خطبة عيد الفطر المبارك 19 أغسطس 2012م

سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

 

 

الحبيب اإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه إمام أنصار الله في موكب عيد الفطر المبارك 19 أغسطس 2012

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الله أكبر ولله الحمد

خطبة عيد الفطر المبارك

الأحد غرة شوال 1433هـ الموافق 19 أغسطس 2012م

 

الخطبة الأولى

اللهُ أكبر.. اللهُ أكبر.. اللهُ أكبر

 

اللهُمَّ إِنِّي أَحْمَدُكَ وأَثـْنِي لَكَ الحَمـْدُ يَا جَلِيْلَ الذَاتِ ويَا عَظِيْمَ الكـَرَمِ، وَأَشـْكُرُكَ شُكْرَ عَبْدٍ مُعْتَرِفٍ بِتـَقـْصِيْرِهِ فِي طَاعَتـِكَ يَا ذَا الإِحْسَانِ والنِعَمِ، وأَسْأَلُكَ اللهُمَّ بِحَمْدِكَ القَدِيْمِ أَنْ تُصَلِّي وتُسَلِّمَ عَلَى نَبـِيـِّكَ الكَرِيْمِ وَعَلَى آلِهِ ذَوِي القـَلْبِ السَلِيْمِ، وأَنْ تُعْلِيَ لَنَا فِيْ رِضَائِكَ الهِمَمِ، وأَنْ تَغْفِرَ لَنَا جَمِيْعَ مَا اقْتَرَفْنَاهُ مِن الذَنْبِ واللمَمِ، وبعد-

 

أحْبَابـِي فِي اللهِ وإخوانِي فِي الوَطَنِ العزيزِ

أَبَارِكُ لَكُم نِهايةَ شـَهْرَ الصِيَامِ والقِيَامِ وعِيْدَ الفِطْرِ أَعَادَهُ اللهُ عَلَيْنَا جَمِيْعَاً بِاليُمْنِ والبَرَكَةِ.

أُحَدِّثـُكُم فِي الخُطْبَةِ الأُوْلَى عَنْ فـِقْهِ الصِّيَامِ، وفـِقـْهِ العِيْدِ وبِمُنَاسَبَةِ تـَطَلُّعِنَا لِنِظَامٍ جَدِيْدٍ أُحَدِّثِكُمْ عَنْ فِقْهِ الجِهَادِ. فقه الأمر معناه العلم بغرض المخاطب من خطابه.

وفِيْ الخُطْبَةِ الثَانِيَةِ أُحَدِّثِكُمْ عَنْ إِخْفَاقِ نِظَامِ الإِنْقَاذِ فِيْ تـَحْقِيْقِ مَقَاصِدِه بَلْ صَارَ فِي اسْتِمْرَارِهِ على نفس القيادات والسياسات اندفاع أكيد نحو التمزيق والتدويل. وأي محاولة لإطاحته بالقوة سوف تسرع الخُطى لنفس المصير من تشظٍ وتدويل، فكيف نستطيع أن نجنب بلادنا إحدى السوأتين؟

إن للصائم فرحتان فرحة روحية جزاءً لطاعة الفريضة، وفرحة حسية بالفطر.

الإنسان أيها الأحباب كالحيوان في كثير، فالحيوانات كما قال الخالق: (أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)[1] ، ولكننا نمتاز بأمرين: فينا قبس من روح الله (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ)[2]، وبالعقل وهو علة الأمانة التي حملها الإنسان وصار لذلك هو شرط التكليف كما قال النبي (ص): “رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْلَمَ”[3].

رمضان تكليف روحي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[4] فهو تمرين في التقوى، وفيه معان حسية لأن كسر الرتابة في مواعيد تناول الطعام ينشط الجهاز الهضمي، وفيه معان اجتماعية لأن فيه إكثاراً من التراحم والتواصل والتكافل ببذل صدقة الفطر للمحتاجين رجالاً ونساءاً وأطفالاً ومقدارها هذا العام 9 جنيهات عن الفرد وميعاد إخراجها قبل صلاة العيد.

العيد مناسبة تعبر عن فرحة روحية: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”[5]، وهو كذلك مناسبة للتعافي والتصافي بين الناس ومناسبة لفرحة تعم كافة أفراد الأسرة خاصة الأطفال حبان الرحمن، ومناسبة لصلاة جامعة تقام في فلاة وتظهر عظمة الجماعة الإسلامية وقوتها، لذلك تقام في وضح النهار وتحاط بالتكبير والتهليل وتعاليم وأحكام الإسلام وتخدم حاجات الإنسان الروحية والعقلية والمادية والاجتماعية، وما جاءت به تعاليمه وأحكامه حتماً يوافق العقل لأن نضج العقل شرط في تطبيقها، ولا يجوز أن يكلف العقل بأمر يتنافى مع براهينه ومن باب احترام العقل أمرنا أن نتعامل مع نصوص الوحي بوعي الذين (إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)[6] وأن نتعامل معها بالفطنة: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[7]، ومن ثمَّ مدح البوصيري رسول الله:

لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَ الْعُقُولُ بِهِ حِرْصًا عَلَينَا فَلَمْ نَرْتَبْ وَلَمْ نَهِمِ

هذه معانٍ مهمة في وقت ظهرت فيه أصوات (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا)[8] أقبلوا على نصوص الجهاد القتالي في الإسلام وفهموا منها أن كل من يخالفنا في العقيدة علينا أن نقاتله حتى يمتثل لنا. هذا معناه إننا ونحن سدس سكان الأرض نعلن حربا على البقية.

يا قومنا علة القتال في الإسلام هي العدوان: (أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[9].

وحصروا الجهاد في معنى القتال، جهد معناها بذل أقصى طاقته لتحقيق غاية، والجهاد يبدأ بجهاد النفس لتحقيق الاستقامة، ثم الجهاد بالمال والكلمة أي الجهاد المدني، ثم القتال الذي يجب دفاعا عن النفس وعن حرية العقيدة.

النبي محمد (ص) جاهد جهاداً مدنياً منذ الوحي حتى الهجرة، وسيرته لا يمكن اختزالها في المغازي كما فعل بعض كتاب السيرة بل كانت أهم انجازاته بوسائل خالية من العنف: هكذا أقام دولة المدينة سلمياً، واستمال قبائل الجزيرة العربية في عامي صلح الحديبية وفتح مكة سلمياً.

العنف في رد العدوان واجب (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)[10]، ولكنه لا يجوز لتحقيق المقاصد، بل (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)[11]. الإمام المهدي بذل جهده أعواماً في الدعوة لإحياء الدين ثم قاتل لأن الحكم الجائر اعتدى عليه. والإمام عبد الرحمن حقق بالجهاد المدني الأهداف الدينية والوطنية كما قال البنا:

أبوك غَزا بالسيفِ فانقاد منْ طَغى وسيفُك للأعداءِ رأي مسدد

نحن اليوم أمام موقف عصيب يضعنا أمام إحدى السوأتين وهما: استمرار النظام الحالي بنفس سياساته وقياداته سوف يؤدي لتمزق البلاد والتدويل، والعمل على إسقاطه بالقوة والاستعانة بالخارج كذلك يؤدي للتشظي والتدويل. لذلك الحكمة توجب العمل لإقامة النظام الجديد المنشود بوسائل خالية من العنف ومن الاستعانة بالخارج وهي وسائل كثيرة وفعالة تبدأ بالمذكرات ثم الاعتصامات ثم الإضراب السياسي، وهي وسائل فعالة حققت أهدافنا في اكتوبر 1964م وفي أبريل 1985م، وحققت الأهداف الوطنية في جنوب أفريقيا 1992م، وفي عدد من دول أمريكا الجنوبية بعد ذلك وفي عام 2000م أصدر الخبيران بيتر أكرمان وجاك دوفال كتاباً بَيّنْ كيف استطاعت حركات شعبية استخدام وسائل غير عنيفة للتخلص من دكتاتوريين، ومقاومة المحتلين، وكفالة حقوق الإنسان في أعداد كبيرة من البلدان في بحر قرن من الزمان:

مَلَكتُ بِحلمي فرصة ما استَرقَها مِنَ الدَهرِ مَفتولُ الذِراعَينِ أَغلَبُ

“مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا”[12].

استغفروا الله فإن الاستغفار سيد الدعاء، والدعاء مخ العبادة.

 

الخطبة الثانية

اللهُ أكبر.. اللهُ أكبر.. اللهُ أكبر

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،

أحْبَابـِي فِي اللهِ وإخوانِي فِي الوَطَنِ العزيزِ

قام النظام الحالي على حساب نظام ديمقراطي بحجة إنقاذ الوطن من تفرق الكلمة بين الأحزاب، ومن التردي الاقتصادي، ومن الهزيمة في الحرب الأهلية ومن تردي علاقات البلاد الخارجية وإلتزم بتطبيق الشريعة الإسلامية. وبعد مرور حوالي ربع قرن من الزمان لا أحد يستطيع أن يغالط أن النظام قد حقق عكس مقاصده في كل المجالات.

أهل السودان اليوم أكثر اختلافاً بل حتى الذين أسقطوا النظام الديمقراطي تفرقوا شيعاً. أما الحالة الاقتصادية والتي قاسوها بألا يصير الدولار 20 جنيها فهو الآن بلغ ستة آلاف جنيها. وأهدر النظام ما حققه من إيرادات البترول في أولويات غير منتجة، وفي حالة من الإهمال المدهشة لم يستعد للآثار المالية والاقتصادية لانفصال الجنوب الذي كان متوقعا. وانفصل الجنوب لدولة مستقلة والحرب الأهلية ما زالت مستعرة في ست جبهات. أما علاقات السودان الخارجية فالسودان تحت أكثر من عشرين قرار مجلس أمن بموجب الفصل السابع وقيادة البلاد ملاحقة جنائياً. الموقف الآن هو أن استمرار أوضاع السودان بنفس السياسات والقيادات هلاك للبلاد بالتشظي والتدويل. ولا يخلصها من هذا المصير إلا إقامة نظام جديد يستبدل نهج الانفراد الحزبي بالمشاركة القومية، ويستبدل نهج القمع بكفالة الحريات العامة، ويستبدل التخبط الاقتصادي بالإصلاح الاقتصادي القومي الذي أوصى به مؤتمرنا الاقتصادي القومي، ويستبدل العداء مع دولة الجنوب بتوأمة تكاملية، ويزيل الجبهات القتالية في دارفور، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق، وأبيي، باتفاق سلام شامل يستجيب لمطالب تلك المناطق المشروعة في إطار وحدة السودان، نظام يستبدل نهج الربط بين الإسلام والانفراد والقهر والظلم بنهج الإسلام ضامناً للحرية والعدالة والعقلانية، والتنوع كما توجب ذلك نصوصه الوضاءة.

فالتنوع من آيات الكون، (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)[13] بل التدافع بين الأراء من وسائل الإصلاح (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)[14]. هذا النظام الجديد بهذه المعالم الواضحة هو ما نريد وما ينبغي أن يسعى إليه كل مواطن صادق الوطنية بل كل عاقل خال من قيود المصالح الذاتية.

كثير من الناس يسعون بوسائل مختلفة لإقامة النظام الجديد، وربما حققت بعض الوسائل عكس مقاصدها فتقع البلاد في هاوية التشظي والتدويل. نحن ندعو لوسيلة آمنة لخلاص الوطن دون الخلاص من الوطن.

معالم النظام الجديد المنشود واضحة وقد حددناها، والخطة توجب لقاءاً وطنياً جامعاً للاتفاق على معالم النظام البديل والاتفاق على خريطة طريق لإقامته، فإن تم الاجماع على ذلك سرنا في الطريق المتفق عليه، وكفى الله المؤمنين القتال. وإذا أصر الحكام على الانفراد والعناد تتحالف كل قوى التغيير للعمل معاً لإقامة النظام الجديد بكل الوسائل ما عدا العنف أو الاستعانة بالأجنبي.

نحن ندعو كل أهلنا في السودان لاتحاد الكلمة حول خطة الخلاص الوطني راجين أن تكون فيها معادلة سودانية تتناسب مع تطلعات الفجر العربي الجديد. لا جدوى لأي حل ما لم يحظ بالتفاف قومي حوله ويرقى لمقاييس التحولات الديمقراطية العربية والأفريقية.

وبهذه المناسبة نزف التهاني لأهلنا في تونس ومصر على نجاح ثورتيهما وعلى الخطوات الرشيدة نحو التحول الديمقراطي ونرجو لهم النجاح، ونهنئ أشقاءنا في ليبيا على ثورتهم وعلى التحول الديمقراطي راجين ألا يؤثر دور حلف ناتو على المسيرة الوطنية، ونقول لهم جميعا – أي في تونس ومصر وليبيا- إن المرجعية الإسلامية المنشودة توجب الحكمة ومعناها وضع الشيء في مكانه الصحيح وفي زمانه المناسب وتوجب الإلمام بفقه الأولويات والتصدي لتحديات الواقع وهي القدرة على لم شمل الوطن، وتحقيق الاقتصاد المجدي والعدل الاجتماعي، والتعامل مع التيارات المغالية وأهمها غلاة الإسلاميين وغلاة العلمانيين، والتصدي للتحديات الإقليمية والدولية بما يصون الكرامة والندية والمصالح المشتركة والسلام العادل.

أحْبَابـِي ، نحن نرفض القمع الوحشي للاحتجاجات المدنية على سياسات خاطئة لا سيما ما حدث في العاصمة وفي نيالا وقتل العزل بوحشية ونطالب بمحاكمة الجناة وإطلاق سراح المعتقلين.

نأسف جداً لحادث الاغتيال للمعتمد في كتم واغتيال رئيس المجلس التشريعي في جنوب كردفان والحقيقة أن التوتر في جنوب كردفان وفي جنوب النيل الأرزق هو سيد الموقف كذلك الحال في دارفور، ونحن إذ ندين أسلوب الاغتيالات الفردية نقول إن هذا التوتر متعدد الجبهات مرشح للتصعيد وسوف تكون له أسوأ الآثار على الموسم الزراعي القادم وعلى سلامة المراعي واحتمالات المواجهات على الهوية ما يجعل المواطنين يتحركون بدوافع إثنية، وهذه مساوئ ينبغي تجنبها. إن ما حدث في كتم يمكن أن يغذي هذه المشاعر. نحن إذ نؤيد تحديد ومعاقبة الجناة نرفض العقوبة الجماعية لجماعة النازحين ونطالب بكفالة حقوقهم في الغذاء والدواء وسائر الضرورات الإنسانية. ونرحب بالاتفاق الثلاثي (المقدم من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية) بشأن تقديم الإغاثات الإنسانية للمدنيين المتأثرين بالحرب، كما نعبر عن إشفاقنا من تأثر الموسم الزراعي الحالي برغم جودة الأمطار بسبب تدمير السيول في بعض المناطق، وغلاء أسعار المدخلات الزراعية وندرة العمال الزراعيين خاصة في مناطق الحرب، وننادي بضرورة معالجة هذه التحديات على جناح السرعة.

المحادثات الثنائية غير مجدية، والقرار (2046) مع أننا رحبنا به ليس كافيا لأنه يحصر الأمر في نقطتين ولكن الخرق أوسع من ذلك. المطلوب حل عادل وشامل يؤسس لعلاقة حسن جوار خاصة بين دولتي السودان، ويبرم سلاماً عادلاً شاملاً في جبهات الاقتتال المستعرة داخل الدولتين، هذا النهج القومي الرشيد هو ما يرسم معالمه مشروعنا الذي قدمناه لسلام عادل وشامل وتحول ديمقراطي كامل وأي نهج غيره لا يجدي بل يعمر غرفة في سفينة غارقة. لقد رحبنا بالاتفاق حول البترول بين دولتي السودان وسرنا أن الأرقام المتفق عليها مطابقة لما اقترحناه للدولتين في مارس الماضي. ولكن الأمور لن تحسم تماماً إلا بموجب مشروعنا للخلاص الوطني الذي يمكن أهل السودان من الادلاء برأيهم في المصير الوطني، أو مشروع مماثل له.

 

أحْبَابـِي، في الختام أقول:

اللهُمَّ يَا جَلِيْلاً لَيْسَ فِيْ الكـَوْنِ قَهْرٌ لِغَيْرِهِ ويَا كـَرِيْمَاً لَيْسَ فِي الكَوْنِ يَدٌ لِسِوَاه ولا إله إلا إياه خذ بيد السودان أرض جدودنا ومنبت رزقنا ووالي أهله الطيبين المنكوبين بعنايتك وأجعل عيدهم هذا مباركاً بركة عامة، وأعده عليهم في العام القادم وهم في بحبوحة من رضائك ونعمتك يا أرحم الراحمين.

 

 

_________________________________________________________________________________

 

الهوامش

 

[1] سورة الأنعام الآية (38)

[2] سورة السجدة الآية (9)

[3] السنن الكبرى للنسائي

[4] سورة البقرة الآية (183)

[5] سنن الترميذي

[6] سورة الفرقان الآية (73)

[7] سورة محمد الآية (24)

[8] سورة الجمعة الآية (5)

[9] سورة التوبة الآية (13)

[10] سورة البقرة الآية (194)

[11] سورة النحل الآية (125)

[12] مسند بن حنبل

[13] سورة الروم الآية (22)

[14] سورة البقرة الآية (251)