الشورى كأساس لنظم الحكم في العالم الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

جمهورية مصر العربية وزارة الأوقاف

المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

ورقة مقدمة للمؤتمر العام الخامس عشر تحت عنوان

مستقبل الأمة الإسلامية

القاهرة في الفترة ما بين 9-12 مايو 2003م

الشورى كأساس لنظم الحكم في العالم الإسلامي

 

الصادق المهدي

 

مدخل:

أوجب الإسلام مبادئ سياسية هي فرائض الإسلام  السياسية مثل الشورى والعدل والحرية والوفاء بالعهد، وسيادة الأحكام الشرعية، واستقلال القضاء، وغيرها ولكن هذه المبادئ بقيت منذ الصدر الإسلامي الأول منصوص عليها نظريا مغيبة عن واقع المسلمين، فالمسلمون منذ العهد الأموي ثم العباسي ثم الدول الكبرى التي حكمتهم العثمانية، الصفوية والمغولية امتثلوا لملك عضود غير ملتزم عمليا بفرائض الإسلام السياسية.

ثم خضعت البلدان الإسلامية لحكم الاستعمار إلا قليلا منها، وبعد الحرب العالمية الثانية تراخت قبضة الاستعمار وخلفته دول قومية في كل العالم الإسلامي.

دول العالم الإسلامي اليوم مستقلة تحكمها أربعة أنماط من الحكومات:

  • ملكيات مطلقة.
  • ملكيات معتدلة.
  • جمهوريات شمولية.
  • جمهوريات معتدلة.

كل هذه النظم تزعم أنها تطبق الشورى لأن مفهوم الشورى فضفاض لا تصحبه ضوابط محددة.

الفكر الإسلامي الحديث الملم بالتطور الفكري والسياسي الإنساني تطرق لهذا الأمر واتجه لاكتشاف قواسم مشتركة بين الشورى والديمقراطية.. قواسم هي الحكم الراشد القائم  على ثلاث ركائز: المشاركة، والمساءلة، والشفافية.

وعلى كثرة القواسم بين الشورى والديمقراطية فإن الشورى توجب الالتزام بسقوف معينة. للمقاربة بين المفهومين في إطار إسلامي ينبغي أن تستصحب الديمقراطية سقوف الشورى وأن تستصحب الشورى آليات الديمقراطية. هذا الاستصحاب واجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

إن قضية الحكم الراشد تمثل اليوم أهم قضية بين الحكومات والشعوب الإسلامية.

ومنذ حين من الدهر صارت قضية الحكم الراشد في البلدان الإسلامية شأنا دوليا لأن قضايا حقوق الإنسان، والحريات العامة، وحقوق الأقليات صارت جزءا هاما من الهم الدولي الذي تهتم به بعض الدول بموجب دساتيرها وتهتم به جمعيات غير حكومية كثيرة تمدد نفوذها ونشاطها العالمي.

ومنذ الحادي عشر من سبتمبر 2001م دخل المعادلة عنصر جديد هو اعتبار نظم الحكم الاستبدادية مفرخة لاحتجاج عنيف يتخذ الإرهاب العالمي وسيلة للتعبير عن مراميه.

لم تكن السياسة الخارجية الأمريكية أثناء الحرب الباردة تعبأ بالمقاييس الديمقراطية بل تصادق الدول وفق موقفها من الصراع الدولي. ولكن بعد نهاية الحرب الباردة في عام 1991م علت نبرة الاهتمام بحقوق الإنسان ولكنها نبرة لم تخل من ازدواج المعايير.

ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م دخلت الديمقراطية في مكونات السياسة الخارجية الأمريكية.

الاستهداف الأمريكي للعراق صادر من ثلاثة عوامل:

الأول عامل سياسي فأحداث 11/9/2001م بلورت رأيا عاما أمريكيا مذعورا ومتشددا مما غذى شعبية الصقور في إدارة الرئيس الأمريكي بوش وأعطاه سلما صعد به لتأييد شعبي واسع.

والثاني عامل اقتصادي. فنفط منطقة الخليج يمثل 27% من السوق العالمي للبترول ويمثل 65% من المخزون العالمي وتتطلع الولايات المتحدة أن تكون لها الكلمة العليا في مصيره.

والثالث عامل استراتيجي. فحلفاء الولايات المتحدة كانوا ممتثلين لأمرها لحمياتها لهم في وجه الخطر السوفيتي.. زوال هذا الخطر أدى لحرص أولئك الحلفاء على درجة أكبر من حرية القرار الدولي. إن  هيمنة الولايات المتحدة على نفط  الخليج يكفل امتثالا أكبر لحفائها لقرارها.

هذه هي الأسباب الحقيقية للحرب على العراق.

كان امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل السبب المباشر للحرب ولكن النظام العراقي لم يستخدم هذه الأسلحة دفاعا عن بقائه ولم يتم العثور عليها حتى بعد الاستيلاء الأنجلوأمريكي على العراق. لذلك ركز الغزاة على هدف آخر هو تحرير العراق من نظامها الباطش.

لقد صار تخليص العراق من نظامه الاستبدادي وتحرير الشعب العراقي لينعم بالحرية والديمقراطية أهم سبب تدعيه الولايات المتحدة.

إن نظام صدام حسين لا بواكي له، وقد صارت المطالبة ببديل ديمقراطي مكان إجماع الشعب العراقي والأسرة الدولية والحكومات والشعوب العربية والإسلامية. لا شك أن هذه المطالبة ذات قوة معنوية وفكرية وسياسية لا تقاوم، ويرجى أن تفرض نفسها على الإدارة الأمريكية مهما كانت نوايا صقورها. ولكن مما يضعف مواقف الدول العربية والإسلامية في هذه المطالبة هو ما يعاب عليها من قهرها لشعوبها واتصافها بممارسات مشابهة لممارسات النظام المباد في العراق.

لهذا السبب وللأسباب الأخرى المشار إليها ينبغي أن تعلن البلدان الإسلامية بوضوح التوجه نحو الشورى أساسا للحكم. الشورى بالفهم المذكور هنا أي الديمقراطية المسقوفة. حتى إذا صدقت النوايا الأمريكية فإن الديمقراطية من فوق دبابات أمريكية لن تنجح.

إن الدوافع- الوطنية، والقومية، والإسلامية – لاتخاذ الشورى (الديمقراطية) أساسا للحكم في البلاد الإسلامية قوية. وهي في الوقت نفسه جُنة من أية تدخلات أجنبية. إنها خطة حكيمة لسد الذرائع.

الحكم الراشد واجب إسلامي، وهو في الوقت نفسه مطلب شعبي في العالم الإسلامي، كما أنه يزيل التناقض بين الحكومات وشعوبها. التناقض الذي صار أقوى مبررات التدخلات الأجنبية.

الباب الأول: الشورى:

الشورى نص قرآني }وأمرهم شورى بينهم{. قيل أنه استشارة أهل الرأي ثم اتباع ما يشيرون به. ولكن اختلف حول هذا الأمر هل الشورى معلمة؟ أم ملزمة؟ ومن هم أهل الرأي؟.

أقول: الشورى هي إشراك الآخرين في الأمر الخاص والعام، إنها مبدأ المشاركة، وهي مبدأ خلقي سياسي كالعدالة، وهما ضمن مبادئ أخرى ذكرت أعلاه يمثلان منظومة مبادئ الإسلام السياسية.

لا معنى للشورى إذا لم تتوافر معها ثلاثة أسس مساندة لها هي:

  • الحرية: إذ لا فائدة من شورى مكرهين مرعوبين. الحرية التي تكفلها نصوص إسلامية ناصعة:
    • } لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [[1].
    • }]إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر[.[2]
    • }فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ{[3].
  • منع الانفراد بالسلطة أو باتخاذ القرار والتزام ولي الأمر بتداول الأمر بينه وبين الآخرين.. قال النبي e: “ثَلَاثَةٌ لَا تَرْتَفِعُ صَلَاتُهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ شِبْرًا” منهم “رَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ”[4]. وتدل السيرة النبوية على أنه كان أكثر الناس استشارة لأصحابه “وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ e”[5]َ. ويروي الإمام أحمد[6] أن النبي e قال لصاحبيه أبو بكر وعمر رَضِي اللَّهم عَنْهمَا “لَوِ اجْتَمَعْتُمَا فِي مَشُورَةٍ مَا خَالَفْتُكُمَا”[7].
  • الاعتراف بمشروعية تعدد الآراء والتعددية الاجتهادية. قال e: “َاسْتَفْتِ نَفْسَكَ” إلى أن قال: “وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ”[8] وقال ” إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ”[9]

الخلاصة: أن ولاية الأمر العام في الإسلام تقوم على الشورى على نحو ما قال عمر (رض): ” مَنْ بَايَعَ رَجُلًا عَنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُبَايَعُ هُوَ وَلَا الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أَنْ يُقْتَلَا”[10]. وأن  على الحاكم أن يمارس الشورى في كل أمره. قال أبو بكر (رض): “وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أخطأت فقوموني” .. هذا مناخ فيه المخاطبون أحرار.

الشورى كمبدأ سياسي لاختيار الحاكم ولإدارة الشأن العام مورس ثم  اختفى وصار فريضة غائبة. يروي الدارمي [11]  عن أن الحاكم الأموي سليمان بن  عبد  الملك[12] مر بالمدينة وسأل عن كبار التابعين فقيل له عن أبي حازم[13] فلقيه، وسأله عن أمور شتى حتى قال له “َمَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيه”؟ِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوَ تُعْفِينِي قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ لَا وَلَكِنْ نَصِيحَةٌ تُلْقِيهَا إِلَيَّ قَالَ: “يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ آبَاءَكَ قَهَرُوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ وَأَخَذُوا هَذَا الْمُلْكَ عَنْوَةً عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا رِضَاهُمْ حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً فَقَدِ ارْتَحَلُوا عَنْهَا فَلَوْ أُشْعِرْتَ مَا قَالُوا وَمَا قِيلَ لَهُمْ”[14]. لقد صار نظام الحكم في عهد بني أمية ثم بني العباس نظاما سلطانيا شبيها بما كان عليه نظام الحكم البيزنطي والفارسي. قال المغيرة بن شعبة[15] لمعاوية بن أبي سفيان[16] مؤسس الدولة الأموية: “لقد رأيت ما كان من سفك دماء واختلاف بعد عثمان. وفي يزيد منك خلف فاعقد له فإن حدث بك حادث كان كهفا للناس وخلفا منك. فلا تسفك  دماء ولا تكون فتنة”[17]. وأخذت البيعة ليزيد بوسائل صورها ابن الأثير في ذكره لمجلس معاوية مع زعماء القبائل. قال يزيد بن المقفع في المجلس:” أمير المؤمنين هذا ” وأشار إلى معاوية،” فإن هلك فهذا ” وأشار إلى يزيد. ثم قال: “ومن أبي فهذا” وأشار إلى سيفه. فقال له معاوية: “اجلس فإنك سيد الخطباء”!![18].

هذا النهج الوضعي طبع نظم الحكم في البلدان الإسلامية على طول التاريخ مع استثناءات قليلة:

  • معاوية الثاني[19] خلع نفسه ليبايع غيره.
  • عمر بن عبد العزيز[20] خلع نفسه من بيعة الإكراه وبويع اختياريا.
  • المأمون[21] حاول تعديل التسلسل الوراثي بأخذ البيعة لعلي الرضا[22] بعده كمحاولة للمصالحة مع الشيعة ولكن خطته أجهضت.
  • الإباضية منذ القرن الثامن الميلادي إلى القرن الخامس عشر اختاروا أربعا وثلاثين إماما منتخبا.

هذه الاستثناءات التاريخية بسيطة، والحقيقة هي أنه مع وضوح مبادئ الإسلام  السياسية وواجبية الشورى، غابت الشورى عن نظم  الحكم في البلدان الإسلامية. على المستوى النظري صور الماوردي في الأحكام السلطانية نهجا لولاية الأمر يقوم على شورى أهل الحل والعقد[23]. لكن نظريته لم تعرف طريقها إلى الواقع. أما النظرية الشيعية فهي تعتبر الأئمة المعصومين مختارين إلهيا وطاعتهم واجبة دينا[24].

في  واقع الحال غابت الشورى من ولاية الأمر وصارت ولاية الأمر للمتغلب على شفرات السيوف وأسنة الرماح، فقتل الأخ أخاه كما فعل المأمون بالأمين[25]، وقتل الابن أباه كما فعل المنتصر[26] بالمتوكل[27] وقتلت  الأم  ابنها كما فعلت الخيزران[28] بالهادي[29].. إلى آخره. حتى قال الشهرستاني صاحب الملل والنحل: “وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة”[30].

تكاثر الفتن وسفك الدماء جعل بعض العلماء يقولون بالاستغناء عن الإمامة نفسها. قال هشام بن  عمرو الغوطي[31]: “إن الإجماع ضروري لهذا الأمر. وما دام الإجماع محال. فلا داعي أن نحتكم لأمر مثير للفتنة”. وتمنى أبو بكر الأصم أمنية مماثلة قائلا: “إذا تكافَّ الناس عن التظالم  استغنوا عن السلطان”.

الشورى وأخواتها المساعدة مبادئ سياسية إسلامية سميتها فرائض الإسلام السياسية[32]. الشورى نص قرآني يتلى وتذكر معه الأحاديث النبوية المطالبة به، ولكنه انقطع من الواقع الممارس في البلدان الإسلامية قبل أن تمسها الفتوحات الغربية. إن الصدمة التي هزت المجتمع المسلم باختلافات الصحابة الدامية حول ولاية الأمر وما صحب الفتنة الكبرى من نزاعات صارخة أفضت إلى العهد الأموي، ثم نزاعات العهد الأموي، وما انتهى إليه من صراعات أدت إلى العهد العباسي، ثم صراعات العباسيين وما صحبها من نزاعات أدت إلى ميل رأي عام كبير في ديار الإسلام يفضل الاستقرار  الذي يحققه المتغلبون على أية نزاعات تلهبها المبادئ السياسية السامية كالشورى والعدالة.

غالبية الاتجاهات المكونة للرأي العام الإسلامي منحازة للاستقرار في ظل سيوف المتغلبين على الخروج مع رايات المصلحين:

  • أهل السنة كما يعبر عنهم أئمة المذاهب الأربعة فضلوا الاعتراف بسلطان المتغلب على مقاومة تحدث فتنة.
  • الشيعة وعلى يد الإمام الرابع علي زين العابدين[33] اختاروا نهجا هادئا مخالفا للتحدي السابق والتمسوا النجاة في التطلع لمدينة فاضلة آتية. وفي الطريق لتلك  المدينة الفاضلة فإن المطلوب هو طاعة رجل معصوم يوجب  الدين نفسه طاعته لأن  علمه لدني. وفي حالة غيابه يجب الامتثال لمراجع التقليد أو لولاية الفقيه.
  • الصوفية جعلوا النجاة مربوطة بعالم مثالي غيبي يسيره الواصلون حسب مراتبهم. أما في واقع الحياة فإن الدين يوجب طاعة المريد للشيخ.

لا غرابة مع هذه الذهنيات أن صارت ولاية الأمر في الممالك الثلاث التي سيطرت على البلاد  الإسلامية دهرا من الزمان حتى خلفتها جيوش الاستعمار الغربي –أي السلطة العثمانية في تركيا، والمغولية في الهند، والصفوية في إيران – ولاية تحسمها القوة وتستمر بالتوارث. ومن فرط الحرص على الاستقرار أهدرت أحكام شرعية بصورة في غاية الوحشية. فمحمد الفاتح[34] وهو من أعظم سلاطين العثمانيين أصدر قانونا يمكن من يتولى العرش أن يقتل اخوته الذكور وبالفعل قتل محمد الثالث [35]91 من أخوته الذكور!!.  لم يطرد هذا النمط على هذا القدر من الوحشية، ولكنه –لا النصوص المبدئية في الكتاب والسنة- هو الذي شكل دستورا غير مكتوب للحكم في البلدان الإسلامية قبل حلول الاستعمار. صورة عبر عنها تعبيرا فنيا دامغا الشاعر دعبل الخزاعي[36]:

خليفة مات لم يحزن له أحد           وآخر قام لم يفرح به أحـد

فمر هذا ومر الشؤم يتبعـه            وقام ذاك فقام النحس والنكد

صورة كانت ولا زالت تسبب غصة وتداعب خيال المسلمين بـ “لو” كبيرة. قال د. حسان حتحوت[37]: “ولا يخالجني ريب في أن الأمة الإسلامية لو استمرت في تطورها الطبيعي دون أن تعترضه الفتنة الكبرى لاستنبطت نظاما أشبه الأشياء بالديمقراطية المعاصرة، لولا أنه يؤمن بالله، ويلتزم بالإسلام، بعكس الديمقراطية الغربية التي لا تحلل ولا تحرم إلا على أساس أغلبية الأصوات”.

فما هي الديمقراطية؟

وفما هي العلاقة بين الشورى والديمقراطية؟

وهل تصلح الديمقراطية كآلية لتنزيل الشورى؟

 

 

 

 

الباب الثاني

 الديمقراطية والشورى

نبدأ في هذا الباب بتعريف الديمقراطية ثم مقارنتها ومقاربتها بالشورى.

إذا استثنينا تجربة الديمقراطية المباشرة التي عرفتها أثينا، فإن العالم القديم كله كان يقوم  على حكم القوة المستبدة المتداولة وراثة.

كانت نظم الحكم في العالم القديم تتخذ لنفسها شرعية من اعتقاد أن الملك، أو السلطان، أو القيصر، أو الكسرى، أو الفرعون هم مكان قدسية خاصة. إما لأن الواحد منهم ابن الإله أو ظله في الأرض. الحكم الاستبدادي لا يوجد أبدا معتمدا على القوة المجردة بل الشرعية المقدسة.

كانت الإمبراطورية الرومانية المقدسة نسخة مسيحية من الصورة القديمة وكان الإمبراطور فيها يحكم بمباركة البابا. ولكن حدث تطور جعل الملوك والأمراء يستقلون من سلطان البابا ووزع إقليم الإمبراطورية لدول وطنية يحكمها ملوك وأمراء.

الخطوة الأولى في الطريق للنظام السياسي الأوربي الحديث كانت صلح وستفاليا في 1648م وما أعقبه من اعتراف بالدول الوطنية في أوربا تحت قيادة ملوكها وأمرائها.

الخطوة الثانية تمثلت في ما حدث في أمريكا بعد ثورة استقلالها ثم في فرنسا في ثورتها التاريخية في 1787م. الثورة الفرنسية ألغت النظام الملكي وأعلنت الجمعية الوطنية الفرنسية حقوق الإنسان والمواطن انطلاقاً من هذا، وعبر صراع سياسي حاد انتقل القرار السياسي في الدول الأوربية بالتدريج من الملوك لبرلمانات منتخبة وسواء بقي الملوك أو أزيلوا فإنهم سلموا بهذه التطورات. هذه التطورات انتهت إلى نظم دستورية فيها الحكم والتشريع نابع من مجالس نيابية منتخبة، وفيها فصل لسطات الدولة الثلاث وضبط لممارساتها عبر مؤسسات. هذا التطور السياسي صحبه تطور اقتصادي انطلق من الثورة الصناعية في بريطانيا وأدى لنمو النظام الرأسمالي الحديث.

الدولة الوطنية، والنظام الديمقراطي النيابي، والنظام الرأسمالي، هما الثالوث الذي يشكل أهم معالم الحضارة الغربية الحديثة حتى عام 1914م.

لكن قوى فكرية، واجتماعية، وسياسية، داخل المجتمعات الغربية رفضت هذه المنظومة فقام صراع أيديولوجي عنيف بين التيارات الديمقراطية والنظم الفاشستية حسم في 1945م.

وبعد الحرب العالمية الثانية انطلق صراع آخر بين النظم الديمقراطية والنظام الشيوعي انتهى باندحاره في عام 1991م.

قامت الديمقراطية الغربية الحديثة على أساس من الاعتراف بحقوق الإنسان ولكفالتها تطورت الديمقراطية بتطوره:

أولاَ: كان إعلان حقوق الإنسان المصاحب لاستقلال الولايات المتحدة ثم إعلان حقوق الإنسان والمواطن المصاحب للثورة الفرنسية 1787م.

ثانيا: وتطور هذا الأمر إلى أن بلغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948م.

وتوالى تطور حقوق الإنسان وصدور المواثيق والمعاهدات المعززة لها: مثل العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وهذان العهدان صدرا في 1966م. وتوالت المعاهدات والمواثيق المتعلقة بحقوق الشرائح المستضعفة في المجتمع مثل حقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق المسنين، والمعوقين وهلم جرا.

العقل السياسي الغربي، والتجربة السياسية الغربية حققت أربعة إنجازات رائعة:

  • تحديد حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وكفالتها ضمن دستور وقوانين ومؤسسات محددة.

ب-تحقيق ميزة فاتت كل نظم الحكم الأخرى وهي التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة.

ج- تحقيق مبدأ عجزت عنه كافة نظم الحكم الأخرى وهو بناء قوات مسلحة قوية ومنضبطة وخاضعة للقرار المدني المنتخب.

د- تحقيق معادلة تعايش بين الدين والدولة والدين والسياسة.

كان القرن العشرين قرن اضطرابات هائلة ولكن لدى نهايته وعبر تجاربه برزت أهمية الحكم الصالح لحياة ورفاهية الإنسان. وفي هذا الصدد بدا واضحاً على الصعيد العالمي أن الديمقراطية هي الوسيلة الأفضل لتحقيق الحكم الصالح. هذا الهدف جاء واضحاً في إعلان الأمم المتحدة للألفية الثالثة. جاء فيه: “إن الحكومات لن تألو جهداً لدعم الديمقراطية، وسيادة حكم القانون واحترام حقوق الإنسان العالمية، وحرياته الأساسية، بما في ذلك التنمية.”[38]

ولكن البلدان الإسلامية عامة والعربية خاصة تمتاز بغياب الديمقراطية كما سوف نوضح تفصيلاً فيما بعد. ومثل ما غيبت الشورى تماماً قبل الاتصال بالحضارة الغربية الحديثة غيبت الديمقراطية بعد ذلك الاتصال.

هذا الموقف تسنده تيارات هامة في العالمين العربي والإسلامي:

أولاً: النظم الحاكمة وقد ورثت الذهنية الأوتقراطية قبل الاتصال بالغرب عازفة عن الديمقراطية لأنها تهدد قبضتها على السلطة.

ثانياً: الفكر السياسي الغربي تشكك كثيراً في جدوى الديمقراطية في العالم غير الغربي.

  • في فترة نجاح حركة مصطفى كمال[39] في تركيا راجت فكرة لدى كثير من الكتاب الغربيين أن المجتمعات التقليدية سوف تقاوم التحديث ولكن قواتها المسلحة تكوينات حديثة وعليها تقع تبعية فرضه على مجتمعاتها تأسياً بالتجربة الكمالية.

ب- وفي أثناء الحرب الباردة كان الغرب الديمقراطي يؤلف أو يدعم الانقلابات العسكرية الموالية له حتى إن كان ذلك ضد نظم ديمقراطية. الأولويات كانت للنظم الموالية للغرب دون أي اعتبارات أخرى.

ج- ورحبت الولايات المتحدة بانقلاب 30 يونيو 1989م في السودان لأن النظام الديمقراطي استعصى عليها. فقد حل النظام الديمقراطي محل حكم عسكري هو حكم جعفر نميري[40] الذي كان طوع البنان، في القضايا الدولية دعم اتفاقية كامب ديفيد، وسهل نقل الفلاشا من أثيوبيا لإسرائيل وأعطى الولايات المتحدة مراكز تصنت في البحر الأحمر وأعطاها مخازن لأسلحة ثقيلة في المنطقة وكان ساعداً مساعداً ضد الوجود السوفيتي في أثيوبيا واليمن الجنوبية. هذه المزايا كلها منعها النظام الديمقراطي الذي خلف نظام نميري.

ورحبت الولايات المتحدة بالانقلاب على الشاذلي بن جديد والعملية الانتخابية التي أوشكت أن تحقق فوز جبهة الإنقاذ الإسلامي في الجزائر. ولا يبرح كثير من الكتاب والساسة الغربيين في ذلك الوقت يستعدون الديمقراطية في عالمنا. قال المحلل السياسي للإذاعة البريطانية وهو يعلق على الانتخابات العامة في السودان في عام 1986م :”الديمقراطية نظام بعيد عن متناول السودانيين.” وهو نفس الرأي الذي قاله الرئيس الفرنسي شيراك لمجلة الإكسبريس في يونيو 1989م :”إن الديمقراطية التي تمارسها المجتمعات الغربية مكلفة بحيث لا تطيق مجتمعات العالم الثالث دفع ثمنها.”

الحقيقة هي أن النظم الشمولية هي الأكثر تكلفة لأنها عادة تدخل في مغامرات حربية خارجية وتفتح جبهة داخلية بما تمارسه أجهزة أمنها من مواجهة مستمرة مع الشعب. ولافتقارها للشرعية تفتح خزائنها لشراء الولاء السياسي وتتوسع في أجهزة دعاية كثيرة لكي تمجد إنجازاتها الوهمية.

الحقيقة أن كثيراً من الدول الغربية كانت عازفة عن الديمقراطية لأسباب نفعية بحتة. قال جون اسبوزيتو في كتابه (الخطر الإسلامي وهم أم حقيقة): “الديمقراطية في الشرق الأوسط لقادة الغرب تعني أن أصدقاء يعرفونهم ويثقون بهم، ودولاً تابعة لإرادتهم تتحول لكيانات أكثر استقلالاً. وتصرفاتهم متقلبة مما يعرقل الحصول على النفط بالشروط المطلوبة” وأضاف:”الديمقراطية تفتح الطريق لاختطاف السلطة بواسطة النشطاء الإسلاميين وتتيح مزيداً من التوغل الإسلامي في مراكز صنع القرار مما يهدد المصالح الغربية، ويظهر العداء للغرب، ويهدد الاستقرار السياسي.” [41]

ثالثاً: كان علماء الدين إلى عهد قريب غالباً ما يفتون ببطلان الديمقراطية على نحو ما قال محمد ضياء الدين الريس:” إن الديمقراطية تقتدي بفكرة القومية وهي دنيوية بحتة وسلطة الأمة فيها مطلقة”. وقال محمد شاكر الشريف: “الديمقراطية المتسربة للعالم الإسلامي من الغرب متناقضة مع الإسلام لأن الإسلام يعني حكم الخالق كما يعرفه العلماء بينما الديمقراطية لفظ أعجمي يعني حكم المخلوقين الذي يتساوى فيه الملاحدة والجهلاء ويغتصبون حق الخالق.”[42]

رابعا: كانت الصفوة المتعلمة في البلدان العربية لأسباب مختلفة زاهدة في الديمقراطية لا سيما أؤلئك الأكثر تحمساً للعمل السياسي المنخرطون في أحزاب عقائدية قومية، أو اشتراكية، أو إسلامية، هؤلاء لا يرون للديمقراطية أولوية بل يقدمون أهدافاً أخرى مثل: التحديث، التنمية، العدالة، التأصيل. وفي دراستين ميدانيتين لاتجاهات الرأي العام العربي ظهر أنه حتى من بين أكثر فئات الرأي العام العربي تعليماً، فإن نسبة المهمومين بالتحول الديمقراطي متواضعة جداً. ففي الدراسة الثانية والتي لم تتعد نسبة من عبروا عن الهم الديمقراطي كهم رئيسي نسبة 11 % فقد كانت العينة التي أجريت عليها الدراسة بالتفصيل التالي: 75% من حاملي الدكتوراه، 12.5% من حاملي الماجستير، 12.5% من الحاصلين على الدرجة الجامعية الأولى أو ما يعادلها. ( الدراسة الأولى أجراها سعد الدين إبراهيم في 1980م والثانية ضياء الدين زاهر 1990م)[43].

رجحان الديمقراطية

نظم الوصاية الاشتراكية، والقومية، والإسلاموية التي فرضت نفسها بالانقلاب العسكري والوسائل الثورية لم تستطع الوفاء بشعاراتها بل سجلت إخفاقات كبرى.

الأستاذ ميشيل عفلق[44] من المفكرين العرب المبدعين المبتدعين لفكرة البعث العربي. التقيته في بغداد في عام 1988م قلت له لقد رفعتم شعار الوحدة والحرية والاشتراكية ولكن ضحيتم بالحرية في سبيل أركان الشعار الأخرى فأدى ذلك إلى تقويض الأركان الثلاثة. ماذا تقول؟ وبعد حوار طويل قال إن التضحية بالحرية كانت خطأً استراتيجياً. وقال لا بديل للديمقراطية.

وتتالت توبات المفكرين القوميين والاشتراكيين والإسلاميين من التجني على الديمقراطية. نشر الأستاذ جورج طرابيشي[45] منذ ثلاثة أعوام كتاباً بعنوان “في ثقافة الديمقراطية” قال فيه: “نحن ننتمي لجيل وقع ضحية خدعة ماكرة فحواها أن الديمقراطية كانت بحاجة لتقويم وتصحيح. بعد أن أصبحت الثورات ومنها ما شهدته بعض الدول العربية من أنظمة ديكتاتورية دموية. وبعد سقوط التجارب الاشتراكية وانفجار الجسم النظري للماركسية نفسها اكتشفنا أن الديمقراطية إفراز بنيوي متقدم لمجتمعات متقدمة وأنها دون أن تكون كاملة، هي النظام الأرقى، والأكثر عقلنة بين الأنظمة التي اخترعتها البشرية عبر مسارها التاريخي الطويل.” وهو يرى أن إعادة اكتشاف فضيلة الديمقراطية يكاد يشكل السمة الأكثر تميزاً للوعي النقدي لجيله في نهاية القرن العشرين قال: بل إن الديمقراطية صارت أيديولوجية بديلة للأيدلوجيات الثورية أو القومية الآفلة.

وفي عام 1994م أصدر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين دراسة على صيغة بيان يؤيد التعددية السياسية وحرية تشكيل الأحزاب والانتقال السلمي للسلطة عن طريق الانتخابات.

وفي مايو 2001م أصدر الأخوان المسلمون السوريون بياناً قالوا فيه: ليس من حق أحد إدعاء تمثيل الوطن أو الأمة بمفرده سواء أن كان فرداً أو حزباً. ولذلك فإن الجماعة تدعو لحوار وطني ولتعددية حزبية مستندة إلى الدستور والعمل الديمقراطي الحر. وترى الجماعة أن الانتماء الإسلامي لا يتناقض مع الانتماء العربي للسوريين ولن يكون داعية تفرقة وتمييز. وهم يرون العمل مع سائر الفرقاء على بناء دولة حديثة ذات صيغة تعاقدية يسود فيها فصل السلطات والتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات السياسية الحزبية ونبذ العنف من العمل السياسي.

هناك أوساط كثيرة مستنيرة في الغرب. ولكن سياسات الغرب الدولية تحكمها المصالح الإستراتيجية لا المثل العليا. لذلك رأينا في ظروف ذكرناها الموقف الأمريكي السالب من الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي.

ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م أتت بمؤشرات جديدة. كثرت التعليقات في أجهزة الإعلام الأمريكية على أن المنطقة العربية تضم حركات احتجاج نشطة. هذا الاحتجاج موجه ضد ثلاثة أشياء: السياسات الإسرائيلية، والسياسات الأمريكية، وسياسات كثير من النظم الحاكمة. القاسم المشترك بين هذه الأشياء هو السياسات الأمريكية فهي التي تدعم عدوان إسرائيل، وهي التي تحمي كثيرا من النظم العربية الحاكمة وتخندق جنودها في المنطقة لتحقيق ذلك.

المقالات والأبحاث الأمريكية التي تناولت هذه الظاهرة كثيرة جداً. أكتفي هنا بما قاله جشوا مورافشك في صحيفة الويكلي استاندرد في 31/12/2001م قال: قادة دول عربية وإسلامية سماها قالوا: إن على أمريكا وهي تحارب الإرهاب ألا تكتفي بالأعراض بل تركز على الجذور المسببة لها. إننا نستطيع أن نسوق البراهين على أن هؤلاء القادة هم العوامل المسببة للإرهاب. لكي نخطو خطوة واسعة للقضاء على الإرهاب إن علينا أن نطيح بالطغاة. إن الإرهاب ينمو في ظل القهر[46]. داخلياً وخارجياً صار المطلب الديمقراطي يحاصر كثيراً من النظم العربية ولكنها مستعصية عليه وما يظهر من إصلاحات ديمقراطية يسير بخطى سلحفائية لا تسمن ولا تغني من جوع.

المجتمعات العربية تعاني الآن أيضا من كساد اقتصادي مظاهره:

  • على طول التسعينيات من القرن الماضي نمو الدخل القومي في البلدان العربية 1% بينما نمو السكان حوالي 4%.
  • نسبة التجارة الخارجية للدخل القومي أقل من نصف النسبة في البلدان الأخرى.
  • نسبة العطالة عالية للغاية تساوي 20%.
  • الاعتماد على النفط في البلدان المنتجة للنفط كبير جدا ولم يستخدم عائد النفط في تنمية إنتاج زراعي وصناعي بالحجم المطلوب مما يسم اقتصادها بأنه ريعي.
  • نسبة الأموال المغربة للخارج في البلدان العربية عالية جدا كذلك نسبة الأموال الموجودة خارج النظم المصرفية مما يؤدي في الحالين لقلة السيولة المتاحة للمستثمرين في الداخل.

هنالك مظاهر اجتماعية سالبة متمثلة في تهميش النساء والشباب وفي تفشي العطالة والتطلع الكبير نحو الهجرة للغرب.

هذه المؤشرات السالبة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية تعزز بعضها الآخر وتشكل خطرا كبيرا على السلام الاجتماعي.

مقاربة ومقارنة بين الشورى والديمقراطية

بين الشورى والديمقراطية عوامل مشتركة أهمها:

  • كلاهما يوجب اعترافاً بكرامة الإنسان ويكفل حقوق الإنسان. حقوق الإنسان في الإسلام تنطلق من قوله تعالى: ]وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ[.[47]، وقوله: }لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم{ٍ[48] وتبدأ من المهد حيث يولد في عش الزوجية المفروش بالسكينة والرحمة والمودة وجوباً، إلى مثواه الخير حيث يشيع في جنازة مهيبة: “إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا”[49]، إلى الصلاة على الميت ودفنه بطريقة تستر جثمانه. وفي ما بين المولد والدفن للإنسان حق الحياة، وسلامة الجسد، والحرية، والمساواة في المعاملة، والملكية الخاصة، وحرية الضمير، وسماع أقوال المدعي والمدعي عليه قانوناً وبراءة المتهم حتى تثبت إدانته، وأن لا عقاب بلا سابق إنذار، وحمايته من التعذيب، وحق التنقل، وحق اللجوء.
  • كلاهما يمنع الانفراد بالسلطة.
  • كلاهما يوجب احترام استقلال القضاء وسيادة حكم القانون.

مع هذه العوامل المقاربة هناك قطعاً اختلاف بحيث يمكن القول: أن الشورى مماثلة للديمقراطية ولكنها ملتزمة بسقوف كما أن الديمقراطية مماثلة للشورى ولكنها مرتبطة بآليات تطبيقية. بل أقول إن التأقلم الثقافي يوجب على الديمقراطية أن تراعي سقوف الشورى. وأقول أن الجدوى التطبيقية توجب على الشورى استصحاب آليات الديمقراطية. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

ولكن مع هذا اللقاح بين المفهومين فبالإشارة للتجربة الغربية تبقى ثلاثة خصوصيات يوجبها الإلتزام الإسلامي هي:

  • حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وإن تطابقت إلى حد كبير في الحالين فإنها في المفهوم الإسلامي تستند إلى جذور روحية وخلقية تعطيها قدسية وعمقاً إضافياً.
  • التوجه الإسلامي يراعي التربية الروحية والخلقية على الصعيد الفردي، ويهتم بالرعاية الاجتماعية والعدل والتكافل وبنهج موزون يصون الإنسان والحيوان والنبات والجماد. وهي معان ٍ لا يلتزم بها النهج الغربي الفردي. ولكن الفكر الغربي المستنير لا يغفلها.

ج- في إطار التجربة الغربية يقوم التعايش بين الأديان على أساس إبعادها من الشأن العام أي مساواة سلبية. في الإطار الإسلامي يقوم التعايش على أساس إيجابي لأنها تعبر عن قيم روحية وخلقية وتعبر عن غايات الحياة العليا وهي مسائل هامة لحياة الإنسان الخاصة والعامة. أي أن التعايش هنا يقوم على أساس إيجابي.

المسألة الثقافية

مسألة الشورى والديمقراطية جزء لا يتجزأ من قضية أكبر هي قضية العلاقة بين ثقافة الوحي الإسلامي والثقافات الوضعية الغربية. الاجتهاد الإسلامي المنكفئ يقول أن حقائق الوحي كما في الكتاب والسنة قد فسرها واستنبط أحكامها السلف الصالح وما على الخلف إلا تطبيق ما جاء منهم تقليداً. هذا الفهم يحبس الحاضر والمستقبل في الماضي ولا يرجى معه حوار مفيد مع الفكر الإسلامي.

هنالك فهم علماني أصولي مؤسس على نقد العقل الخالص للفيلسوف الألماني عمانويل كانط[50]. إذا كانت معارفنا قاصرة على مدارك حواسنا وعالمنا هو عالم الشهادة وحسب فإن هذا الإدراك يؤسس لفكر لا مكان فيه للدين ولا للأخلاق.

الفهم الصحيح للالتزام الإسلامي هو الإلتزام بقطعيات الوحي وتفسيرها والاستنباط منها بالأساليب المشروعة أي حرية الاجتهاد المستمرة، والالتزام الإسلامي يعترف بقيمة معرفية لعطاء الإنسان بالعقل، والحكمة، والتجربة، والمصلحة لفهم حقائق الوحي والتعامل معها.

بهذا النهج يمكننا التعامل مع التراث العقدي والحضاري بصورة منفتحة للعطاء الإنساني غير مقصية لمنجزاته.

الفهم الصحيح لمقتضى نقد العقل الخالص هو تأكيد مشروعية حقائق العلوم الطبيعية وحرية البحث العلمي لكشف قوانين الطبيعة. حرية البحث العلمي واكتشاف قوانين الطبيعة، واستخدامها في التكنولوجيا ينبغي احترامها في مجالاتها. ولكن بطبيعة حالها لا تطول ما هو خارج نطاق الإدراك الحسي أي مجالات القيم الروحية والخلقية. هذه المسائل تناولها كانط في نقد العقل العملي وأكد أهميتها وعدم خضوعها للمعرفة التجريبية[51].

الحضارة الغربية الحديثة مكونة من ثلاثة عناصر:

العنصر الأول: عنصر ذاتي أوربي مكون من تراث ثلاثي:

  • المسيحية بشقيها الكاثوليكي والبروتستيني.
  • القانون الروماني كأساس للدولة.
  • التراث اليوناني كأساس للفكر والفنون.

العنصر الثاني: عنصر علمي مستمد من إنجازات العلوم الحديثة، حوله عهد الاستنارة الأوربي لعنصر علموي نتيجة لانبهار المفكرين بمنجزات العلم والتقنية، فخلق ذلك أصولية علمانية.

العنصر الثالث: عنصر إنساني مكون من حرية البحث العلمي، وحقوق الإنسان، والحريات العامة، واقتصاد السوق الحر، ويمثل تطويراً عظيماً وحصيلة تراكمية لعطاء العقل الإنساني والمجتمع الإنساني وقد ساهمت فيه حضارات الإنسان المختلفة لا سيما الحضارة الإسلامية العربية، ولكنه بلغ نضجه على يد الحضارة الغربية الحديثة التي أثرت بتطويره حضارة الإنسان.

الحضارة الغربية بعناصرها الثلاثة لا سيما الثاني والثالث أثارت ضدها ردود فعل أصولية في كل الأديان. في عام 1988م تبنت الأكاديمية الأمريكية للآداب والعلوم في جامعة شيكاغو دراسة الأصوليات في الأديان تحت عنوان: المشروع الأصولي، استعرضت الدراسة في غضون أربعة أعوام الانبعاث الأصولي البوذي، والهندوكي، واليهودي، والمسيحي، والإسلامي  في العالم. ووصلت لاستنتاج خلاصته: أن هذه الأصوليات تحركت ضد الرؤى الكونية الجديدة التي تتهدد تراثها المقدس[52].

ردة الفعل المضادة في المجال الإسلامي كانت الأكثر حدة وصحبها احتجاج صارخ بفعل ثلاثة مظالم هي:

  • العدوان الصهيوني وأداته الإسرائيلية.
  • النهج الأمريكي الإمبريالي لا سيما تحالفه مع العدوانية الإسرائيلية.
  • التحالف بين الولايات المتحدة ونظم حكم مضطهدة لشعوبها.

هذا الاحتجاج المركب احتجب أثناء الحرب الباردة لأن المادية الشيوعية وغزوها الأحمق لأفغانستان خلق هدفاً مشتركاً مع الولايات المتحدة ضد العدو الشيوعي.

في تلك المرحلة تحالفت السياسة الأمريكية مع تيارات الاحتجاج الإسلامي تحالفاً قصير النظر. أقول قصير النظر لأنه لم يعبأ بالأيدلوجيا الدينية التي كانت تحرك تلك التيارات وهي ذات الأيديولوجيا التي اتجهت باحتجاجها ومقاومتها بعد الحرب الباردة ضد الولايات المتحدة.

حركة طالبان صاحبة قضية يؤيدها كثيرون في العالم الإسلامي: إحياء أحكام الإسلام في الحياة الخاصة والعامة. والقاعدة ترافع عن مطالب يؤيدها كثيرون أيضاً. لكن طالبان أقدمت على برنامجها بحماسة فائقة وفقه قليل واندفعت فيه دون أدنى مراعاة  لمتغيرات الزمان والمكان فشوهت قضية التطبيق الإسلامي كما شوهها قبلها بدرجات أقل متحمسون أو وصوليون تمسكوا بالشعار الإسلامي بغير وعي كاف بظروف العصر الحديث فكانت الحصيلة النهائية لهذه التجارب حرارة شديدة وضوء قليل.

أما تنظيم القاعدة فقد فهم فقه العنف في الإسلام فهماً خاطئاً تماماً. قال أبو غيث الرجل الثالث في القاعدة إن على المسلم وجوباً أن يكون إرهابي وذلك بنص القرآن لأن الله تعالى يقول : }وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم{ْ[53] فالأمر بالإرهاب نص قرآني.

عبارة إرهاب في هذه الآية تعني الردع ولا صلة لها بالعنف العشوائي الذي تعنيه العبارة الحديثة وهي ترجمة غير صحيحة لعبارة Terrorism  وترجمتها الصحيحة إرعاب أو ترعيب لا إرهاب. وعلى نفس المنوال أصدرت القاعدة فتوى في مؤتمرها في فبراير 1998م نصها: “أن قتل الأمريكان وحلفائهم عسكريين ومدنيين فرض عين على كل مسلم في كل بلاد العالم”  هذا النص يخالف أحكام القتال في الإسلام، عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ[54] أن النبي e قال في وصاياه  لقواد الجيوش: “انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَغُلُّوا وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”[55] وجاء في وصية أبي بكر رضي الله عنه ليزيد بن أبي سفيان: “إِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ وَلَا تَحْرِقَنَّ نَخْلًا وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ وَلَا تَغْلُلْ وَلَا تَجْبُن”[56]ْ.

منهج تعاملنا مع الحضارة الغربية ينبغي أن:

  • يلم بتركيبها ويستصحب الموضوعي والإنساني منها.
  • يتعايش مع الذاتي منها ويحاوره.
  • يرفض التبعية ويتصدى للظلم بوسائل احتجاج ومقاومة فكرية وثقافية وفي حالة العدوان والاحتلال مقاومة بالعنف منضبطة بضوابط الشريعة ومقاصدها.

هذا هو النهج الصحيح المبرأ من العنف العشوائي الذي يعطي الطرف الآخر ميزة معنوية تضاف لتفوقه العسكري المعلوم فيأتي بنتائج عكسية وكما قال العز بن عبد السلام[57]: “أي عمل يأتي بنتائج عكس مقاصده فهو باطل” وغني عن البيان أن رفض العنف العشوائي غير المنضبط لا يعني الاستسلام المقيت والمرفوض.

هنالك فتوى تتعلق بالولاء والبراء أن الولاء للمسلم والبراء من الآخرين ومعاداتهم وجوبا.. هذا الفهم يؤدي لعالم منقسم تماما بين دار سلام هي البلاد الإسلامية ودار حرب هي  البلدان الأخرى، فهم مؤسس على أن آية السيف قد نسخت كل آيات التسامح في القرآن، وأصحاب هذه الفتوى يسقطون هذا الفهم للعلاقة بينهم -باعتبارهم هم وحدهم المؤمنين- وبين المسلمين الآخرين باعتبارهم مارقين. لقد بينت في مقام آخر[58] ما يوضح اعتراف الإسلام بالتعددية الدينية والتعددية الفكرية وإجازة التعايش السلمي مع الآخرين على حد قوله  تعالى ] لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ  وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ  فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ[59][. كما بينت إجازة الإسلام للتعددية الاجتهادية والفكرية والسياسية بين المسلمين. هذا يعني فهما أوسع للولاء ويحصر البراء في جماعة معينة هم الذين وصفتهم  الآية: أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ[[60].

الفكر السائد في الغرب وأتباعه في الشرق كان في أواخر القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين حتى نصفه يرى أن ثقافات الماضي سوف تنقرض وتذوب شعوبها في الحضارة الغربية الحديثة. كانت هذه هي القاعدة الفكرية للسياسات الكمالية في تركيا. وكانت هي القاعدة الفكرية لطه حسين[61] في كتابه مستقبل الثقافة في مصر. وهي القاعدة الفكرية لموقف زكي نجيب محمود[62] في كتابه عن الفلسفة الوضعية المنطقية إذ قال أن تلك الثقافات أولى بها سلة المهملات[63].

هذا الموقف من ثقافات الإنسان العريقة كان شائعاً وتفترض صحته النظرية الرأسمالية والنظرية الشيوعية في ذلك الوقت. ولكن منذ ثمانينات القرن العشرين تراجع هذا الموقف ليخلفه موقف سائد الآن لدى كثير من الأوساط العلمية وعبر عنه أصدق تعبير تقرير التنوع البشري الخلاق الذي أصدرته المفوضية العالمية للثقافة والتنمية، وهي منظمة مكونة بالتعاون بين اليونسكو والأمم المتحدة وصدر التقرير في نوفمبر 1995م. جاء في التقرير أن المشاريع التنموية التي لم تأخذ الثقافة في حسبانها باءت بالفشل. وجاء فيه:” أن التنمية خارج السياق الإنساني والثقافي نمو بلا روح.”[64] وحتى تقرير منظمة الأمم المتحدة عن التنمية البشرية في العالم العربي لعام 2002م والذي ركز على أهمية تطوير المجتمعات العربية ووصف نظم الحكم العربية الحالية بأنها بائدة (Obsolete) كما أوضحنا سابقاً لم يغفل أهمية البعد الثقافي إذ قال:” أن الثقافة والقيم هما روح التنمية فهما توفران زخماً  لها وتيسران الوسائل اللازمة لتعزيزها وتحددان تصور الناس لأغراضها وغاياتها وتساعدان على تشكيل آمال الناس ومخاوفهم وطموحاتهم ومواقفهم وأفعالهم اليومية وتشكلان مثل الناس وتلهمان أحلامهم في حياة فاضلة ولأجيالهم القادمة.[65]

ولكن ما يؤخذ على التقرير أنه مع هذا الاعتراف الواضح بدور الثقافة والقيم لم يدخلهما في بنيته ولا في غايات توصياته بل ذكرهما ذكراً عرضياً وتساءل هل الثقافة والقيم لدينا تعززان التنمية البشرية أم تعرقلانها؟ هنا مربط الفرس!! الثقافة والقيم كما يعبر عنها الماضويون والمنكفئون سوف يعرقلان التنمية البشرية بل سوف يحبسان الحاضر والمستقبل في قميص حديد ماضوي. ولكن الثقافة والقيم كما يعبر عنها الصحويون المحيطون بحقائق القديم والجديد سوف تنتصران للتأصيل الصحوي أو التحديث المؤصل.

إن الذين يهمشون دور الثقافة والقيم إنما يهمشون أنفسهم ويعزلون قضيتهم بل ويتركون هذه المفاتيح الهامة أي الثقافة والقيم لتستغلها تيارات الانكفاء الماضوي.

لكي نتخذ نهجاً صحيحاً من الاعتقاد الديني والتراث الثقافي ولكي يقوم الاعتقاد الديني  والانتماء الثقافي بدورهما في الإحياء والبعث وتحقيق التنمية البشرية فالمطلوب هو تحقيق طفرة تنويرية أو قل ثورة ثقافية، ثورة منطلقة من مقومات ذاتية وليست بحال صدى لمطالب وافدة بل تلبية لمطالب داخلية في بناء عصري مؤصل.

هذه الثورة الملبية لمطالب داخلية يمكن أن تعاكسها  أو  تساعدها مواقف الحضارة الغربية. فإن سادت فيها تيارات الهيمنة والاستعلاء فإنها بذلك تعاكس تيارات الصحوة والاستنارة لدينا. وإن سادت فيها تيارات الاستنارة والحوار الندي فإنها بذلك تهزم أطروحات تيارات الانكفاء لدينا، وتشكل تحالفا موضوعيا مع تيارات الصحوة والاستنارة الإسلامية.

الموقف الغربي المستنير المطلوب هو الذي تتوافر فيه المعالم الآتية:

أولا: اعتراف فكري ثقافي بأن الحضارة الغربية حتى في جانبها الذاتي مدينة لحضارات الإنسان الأخرى سيما الحضارة العربية الإسلامية. وأنها فيما حققت من إنجازات علمية وإنسانية واجتماعية قد ورثت وطورت عطاء حضارات أخرى.

ثانيا: الاعتراف بأن الإنجازات العلمية والإنسانية والاجتماعية ذات القيمة الموضوعية والتي طورتها الحضارة الغربية فبلغت بها شأوا عظيما سوف تستصحبها الحضارات الأخرى بطرقها الذاتية كلقاح حضاري لا عن طريق الإملاء المستعلي من الخارج. كلما يصيب الإنسان دون اختياره وإن كان حسنا يتخذ شكل وصاية تستفزه وتهدر كرامته.

ثالثا:  قبول أن للحضارات الأخرى عطاء مستمرا والتعامل معها عبر الحوار لتحقيق منافع متبادلة.

هنالك عدد لا حصر له من العلماء والكتاب والمفكرين في الحضارة الغربية يدركون هذه المسائل ويدلون فيها بآراء نيرة، وهم وأوساط أخرى كثيرة في الغرب يقودون تيارات واضحة الاستنارة مدركة لأهمية انتصار اتجاهاتهم هذه لمصير الإنسانية. ولكن في أيامنا هذه حدثت تطورات سياسية توشك أن تسمم المناخ العالمي بأكثر مما يخشى أن تسممه فتكات أسلحة الدمار الشامل.. الذعر الذي بثته أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م أدى إلى موقفين هامين:

الأول: هو ضمان  شعبية واسعة لأية مواقف سياسية متشددة سيما في الولايات المتحدة. والسياسات الانتخابية لا تقاوم جالبات الشعبية.

الثاني: تمكين اللوبي الصهيوني من إقناع الآخرين بتعريف فضفاض للإرهاب يضع الولايات المتحدة مع دول أخرى في خندق واحد ضد “الإرهاب” مع أن  عددا من حركات العنف الأخرى هي حركات تحرير من احتلال مقاومته مشروعة بكل المقاييس.

هذان العاملان، بالإضافة للشعبية التي اكتسبتها أجندة القاعدة وطالبان في الشارع العربي الإسلامي بسبب الغضب وقلة الحيلة يمكن أن يفلحا في تسميم العلاقات بين الإسلام والغرب، وذلك بتعضيد التيار الاستعلائي فيه فيدخل هذان التياران في حوار أحمق ويدخلان العالم في عهد ظلامي.. اللهم إلا إذا برز الرأي الغربي المستنير، والرأي الإسلامي الصحوي، واستطاعا أن يخلقا خيارا كسبيا.

لقد تعرضنا لتعريف الشورى، وبينا غيابها عن العالم العربي والإسلامي، وتعريف الديمقراطية، وبيان رجحانها وقارناها بالديمقراطية وقلنا أن الشورى ديمقراطية بسقف وأن الديمقراطية شورى مؤسسة.  فما هو موقف نظم الحكم في العالم الإسلامي من الشورى والديمقراطية؟

 

الباب الثالث:

 نظام الحكم الإسلامي والعربي في ميزان ديمقراطي

الخط الواصل بين أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وأزمات الشرق العربي والإسلامي واضح لا يحتمل المغالطة . لذلك ومنذ ذلك الحدث الصاعق تقدمت أجندة أزمات الشرق العربي كافة الأجندات الدولية . وصارت مشاكل المنطقة تبحث باهتمام كبير وبصراحة تامة . كان الحديث عن بعض نظم الحكم في الشرق العربي “تابو” لا يذكر إلا همساً ولكن أسلوب التناول بعد الحدث الصاعق ذبح كل الأبقار المقدسة وتداول الناس في كل أمر فادح .

ولأول مرة نشرت منظمة الأمم المتحدة للتنمية تقريراً عن التنمية البشرية في الشرق الأوسط في عام 2002م. هذا التقرير لا كالتقارير[66]. شاركت في كتابته نخبة تحتل مواقع رفيعة في مؤسسات دولية وأكاديمية وتخصصية. وهي تمثل شخصيات لا يمكن وصفها بالراديكالية أو التطرف بل تحتل مواقعها بمباركة حكوماتها. والتقرير صادر عن منظمة دولية للدول المعنية بالدراسة عضويةً فيها. ومع أن التقرير لم يدع أنه يعبر عن الأمم المتحدة أو منظمة التنمية فيها إلا أن المنظمة نشرت الدراسة تحت اسمها مما يعطي التقرير وزناً مضافاََ.

ألخص فيما يلي ما يهمني هنا من هذا التقرير في سبع نقاط :

1- التنمية البشرية تقاس بحركة أربعة عوامل هي : طول العمر قياساً للحالة الصحية – ومحو أمية الكبار – والاستيعاب في المراحل التعليمية – ونصيب الفرد من الناتج القومي. بهذه المقاييس إن التنمية في العالم العربي حققت تقدماً ملموساً مقارنة بما تحقق في البلدان الأخرى.

2- هنالك مقياس بديل للتنمية البشرية لقياس خمسة أنواع من الحرية مطلوبة لإثراء حياة البشر هي:

  • حرية سياسية تسمح للناس أن يحددوا من يحكمهم؟ وعلى أي أساس يحكمون؟ وما هي الفرص المتاحة لانتقاد الحاكم في صحافة حرة؟

ب- قياس الحرية الاقتصادية التي تتيح للناس العمل على كسب معيشتهم وتحقيق توزيع عادل للثروة .

ج- حرية معرفة الناس لفرصهم المتاحة لهم في المجتمع بشفافية تامة.

د- حرية الناس في نيل خدمات اجتماعية صحية وتعليمية .

هـ – حرية الأمن الإجتماعي الذي بموجبه تتم رعاية الشرائح البشرية المحرومة .

هذه الحريات الخمس شروط لتحقيق الحكم الصالح . والحكم الصالح يتسم بثلاث صفات : درجة عالية من المشاركة، وإمكانية وافرة للمسائلة ، ودرجة عالية من الشفافية .

3- البلدان العربية حائزة على درجة من التطور بالمقاييس المادية . ولكن إذا طبقت المقاييس البديلة وهي مادية معنوية فإن ترتيب الدول العربية بالمقارنة مع الدول الأخرى يقع في ترتيب متدن.

  • إن موجة الديمقراطية التي عمت بلدان أمريكا اللاتينية في الثمانينات ، وبلدان شرق أوربا ووسط آسيا في أواخر الثمانينات والتسعينات لم تبلغ العالم العربي. وهو عالم تسيطر على الدول فيه سلطة تنفيذية تهيمن على كافة السلطات الأخرى بلا ضوابط ولا مسائلة. والديمقراطية النيابية إن وجدت في الدولة فهي ليست دائماً حقيقية. وغالباً تلجم حرية التعبير والتنظيم في المجتمع . وما تزال الاستفادة من قدرات المرأة العربية من خلال المشاركة السياسية والاقتصادية هي الأقل في العالم كله.
  • زيادة التعليم، وتدفق المعلومات الوافدة، وزيادة الدخول غذت تطلعات الناس لمزيد من الحريات ولمزيد من المشاركة في صنع القرار. هذه الأحوال يواجهها غياب المشاركة السياسية، وتهميش لدور المرأة، وارتفاع نسبة الشباب مع حرمانه وعطالته. مما أدى  إلى درجة عالية من الاستياء. استياء عبر عن نفسه بظاهرة اللامبالاة، والتطلع للهجرة، والاحتجاج الذي يلد العنف.
  • هنالك عوامل في المجتمع تساعد التنمية البشرية أو تعرقلها. فالمطلوب لمساعدة التنمية البشرية:
  • إفشاء الحرية بدل السلطوية.
  • المعرفة بدلاً من امتلاك الماديات .
  • العمل بدلاً من حظوة السلطة والمال.
  • العمل لصالح الجماعة بدلاً من الأفراد.
  • حرية المرأة بدلاً من تسلط الرجل .
  • الإبداع بدلاً من التقليد .
  • التعاقد الإجتماعي بدلاً من العصبيات الضيقة .
  • الكفاءة بدلاً من المحسوبية.

إذا سادت القيم الإيجابية سوف يحظى المجتمع بتنمية بشرية تحقق السلام الإجتماعي والاستقرار. أما إذا سادت الجوانب السلبية من هذه الخيارات، فإن الاحتقان الناتج من ذلك سوف يفجر صراعاً اجتماعياً يفضي إلى العنف .

  • إن تحقيق التطورات المطلوبة ، وهيمنة القيم الإيجابية لا تتم إلا إذا حدث تغيير جوهري في التنظيم المجتمعي خاصة في أنساق الحكم في البلدان العربية قطرياً وقومياً . ومن دون ذلك يصبح الحديث عن التنمية بوجه عام وعن التنمية الإنسانية بوجه خاص أشبه بالنقش على الماء !!

هذا التقرير وضع  نظم الحكم في العالم العربي من حيث توافر الحكم الصالح بمقياس ديمقراطي في خانة الإدانة. إدانة تبارى آخرون من الكتاب والمختصين في ترقيمها إحصائيا. فيما يلي خلاصة لإحدى هذه الكتابات وهي دراسة نشرها الدكتور ساليبا سارسار Saliba Sarsar في مجلة الشرق الأوسط الربع سنوية الأمريكية بتاريخ مارس 2000[67]، جاء فيها:

  1. الدول العربية تجمع بينها عوامل مشتركة هي: يتحدثون  اللغة العربية، ومروا بتجربة مشتركة من الفتح  الإسلامي العربي، للحكم العثماني التركي، ثم  الاستعمار الأوروبي الغربي. وغالبية السكان من المسلمين..  هذه البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قالت  عنها هيئة “عين الرقابة لحقوق الإنسان” في تقريرها لعام 1997م: “أغلبية السكان تعيش في بلدان تخرق فيها حقوق الإنسان بانتظام، ودون أية مساءلة، والنظم الحاكمة تمنع حرية التعبير لا سيما في نقد الحكام منعا صارما”.
  2. هنالك ميزان لقياس درجة الممارسة الديمقراطية مكون من تسعة بنود هي:
    • كيف تختار الدولة رؤساءها؟
    • كيف تتكون الأحزاب السياسية فيها؟
    • كيف تختار مجالسها التشريعية؟
    • ما هو مدى حقوق المرأة؟
    • ما هي درجة حرية الصحافة؟
    • ما هي حالة الحرية الدينية؟
    • ما هي درجة احترام حقوق الإنسان؟
    • ما هو مدى الحرية الاقتصادية؟

كل واحدة من هذه النقاط رقمت من صفر إلى اثنين،  فالدولة التي تحصل على صفر في أية نقطة تكون عارية من الديمقراطية في تلك النقطة، والتي تحصل على واحد تكون حاصلة على ديمقراطية جزئية في النقطة المعنية، والتي تحصل على اثنين تكون حاصلة على درجة كاملة من الديمقراطية في بندها. طبقت هذه المقاييس على 17 دولة عربية[68]. كانت  النتيجة:

حصلت المغرب على أعلى نسبة وهي 11 نقطة من 18 أي 61%. تلاها الأردن ولبنان بالحصول على 10.5% نقطة أي 58%. وحصل السودان على نسبة متدنية 4.5% أي 25%. وكانت المملكة العربية السعودية والعراق في مؤخرة القائمة بحصولهما على 14%. قال الباحث : النتيجة هي أنه لا توجد دولة ديمقراطية في المنطقة بالحصول على ما يقارب 18نقطة وأن الأوتوقراطية هي النظام المشترك في العالم العربي[69].

مقولات المدافعين:

هذه الأدلة يقابلها كثيرون بالرفض مدافعين بأربع مقولات هي:

المقولة الأولى: مقولة هجومية ترى أن الديمقراطية جزء من غزو فكري وثقافي دخيل. وهي مرفوضة إسلامياً بل الدعوة إليها دعوة للخروج من الدين. هذا هو موقف حركات الغلو الإسلامي التي صار يمثل صوتها الأعلى جماعة القاعدة وطالبان[70].

المقولة الثانية: مقولة تبريرية ترى أن الديمقراطية لا تناسبنا. وعندنا الشورى وهي أفضل منها وأكثر ملائمة لأحوالنا. هذا ما تقول به أكثرية نظم الحكم في البلدان العربية.

المقولة الثالثة: مقولة اعتذارية ترى أن الديمقراطية غير مجدية في مجتمعات جاهلة ومسكونة بالولاءات الطائفية والقبلية فهي لا تفهم معنى الديمقراطية وتسوقها ولاءات وعصبيات موروثة. وبلداننا محتاجة لنظم حكم مستقرة وفاعلة لتحقيق أهدافها الوطنية مثل التنمية، والتحديث، والعدالة، والتأصيل. هذا ما تدفع به النظم الانقلابية التي تفرض وصاية يسارية (التنمية، والتحديث، والعدالة.) أو نظم يمينية (التأصيل، والتنمية.)

المقولة الرابعة: مقولة هجومية أخرى فحواها أن الديمقراطية زائفة. فلا أحد يستطيع النيابة عن أحد. والتكتل الحزبي يمزق الشعب. والمطلوب هو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه مباشرةً والتخلي تماماً عن آليات الحكم التي تتطلبها الديمقراطية كالنيابة وحرية التنظيم السياسي وغيرها.

ما هي حقيقة هذه المقولات؟

المقولة الأولى: الهجومية

من حيث المبدأ فإن رفض  المفاهيم والنظم بحجة أنها آتية من مصادر غير إسلامية موقف ينافي مبادئ الإسلام والتجارب الإسلامية التاريخية. قال تعالى: ]قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ[[71] وقال: }لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ{[72] ومنذ الصدر الأول استصحب المسلمون نظماً وممارسات وافدة مثل استخدام النقود، وسك العملة، وجباية الخراج، وتدوين الدواوين.

وفي هذا الصدد قال بن قيم الجوزية:” قال الشافعي[73] لا سياسة إلا ما وافق الشرع. قال بن عقيل[74]: ” السياسة ما كان فعلاً يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد وإن لم يصنعه الرسولe ولا نزول به وحي. فإن أردت بقولك إلا ما وافق الشرع أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح. وإن أردت لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فغلط، وتغليط للصحابة. فقد أحرق عثمان المصاحف وكان رأياً اعتمد فيه على مصلحة الأمة.” ومضى يشجب هذا التضييق ويرمي أصحابه بأنهم “جعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، محتاجة لغيرها، وسدوا على نفوسهم طرقا صحيحة من معرفة الحق والتنفيذ له. [75]

قال المستشرق البريطاني الضليع مونتجمري واط: إن الكيفية التي استصحب بها الإسلام حضارات الشرق الأوسط القديم طريقة مدهشة معجزة لأنه استطاع أن يستصحبها وأن يهضمها وأن يثري بها فكره وثقافته[76].

لكن الفرق بين اليوم والأمس هو أن المسلمين كانوا يستصحبون ثقافات أمم مغلوبة. واليوم نحن بصدد استصحاب ثقافة أمة أو حضارة غالبة.

إن التعامل مع الحضارة الغربية يتعدى مجرد قضية التواصل الحضاري ويثير سلبيات مرتبطة بالتعامل بين الإسلام والغرب.

وبصرف النظر عن السلبيات القديمة المتبادلة مثل الحملات الصليبية، وما جرى في الأندلس، وفتح القسطنطينية، والحرب الدينية والثقافية الباردة المستمرة بين الطرفين. أقول بصرف النظر عن تلك المنازلات التاريخية وما ترسب بعدها في العقول والقلوب من تنافر فإن العصر الحديث جاء بأسباب جديدة للتنافر.

عندما أزمع الحلفاء إبرام اتفاقية فرساي بعد الحرب العالمية الأولى، وعلم جان سمتس بمحتوياتها. قال للويد جورج رئيس وزراء بريطانيا:”إن اتفاقية مثل هذه سوف تؤدي لحرب أخرى بعد جيل من الزمان.” واقتنع لويد جورج بالحجة. وكتب مذكرة لزملائه قال فيها:” إن الغزو والظلم الذي يصحب انتصاراتنا لن ينسى وسوف تكون له عواقب وخيمة” هذه المذكرة سربت للرأي العام وثار ضدها 200 من نواب البرلمان البريطاني. ووقف إلى جانبهم اللورد نورثكليف صاحب جريدة التايمز، وأنذروا لويد جورج في برقية نشرتها التايمز فوراً جاء فيها: “إننا نعارض أية محاولة لتخفيف شروط السلام.” فتراجع لويد جورج. وأبرمت اتفاقية فرساي بشروطها المجحفة. فكانت البذرة الأولى التي فرخت النازية فالحرب العالمية الثانية. إن غرور المنتصرين الفائق وظلم المهزومين المبالغ فيه ولد إحساسا بالإهانة والإذلال ومهد للنازية وحماستها الانتقامية.

إن معاملة الغرب للمسلمين عامة وللعرب خاصة سلسلة من إهانات أسوأ من “فرساي”  لذلك فرخت غضباً هو الكامن وراء حملات الاحتجاج الواسعة النطاق.

إن رفض الظلم واجب وكذلك الاحتجاج عليه. ولكن المهم ألا تكون وسائل الاحتجاج من النوع الذي يأباه الشرع، ولا من النوع الذي يهزم مقاصده ويأتي بنتائج عكسية.

الاحتجاج على سياسات الدول الغربية الظالمة ومقاومتها المشروعة ينبغي ألا تعمينا عن منجزات الحضارة الغربية واستصحاب النافع منها لأنه إذا كان لتلك المنجزات قيمة موضوعية فإن رفضها يجعلنا نحن الخاسرين.

الإسلام يجيز استصحاب النافع من التراث الإنساني، “الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها”[77]. وهيمنة الحضارة الغربية ورفض ظلاماتها ينبغي ألا تحملنا على مقاطعة عمياء لها. المقاطعة العمياء للحضارة الغربية انقطاع من تيار حي في حضارة الإنسان وانكفاء يحيط صاحبه بقوقعة مميتة.

هذا علاوة على ما سنتطرق له لاحقا من أن هذه المنجزات الإنسانية التي بلورتها الحضارة الغربية الحديثة قد  اعتمدت فيها على إرث حضاري متنوع كانت الحضارة الإسلامية من أهم روافده.

المقولة الثانية: التبريرية:

نعم الشورى مبدأ سياسي عظيم كالعدالة. ولكن العدالة لا تتحقق إلا عبر مؤسسات القضاء المستقل. فما هي المؤسسة المماثلة للشورى؟ كل الحديث عن أهل الحل والعقد وعن استشارتهم حديث عام لذلك الذين ينادون بأفضلية الشورى يجدون متسعاً للمناداة بها دون الإلتزام بضوابط معينة.

الديمقراطية تتفق مع الشورى في نقاط عديدة: منع الانفراد بالحكم، وإيجاب حقوق للإنسان، واحترام سيادة القانون وغيرها من المبادئ ولكن مع الإتفاق في هذه الأشياء فالديمقراطية ملحقة بها آليات ومؤسسات لتطبيق تلك المبادئ وهذا ما لم يتحقق للشورى. هنالك نوعان من الناس يحرصون على مقولة أن الشورى والديمقراطية مختلفان اختلافاً جوهرياً:

النوع الأول: الذين يخافون الديمقراطية وآلياتها الملزمة ويريدون أن يواصلوا الانفراد بالحكم تحت راية الشورى التي لا تلزمهم بمؤسسات وآليات محددة.

النوع الثاني: علمانيون يرون أن الإنجازات الإنسانية أغنت عن المفاهيم التراثية ولذلك علينا أن نأخذ بالديمقراطية وكفى فالشورى في نظرهم نمط تقليدي تجاوزه الزمن وأتى بمفهوم محدد هو الديمقراطية وآلياتها وهي ثمرة التطور الإنساني وعن طريقها يمكن للمجتمع أن يقرر ما يشاء في حياته العامة والخاصة.

المنادون بالشورى الحريصون على نفي الديمقراطية يقبلون هذا المنطق ويقولون أنه من عيوب الديمقراطية أنها تتيح لأصحاب الأغلبية البشرية حرية بلا سقف مما يتيح لهم تعطيل قطعيات الشريعة وإبطال دور الدين في الحياة العامة.

ولكن لا توجد ديمقراطية تعمل دون سقف. فالديمقراطية حيثما وجدت يصحبها توازن ويضبطها دستور وقوانين وتهيمن عليها حقوق مستعلية إلى درجة التقديس، كالسيادة الوطنية، وحقوق الإنسان، والحقوق الدينية، والحقوق الثقافية، وهلم جرا. لا توجد في العالم ديمقراطية سائبة سادرة متفلتة ولا توجد إلا في خيال غلاة العلمانية وغلاة الإسلاموية. فالديمقراطية الممارسة في الواقع توجد دائماً مسترشدة بقيم وثوابت المجتمع.

المقولة الثالثة : الإعتذارية

هؤلاء يقولون: الديمقراطية في الغرب سبقها تكوين أفق سياسي محدد هو الدولة الوطنية، وسبقها تمكين اقتصادي حققته الثورة الصناعية، وسبقها بلوغ درجة عالية من محو الأمية وانتشار التعليم، وهي جميعها عوامل أدت لانحسار الولاءات الموروثة وفتحت الطريق لنجاح الديمقراطية. أما في بلدان ” العالم الثالث” فإن الدولة الوطنية كوعاء للممارسة السياسية ما زالت هشة تتنازعها ولاءات أوسع من الوطن كالولاء للأمة، وولاءات ضيقة جداً كالولاء للطائفة أو العشيرة. وما زالت هذه البلدان غاطسة في مستنقع الفقر وشعوبها جاهلة أمية. لذلك فإن هذه المجتمعات غير مستعدة للديمقراطية ولا تناسبها إلا نظم حكم أبوية ترعاها حتى تتسق الديمقراطية في مستقبل بعيد. هذه الحجة استخدمتها انقلابات عسكرية استولت على السلطة وفرضت سلطتها بالقوة منفردة أو متحالفة مع تيار فكري شمولي يساري أو يميني أو قومي.

هذه الأطروحة كامنة في مبررات كثير من النظم العربية, ومن فرط ما استخدمت في السودان جعلته أشبه بحقل تجارب عرف النسخة اليسارية منها والنسخة اليمينية. إن حالة التردي التي آل إليها السودان الآن بعد أن خضع لحكم استبدادي في 75% من عمر حياته المستقلة تعود بلا نزاع للشمولية والأيدلوجية بوجهيها اليساري واليميني.

أصدرت في عام 1989م كتاباً بعنوان “الديمقراطية في السودان عائدة وراجحة”. استعرضت في الكتاب أداء ثلاثة نظم ديمقراطية وعمرها القصير وأداء ثلاثة نظم دكتاتورية وعمرها الطويل، وقارنت بينها، وقدمت الدلائل على أن النظم الديمقراطية مع هشاشتها كانت أفضل أداءاً في معالجة قضايا الوطن والمجتمع من النظم الديكتاتورية. وأوضحت كيف أن النظم الديمقراطية عجزت عن الدفاع عن نفسها لالتزامها بحقوق الإنسان وسيادة القانون، بينما النظم الدكتاتورية استطاعت حماية نفسها مهدرة سيادة القانون  وحقوق الإنسان. وأوضحت أن النظم الديمقراطية سمحت بالتطور السياسي بحيث كان أداؤها صاعداً من التجربة الأولى، صعوداً للثانية، فالثالثة . ولكن النظم الديكتاتورية منعت التطور السياسي لذلك كان أداؤها متدنياً من الأولى تدنياً للثانية، وتدنياُ للثالثة.

ولمزيد من التأكيد لهذه الحقيقة سيصدر قريباً –بإذن الله- كتاب يقارن تفصيلاً بين الديمقراطية الثالثة في السودان (1986- 1989م) وبين الشمولية الثالثة الحالية. موضوع الكتاب يبرهن بالتفصيل ماذا خسر السودان بضياع الديمقراطية وقيام الشمولية الراهنة.

إن أقوى دليل على بطلان الحجة الإعتذارية هذه هو التجربة الهندية. الهند مع فقرها وتنوع ولاءاتها الموروثة بصورة مبالغ فيها، مارست تجربة ديمقراطية ناجحة، بينما تردت الباكستان في ظلمات الانقلابات المتكررة.

المقولة الرابعة: الحجة الهيكلية

هذه تعتبر أن النيابة التي تقوم عليها الديمقراطية مسألة زائفة, وأن التكتل الحزبي الذي يوجبه التنافس الديمقراطي مسألة ممزقة للشعوب. والبديل الصحيح لهذا التزييف هو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه مباشرة.

في نطاق قرية محدودة رقعةً وسكاناً وإذا لم توجد اختلافات فكرية بين سكان القرية، فإن هؤلاء يمكن أن يستغنوا عن التحزب وأن يحكموا أنفسهم حكماً مباشراً. أما في نطاق وطن مترامي الأطراف كثير السكان فإن النيابة هي الآلية الوحيدة للمشاركة في الشأن العام. كذلك إذا وجدت في المجتمع تعددية فكرية وهي ظاهرة لا يخلو منها مجتمع فإن الحزبية هي الوسيلة الوحيدة لتنظيم التنافس بين الجماعات المختلفة. إن المجتمعات البشرية سوف تظهر فيها حتماً ثلاثة أنواع من الاختلافات:

  • اختلافات موروثة دينية وقبلية وهي أكثر شيوعاً في المجتمعات التقليدية.
  • اختلافات فكرية وحتى داخل المنظومة الفكرية الواحدة اختلافات بين محافظين ومعتدلين وتقدميين .
  • اختلافات طبقية.

لا سبيل لإلغاء هذه الاختلافات إلا بإلغاء الحرية.

الديمقراطية وآلياتها هي وسيلة لإدارة هذه الاختلافات بوسائل سلمية. إن التعددية الحزبية نتيجة حتمية للحرية ولا يمكن إلغاؤها إلا بالقوة.

صحيح ينبغي تنظيم الحرية لكيلا تؤدي للفوضى. وهذا يعني ضرورة ترشيد التعددية. كما يمكن تقصير ظل النيابة بوسائل مختلفة بين النائب وناخبيه.

إن للديمقراطية بحق عيوباً كثيرة ولكن عيوب البدائل المتاحة لها كلها أفدح. “الديمقراطية أسوأ نظام حكم إذا استثنينا النظم الأخرى البديلة.”[78]

أزمة الحكم في البلاد العربية الإسلامية

مهما أوضحنا من أمر الشورى والديمقراطية وما بينهما من اتصال وانفصال، فإن واقع الحال أنهما يسجلان غيابا فاضحا في بلداننا. لقد شرعت بعض البلدان العربية في تكوين مجالس للشورى، وبعض البلدان الأخرى اتخذت خطى نحو بناء ديمقراطي. لكن هذه الخطى في الحالين بمقاييس الشورى التي ذكرناها، وبمقاييس الديمقراطية التي حددناها، بطيئة لا تتناسب مع ما حدث في مناطق العالم الأخرى مما جلب للإسلام عموما وللثقافة العربية خاصة اتهاما أساسيا بأن النزعة الأوتقراطية كامنة في الدين الإسلامي وفي الثقافة العربية. قيل أن الإسلام هو سبب النزعة الأوتقراطية لأنه يوجه الحياة الروحية والاجتماعية للمسلمين ويربط بينهما مما يجعل الثبات المطلوب في المسائل الروحية والعبادية مطلوبا أيضا في المسائل  الاجتماعية المجبولة على الحركة لا الثبات. لذلك منع الإسلام الحرية الشخصية والفصل بين ما هو ديني وما هو سياسي وهما شرطان كانا سببا في التمهيد للديمقراطية في الغرب. وقيل أن  هذه النزعة الإسلامية عززها في البلدان العربية تمحور الولاء الجماعي فيها حول عصبية القبيلة. لذلك صارت البلدان الإسلامية نفسيا وثقافيا مهيأة للاستبداد ومن باب أولى البلدان العربية كذلك.

الحقيقية هي أن النصوص الإسلامية المعنية نصوص تمنع حكم الفرد، وتمنع الاستبداد، وتكفل حقوقا مقدسة للإنسان، وتقتضي سيادة حكم القانون. ولكن الممارسة غيبت هذه الحقوق.

هذا الاتهام قد كيل في الماضي للديانة الكونفوشية باعتبار أن فلسفتها تقدس الولاء للوظيفة وللأسرة مما يمنع التطور الديمقراطي. وكيل للكاثوليكية لما تتطلب من ولاء للبابا وأعوانه لذلك حالت  دون التطور الديمقراطي في إيطاليا وأسبانيا وأمريكا اللاتينية. ورغم هذه الاتهامات فإن الديمقراطية بزغت وانتعشت في المناطق المذكورة. لقد أشار لذلك مورافشك في مقاله المشار له آنفا حيث يؤكد  غياب الديمقراطية في العالم  الإسلامي في الوقت الذي تزدهر فيه في كل ما حولهم، يقول: حقيقة غياب الديمقراطية الفادح عن العالم الإسلامي لا تستطيع إثبات أن الإسلام يتعارض مع الحرية والديمقراطية أصلا. فقبل جيل مضى وقبل انتشار الديمقراطية في آسيا، كان يقال أن القيم الكونفوشية معادية للديمقراطية، وقبل ذلك بجيل، حينما ذبلت الديمقراطية في أمريكيا اللاتينية، وإيطاليا، وأسبانيا وبولندا، قيل كلام مثله عن الكاثوليكية. والآن فإن مثل هذه التعميمات تبدو كتعصب أعمى[79].

بالنسبة للبلدان الإسلامية، إن الإسلام هو أول دعوة جاءت بولاية الأمر المؤسسة على الشورى والخلافة غير الوراثية والحقوق المقدسة للإنسان، وسيادة حكم القانون. وكان يرجى أن تدفع هذه المبادئ إلى تكوين آليات ومؤسسات لتطبيقها. ولكن هذا لم يحدث بل الذي حدث هو العكس تماما. بقيت هذه المبادئ نصوصا معلقة في الهواء بينما سيطر الاستبداد والتغلب على مفاتيح السلطة ونظم الحكم.

لقد فجع الضمير المسلم في خلاف الصحابة بالصورة الدموية التي جسدتها الفتنة الكبرى وما تلاها من سفك  الدماء التي خضبت النصف الثاني من عهد  الخلفاء الراشدين، وعهد بني أمية، وعهد بني العباس بصورة جعلت الرأي العام الإسلامي كما تمثله أغلبية المذاهب والفرق كما أوضحنا تفضل الاستقرار الذي يحققه التغلب على الاضطراب الذي يسببه التصدي للحاكم أو الخروج عليه.

لذلك يمكننا أن نقول أنه رغم مبادئ الإسلام السياسية، لا بسببها،  انحازت اجتهادات الفرق والمذاهب الإسلامية للتسليم بحكم  الفرد ونظم  الاستبداد. لذلك لا غرابة أن تخلو نظم الحكم في بلداننا فيما قبل الاتصال بالحضارة الغربية من الشورى الحقيقية، وأن تخلو اليوم بعد الاتصال بالحضارة الغربية من الشورى الحقيقية ومن الديمقراطية.

لقد أوضحنا أن  هذا هو الحال سابقا وأن  عوامل كثيرة تغيرت فوضعت نظم  الحكم المعنية في حصار متعدد الجبهات متأهب للنيل من شرعيتها:

أولا: هنالك تيارات متشددة تعتبر أن النصوص الشرعية في الكتاب والسنة قد  تناولها تفسير السلف الصالح واستنباطاتهم فأورثونا جسما كاملا من الأحكام يمثل إرادة الله للخلق وما على الخلف إلا تقليد  السلف وتطبيق تلك  الأحكام امتثالا لإرادة الله.

هذه التيارات بعضها هادئ ويكتفي بالخطاب في المنابر المختلفة لا سيما خطب الجمعة داعيا ولاة الأمور إلى الامتثال لإرادة الله. وبعضها حركي يعمل لتحقيق مقولاته عمليا على نحو ما فعلت طالبان وأخواتها.

هذه التيارات مهما بعدت عن السلطة، وعن العصر،  فإن لمقولاتها قواعد شعبية تحاصر النظم  الحاكمة بتطلعاتها بإلحاح وتنال من شرعيتها بقدر تخلف النظم عن تلبية تلك الدعوات.

ثانيا: لقد أدى انتشار التعليم الحديث، والاتصال بالعالم، وزيادات الدخول، والإعلام العالمي النفاذ، إلى نشأة تيارات لبرالية علمانية تحاصر النظم الحاكمة بتطلعات ديمقراطية. وتستخدم كافة المنابر الإعلامية المتاحة لها للنيل من أية شرعية غير مؤسسة على الديمقراطية وتعرية نظم الحكم القائمة. هذه التيارات على كثرة أصواتها لا تضارع التيارات المتشددة إسلاميا في تماسكها ولكنها ماضية في بث أطروحاتها تجمعها وحدة الهدف وتغيب عنها وحدة الصف.

ثالثا: في مقابل المفكرين والدعاة العلمانيين يوجد عدد ضخم من المفكرين الإسلاميين الصحويين الذين يقولون بإلزامية الشورى بل بالديمقراطية كمطلب إسلامي لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. هؤلاء صار لهم وزن معنوي وفكري كبير. ولكن وزنهم الشعبي خفيف بالمقارنة لوزن التيار الديني الراديكالي المغيب للشورى- لأنه يركز على الجهاد ويخاطب العاطفة الدينية في ظل الغضب وقلة الحيلة المذكورين- والمغيب للديمقراطية لأنه يعتبرها بدعة منكرة.

رابعا: التطورات الاستراتيجية الهامة في الشرق الأوسط (فلسطين) وفي منطقة الخليج (العراق)، وفي جنوب آسيا (أفغانستان) وفي القرن الإفريقي (السودان) وفي غيرها من مناطق العالم كشفت عن عجز  النظام العربي الرسمي التام في وجه الأحداث ووقوفه مشلولا ومتهما. بينما لا دليل على حيوية في المنطقة إلا على المستويات الشعبية مثل حزب الله في لبنان، وحماس والجهاد والجبهة الشعبية في فلسطين.

خامسا: كان الغرب -لا سيما الولايات المتحدة- راضيا عن  دور أكثر  النظم العربية وغير مشغول بغياب الديمقراطية فيها ما دامت تخدم مصالحه  وأهمها تدفق النفط دون عائق ووضع عائداته في المصارف الغربية، والتعامل مع المصدر الغربي على أنه الأفضل مما يعطيه أولوية في نقل التكنولوجيا والتجارة ويفتح له الأسواق العربية، ومسالمة إسرائيل أو على الأقل عدم التصدي لها.. وهي أمور يتوقع أن يهددها القادة المنتخبون إن وصلوا للسلطة. ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر هزت هذه المعادلة. لقد صار لدى كثير من المفكرين الاستراتيجيين الأمريكان اقتناع جديد وهو أن البلدان الحليفة لهم في الشرق العربي هي مصادر الخطر على أمنهم بما تفرخه ظروف القهر فيها من تربة صالحة للإرهاب. يبدو الآن لكثير من المفكرين الإستراتيجيين أن قيام نظم علمانية ديمقراطية بديلة  على نحو ما تمثله الأجندة الكمالية مستحيل. بل الأجندة الكمالية في وطنها نفسه محاصرة. والخياران الواردان كبديل للواقع المتآكل هما: توجهات إسلامية معتدلة تأتي عبر صناديق الانتخابات أو توجهات إسلامية متشددة تفرض نفسها عبر دوي  الرصاصات. وكثير منهم يبدي انحيازا واضحا للخيار الأول.

سادسا: لم تعد منظمات الأمم  المتحدة، ولا المنظمات الإقليمية الهامة مثل الاتحاد  الأوروبي والاتحاد الإفريقي محايدة بالنسبة للديمقراطية بل صارت تتبنى خطابا يعتبر الديمقراطية أساسا لشرعية الحكم في الدول فإعلان الأمم المتحدة للألفية الثالثة، واتفاقية كوتونو الموقعة بين  الاتحاد  الأوروبي  ومجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي [80]، والشراكة الجديدة من أجل التنمية في إفريقيا (النيباد NEPAD)[81]، وغيرها صارت تتطلع للديمقراطية وتشترطها.  صارت الديمقراطية جزءا من لغة الدبلوماسية.

هذا الحصار السداسي الجبهات جعل العالم العربي يبدو كأنه  جزيرة معزولة.

هذا كله معناه:

أولا: أن استمرار هذا الحال على ما هو عليه في العالم العربي مستحيل في وجه الحصار السداسي الجبهات.

ثانيا: هنالك إذا استبعدنا استمرار الحال كما هو ثلاثة احتمالات للمستقبل:

  • حيثما توجد مؤسسات مجتمع مدني قوية يمكن أن تحدث ثورات على نمط الثورة الإسلامية في إيران.
  • تؤدي أزمة الحكم وتآكل الشرعية لانقلابات عسكرية بدعم أجنبي.
  • تحول سلمي ديمقراطي

الثورات على النمط  الإيراني واردة في بعض البلدان ومن شانها أن تعمق الأزمات الداخلية في البلدان المعنية كما سوف تعمق التأزم في العلاقات الدولية.

الانقلابات العسكرية وهي الأسلوب المفضل للقوى الدولية غير مأمونة العواقب وتاريخها في المنطقة كان تاريخا حزينا.

الاحتمال المأمون والأفضل هو التحول الديمقراطي المحسوب. لكن هذا ينبغي أن يبرأ من المناورة والتردد ويمضي قدما بخطى ثابتة لخط إستراتيجي تقدم عليه القوى السياسية الحاكمة بالتعاون الجاد مع الرأي الآخر. هذا الخيار يوجب الاتفاق على برنامج بالأسس الآتية:

  • الاعتراف بالتعددية وتشجيع قيام أحزاب سياسية قوية وديمقراطية.
  • الالتزام بميثاق لحقوق الإنسان والحريات العامة.
  • الالتزام بالتسامح الديني والسياسي وبث ثقافة مدنية تحترم الآخر وتكفل حقوقه.
  • احترام استقلال القضاء.
  • إجراء انتخابات حرة ونزيهة لانتخاب مجالس محلية ومجالس نيابية تشريعية.
  • تكوين نظم دستورية تراعي هذه التطورات وتوفق بين التأصيل والتحديث وتكفل الانتقال لنظم ديمقراطية سواء كانت ملكية دستورية أو جمهورية ديمقراطية .

هذه هي الشروط في جوهرها ولكن ينبغي أن يكون تفصيلها بما يلائم الحالات المختلفة مع مراعاة السرعة المناسبة لتدخل المنطقة تيار التاريخ.

ختام

نظم الحكم في البلدان الإسلامية اليوم تقيم شرعيتها على أحد أساسين: شرعية وراثية لأسرة تاريخية، أو شرعية ثورية. الإسلام يقيم شرعية الحكم على الشورى والفكر السياسي الحديث يقيمها على الديمقراطية.

لقد أوضحنا هنا ما يؤكد المقاربة بين المفهومين وهما الأساس المقبول إسلاميا وإنسانيا للشرعية.

التحدي الذي يواجه المسلمين اليوم في مجال الحكم هو إدراك أن الشرعيات الوراثية والثورة قد تآكلت وحلت محلها الأسس الشورية والديمقراطية للشرعية. إدراك هذه الحقائق على مستوى الحكومات والشعوب يساعد على بلورة مشروع نهضوي إسلامي للتحول السلمي نحو الشرعية الشورية الديمقراطية.

هذا المشروع النهضوي يطابق مقاصد الشريعة الإسلامية، ويمكن الدول في العالم الإسلامي من اللحاق بالعصر، ويلبي تطلعات الشعوب المشروعة، ويفعل دور الشعوب الإسلامية في السياسة الدولية، ويحمي المنطقة من هيمنة دولية تتذرع باستهداف الطالبانية والصدامية وأخواتها.

هذا الخط يقضي على التناقض بين الحكومات وشعوبها، ويجد تجاوبا من الأسرة الدولية، والتيارات المستنيرة في الغرب، ومن شأنه أن يحتوي تيارات الاحتجاج في بلداننا، ويعزل تيارات الهيمنة الدولية.

لولا التطورات الماساوية الأخيرة لما اتضحت الرؤية الداخلية والخارجية في عالمنا الإسلامي بهذه الصورة القاطعة مما أوجب التطلع لهذا المشروع النهضوي والعمل من أجله.. }وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ[82]{.

الهوامش

هوامش الباب الأول: الشورى

[1] سورة البقرة، الآية 256.

[2] سورة الغاشية، الآيتان 21-22.

[3] سورة الكهف الآية 29

[4]  الحديث عن ابن عباس ، رواه ابن ماجة- موسوعة الحديث– ابن ماجة رقم 961.  حديث آخر عن النبي e رواه عبد  الله بن عمرو عن رسول الله e يذكر ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاة، منهم: “ٌ الرَّجُلُ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ” رواه ابن ماجة وأبو داؤد.

[5] رواه أحمد عن  الزهري- رقم 18166

[6] أحمد بن حنبل (164- 241هـ): هو أحمد بن حنبل بن هلال الذهلي الشيباني المروي البغدادي، اصله من مرو. ولد في بغداد ثم رحل إلى الكوفة والبصرة والشام والحجاز واليمن طالبا للحديث، تفقه على الشافعي ثم اجتهد لنفسه، تزعم معارضة فكرة خلق القرآن واحتمل في سبيل ذلك السجن والتعذيب في عهد المعتصم، من تصانيفه المسند، وكتاب طاعة الرسول، وكتاب الناسخ والمنسوخ، والجرح والتعديل، والحل وغيرها.

[7] موسوعة الحديث– سابق  أحمد رقم 17309

[8] أخرجه الإمام أحمد.

[9]  رواه ابن ماجة وأبو داؤد

[10]  رواه ابن عباس- أخرجه البخاري 6328- وأحمد368

[11] السمرقندي الدارمي  ( 181-255هـ) هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمي السمرقندي أبو محمد. من أعلام المحدثين, ولد ونشأ بسمرقند ورحل إلى الحجاز والشام والعراق ومصر وخراسان وسمع من كبار المحدثين في تلك البلاد وقضى زمنا طويلا في الرحلات والأسفار, يستزيد من العلم ويفيد من أهله حتى برع فيه وأضحى من الحفاظ, روى عنه مسلم بن الحجاج وأبو داود والترمذي من أصحاب السنن. تولى قضاء سمرقند ثم زهد في القضاء من تصانيفه: الجامع الصحيح في السنن المعروف بسنن الدارمي, وتفسير القرآن, وغيرهما, توفي في سمرقند.

[12] سليمان بن عبد الملك( 54هـ – 99هـ) هو سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الخليفة الأموي القرشي، ولي الخلافة بعد وفاة أخيه الوليد سنة 96هـ ولم يتخلف عن مبايعته أحد، أحسن إلى الناس فأطلق سراح الأسرى  وأخلى السجون وفي عهده فتحت جرجان وطبرستان.

[13] أبو حازم المخزومي (  ت 140هـ)  و سلمة بن دينار المخزومي بالولاء، فارسي الأصل وأمه رومية. عالم المدينة وقاضيها، كان زاهداً عابداً شديداً في نصح الخلفاء له حوار طويل مع الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك تطرق فيه لقهر الأمويين وأخذهم الملك عنوة ورد هذا الحوار في كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة، والعقد الفريد لابن عبد ربه وغير ذلك. نشأ بالمدينة ومات بها.

[14]  موسوعة الحديث الدارمي رقم 645

[15] المغيرة بن شعبة (ت 50 هـ) هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي. أبو عبد الله. من كبار الصحابة أولي الشجاعة والمكيدة والدهاء. أسلم عام الخندق وقدم مهاجرا وشهد الحديبية وبيعة الرضوان. شهد عدة غزوات. ولاه عمر بن الخطاب على البصرة بعد وفاة عتبة بن غزوان سنة 16هـ. بعد التحكيم لحق بمعاوية. ولاه معاوية على الكوفة فظل فيها إلى أن مات, وكان معاوية ينوي عزله, لكنه أبقاه بعد أن أشار عليه بعقد ولاية عهده لابنه يزيد فلاقت الفكرة هواه.. قيل في وصف دهاء المغيرة: لو أن مدينة لها ثمانية أبواب, لا يخرج أحد من بابها إلا بمكر, لخرج المغيرة من أبوابها كلها. توفي بطاعون الكوفة ودفن فيها.

[16] معاوية بن أبي سفيان (20 ق.هـ- رجب60 هـ) هو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي. أبو عبد الرحمن. أمه هند بنت عتبة. أسلم هو وأبوه يوم فتح مكة وشهد معه وقعة حنين، ضمه رسول الله e إلى كتاب الوحي. خلف أخيه يزيد في إمارة دمشق إبان خلافة أبي بكر الصديق بكر وأقره عمر بن الخطاب، وظل أميرا عشرين عاما وملك عشرين عاما. وقعت بينه وبين الإمام علي حرب صفين سنة 37هـ وخرج بخدعة التحكيم. تعاهد الخوارج على قتله وقتل علي وقتل عمرو بن العاص فنجا من القتل هو وعمرو وقتل علي. أول من حول الخلافة إلى ملك عضود. قال: إني لا أحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا. قارن نفسه مع أبي بكر وعمر فقال: أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأما عمر فأرادته ولم يردها، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن. توفي في دمشق وفيها دفن.

[17] ابن الأثير الكامل في التاريخ، – ج3 ص198. ابن الأثير عز الدين  ( 559- 630هـ)هو علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري (نسبة إلى جزيرة ابن عمر) حيث ولد. أبو الحسن عز الدين. انتقل مع أسرته إلى الموصل وأتم تحصيل علمه فيها وفيها توفي. من تصانيفه: كتاب (الكامل) في التاريخ و(أسد الغابة في معرفة الصحابة) و (اللباب في تهذيب الأنساب) وهو مختصر لكتاب السمعاني في الأنساب وله (تاريخ الدولة الأتابكية) التي عاش في ظلها.

[18] نفسه.

[19] معاوية بن يزيد( 41-46هـ) هو معاوية ( الثاني) بن يزيد بن معاوية ( الأول) بن أبي سفيان الأموي القرشي، عهد إليه أبوه بالخلافة،ولكنه شعر بالضعف ودنو الأجل فجمع الناس وأخبرهم أنه أراد أن يستخلف عليهم مثل عمر بن الخطاب أو أن يحدد لهم ستة ( كستة الشورى) ليختاروا من بينهم فلم يجدوا لذلك قال للناس: أنتم أولى بأمركم فاختاروا من أحببتم ثم دخل منزله ومات بعد قليل.

[20] عمر بن عبد العزيز (61- 101 هـ): هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي. أبو حفص. أمه ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب المشهورة باسم (أم عاصم) وزوجته فاطمة بنت عمه عبد الملك بن مروان تابعي جليل القدر. تولى الخلافة من سليمان بن عبد الملك عام 99 هـ، كان خليفة صالحا, اشتهر بالعدل, حتى قيل له خامس الخلفاء الراشدين تشبها بهم. ولد بالمدينة وفيها نشأ وتلقى العلم. وكان يلقب بالأشج, لأنه دخل وهو صغير إصطبل أبيه فضربته فرس فشجته،كان له اهتمام بالعلم, وهو الذي أشار على الإمام الزهري بجمع حديث رسول الله e. كان ولاة بني أمية قبله يشتمون عليا بن أبي طالب من على المنابر, فلما تولى عمر الخلافة منع شتمه, وكتب إلى نوابه بإبطاله وقرأ مكانه الآية:  ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[. فاستمرت قراءتها إلى الآن. أزال مظالم بني أمية وبدأ بنفسه أولا، وقد شدد على بني أمية وأغلظ لهم وأمرهم برد ما اغتصبوه. كان يضرب المثل بعدله. ويقول الطبري إن بني أمية خافوا أن يعزل عمر يزيدا بن عبد الملك من ولاية العهد من بعده, فدسوا له السم فمات بعد أيام وهو بدير سمعان من أرض معرة النعمان ودفن هناك. مدة خلافته سنتان ونصف. عم اليسر والرخاء في زمانه حتى كان المسلم لا يجد مستحقا لزكاته.

[21] المأمون ( 170- 218 هـ)  هو عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور الهاشمي القرشي أبو العباس، كان أحد عظماء الملوك في سيرته، اشتهر عهده بازدهار العلوم والمعارف والترجمة، قرب إليه العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين وأهل اللغة والأخبار والمعرفة بالشعر والأنساب. وكان ميالاً للتشيع.

[22] علي الرضا ( 152-203هـ) هو علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب،  ثمن الأئمة الأثني عشرية عند الإمامية،أحبه الخليفة المأمون وعهد إليه بالخلافة مما أدى إلى ثورة أهل بغداد وخلعهم للمأمون احتجاجا على انتقال الخلافة إلى العلويين، ولكن المأمون أعتذر لأهل بغداد ودعاهم للعودة إلى طاعته بعد وفاة علي الرضا في طوس وقيل أن المأمون دس له السم، وبالفعل عاد الناس وبايعوا المأمون.

[23] الماوردي (364-450هـ): هو علي بن محمد بن حبيب البصري، ولد في البصرة وتلقى العلم على شيوخها، ثم انتقل إلى بغداد واستمر في تحصيل العلم وتولى القضاء، كان معتزليا في الأصول وشافعيا في الفروع. من كتبه “أدب الدنيا والدين” و”الأحكام السلطانية” و”سياسة أعلام النبوة” و”قانون الوزارة” و”الحاوي في الفقه”.

[24]  لتفاصيل النظرية السنية والنظرية الشيعية أنظر: الصادق المهدي العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي الزهراء  للإعلام العربي- القاهرة ص 179- 190. وأيضا الصادق المهدي جدلية الأصل والعصر-  الخرطوم 2002م

[25] محمد الأمين( 170-198هـ)  هو محمد بن هارون الرشيد سادس خلفاء بني العباس، تولى الخلافة بعد أبيه سنة 193 وعزل أخويه المأمون والمؤتمن عن ولاية العهد، كما أرسل جيشاً  لمحاربة المأمون في خراسان فوجه المأمون جيشاً للقائد فحاصره في بغداد وقتله.

[26] المنتصر بالله (223-248هـ) هو محمد بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد الخليفة العباسي الحادي عشر، بويع بالخلافة بعد قتل أبيه وعزل أخويه المعتز والمؤيد عن ولاية العهد ومات بعد تولية الخلافة بستة أشهر

[27]  المتوكل على الله ( 206-247هـ) هو جعفر بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد، الخليفة العباسي العاشر، ولد ببغداد، رفع محنة خلق القرآن بمنعة للمناظرات في هذه المسألة كان عنيفاً في معاملة العلويين حيث هدم قبر الحسين ومنع الناس من زيارته، أنفق أموالاً طائلة في بناية القصور، وكان منهمكاً في الشراب والملذات، مات مقتولاً بمؤامرة من ابنه المنتصر لأنه أراد أن يقدم ابنه المعتز على المنتصر في الخلافة.

[28] الخيزران(    ت 173هـ)       هي الخيزران بنت عطاء، كانت من جواري المهدي، الخليفة العباسي  فأعتقها وتزوجها وأنجبت له ولديه الهادي والرشيد، وكانت محبة للسلطان والنفوذ وبعد وفاة المهدي منعها ابنها من التدخل في شئون الدولة وعزم على لعزل أخيه الرشيد ليعهد بالخلافة لابنه حقدت عليه وتسببت في قتله.

[29] الهادي: ( 146-170) هو موسى بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور رابع خلفاء بني العباس، تولى الخلافة بعد أبيه المهدي وكانت مدة حكمه سنة وبضعة أشهر، كان غيوراً شديد البطش وكما عرف باللهو في مجالسه، وتعددت الروايات بشأن وفاته وأحدها أن أمه سممته عندما عزم قتل أخيه الرشيد ليعهد بالخلافة إلى ابنه جعفر.

[30] الشهرستاني الملل والنحل– ج1 ص20. أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت 548هـ/ 1153م)  دارت حوله بحوث كثيرة، وخاصة فيما يرتبط بمذهبه. فالأقدمون بين متهم إياه بالغلو في التشيع، وبين مدافع عنه ومؤكد بأنه أشعري شافعي. والمتأخرون منهم من دافع عن نزاهته، ومنهم من طعن فيه.

[31] من أئمة المعتزلة في القرن الثاني على عهد  المأمون- تنسب له فرقة الهشامية.

[32] أنظر للتبحر : الصادق المهدي العقوبات الشرعية وموقعها من النظام  الاجتماعي الإسلامي- الزهراء للإعلام العربي- القاهرة- 1987م.

[33] علي زين العابدين  (38- 94 هـ) هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي. أبو الحسن, الملقب بزين العابدين لعبادته. هو رابع الأئمة الاثني عشر الإمامية. من الفقهاء الحفاظ, كان ممن يضرب به المثل في الحلم والورع والجود. لم يكن للحسين عقب إلا ابنه علي, لأن أولاده قتلوا معه في وقعة كربلاء وجميع الحسينيين من نسله. كان على عظيم الهيبة متواضعا.

[34] السلطان الفاتح محمد خان الثاني 855-886هـ

[35] السلطان محمد خان الثالث ابن السلطان مرادخان الثالث 1003-1012هـ

[36] دعبل الخزاعي (ت 246هـ) هو دعبل بن رزين الخزاعي. أبو علي. قيل إن دعبل لقبه واسمه الحسن وقيل عبد الرحمن وقيل محمد. ودعبل وصف للناقة الفتية الشابة. عربي من اليمن، نشأ في الكوفة وأقام ببغداد. شاعر مطبوع، هجاء خبيث اللسان، لم يسلم منه الخلفاء ولا وزراؤهم، ولا أفلت منه كبير ولا صغير، فكان الناس يخافونه ويتقونه.

[37] حسان حتحوت (1924م) (الدكتور) ولد بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفبة بمصر، تخرج في كلية الطب وتخصص في أمراض النساء والتوليد في جامعة فؤاد الأول ( القاهرة حالياً) وحصل على درجة الدكتوراه ثم الزمالة في علم الأجنة في إنجلترا، اشترك في العمل الوطني مع الإنجليز، كما اشترك في حرب فلسطين(1948م) بصفته طبيباً، انضم لجامعة الأخوان المسلمين 1941م على يد مؤسسها حسن البنا وانقطعت صلته التنظيمية بها عام 1953م وقد تعرض للاعتقال ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي عمل فيها على نشر الدعوة الإسلامية والدفاع على قضايا المسلمين في وسائل الإعلام.

 

هوامش الباب الثاني: الديمقراطية والشورى

[38]    Resolution adopted by the General Assembly : 55/2. United Nations Millennium Declaration  موجود على الموقع

[39] مصطفى كمال أتاتورك (1881-10نوفمبر1938) هو مصطفى بن علي ريزا، ولد في مدينة سالونيك اليونانية التي كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وانتسب للثانوية العسكرية 1893.وبدأ الخدمة في دمشق. وفي 1906 أنشأ منظمة “الأرض والحرية” من أجل إسقاط نظام الخلافة العثماني. في 1919 أعلن بداية حرب “تحرير تركيا” من الخلافة العثمانية. في 1920 تأسست الجمعية الوطنية التركية وانتخب مصطفى كمال رئيسا لها. وفي 1923 تم إعلان قيام الجمهورية التركية وعاصمتها أنقرة وانتخاب اتاتورك رئيسا لها بالإجماع. 1923 ـ 1938 فترة حكم أتاتورك التي عمل خلالها على علمنة الحياة السياسية والقضائية والتربوية والاجتماعية في تركيا.

[40]  جعفر محمد نميري (ولد 1930) قاد مع مجموعة من صغار الضباط انقلابا في 25 مايو 1969م وكان يساري التوجه بادئ. أباد الأنصار في مجزرتي الجزيرة أبا وودنوباوي و حوادث الكرمك التي اغتيل فيها إمام الأنصار ورفاقه في مارس 1970. في يوليو 1971 انقلب عليه حلفاؤه الشيوعيون فتغلب عليهم وبطش بهم وأباد جل قياداتهم. وتحول للمعسكر اليمني وصار عميلا للولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة. عارضته القوى الوطنية تحت قيادة الجبهة والوطنية وقادت ضده انتفاضة يوليو 1976م المسلحة التي فشلت في الإطاحة بحكمه ولكنها أقنعته بضرورة الحوار والاتفاق مع المعارضة فتمت المصالحة الوطنية في 1977م ولكنه تنكر لها. أدت الحريات التي صاحبت المصالحة لحرية نسبية أسفرت  عن تكوين نقابي معارض فدخل في نزال مع الهيئة القضائية أدى به لاتخاذ أسلوب هجومي عبر قوانين سبتمبر 1983م المسماة إسلامية. تصاعد ضده  الرفض الشعبي حتى توج بالنصر في انتفاضة 6 أبريل 1985م فاتحة الباب للديمقراطية الثالثة في السودان. ظل في مصر هاربا من المساءلة وعاد للبلاد مؤخرا في إطار اتفاق مع نظام “الإنقاذ” العسكري.

[41]  Esposito, John L., The Islamic Threat: Myth or Reality?  New  York, Oxford University Press, 1992 الصفحتان 215-216

[42]  محمد شاكر الشريف حقيقة الديمقراطية

[43] أنظر سعد الدين إبراهيم (تحرير وتقديم) : دور المؤسسات المهنية والأندية الفكرية في دعم ثقافة المجتمع المدني.  ص 8

[44] ميشيل عفلق ( 1910- 1989)  ولد في دمشق من عائلة معروفة بنضالها ضد الاستعمار التركي، درس التاريخ في باريس، بدأ نشاطه لتحقيق هدف الوحدة العربية في دمشق حيث أسس حركة الإحياء العربي وحركة نصرة العراق ثم حزب البعث العربي عام 1947م ومن أهم مؤلفاته ( في سبيل البعث) من خمسه أجزاء.

[45] جورج طرابيشي ( 1939 ) ولد في حلب بسوريا وتلقى فيها تعليمه الأولى وتخرج في جامعة دمشق حاملاً الإجازة في اللغة العربية، وعمل مدرساً وصحفياً ثم رئيساً لتحرير مجلة( دراسات عربية). يعتبر من أبرز الكتاب اليساريين والماركسيين العرب. له كثير من المؤلفات منها: سارتر والماركسية، والماركسية والمسألة القومية، رمزية المرأة في الراوية العربية، أنثى ضد الأنوثة، كما قام بكثير من الترجمات لمؤلفات فرويد وروجيه جارودي  وغيرهم.

[46] Joshua Muravchik , Freedom and the Arab World: Terrorism thrives where people aren’t free, Weekly Standard Dec 31, موجودة على الإنترنت في الموقع   :

 

هوامش الباب الثالث: نظام  الحكم  العربي في ميزان ديمقراطي:

[47] سورة الإسراء، الآية 77.

[48] سورة التين الآية 4

[49] حديث شريف رواه مسلم-  الترمذي- أبوداؤد- ابن ماجة- وأحمد. وروى البخاري بصيغة “إذا رأيتم الجنازة فقوموا”- موسوعة الحديث الشريف– مرجع سابق

[50]   Kant, Immanuel, Critique of Pure Reason يقول كانط في هذا الكتاب أن العقل لا يدرك إلا مشاهدات الحواس وأن ما سوى ذلك ليس معرفة

[51] . عمانويل كانط في كتابه “نقد العقل العملي” Critique of Practical Reason قال: “هناك معان مهمة للإنسان كخلود  الروح والأخلاق ولا تطولها الحواس ولكنها ضرورية للحياة”

[52] تم نشر الكتاب الأول الناتج عن ذلك المشروع Fundamentalism  Observed، المحرران Martin E Marty & R. Scott Appleby الناشر University of Chicago Press

[53] سورة الأنفال الآية 60

[54] أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام (ت 91هـ)- أبو حمزة- صحابي أنصاري مدني من المكثرين في رواة الحديث، توفي بالبصرة.

[55]  رواه أبو داؤد موسوعة الحديث مرجع سابق- رقم 2247

[56] رواه مالك في الموطأ- موسوعة الحديث سابق- رقم 858

[57] العز بن عبد السلام( 805- 660هـ) هو عبد العزيز بن عبد السلام بن الحسن السلمي الدمشقي، ملقب بسلطان العلماء، تفقه على شيوخ الشام وبلغ رتبة الاجتهاد وولي الخطابة بدمشق ثم توجه إلى مصر بعد أن سجنه السلطان الصالح إسماعيل، وفي مصر تولى القضاء والخطابة ولكنه عزل نفسه من القضاء وعزله السلطان من الخطابة فتفرغ للعلم والتدريس.

[58]  الصادق المهدي جدلية الأصل والعصر- ص 28-33

[59] سورة الممتحنة، الآيتان8 و9.

[60] سورة التوبة الآية 13

[61] طه حسين (28 أكتوبر1889- أكتوبر 1973م)، السابع بين 13 ولدا، ولد في محافظة المنيا في أعالي مصر، وقد أصيب في سن مبكرة جدا بالتهاب بسيط في عينيه فقد بصره جراء الخطأ في  العلاج، تعلم في الكتّاب القرآن الكريم. وعندما “ختمه”، أرسل إلى جامعة الأزهر حيث تعلم الدين الإسلامي والأدب العربي. عام 1908 التحق بأول جامعة غير دينية في مصر. وكان الطالب الأول الذي تخرج من تلك الجامعة حائزا على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي على أطروحته عن “أبي العلاء المعري”. ابتعث إلى فرنسا في مهمة تربوية، والتقى هناك بسوزان وقد صارت فيما بعد زوجته ورفيقته ومساعدته. في فرنسا تخصص طه حسين بالأدب وبالدراسات الكلاسيكية، وكان أول مصري ، والعضو الوحيد في البعثة، الذي حصل على الإجازة من جامعة مونبلييه، ثم الدكتوراه من جامعة السوربون. وكانت أطروحته لشهادة الدكتوراه عن ابن خلدون. لقب بعميد  الأدب  العربي، وترجم إلى العربية الكثير من المؤلفات الهامة. نصب وزيرا للتربية عام 1950.

[62]  زكي نجيب محمود ( 1905-1993م) ولد في بلدة ميت الخولي بمحافظة دمياط بمصر، تخرج في كلية المعلمين العليا بمصر عام 1930، حصل على البكالوريوس الشرفية في الفلسفة ثم الدكتوراة من جامعة لندن التحق بهيئة التدريس بجامعة القاهرة وحاضر في جامعتين بالولايات المتحدة، أربع وستون مؤلفاً مها نحو فلسفة علمية، الشرق الفنان، تجريد الفكر العربي ومجتمع جديد أو الكارثة، رؤية إسلامية.

[63] الأستاذان غيرا  رأيهما بعد ذلك أما طه حسين ففي كتابه مرآة الإسلام. وزكي نجيب محمود في كتابه نحو فلسفة عربية.

[64]  Our Creative Diversity ملخص التقرير موجود باللغة الإنجليزية في الإنترنت لدى الموقع. كما أنه ترجم للعربية ونشر: د. جابر عصفور (تقديم) التنوع البشري الخلاق– القاهرة 1996م- المجلس الأعلى للثقافة

[65]  التنمية الإنسانية في العالم العربي 2002– مرجع سابق

[66]  Arab Human Development Report 2002 التقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهو موجود على الإنترنت باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والعنوان هو: www.undp.org/rbas

[67]  Saliba Sarsar Can Democracy Prevail? In The Middle East Quarterly, Volume IIV, Number1, March 2000.   الكاتب أستاذ مشارك للعلوم السياسية ونائب رئيس مبادرات البرنامج الأكاديمي بجامعة مونوث بنيوجرسي  (الولايات المتحدة الأمريكية) وقد ولد ونشأ في القدس. الدراسة موجودة على الإنترنت في موقع منتدى الشرق الأوسط (باللغة الإنجليزية) وهو منتدى أمريكي يعنى بالعلاقة مع الشرق الأوسط- موقع الدارسة هو :   https://www.meforum.org/article/40

[68] وذلك باستبعاد السلطة الفلسطينية على أنها ليست دولة كاملة السيادة بعد. واستبعاد أقطار أخرى لأسباب أوردها البحث وهي: جزر القمر- جيبوتي- موريتانيا- والصومال. سرسر- مرجع سابق-  الهامش رقم (6).

[69] يمكن أيضا الرجوع إلى مقال جشوا مورافشك (مرجع سابق) والذي حلل فيه ما نشره “بيت الحرية”  في ديسمبر 2001م عن حالة الحريات في  العالم- مصنفا الدول إلى دول حرة أو حرة جزئيا أو غير حرة- طبقا لتلك الدراسة أيضا فإنه لا توجد دولة عربية حرة. والدولة الإسلامية الحرة الوحيدة “مالي” تنتمي للمجموعة الإفريقية غير العربية في العالم  الإسلامي.

[70]  تنظيم أسس أسامة بن لادن (ولد 1930 بجدة من أب من أصل يمني وأم سورية) بدأت علاقة بن لادن مع أفغانستان منذ الأسابيع الأولى للغزو الروسي في ديسمبر 1979م، وكان له حضور كبير في معركة جلال آباد التي أرغمت الروس على الانسحاب من أفغانستان. عام 1988م أسس بن لادن ومعاونوه “سجل القاعدة” كقاعدة معلومات لحركة المجاهدين العرب، وصار الاسم يطلق على التنظيم  الدقيق الذي أنشأ تحالفا مع حكومة طالبان، وحينما تبنى تنظيم القاعدة أحداث الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا، تعرضا –القاعدة وطالبان- للهجمة الأمريكية الشرسة التي أسفرت عن القضاء على طالبان، وتم اعتقال المئات من المتهمين بالانتساب للقاعدة- ولا زال مصير بن لادن مجهولا.

[71] سورة العنكبوت الآية 20.

[72] سورة الكهف الآية 111

[73] الشافعي (150- 204هـ): هو محمد بن إدريس العباسي بن عثمان بن شافع بن السائب القرشي بن عبد المطلب بن مناف، ولد في غزة ونشأ في  مكة، تفقه على الإمام مالك فقرأ على يده الموطأ كما أخذ عن محمد حسن الشيباني صاحب أبي حنيفة واجتمع بعلماء بغداد وأئمتها ومنهم أحمد بن حنبل، انتقل إلى مصر وفيها صنف كتاب (الأم) وهو من الأئمة الأربعة، أول من صنف في أصول الفقه وأول من قرر ناسخ الحديث من منسوخه. من تصانيفه رسالة في أصول الفقه، سبيل النجاة، وديوان شعر.

[74] ابن عقيل  (431- 513 هـ ) هو علي بن محمد بن عقيل البغدادي. أبو الوفا, ويعرف بابن عقيل. عالم العراق وشيخ الحنابلة في وقته. كان إماما مبرزا في كثير من العلوم, وكان خارق الذكاء, قوي الحجة, فصيح اللسان. اشتغل بمذهب المعتزلة في شبابه واتهم بالانحراف عن السنة, حتى أراد الحنابلة قتله, فاستتر ثم أعلن توبته فظهر. كان بارعا في الفقه وأصوله وله في ذلك استنباطات حسنة. من تصانيفه كتاب (الفنون) وكتاب (الواضح في الأصول) و (الفصول) في فقه الحنابلة, وله (الرد على الأشاعرة) و (الانتصار لأهل الحديث) و (تهذيب النفس) وغير ذلك.

[75] ابن قيم الجوزية الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ابن قيم الجوزية (10 صفر691- 23 رجب 571هـ) الإمام ابن قيم الجوزية    هو الفقيه، المفتي، شيخ الإسلام الثاني أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، زُّرعي،  ثم الدِّمشقي، الشهير بـابن قيم الجوزية. تتلمذ على يد والده – ثم الشِّهاب العابر (ت (697ه- ثم على  شيخ الإسلام ابن تيمية الذي لازمه، منذ عام ( (712هـ حتى توفي.  من مؤلفاته: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية-  أحكام أهل الذمة –  إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان-  بدائع الفوائد-  تحفة المودود في أحكام المولود-  تهذيب مختصر سنن أبي داود-  جلاء الأفهام –  حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح.-  حكم تارك الصلاة- “الرسالة التبوكية “-  روضة المحبين ونزهة المشتاقين-  الروح- – زاد المعاد في هدي خير العباد-  شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل-  الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة-  طريق الهجرتين وباب السعادتين-  الطرق الحكمية في السياسة الشرعية-  عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين- الفروسية-  الفوائد.-  الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية –  الكلام على مسألة السماع-  مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين-  مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة-  المنار المنيف في الصحيح والضعيف-  هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى-  الوابل الصيب في الكلم الطيب.     حُبس مع شيخه ابن تيمية في المرة الأخيرة في قلعة دمشق منفردًا عنه بعد أن أهين وطيف به على جمل مضروبًا بالدرة سنة ( (726هـ، وأفرج عنه بعد موت شيخه . وحبس مرة لإنكاره شدّ الرحال إلى قبر الخليل.  توفي  ودفن بدمشق بمقبرة الباب الصغير.

[76]مونتجرمري واط: “أثر الإسلام على أوروبا العصور الوسطى (بالإنجليزية) وهو:  Watt,W. Montgomery: The Influence of Islam on Medieval Europe , Islamic Surveys no. 9 , Edinburgh University Press, 1972, p, 10.

[77] موسوعة الحديث، مرجع سابق، رواه الترمذي 2611 “فحيث وجدها فهو أحق بها”، وابن ماجة 4159

[78] يقول السير ونستون تشرشل Sir Winston Churchill رجل  الدولة البريطاني الشهير مقولة مماثلة: ” Many forms of Government have been tried, and will be tried in this world of sin and woe. No one pretends that democracy is perfect or all-wise. Indeed, it has been said that democracy is the worst form of government except all those other forms that have been tried from time to time.”. وذلك في: , Hansard, November 11, 1947. مقتطفات من أحاديث تشرشل على الموقع:

https://www.quotationspage.com/quotes/Sir_Winston_Churchill/21

 

[79] موارفشك، جشوا- مرجع  سابق

[80] اتفاقية كوتونو الموقعة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة أفريقيا ومنطقتي البحر الكاريبي والمحيط الهادي (أيه سى بى) في 23 يونيو 2000. أعقبت اتفاقية لومي، وهي تؤكد على التوافق مع النظام التجاري الذي تنص عليه منظمة التجارة العالمية وترمي إلى الاستعاضة عن الترتيبات التجارية التفضيلية غير المتبادلة التي تنص عليها اتفاقية لومي بإقامة مناطق إقليمية للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي والمجموعات الإقليمية لدول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي بعد مرور فترة انتقالية.  الفقرة رقم 96 من اتفاقية كوتونو تخول للاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الدول المعنية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

[81] أنشأت النيباد ومؤسسيها الخمسة عشر الاتحاد الإفريقي في اجتماعهم بدربان (جنوب إفريقيا) في يونيو 2002م، ومن الشروط التي وضعت للاستفادة من الشراكة للتنمية الالتزام بالديمقراطية للدول الإفريقية.

[82] سورة البقرة الآية 216