سلام على أمي وعلى كل أم بقلم الحبيب الإمام الصادق المهدي

السيدة رحمة عبد الله جاد الله
السيدة رحمة عبد الله جاد الله

 

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام على أمي وعلى كل أم

21/3/2017م

الإمام الصادق المهدي

 

أتحدث بمناسبة هذا العيد في أربعة موضوعات هي:

ثقافة الأعياد
مكانة المرأة
فقه الأم
أزمة الأسرة

بعض الناس يرفضون الوافد من ثقافات الإنسان بفهم مغلق أن نصوص الوحي تجعلنا مكتفين ذاتياً فلا مكان لوافد من ثقافات أخرى.

نحن والآخرون شركاء في الإنسانية، وفي ثمار العقل، والتجربة، وفي منظومة مكارم الأخلاق، وفي الهدي الإبراهيمي، وفي كوكب واحد ندير شؤونه بالمغالبة أو بالمعاهدة التي تتطلب سلاماً يقوم على العدل، وتعاوناً يقوم على المصالح المشتركة،
وفرصة لتمدد الدعوة بالتي هي أحسن وللتمازج واستصحاب ما لا يناقض قطعيات الوحي.

تعيين أيام معايدة في أمور مهمة تقليد إنساني حميد من يرفضه ينذرنا بإقامة “كرنتينة” ثقافية ذميمة.

أصحاب تلك الذهنية ينادون بمكانة دونية للمرأة تكرسها أحاديث أحاد متناقضة مع القرآن ومع الواقع فالمرأة عندهم خلقت من ضلع أعوج لا يقبل التقويم ولكن: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)[1]. ومقولة: “شاورهن وخالفوهن” مع أن نبي الرحمة في مواقف مفصلية شاورهن والتزم بقولهن: التزم برأي السيدة خديجة حول دهشة الوحي الأولى. وبرأي السيدة أم سلمة لدى محنة الحديبية وقال عن السيدة عائشة ما يغبطه كل رواة الأحاديث.

الأم تدفع ثمن تضحيات فريدة معاناة الحيض، والحمل، والنفاس، والرضاعة. لذلك قال نبي الرحمة “الجنَّةُ تحتَ أقدامِ الأُمَّهاتِ”[2]. ولذلك جعل برها أولوية وفي فقه اللغة أم مصدر أم أي قصد أي أم مقصد.

إن لأبي فضلاً كبيراً ومع غيابه بسبب العمل فإنه ربانا بالقدوة بالإيمان المثمر المعاملة وبالوطنية الموجبة التضحية وبالعقلانية والعاطفة بلا عنف.

أما أمي فقد كانت نعم المدرسة استقامتها غرست في النفس احتراماً مستحقاً لكل جنسها. ووعيها كرائدة لترقية المرأة ثم لنهضتها اقنع كل من عاصرها من ذكور وإناث بنفي الدونية عن المرأة واستحقاقاتها إزالة كافة وجوه التمييز ضدها. كانت رحمة رضي الله عنها اسماً على مسمى:

إذا سميتها فقد وصفتها    فيجمع الاسم المعنيين معاً

وكانت عميدة في جامعة “النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ”[3]. هو رجل وهي رجلة، وهو مرء وهي مرأة وهو زوج وهي زوج فقه للغة يعزز فقه السنة.

الأسرة السودانية اليوم مأزومة.

نسبة الذين يتزوجون من المؤهلين لذلك لا تزيد عن الربع. نسبة الذين يطلقون بعد زواج تزيد عن الثلث. والزواج وهو أكثر العلاقات طبيعية وضرورة. جعلته عادات المباهاة والإسراف مستحيلاً إلا لوارث، أو مغترب، أو ناهب ما يتطلب صحوة اجتماعية لتبسيط وتيسير الزواج ولمجهود تثقيفي للمقبلين على الزواج. الصحوة الاجتماعية الآن في نفس مستوى الصحوة الفكرية والصحوة السياسية صحوات لازمة لبناء الوطن.

_________________________________

[1] سورة الأعراف الآية (189)
[2] رواه عبد الله بن عباس: تاريخ الطبري
[3] رواه الإمام أحمد