الداء في مسلمين والدواء في الصحوة

الإمام الصادق المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الداء في مسلمين والدواء في الصحوة

الإمام الصادق المهدي

24/4/2019م

 

هنالك عشرة أخطاء في فهم الرسالة الخاتمة، رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، صارت مدخلاً لسوء الفهم، ولسوء الاستغلال، وواجب الملهمين والمجتهدين بيانها وإنقاذ الأمة من آثارها، هي:

  1. الفهم الظاهري وليس التدبري للقرآن.
  2. فهم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
  3. الخلط بين الثابت والمتحرك في النصوص.
  4. قدوية وقدسية التاريخ.
  5. فقه الجهاد.
  6. مسألة الخلافة ووحدة الأمة.
  7. التعامل مع المستجدات.
  8. جدلية النقل والعقل.
  9. الدين والقومية والوطنية والعالمية.
  10. المهدية، والعيسوية.
  • فهم القرآن:

كان القرآن وحياً للنبي صلى الله عليه وسلم لا إملاء وقد عبر عن ذلك بقوله: “إنّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي”[1]. وهو ما تدل عليه الآية: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)[2] من باب إبلاغ المعنى كما قال السيوطي في الإتقان.

لا ينبغي أن يفهم القرآن بالظاهر لأن فيه المحكم والمتشابه، لذلك قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[3].

  • فهم السيرة النبوية:

كثير من كتاب السيرة قاسوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم على سيرة إسرائيلية جعلتهم غزاة لإمتلاك أرض آخرين كما في التوراة. النبي صلى الله عليه وسلم ليس غازياً بل أهم حلقات انتصاره كانت سلمية. هكذا فتحت المدينة بالقرآن، واستميلت الجزيرة العربية أثناء عامي صلح الحديبية، وفتحت مكة سلمياً بتعبير النبي صلى الله عليه وسلم: “الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ”[4] مقابل مقولة من قالوا اليوم يوم الملحمة. وصدر عفو عن المخالفين بعبارة الطلقاء.

وآخرون جاروا بالسيرة النبوية سيرة عيسى عليه السلام، وسيرة عيسى كلها معجزات. بينما سيرة محمد صلى  الله عليه وسلم كانت بنص الآية (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَۚ)[5].

كذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم المرسلين، ما يعني استخلاف الأمة في حمل رسالة الدين.

والنبي صلى الله عليه وسلم كان كامل الإنسانية، وخطابه للإنسانية جمعاء، ولكل الزمان أنه الرسول الإنسان للإنسانية كافة. هذا المعنى ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ، وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ فَأَنَا أَوْلاكُمْ بِهِ، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَنْفِرُ مِنْهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ[6]. وعلى نفس المعنى قال الإمام علي: “أَيُّهَا النَّاسُ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ”[7]. ينبغي أن تروى وتفهم السيرة النبوية على أساس محمد الإنسان رسول الإنسانية كلها ولكل الزمان.

  • الثابت والمتحرك في النصوص:

النصوص المتعلقة بالتوحيد، والنبوة، ومكارم الأخلاق، والأركان الخمسة، والمعاد ثابتة توجب الاتباع. أما النصوص المتعلقة بولاية الأمر، والمعاملات فهي متحركة وتتطلب فهماً اجتهادياً ومراعاة واقع الزمان والمكان، والتزاوج بين الواجب والواقع. ولاية الأمر ليست إلهية كما ظن الخوارج في فهم قوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ)[8]. الإمرة فيما يتعلق بالاختيار والمساءلة والشفافية فإنها بشرية وليست إلهية كما جاء في خطبة أبي بكر رضي الله عنه لدى ولايته: “وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم (ومعلوم أنها ولاية بشرية نتجت عن مداولات يوم السقيفة)، فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني (المساءلة)، الصِدْقُ أمانةٌ والكَذِبُ خِيَانَةٌ (الشفافية)”، وهلم جرا.

عبارة الحاكمية لله، وولاية الفقيه، عبارتان تجعلان ولاية الأمر إلهية بينما هي بشرية، وصارتا مدخلاً للاستغلال السياسي، بمعنى فئة تحتج بالحاكمية وولاية الفقيه للسلطان السياسي. ولاية الفقيه اجتهادية وفي المسائل الشعائرية، أما فيما عداها فالولاية للأمة.  والحاكمية في ولاية الأمر للناس عن طريق الشورى وليست إلهية.

  • قدوية وقدسية التاريخ.

ينبغي فهم تاريخنا فهماً يستخدم الوسائل العلمية من علم نفس وعلم اجتماع وعلم تاريخ وعلم آثار.

هذا الفهم يبين حقائق التاريخ وما فيه من صواب وأخطاء للاقتداء بالصواب وتجنب الأخطاء. فالصحابة رضى الله عنهم بشر اتسموا بالفضائل وجلائل الأعمال، كذلك وقعوا في أخطاء، الواجب أن نتعامل مع كل التاريخ بما يحدد الصواب للقدوة وما يحدد الخطأ لتجنبه. : أما ما حدث بينهم من نزاعات فلا ينبغي أن يترتب عليها ما يقسم المسلمين ويسبب تشاحنهم اليوم، بل ينبغي الاحتكام لقوله تعالى:  (تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

  • فقه الجهاد:

جهد مصدر الإنجاز، فالجهاد هو بذل الواسع لإعلاء كلمة الله. والاجتهاد هو بذل الوسع لمعرفة الواجب والإحاطة بالواقع والتزاوج بينهما. والجهاد في أصله سلمي يبدأ بجهاد النفس لاستقامتها. ويتناول بذل كل الإمكانات السلمية لنصرة الحق كما قال تعالى في أمر القرآن: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)[9]. ولا يكون الجهاد قتالياً إلا في حالة مواجهة اضطهاد دعوة الدين والدفاع عن النفس كما قال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)[10]. وظلم للإسلام أن يقال إنه انتشر بحد السيف فالله قال: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ)[11]. استخدام القوة لنشر الدين باطل. والقاعدة: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ)[12].

الأصل في الجهاد أنه مدني لاستقامة النفس، وسلمي لاستخدام الإمكانات البشرية من تعبئة ومال وفكر للدعوة الدينية، أما القتال فدفاعي، وتربوي استعداداً للدفاع، وليس لما يدعي بعضهم من قتال لنشر الدعوة ويسمونه جهاد طلب.

  • مسألة الخلافة ووحدة الأمة:

لا يوجد نص في القرآن ولا في المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلافة، لذلك اختلف الصحابة اختلافاً واسعاً حول الخلافة. وبالنسبة للخليفة الأول، أي أبو بكر رضي الله عنه، فقد كانت الخلافة فلتة كما وصفها عمر رضى الله عنه، ومع ذلك اختلف في أمرها من كانوا يرون أن علي رضي الله عنه أولى بها، ومن كانوا يرون أن سعد بن عبادة أولى بها. إذن الأمر ليس توقيفياً بل اجتهادي. ولأن الأمر خلافي فإن خلفاء العهد الأول ماتوا غيلة، اغتيلوا. ثم صارت ولاية الأمر في العهود التالية الأموية، والعباسية،  والعثمانية ملكاً عضوضاً بمعنى إن خالفته عضك. واعتمد على قاعدة التغلب لا الشورى. تلك التجارب لا يصلح الاقتداء بها أبداً.

الشورى أي المشاركة، والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون،هي المبادئ الصالحة لاتباعها في ولاية الأمر. والتجارب الإنسانية النيرة أثمرت آليات كما في الديمقراطية لممارسة المشاركة والمساءلة والشفافية ولسيادة القانون ينبغي استصحابها في هذا المجال.

وحدة الأمة الإسلامية لم تدم أكثر من 10% من عمر الأمة، بعدها وقعت انقسامات قومية ووطنية. والولاءات القومية والوطنية تشكل الآن جزء لا يتجزأ من واقع شعوب الأمة. الممكن الآن هو تحقيق وحدة تعاهدية بين قوميات وأقطار الأمة توفيقاً بين الواجب الاجتهادي والواقع.

  • التعامل مع المستجدات:

بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم صارت الأمة هي المستخلفة على أمر الرسالة، وفي كتاب الله دلائل على هذه الوظيفة قال تعالى: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ)[13]. وقال: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ)[14] وقال: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ)[15]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ”[16].

تأهيل هؤلاء ليس كهنوتياً ولا وراثياً، بل إلهامي وعقلاني لكي يتعاملوا مع المستجدات من باب تغير الفتوى بأحوال الزمان والمكان والحال. هذا الاجتهاد ليس مقيداً بالمنطق الصوري، أي القياس والإجماع. ففي أمر القياس لا يمكن التطابق وفي أمر الإجماع فهو مستحيل، ولكن مداخل الاجتهاد المجدي هي الاستصلاح، والاستصحاب، ومراعاة مقاصد الشريعة. فمن مراعاة المقاصد- مثلاً- العدل ههنا قال ابن القيم: كل ما تحقق به العدل من الشريعة وإن لم يرد به نص. ومن مقاصد الشريعة عدم التناقض مع حقائق علمية – مثلاً- قال الرازي بوجوب تأويل النص القرآني إذا عارض حكماً قطعياً من العلم – مثلاً- (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)[17]. تأويل ذلك يكون بحسب رؤية العين.

إن في الكون سنن تقوم على حق: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ)[18]. السنن الكونية الطبيعية والاجتماعية هي من آيات الله في الكون وتمثل كتاب الله المنظور.

إذا وقفت العلمانية عند هذا الحد فهي مشروعة. ولكن بعض نسخ العلمانية الرائجة كفلسفة لا تقف عند هذا الحد بل تتجاوزه، فتقول ببطلان ما لا تدركه الحواس أي الغيب وهذا هو عيبها، ففي الواقع أمور لا تدركها الحواس ويتناولها علم الباراسيكولوجي. هنالك غيب لا تدركه الحواس بل الوحي والوحي الأصغر: الإلهام.

الأيديولوجية العلمانية محقة في الاحتجاج بحقائق علوم الشهادة باطلة في حكمها على الغيب.

الشيوعية محقة في أهمية العامل المادي في الحياة، وتأثير هذا العامل في الولاء الطبقي، ولكنها باطلة في اعتبار كل شيء عائداً للعامل المادي. ومحقة في تأثير الولاء الطبقي في حركة المجتمع، مبطلة في اعتباره العامل الأوحد.

البعثية العربية محقة في أهمية الانتماء القومي، ولكنه ليس العامل الأوحد في الانتماء. فثمة الانتماء الديني والانتماء الوطني فهي حلقات تتكامل، ولا يجوز للبعض أن يدعي الكل.

وللأفريقانية كانتماء لقارة تجمع بين سكانها عوامل معلومة، ولكن ربطها بانتماء إثني باطل فهي قارة تتساكن فيها إثنيات كثيرة.

  • جدلية النقل والعقل:

النقل متعلق بقطعيات الوحي وهو مجالها، ومصدره الوحي. وللعقل مجاله فيما يدركه العقل.

التناقض ينشأ عندما يتجاوز النقل مجاله في حقائق الوحي، ويحاول فرض وصاية على مدارك العقل. أو عندما يتجاوز العقل مجاله ويتحكم في أمور غيبية.

جدلية النقل والعقل تتطلب معادلة على نحو ما قدمه أهم فلاسفة الغرب، عما نويل كانط، في كتاب “نقد العقل النظري” وهو متعلق بقطعيات عالم الشهادة. وكتاب “نقد العقل العملي” وهو متعلق بالواقع الذي لا تدركه الحواس.

عندما حاولت السلطة الدينية في الغرب فرض وصاية على المعارف العقلية نشأت العلمانية كثورة ضد هذه الوصاية. وعندما حاولت العلمانية فرض أمرها نشأت الأصولية الدينية كثورة ضد العلمانية، المطلوب إذن وقف كل في حده.

هنلك سبعة حواضن للتطرف على الصعيد الفكري يمكن أن تلتهب وتحدث العنف هي:

  • العقيدة الإسلامية الماضوية التي تأسر الحاضر والمستقبل للماضي، وتلحق المعاملات المتحركة بالشعائر المتحركة.
  • العقيدة الإسلاموية التي تنزع ولاية الأمر من ولاية الأمة، وعبر الحاكمية أو ولاية الفقيه تجعلها إلهية.
  • العلمانية التي تتجاوز مجالها وتنكر الغيب.
  • العروبة التي تجافي الولاءت الدينية والوطنية واستحقاقات القوميات الأخرى.
  • الشيوعية التي تحصر قيمة الأشياء في المادة وتحصر الولاء في الطبقة الاجتماعية.
  • الأفريقانية التي تؤسس ولاءها على الإثنية.
  • الوطنية الشوفينية التي تنكر مشروعية الولاءات الأخرى.

كل هذه المعتقدات والفكرويات تحتوي على حقائق، ولكنها من الحقيقة الواحدة تنفي حقائق أخرى، كالمسيخ الدجال: إنها تنظر بعين واحدة. علينا أن نقر لها بما فيها من حقيقة وأن نتجاوز نظرتها الأحادية.

  • الدين والوطنية والقومية والعالمية:

الوطنية بالفهم الصحيح تقوم على ولاءات مشتركة، وفي النظام الدولي الحديث فهي لبنة تؤسس للمعاهدة بين الدول من أجل السلام والتعاون في كافة المجالات. ولكنها ينبغي أن تفسح المجال لولاءات قومية ودينية ودولية أوسع.

كذلك القومية ينبغي أن تتكامل مع الوطنية، ومع الولاء للأمة الإسلامية، وأن تتعايش مع القوميات الأخرى.

والأفريقانية ينبغي أن تتجنب الاستقطاب الإثني.

الولاءات الأوسع تتجسد في تكامل تعاهدي في المجال القومي والإسلامي والأفريقي. تكوينات تعاهدية تتم في مظلة تعاهد دولي واسع يتجاوز التعاهد الدولي الحالي لأنه ناقص العدالة.

  • المهدية والعيسوية:

هنالك عشر مدارس حول المهدية أهمها مدرسة سنية تقول إن المهدي ذا صفات معينة وسوف يظهر في آخر الزمان، ومدرسة شيعية اثنى عشرية.

التطلع لمهدي يآتي آخر الزمان يؤجل الإصلاح الديني لأجل غير مسمى، والأهم من ذلك فإن ظهوره آخر الزمان غير مجد بالمفاهيم الإسلامية لقوله تعالى: (فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ)[19] وقال: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ)[20].

أما المهدي الشيعي وهو الإمام محمد الحسن العسكري الذي غاب منذ 14 قرناً، وسوف يأتي هو نفسه مهدياً فاعتقاد يجافي طبيعة الأشياء، ويجافي حقيقة القرآن في قوله: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)[21]. ولكن وظيفة الهداية مكررة في نصوص الوحي إذ قال تعالى: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ)[22]. وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[23].

ومع أن النبوة ختمت، فإن باب الإلهام موجود باستمرار. إن مهدية الإمام محمد أحمد المهدي في السودان حررت عقيدة المهدية من الشخصنة، ومن توقيت آخر الزمان، وربطتها بوظيفة إحياء الكتاب والسنة، وقد احتج لها بقوله تعلى: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ)[24].

والعيسوية كذلك هي وظيفة إقبال الأمم على اعتقاد ديني يشبع الجانب الروحي والأخلاقي، ويعترف للإنسانية بكرامة لإنسانيتها. هذه العوامل متوافرة في الرسالة المحمدية. محمد صلى الله عليه وسلم إنسان كامل الإنسانية بلا جانب غرائبي، ورسالته بالفهم الصحيح تخاطب الإنسانية كلها والزمان كله. هذه وظيفة العيسوية التي سوف نبين حيثياتها في كتاب محمد صلى الله عليه وسلم: الإنسان رسول الإنسانية. العيسوية إذن وظيفة اتحاد روحي بين البشر بمرجعية من رسالة خاتم المرسلين عليه السلام.

[1]  رواه الألباني

[2] سورة الشعراء الآيتان (193، 194)

سورة محمد الآية (24)[3]

[4] رواه البخاري

[5] سورة الإسراء الآية (59)

[6]  رواه أحمد

[7] رواه البخاري

[8] سورة يوسف الآية (40)

[9] سورة الفرقان الآية (52)

[10] سورة الحج الآية (39)

[11] سورة البقرة الآية (256)

[12] سورة النحل الآية (125)

[13] سورة الأنعام الآية (89)

[14] سورة آل عمران الآية (104)

[15] سورة لقمان الآية (15)

[16] رواه البيهقي

[17] سورة الكهف الآية (86)

[18] سورة الحجر الآية (85)

[19] سورة غافر الآية (85)

[20] سورة الانعام الآية (158)

[21] سورة الزمر الاية (30)

[22] سورة الانعام الاية (89)

[23] سورة المائدة الاية (54)

[24] سورة لقمان الاية (15)