المهجر السياسي مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله 1-3

سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

الثلاثاء 17 أكتوبر 2017

 

هناك عقوبات تشريعية وقضائية لم تُرفع بعد

تقليل الإنفاق الحكومي وجذب المستثمر أكبر حلين لمشكلة الاقتصاد

الوفاق الوطني هو بوابة الخروج الآمن للسودان من الفك الأمريكي

كان المنزل العريق بحي الملازمين بمدينة أم درمان القديمة يعمه الهدوء، إلا من زقزقة عصفورتين اتخذتا من شجرة ضخمة سكنى لهما، وبعض العمال، بينما كان الحبيب “محمد زكي” سكرتير الإمام “الصادق المهدي” في انتظاري حسب الموعد المضروب بيننا.. كان بيت الإمام أنيقاً بسيطاً، حوت المكتبة التي تسبق مدخل صالونه الخاص في الطابق العلوي كتباً بلغات مختلفة، أكد “زكي” أنها مكتبة مصغرة من أخرى ضخمة تضم الآلاف الكتب.. كان الإمام يجلس وحيداً حوله عدد من الكتب والصحف، تحدثنا حول كل شيء، بدءاً برفع الحظر الأمريكي، مرورا بحزب الآمة، وآرائه في بعض القضايا الفكرية، حتى زواجه، وبناته وأصهاره.

حاورته- رشان أوشي

 

رفعت الحكومة الأمريكية العقوبات الاقتصادية عن السودان بعد (20) سنة.. في تقديرك ما المتغيرات التي حدثت لاتخاذ هذا القرار؟
_ لا شك أن الحكومة الأمريكية وضعت مقاييس لمحاربة الإرهاب، وجيش الرب، التعاون مع البيض الأبيض.. وضعت خمس نقاط قالت بناء على هذه النقاط حدثت تطورات إيجابية، بموجب كل هذه الأمور رفع السيد “أوباما” في يناير 2017م تقريره برفع العقوبات عن السودان، لمدة (7) أشهر قابلة للرفع النهائي.. لا شك الأشياء التي ذكرها “أوباما” بالنسبة للحكومة الأمريكية صحيحة وبموجبها تم رفع العقوبات، وبعد أشهر إدارة “ترمب” جاءت وقامت برفعها نهائياً.. العقوبات تقع آثارها السالبة على الشعب السوداني، لكن نحن أوضحنا أن مشكلة الاقتصاد السوداني مشكلة ذاتية لا علاقة لها بالعقوبات، دليل على ذلك كانت العقوبات مرفوعة منذ يناير 2017م، إلى يوليو، ما التحسن الذي حدث؟ على العكس الدولار كان يعادل (17) جنيهاً، وصل إلى (21) جنيهاً، في أثناء فترة رفع العقوبات الدولار سعره ارتفع كثيراً.. المشكلة علة في الاقتصاد السوداني، خلال هذه الفترة الحكومة وضعت ثلاثة خطط لمعالجته جميعها فشلت، هذه الخطط تلخصت في خفض مصروفات الدولة لأن هنالك عجزاً، يضطرون خلاله لطباعة عملة، مما يتسبب في انخفاض سعر الجنيه، ضرورة رفع الإنتاج الزراعي والصناعي وهذا ما لم يحدث، ومن ثم جذب الاستثمار الأجنبي والوطني، ولكن لكي نجذب الاستثمار يجب أن يكون هنالك سلام شامل، والأهم من ذلك أن المستثمر عندما يحقق أرباحه يكون بحاجة لتحويل تلك الأرباح للخارج، ما دام ظرف الدولار بهذه القيمة لا يستطيع المستثمر تحويل أمواله للخارج وبالتالي ينفر، في العام 2016م السودانيون في الخارج قدرت أموالهم بحوالي (60) مليار دولار، إذا كانوا مطمئنين على الأقل سيعملون على تحويل أموالهم إلى الداخل، ولكنهم يستثمرونها في إثيوبيا والصين وغيرها.. في العام 2016م ملياران ونصف المليار دولار مملوكة لسودانيين ذهبت إلى إثيوبيا، بحيث إنه اليوم السودانيون هم ثاني أكبر مستثمرين في إثيوبيا بعد الصين، كل ذلك يقودنا إلى أن القضية ذاتية ونحن بحاجة لحل مشاكل الصرف الزائد، وزيادة الإنتاج، وجذب الاستثمار.. إن لم نقم بذلك رفع العقوبات لن يكون مفيداً.

{ لكن السيد الإمام رفع العقوبات سيفتح أبواباً كانت موصدة في السابق وبالطبع لصالح البلاد؟
_ المشكلة مع أمريكا ليست فقط العقوبات التنفيذية، هنالك ثلاثة أنواع من العقوبات، وهي عقوبات تنفيذية وهذه يتحكم برفعها الرؤساء، كما حدث الآن، وهنالك عقوبات تشريعية وهي وضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وقانون سلام دارفور، وهي الأهم من مما حدث، لأنه بدونها أمريكا لن تستطيع التطبيع وخلق علاقات، ولا حتى تقديم معونة، أو تصدر سلاحاً، والآن العقوبات التشريعية ما زالت قائمة ولا علاقة لها بما حدث بداية أكتوبر، وهناك عقوبات قضائية، وهي الفترة التي كانت تأوي فيها الخرطوم المتهمين بالإرهاب كـ”أسامة بن لادن” وغيره، وحدث أن فجرت سفارة أمريكية في نيروبي، وفي تنزانيا، وباخرة كول، المتظلمون من هذه الحوادث رفعوا دعاوى قضائية، وضعت على السودان (7) مليارات و300 مليون لتفجير السفارات، والباخرة كول، لا أحد يمكنه الالتفاف على هذه الأحكام القضائية لأنها صدرت من قضاء مستقيم، وكل هذه التظلمات تواجه النظام الحاكم في السودان، والأهم من ذلك بات واضحاً من خلال قراءة بيان وزارة الخارجية الأمريكية القسم الأفريقي، قيل فيه بوضوح تام إنهم رفعوا العقوبات ولكن ستستمر أجهزة المراقبة لأداء السودانيين، وأضافوا اشتراطات لم تكن موجودة مسبقاً كحقوق الإنسان، الحريات الدينية، وحرية الصحافة، وعدم التعاون مع كوريا الشمالية، بحيث إنه إذا تخلى عن تنفيذ ما يعتقدونه، إذن النظام السوداني عليه أن يمتثل للسياسات الأمريكية خاصة في موضوع الإرهاب.

{ (عفواً).. السياسات الأمريكية تصب في صالح الأمن والسلام العالميين.. ما المشكلة في أن يمتثل لها السودان؟
_ الخطر في السياسات الأمريكية أنها لا تفرق بين حركات التحرير والإرهاب، لذلك تعدّ (حماس) حركة إرهابية، وإذا حدث عدم التزام بذلك من الجانب السوداني معناها يتناقض مع السياسات الأمريكية، وهذا يؤدي إلى الإشكالات، وللأسف السياسات حول الشرق الأوسط يضعها اللوبي الإسرائيلي، وسيراقب كل تلك الأمور، مما يتطلب من السودان أن يكون لديه موقف ضد (حزب الله)، وحركة (حماس).

{ ما توقعاتك لمستقبل السودان في الفترة القادمة بعد رفع الحصار؟
_ أولاً يجب على النظام الحاكم أن يدرك أن القضية ليست فقط عقوبات أمريكية، وعليه أن يفتح الباب لحل قومي شامل، مع الشعب السوداني لمواجهة العقوبات التشريعية والقضائية، ونتفق على نظام الحكم، أو يستمر في العناد ويعني أنه لن يحدث سلام أو وفاق سياسي.. والمحصلة أن رفع العقوبات لن يفيد الاقتصاد السوداني.

{ هل سيتجه النظام السوداني إلى إعادة صياغة علاقاته الدولية؟
_ أعتقد أن النظام السوداني الآن يخاطب جهات دولية طلباً للمساعدة مقابل تنفيذ ما لديهم، وأعني هنا أمريكا والخليج، وهذا بالطبع ليس الوضع المثالي.. الصحيح أن يفهم السودان أين تكمن مصالحه وماهيتها وبعدها يخاطب أمريكا أو غيرها، ومن باب المصالحة السودانية، للأسف السياسة الخارجية في الفترة المقبلة ستتجه في طريق مصادقة الأسرة الدولية، بعرضنا خدمة أجندتهم.

{ قدم عدد من الناشطين في الخارج مذكرات للبيت الأبيض والكونغرس الأمريكي تطالب بعدم رفع العقوبات عن السودان.. ما رأيك؟
_ داخل أمريكا هناك تحفظ على رفع الحظر، يوجد (50) نائباً من الحزبين يعتقدون أن النظام السوداني برفع العقوبات سيعملون على تشجيعه في المضي في سياسات يعتقدون أنها خاطئة، ولكن مع وجود تيار قوي في الرأي العام الأمريكي ضد فك الحصار، ولوبيات كـ(كفاية ) وغيرها، سيتأثر رفع العقوبات بتحفظات هؤلاء، مع ذلك الحماية للسودان من هذه الآثار أن يفتح النظام الباب لكل مخالفيه، ويقول أنا مستعد للتفاهم معكم جميعكم على أساس خارطة الطريق لإيقاف الحرب، وحكم انتقالي قومي، ومؤتمر دستوري لمعالجة مشاكل البلاد.. بدل أن يمضي النظام في طريق استرضاء الحكومة الأمريكية، عليه أن يمضي في طريق الوصول لوفاق مع الشعب السوداني، عندها سيصفّح نفسه ضد التحفظات الأمريكية، وإذا لم يحدث ذلك سيفضي إلى تناقض في البلاد، سيضطر النظام إلى مواجهتها بوسائل قمعية، ويفتح باب مواجهات مع السياسات الأمريكية ومجموع الرافضية والداعمين للقرار، كما حدث في معسكر (كلمة).

{ النظام يتحدث عن رفع العقوبات باعتباره نصراً دبلوماسياً كبيراً يصب في صالحه وأنت تطالبه باشتراطات على رأسها حكومة انتقالية.. كيف يستقيم الأمر؟
_ أنا أتحدث عن النظام إن رغب في تصفيح نفسه من الضغوطات الأمريكية عليه أن يمضي في خط الوفاق الوطني، وشروطه المعروفة (سلام شامل، حكم قومي، دستور دائم)، بالفعل سيعتقد أنه ليس بحاجة لكل ذلك، وأنه قام بحل مشاكله مع الأمريكان، لكنه محض وهم، ولا تنسي أن الحكومة الأمريكية تراقب الالتزام السوداني، وهناك اللوبي الذي سيعمل على دفع الأمريكان  للتراجع عن قرار رفع العقوبات، وللحماية من كل ذلك هو ما ذكرته آنفاً.

{ التقى حزب الأمة القومي قبل أيام بقيادة حركة العدل والمساواة.. ما الغرض من هذا اللقاء وعن ماذا أسفر؟
_ عندما نكون في الخارج تتم زيارتنا من كل القوى السياسية ونتحدث معهم، وهي حلقة من حلقات الحديث والاتصال، وكما تعلمين أنهم عقدوا مؤتمر باريس وشاركنا فيه بخطاب، ولكن ما راج عن حديث منسوب لي في اجتماعنا معهم وتلخص في مهاجمة القوى السياسية غير صحيح، تسريب ملغوم لخلق مشاكل بيننا، وهم أيضاً أصدروا بياناً نفوا فيه ما ذكر في صحيفتي (الصحافة) و(الانتباهة).. موقفنا واضح من الحركات المسلحة.

المهجر السياسي