اليوم 24 في حوار مع الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله وآخر رئيس وزراء شرعي ومنتخب للسودان ديمقراطياً

 

 

هاجر الريسوني

يعد من أهم الشخصيات السياسية والفكرية في السودان، انتخب رئيساً للوزراء مرتين، وهو إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي، الحزب الذي ظل يتصدر الانتخابات التي تُجرى عقب الثورات الشعبية التي تحدث ضد الأنظمة العسكرية في السودان. ففي سنة 1964، حصل حزب الأمة على أكثرية أصوات الناخبين السودانيين. حدث هذا بعد سقوط نظام الجنرال عبود عبر ثورة شعبية أسهم فيها حزب الأمة القومي. وعقب الثورة الشعبية التي أطاحت بالنميري في منتصف الثمانينيات، قاد حزب الأمة الحكومة بعد حصوله على أكثرية أصوات الناخبين، والصادق المهدي ظل يوصف بالسياسي المرن الذي يبحث دائماً عن الحلول السلمية، بمعنى أنه لا يتطرف لموقف، وقد ظل طوال فترة نظام البشير رافضاً المشاركة في السلطة، وباحثاً عن انتقال ديمقراطي عبر التفاوض مع النظام، إلى أن أسقطت الثورة الشعبية نظام البشير.

والصادق المهدي، الذي عانى السجون والمنافي مدة تزيد على العشرين عاماً، هو اليوم يسعى إلى ترسيخ التحول الديمقراطي، عبر طوافه المستمر بين أقاليم السودان، ومخاطبة الجماهير من أجل تدعيم الفترة الانتقالية.

وفي هذا الحوار، تناقش «أخبار اليوم» الصادق المهدي بشأن أهم القضايا الراهنة في الساحة السياسية السودانية.

 

 

في أحد لقاءاتك الجماهيرية قلت إن السودان مهدد بـ«الفتنة». على أي أساس بنيت هذا التخمين؟

استطاع النظام المخلوع في السودان أن يرسخ نفسه في السلطة مدة ثلاثين عاما. في هذه الفترة أقاموا مؤسسات موازية للدولة، ونهبوا أموالا طائلة، كما كونوا تحالفات خارج السودان، لذلك، هم مع كل هذه المفاسد. ورغم الثورة التيقامت ضدهم، مازالت عندهم إمكانية التحرك، وهو تحرك منطلق من الحركات نفسها التي ترفع شعار «الحاكمية لله»،وهو شعار الخوارج تبناه أصلا أبو الأعلى المودودي، ونشره في العالم العربي سيد قطب. هذه المدرسة موجودة في مناطق كثيرة، وتؤازر بعضها البعض، وهؤلاء يشكلون أكبر عائق أمام الثورة السودانية.

ثانيا، المشاكل الموضوعية التي أنشؤوها في الاقتصاد وفي الأمن كثيرة جدا، ومن أهم الأشياء التي تركوها تراثا في السودان، أن الفساد في الخدمة المدنية، وفي منظمات المجتمع المدني.. فساد عام. هذه المشاكل التي تركوها ستشكل عقبة كبيرة جدا في سبيل إدارة الدولة.

ثالثا، لا شك أنه في الظروف التي نواجهها الآن، توجد عناصر خارج السودان من الأسرة العربية والدولية تسعى إلى أنتسيطر على المشهد السوداني، مثل ما حصل في سوريا وليبيا، وهذا عامل مهم جدا، لأنه سيجعل هذه العناصر تتدخلفي المشهد السياسي السوداني.

 

هل تقصد هنا تحالف الإمارات والسعودية ومصر؟

النزاع الخليجي كله سوف يجد لنفسه طريقا إلى المنطقة العربية عموما، مثلما حصل في سوريا وليبيا.

 

في هذا الإطار، هناك عدد من متتبعي الشأن السوداني يقولون إن الإمارات والسعودية تحاولان السيطرة على السودان،وإعادة إنتاج النموذج المصري. ما رأيك؟

أعتقد أن الجميع مقتنعون بأن السودان ليس فيه إمكانية لحكم ديكتاتوري، للأسباب الآتية؛ هناك كثلة شعبية كبيرة جدا مجندة ضد أي ديكتاتورية، والسودان لن تكون فيه ديكتاتورية ناجحة بحكم لأن هناك ثلاث انتفاضات أو ثورات شعبية حدثت في ظل الديكتاتوريات، وأربع حروب أهلية.

مثلا، نظام البشير استمر ثلاثين سنة، لكنها كانت ثلاثين سنة من عدم الاستقرار، إذ لجأ إلى تغيير جلده أربع مرات لكي يستمر، وهذا دليل على أن المعارضة قوية جدا، وحدثت ست انتفاضات أثناء حكمه قبل الانتفاضة الأخيرة.

في رأيي، كل من يدرس المشهد السوداني يدرك أن السودان لا سبيل له لأن يستقر في ظل نظام ديكتاتوري، بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من أهلنا في الخليج يخافون السيطرة الإخوانية، وفي رأيي، فإن التيار المضاد للإخوانية في السودان هو الديمقراطية، لأن أداءهم جر عليهم كراهية كبيرة جدا.

 

ألا تعتقد أن إدماج الإسلاميين، سواء تيار الترابي أو إخوان البشير، في الإصلاح يمكن أن يجنب السودان حربا أهلية أوالفتنة؟

تقصدين الإسلامويين الذين يستعملون الإسلام للوصول إلى السلطة؟ في رأيي، أن هذه الجماعة ذات المرجعية الإخوانية لا مستقبل لها في السودان إلا إذا قاموا بإعادة هيكلة، أي مثلما فعل حزب النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في تركيا، أي التخلي عن الانقلاب والانقلابية وإقصاء الآخرين، والتخلي عن السيد قطبية. لو قاموا بهذا يمكن أن يكون لهم دور في السودان، لأنه، مهما كان، ستكون الحريات مكفولة في السودان.

 

 يلاحظ أنه جرى إقصاء جماعة الترابي المنشقين عن البشير من المشهد السياسي. لماذا؟

هم انشقوا ليس لأن لديهم اختلافا مبدئيا، بل انشقوا لأن لهم اختلافا في توزيع المناصب، وقد اعترفوا بهذا. لقد اشترك الطرفان في انقلاب 1989، واتفقا على إقامة نظام فاشي، واستمروا هكذا عشر سنوات، في ظل نظام عازل للآخرين باطش وعنيف وظالم. صحيح أنهم لم يشتركوا في جرائم دارفور، لأن النظام بدأ يرتكبها بعد 2002، وهم انشقوا من النظام سنة 1999، لكنهم اشتركوا في باقي الجرائم السابقة لهذا التاريخ.

هل هذا يعني أنك مع إقصاء جماعة الترابي؟

أعتقد أن كلا الطرفين لهم مسؤولية في ما حدث، ويجب أن يقوموا بإعادة هيكلة. تكمن المشكلة في أنه ليست لديهم قيادة كاريزمية، والزعامة المعترف بها تستطيع أن تنظر في كيفية إعادة الهيكلة الجديدة، لذلك، الآن أغلب الظن أنهم يتبعون قيادات مختلفة، وليس هناك قيادة من هؤلاء لديها المركز الأدبي لجمع الصف حول هذا الإصلاح الهيكلي. وللأسف،الكثير من الشخصيات ذات العطاء الفكري غادرت الحزب وتركت البيادق، وهذا يسبب صعوبة في إيجاد من يمكن أن ينقذ الموقف. إنهم يحتاجون إلى فكر جديد يستوعب أخطاء التجربة، ويخاطب المستقبل، ويلقى قبولا في الساحة السياسية السودانية، دون تحدٍّ للقيادات الأخرى.

 

في هذا الإطار، قرأت أن هناك تحقيقا مع عدد من الأشخاص الذين شاركوا في الانقلاب، بينهم السنوسي. هل أنت مع هذه الخطوة؟

بالتأكيد نعم، نحن نحدد ما هي الجريمة، ونبحث عن المجرمين. الجريمة الأولى كانت هي الانقلاب ضد سلطة شرعية، هم معترفون بها وقائمة على انتخابات حرة ونزيهة. إذن، عندما تجري المساءلة في الانقلاب فإنها تشمل كل من أيدوه،والسنوسي قبل الثورة الأخيرة قال في تصريح له: «نحن غير نادمين على التخطيط للانقلاب والمشاركة فيه»، وهذه إدانة لنفسه، ولا يمكن التماس البراءة لمن اشترك في هذه الجريمة الدستورية.

 

عدد من متتبعي الشأن السياسي السوداني يتحدثون عن أن حكومة حمدوك هي حكومة ضعيفة، ومشكلة من الأحزاب الصغيرة، لماذا لم نرَ الأحزاب التاريخية في الحكومة، مثل حزب الأمة والحزب الشيوعي، هل لأنه لم تعد لكم الشعبية والقوة اللتين كنتم تتمتعون بهما في السابق؟

في الحقيقة، كنا نرى أن هذه الحكومة يجب أن تكون حكومة خبراء في الفترة الانتقالية، وألا تدخل فيها الأحزاب، وكان قرارنا ألا نشترك في هذه المرحلة. هناك أحزب تعرف أنها إن فوتت هذه الفرصة فلن تشترك في الحكومات المقبلة، بحكم أنها لا تمتلك قاعدة جماهيرية تؤهلها للحكم عبر الانتخابات، فاعتبروها فرصة ذهبية، لذلك، شاركوا في إدارة الفترة الانتقالية. نحن كان قرارنا غير ذلك، وكل من هو مشكك في شعبية حزب الأمة، يمكنه أن يطلع ويتابع زياراتنا وطوافنا بين الأقاليم وفي العاصمة. وكما تعلمين، لدينا حملة تعبوية كبيرة تؤكد أن حزبنا لديه رصيد شعبي وازن، وأن حزبنا هوالحزب الوحيد الذي لم يشترك مع نظام البشير، مع أنه عرض علينا خمس مرات أن نقاسمه السلطة، لكن كان جوابنا دائما لا، مادمنا لم نتفق على قواعد النظام الديمقراطي. لماذا عرضوا علينا ذلك؟ لأنهم أدركوا، كما قالوا، أنهم نزعوا من الصادق السلطة، لكنهم لم يتمكنوا من أن ينتزعوا منه الشرعية، أي أنهم أدركوا أننا نمثل الشرعية.. لذلك كانوا حريصين على مشاركتنا لنعطيهم هذه الشرعية، وبما أننا رفضنا، كان همهم أن يغتالوا سمعتي ويغتالوني قانونيا ومعنوياً، لذلك،رفعوا علي قضية في سنة 2014 عقوبتها الإعدام، وفي 2018 رفعوا علي 10 بلاغات بعضها عقوبتها الإعدام، وظلت هذه البلاغات مفتوحة عند الوكيل العام للنيابة إلى أن سقط النظام.

 

ألم يكن لديكم تخوف من فشل الحكومة الانتقالية، خصوصا أن مثل هذه الحكومات تكون مهمة للسير بالبلاد إلى بر الأمان، واليوم نرى أن الوزراء في الحكومة ليسوا مسيسين، وليست لهم القدرة على اتخاذ قرارات جريئة؟

نعم، عندنا هذا التخوف، والحقيقة أن البعض رأى أن الانقلاب كان على حكومة أنا كنت رئيسها، فكان منطق هؤلاء يقتضي أن أكون رئيس الحكومة في هذه المرحلة، لكني رفضت لأن هناك أجيالا جديدة لم تشترك في تلك الانتخابات، لذلك، لن أتقدم وأطالب بمنصب كنت أتولاه إثر انتخابات 1986، وقررنا أن تكون حكومة خبراء، لكن المؤسف في مثل هذه الحكومات أنهم، في الغالب، يكونون خبراء في تخصصاتهم، لكنهم ليسوا خبراء في السياسة، لذلك، هذا يشكل ثغرة، ونحن نحاول، من خلال مصاحبة ومناصحة الحكومة، إغلاق هذه الفجوة، لكن الواضح لدينا في هذه السلطة أن الغلبة لخبراء دون خبرة سياسية وآخرين يمثلون إيديولوجيات أقلية، وهذا يمكن أن ينعكس ضعفا في أداء الحكومة، ونحن سنكتفي بتقديم الدعم، لكن احتمال الفشل وارد.

 

سبق وأن دعوت إلى التعاون بين العسكريين وبين الحكومة المدنية، ونحن نتحدث عن حكومة مدنية ضعيفة. ألا يمكن أن تؤدي هذه الصيغة إلى عودة النظام العسكري من جديد؟

هذا وارد، لكننا نحن نتحدث عن توازن القوى، القوة العسكرية عندها السلاح والانضباط، والقوة المدنية لديها الشارع والدعم الدولي. والدعم الدولي مهم جدا في هذه الظروف. الآن في إفريقيا هناك قرار بعدم الاعتراف بأية قوة انقلابية، وأظن أن في هذا توازن قوى، وفي رأيي، أن العاقل هو من يدرك ضرورة التعامل مع هذا التوازن، دون أن يحاول أن يستغل الموقف لصالحه. نحن نقول في حزب الأمة: نعم للحماسة الثورية، لكن يجب أن نصحب هذه الحماسة بالحكمة، بما يراعي توازن القوة، لأن القوات المسلحة، عندما حدث الغيث السوداني (يقصد الربيع)، كانت أمامها ثلاثة مواقف؛ الأول أن تقضي على الثوار، لأن الشارع مهما كان قويا لا يستطيع تغيير النظام، وكان لديهم خيار ثانٍ أن يقفوا على الحياد، والخيار الثالث أن ينحازوا إلى الشعب، وهذا ما قامت به القوات العسكرية في السودان.

وأرى أن هذه هي مرحلة توازن القوة، وهي تحتاج إلى توازن القوى المدنية والقوى العسكرية والقوة الدولية، وهي متداخلة في الشأن السوداني، وهناك أشياء إن لم تستجب الأسرة الدولية لها فسنتعرض لضرر. السودان عليه 62 قرارا من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، كما أنه موضوع في قائمة الدول التي ترعى الإرهاب، وكل ذلك كان سببه نظام البشير، وإن لم نستطع تجاوز هذه العوائق، سوف يدمر عطاؤنا، لذلك، نعتبر المجتمع الدولي شريكا معنا، وإذا لم يتعاون الشركاء، الثلاثة كل حسب وزنه، فإن تجربة الانتقال الديمقراطي سوف تفشل.. لا بد من مراعاة هذا التوازن.

 

ما رأيك في الحكم الأخير على عمر البشير؟

هذه عقوبة على أقل جرائمه، وهو حكم مفهوم، لكن البشير ارتكب، حسب الاتهامات الدولية، جرائم الإبادة الجماعية وحربا ضد الإنسانية وجرائم حرب. هذه الجرائم موجودة في صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية، وهو مطلوب فيها. هناك من يقول يجب أن يحاكم داخل السودان على هذه الجرائم، لكن القانون السوداني ليست فيه نصوص تحاكم على هذه الجرائم بالشكل الموجود حاليا، وهذا ما يجعل الخيار الوحيد هو أن يحاكم في المحكمة الجنائية الدولية. ويبقى السؤال: هل سيسَلَّم أم لا؟ وهذا فيه خلاف، لكن ينبغي ألا يكون هناك خلاف في اعترافنا بالمحكمة الجنائية الدولية، لأنها تمثل جزءا مهما من تطور القانون الجنائي الدولي، أما هل نسلمه أو لا نسلمه، فأعتقد أنها خطوة مؤجلة، لكن الخطوة الحالية هي أن يصادق السودان على نظام روما الذي وقع عليه سابقاً، وهذه خطوة لا ينبغي أن نختلف حولها. ثم نقرر بعد ذلك في أمر البشير.

 

لماذا لم يعقد حزب الأمة مؤتمره لانتخاب رئيس جديد ولتجديد هياكله في ظل أجواء التغيير التي تعرفها السودان؟

لا يمكن عقد المؤتمر العام قبل أن تعقد المؤتمرات الفرعية، ونحن لدينا 18 كيانا سياسيا حزبيا في 18 ولاية، ولدينا تنظيمات شبابية ونسوية وطلابية وفئوية، وعندنا 73 مكتبا خارج السودان مشكلة من سودانيين أسميهم سودانيون بلاحدود. وحتى نتمكن من عقد المؤتمر العام، يجب أن تعقد كل هذه التنظيمات مؤتمراتها الفرعية، لذلك، فالمؤتمر العام سيعقد بعد الانتهاء من هذه الإجراءات.

 

هناك من ينتقد الصادق المهدي لأنه ظل رئيسا للحزب عدة عقود، وهو من ينادي بالديمقراطية ويناضل من أجلها؟

أولا، لا تعني الديمقراطية أن يكون الإنسان رئيسا لفترة معينة، إلا إذا كان هذا منصوصا عليه في دستور الحزب، ودستورنا فيه أن الرئيس يجب أن يحاسب ويعرض للانتخاب في المؤتمرات العامة التي تعقد. صحيح أنني انتُخبت رئيسا لحزب الأمة منذ 1964، وكنت آنذاك في العشرينات من العمر، وقد قضيت أغلب تلك الفترة في السجن، وحزبي كان في هذه الفترات محلولا، في عهد النميري لم يكن هناك حزب مدة 16 سنة، في عهد البشير الذي امتد إلى ثلاثين سنة لم يكن هناك حزب، فهؤلاء الديكتاتوريون عندما يأتون إلى السلطة، أول قرار يتخذونه هو حل الأحزاب، فعندما نتكلم عن الحيز الزمني، نتساءل عن الفترة التي كان فيها الحزب موجودا. الحزب كان غير موجود أصلا، والقيادة كانت إما في السجون أو في المنافي، وأنا لم أحرص على إعادة انتخابي، لكن النضال والعطاء الفكري هما ما أكسبني شعبية، ليس في حزب الأمة فقط، بل في الخارج أيضا، وأنا لست رئيس محليا، بل لدي روابط كثيرة في العالم، فأنا عضو في نادي مدريد لرؤساء الدول السابقين المنتخبين، ورئيس للمنتدى العالمي للوسطية، وعضو في المكتب التنفيذي لمؤسسة المياه العربية، وغيرها الكثير. وبشأن حزب الأمة، فقد عقد الحزب سبعة مؤتمرات عامة، ويعقد بشكل مستمر اجتماعات الهيئة المركزية.

 

قلت إنه خلال المؤتمر تكون هناك محاسبة، هل حوسب الصادق المهدي؟

طبعا، الذي يحصل هو الآتي: الرئيس يقدم خطابا، والمؤتمرون يناقشون ذلك الخطاب، وتكون هناك إشادة بالأداء.. لأننا استطعنا أن نصمد أمام الديكتاتورية، وأن نرفض أي نوع من أنواع الإغراء، وأن نتصدى وندفع ثمن هذا التصدي.

 

في السياق نفسه، يقال إن حزب الأمة هو حزب عائلي، وإن القيادة تبقى محصورة فقط بين أبنائك وعائلتك؟

من أجل أن تمتحني ذلك، خذي أكبر 15 منصبا في حزب الأمة، ستجدين أن هناك اثنين من أسرتنا، وقدا جاءا بالانتخابات وليس بالتعيين. أنا التزمت في تربية أولادي البنين والبنات بأسس تربوية هي: أولاً: لا عنف. ثانياً، لا تمييز بين ذكر وأنثى. ثالثاً، حرية الاختيار، لذلك، كل شخص من أبنائي وبناتي أصبحت له شخصية مستقلة، ولو أنني حاولت أن أفرض عليهم شخصيتي لتحولوا إلى شخصيات باهتة. أنا لدي ست بنات وأربعة بنين، وكل واحد فيهم لديه شخصيته المستقلة، لأن التربية في الشرق تقوم على العنف ضد الأطفال والتمييز.. للأسف، هذا موجود في تراثنا العربي، وهو موروث خاطئ، يحاول البعض ربطه بالشرع الإسلامي استناداً إلى أحاديث حققت فيها ووجدت أنها ليست صحيحة. إن ربط الذكورية بالفقه الإسلامي من شأنه أن ينفر النساء من الدين.

 

قلت إنك ربيت أبناءك وبناتك على المساواة، هل أنت مع المساواة بين الرجل والمرأة؟

لدي دراسة في هذا الشأن، في مساواة وفي تميز تكاملي وليس تفاضلي، هناك اختلاف بين الذكر والأنثى.

 

(مقاطعة) أقصد المساواة بين الرجل والمرأة وفق المفهوم الكوني لحقوق الإنسان؟

في المواطنة والإيمان والعمل، بالتأكيد أنا مع المساواة.

 

في الإرث مثلا؟

في الإرث لدي دراسة في الموضوع تقول إن الإرث في الإسلام غير مرتبط بالنوع بل بالوظيفة الاجتماعية. مثلا، للذكر مثل حظ الأنثيين في حال كانت لدى الذكر مهام في الأسرة ينبغي أن يلتزم بها، لكن يطرح سؤال: ماذا لو اتحدت الوظائف الاجتماعية مثل ما هو موجود الآن؟ في رأيي، هذه النصوص تحتاج إلى مراجعة، حيث إن ابن القيم يقول الآتي: «واجب الفقيه أن يدرك الواجب اجتهاداَ والواقع إحاطة ويزاوج بينهما». الواقع تغير، وهذا يمنح المجال لإحداث اجتهاد جديد، ولدي كتاب في هذا الشأن اسمه «جدلية الأصل والعصر»، وفيه اجتهاد حول هذه القضية من واقع الوظيفة الاجتماعية لامن واقع النوع.

 

وما رأيك في إمامة المرأة للصلاة، كما شاهدنا امرأة في إحدى الدول الأوروبية تؤم الناس؟

كل هذه المسائل صالحة للاجتهاد، وأنا اجتهدت، وحتى لا يكون الكلام دون أساس، اطلعي على كتابي «عقوبات الشريعة وموقعها في النظام الاجتماعي الإسلامي».

 

(مقاطعة) نريد خلاصة كتبت للقراء؟

عودي إلى الكتب لأن هناك الحجة، لأنه حين تتحدث دون حجة تعطي فرصة للمنكفئين للهجوم علي وعليك… المنكفئون يرون كل شيء جديدا بدعة.

 

هل سنرى الصادق المهدي مرشحا للرئاسة في السودان؟

لا، لن أترشح.

 

وبالنسبة إلى رئاسة الحزب، لأنني سمعت أنك ستركز على مهام أخرى؟

لدي مهام كثيرة أريد التفرغ لها، لذلك، لن تكون لدي مهام حزبية أو تنفيذية.

 

 

 

 

اليوم 24