الحبيب الإمام الصادق المهدي يؤبن الشيخ حسن أبو سبيب رحمه الله

الشيخ حسن أبو سبيب
الشيخ حسن أبو سبيب رحمه الله

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

عطاء أبو سبيب فقيد السياسة القومية السودانية

الإمام الصادق المهدي

 

 

17/10/2019م

 

 

دعوة إبراهيم عليه السلام (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)[1] ، لحسن سيرته في مقبل الأيام. والحقيقة كما قال الإمام الشافعي:

قد ماتَ قـومٌ ومَا مَاتَتْ فضـائلُهم    وعَاشَ قومٌ وهُم فِي النَّاس ِأمْوات

كان رحمه الله فقيهاً أدرك مقولة ابن مسعود: كاد الشيطان للإنسان بمكيدتين لا يبالي بأيهما ظفر، الغلو والترك. فنهجه الفقهي نهج: خير الأمور أوسطها.

وكان صوفياً على نهج مقولة الإمام مالك: من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق.

وكان أديباً يتذوق الشعر والفن على نهج الإمام الغزالي: من لم يطربه العود وأوتاره والربيع وأزهاره فاسد المزاج ليس له علاج.

وكان اجتماعياً من الموطئين أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون مزاجه على نهج الحكيم:

الدينُ ليس تَجهُّما و عُبُوسا والدينُ ليس مظاهراً و طُقُوسَا
الدينُ إيمانٌ و فيضُ سَمَاحةٍ فاسْعَدْ و أسْعِدْ لا تَكُن مَنْحُوسَا

وكان رحمه الله من ركائز الوطنية التي تقاس بالموقف المبدئي المعارض للطغيان، فقد أيد ثورة أكتوبر، والثورة ضد الفرية المايوية، كما اتخذ موقفاً واضحاً من مداهنة الفرية الإنقاذية التي شوهت الدين ودمرت الوطن.

وكانت مواقفه السياسية تتجاوز الحدود الحزبية تطلعاً للوفاق القومي. مشاعر عبر عنها كلما لقيته، وفي آخر لقاء لي معه وهو في فراش الموت عبر بأقوى صورة عن تطلعه لوفاق قومي من أجل الوطن، وذكر لي الأمير عبد المحمود أبو، زميل حجته الأخيرة أنه حمله رسالة لي بأنه في طوافه دعى لنا بالتوفيق في فلاح الوطن.

السودان يواجه الآن نذر استقطاب بين راديكالية مجافية، وانكفائية تحمل كل ملامح الداعشية.

هذا ملعب الشيطان الذي قال ابن القيم: ما أمر الله – تعالى- بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو ولا يبالي بأيهما ظفر، وكلاهما تغذي بعضهما بعضاً.

في مثل هذا المناخ المهدد لسلامة الوطن، فإن البلاد أحوج ما تكون لأمثال الشيخ حسن رحمه الله، ليتنادى الوطنيون لتكوين جبهة قوية للتصدي للغلاة وحماية أهداف الثورة التي يرجى أن تعبر بالسودان إلى مرحلة تاريخية جديدة، سوف تعبر بالمنطقة كلها نحو الحرية والعدالة الاجتماعية إن شاء الله.

الشيخ حسن أبو سبيب رحمه الله من حداة هذا الركب وإن لم يشهد طلوع شمسه.

ليهنأ في عليين مع الصالحين، ولأسرته الخاصة السيدة نعمات، وابنيه: أحمد وأيمن، وبنته إيمان، وسائر أفراد أسرته حسن العزاء في أن الفقيد في رحاب ربه، ومآثره في قلوب قومه. (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ)[2] . وللجنة المحضرة وللمحاضرين وللحاضرين جزيل الشكر. ففعل الخير صدقة، وللمشاركين حسنة.

 

 

والسلام.

 

 

__________________________________________________

 

[1] سورة الشعراء الآية رقم (84)

[2] سورة الذاريات الآية رقم (15 و 16)