في الجزء الأول الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ل(الجريدة):

نتائج التحقيق في أحداث الاعتصام تزيد تمسكنا باللجنة المستقلة

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس نداء السودان ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان

 

 

 

نتائج التحقيق في أحداث الاعتصام تزيد تمسكنا باللجنة المستقلة

التخلي عن البشير ليس (كرت أبيض) للدعم السريع ليفعل ما يشاء

البلاد بلا هيكل للحكم.. ولا أستبعد مغامرات من المغبونين

الابتعاد عن المحاصصة مبدأنا الأساسي للتفاوض

من حق الشعب أن يقول كلمته عبر استفتاء حول الوثيقتين

عبد الرحمن الصادق كجزء من النظام السابق يتحمل أية مساءلات وفق العدالة

 

الثلاثاء 30 يوليو 2019

 

حوار الإمام الصادق المهدي في الجريدة
الجريدة الثلاثاء 30 يوليو 2019 العدد 2860 الصفحة رقم 3

 

 

 

حذر رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي من تأخر انجاز الاستقرار السياسي بالبلاد، وقال إن الأمور تطاولت أكثر مما يجب وأنه لا يستبعد المزيد من المغامرات من المغبونين من زوال حكم البشير، ولفت المهدي عبر هذا الحوار الذي أجرته معه (الجريدة) إلى أهمية إجراء استفتاء شعبي حول الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية ليقول كلمته حولهما، داعياً إلى الاستعجال في إكمال مطلوبات الحكومة الانتقالية. المهدي الذي تمسك بلجنة تحقيق مستقلة للبث في أحداث القيادة العامة كشف عن لجنة سداسية لم يسمها كجسم مستقل للتحقيق، اعتبر المطالبة بالمحاصصة غير شرعي في الحكومة الانتقالية المرتقبة، كما ناقش عدداً من المواضيع ذات الصلة، فإلى مضابط الجزء الأول من الحوار:

 

أمدرمان: منصور أحمد عثمان – إبراهيم عبد الرازق

 

 

* إلى أين وصل المشهد في البلاد من زاويتكم؟
كنت وما زلت أقول (الطول…فيها الهول).. طالما هناك فراغ، سيسعى آخرون لملء هذا الفراغ، لأن (المال الهامل بعلم السرقة)، يجب الإسراع بملء هذا الفراغ، للأسف هناك كثيرون غير منتبهين لهذا الوضع، وربما بعضهم يريد حدوث الفوضى، لذلك بصفة عامة لا أستبعد أن تكون هناك مغامرات من الجهات المغبونة من زوال البشير، وهذا مبرر يستدعي سرعة حسم القضية السودانية، الآن الأمور كلها متروكة، لا يوجد هيكل للحكم، الحديث جله عن مفاوضات، وإشاعات، هذا النوع من التسيب سوف يغري جهات ما، أن تسعى لتنفيذ أجنداتها، وما تردد من قبل المجلس العسكري من أنباء عن انقلابات عسكرية لا يجب إهماله لاسيما المحاولة الأخيرة لأن بها من تمت تسميته واعترف. قد يسخر الشعب ويتشكك من مسألة الانقلابات، وهذا من حق الشارع، لكن في النهاية الأمور تتوقف على البينات.

* كشف النائب العام أمس الأول عن تقرير لجنة التحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة في ۳ يونيو ۲۰۱۹ ، كيف قرأتم التقرير وما تبعه من تداعيات بالشارع؟
نحن في حزب الأمة القومي أصدرنا بيانا وضحنا فيه أننا سبق أن شكلنا لجنة من جانبنا للتحقيق في المجزرة وقد باشرت عملها فورا ورفعت تقريرها لنا كما طالبنا بتحقيق مستقل بإشراف دولي أو إقليمي وبصدور هذا القرار الباهت من لجنة النيابة العامة فإننا أصبحنا الآن أكثر يقينا وأشد إصرارا وتصميما على تكوين اللجنة المستقلة وسوف لن نألو جهدا مع حلفائنا في قوى الحرية والتغيير من أجل أن تكون أولى مهام الحكومة الانتقالية تشكيل هذه اللجنة المستقلة لتكشف كل من تورط في المجزرة أمرا وتخطيطا وتنفيذا، وتقديم من تثبت إدانته للمحاسبة العادلة والناجزة وإنصاف الضحايا، لقد تغاضى التقرير بشكل مخجل عن الحقيقة وتعمد التبسيط والاستخفاف في عرض استنتاجاته وأهمل بالكلية الوقائع الجوهرية خاصة العدوان الغادر على المدنيين العزل بالقتل والسحل والحرق ورمي الجثث في النهر بغرض طمس الحقيقة، كما تغافل عن التعذيب والتحرش والاغتصابات والانتهاكات التي لا حصر لها.

* ما تتوقع من إسقاطات ذلك على مجمل الوضع بالبلاد؟
منذ أن حدث التغيير وبدأ التفاوض بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري تقدم المشهد إلى أن قطع التفاوض شوطا كبيرا لدرجة التوقيع على إعلان سياسي ودخل الكلام إلى التوافق على وثيقة دستورية توضح شكل الحكومة الانتقالية، لكن في رأيي أن الموضوع تطاول أكثر مما يجب، مما أثار سخطا شعبيا، لأن هذا الشعب يريد حسم هذه القضايا لتحقيق مطالب الثورة بقيام الحكم المدني الانتقالي، هذا التعطيل أدى إلى غصبة شعبية وإحساس بأن هذا الأمر فيه ضرر بالوطن، خصوصا أن الأسعار في حالة طيران والخدمات منهارة مما يتطلب الحسم، ولكن للأسف ذلك لم يحدث، وبعض القوى السياسية صارت تتكسب من هذا التعطيل بالمبالغة في التطرف، الإخوة في الجبهة الثورية اعتبروا أن ما تم من التفاوض لا يمثلهم ويريدون أن يكون لهم حضور لدرجة أنهم بمحاصصة، والمبدأ الأساسي للتفاوض أن لا يكون به محاصصة، مجلس السيادة مشترك، ومجلس الوزراء مدني، بأشخاص ليست لهم انتماءات حزبية، للأسف هذا أدى إلى مرحلة أخرى من التعطيل، سواءً بسبب عناصر متطرفة تريد أن يؤخذ برأيها، أو ما خلق مناخا غير صحي في أديس أبابا، هذا وذاك يمكن أن يؤدي إلى أن يستغل الحزب الحاكم المباد الموقف ليقول نحن أفضل لكم على الأقل لتنعموا بالاستقرار الذي كنتم فيه معنا.

*ما هو غير الصحي في اللقاء التشاوري بأديس؟
في أديس كان هناك وضوح من الإخوة في الجبهة الثورية بأن السلام أولوية للحكومة الانتقالية المدنية، لكن السلام لن يقف عند الجبهة الثورية حتى يكون سلاما عادلا وشاملا، هم طالبوا بمحاصصة في مجلس السيادة والوزراء هذه المحاصصة في نظري غير مشروعة، أن تشارك ممكن، وأن تحاصص فلا، غير مقبول أن تحاصص في مجلس السيادة والوزراء والولايات، ولا يجوز لأي جهة حزبية أن تفعل ذلك.

*هل تعتبر الجبهة بذلك خرجت عن نداء السودان؟
لا، وجود الخلافات لا يعني بالضرورة الانفجار، في البداية كان هناك حديث حول أن نسبة ال ٦۷% من المجلس التشريعي لقوى الحرية والتغيير كبيرة وحدثت مطالبات ومخاوف من جهات متعددة، ورأوا بأن لا تمنح هذه النسبة العالية، واتفق على التأجيل لمزيد من الحوار حولها لأن هنالك جهات عديدة غير الحرية والتغيير تريد أن تعرف مآلات المجلس الانتقالي، وهذا طبيعي لأن أي نظام ديموقراطي في مقدمته المجلس التشريعي، نعم تستطيع الأجهزة التنفيذية القيام بالمهام لكن المجلس التشريعي يجعل الوضع مفهوما ويحتوي الخلافات.

* قيام مجلس تشريعي مؤقت بالتعيين يصدر التشريعات، ألا يخالف هذا النهج الديموقراطي؟
للضرورة أحكام، المجلس التشريعي ومجلس الوزراء والسيادة هذه كلها يجب أن تنطلق من انتخابات، نعم كل هذه المؤسسات ستكون للفترة الانتقالية على أساس التراضي كبديل للانتخابات تفرضه الضرورة، لكن في رأيي يجب الاستعجال في الاحتكام للشعب، نحن في حزب الأمة لدينا مصفوفة مقدمة تحدد كيف تكون الانتخابات حرة ونزيهة، لكن هذا يحتاج إلى تصفية التمكين الذي صنعه النظام المخلوع واتفاق وسلام عادل وشامل، وإشراك الإخوة والأخوات في معسكرات النازحين، وأن يتم احتواء المشكل الاقتصادي، وسرعان ما تكتمل هذه الشروط نشرع في وضع قانون الانتخابات لتكون على ثلاث مراحل، المحلية والولائية والعامة، ولا ينبغي أن نتحدث عن الفترة الزمنية التي تستغرق ذلك بل المهم هو إنجاز هذه المهام.

* يسألونك عن موقف حزب الأمة من مجمل مجريات الأمور؟
الآن نحن موقفنا واضح، ونقول يجب أولا اعتماد الإعلان الدستوري وأنه لا ينبغي على أي جهة تعطيل هذه المسيرة، ثانيا أن يجرى استفتاء شعبي حول الوثيقتين السياسية والدستورية باعتبار أن الاحتكام للشعب، لأن البعض رأوا أنهم يستطيعون ممارسة حق النقض ضد أي شيء يُتفَقُ عليه، فإذا كانت ثمة جهات لا تزال مصرة على المماحكة فلنتحكم للشعب.

* ما نقاط الخلاف بينكم والمجلس العسكري الانتقالي فيما يلي الإعلان الدستوري؟
هناك قضية الحصانة، وتبعية الأجهزة النظامية، والتحقيق في قضية فض الاعتصام، لكنني علمت أن قضية الإعلان الدستوري متفق عليها، ونحن دعونا اللجنة العليا لتحالف قوى الحرية والتغيير أن تنظر فيما اتفق عليه لتجيزه، بعد أن تم في مفاوضات مباشرة، علمت أن هذه القضايا الخلافية حسمت، والآن الوثيقة تصاغ فنيا لتصل إلى شكلها النهائي، لكن الخلافات السياسية تم تجاوزها.

*الجدل مستمر حول اعتماد الولايات أو الأقاليم في المرحلة الانتقالية، ماذا ترون؟
هذه النقطة ستخضع لمزيد من التفاوض، نحن نعتقد أن ال ٦ تقسيمات القديمة أو المديريات أفضل، وإذا اتفق عليها يمكن أن تكون الولايات الحالية فروعا أصغر لها، عموما نحن نتقدم بمقترح لعقد مؤتمر إداري أثناء الفترة الانتقالية لحسم الموضوع.

*ما مدى أهلية المجلس العسكري الانتقالي لشراكة ناجحة في المرحلة الانتقالية؟
هو بلا شك له حسنات، وأهمها تخلصه من نظام البشير وإتاحته للحريات، وهو المسؤول حتى الآن عن الأمن.

*برغم إراقة كل هذه الدماء؟
سأتيكما في الحديث.. مما لا شك فيه حصلت إراقة واسعة للدماء، وتم ارتكاب جريمة كبرى، هذه الجريمة الكبرى المطلب الشعبي أن يجرى حولها تحقيق، ونحن طالبنا بتحقيق دولي لكن مجلس الأمن لم يستجب، لذلك طالبنا بتحقيق مستقل كما ذكرت لكما، وبالفعل تم الاتفاق عليه ضمن الإعلان السياسي، وقدمنا مقترحا بلجنة سداسية، والمعقول والمنطقي أن يقول المجلس العسكري إنه مسؤول عن ما حدث، أيا كانت الجهة التي أمرت به، إذا اتضح لهم حجم المشاركة، إذا كان أي أطراف المجلس العسكري له ضلع فيما حدث، سنرى ما يحدث عند ظهور نتيجة التحقيق المستقل.

* الدعم السريع يتصدر الأحاديث وقائده يشيد بحزبكم وشخصكم كيف ترونه وما المشتركات بينكما؟
أنا انتقدت قوات الدعم السريع لظروف معينه، واعتقلت بسبب ذلك عام ۲۰۱٤ ، الصورة الآن أن هذه القوات كانت ستفشل هذه الثورة إذا انحازت للبشير، وثبتنا أنهم قاموا بهذا الدور هم وآخرون، وهذه القوات يجب أن تكون جزءا من القوات المسلحة، البشير لشيء في نفسه جعلها خارج هيكل القوات المسلحة لتكون سندا شخصيا له، وأكبر إنجاز للدعم السريع أنه تخلى عن هذه العلاقة، لكن هذا ليس (كرت أبيض) له لأن يفعل ما يشاء.

*أكثر من اسم تردد ترشيحه لرئاسة الوزراء في المرحلة الانتقالية وأنباء عن اعتذار البعض كيف تقرأ هذه الجزئية؟
في رأيي الأسماء كثيرة، المؤسف أن أي جهة تعلن عن اسم تحرق هذا الاسم فورا، لأنها تربطه بجهة حزبية، حمدوك وغيره من الأسماء التي طرحت كلها جيدة، وشخصيات مستقلة، لكن حتى الآن لا يوجد اتفاق حول شخص محدد، لكن بعد وضوح الرؤية حول تنظيم الفترة الانتقالية نستطيع الاتفاق بسهولة على ال ٦ أشخاص أعضاء مجلس السيادة زايد ال ۱ لمجلس الوزراء نأمل أن يكونوا جميعا لا منتمين ثم نعمل على تحديد عدد كبير من الأسماء ليختار رئيس الوزراء منهم حكومته، ونكرر دائما لا محاصصة، لا محاصصة، لأنه إذا كان الأمر محاصصة نحن أولى بها، لكننا لا نريد المحاصصة.

* تزايد الهجوم على شخصك مؤخرا وآخره هتافات ضدك بإحدى الجامعات، ما سر هذا التصعيد؟
إزاء هذا قمت بفتح المصحف فوجدت (فاصفح عنهم وقل سلام)، هناك جهات مثل التيار الإسلامي هؤلاء يشنون حربا على الطائفية لتزول فيرثونها وهم يرون أنني أنفخ الرزح فيها عبر شعار (التأصيل المعرفي)، وجماعة اليسار يريدون أن يرثوا القوى السياسية القديمة أيضا وأنا أرفع شعار (التقدمية المؤصلة) وهي فكرة تسلبهم ملابسهم، وهناك الطغاة من عبود إلى البشير فهؤلاء عاديتهم وكأنهم أصلّوا فكرة لعداء الصادق، وهناك من لهم عداء ضد فكرة المهدية التي أمثلها، ولا أستغرب أن تعمل كل هذه الحواضن ضدي وتعاديني.

 

*يعتبر البعض تقييمك لأدوار قوش وحميدتي فيها بعض المغالاة؟
صحيح عدد مقدر من منسوبي الأنصار على الأقل مشارك في تلك القوات مشاركة تلقائية جغرافية وليست مبنية على اتفاق سياسي، نحن والدعم السريع نخضع لمقاييس قومية، نحن لا نرغب في تكوين جناح عسكري، كذلك تلك القوات لا يجب أن تكون جزءا من أي حزب سياسي. هذه كلها ظروف استثنائية يجب أن يتم تجاوزها بما يخدم المصلحة العامة السودانية. صلاح قوش في رأيي إنسان له صفتان، صفة الوعي السياسي والمهنية الأمنية، ولي معه ثلاث محطات الأولى عندما اعتقلت في عام ۱۹۹٥ كان هو من ضمن اللجنة الأمنية التي اعتقلتني على خلفية إعلان القضايا المصيرية في أريتريا، وقالوا لي إنني سأظل رهينة لدى جهاز الأمن لضبط الموقف في الخارج، في هذه الأثناء حصلت محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك والنظام كان يريد أن يخفي مجموعة من آثار العنف، فقام بتغيير الطاقم الأمني فسحب قوش وجاء بالهادي عبد الله الذي قال إنه لا يريد محتجزين بلا محاكمة، هذا التغيير فقط هو الذي سمح لي بالتخلص من الرهن، بعد إطلاق سراحي صرت مستهدفا من النظام كرهينة بحسب تأكيدات قوش، فقررنا الخروج في عملية (تهتدون) وقبل هذه التصريحات لم أكن أنوي المغادرة، المحطة الثانية لي مع قوش عندما تم منعي من الدخول إلى مصر، علمت أنه كان له دور مهم مع المخابرات المصرية في تحقيق ذلك وأنه كان على صلة واتصال مباشر بهم، والمخابرات تلك وقعت في خطيئة تنفيذ منعي من دخول مصر، وأقول خطيئة لأن هذا هو التعبير الذي أطلقه المصريون أنفسهم على الحادثة من الرأي العام بمفكريه ومثقفيه، المدهش ونحن في مطار القاهرة اتصلنا بالإخوة في أبوظبي ودون أي مساومة أو حديث في السياسة أرسلوا لنا (فيزا) وحجزا على الطيران وربما فعلوا ذلك لدوافع أخوية أو إنسانية رغم صلتهم الوثيقة ب (قوش) والنظام في الخرطوم. أما المحطة الثالثة ففي أحداث ثورة ۱۹ ديسمبر حيث اتصل بي الأخ محمد وداعة وقوش وبينهما صلة ما فيما يبدو، فاتفقنا على اللقاء، يحيى الحسين ووداعة وقوش، قبل أن يتم هذا اللقاء فوجئت بحديث عن شخص رابع سيحضر اللقاء فكان أحمد هرون، البشير لما علم أن قوش سيلتقيني أرسل هارون ليبلغنا أن الاعتصام بالقيادة العامة سيفض بالقوة كنوع من التهديد، التقينا وقلت لهارون إذن أنا سأنضم للمعتصمين لحمايتهم، قال لي لن تجد من تحميه، فقال وداعة: إذن اقتلوا الصادق واقتلوا المعتصمين وتحملوا المسؤولية، المدهش أن قوش قال لحظتها: لا نريد فض الاعتصام بالقوة، كأنه جاء لزيارتي بفكرة مختلفة، فشعرت أن (وراء الأكمّة ما وراءها) لأن هذا قادم من جهة مسؤولة وذلك أيضا، ويقولان كلاما مختلفا، ولعل البشير جمعهم الأربعة في مكان واحد ليرى مكنوناتهم وعادة الديكتاتوريين دائما (فرق تسد) لأنه في ذات الليل قال لهم فضوا الاعتصام أو سألبس (كاكي) وأفضه بالقوة، وتحدث عن فتواه المالكية رغم أن أهل السودان ليسوا جميعا من المالكية.

*إلى ماذا خلصت من هذا التناقض؟
إلى أن قوش منذ وقت طويل اقتنع بأن نظام البشير هذا لا مستقبل له، هذا يشبه موقفا آخر قبله عندما طلب قوش مقابلتي فقبلت وكان وقتها عين بعد إبعاده في المستشارية الأمنية، فجاءني وتناول معي الإفطار وكان قبلها أرسل دعوة لعدد من منسوبي الأمة للمشاركة في اجتماع مع مستشاريته الأمنية ولكنهم رفضوا الدعوة، فقال لي من أدراكم أننا ندعوكم للمشاركة في النظام؟ نحن دعوناكم للاتفاق على توصيات لإسقاط هذا النظام، هذا الكلام كان في ساعة الإفطار وعند ساعة الغداء تم القبض عليه. وهذا يؤكد قراءتي له بأنه منذ وقت طويل كان يتحدث ضد النظام، وهو وحميدتي كان لهما دور في التغيير، فكلاهما هربا من النظام، الأول بأمنه والثاني بتغيير انتمائه.

*وأين قوش الآن؟
لا معلومة مؤكدة لدي، لكن أغلب الظن أنه في القاهرة لأن علاقته بالمخابرات المصرية وثيقة كما ذكرت لكما.

*كيف تلقيت نبأ سقوط البشير وهو الذي أخذ منك السلطة ووضعك في السجن؟
بل أسوأ من ذلك، كان عامل معاي تار، هو كان مغبون جدا مني ولا أدري لماذا، ومن الذي يجب أن يغبن من اللآخر؟ وعندما قام بالانقلاب ركز علي بصورة كبيرة كأنما هذا الانقلاب كان يستهدف رئيس الوزراء، صديق أمريكي لهم قال وقتها إن هؤلاء الانقلابيين نزعوا مني السلطة ولم ينتزعوا مني الشرعية وكان الأفضل لهم أن يقتلوني، وبالمناسبة فكرة اغتيالي هذه كانت موجودة على طول الخط، فمواقفه معي كانت عدوانية حتى أنني عندما أقنعت الجبهة الثورية في إعلان باريس بالتخلي عن تقرير المصير وإسقاط النظام بالقوة واتصلت وقتها بمصطفى عثمان بوصفه المسؤول عن الملف السياسي وقلت له أن نبني الخطوة القادمة على ضوء هذا الاتفاق قال البشير: هذه خدعة أنهم يريدون احتلال الفاشر، لذلك محطاتي معه كلها أحقاد، وهو قال: والله الصادق أنا ما بخلي، محطتي الأخيرة معه كانت عندما اخترت رئيسا لنداء السودان حرك ضدي عشرة اتهامات وقال: والله الصادق لن يعود إلى السودان وهو رئيس للتحالف، مع ذلك كان البعض ممن حوله يعقلونه في التعامل معي، عموما عندما أطيح به اعتبرت أن هذا فتح كبير للسودان ولمصلحة السودانيين، لكن محاكمته يجب أن تتم بالقانون لا بالانتقام.

*أين ابنك عبد الرحمن الآن، وما موقفك وحزب الأمة منه؟
البعض لهم شبهات حول وضع عبد الرحمن، وهو منذ أن صار عضوا بالقوات المسلحة لا علاقة له بحزب الأمة، وعموما أولادي وبناتي أتعامل معهم وفق ثلاثة قواعد.. لا عنف لا تمييز بين ذكر وأنثى مع هامش حرية غير متوفر في الأسرة السودانية، البشير قال إنهم يريدون عبد الرحمن في جنوب السودان للاستفادة من علاقته بالجنوبيين من خلال التجمع الوطني وثقتهم الكبيرة فيه، قلت له إنه كعضو في القوات المسلحة يذهب حيث يريد.. لكن منصب سياسي لا، ثم لاحقا قال إنه اتفق مع عبد الرحمن ليكون مساعدا له، وعبد الرحمن وافق على ذلك (موش خيانة) ،لا، لكنه رأى أنه سيحمينا من نظام البشير، لأن تعامله معنا كله أحقاد، وقال ابني إنه سيتحمل المسؤولية، فقلت له أن عليه أن يعلن أن هذه المشاركة ليست باسم حزب الأمة وأنه لا يمثله، وعلى الحزب أن يصدر بيانا بذلك، ولقد فكر عبد الرحمن في تقديم استقالته من العمل مع البشير مرتين مرة عندما اعتقلت والثانية عندما وجهت لي التهم الكيدية، أمّا ما تردد عن أنني أقود مبادرة لإعادته لحزب الأمة فليس صحيحا، وهو كجزء من النظام السابق يتحمل أية مساءلات وفق العدالة كقانون ومن أين لك هذا كقانون أيضا.

 

 

 

 

الجريدة