حول رفض الحبيب الإمام الصادق المهدي الذهاب إلى أمريكا للمشاركة في فعاليّات نادي مدريد

الإمام الصادق المهدي نادي مدريد

 

يوسف الجلال

على طريقته الخاصة، رفض زعيم حزب الأمة الصادق المهدي الذهاب إلى أمريكا للمشاركة في واحدة من فعاليّات نادي مدريد لرؤساء الدول السابقين، وذلك احتجاجاً على الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي قضى بتقييد دخول السودانيين إلى أمريكا. وظني أن ذلك موقف يليق بالمهدي تماماً، والصادق به أليق، حيث أن قرار عدم السفر كشف مبدئية الرجل التي لم تدخل يوماً إلى بورصة المزايدات.

المدهش في القصة كلها، والجالب للزهو، هو أن المهدي مضى إلى أبعد من ذلك، وصوّب بدقة على الأسباب والحواضن التي فرخّت الإرهاب الذي يخشاه ترامب، وبسببه نفّذ أوامره المُقيِّدة لحركة المسلمين في أمريكا. فقد قطع زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في رسالة الاعتذار التي بعث بها إلى الأمينة العامة لنادي مدريد بأنه لم يكن هناك تنظيم اسمه “القاعدة” قبل تعبئة أمريكا للحماسة الإسلامية لإسقاط القوات السوفيتية في أفغانستان. كما لم يكن هناك تنظيم اسمه “داعش” قبل احتلال العراق. بل مضى المهدي إلى أبعد من ذلك حينما جزم بأن هذه الأعمال الإرهابية (الإرعابية) لديها أبوّة مشتركة. وقال إنه من غير المنصف تقديمها على أنها من سلالة إسلامية منفردة.

وعلى طريقته في الصدع بالحقائق، أشار الصادق إلى أن هناك بعض المنحرفين من المسلمين متورطين في هذه الأعمال، ولكنه مع ذلك قطع بأنه لم يكن بمقدور هؤلاء المنحرفين الوصول لهذا المدى بدون الروافع الدولية، خاصة الأمريكية منها.

وبناءً على ذلك كله أبلغ المهدي الأمينة العامة لنادي مدريد بأنه لن يدخل أمريكا ما لم تقم السلطات هناك بإيقاف العقوبات الجماعية، ومضى يقول: بصفتي أحد الأشخاص الذين تستهدفهم السياسات الأمريكية الجديدة، فإنني لست على استعداد للسفر لأمريكا في هذه الظروف غير المرحبة.

نعم، هذا هو الصادق المهدي الذي كرّست الإنقاذ كل آلتها الإعلامية لتسخيف مواقفه وتتفيه تاريخه، وتصويره في هيئة الخائن لوطنه وشعبه.. هذا هو الصادق الذي نافح عن حقوق السودانيين والمسلمين، بينما يتبارى قادة الحكومة في السفر إلى أمريكا حتى في ظل الإذلال الذي يحدث للسودانيين وللمسلمين، بل أن أحداً منهم لم يرفض هذا الانتهاك وهذا الإذلال، وظلوا في حالة تسفار مستمر بين الخرطوم وواشنطن، منذ أن رُفع عنهم التسوير الشائن الذي كان يحرمهم من بلاد اليانكي وبلدان كثيرة. فقد أحصى العادّون أن سيل الوفود الحكومية لم ينقطع، كما أن النثريات المبذولة لهذا التسفار لم تنقطع أيضاً، لدرجة أن أحد قادة العمل التشريعي ذهب إلى أمريكا رفقة سكرتيره الخاص ومدير مكتبه، في أكبر استهزاء بشعارات الحكومة نفسها الداعية إلى التقشف..! “كمان قال ليك واحد منهم اتأخر هناك، مع أن الوفد رجع قبل مدة..!”

نسيت أن أقول لكم أن مبدئية المهدي هي التي جعلت منه عدواً لأمريكا طوال فترة حكمه، مع أنه كان يقود نظاماً ديمقراطياً كامل الدسم، ويرفض أن يكون رجلاً دسِم الثياب، وكل ذلك لأنه كان يرفض – بغلظة شديدة – السماح بتمدد الأطماع الأمريكية، وتدخل اليانكي في شأن البلاد، حتى لا تُنتقص سيادتها.

 

الصيحة