الحبيب الإمام الصادق المهدي يحكي قصة هجرته في عملية تهتدون

الإمام الصادق المهدي في برنامج مصر في يوم
دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي
دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله المنتخب ورئيس الوزراء الشرعي للسودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي

إرتبط الإمام الصادق المهدي زعيم الأنصار بالكثير من الأحداث التي لعبت دوراً أساسياً في إحداث نقلة سياسية كبرى على المستوى الحزبي والتنفيذي. وشاءت الظروف أن يكون هو أيضاً رئيس الوزراء، حتى 29 يونيو 1989م ليجد نفسه صباح اليوم التالي مُطَارداً من قبل قوات الانقلاب بقيادة العميد عمر البشير.. الكثير من الإتهامات وجهت اليه إبتداءاً بلا مبالاته وإهماله للجيش في الجنوب، واستبعاده للإنقلاب برغم المؤشرات والمذكرات، وبرغم التهديدات التي تؤكد إحتمال الإنقلاب التي وجهت إليه.. وقد تحدث من قبل مفسراً ومبررا،ً إلا أن رئيس الوزراء السابق يقدم في هذا الحوار مرافعة قوية، تكشف المزيد عن الأسرار !!! كيف خدع الإسلاميون العالم ؟ بمن فيهم أمريكا ومصر- أحداث ليلة الانقلاب، وكيف خرج الإمام من منزله ونجا من تصفية الإسلاميين، كلها تحدث عنها بشفافيةٍ داخل هذا الحوار..

حوار فاطمة أحمدون

ما هي الظروف التي سبقت قرار هروبك لخارج السودان بعد الخروج من الإعتقال؟

حقيقة تجربة الإعتقال كانت قاسية، وأنا في انتظار مقابلة ضابط الأمن المسؤول طلب مني أحد عساكر الأمن بصورة مستفزة الجلوس في الشمس حتى يؤذن لي بالدخول، وهذا التصرف قاد لنقاش حاد وصل إلى درجة أن قلت له « يا جاسوس يا قليل الأدب» فأتجه إلى غرفة تضم كل رؤساء أقسام جهاز الأمن برئاسة صلاح قوش، ويبدو أنه كان يتلقى تعليمات منهم، وعند دخولي شرع قوش وفريقه في التحقيق معي متغاضين عن النقاش الذي دار مع العسكري قبل دخولي ولذلك رفضت الإجابة على الأسئلة التي كانوا يطرحونها عليّ واصريت على عدم الرد حتى يعتذروا لي.

ما هي طبيعة الاسئلة التي كانت توجه إليك؟

دائماً ما تكون الأسئلة مستفزة مثل «اسمك منو؟» و كلها اسئلة يقصد بها تحقير الشخص الذي يستجوبونه ولعلمي بذلك اكتفيت بالصمت والنظر إلى السقف!! وعندما «احتاروا» معي سألوني ما الأمر أخبرت قوش بأنني لن أتحدث حتى يعتذر لي ذلك العسكري وهذا ما تم فعلاً وبعد ذلك بدأ التحقيق معي.

ما هي قصة هذا التحقيق وما الذي فهمته من خلال هذا الإستدعاء؟

التحقيق والاسئلة كانت حول التجمع الوطني الديمقراطي بالخارج وأراد قوش أن يرسل لي رسالة بأنني سأكون «رهينة» للعمل الذي يحدث من التجمع بالخارج، ولهذا السبب وجهت سؤال مباشراً لصلاح قوش وقلت له «هل أنا رهينة» واجابني قوش بصورة مباشرة وقال لي «أي رهينة مقابل الشغل الحاصل برَّا ده» وفي تلك اللحظات قررت الخروج من السودان، لأنني سأدفع ثمن تصرفات الآخرين، ولكن كانت هناك مشكلة، وهي أنني كنت متابعاً بـ«بوكس» الأجهزة الأمنية في الخروج والعودة ومفروضة عليّ رقابة مشددة.

كيف خططت للخروج في ظل هذه الرَّقابة المشددة! و أنت بسجن كوبر؟

الهروب من كوبر بطريقة غير قانونية لم يكن سهلاً ويحتاج إلى تخطيط، لكن حدث أمراً كان سبباً في إطلاق سراحنا، وهو محاولة اغتيال حسني مبارك الرئيس السابق لمصر و «الجماعة هنا كانوا متورطين» وساندوا الجماعة الاسلامية في مصر التي قامت بالمحاولة بتقديم تسهيلات وتأجير المنازل، وبعد فشل المحاولة، أجرت الأجهزة الأمنية تعديلات بتغيير «الطاقم الأمني» واستبداله بآخر كان في ذلك الوقت رئيساً لجهاز الأمن هو نافع علي نافع فتم إستبداله بالفريق الهادي عبد الله من القوات المسلحة الهادي عبد الله أصدر قراراً باطلاق سراح كل المعتقلين بدون قضايا، فتم اطلاق سراحي من كوبر «مصائب قوم عند قوم فوائد» الحكومة أرادت أن تخفي الأثر! فكان سبب خروجي، ولكن ظلت المراقبة مشددة عليّ وعلى منزلي.

اذاً كيف تمت عملية الهروب؟ يقال إن ابنك عبد الرحمن هو من دبر عملية الخروج؟

خطة الخروج والتي أطلقنا عليها «تهتدون» بدأت بأن كلفت عبد الرحمن الصادق باختيار 25 شخصاً من جهازنا السِّري لتنفيذ العملية دون أن يعرفوا إلى أين يذهبون فقط يخبرهم بأن لديهم مأمورية، بعد ذلك ذهب عبد الرحمن واستطلع طريق الوصول لاثيوبيا خاصةً، وأنه كانت هناك شائعات عن وجود ألغام في الحدود الاثيوبية السودانية، حيث أن العلاقة كانت متوترة بين البلدين في ذلك الوقت عبد الرحمن قام بمهمة التأكد من سلامة الطريق بنفسه، ولأننا توقعنا أن يحدث هجوم قمنا بتسليح المجموعة المختارة والذين سيقومون بتنفيذ العملية معنا حتى إذا اضطررنا للقتال سنقاتل.

من أين تحركتم؟

أنا أصلاً «عندي بيتين دا واحد، وفي ود نوباوي واحد» فحيثما أكن «بايت تكون عربة الأمن بايتة» وإن ذهبت العربة يظل أفراد الجهاز موجودين ولكن «ديل طلعوا دراويش» ساكت لأنهم اعتادوا أن يتابعوا عربتي، وخطة «تهتدون» كانت تتطلب أن أخرج بسيارة أخرى، وفعلاً خرجت بسيارة «مرسيدس بيضاء» وكنت أرتدي زي رياضي «لبسة رياضة» والسيارة كانت حسب الخطة تتجه لبحري.

.. مقاطعة لمن كانت هذه السيارة؟

لا أود ذكر اسمه.

اذاً السيارة وصلت بحري ولم يتبعها أحد؟

هذا ما حدث.. لأن حسهم الأمني متخلفاً، فكيف لهم بأن ينتبهوا لذلك.

كم كانت الساعة لحظة الخروج؟

خرجت في الثالثة صباحا،ً وهو أمر ملفتاً للنظر إلا أنهم لم يتبعوا السيارة رغماً عن كل ذلك.

ما شكل العربة التي كانت بانتظارك ومن كان يقودها؟

العربة «بوكس» وتنتظر ببحري وكان يقودها عبد الرحمن الصادق.

ماذا عن الـ 25 شخصاً أين كانوا ينتظرون؟

كانوا ينتظرونا «قدام» ويستغلون «بوكس» أيضاً وجاهزين بانتظارنا حتى قابلناهم.

بعد أن تقابلتم إلى أين اتجهتم؟

اتجهنا نحو شندي ثم تحركنا بعد ذلك شرقاً، وتمكنا من السير وهذا ما يدهش في الأمر لأن الرقابة كانت مشددة.

هل تعني أنه لم يتم ايقافكم بنقاط التفتيش رغم عددها الكبير بطريق شندي؟

لأن الوقت كان شتاءً ،والجو كان بارداً جداً، لذلك عساكر تلك النقاط إما أنهم نائمين أو «مكرفسين» بالداخل من البرد، لكن في أحد نقاط التفتيش ظهر لنا «واحد كسلان جداً» وطلب من عبد الرحمن البطاقة، وبدلاً من أن يعطيه بطاقته أعطاه بطاقة «أبكر».

من هو أبكر؟

هو أحد «ناسنا الشغالين معانا» ولو دقق فإنه سيكتشف الفرق! ولكنه قال لعبد الرحمن «أمشي» إحتمال «عبد الرحمن بطاقتو ما كانت معاهو ولا شنو ما عارف».

ومن الممكن أن يكون عبد الرحمن الصادق قصد بذلك التمويه؟

جائز.

حدثنا كيف سارت الرحلة بعد ذلك ألم تواجهكم عقبات؟

أبداً.. لم تعترض طريقنا أي عقبات وكأنها رحلة صيد حتى وصلنا الحدود الاثيوبية، ودخلناها وهكذا نجحت عملية «تهتدون».

من أطلق على عملية الهروب هذه اسم «تهتدون»؟

أنا أطلقت عليها «تهتدون» ودائماً اسمي كل شيء من القرآن الكريم «لعلكم تهتدون» ورد ذكرها في القرآن الكريم كثيراً وعند العودة أطلقت عليها «تُفْلِّحون».

الليلة قبل الخروج ألم تخبر أحد الأصدقاء بأنك ستغادر في اليوم التالي؟

استدعيت علي حسن تاج الدين وأعطيته ثلاثة خطابات ليسلمها البشير والترابي وأحمد المهدي في اليوم التالي لخروجي.

ما هو محتوى هذه الخطابات؟

قلت للبشير والترابي أنتم قهرتم النَّاس، ووضعتمونا في موقف «من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» ولكن في أيَّ وقت ربنا يهديكم نحن على إستعداد لايجاد مخرج من هذا الوضع وإلى أن يحدث ذلك سنظل نُعَارِضُكم.

هذه رسالتك للبشير والترابي فما هي رسالتك لأحمد المهدي؟

قلت له أنا سأخرج «برَّه السُّودان» وأرجو منك أن تواصل رعاية الأنصار.

هل تأكدت من وصول هذه الرسائل للأشخاص المعنيين؟

نعم.. علي حسن تاج الدين سلمها في اليوم التالي لخروجي وهو يوم الثلاثاء حيث أنني خرجت يوم الاثنين.

يقال إنك استخدمت «حيلةً» أخرى للتمويه!! بأن قدمت دعوة زواج إبنتك «رباح» في نفس يوم خروجك؟

– «الغريبة» إن ما حدث لم يكن مخططاً له، فزواج رباح كان مفترضاً أن يكون قبل ذلك، ولكن توفى شخص من «أهلنا» فاضطررنا للتأجيل حتى نرفع «الفراش» وصادف اليوم نفسه يوم خروجي من السودان وحضر المدعوين وتفاجأوا بعدم وجودي لأن الدعوة كانت موجهة مني، وفي تلك اللحظات كنت بأسمرا والجميع يبحثون عني فخاطبتهم من فضائية أسمرا.

آخر لحظة