بيان للأمة الإسلامية وللإيمانيين في كل الأديان لا سيما المسيحيين

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان للأمة الإسلامية وللإيمانيين في كل الأديان لا سيما المسيحيين

في محاضرة في جامعة رزنبرج بألمانيا في 12/9/2006م عن “الإيمان والعقل والجامعة: ذكريات وخواطر”، وقع حديث رئيس الكنيسة الكاثولوكية في خمس خطايا وأربعة أخطاء.

الخطايا:

أولا: استشهد بمقولة إمبراطور بيزنطي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء حرب بين دولته والعثمانيين، وفي ظروف الحرب تستبد الدعايات الحربية وتتراجع الموضوعية. إن حصر الإسلام في مقولة نشر الدين بحد السيف قال بها بعض جهلة المسلمين وأعداء الإسلام. ولكن فندها المنصفون أمثال السيرتوماس آرنولد في كتابه “الدعوة للإسلام”.

ثانيا: استشهد بإحدى مدارس المسلمين -المدرسة الظاهرية- لنفى أية عقلانية في الإسلام، معتمدا على بعض مقولات ابن حزم الأندلسى، مع أن آيات القرآن تجعل عدم الإيمان مماثلا لعدم العقل.

ثالثا: ارتقى بأثر الفسلفة اليونانية إلى مصاف الندية مع الوحى في تكوين عقيدة المسيحى واعتبر المصدر اليوناني وحده مصدر العقلانية.

رابعا: بدل الدفاع عن أن الوحى والإلهام هما مصدران حقيقان للمعرفة حاول أن يبسط العقلانية إلى ما يتجاوز مجالها المعرفي، وجعل الدين كالمتسول في أبواب نحلة عقلانوية.

خامسا: صوّر الحضارة الأوربية مكونة من المسيحية وتراث اليونان وروما، دون أدنى إشارة إلى حقائق ركز عليها المنصفون الغربيون. قال روبرت بريلفوت (1876-1940) في كتاب “تكوين الإنسانية”: “التنوير الحقيقي لأوروبا هو الذي حدث نتيجة إحياء العرب الثقافي لأوروبا. أسبانيا هي بوابة ذلك الإحياء وليست إيطاليا هي مصدر المولد الحضاري لأوروبا”. وقال منتجمرى واط في كتاب “أثر الإسلام على أوروبا”: ” أوروبا كانت تخشى الإسلام على هويتها لذلك أنكرت دينها له. وبالغت في اعتمادها على التراث اليوناني والروماني، لذلك فإن علينا اليوم أن نخلّص أنفسنا من هذا الزيف. وأن نعترف بديننا الحضارى والثقافي للعالم الإسلامي”.

الأخطاء :

أولاً: قال إن آية (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)- البقرة 256 مكية أى في مرحلة ضعف الدعوة. وهى مدنية وفي وقت قوة الدعوة.

ثانيا: واصل الوهم الاستعلائي الأوروبي الذى يعتبر الحضارة اليونانية هى مصدر العقلانية والفلسفة في العالم. ولكن الحقيقة هى أن اليونان مدينة لمصر، وفينيقيا، والهند وغيرها كما أوضح مارتن برنال في كتابه “أثينا السوداء”.

ثالثا: فتح باب مباهلة سيجد حجته مرجوحة أمام حجة إسلامية قوية: تأليه بشر، وقيامة السيد المسيح، وتوارث الخطيئة الأولى، وعصمة البابا. أما مسألة العنف ففى العهد القديم وفي ممارسة المسيحيين فإن حجم وفداحة العنف يفوق ما جرى بين المسلمين أضعافاً مضاعفة.

رابعا: في وقت فيه يتبارى القادة الدينيون لفتح أبواب الحوار إشفاقاً على العالم من تيارات ظلامية، تعقد ألسنتنا الدهشة أن يقدم رئيس أكبر كنيسة مسيحية وهو رجل يعتقد كثيرون أنه معصوم على فتح أبواب الصدام والخصام.

إن هذا الحديث في هذا الوقت لا يبرأ من غرضين دنيويين هما: مواكبة سياسات الهيمنة التى يقودها المحافظون الراديكاليون، والارتياع من تمدد الإسلام سلميا في قارات العالم لا سيما أوربا وأمريكا.

نعم (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)- آل عمران 113. نحن ننتظر من الأمة المسيحية أن ترفض الخطايا والأخطاء، وأن تعمل على معاملتنا بالمثل، فنحن نعترف بالمسيحية والواجب أن يعترفوا هم كذلك بالإسلام.

أما صاحب المحاضرة فأقل ما يجب عمله هو الاعتذار الصريح عما قال حرصا على التسامح والتعايش بين الأديان الإبراهيمية خاصة وكافة أديان البشرية.

وبالله التوفيق

                                                                            الصادق المهدي

إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة

أم درمان في 16 سبتمبر 2006 الموافق 23 شعبان 1427هـ