اليوم التالي في زيارة خاصة مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي

الإمام الصادق المهدي في برنامج مصر في يوم
دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي
دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو نادي مادريد للحكماء الديمقراطيين والمفكر السياسي والإسلامي

الأربعاء 16 ديسمبر 2015

حاورته بالقاهرة: صباح موسى

** يعد الإمام الصادق المهدي من الشخصيات السياسية التي دائما تجد عندها جديدا، فهو منظم.. متابع لكل الأحداث ومتفاعل معها.. داخل وخارج البلاد هو موجود، وبقوة على الساحة السياسية.. أحد أبرز القيادات السياسية بالمنطقة والعالم.. جلسنا إليه لنقف معه على أهم الأحداث التي يمر بها السودان.. تجاوب معنا كعادته دائما، وقدم لنا تحليلا وافيا لما يحدث.. شرح لنا كل أبعاد الموقف، كما كشف لنا عن مواقف كثيرة على مستوى حزبه وعودته للسودان.. تحدث عن اللقاء التحضيري وتحالفاته مع المعارضة.. تناول الأوضاع الداخلية بحزب الأمة وأسهب فيها، وقدم روشتة للحل في اختلاف الرؤى بموضوع سد النهضة الإثيوبي.. خرجنا مع زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار بحوار مطول به كثير من المعلومات التي ستثري الساحة السياسية بالبلاد، والتي سيكون عليها ردود فعل إيجابية وعنيفة في نفس الوقت.. فإلى حوار مختلف مع الإمام الصادق المهدي..

* بداية، دعنا نبدأ من خلافات حزب الأمة وحديث مبارك الفاضل عن ضرورة لم شمل الحزب؟

مبارك ليس عضوا في حزب الأمة، خرج من الحزب عندما كون حزبا آخر، ولكي يعود لحزب الأمة ينبغي أن يعترف بأخطائه، في أنه تآمر مع المؤتمر الوطني ضد حزب الأمة.. يجب أن يعترف بالخطأ ويعتذر عنه، حينئذ يمكن لأجهزة حزب الأمة أن تقبله عضوا فيها.. غير ذلك لا مجال.. وهذه الزوابع التي يثيرها خارج السودان وداخل السودان، مجرد زوابع في فنجان ما عندها أي صدى حقيقي.. نحن أفضل لنا جدا شخص يتآمر وهو بخارج الحزب مما يتآمر وهو داخل الحزب، فمن الأفضل لنا أن يعترف بأخطائه حتى لا يكرر التآمر، وحتى لا يحدث هذا بالداخل عليه أن يعترف ويعتذر.. أما الزوبعة الأخيرة التي أثارها في رأينا الهدف منها تعويق حزب الأمة، لأن الحزب صار يمثل قيادة للرأي العام في قضايا كثيرة، وصار مع القوى السياسية التي تتحالف معه يمثل توازن قوى جديدا، وصار معترفا به داخليا بالسودان، وأفريقيا ودوليا، وهذا يعني أن الأمة الآن بموجب القوة الناعمة صار في الربوة السياسية والمعنوية الأعلى، ولذلك الحزب الحاكم يريد أن يبحث عن وسائل للتعويق.. مثلما حدث عام 2002 تكرر هذا الموقف الآن.. ولكن في رأيي هي زوبعة في فنجان، وحزب الأمة غير معني بها. وصحيح -للأسف- النظام سخَّر أجهزته الإعلامية ليعطي هذه الزوبعة وزنا، ولكنها لا تزيد عن كونها زوبعة قام بها شخص معتاد على الزوابع، وجد الآن فرصة من أجهزة الإعلام الحكومية للترويج، ولا يؤثر هذا في أي شيء على الحزب.

* مبارك الفاضل يراهن على جماهير الحزب، ألا تخشى من ذلك؟

– (ضحك)… جرَّب قبل ذلك وكان معه النظام في الخرطوم وطرابلس، وفي النهاية فشل، إذا جرَّب في وقت أفضل سيفشل، حزب الأمة يعمل بالمؤسسية والحديث عن الجماهير ظاهرة إعلامية صوتية ليس عندها معنى.

* وماذا عن ما يتردد بوعدك له، ومن معه، بتولي مناصب في أمانة الحزب ورئاسته؟

كانت هناك لجنة تكونت في الماضي من فضل الله برمة، وقدمت مقترحات وأجازها المكتب السياسي ومبارك رفضها، ومنذ وقتها أغلق هذا الباب.

* (مقاطعة)… ولكن هناك حديثا نُسب لصلاح جلال كمبعوث منك في هذا الإطار؟

صلاح جلال نفى هذا الحديث، وأنا لم أكلفه بشيء، ولذلك أي حديث عن عرض لمبارك الفاضل ولغيره غير صحيح، وكل ما يدور حول ذلك كله إشاعات وأكاذيب ليست لها معنى. على أي حال هناك لجنة تعمل لفضل الله برمة، هذه اللجنة ستجمع الشمل مع كل الذين عندهم تحفظات، ولكن موضوع مبارك خاص، لأن الآخرين مع أنهم تحفظوا على الأجهزة، إلا أنهم لم يكونوا حزبا آخر، وهذا بموجب دستور الحزب يخرجه ولا يعود إلا بموجب الاعتراف بالخطأ والاعتذار.

* وماذا عن أحاديث تقول إنك تخشى من مشاركة مبارك في اللقاء التحضيري؟

– (ضحك)… ما في حديث من هذا النوع، هو طبعا لو أتى اللقاء التحضيري سيأتي في جناح المؤتمر الوطني، وماذا يمنعه من ذلك؟ فليأتي في جناح المؤتمر الوطني، فهو الذي يعمل له نوع من القبول والترويج، لكن هذه المسألة…. حزب الأمة لديه مبادئ، وسنعلن في الاحتفال باستقلال السودان ورقة عمل تضم كل القوى السودانية المسلحة والمدنية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني، وسنقدم مبادرة مشتركة، والطرف الآخر الحكومي سيأتي أشخاص كأسماء مع المؤتمر الوطني، لكن القوى السياسية التي تمثل الرأي الآخر تحدد رأيا محددا سنعلنه.. لا نعتقد أن مبارك عنده وزن سياسي الآن يؤثر في شيء، وهو جرَّب أشياء كثيرة وكلها فاشلة.. تحدَّى حزب الأمة وأسس حزبا، وكل الجماعات التي تسمي نفسها حزب الأمة هي من الذين كانوا مع مبارك، هو أدخل ظاهرة الأميبيا في السياسة، بعضهم عاد للحزب، وبعضهم انضم للمؤتمر الوطني، وبعضهم كون أحزابا سماها أسماءً مختلفة، لكن كلهم مبادرات فاشلة في العمل السياسي، الانضمام للمؤتمر الوطني والحكومة كان فاشلا، وفي النهاية أعفوه بطريقة مسيئة، وحاول يعمل مع الجبهة الثورية، ووقع على الفجر الجديد، وهذا أيضا انتهى إلى فشل، لأن الجبهة قبلت الآن بالتخلي عن الإطاحة بالنظام بالقوة، فالجبهة الآن معنا في توازن القوى الجديد، فتحديه للحزب كان فاشلا، وانضمامه للحكومة كان فاشلا، مناورته مع الجبهة الثورية كانت فاشلة، فهو مدمن الفشل، ما يفعله الآن حلقة أخرى من الحلقات الفاشلة.

* لماذا لم تقم أنت بلملمة حزب الأمة؟

قلت لك هناك لجنة تعمل في ذلك الآن، وفي رأيي قطعت شوطا، الاستثناء في من خرجوا من الحزب.. هناك نوعان من الناس لا يوجد إمكانية لضمهم الآن؛ الذين خرجوا مثل مبارك، والذين دخلوا الحكومة، هؤلاء ليس لنا معهم حوار، فهم انضموا لموقف مناقض للأمة، فالذين هم أعضاء بالحكومة باسم حزب الأمة والذين كونوا حزبا مستقلا عن الحزب أو متآمرا عليه، هؤلاء ليس لنا معهم حوار، والحوار مع الذين تحفظوا على التطورات بالحزب ولم ينضموا للحكومة ولم يكونوا أحزاب أخرى، نجري معهم الحوار لإعطائهم فرصة لاستئناف عملهم المؤسسي في الحزب.

* المبادرة التي أشرت لها في حديثك في أعياد الاستقلال، هل هي يأس من الحوار أم ستكون مكملا له؟

الحوار الوطني أصلا فكرتنا، النظام لم يكن يحاور إلا المسلحين قبل الحوار الجامع، ونحن حريصون على نجاح هذه المبادرة، ولكن توجد عقبات في الحوارات الدائرة، ومطلوب أن نبذل مجهود لإزالة هذه العقبات، فعندنا خطان، أولهما التحضير للانتفاضة باسم (هنا الشعب)، ونسير فيه على أنه خيار آخر، وخط إنجاح الحوار، ونعتقد أن الاتحاد الأفريقي عبر مجلس السلم والأمن الأفريقي انحاز لرؤيتنا، وأصدر قرار 539، هناك عقبات في طريق تنفيذ هذا القرار، ومشاكل حول كيفية التعامل مع وقف العدائيات، وكيفية توصيل الإغاثات الإنسانية وهكذا… نحن الآن نقوم باتصالات مع كل الأطراف المتحالفة معنا في نداء السودان لنقدم رؤية، نعتقد أنها يمكن تحقق تقدما في نجاح الحوار. ونرى أن هناك تيارا بداخل الحكومة يرى أنه لابد من النجاح، لأن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية حقيقية، إذا كانت الليمونة بألف جنيه، وكيلو الطماطم بـ 50 ألف جنيه، وربع البصل بـ 80، هذه مسألة بها انهيار اقتصادي خصوصا وأن الجنيه صار الآن 1 على ألف من السنت. إذن، هذه كلها دلائل على الفشل، والدليل الآخر وجود جبهات قتال، وهذه أيضا ضغوط أساسية، فهناك ظروف بها مشكلات، فعندما زار إدريس الجزائري السودان قال له وزير البترول إن العقوبات الاقتصادية كلفتنا 5,5 مليار دولار، والسودان عنده دين الآن 48 مليار دولار، ويمكن للسودان أن يحظى بإعفاء هذا الدين ضمن برنامج إعفاء ديون البلاد الفقيرة المديونة، كذلك السودان عنده اتفاقات تنموية مع الاتحاد الأوروبي، كل ذلك مجمد، وجملة ذلك بها منافع كبيرة جدا للبلاد، وهناك قضية الجنائية الدولية، ويمكن إيجاد معالجة لها إذا حدث اتفاق وطني، وبدون ذلك ستظل قيادة البلاد ملاحقة وأي حوارات في هذه الحالة مع الأسرة الدولية مستحيلة، فكل ذلك ضغوط، وداخل النظام هناك عقلاء يرون أنه يجب الاستجابة للمطالب الشعبية لتحقيق هذه المنافع لوقف نزيف الحرب والتدهور الاقتصادي.

* راهنت على جانب المعارضة وتحاول جمع صفها دعنا نبدأ معك من اجتماع باريس الأخير، وما يتردد عن فشل هذا الاجتماع؟

صحيح هناك بعض قوى الإجماع تحفظت، ولكن هؤلاء أصلا متحفظون على أي كلام عن الحوار، وفي رأيي ستتجاوزهم المسيرة، لأن ممثل قوى الإجماع فاروق أبو عيسى كان موافقا، واتفقنا على هيكل جديد لقيادة هذه الجبهة، واتفقنا على ميثاق للمستقبل، واتفقنا أيضا على خارطة طريق تقوم على رجلين الأولى للحوار الوطني باستحقاقاته، والأخرى للانتفاضة الشعبية، وهذا الموقف الآن حضره كل المبعوثين الخاصين بالسودان واستحسنوه، وكذلك 539 الأفريقي كان استجابة لمواقفنا، إذا هذا موقف به تكتل سياسي شعبي، وتأييد أفريقي ودولي، صحيح هناك بعض العناصر في قوى الإجماع لا يرضيها هذا، لأنها لا ترضى فكرة الحوار حتى باستحقاقاته، في رأيي هؤلاء سيتجاوزهم الزمن، لأن مندوبهم كان حاضرا، ولا يزال عند موقفه المبدئي.

* مقاطعة.. أعلنوا أيضا أنك لا تمثلهم في اللقاء التحضيري؟

أنا أرسلت خطابا لأمبيكي بذلك نتيجة للحوار الذي حدث بباريس، وأرسلت الخطاب بعد اتفاقنا وليس قبله، لكن هؤلاء ليسوا موافقين، وسيحدث اختلاف في رأيي، وسوف يتمايز الصف ما بين الذين يؤيدون الاتفاق الذي تم في باريس وهؤلاء يمثلهم خطابي، وبين الذين يرفضون، وهم أحرار في رأيي في أن يقفوا موقفا بعيدا، وأن يقولوا ما يشاءون.

* وهل هذا في صالحكم وفي صالح الحوار الوطني عموما؟

في صالحه.. لأن هؤلاء وزنهم السياسي ضعيف جدا، وثانيا هذا موقفهم حتى من نداء السودان، فهم ضده أيضا، هم يتحدثون فقط عن شعارات ليست عندهم قدرات لتنفيذها، ولذلك فليفعلوا ما يشاءون، ولن يعوق موقفهم هذا مسيرتنا، نسير في عملية بها حل، وهي ناجحة الآن، والآن نسير في عملية هنا الشعب وستكون ناجحة، وأيضا نسير في عملية الحوار باستحقاقاته، وفي رأيي سيكون ناجحا، إما لأنه سيأتي بنتيجة إيجابية، أو يؤكد أن الحكومة غير مستعدة للاستجابة لمطالب الشعب، وهذا سيكون جزءا من وقود الانتفاضة. 

* هناك كيانات بدأت تنادي بإجماع وطني جديد غير الموجود الآن، ما تعليقك على ذلك؟

هؤلاء الذين أقاموا تكوينا جديدا سنتحالف معهم، اتخذنا قرارا في لقاء باريس بأن نرحب بكل هؤلاء، والآن نحن على حوار معهم لكي نوحد الصف كله، نحن على صلة بهم، ونفس الجماعة التي كانت تعمل زوبعة بقوى الإجماع كانوا يرفضون أن نتعامل مع هؤلاء، ولكننا في الحزب كنا حريصين على التعامل معهم، والآن مثلما ستتجاوزهم عملية الحوار، سيتجاوزهم أيضا توسيع تحالف المعارضة الذي سيدخل معنا في جبهة مشتركة بكل هذه القوى التي تدعم قرار 539، ربما أيضا دعمت الخيار الآخر بالانتفاضة السلمية.

* هناك أيضا مشاكل على صعيد الجبهة الثورية لم يحسموا من هو رئيسهم حتى الآن؟

وصلنا لمعادلة أن الخلافات التنظيمية لا تؤثر في المواقف المبدئية المتفق عليها، وهذا في رأيي ستكون هناك خلافات تنظيمية، لكن سيكون هناك عمل مبدئي مشترك حول القضايا المتفق عليها.

* وماذا عن وساطتك بين عقار وجبريل إبراهيم في هذا الموضوع؟

سنؤدي كل الأدوار اللازمة لحل المشاكل التنظيمية، ولكن رغم وجودها هناك فرصة للعمل في القضايا الوطنية.

* وهل هذا الخلاف لن يؤثر في تحالفكم معهم؟

لن يؤثر، والدليل أنه في اجتماع باريس الأخير تم الاتفاق على ما تم الاتفاق عليه مع وجود هذا الخلاف التنظيمي.

* وماذا عن اللقاء التحضيري، هل تحدد موعده أم لا تزال هناك خلافات حوله؟

قرار 539 ينص على أن اللقاء التحضيري يجب أن يكون جامعا، وأن يكون في أديس أبابا في الاتحاد الأفريقي، الحكومة قبلت القرار، ولكن ترى أن يكون اللقاء التحضيري على منبرين بالداخل والخارج، وكذلك أمبيكي كتب خطابا به هذا المعنى، بأنه سوف يعمل على عقد اللقاء بمرحلتين الداخل والخارج، ولكننا القوى المعنية نرى أنه لا معنى لذلك، لأنه هذا اللقاء هو لقاء إجراءات وليس لقاء اتفاق على شيء، فلايوجد معنى للتحفظ على هذا اللقاء، وكلنا متفقون بعد الاتفاق على الإجراءات وبناء الثقة المطلوبة، كلنا متفقون أن ننتقل للداخل ليكون الحوار الحقيقي الخاص باتفاق السلام، وحول الحكم بعد الإجراءات اللازمة لإطلاق سراح المعتقلين وبسط الحريات إلخ.. ولذلك أرى أن حجتنا قوية أنه ما في شيء، فالنظام يقبل المبدأ، ولكنه يريد على مرحلتين.

* ألا ترى وجاهة في منطق أن يُقام على مرحلتين الداخل بالداخل والخارج بالخارج؟

نحن بالداخل ولسنا بالخارج.

* ولكن الصادق المهدي بالخارج ويريدون أن يعطوك الثقة في الرجوع؟

ليست لدي مشكلة في الرجوع الآن، في رأيي لا يوجد أي معنى لإثارة مشاكل، خصوصا وأنه اللقاء أصلا لا يقوم على المغالبة، سيقوم على تراضٍ، وهو لقاء إجرائي وليس به دخول في لب الموضوع، ولذلك أرى أن هذه المسألة مماحكة، وفي رأيي يمكن حلها، طالما هناك قبول لمبدأ القرار 539 وما دام مفهوم أن اللقاء بالخارج سيكون إجرائيا وليس جوهريا، وما دام متفقا على أن الجميع سيدخلون السودان، فهذا كله مكاسب للوطن، وليس من المعقول لأن هناك ناسا لا يريدون هذا الشكل نعطل هذا المكسب، اللقاء ليس تغالبيا بالإجماع، ولا ينفي ضرورة اللقاء بالداخل، وهو إجرائي، وتنفيذ لقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي 539 لماذا نعارضه؟ فهذا الموقف لا يلزمنا بأن الحوار السوداني سيكون بالخارج، فهو تمهيد لحوار الداخل، لا أرى هناك معنى لهذا الموقف.

* هل هناك معالجات لهذا الأمر؟

سنسعى للتوافق، وهناك معالجات لهذا الأمر، وفي تقديري أنه سيحل، نعمل بكل الوسائل بأن يجرى تجاوز لهذه الخلافات وحلها، لأنه طالما الناس قبلوا لقاء الخارج الإجرائي، فهناك مكاسب كبيرة، ولم يعد هناك منطق للتعطيل بسبب موقف سطحي.

* وما تعليقك على فشل جولة المفاوضات الأخيرة مع الجبهة الثورية؟

أرى أيضا أنها من الأشياء التي يمكن حلها، لأن الفشل في أنه كيف يكون الإشراف على وقف العدائيات، وأنا في رأيي معقول أن هذا الموضوع بدلا من أن يكون محل خلاف، يسند لليوناميد، وهذا يكون حلا. والثاني خلاف حول الإغاثة، وفي رأيي هذا موضوع ما دام مبدأ توصيل الإغاثات موجود، هناك مبادرة أصلا قامت بها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، ويمكن أن يسند إليها كل لوجستيات الإغاثات الإنسانية، وهذا أيضا ممكن، وتتبقى مشكلتان أساسيتان، في ما يتعلق بمضمون الاتفاق في المنطقتين طالما يوجد قبول من الحركة الشعبية بأن لا سعي لإسقاط النظام بالقوة، وطالما لا يوجد حديث عن إسقاط النظام بالقوة والنظرة فقط إلى نظام لا مركزي يتفق على صلاحياته، ولو وجد أي عقبة يمكن تجاوزها، والعقبة إذا قالت الجبهة الثورية نسعى لإسقاط النظام بالقوة، وهذا ما اتفقنا عليه في إعلان باريس بعدم إسقاط النظام بالقوة، وطالما هناك تجاوز للفجر الجديد بإنجازنا في باريس بعدم إسقاط النظام بالقوة، وتخلٍّ عن تقرير المصير، ولكن هناك ضرورة لسودان عادل فيه ضمانات لتقاسم السلطة والثروة إلخ، أعتقد أن هذا يجعل الاتفاق ممكنا.

* وماذا عن جماعة دارفور؟

حسب القرار نفسه 539 هناك تأمين على اتفاق الدوحة وضرورة تطويره، وطالما أننا جميعا قبلنا بهذا القرار، فبه تقدير ما تم بالدوحة وتطويره ليشمل الأطراف المعنية كافة، في رأيي لا توجد عقبة حقيقية، طالما ذكر القرار إيجابية اتفاق الدوحة وضرورة تطويره ليشمل الذين لم يوقعوا عليه، سنقدم رؤية واضحة واحدة تعلن في يوم الاستقلال، ونأمل أن الطرف الآخر يجب أن يعترف بأن هناك خطوات كثيرة قطعت شوطا، خصوصا بعد إعلان باريس، وبعد قرار 539، فلن يجدوا شيئا يثيروا به خلافات، ما دام إعلان باريس غطى النقاط الرافضة للاتفاق، ومادام القرار 539 أيضا أدخل بنود يمكن أن تجمع الصف السوداني، وخصوصا أن النظام نفسه في صعوبة كما ذكرنا، وأيضا أن هناك منافع كثيرة يمكن أن يجنيها السودان إذا توصل لاتفاق سلام ونظام حكم متفق عليه.

* التعنت في المفاوضات كان من أي طرف في نظرك؟

أرى أن هناك ناس داخلين في هذا التفاوض، وهم غير مفوضين، وهذا في رأيي يعمل عرقلة، فالوفد الحكومي غير مفوض تفويضا كاملا.

* حدث لقاء بينك وبين عرمان وإبراهيم محمود على هامش المفاوضات في ماذا تحدثتم؟

قلنا لهم كلاما، بأنه طالما هناك اتفاق على قرار 539 فإن الأمر هو كيف ننفذ القرار طالما اتفقنا عليه، قالوا موافقون، ولكن لابد أن نعود للمشاورة، وهذه مشكلة، ولكن يمكن حلها.. هناك محطتان أولاهما اتفاق امبيكي مع 7+7 الذي أبرم في سبتمبر 2014، والذي فيه 8 نقاط، هذه محطة قربت في رأيي وجهات النظر بصورة كبيرة، والمحطة الثانية 539 في رأيي هاتان المحطتان تعنيان أن الخلاف الجوهري قد زال، سارت هناك مشاكل إجرائية ولكن في رأيي إذا كان التفويض للأطراف المختلفة كاملا وقبلوا جميعا الاتفاق الذي عقده أمبيكي والقرار 539 في رأيي ستكون العقبة الباقية ضيقة جدا أو الفجوة الباقية ضيقة جدا.

* تبدوا أكثر تفاؤلا وانفتاحا، فلماذا تظل حتى الآن خارج السودان؟

أنا عندما خرجت لم أكن أريد أن أبقى بالخارج، ولكن عندما لاحت فرصة لاتفاق باريس ذهبت وتوصلنا إلى اتفاق إعلان باريس الذي في رأيي خطا خطوة واسعة للأمام في القضية الوطنية، جردها من أي خلاف حول إسقاط النظام بالقوة، ومن أي حديث عن تقرير المصير، وإمكانية الحل عبر وسائل سياسية داخل بلد واحد مع ضمان العدالة للجميع، وهذا كان إنجازا وكنت حريصا على تكملته، وبقيت بالخارج إلى أن عقد اتفاق أديس أبابا الذي طور إعلان باريس إلى نداء السودان، وبعده أردنا أن ننسق الآلية هذا العمل، والميثاق الذي يرسم المستقبل وخارطة الطريق اليه، وظللت بالخارج حتى أكمل هذا المشوار، وفي رأيي الاجتماع الأخير في باريس هذا المشوار قد اكتمل، وأنا أيضا رئيس منتدى الوسطية، وهي مؤسسة تريد حل مشاكل الأمة العربية الإسلامية بوسائل توفيقية باعتبار أن المشاكل الموجودة حاليا عملت استقطابات هي وسائل لحروب أهلية، الاستقطاب الديني والقومي والطائفي وبين القلة الغنية والكثرة الثقيلة، وعملنا على أن نقدم حلا توفيقيا، وتكوين مجلس حكماء ليحاول حل هذه المشاكل، لتوقف هذه الحروب لأنها لن تحسم أي قضية، وهذا تم، وأنا أيضا عضو للجنة التنفيذية لنادي مدريد، واقترحت لهم أن الإرهاب الموجود حاليا لا يمكن اعتباره يمثل وجه المسلمين، ومحتاجون لأن يعرف العالم ما هو رأي الإسلام الحقيقي، وأن هذه الحركات الإرهابية خلقتها الأسرة الدولية. إذن، لابد أن يتحملوا هذه المسؤولية، فنريد أن يسمعوا منا موقف الإسلام الصحيح، ونسمع منهم تحملهم المسؤولية، وكيف معا نواجه هذا الأمر؛ ليس بالطريقة العسكرية، بل بطريقة تخاطب الثقافة وغيرها، طرحنا ذلك وأيضا تم التوافق عليه. إذن، المحطات الثلاث التي كنت قد غيبت لأنفذها لم أكن أضمن أن أتمها وأنا بداخل السودان.

* والآن؟

الآن أضمن أن المهام الخارجية تمت، ولذلك أعلنت أنه أنا مستعد للعودة في أي وقت، ولكن هناك إشكالية لا أريد أن يفاجئ هذا القرار حزب الأمه وأجهزته، ولا يفاجئ حلفاءنا، ولذلك سيكون هذا الموضوع محل تشاور يقرر فيه الأمة وحلفاؤنا، حتى عندما أعود يكون معروفا أنه ليس في إطار اتفاق ثنائي، ولكن أريده في إطار تطبيع الأمور، ولذلك خشية ألا يظن في إطار اتفاق ثنائي ليقرر بشأنها الحزب والحلفاء، أما من ناحيتي لم يعد هناك تحفظ أو مانع للعودة، لأنه المهام التي تأخرت لها قد أنجزت، وليس كما يرى البعض أنني كنت أخشى الاعتقال، فالاعتقال بالنسبة لي يعطيني رأس مال سياسي، ولكن خشية أن أمنع من الخروج، فلا يزال الحزب يناقش وقلت لهم ناقشوا وأفيدونا.

* ما تعليقك على الأحداث التي حدثت لبعض السودانيين بالقاهرة مؤخرا؟

نحن نعلم أن بين الحكومة في مصر والسودان خلافات جوهرية، حول ملف الإخوان المسلمين، في مصر يعاملون كإرهابيين، في السودان هم أبناء العم، وقضية سد النهضة هناك رؤية مختلفة حوله بالبلدين، ورؤية مختلفة أيضا حول ما يحدث بليبيا، ثم موضوع حلايب، هذه القضايا لا يوجد لها حل إلا بالتفاوض، في هذه الأثناء حدثت أشياء، عقدنا اجتماعا لكل أهلنا السودانيين بمصر، وسألناهم: هل لاحظتم أي معاملة سيئة بصفة خاصة؟ الرد كان: (لا)، بمعنى لا يوجد استهداف، وأن الموضوع متعلق بموضوع عملة ومطبقة على الجميع، ونحن السودانيين لا نشعر بها، لكن للأسف أجهزة الإعلام لأن هناك مشاكل جوهرية بين البلدين ضخمت الموضوع، وأعتقد أن هناك نوعا من القلق في السودان باعتبار أن كثيرا من السودانيين يتعاملون على أن مصر متنفس، وهذا ليس مرضيا للحكومة السودانية، قلت إنه وارد أن تكون هناك مشاكل، ولكن من اجتمعنا بهم أكدوا لنا أنه لا توجد مشاكل، لكن هناك مشاكل أفراد، وقلت يجب أن نحقق في أي تظلمات، وهذا لا يعالج بأجهزة الإعلام، لأنها في العالم كله تجنح للإثارة، ولكنه يعالج بالدبلوماسية.

* هل تراها تهويلا إعلاميا، كما يقول البعض؟

لا أعتقد أنه كان هناك استهداف – وفق حديث السودانيين بمصر- ولو كنا تأكدنا أن هناك استهدافا، كنا تبنينا موقفهم، وكنا سنتحدث، ولكنهم قالوا لم نشعر باستهداف وإنما هي مشاكل فردية يجب التحقيق فيها، واضح جدا أن الإعلام به إثارة من الجانبين، وليس من مصلحة الشعبين، لأن القضية ليست المشكلة بين الحكومتين، لأنها أصلا موجودة، وهناك تعايش بين الشعبين، ونريد أن نحافظ على هذا التعايش.

* ترددت اتهامات متبادلة بين الجانبين بأن سد النهضة كان السبب؟

في تقديري لا يجب أن يدخل سد النهضة في هذه التراشقات، وأرى أن الإعلام به إثارة الآن من الطرفين، ويجب التصدي له، لأنه من مصلحة الشعبين تطبيع العلاقات.

* كيف قرأت فشل الجولة العاشرة من مفاوضات سد النهضة؟

التقيت رئيس وزراء إثيوبيا في 97، قال لي إنكم في السودان ومصر تتصرفون وكأن النيل ملك لكم، ولستم مستعدين للتفاوض معنا، إذا استمرت هذه الحالة سنتصرف كذلك، أنتم تتصرفون بمفردكم وسنتصرف نحن أيضا بمفردنا.. وقابلت بعدها الرئيس السابق مبارك، وقلت له إن هذا الموضوع خطير، ويجب أن نتحرك سياسيا لاحتواء المشاكل، وهو قال لي إن النيل بالنسبة لنا خط أحمر، ومن يمس النيل سنقطع يده، خرجت من هذا اللقاء بأن هناك احتمال اصطدام، ولذلك رجعت للمراجع، وألفت كتابا سميته (النيل الوعد والوعيد)، قلت فيه إن مشكلة النيل لا تُحل فنيا ولا قانونيا، وإنما تحل سياسيا، في السودان ومصر عزلنا الآخرين ووقعنا اتفاقية 1959، كأن النيل لا يعنيهم، هم بعد ذلك تعصبوا ضدنا، الهضبة الإثيوبية والهضبة الاستوائية لا يوجد ما يجمع بينهما سوى موقف مضاد لنا، وقلت إننا ما دمنا قد غيبناهم وتصرفنا، نتوقع أن يغيبونا ويتصرفوا وهذا ماحدث، وكان مفترض إشراكهم في 59، وهم أيضا يشركونا.. إثيوبيا قطعت شوطا في السد منذ 2011 بصورة منفردة، يجب أن نعترف أننا أخطأنا، ونعترف أنه لا يوجد حل فني ولا قانوني، لأن هناك معطيات تغيرت، على طول تاريخ النيل كان ماؤه لمصر، البلدان الأخرى لم تكن محتاجة للمياه، وكان هذا وضعا طبيعيا أن مصر والسودان عندهم اعتماد أكبر، أتت التكنولوجيا الحديثة جعلت إمكانية ترحيل المياه بالأنابيب، وإمكانية إقامة سدود للكهرباء، فأصبحت دول المنابع لديها مصالح، وأصبحت لديهم زيادة في السكان، هذه العوامل دينامية تحتاج إلى وعي سياسي. ورأيي ببساطة أن حل مشكلة النيل سياسي في ملتقى قمة، حتى يناقش أن مصر كمية حصتها موضوع حيوي، وكذلك للسودان، إذن هناك أساس أنه لابد من ضمان مياه مصر والسودان والنظر للآخرين، ويجب أن يكون هناك وضوح أن السد للكهرباء، والتزام بأنه في فترة ملء البحيرة وفي إدارته لا يعطل المياه شمالا، يتفق على ذلك سياسيا، ويتفق إذا دول المنابع عندها مطلب لا يتعامل معه بطريقة انفرادية إنما يدخل في اتفاق قمة، يجب تجاوز الكلام الفني والقانوني إلى اتفاق سياسي.

* وإذا فشل اجتماع القمة؟

وارد أن يفشل فعلا… هناك طريقتان للتعامل؛ القوة والتحكيم، التحكيم يتطلب أن يقبل الطرفان، وأمامنا أن نستبعد القوة، لأن أي نتيجة ستضر الطرفين، لكن أمامنا قوة ناعمة وتعني إذا كان هناك خلاف نمشي لمحكمة العدل الدولية والبنك الدولي والأمم المتحدة، علينا أن نضغط بالقوة الناعمة، نتفق أن نتجاوز المحاولات الفنية، ونركز على الحل السياسي وإذا تعذر نلجأ للقوى الناعمة.

* هل ترى أن أديس أبابا تماطل فعلا؟

هي أخذت قرار السد منفردة، وفي رأيي من 1997 يكون فيه تحرك للاتفاق حتى نحول لما حدث في، 2011، ولذلك لابد من الاهتمام بدول الحوض لأنه عندهم انطباع أن هناك استعلاء عربي عليهم، لأن ما يحدث جزء من مشكلة عرب – أفارقة، الفجوة بيننا يستغلها الأعداء، ولابد أن نرى كيف نعالج ذلك.

* في تقديرك، هل سد النهضة مضر فعلا لمصر والسودان؟

إذا كان السد لا يؤثر في تدفق المياه، ويضمن أن نصيب مصر لا يقل، فنوع الضرر في خفض مستوى بحيرة ناصر، وهذا يؤثر سلبا في إنتاج الكهرباء، نحسبها إجمالا المهم أن نحدد المياه المطلوبة لنا، ونحرص على أن السد يؤثر فيها سلبا، أيضا نعتمد في مصر والسودان على الري بالغمر، وعلينا أن نغيره بالري بالتنقيط أو بالرش أو بالري الحديث، وفي تقدير العلماء إذا استغنيت عن الري بالغمر تستطيع توفير 40% من المياه، فلابد أن نجد طريقة لإدارة المياه من حيث العرض والطلب. 

* عودة للداخل ما هي قراءتك للمشاكل التي تحدث داخل الحزب الاتحادي الآن؟

المشكلة الأساسية في الاتحادي أنه ليست لديه مؤسسة، وأن في كل لقاء مع الميرغني أتحدث له عن ذلك، لو وجدت المؤسسة كل المشاكل ستحل، بصورة أساسية يجب أن تقتنع كل العناصر الاتحادية في إيجاد مؤسسة، لأن غيابها نتائجه التفكك والتفكيك، وأقول ذلك من منطلق أننا نمثل معهم الوسط، ولا يتحقق إلا بتعاون كبير بيننا، ولذلك أنا حريص على قوة الاتحادي الديمقراطي، وأنه حليف لنا شئنا أم أبينا، وأرى ضرورة يسار قوي ويمين قوي، أيضا حتى يكون هناك تنافس على الساحة، حتى تكون هناك إمكانية للتنافس السياسي لمصلحة الشعب السوداني.

* وعلى مستوى المؤتمر الشعبي الذي يقف الآن بكل قوة على مجريات الحوار الوطني؟

مطلوب منه بوضوح تام حتى يكون عنده مصداقية أولا يعترف بأن الانقلاب كان خطأ، وأن محاولة تطبيق أيدلوجية من فوق خطأ، فهم حولوا الأيدلوجية إلى قضية أمنية وهذا خطأ، فلابد أن يعترفوا بذلك.

* أنتم أيضا نفذتم انقلابا، ما الفارق؟

حزب الأمة لم ينفذ انقلابا، بل نفذه عبد الله خليل، وهو معترف بذلك ومسجل، هناك من يتحدث حديثا عاطفيا فارغا، لكن هذا الانقلاب فوجئ به حزب الأمة، صحيح آمن به الإمام عبد الرحمن وباركه السيد علي، ولكنه هذا ليس معناه أن حزب الأمه فعلا، والإمام عبد الرحمن أخرج بيانا بأن حزب الأمة مستقل، فإذا الأمة غير مسؤول عن انقلاب 17 نوفمبر، وإن كان عبد الله خليل مسؤولا عنه، وحتى لو كان ذلك، هذا ليس معناه أن حزب الأمة أخطأ وتكون سابقة للكل يخطئ، وهي لا تبرر لهم، فهذه الحجة غلط، وإذا كانت حدثت فالقيادة التي فعلتها من الحزب غير موجودة الآن، ولكن القيادة الحالية الآن هم المسؤولون عن ما حدث، فلابد أن يعترفوا أيضا بمحاولة تطبيق الأسلمة بالقوة، وتجربة قهر الناس خطأ، وربط الإسلام بالبطش والتعذيب خطأ حتى يكتسب الشعبي مصداقية، ونرى أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

* إلى أي مدى النظام الخالف للشيخ الترابي يقترب من هذه الفكرة؟

النظام الخالف هو نوع من العودة للمربع الأول ليس به اعتراف بالخطأ، في رأيي ما عنده إمكانية، ولا أرى إمكانية للمربع الأول لأنها لا تفيد، فالتجربة كانت فاشلة، كيف ننتجها مرة أخرى، يجب أن نتعظ بالحركات الإسلامية في تركيا مثلا راجعوا أنفسهم حتى وصلوا لأردوغان، فهي تجاوزت أربكان بصورة في رأيي ناجحة.

* معنى ذلك أن أردوغان ناجح في تقديرك؟

في رأيي أردوغان ناجح جدا في مراجعة سياسة أربكان، ولكن في رأيي وصل لمرحلة أصابه غرور، وهذا الغرور هو مشكلته، كان مفترض أن يستمر في مراعاة الواقع، وآخذ عليه هذا الغرور إذا استمر فيه، لأنه بيجمع كل من ضده، هو قدم لتركيا تجربة إيجابية، ولابد أن يغير هذا الغرور حتى يحافظ على هذا النجاح، وكذلك تجربة تونس التي راجعت تونس من المغالبة إلى التوفيق، وهذا جيد، وكذلك حركة العدالة والتنمية في المغرب والذين تعايشوا مع النظام الملكي، فيجب أن تتعظ الحركة الإخوانية السودانية من هذه التجارب وتستفيد منها، وتستفيد من أخطائها، لتكتب لنفسها عمرا يقبل بالتعددية والتعايش مع الآخر، ويهمنا أن يتجاوزوا هذه الأخطاء، حتى يكون عندهم مصداقية.

* التقيت علي الحاج مؤخرا، ماذا دار بينكما؟

كل من ألتقيهم أقول لهم هذا الحديث، فنحن لا نريد القضاء عليهم، ونرى أن لهم وجودا، ولكن هذا الوجود يحتاج إلى مراجعات حتى يطمئن الناس بأنكم اتعظتم ومستعدون للتعامل بمصداقية، وتحدث معه بأننا نتوقع أن الشعبي يكون مزايدا في معارضة النظام حتى يتهمنا نحن بذلك، ويقول: نسلم البشير غدا للمحكمة.. من لغة بهذا النوع إلى محاولة بناء موقفهم على أساس متطرف أكثر من الحزب الشيوعي، والآن تحول تماما، ليس هناك معنى لهذا التطرف، لابد أن يأخذ الأمر باعتدال لأن هذا التطرف مضر.

* البشير قال إن الصادق المهدي زعيم مثقف، ما تعليقك؟

– ضحك.. (البيقول سمين أقول أمين).

* وماذا تقول أنت عنه؟

مشكلتنا إيجاد حل لمشكلة السودان، وقام الرجل بقبول مبادرة الحوار الجامع فتح بابا، نرجو أن يدفع استحقاقه.

* كلمة أخيرة؟

المنطقة كلها معرضة لعوامل حرب أهلية، وفي تقديري السودان أقرب من هذه البلدان لأن يجد مخرجا توفيقيا.

اليوم التالي