المرة له أهمية أكبر كونه جاء بعد توجيه جهاز الأمن والمخابرات الوطني اتهامات له مؤخرا لاتصاله بالحركات المسلحة المدموغة بتهم الإرهاب والتجسس وتقويض نظام الحكم وغيرها من الاتهامات، التي تصل عقوبات بعضها للإعدام والمؤبد، ولذلك كان من المهم التعرف على تعليق الإمام على هذه الاتهامات وكيفية استعداده للدفاع عن نفسه فيها. التقينا المهدي بمنزله في القاهرة وبدا الرجل هادئا حيويا جريئا أراد من خلال الحوار معنا أن يوجه رسائل لاتجاهات عدة؛ للحكومة ولعبد العزيز الحلو وللقوى السياسية بالداخل، دافع عن نفسه، وتحدث عن كيفية هذا الدفاع، صوب هجومه بمقولة لكل (فعل رد فعل)، قائلا: نحن أيضا لدينا وسائلنا في الرد على الاتهامات (التي نفاها جميعا)، معاتبا الحكومة بأنه كان عليها أن تقدر موقفه كناصح بدلا عن اتهامه، أسهب المهدي في الحديث عن بقائه بالقاهرة وعن خياراته الأخرى، تحدث عن الحملة ضد الفساد، وعن عودة قوش وقضايا أخرى داخلية وإقليمية وفي ما يلي نص الحوار مع الصادق المهدي:

 

# في ظل العلاقات المميزة بين مصر والسودان هذه الأيام بعد زيارة البشير للقاهرة مؤخرا هل يمكن أن ترفض مصر بقاءك على أراضيها؟
شوفي.. السياسة فيها كل الاحتمالات، ولا يوجد شيء ثابت، أعتقد أن العلاقة بين الحكومتين المصرية والسودانية المحور الأساسي فيها أن في مصر الإخوان المسلمين مصنفون إرهابيين، وفي السودان هم مشاركون في السلطة، والنظام نفسه يعتبر الحركة الإخوانية حاضنة له، هذا رأيي ببساطة شديدة ولكل حادثة حديث.

# ألم تتصل بك السلطات في مصر بأن بقاءك بالقاهرة يمثل لها حرجا مع الخرطوم؟
لا لا… أصلا لا يوجد بيننا اتصال، ولم يتصلوا الآن، ولكن كل شيء ممكن، لن أستبق الأحداث، وأي من العقلاء في مصر يعلمون أننا الوزن الشعبي الأكبر في السودان، وإذا كانوا لسبب ما أرادوا أن يبيعوا هذا الموقف لصالح التعاون مع الحكومة فعليهم أن يعلموا أنها قامت على انقلاب إخواني، ويجب أن تعرف مصر موقفها من الحركات المسلحة لأنها ستكون لها رؤية ورأي في مستقبل السودان، ودول الجوار أدركت ذلك وتتواصل مع الحركات، وعلى مصر أن تعي ذلك، خصوصا وأنهم غير مصنفين إرهابين ولديهم اتصالات مع منطمات إقليمية ودولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

# وما تعليقك على التقارب الكبير الذي بدأ يحدث بين مصر والسودان مؤخرا؟
هذه ليست أول مرة، ما لم تحل القضايا التناقضية الأساسية بين البلدين، فهذا كله سيكون سحابة صيف.

# بالنسبة للوضع الداخلي هناك حملة كبيرة بقيادة الرئيس البشير للحرب على الفساد.. ما تعليقك على هذه الحملة؟
في رأيي الفساد في السودان للأسف عام، وقال المرحوم الزبير محمد صالح أتينا من أسر فقيرة وإذا رأيتمونا اتخذنا الأبراج والعمارات والسيارات فتأكدوا أن هذا مقياس لفسادنا، وفي رأيي لا يمكن الحديث الجاد عن الفساد إلا إذا وضعت هذه القاعدة (من أين لك هذا؟) لكل النظام، وليس لبعض الأفراد، فهم الآن يريدون في رأيي فكرة ذر الرماد في العيون، فإذا كان فيه موقف أساسي من الفساد فيجب أن يكون على أساس من أين لك هذا؟، منذ 30 يونيو 1989 حتى الآن، أما إذا أرادوا الجهات المعزولة، فنحن نعلم هؤلاء الناس كيف كانوا وكيف صاروا، ولا تقنعنا حملة ضد الفساد غير هذا، وبعدين كانت هناك مفوضية للفساد النظام لم يجزها، لأن هناك حصانة للدستوريين، والفساد أغلبه منسوب للدستوريين، فلن نقتنع بكباش فداء بل نقول توضع قاعدة (من أين لك هذا) وبناء عليها سنقتنع.

# ألا تعتبر ما يحدث في هذا الموضوع خطوة على طريق الحرب على الفساد؟
لا أبدا..

# في تقديرك لماذا يشن الرئيس هذه الحملة هذه الأيام؟
لأن الحديث عن الفساد طفح، ولأنهم رأوا الحملة في السعودية ويمكن أن يعملوا شيئا مشابها، فهي نوع من المحاكاة، وفي الأساس في رأيي لن تؤدي إلى نتيجة، لأننا نعلم كل شخص الآن في السلطة ماذا كان وماذا صار. لابد أن يحاسب كل الذين أثروا على حساب البلاد، وبعدين كل الفاسدين الآن عندهم جنسيات غير سودانية، وحسابات خارج السودان وعقارات وكل هذا معروف، إذا حدثت سياسة ولم تشمل هؤلاء جميعا فلن نصدق.

# وما تعليقك على عودة الفريق أول مهندس صلاح قوش مديرا لجهاز الأمن والمخابرات الوطني؟
البيان بالعمل، إذا عمل شيئا يدل على أنه حقاني يختلف عن الإدراة السابقة فنحن سنقول له أحسنت.

# (مقاطعة).. ألم تظهر بوادر لعمل قوش بعد، من إطلاق سراح المعتقلين وغيره؟
حتى الآن لا نستطيع أن نحكم عليه، وهذا النظام حقيقة يحكمه الرئيس البشير، ولا شك أن قوش في الماضي كان قد وضع خطة للإصلاح، وتكلم معنا فيها، مع أنه فطر معي يوم إعفائه وفي الظهر تم إعفاؤه، وكان يتحدث معي عن إصلاح، بأي صفة عاد؟.. أقول البيان بالعمل، وهناك ناس بيفتكروا أنه عاد لأن النظام يرى ضرورة الاستفادة من موقفه لدعم إعادة ترشيح البشير، وننظر له إلى أي مدى سيعمل عملا جوهريا، ما حدث إطلاق انتقائي للمعتقلين ولابد أن يحدث إطلاق شامل.

# ما تعليقك على خلافات المؤتمر الشعبي؟
في رأيي الشعبي حتى الآن لم يستقر على استراتيجية بعد وفاة المرحوم حسن الترابي، وحتى الآن في رأيي هناك إختلافات كبيرة جدا، وكل الأشياء التي كانت متعلقة بالحريات التي كان الشعبي يتحدث عنها الآن صارت مهدرة وغير موجودة، وهم يرون هذا الموقف ضدنا، ما هو رأيهم في هذه البلاغات الكيدية؟، في رأيي في ناس سترى أنها كيدية وفي ناس ستصمت، حتى لا يضر هذا موقفهم مع النظام، لا أدري ماذا سيفعلون، ولكن الموقف من هذه البلاغات مفصلي وسيبين لنا من الذين ماتت قلوبهم ونشطت جيوبهم، والذين في نهاية المطاف ينتصرون للحق، وفي رأيي هذا الموقف سيعمل انقساما ما بين من ماتت قلوبهم ونشطت جيوبهم والذين يتحدثون عن الحق ونصرة الحق.

# وكأنك تنتظر هذه المواقف؟
نعم سأتبين من مع الحق ومن ضده.

# البعض يرى أن الصادق المهدي بعد عودته من القاهرة للخرطوم أفل نجمه ولذلك أراد أن يخرج ثانية ليعود للظهور على الساحة من جديد.. بماذا ترد؟
(ضحك)… أنا لم أخرج لذلك أنا خرجت لمقابلة أمبيكي، وفي الخارج كان هناك لقاء نداء السودان في باريس، أما كون نجمي بالداخل قد أفل، فبالعكس أنا أفتكر كل الدلائل تدل على أن عودتنا الماضية كانت دليلا كبيرا جدا على شرعية موازية وقوية وأزعجت النظام جدا، ودائما شرعية النظام وشعبيته متدنية بسبب التدهور الاقتصادي والتحالفات الخارجية المتناقضة، على أي حال لا يوجد لدينا أي شك في أن موقفنا بعد عودتي تعزز واتضحت الشعبية والمواقف وهذه ليس ادعاءات، فهذه اللقاءات معلنة ومصورة.

# دعنا ننتقل لموضوع آخر.. ما تعليقك على فشل الاتفاق حول سد النهضة مؤخرا؟
السودان يجب أن يلعب دورا محوريا لأننا جار لدولتين (مصر وإثيوبيا)، ويجب أن يلعب السودان دورا فيه.. موقف لا ينحاز فيه، حتى يقدم آراء، فليس من المعقول أن يذهب النظام إلى إثيوبيا ويقول نحن عندنا علاقة استراتيجية مع إثيوبيا.

# (مقاطعة)… ربما هذا الحديث قديم بعض الشيء، نحن نتحدث عن الموقف الآن بعد التقارب المصري السوداني الملحوظ؟
من غير المفروض أن يقول السودان هذا الحديث، عموما أنا أتحدث عن موقف السودان الصحيح.

# هل تعتقد أن إثيوبيا بعد الإدارة الجديدة ستكون أكثر مرونة في مفاوضات سد النهضة؟
في رأيي في موضوع سد النهضة هناك موقف قومي موحد بإثيوبيا تجاهه، والسودان يجب أن يكون موقفه موقفا ساعيا للوفاق بين الطرفين دون انحياز.

# ما هي أجندة أعمالك في الفترة المقبلة؟
في الفترة المقبلة أرتب لنداء السودان والموقف السياسي في ما يتعلق بالمستقبل، لدينا فكرة عن عهد من أجل بناء الوطن، نريد أن نعزز هذا العهد، ونريد أن نعمل تشبيكا لنداء السودان داخل السودان وخارجه، ونريد ترتيب أنفسنا للعمل في ذلك، ونريد أن نؤكد مسعانا في نداء السودان لحلول مبنية على حوار باستحقاقاته كحوار جنوب أفريقيا، أو انتفاضة شعبية سلمية، وأن نعمل كل ما يمكن عمله بألا تتجدد أي عملية للمواجهات المسلحة، لأن هذا يضر القضية، وزملاؤنا المسلحون يعلمون أن أي نوع من التصرف لمحاولة حل المشاكل بالقوة سيجد منا معارضة.

# هل هناك اتصالات مع أمبيكي في إطار التفاوض؟
بعد لقائنا في باريس أرسلنا خطابا لأمبيكي بأننا على استعداد أن نلتقيه، وهو اتفق معي على حديثي وأنا كان علي أنا أتحدث مع زملائي حول هذا الإطار، ورددنا عليه بخطاب.

# سؤال أخير: ما تعليقك على تطورات الوضع في جنوب السودان؟
جنوب السودان فيه مشاكل كثيرة وتجربة دولة مستقلة به للأسف فشلت.

 

 

اليوم التالي