الصحافة مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله 2-2

الإمام الصادق المهدي في برنامج مصر في يوم
الصحافة الأحد 13 أغسطس 2017 العدد 8319 الصفحة رقم 5

 

 

 

رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي لـ«الصحافة »

المرأة «مظلومة» والحديث عن ناقصات عقل ودين « كلام فارغ ». .

إمامة الأنصار ورئاسة الحزب«هجمت» علي بالقاعدة الشعبية. . .

الأحد 13 أغسطس 2017

حاوره: نفيسة محمد – محمد آدم

سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

 

 

 

الإمام الصادق المهدي من اكثر الزعامات السياسية المثيرة للجدل في البلاد. . . انتقل الى عالم السياسة «عنوة» واقتداراً واقتلاعاً. . ومنذ دخوله الى البرلمان بتنازل نائب دائرة الجبلين واعتلائه صهوة جواد رئاسة الوزراء وبعد مفاصلته مع عمه الإمام الهادي اصبح الشخصية الاولى. . .

اعطى الإمام جل وقته واثرى الساحة السياسية والدينية بمؤلفات كثيرة ومتنوعة . . .

«الصحافة» التقته في حوار مطول حول مواقفه السياسية وامكانية اعتزاله العمل التنظيمي بالحزب. . . . قال الإمام «انه سيعتزل العمل التنظيمي وحريص ان يرى الحزب يمارس التغيير بحياته» ويكون بذلك اول حزب سوداني جدد قيادته في وجود رئيسه على قيد الحياة. . متوقعاً الا يستغرق ذلك ستة شهور . . .

وناقش الحوار مع الإمام قضايا فقهية وفكرية متعددة أبرزها الشريعة الإسلامية . . وصحة حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:«خاب قوم ولوا أمرهم امرأة». . وامكانية تولي امرأة لرئاسة حزب الأمة القومي بعد المؤتمر العام. . . بالاضافة الى اسئلة واستفهامات عديدة في الشأن الداخلي والعام. . . الى مضابط الحوار. .

– تحدثت عن عدم التطور الديمقراطي في السودان لافتقاده لنظام السياسي . . . وعلى جانب آخر ارغمت على الجمع بين الإمامة ورئاسة الحزب الا ترى ان هناك تناقضا ؟

لا ارى هناك تناقضا. . لاني لم اسع لرئاسة حزب الأمة لاكون رئيساً للوزراء وإماماً للانصار ولكن هذه الوظائف هجمت علي بالقاعدة الشعبية .

– وكيف حدث ذلك ؟

عندما اتينا لتكوين حزب الأمة بعد ان تم حله في عهد الرئيس الراحل ابراهيم عبود 1964م اهلي في بيت المهدي كانوا يريدون شخصاً اخر لرئاسة الحزب، ولكن عندما اتت مرحلة التشاور حول ذلك تمسكت كافة القيادات علي بتولي منصب رئيس الحزب وكنت حينها في العقد العشرين من عمري ولكن القاعدة فرضت علي ذلك من دون تدبير مني ولكن بناءً على مواقفي في اكتوبر 19والجبهة الوطنية التي جعلتني مؤهلاً لذلك .

– وماذا عن إمامتك للانصار ؟

السلطة القائمة الآن تدخلت في كافة البيوت الدينية وكانت تقف مع الاخ ضد الاخ ومع العم ضد الخال ،لانهم حاولوا في كافة الكيانات الدينية من اجل ان يكون لديها شخص موال للسلطة سواء كان الرئيس او الخليفة لذا خاف الانصار ان يحدث لهم ذلك فانتخبوني إماماً للانصار رغم اني لم اسع لهذه الاشياء .

– لكن يؤكد خبراء ان اسباب عدم تطور الديمقراطية في السودان تمسك القيادات الكبيرة بمواقعهم ؟

في اكتوبر من العام 1989 كنت في السجن تم اقتيادي ليلاً وكانت الساعة تشير الى الثانية صباحاً وطلبوا مني تسجيل اعتراف بفشل النظام الديمقراطي باعتبارها فرصة لك للنجاة ولكني رفضت ذلك وبعد ان جلبوا المسجل قلت لهم النظام الديمقراطي لم يفشل ولكنه اجهض بمؤامرة واخبرتهم بانهم سيفشلون فشلاً ذريعاً ولم يكن في يدهم شئ يفعلونه فانتهى الحوار بعودتي للسجن مجدداً .

-الا تعتقد ان فترة الديمقراطية شابتها عيوب؟

صحيح ان بها عيوبا ومشاكل كثيرة ورغم ذلك كانت لها فرصة ان تتعلم من اخطائها طالما لديها فرصة البقاء ولكن للاسف الاحزاب الشمولية والاحزاب العقائدية قطعت الطريق امام الديمقراطية وفشلت تلك القيادات السياسية خاصة التي شاركت ودعمت الانقلاب المايوي ندمت اشد الندم على ما فعلته ،وايضا القيادات السياسية التي دعمت الانقاذ ندمت اشد الندم على ما فعلوه، لان كل الذين اتخذوا من الانقلاب وسيلة للوصول للسلطة جميعهم احترقوا بالنار التي اشعلوها .

– المردود الفكري للاحزاب السياسية اصبح يثير الجدل في الاونة الاخيرة. . . هل تعتقد ان لدى الاحزاب بمختلف مسمياتها بُعد استراتيجي ؟

لا استطيع الحديث نيابة عن الاحزاب السياسية ولكن ما يليني في الحديث عن حزب الأمة هنالك احزاب عبارة عن لافتات ،واحزاب اخرى «شاخت» ولم يكن لها وجود حقيقي لديها اسماء فقط ولكن حزب الأمة يعتبر حزبا متطورا ويقوم بمخاطبته بكافة المستجدات في الساحة السياسية عبر برامجه المتطورة فكرياً وتنظيميا ،ولدينا قيادات تعمل في اصدار الكتب والمقالات والحزب متطور فكرياً وتنظيمياً ليس الصادق المهدي وحده .

-ماهي مقاييس ذلك التطورفي تقديركم ؟

1954م عندما كان حزب الأمة في تنافس مع الحزب الوطني الاتحادي في الانتخابات اعطت حزب الأمة 23 مقعدا وكان معظم نوابه زعماء عشائر بينما الاتحادي 64 وعقب ذلك في انتخابات 1986م اصبح حزب الأمة ضعف الاتحادي مقارنة بانتخابات 1956م كان نصفه. . . هذا يعتبر تطورا لان في العام 1986 اصبحت غالبية قياداته خريجي جامعات وهذا يحسب كتطور لان الحزب لم يكن يعمل قوى جديدة في الفئات العمرية ومشاركة القوى الجديدة ،كنا لا نراعي لنسبة التمثيل الجهوي واصبحنا نراعي لذلك، وعندما كونت الحكومة الاخيرة اصبحت بمثابة النكتة « ابكر – ادم – وسنوب دي حكومة ولا سكن عشوائي « لانها حملت تمثيلا للمناطق المهمشة نعتقد بان هناك تطورا في الحزب لان كل مؤتمر عام تصحبه برامج جديدة ومستمرة .

– هل تعتقد ان ذلك ينطبق علي كافة الاحزاب السياسية ؟

نحن الحزب الوحيد الذي تربطه علاقات دولية ومحلية بالرغم من وجود احزاب لم تعقد مؤتمراتها العامة. . . واخري عندما تريد اقامة مؤتمرها العام تفتقد للكوادر والعضوية، لهذا لا استطيع ان احكم علي كل الاحزاب السياسية ،ولكن واحدة من المواقف التي تحسب لحزب الأمة تقلد المرأة لمنصب رفيع داخل الحزب. . ليس هناك حزب عمل بنظام « الكوتة» او الفئات حتي على مستوى الاحزاب اليسارية نحن نعترف بان المرأة في تراثنا الثقافي مؤكد مظلومة، لذلك لابد من الاخذ بيدها وعقدنا ورشة لمناقشة اتفاقية «سيداو» هناك بعض الاحزاب عندما تقول «سيداو « يقولون لك « قوم ابصق ويعتبرونها كفرا» ،لذلك ناقشنا موضوع سيداو وتبنينا ازالة التميز ضد المرأة رغم سعى الاخرين علي ابقائها.

-هل يتعارض تقلد امرأة لمنصب الامانة العامة بحزب الأمة مع الحديث الشريف « خاب قوم ولوا امرهم لامرأة ». . . ؟

هذه احاديث موضوعة وغير صحيحة وافتكر هذا الحديث باطل. . . وهناك احاديث نبوية عن مكانة المرأة«خذوا شطر دينكم من هذه الحميراء». .

– لكن هذا الحديث للتعليم وليس قيادة الجماعة؟

التعليم نفسه ولاية.

– وكيف يتفق ذلك مع الحديث «النساء ناقصات عقل ودين» في تقديرك؟

في رأيي الحديث عن انهن ناقصات عقل ودين «كلام فارغ « وباطل لانه يتناقض مع الواقع « ،عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ان الفُرس ولوا بنت كسرة «بوران» ملكة عليهم كانت مشهورة بانها التزمت بالعدل ونشطت الشورى وكانت ولايتها ناجحة لكن الحديث الذي نسب للنبي صلى الله عليه وسلم يتناقض مع الواقع بولاية بوران ، وردت كذلك ولاية في القرآن عن «بلقيس» وذكرها القرآن بانها تصرفت بعقل واجرت مشاورات مع اهلها وعشيرتها لذلك من هذا المنطلق الحديث غير صحيح .

– هل سبق في عهد الصحابة اوالخلفاء  ان تقلدت امرأة مركزاً سياسياً للقيادة. . . هل يتفق ذلك مع السلف؟

نعم . . . هنالك «الشفا « ولما نزل الوحي على الرسول «صلى الله عليه وسلم» ذهب للسيدة خديجة فاعطته رأياً اعتمد عليه،فالاعتماد على حديث السيدة خديجة في امر مهم كالوحي يعتبر ولاية والرسول صلى الله عليه وسلم وثق فيها ،وغير هذا عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم وبرفقته ابوبكرالصديق في الغار كانت «اسماء بنت ابوبكر « تأتيهم بالطعام. . . . يعتبرذلك نوعا من المسؤولية والولاية ،ليس المسؤولية تعني بان يكون لك «عكاز «. . . وايضا كانت حفصة بنت عمر رضي الله عنه اول من حفظ المصحف الشريف وايضاً تعتبر ولاية للمرأة ،ونجد ولاية المرأة ايضا اثناء صلح الحديبية الذي ابرمه الرسول «صلى الله عليه وسلم» مع المشركين اقترحت ام سلمة علي النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رأياً فعملوا به .

– عطفاً على تجربة حزب الأمة ونجاح المرأة في دورها. . . هل نتوقع ان تقود«امرأة» الحزب في المرحلة المقبلة ؟

ليس هناك ما يمنع ذلك . . . تكرر اكثر من مرة انني اريد توريث الحزب لابنائي وهذا غير صحيح لان كل السيدات بحزب الأمة يتنافسن في المجالات المختلفة وفي النهاية يتم اختيار من لديها كفاءة تؤهلها لذلك ، حزب الأمة ليس لديه تمييز ضد المرأة يمنعها ان تتطلع لاي مكانة تريدها وفق تأهيلها ورأي الجماعة ، وانا لا اتحدث عن خلافة «فلان او فلانة» وسنقوم بعمل مؤسسات هي التي ستختار من بين العضوية وفق الكفاءة والدليل تقلد سارة نقدالله لمنصب مهم في الحزب يتمثل في الامانة العامة ،واذا عقدنا مقارنة حول ما نوليه للمرأة في حزبنا لن نجده في بقية الاحزاب الاخرى المختلفة .

– بالرغم من وصفكم بحزب«تقليدي» . . الا ان تولي امرأة للامانة العامة امر مستغرب؟

كلمة تقليدي يطلقها الطغاة كنوع من النقد ،لكننا نوجه لهم سؤالا . . ماذا فعلتم انتم باعتباركم غير تقليديين ؟، لذلك كتبت كتابي الديمقراطية راجحة وعائدة ،حزب الأمة ليس تقليدي وعقدنا 105 ورش لمناقشة كل القضايا بما فيها قضية المغتربين لتبني الامر وفق حيثيات مدروسة وليس «طق حنك»، وهذه اساليب الاحداث الحديثة وليست التقليدية كما يقول البعض .

-هل لديكم دفع ايجابي في اطار الأزمة الاقتصادية بالسودان ؟

عقدنا ورشة لذلك واذا تطرقنا للامر نجد ان الحكومة الحالية صرفها اكثر من الامكانيات سواء كان صرفا اداريا وزاد الصرف الاداري بسبب اضافة ولايات جديدة بجانب الصرف على القوات النظامية، وغير ذلك الحكومة تصرف علي حكومة موازية متمثلة في حزب المؤتمر الوطني ولكن الدولة اتجهت لطباعة النقود كنوع من تغطية الصرف .

– هل ترى ان طباعة النقود ستغطي الصرف ؟

لن تغطي الصرف بقدر ما هي تقلل من قيمة الجنيه ،عند مجئ الانقاذ قررت انها ستقوم بخفض المصروفات وزيادة الانتاج وزيادة الاستثمارات ولكن حدث العكس المصروفات ظلت في زيادة بينما الانتاج لم تحدث فيه اي طفرة ،وظل متراجعاً في كل مرة لان هنالك الآف من المصانع متوقفة ،ضعف الانتاج جعلنا نستورد «الكفن» من الخارج وتوقعاتي لهذا العام سيكون الاسوأ نتيجة لعدم توفر المدخلات ،اما بخصوص الاستثمار هناك نوع يتم بيع الاراضي الاستثمارية ويعتبر تصرفا غير رشيد ولا بد ان يتم ربطه بعمل انتاجي ،وفاخرت حكومة الانقاذ وقتها بانها تولت مقاليد الحكم في السودان لتجاوز سعر الدولار العشرين جنيها وكان انذاك بـ«6» جنيهات ولكن للاسف الآن الدولار تجاوز الـ«20» جنيها ً ما دام هذا العجز موجودا سيضطر الناس لشراء الدولار من الاسواق السوداء حتى يتمكنوا من الاستيراد وهذا يسهم في ارتفاع قيمة الدولار ،بالمقابل بدأ الاستثمار السوداني يغادر الى الخارج فالسودانيون لديهم باثيوبيا استثمارات بقيمة 2 مليار دولار مما يؤكد ذهاب الاستثمار للخارج وايضا لديهم ما لايقل عن «60» مليار دولار لن تعود هذه الرؤوس المالية اذا لم يطمئن اصحابها لوجود أمن وسلام في البلاد وقانون ينظم ، بدلاً ان يكون الاستثمار داخل السودان بات خارج السودان والآن السودانيون يحتلون المرتبة الاولى في « اثيوبيا» والمرتبة الثانية في «الصين «.

– وماهي معالجة ذلك في تقديرك ؟

اذا لم يتوقف الصرف وحدثت زيادة في الانتاج وتوفرت اجواء تشجع على الاستثمار الحقيقي في تقديرنا لن يحدث اصلاح اقتصادي .

– منذ مجئ الانقاذ تنادي الاحزاب بزوالها. . . بينما المواطن يكتوي بنيران الظروف الاقتصادية الطاحنة ما هي الرؤية الوسطية في تقديركم؟

الانقاذ قاعدة في «ملالة «،وحالها اشبه «سيبني في عز الجمر»،
كل يوم الخزعبلات التي تجتاح الساحة دليل على وجود أزمة لان النظام لم يعمل الوسائل التي تبقيه على سدة الحكم لان الحل ليس يكمن بالقبضة الأمنية وانما حل مشاكل المواطنين لان حكومات حكمت لفترات تجاوزت الاربعين عاما ومنها ثلاثين عاما ولكنها خرجت ملعونة ،ونقول لهم لديكم خياران يتمثلان في انه لابد من عمل تسوية لنظام جديد بالتوافق ونحن مستعدون لطرح الحلول لان كافة الحكومات التي مرت الجميع يعتقد انها دائمة مثل حكومة عبود ونميري .

– وما هي ابرز ملامح هذه التسوية حسب رؤيتكم ؟

تتمثل هذه التسوية في احلال سلام عادل شامل يزيل اسباب هذا النزاع وحكم انتقالي قومي بالاضافة الى دستور مؤسس على مؤتمر قومي دستوري .

– لكن هل من الممكن حدوثها؟

حتماً ستحدث وسنستمر مدافعين عنها مهما كلف الامر وعرضوا علينا مناصب واغراءات ، لكن مهما يعطونا مناصب لن نقبل بغير هذا ،لابد من اختراق يأتي بسلام عادل شامل وحكم انتقالي قومي ودستور مبني على مؤتمر قومي دستوري .

– بعد عودتك من الخارج هل التقيت الرئيس البشير ؟

التقيته خمس مرات جميعها كانت مناسبات اجتماعية وليست سياسية.

– هل دار بينكم حديث سياسي ؟

لا لم يدر بيننا اي حديث سياسي .

الصحافة