خطاب الإمام في ختام مؤتمر السقاي

الإمام الصادق المهدي
سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

خطاب الإمام في الجلسة الختامية لمؤتمر السقاي

في ختام المؤتمر العام الأول للأنصار

17 شوال 1324هـ الموافق 21 ديسمبر 2002م

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد-

نحن إنشاء الله في هذه الجلسة الختامية سنحدثكم بما قل ودل.

أولاً: أود أن أعتذر لكم عما صدر وبدر وحدث من تقصير في ضيافتكم فكانت الإمكانات ضعيفة وهذا أقل بكثير مما تستأهلوه من كرم وضيافة. نحن حقيقة (ضيفناكم ضيافة تيمم ولكن صليتم صلاة حرم) فالفرق كبير بين تيممنا المتواضع وصلاتكم الواصلة إنشاء الله.

هذا الأمر الذي أنجزناه أمر كبير وأنا أريد أن أضيف شيئا إلى كل المفاهيم التي تحملونها أنتم الآن.

نحن نستطيع أن نقول إننا حسمنا قيادتنا وقننا كياننا ولم نترك ولله الحمد أي مجال لأمر ناقص، فلا شك أنكم أديتم الأمانة وحفظتم الرسالة وأنجزتم عملاً كبيراً جداً.

وقد حدث كثيراً أن اجتمع الناس وطالبوني بأخذ البيعة. بيعة الإمامة وكنت أقول لهم لا بد أن تتم هذه إن تمت في حضرة أصحاب الشأن، فإن كنا نحن نريد إمامة الصدفة وإمامة الخطفة وإمامة النزعة والنزوة والرغبة الشخصية فقد حصلت لقاءات كبيرة عندما زرنا الجزيرة أبا في الثمانينات احتشد الناس بمئات الآلاف وجاءوني مقترحين البيعة وقلت لهم هذا لا يجوز، كما قال السيد صلاح عبد السلام الذي أحضر شهادة من السيد ولي الدين الهادي بما قاله الإمام الهادي، حدث كل هذا ولكنني قلت يجب أن يرجأ كل ذلك إلى حين حضور أصحاب الشأن فلا بد أن يحسم هذا الأمر الذين هم مفوضون من أهله، فإن كنا نحن نريد هذا النوع من إمامة الصدفة وإمامة اللقاء الطارئ لحسمنا الإمامة من (زمان).

أنا كنت مبطئاً في هذا الأمر لأن هناك ظروف كثيرة لا بد من إكمالها وإلا فأنا عندما كنت طفلاً أتيت الإمام عبد الرحمن طفلا مع والدتي السيدة رحمة، أثناء سلامه علي قال للسيدة رحمة ولدك هذا هو الذي يسد مكاني فقالت له أمي ( يا سيدي مكانتك إنشاء الله بسفر بعيد ما نشوفها)، وبكت فقال لها يا رحمة هذا أمر لا بد منه، وبالرغم من سماعي لكل هذه الأحاديث إلا أنني لم أبن عليها أساساً واستشهد بها لأنني اعتبرت أن الأمر هو ما تقرره الجماعة لأن إذا كان ما قاله صحيحاً فان الذي يصدقه هو الأحداث نفسها وليس رغباتي أنا.

عندما جئنا في العودة قلت إن هناك مهام نريد أن ننجزها أهمها تنظيم الأنصار وتنظيم الحزب وهذا كان ولا زال أملاً كبيراً والحمد لله أنتم الآن أنجزتم عملاً كبيراً لأننا قننا تنظيمنا. وأي نقص بعد ذلك سيكون مسئولية من كلفتموهم في هذا المؤتمر ـ هؤلاء هم الذين سيقومون بالأعمال الباقية فأنا أعتبر الآن أن مهمة كبيرة نزلت من عاتقي وإن كانت صحبتها مهام جديدة ولكن هذه المهام ضمن تنظيم. فقدمنا بذلك قدوة لكل القوى الاجتماعية في السودان لكي تنظم نفسها بطريقة مفهومة فيها المشاركة والشفافية. فكثيراً ما يتحدث الناس عن التحديث والتطوير والنهضة ولكن كيف يتم ذلك إذا تركنا القوى الاجتماعية في القبيلة وفي الطريقة وكل هذه التنظيمات الاجتماعية كما كانت في السلطنة الزرقاء فلا يمكن أن ننهض وننطلق من أصولنا القوية المثبتة إلى مستقبل فيه استصحاب للنافع من نظم وعلوم ومفاهيم العصر، ونحن في ذلك أنجزنا إنجازاً كبيراً وكذلك في بلادنا مشاكل كبيرة لا بد أن نتطرق لعلاجها وفي العالم العريض الإسلام متهم ولا يحتاج إلي مجرد علماء وإنما علماء لديهم قدرات، فكثير من العلماء المسلمين ذوي القدرات ليس لديهم قدرة للتصدي ومن يملكون جرأة التصدي ليس لديهم قدرات.

نحن إنشاء الله بهذا العمل الذي قمنا به نستطيع أن نقول إن لدينا مؤسسة لديها الفكر ولديها القدرات ولديها القيادة ولديها الشعبية ولديها المؤسسية.

ومن هذا المنطلق نقول لهم في السلطة نحن ليس بيننا وبينكم إلا أن تقروا بوضوح أن هذا الدين ليس حكرا علي أحد فالمسلون في السودان يتعاونون في أساس ما يتفقون عليه وفيما يختلفون فيه يكون الأمر اجتهادياً ويعذر بعضهم بعضاً في هذا الأمر. في المسائل السياسية هناك قطعيات وثوابت وطنية: السيادة الوطنية، وحدة البلاد استقلال البلاد نتعاون فيها، أية قضية فيها اختلاف يكون الفصل فيها الشعب وبهذه الطريقة نتجنب الشقاقات والخلافات فالبلد الآن في خطر كبير، لا بد أن يدرك هذا النظام أن البلد الآن مهددة بمجاعة وهناك أوبئه كثيرة منتشرة (فالبلد دركانة) وهناك توجهات وتمزيق وتدويل لشأن البلاد والنظام لا يستطيع أن يبرم شيئاً بخصوص مستقبل السودان أو بخصوص مستقبل الإسلام منفرداً وقد أصبح المسئولون في النظام يعترفون بذلك وقد سمعتم حديث الوزير الذي ورد فيه هذا الكلام والذي نريده الآن هو البيان بالعمل.

نحن نريدهم أن يصدقوا فيما يقولون، فإن صدقوا فلا مشكلة وهذا يعني أننا سوف نحتكم في كل أمر للشعب وهذا يعني أننا لا بد أن نستعد في هيئة شؤون الأنصار للقيام بدورنا الدعوى الإرشادي كما منصوص عليه في الدليل الأساسي. والآن مهمتنا الثانية هي تنظيم حزبنا السياسي فما كل الموجودين لديهم مهام في الحزب السياسي ولكن كلنا لا بد أن نمشي بفهم واضح: لا بد أن نكمل كل التنظيمات القاعدية لكي نفعل في حزبنا ما فعلناه في الهيئة: العمل المنهجي المنظم ينظر في البرنامج والانتخاب لكل الأجهزة القيادية في الحزب حتى نقول أننا (كل سبحة نضمناها، نضمنا سبحة الهيئة ونضمنا سبحة الحزب) أي أننا قمنا بمهمة كبيرة وأساسية في كل منها، اختم حديثي هذا بشكركم الجزيل علي ما تكبدتم من مشاق وبشكر زملائي الذين قاموا بتنظيم هذا العمل مع ما فيه من نقص أصلا من اجتهد وأخطأ فله اجر فلهم علي كل حال أجر علي ما أخطأوا وأجران فيما أصابوا، فالزمن كان ضيقاً والإمكانيات محدودة ولكن مع ذلك أنهم أنجزوا عملاً كبيراً مهماً.

سلموا علي كل الأهل وبلغوا التحيات الطيبة وأسأل الله سبحانه وتعالي أن يوفقني لأن أمر عليهم واسمع منهم ويسمعوا مني ـ حفظ الله زرعكم وضرعكم وذراريكم أبناءكم وبناتكم وارجو أن تبلغوا عني الجميع أننا دخلنا في مرحلة نريد فيها أن يأخذ كل منا بيد أخيه أو أخته حتى نبني كياننا هذا ليقوم بمهامه الداخلية والخارجية بأكفأ صورة ممكنة. جمعنا الله بكم في ساعة خير وجمعنا في ساحة بركة وجعلنا وإياكم من الذي “يستمعون القول فيتبعون أحسنه” ويجعلنا جنوداً لإرادته في بعث هذا الوطن من جديد سامقاً مجيداً إن شاء الله وان يجعله في سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين.