اليوم التالي في حوار مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي

الإمام الصادق المهدي

 

حاورته بالقاهرة سامية إبراهيم

1 يونيو 2016

** في هذا الحوار يعود الإمام الصادق ليضع بعض آماله على سلة ثابو أمبيكي، وينشد رؤاه التي ما انفك يطرحها بين يدي كل مناسبة، وفي سبيل ذلك طالت غربته، بل دخل كأحد اللاعبين المخضرمين مباراة تسخين الشارع، خصوصاً بعد بيانه الأخيرة المنادي بالانتفاضة الشعبية، بينما انتاشته أيضاً سهام ابن عمه مبارك الفاضل، ويمكن القول أيضاً أن الإمام المهدي صيد ثمين لأيما صحيفة، فهو دائما لا يخلو جرابه من خبر مهم، ولا يستكين للملل، أن لم يصك مصطلحاً جديداً، تجده يصارع بقوة لاستعادة حيوية الملعب السياسي. جلسنا إليه في شقته بالقاهرة مدينة نصر، ووجدنا في معيته ابنه بشرى، وكالعادة يجلس في وقار الإمام، وحفاوته المشهودة، كانت أكواب الشاي تصدر صوتاً مجلجلاً، ويزدحم المكان بالأحباب، وابتسامات محمد زكي، السكرتير الوفي تبدد الوحشة، وقد دار الحوار جله في الراهن السياسي ولقائه المرتقب مع أمبيكي، وتفاصيل عودته التي ذكر أنها سوف تكون بالتنسيق مع قوى نداء السودان، مع ونسة جانبية لا تخلو منها لقاءات السودانيين، لنطالع الحوار.

* هل تم تحديد موعد للقاء برئيس الوساطة ثامبو أمبيكي؟
لم يحدد الوقت ولكن نحن جاهزون واستخرجنا الفيزا ولم نتفق على موعد محدد بعد

ما هي أجندة هذا اللقاء؟
الأجندة ستكون حول كيفية إحياء الحوار الوطني وهذا هو الهدف.

* هل الاجتماع المرتقب محاولة لإنقاذ خارطة الطريق التي رفضتم التوقيع عليها سابقا؟
الوساطة تتعامل مع خارطة الطريق بوصفها مدخلا للحوار ولكن نحن لدينا تصور آخر لن نتحدث عنه الآن حتى نتفق عليه كقوى معارضة.

ما أهمية اللقاء برأيك؟
أهمية اللقاء تأتي في إمكانية بحث استئناف الحوار باعتبار أن لدينا ثلاث قضايا مهمة، الأولى أن لا يوصف الحوار الداخلي بأنه الحوار الوطني ويمكن أن يسمى بالحوار الداخلي والحوار الوطني هو الذي يحضره الجميع وأن تنحصر العبارة في اللقاء الذي يمكن أن يتم بحضور الجميع وأن لا تعتبر نتائج الحوار الداخلي ملزمة لنا وثانيا يبدأ الحوار في الخارج بحضور كافة القوى السودانية المعنية وبمشاركة الحكومة لضمان التنفيذ وفي الحوار التحضيري يجب أن نتفق على وقف إطلاق النار وحرية الإغاثة وإطلاق سراح المعتقلين لأسباب سياسية، وكفالة الحريات، وهذه إجراءات بناء الثقة والاتفاق على أجندة اللقاء الداخلي والتي ستخاطب قضية السلام والتحول الديمقراطي وثالثا أن يكون الحوار الوطني رئاسته متفقا عليها بأن يكون شخصا محايدا وليس المؤتمر الوطني وإذا حدثت هذه المطلوبات الثلاثة ننظر لأن خارطة الطريق بها إيجابيات وبها نقائص.

* هذا يعني إمكانية العودة لخارطة الطريق؟
يمكن اعتبار خارطة الطريق خطوة ولكننا نتحدث عن أمر آخر الآن وهذا يمكن أن نتفق عليه باعتبار أن خارطة الطريق كورقة تجاوزتها الأحداث وحدث استقطاب حولها ولا أعلم ماذا ستكون نتائج لقاء أمبيكي المرتقب، ولكن الآن النظام حتى إذا لم تكن توجد خارطة طريق ومعارضة لديه مشكلة كبيرة في أن توصيات الحوار والوثبة بجانب مذكرة 52 من قيادات اجتماعية واكاديمية ولا يمكن أن يسفه ما طرحته المذكرة.

* بعض مكونات نداء السودان منزعجة من لقائك مع أمبيكي وتصفه بالثنائي وبأنه مهدد لوحدة المعارضة؟
تمت دعوتي للاجتماع برئيس الآلية الأفريقية أمبيكي بصفتي رئيسا لحزب الأمة واللقاء سيتم على هذا النحو واللقاءات الثنائية بالوساطة تتم ثنائيا مع الحركة الشعبية وحركات دارفور ولكن المهم في رأيي أن لا يكون الاتفاق النهائي ثنائيا.

* دائما ما تقوم بلقاءات ثنائية بعيدا عن قوى نداء السودان.
هنالك جهات في نداء السودان ترفض اللقاء مع قوى المستقبل ولكن نحن أقمنا علاقة معها وتحركات حزب الأمة لا تتناقض مع ما اتفقنا عليه كقوى معارضة في نداء السودان.

* لماذا لم تقدم الدعوة لنداء السودان؟
صحيح بعض الإخوان في نداء السودان طرحوا أن يذهبوا معي للقاء أمبيكي في دولة جنوب أفريقيا للمساعدة في مزيد من التشاور بينما يرى البعض الآخر عدم الذهاب بحجة عدم توجيه الدعوى لهم (هذا الأمر ليس به إشكال) سأذهب بصفتي رئيسا لحزب الأمة ولكن لن أوقع على أي اتفاق ما لم يتفق عليه مع قوى نداء السودان.

* يمكن أن نقول إن اللقاء مع أمبيكي لن يشهد اتفاقا ثنائيا؟
لن يحدث اتفاق دون موافقة نداء السودان، أمبيكي يريد التفاهم معي وأنا أيضا أريد ذلك بوصفه قيادة أفريقية لديه وزن معروف ولن أتردد في قبول دعوته وهو يعلم تماما أن الدعوة ليس الهدف منها حدوث اتفاق مع حزب الأمة (إن أثمرت) اللقاء في إطار اتفاق مع المعارضة مجتمعة وليس نداء السودان فقط.

* ماذا تقصد بالمعارضة مجتمعة؟
أنا علي صلة بغازي صلاح الدين بخصوص اللقاء وقد يأتي لجنوب أفريقيا وربما يأتي آخرون وأرسلت أيضا لأصحاب مذكرة الـ(52) واقترحت عليهم بأن لقاء قوى المعارضة سيخرج بموقف جماعي من هذه المذكرة لتعزيزها.

* هل تدفعكم الضغوط الدولية والتهديدات بفرض عقوبات على المعارضة لتقديم تنازلات؟
نعتقد أن الآلية للحوار والتفاوض هي التي تتم عن طريق أمبيكي في حال تغيرت الآلية يمكن نرى أمر آخر وهنالك احتمال في حال فشل أمبيكي أن تتوسع الدوحة في وساطتها أو مجلس الأمن يعين مندوبي حوار مثلما حدث في اليمن وليبيا وأنا أفضل أن يستمر أمبيكي ولديه آلية أفريقية محترمة ولا توجد مصلحة للتخلي عنها لذلك من الضروري البحث عن إحياء دور الآلية الأفريقية.

* هل تعتقد أن اللقاء القادم يمكن أن يشهد إدخال التعديلات على خارطة الطريق؟
أمبيكي قدم الورقة والحكومة وافقت عليها، واتصل علينا وقال إن هذه الورقة إما أن نقبلها أو نرفضها ونحن نفتكر أن هذا الأمر غلط ونحن نحتاج لضمانات أكثر وقلت له انتظر أسبوعا حتى نتناقش مع بقية القوى وقال لي في لقاء منفرد إنه يرى أنه حقق تقدما في التفاوض ورفض الانتظار، وذهب وتحدث مع رئيسة الاتحاد الأفريقي وقامت بكتابة بيان ليس به حكمة هددت فيه قوى نداء السودان بفرض عقوبات وتدويل للقضية وهذا كلام لا يليق وغير سليم.

* ما الذي ينقص خارطة الطريق؟
أنا اقول إن خارطة الطريق تنقصها ضمانات وطريقة إدارة الأمر بها نوع من العجلة والتخبط وسوء التصرف وبعدها اتصلت بنا دول الترويكا والمبعوثون الدوليون للتأكد من موقفنا ونحن اجتمعنا بهم وقلنا لهم يمكن معالجة الأمر وموقف الحكومة الداعم لخارطة الطريق أعطاها نوعا من الرضا بجانب اشتراكها في عاصفة الحزم افتكر أن هذا سيحل مشاكله الاقتصادية، الأسرة الدولية أصبح لديها هم جديد وهو وقف تدفق اللاجئين وإرجاعهم لأوطانهم ويريديون إقامة معسكرات للاجئين والعملية بها إساءة لحقوق الإنسان والنظام وجدت تجاوبا مع الأوروبين وحضنا دافئا لدى دول الخليج.

* ألم تضف عاصفة الحزم قوة للنظام؟
هذا أمر غير صحيح لأن عاصفة الحزم لم تساعد في المعادلة الاقتصادية وجاءت أحداث جامعة الخرطوم والمناخ السياسي “سخن” والرأي العام الأوروبي أصبح يقول إن الحكومات باعت اللاجئين أثناء ذلك فوجئ النظام بالحوار الداخلي “الوثبة” لكن نتائج الحوار جاءت بمطالب مثل مطالبنا حيث أن كل نتائج الحوار الداخلي طالبت بالحل الشامل والحريات ونفس ما تقوله المعارضة وجاءت مذكرة الـ(52) فوجد النظام أن حواره الداخلي كله ذهب في المطالبة بحكومة انتقالية وتحجيم الأمن وحريات ومؤتمر دستوري وبقي محلك سر حتى الذين كان يعتقد أنهم طوع البنان طالبوا بالأجندة الوطنية و(أصبح الشارع مسخن) وفي حال ذهب الأمر لمجلس الأمن فلن يجد النظام نفسه في موقف مريح لأنه أكبر عدو له.

* ماذا حدث بعد ذلك؟
أثناء ذلك نحن كقوى نداء السودان كتبنا لأمبيكي وطالبنا بلقاء حتى لا نخسره ونريد توضيح حجم الخلاف وكتبت خطابا نيابة عن قوى نداء السودان وقد كان وعندما ذهب إليه الخطاب لم يستجب وكتب لي ماذا تريدون من اللقاء وهذا يعني اعتذاره من اللقاء وبعدها نحن “سكتنا” ولكن يبدو أنه راجع موقفه وأرسل لي بأن ألتقيه في جنوب أفريقيا واتصلت بزملائي في نداء السودان وقلت لهم لا يوجد حرج في الاستجابة لاتصالات ثنائية ولكن في النهاية يحدث هذا كثيرا، الحركات في دارفور لديها اتصالات في الدوحة، والحركة الشعبية لديهم منبر قرار مجلس الأمن ويمكن أن نلتقي ولكن من يتحدث يتحدث بلغة الجماعة والهدف تنفيذ قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقي 539 الذي دعا للقاء تحضيري.

* هل تم الاتفاق مع قوى نداء السودان علي ذهابك؟
اتفقت مع قوى نداء السودان بأني سأذهب لهذا اللقاء ومنهم من اقترح أن تذهب كل القوى ليكونوا قريبين للتشاور وعلى أي حال كان لدينا أساسا اتفاق على اللقاء بين مكونات نداء السودان للتفاكر والمواصلة على ما اتفقنا عليه في باريس من حيث قضايا الهيكلة والميثاق والموضوع الآن أنا مدعو للقاء أمبيكي في جنوب أفريقيا.

* وجدت الحكومة ترحيب بتوقيعها على خارطة الطريق..
بعد توقيع خارطة الطريق وجدت الحكومة نوعا من الترحيب الدولي ولكن في الأثناء (قاعدة تجوط) الاوضاع في الداخل، وصحيح وضعها تحسن ولكن لن تغنيها عن إيقاف الحرب وفي الأثناء نحن نحضر لانتفاضة يمكن أن تفاجئنا كلنا والناس أصبحت لا تستطيع العيش والأسعار والظروف كلها مهيأة لانتفاضة.

* تتحدثون عن الانتفاضة هل بدعمها من الخارج أم العودة ومساندتها من الداخل؟
مثل هذا الحديث يقال لمن لا يوجد لديه قواعد بالداخل، أحزابنا متحركة من الداخل والخارج وحتى القوى الثورية لديها جذور بالداخل، وإذا قامت انتفاضة ستكون بتنسيق مع كافة الأطراف وتم اتفاق في نداء السودان على قيام مجموعة تنظيم العمل التنفيذي بالداخل والخارج والتكامل فيما بينها وإذا رجعت سيكون في إطار متفق عليه مع الآخرين.

* تحدثتم عن هيكلة قوى نداء السودان ولكن لم يحدث شيء حتى الآن؟
هنالك قوى كثيرة في نداء السودان وبالضرورة تحتاج للاتفاق فيما بينها وما حدث اتفاق على آليات ولجان وصندوق للتحرير وآلية إعلامية مشتركة ولذلك نريد أن نجتمع لحسم هذا الأمر في أسرع فرصة ممكنة ونعمل حاليا على تدبير المكان وتم عمل تحضيري.

* بعض قوى نداء السودان تعرقل عملية الهيكلة؟
صحيح، بعض القوى لا تريد هيكلة أو ميثاقا في حال وقفت في هذه المحطة فسنتركها وسنذهب للمحطة القادمة.
* المواطن يشعر بالإحباط من مواقف المعارضة على الأرض وفقد الثقة في الشعارات التي تطرحونها؟
* نحن مستشعرون للأمر ونسعى لفعل شيء لإنهاء حالة الإحباط وخلق أمل للتغيير.

* هل هنالك اتصالات للحزب مع الحكومة في الخرطوم؟
لا توجد اتصالات منفردة مع نظام الخرطوم، اتصالاتنا في الإطار الجماعي مع القوى السياسية في المعارضة.

* مبارك المهدي التقى بمساعد رئيس الجمهورية وقال إنه مع الحوار والتوصل لحلول وسطية كيف سيتعامل الحزب مع هذه التحركات؟
السيد مبارك الفاضل ليس في حزب الأمة وهو الآن “برة حزب الأمة” صحيح هو ود المهدي لكن ما حزب أمة وكل ما يفعله مسؤول عنه شخصيا ومبارك مستخدم من قبل النظام لكي يعود والنظام يستخدمه بالمثل والاثنان كما يقول المثل (إياك أعني واسمعي يا جارة) والجارة ما مستعدة تسمع الكلام الفارغ ده.

* قضية وحدة حزب الأمة ماتزال محلك سر..؟
سيقوم المؤتمر الثامن للحزب، سيكون هناك توحيد لتيارات أحزاب الأمة ومن كونوا أحزابا أو من انضموا للحكومة ليس لدينا دخل بهم، هنالك مشاريع تسوية سياسية مع الحكومة وخيار الانتفاضة ما يزال ورقة تلوح بها قوى المعارضة.

* كيف تنظر للخارطة السياسية في ظل هذا الوضع؟
النظام في البداية كان ضد أي عمل حواري ويرى أنه لا دخل للقوى المدنية والسياسية والنقابية في القضية لأنه افتكر نفسه وصيا على السودان واعتقد أن استمرار بقائه في التفاوض فقط مع حملة السلاح لذلك لم يكن يفكر في أي نوع من الحوار أو التسوية السياسية فقط يريد مخاطبة قضيتين وقف إطلاق النار وكسب الثقة وتحييد القوى الدولية لصفه.

 

اليوم التالي