المؤتمرالصحفي رقم (71) حول: تداعيات الوضع الراهن بالبلاد

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب الأمة القومي

الأمانة العامة

المؤتمرالصحفي رقم (71)

حول: تداعيات الوضع الراهن بالبلاد

10/10/2017م – دار الأمة

كلمة رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي

 

أخواني وأخواتي

وأبنائي وبناتي

ممثلي الإعلام السوداني

السلام عليكم ورحمة الله، وبعد-

نرحب بكم في دار الأمة لحضور مؤتمرنا الصحافي رقم 71، ونشكركم على تلبية دعوتنا إليه.

وقبل أن أدخل في موضوعات الساعة أهنيء أهلنا في مصر حكومة وشعباً على ذكرى السادس من أكتوبر المجيدة، كما أهنئ زملائي في المؤتمر السوداني على إصدار صحيفة أخبار الوطن التي لا شك سوف تنضم لأولئك الذين يعبرون بصدق عن ضمير شعبنا.

بركم نعبر عن ثمان نقاط هي من هموم الساعة التي درجنا عبر منابرنا توضيحها لشعبنا المثقل بالقيود على حرياته، وبالمعاناة في معاشه، وبالإهانة لكرامته.

أولاً: قدمت الأمانة العامة لحزب الامة برنامجاً تنظيمياً مفصلاً، تداوله المكتب السياسي، وأوكل لجنة لبرمجة التنفيذ عن طريق الأمانة العامة، وسوف نشرع فوراً في تحقيق ذلك حتى تكتمل المؤتمرات القاعدية الولائية والفئوية.

لدى تحقيق ذلك سأكون لجنة عليا للمؤتمر العام الثامن.

بعد تكوين اللجنة العليا سوف ندعو لورشة دراسية للتحضير لبرنامج المؤتمر الثامن، وسوف أخاطب تلك الورشة بمشروع التأسيس الرابع لحزب الأمة الذي أعددته، هذا المشروع يمثل طفرة من نظم القرن العشرين، للقرن الواحد وعشرين، ليواكب بناء الوطن الجديد المنشود.

وفيما يتعلق بلم الشمل الحزبي، فقد عاد الذين تحفظوا على بعض الإجراءات التنظيمية، والباب مفتوح لعودة الآخرين لركب حزبهم.

أما الذين انخرطوا في مؤسسات الحزب الحاكم فبيننا وبينهم بعد المشرقين، ليسعد أو يشقى بهم حزب السلطان.

ثانياً: دعينا ضمن نداء السودان لحضور مؤتمر الحركة الشعبية قطاع الشمال، وكلفنا الحبيب العالم أحمد دقاش مقرر مجلس الحزب في المهجر، كما أرسلت لهم خطاباً، ولكن ما صدر من مؤتمر منطقة جبال النوبة من بيان إذا صح مؤسف، لأنه لم يؤكد كما وعدوا الالتزام بنداء السودان، ولم يترك مجالاً لرأب الصدع في الحركة كما نصحنا. ولم يجدد الالتزام بخريطة الطريق كما توقعنا. وتمسك بتقرير المصير، فكيف لمن تسمى بتحرير السودان أن يصر على تقرير مصير جزء منه، وقد شهد الناس مآلات تقرير المصير الفاشلة؟

وعلى أية حال لن ندخر جهداً في المراجعة والمناصحة.

ثالثاً: دعينا لحضورمؤتمر الجبهة الثورية في باريس المكونة من ست فصائل هم: العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان مني، وحركة تحرير السودان عبد الواحد، والاتحادي الثوري، وجبهة الشرق، وتحرير كوش.

انتدب حزب الأمة القومي د. مريم الصادق نائبة الرئيس، والمحامي إسماعيل كتر مستشار الرئيس للشئون القانونية، ولكن بالأمس منعت د. مريم من السفر كعادة النظم القمعية علماً بأنها كانت سوف تحضر مؤتمراً للمرافعة من أجل السلام العادل الشامل، والحوكمة القومية، والتحول الديمقراطي، واعتماد الوسائل السلمية لتحقيق ذلك، ونحن ندعو الإعلام الوطني والقضاء الواقف أن يقفوا معنا في فتح بلاغ دستوري ضد أجهزة القمع.

رابعاً: أيد حزب الأمة القومي قرار جمع السلاح غير المرخص الذي أسرف النظام في مرحلة سابقة في توزيعه دون ضوابط. وكان ينبغي قبل الحملة أن يعقد مجلس قومي لاقتراح أنجع الوسائل لتحقيق ذلك، لأن الطريقة التي اتبعت عائبة:

  • جمع السلاح من سكان مناطق مجاورة لقوى معادية ومسلحة لا يجدي.
  • النظام نفسه معتمد على قوى حزبية ومليشياوية مسلحة ولا بد من نزع سلاحها.
  • هنالك خصومات قبلية حادة الأولى أن تقوم حملة مصالحات بين القبائل المعنية وبغيابها سوف تحرص القبائل على التمسك بسلاحها.
  • الإدارة الأهلية عنصر مهم في هذه المهمة قوبلت بالاتهام والشك.
  • كان ينبغي أن يجري تشاور قومي أوسع من سدنة النظام، وأن يصدر بالأهداف قانون ولا يترك الأمر لقرارات إدارية.

المبدأ صحيح، ولكن ما جرى في تنفيذه سوف يجعل النجاح محدوداً، ولكي تبين الحقيقة طلبنا من أجهزة حزب الأمة في المناطق المعنية بيان الحقائق وسوف ننشرها إن شاء الله.

خامساً: فيما يتعلق برفع العقوبات التنفيذية الأمريكية فقد أيدها حزب الأمة ويرحب برفعها.

كان لأجهزة الأمن الأمريكية دور مهم في اتخاذ القرار، كما كان للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات دور مماثل. ولكن حسب البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية قسم الشؤون الأفريقية فإن رفع العقوبات مرتبط بالتزام حكومة السودان بالقيام بمزيد من التقدم لتحقيق السلام بصورة كاملة ومستدامة، والتعاون مع الولايات المتحدة بشأن أولويات الولايات المتحدة، بما في ذلك توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية، وتحسين ممارسات حقوق الإنسان، وضمان أن حكومة السودان ملتزمة بتنفيذ كامل لقرارات مجلس الأمن بشأن كوريا الشمالية. وإعلان أن أي تطبيع آخر للعلاقات سيتطلب استمرار تقدم حكومة السودان في المجالات المعنية، وأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام أدوات إضافية للضغط إذا ما تراجعت حكومة السودان عن التقدم المحرز أصلاً في المجالات الخمسة المشار إليها،  أو تتخذ إجراءات سلبية بشأن مجالات اهتمام أخرى. هذه المجالات كما وردت في بيان مكتب الشؤون الأفريقية هي: الاخفاق في بناء سلام مستدام على أساس خريطة طريق الآلية الأفريقية العليا، الافلات من العقوبة على جرائم ارتكبت، التعديات على حقوق الإنسان، والاعتقالات العشوائية، والتعديات على الحرية الدينية وحرية الصحافة.

وجاء في البيان: تحتفظ أمريكا بوسائل عديدة لمراقبة تنفيذ المطلوب من حكومة السودان.

ونص البيان على استمرار اسم السودان ضمن قائمة رعاية الإرهاب ما دام أمر المحكمة الجنائية قائماً، فالاسم مستمر في القائمة ولن يعين سفير أمريكي للسودان، ويستمر منع معونات أمريكية للسودان، وحظر الصادرات العسكرية، وقال البيان: سوف نواصل اهتمامنا بالحوار الوطني تحت الآلية الأفريقية العليا.

وعلى أية حال فإن علة الاقتصاد السوداني هي علة ذاتية، ولا تفرج إلا بثلاثة إجراءات: خفض أساسي لمصروفات الحكم وهو صرف تتطلبه طبيعة نظام احتلال داخلي، وزيادة أساسية في الإنتاج الزراعي والصناعي، إنتاج هبطت به سياسات الاقتصاد الكلي الخاطئة، وزيادة أساسية في الاستثمار، زيادة تتطلب مناخاً جاذباً للمستثمرين السودانيين قبل الأجانب، وأن يضمن للمستثمرين الأجانب إمكانية تحويل أرباحهم المكتسبة.

ما لم تتحقق هذه الثلاثية الطيبة فإن رفع العقوبات يجرد النظام من الشماعة، ويكشف أن العلة ذاتية وليست مستوردة.

ولبيان الأمر فإن حزب الأمة قد أصدر بياناً حوله.

سادساً: نحيي الانفتاح الداخلي والخارجي للمملكة العربية السعودية. فيما يتعلق بالانفتاح الداخلي فإن المملكة وسائر دول الخليج ترفض الأخوانية لأنها بدعوى الحاكمية إنما تستهدف ولاية السلطة. وتجد الانكفاء النقلي عقبة في طريق التحديث، ولا يمكن اختيار العلمانية، فالخيار الصحيح هو النهج الصحوي الذي يوفق بين التأصيل والتحديث.

وفيما يتعلق بالانفتاح الخارجي فزيارة روسيا يمكن أن تؤدي لمصالحات تساهم في إنهاء الحرب في اليمن، بل تحويل كافة المواجهات العسكرية إلى طاولات حوار لحلول سياسية. هذا ممكن بل واجب.

تستطيع المنطقة أن تنعم بسلام إذا صمم العرب السنة بقيادة المملكة ومصر وتركيا، إبرام معاهدة أمنية عربية، تركية، إيرانية للتعايش واحترام السيادة الوطنية. هذا ما ظللنا ننادى به ويبدو أن وقته قد حان.

ومن منطلق هذا التعايش الثلاثي يلتزم الجميع بدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ووقف الحديث الواهم عن التطبيع مع إسرائيل. الوهم الذي شجع اليمين الإسرائيلي أنه يستطيع أن يحتفظ بمكاسبه العدوانية ويحظى بقبول عربي. هذا مستحيل، وينبغي أن يلتزم الجميع بأن أية علاقة مع إسرائيل تمر عبر رد الحقوق العربية والفلسطنية لأهلها.

نحن نهنيء فتح وحماس على صلحهما، ومصر على المساهمة في تحقيقه، ونأمل أن يتحقق صلح عربي تركي إيراني مواكباً للصلح الفلسطيني لمواجهة الغلو، والإرهاب، وإنهاء الحروب التي تورث كل أطرافها الخسران.

الاستقطاب الحاد بين الأشقاء في الخليج مؤسف، وأدى إلى نتائج ضارة.

لا يوجد في تاريخ الإنسانية عداء طائفي أبشع مما كان بين الكاثوليك والبروتستانت، ولا عداء سياسي أفظع مما كان بين دولتي ألمانيا وفرنسا، عداوات لم تفلح المواجهات في احتوائها بل احتواها التعايش وقبول الآخر.

يرجى الانتقال إلى مرحلة جديدة باتفاق الجميع على إعلان مباديء خمسة، والجلوس إلى مائدة مستديرة لبحث التفاصيل وإبرام الاتفاق، المباديء الخمسة هي:

  • الإحترام المتبادل لسيادة الدول والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
  • كفالة حقوق المواطنة للمجموعات السكانية في كل دولة.
  • إدانة التطرف والإرهاب المصاحب له والتعاون للعمل ضدهما.
  • دعم القضية الفلسطينية وربط التعامل مع إسرائيل برد الحقوق المغتصبة.
  • حل المشاكل البينية في إطار مجلس التعاون وما كان أوسع من عضوية المجلس يرفع للقمة العربية.

يرجى أن تتفق الأطراف المعنية على هذه المبادئ والجلوس في مائدة مستديرة لإبرام مصالحة شاملة.

سابعاً: عقد في الخرطوم مؤخراً مؤتمر تشاوري إستراتيجي حول قضايا القرن الأفريقي. نقول:

  • الفكرة صائبة، ولكن المبادرة تمت على الصعيد الرسمي مع غياب تام للشعوب.
  • كان ينبغي أن يسبق المؤتمر ملتقى تحضيري فيه حضور لممثلي الحكومات والقوى الشعبية المعترف بها للتحضير للمؤتمر.
  • نعم هنالك حاجة لبحث قضايا الاستقرار السياسي، والأمني، والهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر، والتكامل الاقتصادي، والتطرف والإرهاب. ولكن في هذه القضايا تحديات فكرية وسياسية لا يمكن أن يحصر التداول فيها بين الرسميين ليتبادلوا النوايا الطيبة والمجاملات التي من شأنها تكريس الواقع لا تغييره.

الأهداف المنشودة تتطلب إصلاحاً أساسياً للواقع ولكن كيفية التحضير للمؤتمر سوف تجعل نتائجه علاقات عامة لتبادل النوايا الطيبة ويستمر الواقع كما هو.

ثامناً: نحن في حزب الأمة سوف نواصل العمل التنظيمي والتعبوي، وسوف نوطد علاقاتنا بكل قوى نداء السودان بالداخل، ونحاول اقناع قوى الإجماع بجدوى الاتفاق على ميثاق لبناء الوطن في المستقبل، وأن تكون وسائل تحقيقه حوار وطني باستحقاقاته أو ربيع سوداني ثالث.

ونناشد الأخوة في الجبهة الثورية إدراك:

  • أن الطريق لمخاطبة قضايا الظلم والتهميش ليس تقرير المصير بل السودان العريض الذي ينفي مظالم الماضي.
  • أن السبيل للنظام الجديد ليس بالعنف. نعم يحتفظ المسلحون بمواقفهم ومواقعهم دفاعياً إلى أن يبرم اتفاق السلام العادل الشامل.
  • الجبهة الحية والمجدية والتي تجد دعماً إقليمياً ودولياً هي التحرك بأسلوب القوة الناعمة وتجميد جبهات الاقتتال.
  • تنشيط جبهة القوة الناعمة يتطلب أن يساهم في ذلك القوى الحية التي تنشد نظاماً جديداً.

 

 

هذا وبالله التوفيق.