الوطن القطرية مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي

الإمام الصادق المهدي مع فريق صحيفة الوطن

 

الصادق المهدي ل”الوطن”: ثورات المنطقة تحولت حروباً أهلية

أميركا و”الأوروبي” متفقان على السلام الشامل

إفريقيا غنية بالموارد ويمكن أن توفر الأمن الغذائي العربي

أغلبية الأحزاب السودانية تعبت وتآكلت

الحوار بالداخل غير ملزم لقوى نداء السودان

التكفير يعزز أطروحات داعش والقاعدة

أمبيكي أفضل وسيط بين الفرقاء السودانيين

أقوم بوساطة مع الحركات المسلحة لدفع عملية السلام في السودان

13 أبريل 2017

حوار- نجيب نور الدين- محمد أمين

الإمام الصادق المهدي

 

في نهارية هادئة تقابل طقساً سياسياً متقلباً كنا على موعد مع الإمام الصادق المهدي تحت سقف «القطية» المنصوبة في فناء داره، دلالة على محبة الموروث السوداني بكل طقسها جلسنا في حضرة المثقف ورجل السياسة والتاريخ في حكم السودان يسبقه تاريخ جده الإمام المهدي، ومسيرة طويلة من العمل العام في السياسة والمجتمع والثقافة.
حوار الوطن مع الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان في حقبتين مختلفتين عقب ثورتين شعبيتين في السودان، ورئيس أكبر الأحزاب السودانية وأعرقها حزب الأمة القومي، وإمام طائفة الأنصار.. حديث الوطن مع الرجل اتجه إلى مسارات الشفافية والوضوح متمدداً في ما يجري في الساحة السودانية سياسياً، وكثير مما يجري في حدود الجيران والأشقاء في العالمين العربي والإفريقي، وكعادته لم يستبق المهدي شيئاً في شؤون يعيشها كقائد سياسي محنك. الحوار استعرض الوضع السياسي في السودان وأفق الحل ودور الوساطة الإفريقية ورؤية حزب الأمة وحلفائه للوصول إلى فضاءات السلام والتحول الديمقراطي، كما تحدث المهدي عن الأوضاع في الإقليمين العربي والإفريقي بالتركيز على العلاقات الإفريقية العربية، ومقلقات الوطن مثل الأزمة في سوريا والإرهاب.

كيف يقرأ الصادق المهدي الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد؟
ليس هنالك أدني شك أنه جرى حوار بالداخل، هذا الحوار وصل إلى نتائج، ولكنه يلزم من اشتركوا فيه، ولا يلزمنا في تحالف قوى نداء السودان الذين لم نشارك فيه، وقد وقعنا مع الحكومة على اتفاقية خريطة الطريق الإفريقية التي جاءت بها الوساطة الإفريقية، وأشارت الخريطة إلى ضرورة القيام بإجراءات محددة لبناء الثقة، والاتفاق على أجندة للسلام والحكم والدستور، ومن ثم نجتمع بالخرطوم لمناقشة هذه الأجندة، وأكد لي رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى السيد ثامبو أمبيكي أنه سيلزم كل الأطراف الحكومة وقوى نداء السودان بتنفيذ خريطة الطريق، وأنه سيدعونا إلى أديس أبابا لمناقشة برنامج لتنفيذ الخريطة، وكان لأمبيكي تساؤل حول موقف الحركة الشعبية- قطاع الشمال- وحركات دارفور، وخاصة حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد النور، والتزمت لأمبيكي بأن أتحدث إلى الحركة الشعبية للقبول بالمقترح الأميركي لتوصيل الإغاثات والمساعدات الإنسانية لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر مدينة «اصوصا» الإثيوبية، بالإضافة إلى إمكانية إخلاء القتلى والجرحى والمرضى عبر ذات الممر، وتساءل أمبيكي أيضاً عن قبول الحركات المسلحة في دارفور لاتفاقية الدوحة لسلام دارفور، وقلت له إن الاتفاقية خطوة إلى الأمام، ولكن يجب أن يعترف في ما بعد للأطراف التي لم تشترك فيها أن يؤخذ رأيها في الحسبان، والتزمت بمعالجة هذا الأمر، وأيضاً التزمت له بالحديث مع عبدالواحد النور، وأعتقد أن هنالك إمكانية للتفاهم معه حول المشاركة في الحوار والتفاوض، على كل حال التزمت للسيد أمبيكي بالعمل معه في هذه القضايا الثلاث حتى تسهل له مهمته في القيام بالوساطة، وهو أكد لي أن الحكومة موافقة على الالتزام بخريطة الطريق.

ألا ترى أن الأطراف المتعددة للمعارضة.. الحركة الشعبية وحركات دارفور.. وقوى نداء السودان ساهمت في تأزم الموقف العام السياسي في البلاد؟
هنالك جبهتان في الساحة السياسية، الحكومة وحلفاؤها، والمعارضة وحلفاؤها، الحكومة تمثل حلفاءها، وأنا ألتزم بأن توحد المعارضة موقفها حول هدف واحد، وليس بالضرورة أن توحد صفها.

أشارت قوى نداء السودان إلى أن بيان الآلية الإفريقية تجاهل ما ناقشه معكم بالخرطوم مؤخراً وركز على الحوار الوطني للحكومة بالداخل؟
لم أقرأ البيان الذي صدر من نداء السودان، ولكن أعتقد أن هنالك فهماً مغلوطاً، اطلعت على بيان الآلية الإفريقية رفيعة المستوى، وهو يتطابق تماماً مع ما اتفقنا عليه في اجتماعنا مع السيد ثامبو أمبيكي، وهو قال لنا بالحرف الواحد إنه سيواصل العمل بمرجعية خريطة الطريق، وسيقدم الدعوة لمكونات قوى نداء السودان لاجتماع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ليتفق معهم على كيفية تنفيذ خريطة الطريق.. صحيح وصلني أن بعض قوى نداء السودان قالت إن أمبيكي تخلى عن التزامه نحونا، ولكنني أؤكد تماماً أن بيان الآلية الإفريقية جاء متطابقاً تماماً بما اتفق به معنا.

طبيعة الحكم في السودان تظل مشكلة قائمة وأنت قد عددت موقفكم مع الأنظمة العسكرية أو ما يسمى «الدائرة الجهنمية» الانقلابات العسكرية والثورات.. هل تغير حكومة الإنقاذ من وضعها الشمولي أم ستظل متمسكة بالحكم أكثر من أنها متمسكة بقضية؟
حكومة الإنقاذ بدأت تغير لغتها، ورئيس الجمهورية عمر البشير في آخر خطاب له، لم يتحدث عن المشروع الحضاري «الأيدلوجي» الذي كان يفرضه النظام على الآخرين، تحدث عن الإجماع الوطني والاعتراف بالتنوع والتداول السلمي للسلطة، كما أشار الرئيس إلى ضرورة توفير الحريات واحترام الرأي والرأي الآخر، وإن كان هذا الحديث «نظرياً»، نحن نطالبهم ببيان عملي، ولكن الواضح نظرياً أن لغة «الإنقاذ» القديمة التي كانت تقوم على عزل وإقصاء الآخر تغيرت ولكن العمل لم يتغير، وحتى في حديثه عن الدستور كان يقول إنه لابد وأن ينطلق بإجماع الآخرين، واجبنا أن نبحث عن الآليات المختلفة لتحويل هذا الحديث إلى واقع، ولن نتعامل مع هذا النظام إلا بعد أن تتحول العبارات إلى واقع ملموس.

هنالك تغيير حدث في السودان وشمل المواطن في سنوات طويلة من الإرهاق وضيق العيش وتناقص الحريات الأمر الذي انعكس على طبيعة الشعب في نضاله للتغيير؟
حتى النظام الحالي يتطلع إلى نظام جديد، وممارساته المختلفة في وجهة نظري ونظر المواطن العادي لم تحقق شيئاً إيجابياً، وهنالك ضغط شعبي كبير لصالح التغيير حتى خارج إطار الأحزاب السياسية، مثل حركة «العصيان المدني» التي قام بها الشباب، ورتبها ونظمها جيل جديد، وعبروا بها عن رغباتهم وتطلعاتهم، ومهما كان حظهم من النجاح فهم يمثلون قطاعاً مهماً من الشعب السوداني، إضافة إلى ذلك فإن هنالك حركة مطلبية واسعة في البلاد، وفي رأيي وبصرف النظر عن رأي المعارضة المنظمة، هنالك تيار معارض عريض جداً لا يرضى إلا بعملية انتقال إلى نظام يحقق هذه الأهداف وهي الحريات والتداول السلمي للسلطة والتنوع الإثني والديني والثقافي، وهذه العبارات صارت شائعة في كل الأوساط الشعبية، ولكن المهم كيف تنفذ.

أين هي الأحزاب السياسية وعلى رأسها الحزبان الكبيران حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي.. ما هو تأثيرها على الأوضاع في السودان؟
ليس هنالك قاعدة واحدة تنطبق على الأحزاب، ليس الاثنين ولا الجماعة، وأغلبية الأحزاب تعبت وتآكلت مع طول الزمن والنضال، ولكن حزب الأمة استطاع أن يتصدى لكل المؤامرات والاختراقات التي تحاك ضده، وعقد سبعة مؤتمرات، والآن بصدد عقد المؤتمر العام الثامن، وكل أجهزته ومؤسساته منتخبة، بالإضافة إلى تكويناته الحزبية في كل ولايات السودان، وكذلك له 73 فرعاً في العالم مرتبطة بالحزب، ولحزب الأمة القومي طرح فكري واضح وبرنامج شامل وتنظيم شرعي منتخب، وخلال الثمانية وعشرين عاماً استطعنا أن نتصدى لكل عوامل التعرية والتجريف التي أضرت بالأحزاب الأخرى، صحيح هنالك مجموعات خرجت منه بأسماء كثيرة مثل حزب الأمة الفيدرالي والإصلاح والتجديد، ولكن كل هذه الأحزاب تحولت إلى «أذناب» لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، وأصبح وجودها مستمداً من وجود الحكومة، فهي مجموعات غير مستقلة بذاتها وتتلقى المساعدات من الحكومة، أما حزب الأمة القومي التنظيم الشرعي القائم الآن مستقل عن الحكومة، وعن أي قوى أجنبية، واستطاع أن يحافظ على حرية القرار الوطني، وان يتصدى للاختراقات التي حاولت أن تقوم بها الحكومة، وينطبق عليه المثل الذي يقول «ما لا يقتلني يقويني»، وكل أنشطة الحزب في الأقاليم أو بالخارج والورش المختلفة التي يعقدها تسير على قدم وساق.

يكثر الحديث عن تسوية سياسية بين الحكومة والمعارضة في قوى نداء السودان دفعت بها القوى الدولية للإبقاء على الحكومة وإلحاق المعارضة بالسلطة.. هل هنالك تسوية جاهزة كما يذهب البعض؟
لا توجد تسوية بين الحكومة وقوى نداء السودان، والتسوية الوحيدة المطروحة والجاهزة هي التي انتهت إليها عملية الحوار الوطني بالداخل، وكثير من العناصر التي شاركت في الحوار ترى أن الشروط غير متوفرة، وهنالك خلافات داخل تلك المجموعات في الحوار الوطني، وبالنسبة لنا فإن الحوار الداخلي به سلبيات وإيجابيات، ومن أبرز سلبياته أنه لم يعترف بضرورة الحوار الجامع، وقلنا للوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي بكل وضوح إن قوى نداء السودان لن تلتحق بحوار الداخل، وإننا لدينا رؤية لعملية السلام في البلاد، وهو وافق على رؤيتنا، وإذا نفذ هذا البرنامج سيكون هنالك أولاً اتفاق على بناء الثقة، وثانياً وقف العدائيات وانسياب الإغاثات وكفالة الحريات وإطلاق سراح المعتقلين، وثالثاً اتفاق على أجندة الحوكمة وليس الحكومة التي هم بصدد تشكيلها، ونحن نتحدث عن حكم قومي متفق عليه، رابعاً اتفاقية سلام لوقف الحرب وعقد المؤتمر القومي الدستوري، إذا نفذ هذا البرنامج نستطيع أن نصل إلى اتفاق سلام شامل وكامل، وبخلاف ذلك يمكن أن يحدث اتفاق جزئي تتأسس عليه حكومة وهذا لا يعنينا في شيء، وإذا نفذت وعود ثامبو أمبيكي في رأيي فإنه الطريق الأفضل للحل، إذ لا معنى لأي اتفاق يتم دون إنهاء الحرب، والاقتتال وبدون توحيد القوى السياسية.

برأيك هل المجتمع الدولي سيدعم أي اتفاق أم أنه مع الحل السياسي الشامل للأزمة في السودان؟
التقيت مندوب الاتحاد الأوروبي، وطلبت منه تأكيدات أنهم مع الاتفاق الجامع، وقال لي بوضوح إن الرأي العام الأوروبي لا يسمح لنا بدعم اتفاق سلام في السودان ما لم يكن اتفاقاً جامعاً، وهي رؤية الولايات المتحدة الأميركية ذاتها، والمجتمع الدولي يحتاج إلى تعاون الحكومة السودانية لدعم الاستقرار في دولة الجنوب، ووقف الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب، هم بوضوح يريدون من الحكومة القيام بهذه المهام، ولكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يلزموها بوقف الحرب في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتوفير الحريات العامة ودعم القوى المدنية، هم يريدون التعاون مع الحكومة في هذه القضايا، وأكد لي مندوب الاتحاد الأوروبي أنهم لا يستطيعون التخلي عن المحكمة الجنائية الدولية لأنهم أعضاء فيها، ولا توجد طريقة للتعامل مع قضية المحكمة إلا عبر مجلس الأمن الدولي، ومجلس الأمن لا يستطيع أن ينظر في القضية ويتعامل مع السودان، إلا إذا تم اتفاق يوقف الحرب والاستقطاب السياسي، وكل هذه القضايا أصبحت مرتبطة ببعضها البعض، قلت له تعاونوا مع الحكومة كما تشاؤون، ولكن في الوقت نفسه ادعموا السلام والتحول الديمقراطي لأن هذه القيم يقاس بها الرأي العام لديكم، هم يقولون إنهم يتعاملون مع الحكومة في إطار المصالح المشتركة بينهم، ولكنهم يقولون إذا أرادت الحكومة السودانية تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي لابد أن يتجاوب معهم في أجندة السلام والتحول الديمقراطي.

كيف ينظر المهدي للتعديلات الدستورية التي تمت خاصة التعديلات في شكل نظام الحكم باستحداث منصب وزراء جديد وكيف ستتعاملون مع الأمر؟
رؤيتنا أن يتم فتح الدستور من جديد، أما بشأن التعديل الخاص برئيس الوزراء فنحن نطرح النظام المختلط للحكم، وحتى يكون هذا الإجراء سليماً لابد أن يتم في وجود جهاز تشريعي منتخب، وهو الذي ينتخب رئيس الوزراء، أما أي إجراء بخلاف ذلك لا نعتبره حقق المطلب الدستوري المراد، على كل حال نحن نرى أن موضوع الدستور يجب أن يناقش في مؤتمر قومي دستوري، وهو جزء من الحوار مع الحكومة، ولدينا في حزب الأمة القومي أفكار محددة ذكرناها في الاستراتيجية باعتبارها مبادئ أساسية للسلام وللدستور، ونأمل إذا كان هنالك تنفيذ لخريطة الطريق الإفريقية أن ننفذ هذه الأفكار.

إلى أي حد يمكن أن يتأثر السودان والمنطقة بما يجري من حولنا في ظل النظام الدولي الحالي؟
انتهى نظام القطب الواحد، وأصبح النظام الدولي قائماً على أقطاب متعددة، وهذه الأقطاب ستمدد من نفوذها في منطقتنا شئنا أم أبينا، وإذا استطاع السودان حل مشاكله فإن ذلك سيشكل له حماية من أي تدخلات أجنبية، وكذلك إذا استطاعت الدول العربية والإفريقية أن تحل مشاكلها في إطار المنظمتين الإقليميتين: جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ستحمي نفسها من نفوذ الأقطاب الجديدة، والعكس صحيح إذا فشلت في حل إشكالاتها ستعطي الفرصة لتلك الأقطاب أن تتمدد وتحول المنطقة إلى ميدان حروب.

في القمة العربية التي عقدت مؤخراً بالأردن قال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر إن الأسد حوّل المواجهة مع المعارضة لإهدار دم الشعب السوري؟
كل الثورات الشعبية في إطار الربيع العربي والتي اندلعت بعد ربيع القاهرة، نبهت الأنظمة الحاكمة إلى أن هنالك تياراً جديداً وعريضاً رافضاً للأوضاع القائمة، ولذلك استعدت هذه الأنظمة للمواجهة، كما حدث في ليبيا وسوريا، وهذا أدى إلى تحويل الثورات الشعبية إلى حروب أهلية، وفي سوريا انتقل الأمر من تطلعات لربيع عربي إلى استقطاب طائفي حاد جداً، دعا إليه عناصر إقليمية اشتبكت، وصارت المعركة في سوريا وجه من وجوه الحرب الإقليمية، والآن في اتجاه لأن تصبح حرباً دولية، وذلك لأن الأطراف المختلفة في سوريا أصبح لها سند من جهات دولية، وكتبت خطاباً مفتوحاً للقادة والزعماء العرب في قمة الأردن به 10 نقاط أساسية ومهمة، أبرزها ضرورة وقف الحرب والصلح الطائفي ورفض قانون جاستا الأميركي تجاه المملكة العربية السعودية، ولكن للأسف خرج البيان الختامي مجرد «مجاملات» وكان خيبة أمل كبيرة.

ولكن القمة شهدت حديثاً كثيفاً من القادة والرؤساء العرب عن الإرهاب والتعاون الدولي لمكافحته؟
هنالك قصور في فهم الإرهاب، وهم تحدثوا عن محاربة الإرهابيين وليس الإرهاب، ومادام هنالك تيارات تكفيرية، فالتكفير يؤدي إلى إهدار الدماء، وهذا يعزز أطروحة تنظيمي «داعش والقاعدة»، وهذه التنظيمات لها حواضن، إذا لم نجردها من هذه الحواضن سيظل الإرهاب موجوداً، يمكن أن تؤدي مكافحة الإرهاب إلى قتل الإرهابيين، وفي رأيي أن كان الأجدر أن يتطرق النقاش إلى الحواضن وأسباب الإرهاب التي تفرخ مثل هذه التنظيمات، وليس فقط محاربته.

العلاقات السودانية- المصرية أصبحت معقدة وتشهد توتراً باستمرار؟
طالما أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر مصنفة بانها جماعة إرهابية، وأن الإسلاميين في السودان جزء من النظام الحاكم، لن تكون هنالك إمكانية لتطبيع العلاقات بين البلدين، وسيظل الموقف المبدئي للنظام المصري ينظر إلى السلطة الحاكمة في السودان من هذا المنظور، فالتفجيرات الأخيرة التي استهدفت الكنائس حمل النظام الإخوان المسلمين المسؤولية، أما بخصوص موضوع «سد النهضة» الإثيوبي فإن موقفي البلدين مختلفان، الحكومة السودانية ترى أن فوائد المشروع أكثر من مضاره، بينما يرى النظام المصري مضاره أكثر من فوائده، وهذه التطورات دفعت السودان لأن يطور علاقاته مع إثيوبيا إلى درجة الحديث عن تكامل أمني وسياسي واقتصادي، وفي الوقت ذاته أصبحت العلاقة بين مصر وإثيوبيا على درجة عالية من الخطورة، طالما أن هذه المشاكل موجودة يمكن أن يكون هنالك تعايش في إطار المصالح المشتركة، ولكن لن يحدث تطبيع للعلاقات أو اتخاذ أي خطوات تكامل بين البلدين.

أين إفريقيا من اهتمامات الصادق المهدي؟
نحن العرب في شمال إفريقيا مقصرون جداً في درجة التعامل مع إفريقيا جنوب الصحراء، ولابد من النظر لحوض النيل كوحدة «جيوسياسية» تشمل دول الحوض كلها من المنابع والمجري وحتى المصب، وهذا الأمر يجب النظر إليه من ناحية استراتيجية، فإفريقيا جنوب الصحراء هي الأكثر موارد طبيعية، وهناك تنافس أميركي وأوروبي وصيني عليها، لذلك من باب أولى أن يكون هنالك اندفاع عربي تجاه إفريقيا، لأنها يمكن أن توفر الأمن الغذائي العربي، والأفضل للدول العربية استثمار أموالها في إفريقيا، وأنا هنا أتحدث عن تكامل في حوض البحر الأحمر بين شرقه وغربه، والتعامل مع هذا الموضوع من منظور استراتيجي، واكثر فائدة للأموال العربية أن تستثمر في إفريقيا وليس في أميركا أو أوروبا، وهذه العلاقات بين دول حوض النيل تحتاج إلى مراجعات حتى يكون هنالك ما يشبه التكامل العربي الإفريقي.

في أي إطار تأتي زيارتك إلى دولة قطر؟
تلقيت دعوة من مركز الجزيرة للدراسات لإلقاء محاضرة تحت عنوان «أزمة الدول العربية ومستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط»، وإذا وجدت فرصة للقاء مسؤولين قطريين للحديث حول عملية السلام في دارفور سأفعل ذلك.

برأيك ألا يمكن أن تؤدي الخلافات داخل الحركة الشعبية- شمال- الفصيل المهم في تحالف نداء السودان إلى عرقلة العملية السلمية وجولات المفاوضات المرتقبة؟
وارد جداً أن تتسبب في ذلك، ولكن رأيي انه يمكن احتواء هذه الخلافات، لأنه لا يوجد خيار آخر لتحقيق الأهداف بالقوة، هذا أمر مستحيل، ولو تحقق سيأتي بديكتاتورية، لذلك لابد من إيجاد بديل، ثم إن الشعوب السودانية في مناطق الاقتتال تعاني معاناة كبيرة جداً، وإذا وجدت حلاً عادلاً ستقبل به، نعم هنالك مشاكل داخل الحركة الشعبية، ولكل أزمة فرصة للحل، ونحن في حزب الأمة لدينا علاقات جيدة مع كل الأطراف، سنستثمرها للاتفاق على موقف موحد، وليس بالضرورة وحدة صف، وإنما وحدة هدف من أجل سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي.

ولكن الحركة الشعبية أعلنت رفضها لأن تكون الحكومة جزءاً من آلية الحوار (7+7) في عملية التفاوض وتفضل التفاوض مباشرة مع الحكومة؟
هم لم يرفضوا، ولكنهم يريدون التأكد أن لجنة 7+7 تمثل الحكومة، حتى يكون هنالك التزام على الحكومة، هذه أشياء سنتصدى لها في الاجتماع المنتظر مع الوساطة الإفريقية بأديس أبابا وسنحتويها.

كيف تنظرون لدور أمبيكي كوسيط في الأزمة السودانية؟
هو أفضل وساطة موجودة، ولأمبيكي مكانة عالية، ولن تجد رجلاً إفريقياً أعلى منه مكانة، كما أن بلده جنوب إفريقيا بلد مهم في القارة، وفي رأيي أنه حقق أشياء مهمة، ومجهوده لم يضع دون نتائج، ولديّ ثقة كبيرة في أمبيكي، فهو يحاول أن يتعامل مع أطراف متنافرة جداً في السودان، وحتى الآن استطاع أن يتعامل مع أطراف النزاع الحكومة والمعارضة بصورة عملية.

أمبيكي دائماً ما تلاحقه الاتهامات بأنه الأقرب إلى تبني مواقف الحكومة السودانية.. ما تعلقيك؟
من يقولون هذا من لا يجدون ما يرونه مناسباً لهم في المجهود الذي يبذله أمبيكي، ولكن من ينظر إلى خريطة الطريق الإفريقية التي جاء بها أمبيكي لا يمكن اتهامه بأنه يوالي الحكومة، وقد قالت الحكومة من قبل إنها لن تتفاوض مع المعارضة إلا إذا وقعت على الوثيقة الوطنية، ولكنه جاء بطريق آخر ويسعى لتنفيذ خريطة الطريق، وبأي حال لا يمكن أن يحسب الرجل أنه تابع لأي جهة.

هل يعتقد الصادق المهدي أن الحكومة ستلتزم بخريطة الطريق؟
الله أعلم بالسرائر، ولكن في المؤتمر العام لحزب المؤتمر الشعبي، أكد إبراهيم محمود، مساعد الرئيس السوداني، أن الحكومة ستلتزم بتنفيذ خريطة الطريق.

 

صحيفة الوطن القطرية

 

حوار صحيفة الوطن القطرية
صحيفة الوطن القطرية الخميس 13 أبريل 2017 العدد 7893 الصفحة رقم 21