الميدان مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله 4-5

سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

 

 

حوار حسن الجزولى

 

في حوارية الأضحى معه {4}

 

الصادق المهدي لصحيفة الميدان:ـ

 

 *أي أسلمة بوسائل غير ديمقراطية ستأتي بنتائج عكسية!.

* على الفكر الديني أن يقبل بحرية الآخر ضمن حقوق الانساني وعلى الفكر العلماني أن يقبل التعامل مع غير العلماني ما دام يقبل حقوق الانسان!.

 *إتجهنا لتجميد قوانين سبتمبر رغم قناعاتنا بضرورة الإلغاء لأن الاتحاديين رفضوا الإلغاء الكامل!.

 *زيارة موزا لآثارنا نشكرها عليها وموقف وزيري من الآثار خاطئ ووبخته عليه!.

 *عارضت حل الحزب الشيوعي وقتها ولكني التزمت بقرار حزب الأمة الجماعي بضرورة الحل!.

 

جرى هذا الحوار في أيام وقفة عيد الأضحي المبارك بمنزل الحبيب الصادق المهدي، لذا فهو قد اتخذ  اسم “حوارية الأضحى” بالاتفاق مع الحبيب نفسه، باعتبار أن الحوار سينشر بعد عطلة العيد مباشرة، وهو الحوار الذي انتظرته صحيفة الميدان طويلاً بحكم مشاغل السيد الصادق، حيث تناول العديد من الموضوعات السياسية التي تشغل بال الشارع، ففيما يخص الاقتصاد القومي توقف الحوار عند سياسات الحزب، وطريق البرنامج الاقتصادي الذي ينوي تبنيه في مؤتمره القادم، والذي لم يخرج عن ما هو مطبق حالياً من قبل النظام الحالي حول اقتصاد السوق الحر، تحرير الاقتصاد، خصخصة المؤسسات الاقتصادية، ما أدى لكارثة انهيار الاقتصاد السوداني بمجمله، وافقار المواطنين، وضياع قيمة الجنيه السوداني. باختصار جاء الحوار بمثابة كاشف يضئ أفكار إمام الأنصار السياسية الاجتماعية، ونشهد بأن سيادته كان عندها كما عهدناه منفتحاً وصبوراً حتى حيال تلك الأسئلة التي تضايق كثير من الساسة في أحايين كثيرة.

 

حوار : حسن الجزولي

 

+ ناديت بضرورة ان تجدد الحركة السياسية نفسها وحددت تلاتة تيارات للشعب السوداني يسار وسط ويمين لتتبارى هذه الخيارات الثلاثة وتتنافس فيما بينها ،، ويلاحظ إنو خطاب حزب الأمة في الديمقراطية التالتة كانت أقرب للتيار اليميني ،، ما تعليقك؟.

= ما صحيح الكلام ده ، بالعكس نحنا بنعتقد في داخل الاسلام كلامنا تجديدي بالصورة المرفوضة عن كل التيارات الإخوانية، وهم اصلو تآمروا ضدنا ليه؟ لهذا السبب هم أكثر قوة تعلم من نحن، وتآمرت ضدنا لأنو بيقولو نحن ما مختلفين عنهم لأننا وقفنا ضد قوانين سبتمبر باعتبارها ما صالحة ونادينا بأن الاسلامية ما تكون حزبية بل قومية ولازم يكون متفق عليها، وقلنا واحد:ـ الأسلمة لا تكون حزبية لأنو أنا جاني أحمد سليمان كمندوب من الأخوان المسلمين وقال ليا يا فلان نحن دايرين نتفق معاكم، الاتحاديين ديل ما جادين، نتفق نحنا وانتو، نفرض برنامج واذا كان هذا البرنامج ما قُبل نفرضو ولو بالقوة، ده كلام أحمد سليمان، وطبعاً جاي بصفة إنو ده كلام فردي، فأنا قلت لأحمد سليمان ياخي مرفوض الكلام ده، أول حاجة نحنا ما بنوافق على موضوع أسلمة حزبية والأسلمة لازم تكون مشروع قومي، السلام مشروع قومي والأسلمة مشروع قومي، إتنين:ـ أي أسلمة بوسائل غير ديمقراطية حا تجيب نتائج عكسية، فمات الموضوع ده، فهم كانوا بفتكرو يستقطبونا لهذه الأفكار المنكفئة، والشي المهم جداً جداً إنهم  إعتبرو إنو رفضنا لقوانين سبتمبر والأشياء دي فيهو غدر بالاسلام.

 

+  بهذه  المناسبة تم التجميد لقوانين سبتمبر وليس الالغاء؟

نعم كيف تم التجميد ،، وطبعاً كان عندنا مشكلة مع الاتحاديين لأنو جزء كبير منهم كانوا مشتركين في قوانين سبتمبر لكين في النهاية قبلو هذا التجميد، نحنا قلنا الغاء قوانين سبتمبر والاتحاديين حلفائنا كانو بقولو لا، ولذلك اتفقنا على فكرة التجميد، وحزب الأمة نفسو كان رأيو الالغاء، وده موقف كان مبدئي إنها قوانين لا تمت للاسلام بصلة، على أي حال مؤامرة انقلاب يونيو كانت موجهة ضدنا باعتبار أننا وقفنا عقبة في سبيل البرنامج الاسلامي الحزبي ليهم.

 

+ بالمناسبة دي ،، من هم الأقرب ليك ،، الوطني أم الشعبي؟

= والله شوف ياخي أنحنا ما بنخش في مقارنات زي دي، الحقيقة نحنا كحزب أمة ما عاوزين ندخل في مزايدات زي دي، نحنا عملنا استراتيجية بنحدد بيها رأينا في النظرة للاسلام وما يتعلق بالموقف من الديمقراطية وفيما يتعلق بالنظرة لبناء الوطن، وبنترك لأي طرف يحدد موقفو من هذا، وبموجب ده بنحدد موقفنا مع أي قوى سياسية في النظرة للاسلام.

 

+ طيب باختصار ما الذي يريده منك النظام كحزب امة؟ وما الذي تريده أنت

= ببساطة شديدة واحد نقل لي إنو قال لي ناس الانقاذ الأفضل تتناقشو مع الصادق، قالو ليهو الصادق أنحنا نزعنا منو السلطة لكن ما نزعنا منو الشرعية، يا يأيدنا يا نكتلو.

 

+ ده متين كان؟

ده في أوائل التسعينات.

 

+ ،،،،،،،؟

= النظام كان حريص جداً جداً على إنو أنا أديهو الشرعية أولاً وأنا ما زلت معتقل مع الناس في كوبر، ساقوني بالليل في اتنين اكتوبر 1989 وضعوني أمام تشكيل بتاع محكمة،  قالو لي إنت عاوز تنقذ نفسك مننا، تعترف بالفشل الديمقراطي، أو حا نحاكمك محاكمة ميدانية، في رأيي إنو فكرتهم أنا أديهم شرعية، انا كتبت الكلام ده تفصيلاً، وحصل الحصل، تاني مرة سنة 93 الدكتور حسن الترابي الله يرحمو في بيتو قال لي تأيد النظام ده نقتسم السلطة، قلت مرفوض، لا تأييد ولا موافقة ولا تعاون إلا بموجب استرداد الحرية، في 96 البشير ارسل لي مندوب ،في الوكت داك أبيل الير، قال لي شوف يا فلان أنا بعرض عليك مشاركة في السلطة ووزارات سيادية، قلت ليهو انحنا ما بنشترك في نظام لا نوافق على دستوره “…” مشيت البيت، القوى السياسية لو عرضو عليها مشاركة زي دي ما بقاوموها، جاني عثمان خالد في البيت قال لي عندك مانع أنا أعرض الموضوع ده لقيادة حزب الأمة؟ قلت ليهو ما عندي مانع داير منو؟ قال كل قيادة حزب الأمة وأدعوهم لي بس ما تطرح عليهم الموضوع، وإنتهى الموضوع، أنا داير أقول إنو على طول الخط بهذا المنطق إنهم بفتكرو إحنا عندنا شرعية، لانهم  حاولو يعملو شرعية لانفسهم بالسي كي بي وما كانت كافية، في قضية السلام عملو الكي بي ايه وما كانت كافية، وعملو ستاشر اتفاقية هم شاعرين إنها ناقصة، في رأيي هم بفتكرو نحنا عندنا شرعية ذات مقومات مختلفة وإنو هذه الشرعية حتى الآن استعصت عليهم، وانحنا شرعيتنا منطلقة من إننا حماة للديمقراطية والوحدة الوطنية القومية ولذلك ما مستعدين نفرط في هذه الشرعية مهما كانت الظروف.

 

+ دعنا ننتقل لمحاور أخرى ،، كمثقف ومستنير لماذا لم تستصحب الاعلام في نشاطك السياسي كرئيس لحزب ،، لماذا تسجل دورية “صوت الأمة” وهي حالياً تشكل غياباً كصحيفة ناطقة باسم حزب الأمة القومي؟.

= ياخي إنت عارف نحن حزب مكبل، أحنا طالبنا بأربعة ونص مليون دولار، شغالين بالتمويل الذاتي  وده السبب الأساسي إنو ماعندنا حالياً آلية صحفية، لكن مع كل ذلك فاكتر نشاط موجود في الاعلام هو نشاطنا، مش لأنو الناس معانا، لكين لأنو صناعة الأفكار أغلبها عندنا، وعشان كدا الاعلام ببحث عن أخبار وبيلقاها عندنا، فوجودنا الاعلامي مع إنو ما عندنا أي آلية اعلامية تابعة لحزب الامة ولكن بنعتقد وجودنا الاعلامي كبير.

 

+ زيارة الشيخة موزة أثارت جدلاً واسعاً، كيف يقيم الحبيب زيارتها للبلاد وزيارتها لآثار السودان في مواقعها؟.

= زيارة كريمة نشكرها عليها كونها اهتمت بتراثنا وآثارنا التي وجدت إهتماماً لديها.

 

+ عليه ،، حدث مرة أن عادى السيد عبد الله محمد أحمد باعتباره وزيراً للثقافة في عهدك كرئيس للوزراء في فترة الديمقراطية الأخيرة نفس هذه الآثار ووصفها بالأوثان وهاجم بضراوة ما هو موجود في متحف السودان ،،  ما تعليقك؟.

= في ذهنية بين المسلمين في رأيي غير صحيحة بتعتبر التصوير والتماثيل أوثان وتتعامل معاها بهذه الصفة، فليس كل تمثال وثن، الوثن هو تمثال يعبد، لذلك  الكلام عن التماثيل في القرآن، عندما لا تكون مربوطة بالدين فما فيها أي نوع من الحرج، لذلك آثار الأولين لازم نعرفها عظة بيها، “ولقد كان في قصصهم عبرة يا أولى الآلباب”، لذلك الكلمة التي قالها وزير الثقافة في ذلك الزمن كلمة خاطئة وأنا وبخته لأنها كلمة لا تمثل رأينا كحكومة وإنما تمثل آراء بعض المنكفئين الذين يتخذون مواقف ضد هذه الأشياء باعتبارها خروجاً عن الدين. بينما هي مربوطة بالتاريخ وبالثقافة وممكن يدخل فيها الفن وتلاقح وتلاقي مع الحياة، ولذلك جاء موقف الوزير المعني خاطئاً.

 

+ في إفطاركم السنوي رمضان الماضي إنتقدتم موقف الحزب الشيوعي من الدين، وناديتم القوى السياسية ذات المرجعية الماركسية ـ والحزب الشيوعي أحد هذه القوى ـ بمراجعة الموقف من الدين، ماهي أقوى الدلائل التي تشير لالحاد الحزب الشيوعي؟. وكأنك تعيد الخطاب السياسي لفترة الستينات والذي أدى لحل الحزب الشيوعي السوداني.

= ليه؟ ،، أنا بتكلم عن كل الفكر الديني والعلماني إنهم يعملوا مراجعات ،، كل الأفكار، مراجعات  فكرية ،، مش مراجعات أمنية ولكن مراجعات فكرية وما قهرية ولكن مراجعات إختيارية ،، بمعنى لازم الفكر الديني يقبل حرية الآخر ضمن حقوق الانساني وكذلك الفكر العلماني لازم يقبل التعامل مع الفكر غير العلماني  ما دام يقبل حقوق الانسان  والتعايش معه  ولذلك الفكر العلماني يجب أن يقبل التعامل مع الدين فما دام يتعامل مع حقوق الانسان فعليه أن يقبل التعامل مع الدين والاحتكام للديمقراطية. دي خلاصة رأيي في هذا الموضوع.

 

+ بهذه المناسبة نعلم أنك أشرت لواقعة حل الحزب الشيوعي السوداني في الستينات بأن حميتها كانت فيها عاطفة بأكثر منها موضوعية واكتفيت بذلك ،، بمعنى أن الملاحظ أنه لم يتقدم حتى صباح اليوم الماثل أي من الأحزاب التي تورطت في واقعة حل الحزب باعتذار سياسي واضح يؤكد قطيعتها التامة مع مثل ذلك التوجه، بما فيه حزبكم ،، ما تعليقكم؟.

= أنا دايماً بتكلم في الحتة دي كجزء من حزب ، مش منفرد، في وقتها أنا عارضت المسألة دي لكين أنا التزمت بقرار الحزب.

 

+ يعني إنت كنت ضد الحل يا الحبيب؟

= نعم ،، وقتها كان في تلاتة كانوا ضد الحل، أنا وعبد الله عبد الرحمن نقد الله نقد الله ومحمد أحمد محجوب، وأنا اصطحبت عبد الله نقد الله ومشينا اجتمعنا مع اللجنة التنفيذية للحزب الشيوعي في داره وشرحنا ليهم الوضع إننا كلنا دلوقتي جزء من تيار جارف، وهذا التيار الجارف نرجو إنكم لا تواجهوه بانفعال، لأنو الذي عبأ هذا التيار الجارف هو كلام من  رئيس مجلس السيادة، بإنو أنا بمهل البرلمان فترة من الزمن لحل الحزب الشيوعي وإلا فأنا حا أجي أشترك معكم في هذه المظاهرات، لذلك الموضوع ده أصبحت فيهو تعبئة سياسية جارفة، وإحنا في إطار المعارضة الداخلية في حزبنا عارضناها وأوضحنا ليهم إنو التيار ده للأسف ماضي في سبيله، وأنحنا ما جينا نقول ليكم تقبلوا أو ما تقبلوا، بس رد فعلكم ما يكون فيهو انفعال، ده الكلام القلتو أنا ونقد الله في دار الحزب الشيوعي بالخرطوم.

الميدان