الشروط المثلى لعلاقات عربية أوربية

بسم الله الرحمن الرحيم

بيت العرب بمدريد: حديث الإمام الصادق المهدي

 حول: الشروط المثلى لعلاقات عربية أوربية

 

يونيو 2009م

 

إنني ممتن “لبيت العرب” في مدريد على دعوته لي للوقوف على أنشطته وللتحدث إلى جمهوره في موضوع “الشروط المثلى لعلاقات عربية أوربية”.

وعلى سبيل التقدمة، أجد من المناسب أن أقدم لكم نقاطا مختصرة من سيرتي الذاتية.

أنا قادم من أسرة حاكمة ومع ذلك ومنذ دخولي للمشاركة في السياسة فإني لم أتقلد منصبا دون انتخاب حر. لقد شاركت في الإطاحة بنظامين استبداديين حكما السودان، وقدت حزبي مرتين للفوز بالانتخابات العامة وانتخبت مرتين رئيسا للوزراء. قدم حزبي تقريبا كل أفكار التسوية الكبرى بحثا عن حل سلمي للحرب الأهلية في السودان، تلك الأفكار هي: أن النزاع هو نزاع سياسي وثقافي ولا يمكن حله بالوسائل العسكرية، يجب أن تكون المواطنة -لا الهوية الدينية – هي أساس الحقوق الدستورية في السودان، يجب التوصل عبر الحوار لشروط جديدة للسودان الموحد والسماح للمغبونين من إخواننا في الوطن بقبول الوحدة الطوعية عبر استفتاء حر أو اختيار طريق آخر. لقد انشأ جدي تنظيما دينيا كتجسيد حديث ومعتدل للثورة المهدية. وبدون أن أشغل منصبا محددا فقد قدت تلك الجماعة وحدّثت تنظيمها ومقرطت أجهزة اتخاذ القرار فيها. لقد قضيت في منصب رئيس الوزراء ما جملته أربع سنوات، وثمان سنوات في السجن بدون محاكمة وتقريبا نفس عدد السنين في المنفى، حزبي الآن على اتصال بكل القوى السياسية السودانية لا سيما الحكومة، ويفاوض ويعبئ الرأي لتجنب العنف وتجنب الشمولية، وللاتفاق على أجندة وطنية يجب أن تفضي لاتفاق سلام عادل وبرنامج للتحول الديمقراطي وتكوين حكومة قومية تلتزم ببرنامج سياسي قومي، وتطبق اتفاق السلام وتنفذ التحول الديمقراطي.

ولذلك فإن حديثي إليكم سيغطي طيفا عريضا من المواضيع الفكرية والسياسية والروحية والثقافية والدولية.

  • نزاعات الشمال والجنوب:

في عام 1989م وفي أعقاب تحطيم جدار برلين نشرت كتاباً بعنوان “تحديات التسعينيات” في ذلك الكتاب ذكرت نقطة بأن نزاع الشرق والغرب سيتم إبداله بنزاع الشمال والجنوب. لقد أشرت لعدة مناطق اختلاف بين الشمال والجنوب وخلصت إلى انه ما لم يتم علاجها بعدالة فإن العالم سيشهد استقطاباً ستلجأ معه القوى السياسية في الجنوب إلى ما أسميته أسلحة الضرار الشامل وهي: الإرهاب، الهجرة غير الشرعية، زراعة المخدرات لتسويقها في الشمال، الإهمال البيئي، الانفجار السكاني، القنبلة الصحية وانتشار أسلحة الدمار الشامل.

للأسف فإن العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين يبدو أنهما حققا تلك التوقعات. وفي أعقاب أحداث 11 سبتمبر قدمت محاضرة في أكاديمية عسكرية أمريكية في واشنطن أكدت فيها أن الرد الأمني على الأحداث المأساوية ضروري ولكنه ليس كافيا، فهناك خمسة أسباب رئيسية لهذه العلة هي: استيطان أراضي عربية/ إسلامية واحتلال بعضها والهيمنة الثقافية كأسباب خارجية، والاستبداد والظلم الاجتماعي كأسباب داخلية.

وبينت بأنه ما لم يكن هناك تشخيص شامل للوضع وبالتالي وصفة علاجية ناجعة، فسيغرق طرف في برنامج الحرب على الإرهاب ويغرق الطرف الآخر في برنامج جهادي. وسينغمس الطرفان، في السير المغذ المفضي إلى الجحيم. وقلت بأنه لا يجب أن يسمح للمهووسين بوضع أجندة العالم، على كل حال فقد شهد العقد الأخير تلك الأجندة بالذات.

وبين طرفي رقصة الموت ارتباط عضوي وصفه السير أيفور روبرت سفير المملكة المتحدة لدى إيطاليا في 2004م عندما قال: (إن أفضل ضابط تجنيد للقاعدة ليس سوى الرئيس بوش: ومع دخول الانتخابات الأمريكية جولتها النهائية إذا كان لأحد أن يحتفل بالنصر النهائي وإعادة انتخاب بوش فهو تنظيم القاعدة) وفي تحليل أخطر قال محمد قطب وهو مفكر إسلاموي معروف في 2003م بالرياض لمستمعين كنت ضمنهم ما يمكن اقتباسه على النحو التالي: (نحن المسلمين الآن في أسوأ أوضاعنا نعاني عقابا إلهيا لأننا تخلينا عن الإسلام، الشيء الوحيد الذي سيوقظنا هو سلسلة الفظائع الأمريكية والصهيونية. إنها أدوات وأسباب الله لإيقاظنا ودفعنا للتخلي عن الحديث عن الاعتدال والتصالح وللاستعداد للمواجهة النهائية. كثيرون خدعوا باللبرالية الغربية وحقوق الإنسان والتسامح. الآن كشفت أمريكا عن وجهها الحقيقي. هذا هو الوجه الحقيقي ونحن في حاجة للتعرف عليه لنعرف أعداءنا ونستعد للتحرير. هذا هو نداء اليقظة الذي أشار إليه “توينبي” حينما وصفنا بالعملاق النائم الذي سيصحو يوما ويهزم الغرب”.

هذه اللهجة التصادمية لها أنصار عديدون آخرون يشيطنون باستمرار الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في العالم العربي والإسلامي. وعلى الجانب الآخر من هذا “الستار الحديدي” هناك العديد من المتحدثين باسم الإسلاموفوبيا “رُهاب الإسلام” والفاشية الإسلامية يقودهم مفكرون ورجال دين عمالقة مثل البروفيسور بيرنارد لويس. البعض في الغرب أدرك هذا وبدأ يتحدث لغة مختلفة. ففي 12-13 يناير 2008م ذكرت الهيرالد تربيون (لا نملك إلا أن نأمل هذه المرة خلافا للعام 2004م ان يتمتع الناخبون الأمريكيون بالحكمة ليمنحوا السلطات الرئاسية الرهيبة لمن يملك الاستقامة والمبادئ واللياقة ليستخدمها بشرف واحترام. وعندها فحينما ننظر للمرآة كأمة فسنرى مرة أخرى صورة الولايات المتحدة الأمريكية”.

لا شك أن انتخاب الرئيس أوباما يمضي في اتجاه إشباع تلك التطلعات.

بعض الحكومات الأوربية تحدت الأحادية والهيمنة الأمريكية. الشعوب الأوربية أصبحت أكثر صراحة في هذا الاتجاه ولكن بصفة عامة فقد شوهت سياسات المحافظين الجدد سمعة السياسات الغربية وساهمت في تعاظم شعبية الجهادوية والتطرف في العالم العربي والإسلامي. لقد تم إمطار الأوربيين بوابل من صرخات التحذير: الذئب .. الذئب في سلسلة من الكتب والمقالات، على سبيل المثال: ( يورابيا: المحور العربي – الأوربي) بقلم بات يي أور (2005م)، و(السلطة والعقيدة والفنتازيا: الولايات المتحدة في الشرق الأوسط) بقلم مايكل أورين (2007) و(فرصة الغرب الأخيرة) بقلم توني بلانكلي (2005) وكتاب (بينما كانت أوربا نائمة ) بقلم بروس باور (2006).

هذا الاتجاه غذته سلطة ضخمة مثل البابا بنيدكت السادس عشر نفسه في محاضرة له بعنوان (العقيدة والعقل والجامعة: ذكريات وأفكار) سبتمبر 2006م والتي لم يقف فيها على فضائل المسيحية بل هاجم بقسوة ما أسماه بلا عقلانية الإسلام ونزوعه الطبيعي نحو العنف. هجوم يحمل كل علامات الهلع من حظوظ الإسلام الحالية. أكثر من ذلك فقد غذى نزعة (الإسلاموفوبيا). ولم يكن اعتذاره المفترض اعتذارا بل كان أسفا أن تعليقاته أزعجت المسلمين لا أنها كانت خاطئة في نفسها.

ومع أن الرئيس أوباما يتمتع بشعبية غير مسبوقة في بلاده وفي العالم فقد تعرض لهجوم من الصقور مثل جون بولتون وديك شيني وآخرين. لقد ضربوا على وتر حساس حول تعامله الناعم مع أعداء أمريكا مما يعرض الأمن الأمريكي للخطر. إنهم : اللوبي الإسرائيلي وحكومة إسرائيل اليمنية لن يتركوا حجرا لا يرفعونه للمحافظة على (أجندة لقرن أمريكي جديد: برنامج عمل المحافظين الجدد).

  • مسئولية أوربا ودورها المرغوب:

لأوربا مسؤولية دولية خاصة، ولها تواصل جغرافي وثقافي وأثني مع إقليم البحر المتوسط ومع آسيا الوسطى. صحيح كان هناك تفاعل تاريخي بين أوربا والعالم الإسلامي والعربي قبل الفترة الاستعمارية، ومع ذلك فلأول مرة بعد التفاعل التاريخي والفترة الاستعمارية يكون هنالك وجود إسلامي وعربي ضخم في كل أوربا. ولذلك فإن العلاقات بين أوربا والعرب هي الآن قضية متعددة الأوجه: داخلية وإقليمية ودولية.

لقد أدركت أمريكا – كقائدة للغرب- ضرورة إعادة النظر في سياساتها تجاه العالم العربي الإسلامي. كما أدركت خطا الأحادية وهي الآن توجه سياستها نحو التعددية. إن المساهمة الأوربية في إعادة بناء السياسة الغريبة تجاه العالم العربي الإسلامي أساسية. ولتجويد تلك المساهمة يجب على الأوربيين ان يضعوا تشخيصا دقيقا للوضع وان يستمعوا لوجهات نظر أصحاب الشأن قبل رسم تلك السياسات.

الشروط المثلى لعلاقات أوربية – عربية:

هناك عشر قضايا هامة يجب التفاوض حولها علها تثمر تفاهما استراتيجيا يكون أساسا للقاء القلوب والعقول ويكون تحديدا للشروط المثلى للعلاقات الأوربية العربية. القضايا هي:

النقطة الأولى: قضية الدين: إن افتراض تدني أهمية الدين نتيجة لسيادة العلمانية إنما هو لغو. فالهوية الدينية لها تأثير ضخم على أفكار العالم وفي تشكيل الهويات والتأثير على التشريعات وفي تحديد القيم الأخلاقية. وفي مجال العلاقة بين الأديان فمن المهم الاتفاق على جوانب ثلاثة:

  • الاعتراف المتبادل بالقيمة الروحية والأخلاقية.
  • الاحترام المتبادل للهويات الدينية.
  • حرية الاعتقاد الديني.

ومن الضروري مراجعة كل الممارسات الحالية لضمان توافقها مع هذه المبادئ.

النقطة الثانية: التعددية الثقافية هي جزء من الحالة الإنسانية. الحداثة وحاليا العولمة هما عاملان موحدان يهدفان لخلق أوضاع إنسانية معيارية واحدة. ولذلك سيكون هناك توتر جدلي بين العولمة والهوية الثقافية. هناك مبادئ معينة وهي: حقوق الإنسان وقيم معينة هي الصدق والاستقامة بمثابة التزامات إنسانية مشتركة. ومع ذلك يجب ان يترك للشعوب المعنية تحديد كيفية الوصول لمعادلة بين المبادئ والقيم الإنسانية المشتركة من جهة وثقافاتها المعنية من جهة أخرى.

النقطة الثالثة: الأمن:

تقوم العلاقات الدولية على السلام والعدالة والتعاون وهي ضرورات دبلوماسية.ولكن الهيكلة الحالية لنظام الأمم المتحدة تم تخطيطها في غياب الكثيرين من أصحاب الشأن الحاليين، يجب مراجعة ذلك لاستيعاب وجهات نظر هؤلاء ومصالحهم. لابد من تطوير نظام الأمم المتحدة.

كل العالم يعاني من الإرهاب. وما يسمى بالحرب على الإرهاب افترضت افتراضين خاطئين حول هذا العنف المأساوي ساعدا في الدفع بقضيته:

  • كل المجموعات التي انغمست في هذه الأنشطة كانت مرتبطة بأهداف دولية، على سبيل المثال: كان الجهاد في أفغانستان نتيجة مباشرة للاحتلال السوفيتي والتعاون الأمريكي مع المقاومة. صحيح أن القاعدة في مرحلة لاحقة استهدفت أمريكا، ولكنهما شركاء في أبوة المشروع. نفس القول ينطبق على التشجيع الأمريكي لطالبان وباكستان.

من الخطأ تجاهل هذه الخلفية وربط الظاهرة بالإسلام. مثل هذا الربط غير مبرر، وله نتائج عكسية هي زيادة الجاذبية لهذا النشاط العنيف.

  • خطأ أساسي آخر هو جمع مثل هذا العنف مع حركات المقاومة الحقيقية في تصنيف واحد. كثير من الأنشطة العراقية ولدت كنتيجة مباشرة للاحتلال غير الشرعي. لقد نمت حماس كنتيجة مباشرة لرفض إسرائيل الانصياع لقرارات مجلس الأمن حول السلام. كما نما حزب الله من المقاومة للاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982.

صحيح أن الدكتاتورية والظلم الاجتماعي في الدول العربية يسهما في هذا التوتر الذي يفرخ التطرف الذي ينتج أشكالا من العنف. وعلى كل فإن الحل العادل للمشكلة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال العسكري الأجنبي سيقطع شوطا طويلا في مشوار القضاء على أسباب ومبررات التطرف ومقدرته على تجنيد جنود العنف.

النقطة الرابعة: التنمية:

التوزيع الحالي للدخل العالمي غير منطقي وكان لا بد أن يقود بهشاشته المتأصلة هذه لكل أنواع السلوك غير المقبول مثل: الإرهاب، الهجرة غير الشرعية وغيرهما.

لقد قامت أوربا بعمل رائع حينما استوعبت أوربا الجنوبية والشرقية داخل نطاق الرخاء الاقتصادي.

لابد ان يقر الشمال أن هناك حاجة لشراكة تنموية عالمية.  يجب أن يضاهي هذا الالتزام الاستراتيجي ما قامت به الطبقات العليا في أوربا لتشرك الطبقات الدنيا في الرخاء الاقتصادي. وبالطبع هذا التزام ذو وجهين حيث يجب على المستفيدين إجراء إصلاح يمكّن هذه الشراكة من النجاح. الفكرة هي الذهاب لأبعد من أهداف الألفية التنموية إلى أهداف الشراكة الألفية

النقطة الخامسة: المسالة الإسرائيلية:

نتجت الأزمة في فلسطين عن غرس شعب وافد بوقاحة في أرض شعب مقيم دون رضائه ورغم أنف شعوب مجاورة تشترك مع ذلك الشعب المحروم في الهوية الاثنية الثقافية والدينية. هذه الهندسية الاجتماعية هي خطأ قانوني وخطيئة أخلاقية في آن.

تقوم الأطروحة الصهيونية على الأساس الآتي:

  • أن اليهود يمثلون ديانة وقومية عانى شعبها في كل العالم من الاضطهاد.
  • أن جمعهم في دولة قومية واحدة هو السبيل الوحيد لحمايتهم.
  • أن أرض فلسطين هي أرض بلا شعب وهبها الرب لهم.
  • أن توازن القوى الدولي أولاَ تحت قيادة بريطانيا ولا حقاً تحت قيادة أمريكا يدعم هذا البرنامج.
  • أن الدول العربية المحيطة بفلسطين نفسها تحت وصاية أجنبية ولذلك فلا يمكن أن تأخذ مواقف مستقلة.

هذه الرؤية صدقت وتحققت إلى حد كبير أثناء الستين سنة الماضية، ولكن:

  • منذ الحرب الأطلسية الثانية تحول اليهود من الاضطهاد إلى طفل مدلل في مناطق كثيرة، لا سيما في أمريكا فصارت إقامتهم فيها جاذبة، لذلك فإن أغلبية يهود العالم لن تعود لإسرائيل .
  • شهدت المنطقة العربية حركات يقظة باسم القومية والاشتراكية ثم باسم الإسلام. ولذلك حتى لو أُجبرت الدول العربية بحكم المصالح الذاتية على قبول الأمر الواقع فإن المنطقة تشهد حركات شعبية غير حكومية أقدمت على تنظيم المعارضة وتحدت إسرائيل بنجاح.

إن الأساس البنيوي للأيدلوجية الصهيونية لإقامة دولة يهودية تجمع كل اليهود قد تبخر فأغلبية اليهود الآن خارج إسرائيل وسيظلون كذلك.

  • 20% من سكان إسرائيل نفسها من العرب، وفي أرض فلسطين التاريخية العرب الآن أغلبية. لذلك فإن يهودية الدولة لا يمكن تحقيقها إلا بتكلفة مستحيلة هي تطهير أثني جراحي.

كل العوامل ذات الصلة الآن تقود لوضع متفجر نتيجته حرب مستمرة.

لا يوجد سوى واحد من حلين : إما دولتان نديتان متساويتان بالفعل، أو دولة واحدة ديمقراطية للجميع: متعددة الأديان متعددة الأثنيات تتعايش فيها الأديان التوحيدية، ويُعطى كل منها إقطاعية روحية حول آثاره المقدسة : ثلاثة فاتيكانات صغيرة.

الوقت يمضي وينقضي والمتطرفون في كل من الجانبين يستعدون للمواجهة . يجب على الاتحاد الأوربي أن يصل بوضوح لشروط السلام العادل في المنطقة وان يدعم عملية السلام المفضية لذلك والمشركة لكل أصحاب الشأن.

الوضع الحالي طريق يفضي للكارثة.

النقطة السادسة: الطاقة:

حتى إشعار آخر النفط والغاز هما مصدرا الطاقة الرئيسيان وسيظلان كذلك. كل العالم يرغب في زيادة إمداد النفط والغاز. يرغب المنتجون في أسواق مستقرة ومتوسعة، ويرغب المستهلكون في منتجات مستقرة وبأسعار معقولة.

هذه هي العوامل العقلانية التي يجب أن تقود لمعاهدة طاقة دولية تلقى اعترافاً عاماً. من المهم أن ننزع رداء الأساطير عن موضوع النفط والغاز وأن نحرره من أن يصير أساسا لعلاقات غير متكافئة بين المنتجين والمستهلكين، ونحرره من أن يصير أداة للهيمنة الدولية.

أوربا كأهم سوق مستهلك، يجب ان تسعى مع المنتجين لعقلنة سوق النفط والغاز.

النقطة السابعة:  الانتشار النووي:

على الرغم من أن اتفاقية الحد من الانتشار النووي ساهمت في الحد من الانتشار لكنها أخفقت في عدة جوانب. هناك ثلاثة عوامل تحكم الطموح  النووي : الموارد، المعرفة والدافع. يرتبط الدافع بالأمن . إن تسمية بلد ما محور الشر واستهدافه بتغيير النظام وإعلامه في وجهه بحق التحرك المنفرد الاستباقي يعني خلق دافع له للبحث عن أقصى رادع ممكن.

سلامة الإقليم من سباق التسلح النووي ممكنة بالالتزام الصارم باستخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية . هذا لا يمكن تحقيقه إلا بتطمين الدول حول أمنها  بحيث يكون أمناً إقليميا وليس أمناً انتقائياً وذلك بجعل الإقليم خالياً من الأسلحة النووية، وإزالة الابتزاز النووي الموجود وبغير ذلك مهما قيل في العلن فإن سباق التسلح النووي في الإقليم سيظل واقعاً.

على أوربا أن تتبنى وتدعم سياسة (منع انتشار) مجدية ومؤسسة على مبادئ. السياسة الحالية ليست بذات مبادئ ولا مجدية ويجب التخلي عنها.

النقطة الثامنة: المناخ:

التغير المناخي خطر صنعته الأمم الغنية ويعاني من عواقبه الآخرون. يجب أن تنشئ الدول الغنية صندوقاً لاحتواء مخاطر التغير المناخي . يمول هذا الصندوق ضمن أشياء أخرى البرامج التالية :

  • التوسع في زراعة الغابات لزيادة الغطاء النباتي في مساحات واسعة. هذا سيحارب التصحر وآثار انبعاث ثاني أكسيد الكربون .
  • التوسع في استعمال الطاقات الصديقة للبيئة، فالتوسع في استعمال الطاقة الشمسية في كل الأغراض المنزلية سيكون له أثره في محاربة الاحتطاب.
  • إقامة السدود – في الأماكن اللازمة – لاحتواء الفيضانات المتوقعة .

النقطة التاسعة:

الأزمة المالية العالمية الحالية لها عواقب مالية وتجارية واقتصادية سالبة على نطاق العالم كله. ولكن مجموعة العشرين تنظر للأزمة من منظورها الخاص. لا بد من حساب خسائر باقي العالم وتجنيب نسبة من الحوافز للدول الفقيرة. هذا بالطبع يجب أن يأتي في سياق شراكة يفي فيها المتلقون بمؤشرات إصلاح محددة لجعل تلك الحوافز مجدية .

النقطة العاشرة:

من الواجب علينا الإقرار بأن هذه القضايا الخطيرة يمكن أن تخلق أزمة تراكمية. أزمة تهز الرضا الحالي بالأوضاع، وتمنح فرصة لصفقة جديدة للقرن الحادي والعشرين بين الشرق والغرب أو بصورة أكثر تحديداً بين أوربا والعرب. الفرصة الشكسبيرية الخلاقة:

(خيارات ترجمة)

  • ترجمة حرفية:

هناك مدٌ في شؤون الرجال إذا استغلوه إثناء صعوده يقود إلى الحظ. وإذا أخطأوه ستعلق كل رحله حياتهم في الضحالة والشقاء. نحن الآن نبحر في أوان مدَ البحر ويجب ان نستغل التيار حينما يساعدنا وإلا سنفقد مغامرتنا”.

  • ترجمة شعرية

وللدهر أحوال إذا المرء قاسها            عِجابٌُ كحال اليمّ  يُعلى ويخفض

إذا الفلكُ واتت من اليمّ مدّه                تحط ببر السعد والحظ ينبض

وتعلق في وحل الشقاء حياتنا             إذا فات مد الدهر إذ يتغيض

خَليلي تُرانا عند مد زماننا                  وهذي بروق السعد تزهو وتومض

إذا نحن أفلتنا من الدهر سانحاً            يطيحُ بناءُ العمر حتماَ ويُِنْقضُ

هناك قناعة عامة في العالم  العربي بأن الوضع الراهن يجب ان يتغير جذرياَ في عدة مناحٍ، الديناميات المتنافسة حول تشكيل المستقبل لها اتجاهان:

  • قفزة إلى الماضي بأمل استعادة عصر ذهبي مفقود رغم كل المعطيات المعاكسة.
  • قفزة إلى المستقبل تصالح الهوية مع الحداثة.

السيناريو الصدامي، مثل سيناريو المحافظين الجدد سيصطدم بجدار رد الفعل وعليه فسيستمر التطرف والعنف.

الشروط المثلى المذكورة لعلاقات أوربية عربية هي الطريق لعالم أفضل مستقر وعادل.

 

ملحوظة: أصل المحاضرة بالانجليزية وترجمت للانسحة العربية