خطبة عيد الفطر المبارك 28 يوليو 2014م

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة عيد الفطر المبارك

يلقيها الإمام الصادق المهدي

بساحة مسجد الهجرة بودنوباوي

1 شوال 1435هـ الموافق 28 يوليو 2014م

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر

 

الحمد لله والصلاة على الحبيب محمد وآله وصحبه ومن والاه،

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)[1].

كل الأديان المنزلة تتفق على خمسة مباديء: التوحيد لله، النبوة المبلغة لرسالته، مكارم الأخلاق، العدل بين الناس، الحرية كمبرر للجزاء، والجزاء الأخروي على أساس (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا)[2]. رسالة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم انفردت بين هذه الرسالات بخمس خصال:

  • أن النبي محمد هو الوحيد بين الرسل الذي لا شك في تاريخيته، فالآخرون تختلف حولهم الروايات.
  • أن الكتاب الذي جاء به أي القرآن هو الوحيد المحفوظ بنصه الأصلي كاملاً بين الكتب المقدسة. قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[3]
  • أنه أرسل للناس كافة، وقد كانوا يرسلون لأقوامهم. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ)[4]
  • أن حجته برهانية وليست خارقية.
  • أنه خاتم المرسلين.

خلق الله الإنسان خليفة في الأرض، وبعد ختم الرسالات صار الإنسان مؤهلاً لهذا الاستخلاف بتأهيل روحي يمكنه بالإلهام والبشائر من نور يمشي به، وتأهيل عقلي يمكنه من تدبر مقاصد الوحي. لذلك صارت كل مباديء وأحكام الإسلام ذات جذور روحية وذات مقاصد عقلية.

فللصيام مثلاً وظيفة روحية، ووظيفة تربوية، ووظيفة صحية، واجتماعية، وزكاة الفطر لها وظيفة روحية هي التزكية، ووظيفة اجتماعية هي التكافل بين الناس، وهي واجبة على كل فرد ذكر أو أنثى، كبير أو صغير، وهي اليوم 14 جنيهاً ويجب إخراجها قبل صلاة العيد لينعم بها مستحقوها.

وللعيد وظيفة روحية هي الصلاة الجامعة والمظاهرة الإيمانية التي يحتشد لها الناس، ووظيفة اجتماعية بما تتيح من مصافاة بين الناس وزيارات، ومشاركة كل الأجيال في فرحة العيد.

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

مع كل الفضائل المتعلقة برسالة الإسلام فإن واقع أمتنا لا يدل على أنها مدركة لمقاصد الشريعة، فنجد بلداننا أقل الناس التزاماً بكرامة الإنسان، وأقلهم التزاماً بالمشاركة في ولاية الأمر، وأقلهم ممارسة للعدالة الاجتماعية.

وتجدنا نغضب من تحامل بعض المستشرقين على الإسلام بينما يقوم كثير منا بأعمال أكثر إساءة للإسلام من تحامل بعض المستشرقين، فنجد حاكماً يعلن تطبيق الشريعة مركزاً على الحدود العقابية دون اهتمام بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، ونجد حركة تعلن إقامة نظام إسلامي رابطة بين شعار الإٍسلام وممارسة الاستبداد والفساد. وفي هذا الصدد كم تضار سمعة الإسلام بفعل مسلمين أسروا 200 طفلة في نيجريا؟ ومع تهنئة مريم يحي بالسلامة أتساءل كم تضار سمعة الإسلام بفعل مسلمين حكموا بجلد وإعدام سيدة حبلى في آخر الشهور؟ ومثل هذه التصرفات كثير ما يفعلها مسلمون في عالم واقعه صار يقيس الأمور بمنظومة حقوق الإنسان وحرية الأديان، وهي قيم استجدت على العالم ولكنها مثبتة في نصوص الوحي الإسلامي.

إن سلوك كثير من المسلمين مسيء للإسلام لذلك قال الأستاذ محمد أسد: الحمد لله أنني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين. والدليل الحاضر على هذا ما تقوم به داعش الآن بالعراق من طرد للمسيحيين واخذ الجزية منهم والتمييز ضد النساء والتضييق عليهن، وبيعة القهر التي تتناقض مع أسس الخلافة في الإسلام/ وهي قائمة على الشورى والعدل والإيفاء بالعهود والمساواة والكرامة الإنسانية. قال عمر (رض): (إنما كانت بيعة أبي بكر فَلْتَة وتمَّت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرَّها، مَن بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايَع هو ولا الذي بايعَه تغرَّة أن يُقتَلا)[5]. فالخلافة والبيعة لها أسس ومباديء تضبطها ولا ينبغي لكل شخص التسمي بها بدون اتخاذ ضوابطها الشرعية.

 

وشاعت الطرفة عن الشيخ محمد عبده الذي زار بعض بلاد الغرب فوجد ممارسة لكرامة الإنسان ولحريته والعدالة فقال عندهم إسلام ولا مسلمين بينما عندنا مسلمين ولا إسلام.

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز.

لا شك أن الإسلام اليوم هو القوة الثقافية الأولى بدليل تمدده في كل القارات، ولا شك أنه في بلاد المسلمين الحائز على رأس المال الاجتماعي الأكبر بدليل أن أية ممارسة للحرية تأتي بمكاسب لمن يرفعون شعارات إسلامية.

ومع ذلك فإن أوطان الأمة الإسلامية اليوم تواجه استقطابات حادة توشك أن تفجرها من داخلها وتجعلها ميادين لحروب أهلية مستمرة. وقد قمنا بالعديد من المبادرات والمجهودات لإنهاء تلك الاستقطابات وتقديم حلول تحقق التوافق بين أهل القبلة، كان آخرها مشروع ميثاق لأهل القبلة، لتفويت الفرصة على أعداء الأمة المراهنين على تفجيرها عبر الخلافات الداخلية.

هنالك سبعة تقاطعات تنخر في جسم أمتنا ما لم تعالج بالوعي والحكمة فإنها سوف تمزق الأمة وتجعلها أكثر عرضة للتسلط الأجنبي.

هذه التقاطعات هي:

  • الإسلامي/ العلماني.
  • السني/ الشيعي.
  • الملي بين الإسلام والأديان الأخرى.
  • داخل السنة بين الأخواني والسلفي والصوفي والحركي.
  • القومي بين القومية الأكبر والقوميات الأخرى التي تعايشها.
  • الاجتماعي بين الأثرياء والفقراء.
  • كيفية التعامل مع الآخر الدولي.

أطراف هذه التقاطعات إذا هم تخندقوا في مواقفهم وأصر كل فريق على صواب موقفه فإن هذا الاستقطاب سوف يدفع بالجميع إلى حروب أهلية بدأت فعلاً وسوف تزيد.

في يناير من هذا العام دعانا مركز القدس للدراسات السياسية لمائدة مستديرة جمعت ممثلين لكل الطيف الفكري والسياسي في منطقة الشرق الأوسط. في تلك المائدة قدمنا مشروع مراجعات واجبة على كل الأطراف على أن يتجه الجميع لميثاق توافقي، وجد هذا المشروع تجاوباً.

منتدى الوسطية العالمي يستعد للدعوة لمؤتمر لممثلي كافة الأطراف للاتفاق على تشخيص الحالة واقتراح خريطة طريق للنجاة.

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

إن ما يحدث في منطقتنا يؤثر في المحيط الدولي ويتأثر به، فظاهرة التطرف والعنف المصاحب له أي الإرهاب ظاهرة نسبت زوراً للإسلام بينما أهم حركات التطرف والعنف المصاحب له نشأت بمساهمة دولية قوية مثلا: حركة القاعدة وحركة داعش، هذا لا يعني أن هذه الحركات مجرد عميلة للآخرين، ولكن كان لهم دور في بدايتها ثم شبت عن الطوق وصارت لها أهدافها الخاصة بها.

ينبغي عقد مؤتمر دولي ليسمع الآخرون الخطاب الإسلامي الصحيح، وليدركوا مدى مساهمتهم في صنع التطرف والعنف، وللاتفاق على  خطة دولية لإزالة المظالم التي ترفد التطرف والغلو والعنت، فإن عجزنا فإن منطقتنا سوف تدفع الثمن. كما أن الغلو والعنف المصاحب له قد تمحور من المركز الواحد، إلى الشبكة، ثم إلى دويلات، وفي كل  الحالات فإنه نشاط يتجاوز الحدود القطرية، إنه عنف بلا حدود، وسوف تدفع الدول الأخرى الثمن كذلك في شكل إرهاب بلا حدود، وهجرة غير قانونية بلا حدود، وعرقلة للاقتصاد العالمي. ههنا أيضاً يرجى عقد مؤتمر دولي لتشخيص الحالة والاتفاق على خطة مجدية.

إن استخلاف الإنسان في الأرض، وعالمية الرسالة الإسلامية، وعوامل الاتصالات والمواصلات التي أنتجت العولمة عوامل تلزمنا أن نحيط بكل هذه الظروف وأن نساهم بدورنا في النجاة على سنة (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[6] ومقولة النبي صلى الله عليه وسلم: ” يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ “[7].

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين.

 

الخطبة الثانية

الله أكبر.. الله أكبر .. الله أكبر

الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على الحبيب محمد وآله وصحبه مع التسليم، وبعد-

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[8].

السودان اليوم يعاني فرقة فكرية واسعة، واستقطاباً سياسياً حاداً، ووضعاً اقتصادياً مزرياً وضائقة معيشية غير مسبوقة، وحالة أمنية مضطربة، وعزلة إقليمية ودولية.

المؤشرات على سوء الحال في البلاد صادمة للمواطنين ما وصل بالمعاناة وضيق المعيشة درجة لا تطاق، لذلك لا يستغرب أن صار الوطن طارداً ففي الأشهر الستة الماضية من هذا العام هاجر من البلاد 55 ألف شخص من بينهم ألف طبيب وألف أستاذ جامعي، نزيف تواصل ويستمر. وها هي الأمطار تكشف سوء الاستعداد للموسم في مناطق الزراعة وسوء الاستعداد لها في المدن.

أما المؤشرات العالمية السالبة فقد كثرت وأهمها: المؤشرات الخمسة الآتية:

  • القرار الوحيد الذي أصدره مجلس الأمن في شأن السودان قبل نظام الإنقاذ هو القرار (112) المتخذ عام 1956م المتعلق بقبول عضوية السودان في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.ولكن في عهد النظام الحالي أصدر مجلس الأمن (61) قراراً ضد حكومة السودان أغلبها تحت الفصل السابع أي باعتبار النظام يشكل خطراً على الأمن والسلم العالميين.
  • وحل السودان في المرتبة السادسة قبل الأخيرة في الدول الأكثر فساداً في العالم وفقاً لمؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2013م.
  • مؤشر الدول الفاشلة تصدر هذا المؤشر سنوياً مجلة فورين بولسي بالتعاون مع صندوق السلام، وفقاً للمؤشر لسنة 2013م فالسودان هو ثالث أفشل دولة في العالم بعد الصومال والكنغو الديمقراطية.
  • مؤشر حرية الإعلام: هذا المؤشر تصدره منظمة مراسلون بلا حدود سنوياً جاء السودان للعام 2014م في المرتبة 172 من بين 180 دولة شملها المؤشر.
  • مؤشر الابتكار العالمي وهو مؤشر يستند على “5” ركائز هي: المؤسسات، رأس المال البشري، البحث العلمي، البنية التحتية، ومدى تطور السوق. يصدر هذا المؤشر جامعة كورينل الأمريكية بالتعاون مع المعهد الأوربي لإدارة الأعمال والوايبو (المنظمة العالمية لحقوق الملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة). صدر بيان بهذا المؤشر في يوليو عام 2014م وتناول حالة 143 دولة احتل السودان المركز الأخير بينها.

استمرار النظام معناه أن نفس السياسات ونفس الأشخاص الذين حكموا البلاد ربع قرن من الزمان وأوصلوها لهذه الحالة يستمرون وربما أجروا انتخابات لا للتناوب السلمي على السلطة ولكن على سنة طغاة الشرق الأوسط. انتخابات يحصل بموجبها الحزب الحاكم على دعم انتخابي للمواصلة، فهو يسيطر بلا منازع على أجهزة الدولة، وهو مسيطر بلا منازع على الموارد المالية، وهو المسيطر بلا منازع على أجهزة الإعلام، ومهما كانت إخفاقاته فالانتخابات كما في سوريا الأسد، وعراق صدام، ومصر مبارك، ويمن علي عبد الله، وتونس بن علي، حالات وصفها أحمد مطر:

الكابوس أمامي قائم.

قمْ من نومكَ

لست بنائم.

ليس، إذن، كابوساً هذا

بل أنت ترى وجه الحاكم

أية انتخابات في مثل هذه الظروف إجراء عبثي لا يخوضه عاقل، لأنه يعمق أزمة السلطة ويواصل أزمات الوطن.

الإطاحة بالنظام بالعمل المسلح ممكنة ولكن من مخاطرها استنساخ السيناريو السوري إن أخفقت وإقامة دكتاتورية أخرى إن نجحت.

الانتفاضة الشعبية واردة ولكنها تتطلب أمرين حركة شعبية واسعة وإضراب سياسي وحسم عسكري في المرحلة الأخيرة. حسب ما حدث في تاريخ السودان وفي دول الربيع العربي هذا التكامل ممكن ولكنه أقرب إلى الصدفة منه إلى الخطة.

مبادرة الوثبة قبل ستة أشهر بشرت بإمكانية مخرج قومي لا يستثنى أحداً ولا يسيطر عليه أحد، ولكن عوامل كثيرة قعدت بالمبادرة، المبادرة لا مستقبل لها ما لم تتوافر لها استحقاقات.

الخيار البديل هو أن تتفق كل القوى المطالبة بنظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، اتفاق توقع عليه القوى السياسية والمدنية والمسلحة يحدد معالم النظام الجديد المنشود يكفل بناء الوطن في ظل التنوع المتحد.

يستطيع النظام الحاكم أن يتجاوب مع هذا المطلب الشعبي عن طريق تشريع قانون للوفاق الوطني يحدد الهدف منه وآليات بلوغه، وقانون للسلام العادل الشامل يحدد الهدف المنشود وآلياته بلوغه.

نحن ماضون في العمل على إبرام الاتفاق الجامع لكل القوى المطالبة بالنظام الجديد فإن تجاوب النظام فإنه سوف يكرر تجربة جنوب أفريقيا أو أسبانيا و عدد من دول أمريكا اللاتينية.

قلت في مقام آخر إن نجاح السودانيين في تحقيق هذا العبور سيحقق المطالب الشعبية في السلام والديمقراطية وسوف يجد تجاوباً من الأسرة الدولية.

هنالك عوائق تشل حركة السودان الآن أهمها الدين الخارجي والعقوبات الاقتصادية، وتجميد العون الاقتصادي الأوربي، وملاحقات المحكمة الجنائية الدولية. لا يستطيع عاقل أن يستخف بهذه العوائق، ولا يستطيع عاقل أن يستهين بضررها على السودان، ولا ترجى إزالتها مع استمرار أوضاع السودان على ما هي عليه الآن.

ولكن قال بعض الناس إن السودان لا يحتاج لحوافز دولية.

أيها الغافلون: السودان الآن تحت رقابة دولية غير مسبوقة في تاريخه بموجب قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وبموجب وجود أكثر من ثلاثين ألف جندي أجنبي، وبموجب اعتماد عدد كبير من سكان السودان على الإغاثة الدولية. رحم الله أمرءاً عرف قدر نفسه، فكفوا عن المكابرة الفارغة وأدركوا واقع الحال. لا سبيل لإزالة تلك العوائق في ظل استمرار أوضاع البلاد على ما هي عليه الآن.

أقول لكل من يتحدث عن الحوار الوطني هنالك فيصل للتفرقة بين الانخراط في المؤتمر الوطني والعمل للخلاص الوطني: ما لم يتوافر للحوار استحقاقاته وهي كفالة الحريات، وإقامة حكومة قومية مؤقتة، والالتزام بقومية عملية السلام وإجراء الانتخابات العامة الحرة في ظل هذه الحكومة القومية إنما هو عملية انخراط في النظام على سنة التوالي السيء السمعة لا العمل المخلص للخلاص الوطني.

ختاماً:

أحيي صمود أهلنا في غزة وبسالة تصديهم للعدوان.

وأقول إنه ما دام هناك احتلال وحصار فالمقاومة حق مشروع وحتى إذا تخلى عنها المناضلون الحاليون فسوف يبرز آخرون.  إن على الأمم المتحدة التي أنشأت إسرائيل أن تحقق سلاماً يكفل لأهل فلسطين حقوقهم وإلا فالاقتتال سوف يستمر.

حسن أن أعلن الرئيس محمود عباس تأييده للمقاومة، وأرجو أن يوقع على نظام روما والمحكمة الجنائية الدولية ليقدم شكوى ضد إسرائيل على ما ترتكب من جرائم الحرب. كما نرجو أن تواصل مصر اهتمامها بوقف إطلاق النار على أن تشترك في ذلك فصائل المقاومة كافة وأن تساهم في فك الحصار بفتح معبر رفح فتحاً مستمراً.

أحيي صمود أهل غزة البطولي، وأتألم للمجازر التي يتعرضون لها، رحم الله الشهداء وعجل بشفاء الجرحى، وأقول إن الواجب على الأمة العربية والإسلامية بل الإنسانية كافة دعمهم بكل المستطاع، ومهما كانت المعاناة فالنصر آتٍ إن شاء الله.

أطلقت نداء الترحيب بمبادرة عمي وأخي السيد أحمد واتفقت معه أن يركز المسعى لجمع شمل الأسرة والوصال الاجتماعي بين كافة أفراد الكيان الأنصاري والسياسي. الخطوات التالية تتوقف على احترام المؤسسية القائمة والالتحاق بها وفق ضوابطها المؤسسية، ولكن للأسف توهم بعض المتآمرين الذين فشلوا في اختراق الكيان بالتآمر مع أعدائه ثم فشلوا في التآمر على الكيان من خارج الوطن والآن يحاولون استغلال نداء الوفاق لحبك مؤامرة جديدة تتبعناها فوجدناها من مادة السم القديم لذلك أقول إن مسيرتنا الفكرية والسياسية والتنظيمية في كيان الأنصار وحزب الأمة ناجحة وبالمقارنة مع غيرها راجحة، فمن أراد الالتحاق وقدم البرهان على الالتزام بالديمقراطية والمؤسسية فمرحباً بهم وإلا كونوا لأنفسكم حزباً بما ترون من الأسماء.

وأوجه نداء حاراً لأهلنا في دارفور وفي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، نحن متألمون لما عانيتم وتعانون من ويلات الحرب والنزوح واللجوء، وسوف نبذل جهداً مضاعفاً لتحقيق السلام العادل الشامل، ونوجه نداءً للقبائل المشتبكة في اقتتال قبلي بالتصالح، وسنرسل وفودا تساهم معكم في رأب الصدع.

أحبابي وأخواني، اعفو عني فإني عاف عن من ساءني.

اللهم يا جليلا ليس في الكون قهر لغيره، ويا كريماً ليس في الكون يد لسواه، ارحمنا وارحم آباءنا وأمهاتنا، واهدنا واهد أبناءنا وبناتنا، والطف بالسودان واصرف عنه كيد الغلاة والطغاة والغزاة، وبارك جهادنا المدني ليحقق للبلاد حكماً راشداً وسلاماً عادلاً شاملاً، واعد العيد علينا والبلاد في أمن وأمان وحكم راشد وسلام عادل شامل. آمين.

والسلام عليكم.

 

[1] سورة الشورى الآية رقم (13)

[2] سورة الكهف الآية رقم (107)

[3] سورة الحجر الآية رقم (9)

[4]  سورة سبأ الآية رقم (28)

[5] أخرجه البخاري وأحمد

[6] سورة آل عمران الآية  رقم (104)

[7]  رواه البيهقي

[8]  سورة هود الآية رقم (117)