خطبة الجمعة التي ألقاها الحبيب الإمام الصادق المهدي بمسجد الإمام عبد الرحمن بودنوباوي

الإمام الصادق المهدي في صلاة الجمعة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة التي ألقاه الإمام الصادق المهدي
بمسجد ودنوباوي بالهجرة بعد العودة

الجمعة 29 ربيع الثاني 1438هـ الموافق 27 يناير 2017م

 

الخطبة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،

بنشوف الجماهير المندفعة بالإيمان والمحبة لا مكرية ولا مأجورة تقف بقوتها الإيمانية وبمحبتها القلبية تقف إلى جانب الحق لا تأييداً لفرد ولا تأييداً لشخص ولا تأييداً لعائلة إنما تأييد لقضية الدين والوطن.

(الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)[1]، وهناك أسباب نرى فيها فتنة لأهلنا بعضهم الآن دخل في ردة حتى بين القبائل السودانية الأصيلة، وبعض شبابنا دخل في إلحاد، وفي كثير من مناطقنا في قبائلنا توجد الآن فتنة قبلية يشتجرون ويقتتلون ويختصمون هذه المسائل تلويث للجسم الديني والوطني، علينا نحن أن نعمل كل ما نستطيع لنزيل هذه الأسباب. وإن شاء الله كل الذين قدموا يعلمون أن أول برنامج لي هو الطواف على أقاليمنا كلها إن شاء الله لنخاطب الجميع حتى نتناصر في سبيل هذه الدعوة في الدين والوطن.

أسباب هذه الردة هي ماذا؟ قال واحد من النازحين لواحد من المسئولين، المسئول قال لهم: “انتم ترحبون بالنصارى الذين يأتون إليكم يدخلون في معسكراتكم ولكن لا تسمحون لنا تقبلون الكفار ولا تقبلون أخوتكم في الدين”. قال له هذا الأخ يا فلان إنسان قذفك بصواريخ وحرق قراك وشردك، وآخر أتى إليك بالطعام وأتى إليك بالدواء وأتى إليك بالغذاء أي واحد في هؤلاء الكافر”. هذه المحنة التي جعلت كثير من مواطنينا يفرون من دينهم، هي مسألة الظلم الإحساس بالظلم والإحساس بالبطش هذه واحدة.

أسباب أخرى أدت إلى كثير من أبنائنا وبناتنا صاروا يجاهرون بالإلحاد السبب الدعوة التي يقولها لهم بعض الناس في الدين فيها تناقض مع ما يعلمون في الواقع. يقوم عالم من العلماء جاءهم يقول “من يقول الناس وصلوا القمر كافر، ومن يقول الأرض كروية كافر”، والناس رأت بعينها أن الأرض كروية ورأت بعينها أن الناس وصلوا القمر نعم الأرض كروية نعم الناس وصلت القمر حقائق مرئية هذا ولكن عندما واحد يقول هذا الكلام هذا يجعل الشباب الذي شاف بعينه الناس وصلوا القمر والذي شاف بعينه هذه الأمور يلحد لأنه يعتقد أن هذا الذي يتحدث يتحدث باسم الإسلام.

وهذا معناه أنه نحن محتاجون أن نصحح هذا الخاطب الديني لكيلا يتناقض مع الواقع ولا يتناقض مع الدين ويبين للناس هذا حتى لا يفتنوا في دينهم.

احد العلماء المفسر الرازي قال عندما نسمع قوله تعالى عن الشمس: (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)[2] قال هو يتحدث عن هذا قال “تأويلاً” بمعنى نظر العين حتى لا يكون هناك تناقض بين العلم المعرفي وبين النص.

وفتنة في النساء، المرأة الآن في الغرب في تيار قوي جداً يخاطب المرأة المسلمة “أنت دينك يهمشك دينك يؤذيك دينك يجعلك دونية .. دون” ونجد في أحاديث “أن النساء ناقصات عقل ودين”، “لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة” هذه الأحاديث ليست صحيحة ومختلفة مع الواقع ومختلفة مع نص القرآن: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)[3].

ولكن الحقيقة هذه الأحاديث تضرنا جداً لأنها تجعل المرأة خصوصاً المتعلمة تقول: هذا الدين الذي يجعلني ناقصة عقل ودين “ده أنا ما عندي فيه مكانة”. هل محمد صلى الله عليه وسلم عندما ذهب لخديجة (رضي) وقال لها عن التجربة مع جبريل واستشارها، استشارها باعتبارها ناقصة عقل ودين أم لأنها كاملة عقل ودين؟ استشارها وأشارت له. هل عندما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنِ الْحُمَيْرَاءِ”[4] عائشة (رضي) هل هذا يعني أنه يعتبر ولايتها “لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة’؟”، هذه تناقضات مع الواقع وتناقضات مع ما يقول القرآن، ولذلك للأسف العلماء الذين يقومون بهذه الأمور إنما يدفعون النساء إلى فتنة في دينهن، ولذلك علينا نحن أن نطهر هذا الخطاب الديني من هذه التلويثات التي أدت في ظروف كثيرة إلى ردة في الدين والى إلحاد. كما جاء في كتاب الصومالية بعنوان “كافرة” اسمها أيان هيرسي علي.

وهناك قضية أخرى شباب كثير من شبابنا لجأ إلى داعش الدولة الإسلامية المزعومة، هذه الدولة الإسلامية المزعومة التي لجأ إليها هذا الشباب لماذا؟ لأنهم رأوا أن الذين يرفعون شعارات دينية لا يطبقونها ولذلك لجأوا إلى داعش. التناقض بين خطاب ديني وتطبيق هو أيضا أدى إلى هذه الفتنة لأن داعش فتنة فيها أن تعلن تكفير الآخرين وتنادي بأن الآخرين كلهم كفار دمهم هدر. ثم العلماء الذين يقولون للناس: “أن الغير مسلم كافر يهدر دمه ولا علاقة لنا به بل ينبغي أن نكرهه”، التكنولوجيا الحديثة نستوردها منهم وبنتجار معهم وناس مننا كثيرين عايشين وسطهم في بلدانهم هم مستضيفنهم السوريون الذي لجأوا بعد المحنة السورية وجدوا ترحيباً من كثير من البلدان خصوصاً في ألمانيا هؤلاء رحموهم، بينما نحن بلادنا مقفولة أمامهم لا يجدون في من هم في الإسلام ، بينما يجدون من هؤلاء، هل من المعقول أن نقول هؤلاء لا نوادهم ولا نعمل معهم علاقة مع أن الله سبحانه وتعالى يقول: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ)[5] هذه الفتاوي المتناقضة مع هذه المثل وهذه المبادئ خلقت فتنة. إذن صار واجبنا أن نعمل كلنا بكل الخطاب الديني الصحيح لمحاربة هذه الفتنة التي لوثت ديننا وأدت إلى هذه النتائج السيئة: تكفير، والحاد، وردة. وهذا طبعاً أيضاً نحن مكلفين به “يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ”[6] هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فواجب علينا أن نمسح عن ديباجة الدين هذه الأفكار المنفرة المكفرة التي أدت إلى الفتنة في الدين.

وبالنسبة للفتنة في المهدية يقولون أن المهدي آتي والزمان ما انتهى ومن المفروض يجيء في آخر الزمان. فتنة، نعم ما في تجربة في البشر بما فيها تجربة الأنبياء ليس بها أخطاء، ففي عهد النبوة عتب النبي صلى الله عليه وسلم على زيد لأنه قتل من نطق بالشهادة. وقال: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ”[7] وأخطاء أخرى. الأخطاء في البشرية موجودة نحن نعترف بأي أخطاء وقعت بعد التحري عنها لأن التجربة الإنسانية كلها بما في ذلك تجربة عهد النبوة فيها أخطاء في الأعمال التي تتعلق بالحكم. ولكن هذا لا ينفي أن المهدية التاريخية مختلفة عن المهدية الرسالية أما المهدية الرسالية فهي التي نستطيع أن نقول عنها وحدت السودان حررت السودان جعلت لصحوة المسلمين مفتاح وسيلة فيها الإتباع في الثوابت في العقائد وفيها “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال” فيما يتعلق بالمعاملات وفيما يتعلق بالعادات هذا مفتاح نتحدث به عن المهدية الرسالية التي ثبتت هذا وحدت السودان حررته ووضعت طريقاً مفتوحاً لإحياء الدين في كل زمان ومكان.

ثم يقولون جاء المهدي عندكم ولم يأتي آخر الزمان يفتنون بعضنا بهذا الكلام، ولكن نقول المهدي لم يقل أصلاً أنه جاء في آخر الزمان ولم يقل أنه المهدي أو الشخص الذي غاب وسيعود ولا أنه جاء في آخر الزمان و”إنما أنا عبد مأمور بإحياء الكتاب السنة المقبورين حتى يستقيما” أساس وظيفي لهذه العملية وهذا الأساس العملي حتى إذا اختلفوا الناس فيه ينبغي أن يعترف الجميع أن هناك تكليف للأمة بعد الرسالة المحمدية لا توجد رسالات ولكن يوجد إحياء (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ)[8]. هذا هو الأساس المهدية الوظيفية وهذا المعنى مهم نحن من واجبنا أن نحدث الناس يما يعلمون وما يدركون ولا يتناقض مع واقعهم ولا يتناقض مع الذي يعرفونه كما قال إمام المتقين علي ابن أبي طالب قال: “حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ”[9]. لأنه عندما تقول له القمر هذا ما يستطيع أحد وصوله أو هذه الأرض مسطحة أنت تحدثهم بما لا يعرفون ويتناقض هذا مع كلام أن الواقع مختلف لذلك لازم نراعي الواقع ونراعي العلم ونستخدم العقل لأنه هو الذي يضيء لنا هذه الأمور ونؤكد أن صحيح الدين لا يتناقض مع الواقع السليم ولا يتناقض مع العقل السليم كما قال الشاطبي قال: كل ما قضى به الشرع صدقه العقل”.

السلام عليكم

الخطبة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،

في بلدنا اليوم في أزمة المعيشة مأزومة والهجرة هاجر من السودان حوالي ربع السودان مشردين الآن في بلدان العالم المختلفة وهناك الردة وهنالك الحروب هذه الظاهرة تعكس وتدل على وجود أزمة. إذا ناس قالوا لينا تعالوا نطيح بالواقع بالقوة وفعلناها أي شيء يطاح به بالقوة تحتاج للقوة عشان تحافظ عليه ولذلك معناها نزيل دكتاتورية ونقيم دكتاتورية، ولذلك اتبعنا الخط الآخر النهج السياسي في تحقيق الأهداف وهذا هو السبب الذي جعلنا عقدنا اتفاقات في الخارج مع كل العناصر وجزاهم الله خيراً استجابوا لا لإسقاط النظام بالقوة، لا تقرير مصير لأي منطقة، ووافقونا على هذا واعتبروا هذا كان اختراقاً وطنياً بأن نعمل على تحقيق الأهداف بوسائل سياسية لا بوسائل العنف.

هناك ثلاث أشياء لا بد أن نحققها وإن شاء الله سنحققها السلام، والحكم القومي، والدستور الدائم سنفعل كل ما يستطاع ونسأل الله العناية والرعاية أن نحقق هذه الأشياء الثلاث بصورة لا يهيمن عليها أحد ولا تعزل أحداً حتى يكون الناس جميعاً في هذه المركب مركب نوح إن شاء الله.

نحن في طريقنا لأن نوحد الصف الوطني كله وندعم هذا الصف الوطني بدعم دولي ودعم إقليمي لتكون كلمتنا كلنا واحدة مطالبة بهذه الأهداف.

لا يوجد حل ممكن أن يسمى حل إذا التف عليه بعض الناس والحرب مستمرة ما معنى هذا، ولا يوجد حل يسمى حل والجسم السياسي منقسم، لا حل أصلاً إلا ما يوقف الحرب ويجمع الكلمة بصورة قومية لا يهيمن عليها أحد وتعزل أحداً هذا ما نسعى إليه. ونعتقد أن هذا الأمر سيجد أن شاء الله عند الله سبحانه وتعالى التأييد والسند لأن ربنا هو السلام هو يريد السلام وهو العدل ويريد العدل في كل هذه المعاني إذن نتطلع لأشياء هي مشتقة من اسم الله سبحانه وتعالى.

نحن نعتقد أن من لا يعرف الهدف ويحدد الهدف لن يعرف الطريق إليه، هدفنا واضح وهذا هو الطريق إليه طريق جامع يحقق السلام العادل الشامل يوقف الحرب ويقيم الحكم على التراضي القومي ويقيم دستوراً يعالج مشاكل البلاد فيها مخاطبة كل الأسباب في الماضي التي أدت إلى الخلاف والانقسام .. الخ.

هذا الهدف سنسعى إليه إن شاء الله ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يدعم هذا الخط الذي نرى أن فيه الفلاح والنجاح والصلاح لأمتنا ولا شك أن الله سبحانه وتعالى سيوفق هذا لأنه يقول: (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ)[10] ينصركم في الحق وأصلاً معروف أن الحق يعلو ولا يعلى عليه. من ظن أن الباطل منصور على الحق أساء الظن بالله.

اللهم أرحمنا وآبائنا وأمهاتنا وأهدنا وأهدي أبنائنا وبناتنا وبارك لنا في رزقنا وأجعل ديارنا إن شاء الله تحت رعايتك يا رب العالمين سعيدة هانئة مؤمنة متحابة في الله وفي الوطن.

معلوم أن هذا الذي ننادي به هو الحق:
إن للحق قوة ذات حد من شباة الردى أدق وأمضى

والسلام عليكم ورحمة الله

 

ملحوظة: ألقيت الخطبة شفاهة وقام المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بتفريغها من الفيديو

———————————————————–

[1] سورة البقرة الآية (191)
[2] سورة الكهف الآية (86)
[3] سورة التوبة الآية (71)
[4] الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة
[5] سورة الممتحنة الآية (8)
[6] رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ
[7] صحيح بخاري
[8] سورة الأنعام الآية (89)
[9] رواه البخاري
[10] سورة محمد الآية (7)