كلمة الإمام الصادق المهدي في الإفطار السنوي لأمانة حزب الأمة

الإمام الصادق المهدي في الإفطار السنوي للأمانة العامة لحزب الأمة القومي

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإفطار السنوي للأمانة العامة لحزب الأمة القومي

كلمة الإمام الصادق المهدي رئيس الحزب

 

الثلاثاء الموافق 22 يوليو 2014م

الحمد لله والصلاة والسلام على آله وصحبه ومن والاه،
أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي مع حفظ الألقاب
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
سأحدثكم هذا المساء بعد الشكر الجزيل على حضوركم دعوة الأمانة العامة في ثلاث نقاط.

النقطة الأولى: رمضانيات:

أولاً: حول عبارة رمضان كريم وقد كانت أصلاً نوع من الاعتذار لأن الضيف عندما يحضر إلى بيت وصاحب البيت لا يستطيع أن يقدم له ضيافة يقول “رمضان كريم” ولكنها الآن صارت جزءاً من التحية في رمضان.

ثانياً: أن كثيراً منا يعتبر أن عبارة: “لِخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ”[1] دعوة لكي نجعل من أفواهنا عفونة مستمرة، الحقيقة المقصود أنه رغم السواك المستمر في اليوم فإن رائحة الفم تتغير مع عدم الشراب والأكل، وهذا هو الخلوف، أما الآخر فإنه يؤذي الملائكة كما يؤذي البشر.

ثالثاً: أننا الآن للأسف نعمل رمضان شهر طعام وليس شهر صيام لأنه للأسف نأكل بعيوننا وليس ببطوننا في كل بلداننا تزيد فاتورة الاستهلاك في رمضان بينما المفروض أن تقل، وأعتقد كل منا يجب يزن نفسه في الميزان أول رمضان وآخر رمضان حتى يرى إلى أي قدر كان صادقاً في صيامه أو صيامها.

رابعاً: أن كثيراً منا يتمسك بمسألة رؤية الشهر، رؤية الشهر ليست شعيرة، بل وسيلة لمعرفة بداية الشهر ونهايته، ولكن إذا وجدت أي وسيلة أكثر دقة تبطل فهي ليست شعيرة بل وسيلة.

خامساً: كذلك للأسف كثير منا يقضي نهاره نوماً وليله يقظاً بصورة معناها أنه يقلب الحكمة في رمضان، وهي أن نكون عاديين في حياتنا ثم نصوم وطبعاً الجزاء بقدر المشقة.

سادساً: أن كثيراً من الناس يعتبرون أن عدم صيام الحائض في رمضان نوع من تقليل دين المرأة وهذا ليس صحيحاً هذه رخصة ويجب أن نعرف أنها لذلك لا تقلل أبداً من شأنها ولا من طهارتها، “إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ”[2].

سابعاً: إن هناك من ينظر للآية (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)[3] فيأتي بخيطيين ويرى أيهما الأبيض والأسود، بينما هذا مجاز لمعرفة طلوع الفجر وليس لكي يلجأ الإنسان عملياً إلى هذه الحالة.

ثامناً: أن كثيراً منا أيضاً للأسف يبصق طول الوقت كأنما يخاف أنها إذا بلع ريقه يكون قد فطر وهذا غير صحيح.

تاسعاً: أن كثيراً منا يتقبل كثيراً من المشقات، بينما ربنا سبحانه وتعالى يقول في هذا الأمر: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)[4] بمعنى أن الشيء الذي نطيقه أي نبذل فيه مجهودا نطيقه فإذا كنا نعاني هذه المعاناة فالفدية هي هذا الإطعام. صحيح إن الآية فيها (وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ) وهذا لمن لا يضره الصيام، ولكن ليس لمن لصيامه ضرر على صحته محقق بحسب تقدير الطبيب لأن الله تعالى يقول: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[5] .

النقطة الثانية: غزة الجريحة:

أتحدث في هذا الشهر المبارك عن حالة أهلنا في غزة وهؤلاء الآن يعانون معاناة كبيرة والسؤال حول هذه الحرب الثالثة في ست سنوات والتي فيها إسرائيل تهجم على غزة هو: لماذا اختارت هذا التوقيت بالذات؟ اختارته لأنها اعتبرت أن هذا الوفاق بين الفلسطينيين خطر عليها، وقد حاولت بكل ما تستطيع أن تحول دونه، فعندما لم تستطع قررت الآن أن تقضي على حماس مرة واحدة بهذا الهجوم لتتخلص من ذلك الوفاق. والسبب الآخر وهو مهم للغاية أن إسرائيل ترى أن المنطقة العربية الآن تواجه استقطاباً بين محورين: محور يحتضن الأخوان المسلمين وآخر يشيطن الأخوان المسلمين باعتبارهم قوة إرهابية، إسرائيل تريد استغلال هذا الاستقطاب الحاد في هذا الظرف تطلعاً لأن يكون المحور الذي يقف ضد الأخوان المسلمين إما محايداً أو مؤيداً لهم، لذلك ينبغي أن يتحرك الجميع بما يهزم هذه الأهداف الإسرائيلية. وذلك كالتالي:

أولاً: نحن نناشد الرئيس محمود عباس أن يحافظ على الوفاق والوحدة الفلسطينية بكل ما يستطيع. وأيضاً أن تلحق دولة فلسطين بالمحكمة الجنائية الدولية حتى يستطيعوا تقديم إسرائيل كمجرم حرب ومعتدٍ بارتكاب جرائم ضد الإنسانية للمحكمة الجنائية الدولية.

ثانياً: نناشد جماعة حماس وقوى المقاومة الأخرى أن تستمر في المرونة التي مكنت من هذا الوفاق، وهو المفتاح السحري لأهل فلسطين.

ثالثاً: نناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يتعامل مع هذا الموضوع ليس ضمن الأجندة المتعلقة بالأخوان المسلمين ولكن ينبغي أن يتعامل مع كل ضحايا هذا العدوان الذي قامت به إسرائيل بصورة يتشاور فيها مع كل أطراف المقاومة على أن تكون المبادرة المصرية قابلة باستمرار للتعامل بين هذه القوى ويفوت على إسرائيل فرصة أنها تريد أن تجعل من بعض القوى العربية إما محايدة أو منحازة لأن هذا يضر بالقضية. كما أناشده بضرورة فتح معبر رفح حتى يساهم في رفع الحصار عن غزة.

رابعاً: نداء للرئيس الأمريكي، إن الولايات المتحدة تشكو من وجود حركات عنف وغلو في المنطقة، وهذا النوع من الهجوم والعدوان إنما يجند الشباب للانضمام لصفوف الغلو. إنهم في الولايات المتحدة يقولون إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، الكلام هنا ليس حول الدفاع عن نفسها فهنا إسرائيل تعمل للدفاع عن فتوحاتها وغزوها واحتلالها وهذا ينبغي أن يخطَأ، وهو يعطي مشروعية للدفاع عن النفس والتحرير، لكن كلما يكون هناك موقف قوي يدعم إسرائيل في الحفاظ على سلطاتها في المناطق المحتلة وعلى احتلالها فإن هذا من شأنه أن يثير كل المنطقة الإٍسلامية والعربية والأفريقية والإنسانية دعماً للحق الفلسطيني، فينبغي أن نفرق بين الدفاع النفس وعن الدفاع عن الفتوحات.

خامساً: كذلك هناك موقف الجامعة العربية والأمة الإسلامية جميعهم ينبغي أن يتحركوا في إطار الأمم المتحدة للمطالبة ليس فقط بوقف إطلاق النار ولكن أيضاً برفع الحصار عن غزة، والعمل على حل القضية بما يحقق السلام العادل الشامل، لأنه إذا كانت الأمم المتحدة هي التي أقامت إسرائيل فهي مسؤولة الآن أن تدافع عن الحق الفلسطيني وإلا ستستمر الحروب وتكون تغذية مستمرة للغلو والتطرف في المنطقة.

لا سبيل أبداً لإنهاء ظاهرة الغلو والتطرف والعنف في المنطقة ما لم يأخذ كل ذي حق حقه، وفي رأينا هذه مناسبة أن نستغل هذه الأزمة لتطوير هذا الموقف واعتقد أننا إن شاء الله في حزب الأمة وكل القوى السياسية نعمل على التحرك في كل هذه المجالات دفاعاً هذا الشعب المناضل، فهذا من الواجب علينا جميعاً، ولا شك أن المقاومة في غزة أبدت في هذه الحرب الثالثة في ست سنوات بطولات وصدوداً وصموداً بصورة فاقت المناسبات الماضية، نسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى، ولا بد أن نتخذ من هذه المناسبة مناسبة لموقف جديد، موقف جديد نصرة لأهل فلسطين فيما يتعلق بحقوقهم المذكورة.

النقطة الثالثة: الموقف السياسي في بلادنا:

كما هو معلوم بالنسبة للحل السياسي في البلاد نحن كنا ندافع عنه ونقترحه لفترة طويلة من الزمن وعندما قال رئيس الجمهورية خطاب الوثبة كنا ممن رحب به ترحيباً حاراً حتى ظن كثير من الناس أننا قد بعنا القضية، ولكنا كنا ولا زلنا حريصين على حل سياسي للأزمة السودانية، وعملنا في ذلك عملاً كبيراً إذ اجتهدنا أن نقنع كل الذين كانوا متحفظين، بل اجتهدنا أن نخاطب الأسرة الدولية والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بضرورة إيجاد صيغة للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية لأنه لا يمكن أن نسعى لحل سياسي في السودان ونقدم قياداته للمحكمة الجنائية الدولية، فكان لا بد من إيجاد صيغة وبالفعل وافقوا معنا: إذا اتفقتم أنتم السودانيون على صيغة مساءلة مرنة فنحن مستعدون أن نجيزها عبر مجلس الأمن. وكان للنظام خط استراتيجي هو الذي اتفقنا عليه عندما زارني الرئيس البشير في منزلي، فقد اتفقنا وأعلنا للإعلام على أن الحكم والدستور والسلام قضايا قومية ينبغي أن يشترك فيها الكافة لا يعزل منها أحد ولا يسيطر عليها أحد. هذه هي الصيغة التي قبلنا بها هذه المبادرة، وعندهم طبعا أولوياتهم الأمنية، ولكن في مرحلة ما بدلاً أن يتعاملوا مع الإستراتيجية الأساسية السياسية كإستراتيجية ويوفقوا بينها وبين الأولويات الأمنية أخضعوا الإستراتيجية لما يرونه هم من ضرورات أمنية، ولذلك سلبوا من المدافعين عن الحل السياسي والمدافعين عن الحوار سلبوا منهم حريتهم، وأكدوا بذلك أن نظرتهم للحل السياسي نظرة دون الأولويات الأخرى، وفي رأينا هذا هو التشخيص الصحيح لما فعلوا بي وبرئيس حزب المؤتمر السوداني وغيرنا من السودانيين. لذلك نتحدث الآن عن أن الصيغة الماضية للحوار وللمبادرة قد قُــتلت، وإحياؤها لا يكون بالعودة إليها وإنما إحياؤها يكون بصيغة جديدة.

قلنا إن هذه الصيغة الجديدة يجب أن تراعي:

أولاً: أن تكون المبادرة شاملة.

ثانياً: أن تربط ما بين عملية الوفاق الوطني والسلام.

ثالثاً: أن تتوافر الحريات، فلا يمكن لأشخاص يراد لهم أن يشتركوا في حوار ويقال لهم العصا لمن عصى. يجب أن يعلم الجميع أن الذين يشاركون في هذه الأمور يجب أن يكونوا أحراراً تكفل حريتهم.

وطبعا الآن أتى أمر جديد وهي أذرع تعين نفسها مسؤولة عن الأمن في البلاد بتطرف مثلما حصل للأستاذ عثمان ميرغني، الذين قاموا بمثل هذا العدوان على الأستاذ عثمان ميرغني لا بد أنهم وجدوا نوعاً من الضوء الأخضر من مكان ما لأنه لا يمكن لجماعة مسلحة بهذا الشكل أن تشق الخرطوم إلى وسط الخرطوم وتعتدي على مكتب التيار وتفعل ما تفعل باطمئنان، وتنسحب، وهذا كله بدون أن تكون هناك جهة أوقفتها أو استجوبتها أو قامت بشيء يعرقل عملها، وفي هذا ريبة كبيرة جداً لنا نحن كمواطنين لأن الدولة من واجبها حماية الجميع، ولا شك أن ما قام به قلم الأستاذ عثمان ميرغي فيه نقد حاد ولكنه نقد موضوعي ما كان ينبغي أن يتعرض لهذا الأمر، وهذا أيضا يشير إلى صلة ما بمدير كنانة لأن ما جمع بين “المرضي” وعثمان ميرغني كونهما هدف لهذه الجماعة ولا يجمع بينهما إلا موقف سياسي، فهذا الرجل مهني وغير منتمٍ لأية جهة سياسية ويبدو أنه غير متعاون لتنفيذ أجندة سياسية ما. لقد كان تصرف وزير الصناعة خاطئاً للغاية لأن الصلاحية كلها كانت عند مجلس الإدارة الذي يجمع بين السودان وبين صناديق مالية عربية ودولة الكويت، وهذه الجهات نحن نريد اطمئنانها وليس استفزازها، فهذا كله يدل على موقف فيه إبعاد شخص لأسباب سياسية وليس لأسباب مهنية أو لأسباب كفاءة. والمهم في هذا الأمر ما قالته الأستاذة سامية نائبة رئيس المجلس الوطني التي قالت كلاماً كأنه يدافع عن أو يبرر ما حدث لعثمان ميرغني، لماذا؟ لأنها قالت إنه قال كلاماً استفز مشاعر الناس. الذين تحدثوا بصورة فيها كلام عن التطبيع مع إسرائيل كثيرون منهم كرم الله عباس وآخرون وهذه فكرة يقولها بعض السودانيين، ولكن أن يحدث هذا الذي حدث لا شك أن له صلة بموقف قلمه من بعض القضايا المتعلقة بالفساد، ونحن نعتقد أن ما قالته هذه السيدة كان كلاماً خاطئاً للغاية وفيه توريط لجهة ما أنها راضية عن هذا العمل ومبررة له، بدلاً عن أن يدان هذا العمل بصرف النظر عن أي كلام قاله صاحب التيار، إذ كان ينبغي أن يكون موقفها واضحاً في الإدانة لا في تبرير ما حدث من هؤلاء الجناة لأن هذا التبرير سيعطي الآخرين الحق في أن يستلموا القانون بأيديهم ويعاقبوا من يشاؤون، لا سيما وأن هذا النظام بسياساته المختلفة قد أشاع سياسة وثقافة العنف فصارت ثقافة العنف الآن في السودان بصورة غير معهودة. بعض الناس يقولون هذا لا يشبه السودان، صحيح إنه لا يشبه السودان القديم ولكن يشبه السودان الحالي، الذي شوه للأسف، فإن كانت خطيبتك غير موافقة عليك تقتلها، أو تشوهها “بموية النار”، السودان الحالي فيه صورة عجيبة جداً فاليوم الكيان العائلي في السودان يهتز أمام العنف، وليس هذا فقط، بل عدد كبير جداً من القبائل صارت اليوم في السودان مسلحة والجبهات القتال القبيلة في السودان كثرت، والمدن السودانية كثر فيها الخطف والنهب والقتل، كثر هذا في كثير من المدن السودانية، والجديد هو أن هذا النموذج صار يتمدد في العاصمة، والحقيقة أن العنف الآن صار سواء من أجهزة تتبع للدولة أو أجهزة منفلتة من الدولة صار العنف الآن للأسف شائعا. إن الذي حدث لا يشبه طبع السودانيين ولكنه يشبه سودان اليوم الذي انتشرت فيه هذه الثقافة.

وخلاصة موقفنا ببساطة إننا كنا نريد أن نقنع النظام بأجندة ثم نذهب للقوى السياسية ونقول لهم تعالوا يا إخوتنا نتفق على تنفيذ هذا ونحاول إقناعهم. الآن نغير الخط والنهج وهو أننا نتحدث مع كل القوى السياسية لنوحد الرؤية حول السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، ونقول نحن عندئذٍ مستعدون للحوار الجاد عبر عمل منضبط، بمعنى تشريع قانون يسمى قانون الوفاق الوطني يحدد الأهداف لأن الكلام كان متروكاً لحسن النوايا أما الآن فتحدد أهداف الوفاق الوطني وآلياته، ومن هم المستحقون للمشاركة فيه، كافة هذه الأمور تحدد بقانون منضبط حتى نقيد الجميع به، وفي هذا القانون تكفل الحريات لأطراف للتفاوض والمحادثات والحوار بحيث لا يتعرض أياً منهم لأي نوع من المكائد أو الإجراءات الإدارية.

نفس الشيء بالنسبة للسلام إذ يجب أن يخضع السلام لقانون سلام السودان يكوّن بموجبه مجلس قومي للسلام يحدد هذا المجلس من يجلس فيه، ويجب أن تكون كل هذه الإجراءات برئاسة محايدة، إذ لا يمكن أن يكون هناك إجراء يشترك فيه آخرون ويكون برئاسة منحازة لجهة ما. في جنوب أفريقيا كانت رئاسة هذه الآليات لقضاة، فإذا وجدنا قضاة مستقلين هم الأولى بأن يكونوا هم رؤساء هذا الإجراءات لا أن يرأسها في أي جانب من جوانبها أبداً شخص منحاز حزبياً لأن هذا يعني أنه يستطيع أن يقدم ويؤخر ويستطيع أن يعطي الفرصة أو غيرها. نحن لا نقول إن هذا يعني إبعاد المؤتمر الوطني، بل يشارك ولكن كما قلنا إن العملية لا تعزل أحداً ولا يهيمن عليها أحد. وهذا ما أعلناه أنا والرئيس البشير عندما زارني في منزلي يوم الثلاثاء 27/8/2013م إذ أعلنا أن العملية لا يسيطر أو يهيمن عليها أحد ولا تعزل أحداً. ونرى أن النظام إذا هداه الله وتجاوب مع هذا الإجماع الوطني فهذا ما نريد، ولكن إذا ذهب في طريقه وأصر على أن ينفذ أجندة حزبية كما قد يفعل فنحن عند ذلك ليس لدينا غير أن نقول للناس هلموا يا أهل السودان تحركوا بتعبئة سلمية لاستخلاص حقوقكم السلامية والسياسية.

وحول ذلك فإننا نتكلم مع الأسرة الدولية، ولديها الآن مندوبون أو مبعوثون خاصون دوليون، أهم هؤلاء:

  •  الاتحاد الأفريقي وآليته الرفيعة برئاسة أمبيكي.
  •  يوناميد (UNAMID) المجموعة الأفريقية الدولية برئاسة محمد بن شمباس.
  •  وهناك مبعوث الأمم المتحدة هايلامريام المفوض لدولتي السودان.

إننا نتحدث معهم دائما حول عيوب المشاركة الدولية الآن وهي أنكم تباركون اللقاءات الثنائية، ولا تحرصون على أن تكون اللقاءات قومية، ومن الآن فصاعداَ يجب أن تدركوا أن اللقاءات والاتفاقات الثنائية كانت فاشلة ويجب أن تحرصوا على أن تكون كل اللقاءات والاتفاقات قومية وليست ثنائية.

ونناشدهم أيضاً بأن يقولوا هناك حافز دولي أساسي لكم يا أهل السودان إذا اتفقتم. مفاده التالي:

– قولوا إننا مستعدون أن ندخل معكم على اتفاق حول مسألة المحكمة الجنائية. الكلام عن أن المحكمة الجنائية موضوع ممكن أن نتغافله وأن نفعل ما نشاء غلط، الآن رئيس كينيا يتعرض لمساءلات أمام المحكمة الجنائية الدولية ولا يمكن إسقاط هذه المسائل ولكن الممكن عمله البحث عن وسيلة للتعامل وهم مستعدون لذلك، نقول لهم أكدوا لنا أنكم مستعدون إذا اتقنا أن تتعاملوا معنا بصيغة مرنة في هذا الموضوع هذا في رأينا حافز مهم جداً.

– حافز آخر وهو أننا مهما اتفقنا نحن أهل السودان ومهما فعلنا، إذا اتفقنا وأقمنا حكومة انتقالية أو مؤقتة أو قومية سمها ما تشاء، إذا اتفقنا ولم تكن هناك موارد فإن هذا الاتفاق حقيقة سيكون معلقاً في الهواء، ولا بد أن نضمن لهذا الاتفاق حوافز وموارد. قولوا لنا يا أهل السودان إذا انتم اتفقتم فنحن مستعدين على أن نتفق على إعفاء الدين البالغ (44) مليار دولار، وأن نرفع العقوبات الاقتصادية التي تكلف نحو (745) مليون دولار في السنة، وأن نفك تجميد الدعم الأوروبي في السودان الذي هو عبر فترة طويلة من الزمن يساوي (350) مليون دولاراً في السنة، قولوا لنا إن الوضع المتفق عليه سيجد هذه الموارد، وموارد أخرى، وما لم تتوافر هذه المسائل لن تكون هناك حوافز كافية للوضع الجديد الذي يمكن أن نتفق عليه، إننا نطالبهم وسنسعى لكي نخاطبهم بذلك.

لقد عملت قبل يومين دعوة لسفراء الدول وحضرها سفراء كثير جداً من الدول وقلت لهم كلاماً مماثلاً، كثير منهم قالوا لي نحن نوافق على كل كلمة قلتها وسنرسل ذلك لحكوماتنا، وهذا يعني أننا نستطيع أن نعتمد على درجة عالية جداً من حسن النية الدولية إذا سرنا في هذا الخط، ونناشد هذه الجهات الدولية أن تقول من يتقاعس من أي جهة من الجهات عن هذا الموكب نحو الخلاص الوطني فإننا سوف نرفع يدنا منه بصورة أو أخرى، نحن نريد منهم أن يكون لهم دور ليس بأن يشتركوا معنا في أمر من الأمور ولكن يقولوا لنا إنكم إذا اتفقتم فنحن مستعدون أن ننشط هذه الأمور.

ونحن سنسعى لها إن شاء الله بكل ما نستطيع وفي كل هذه المجالات ونعتقد أن وقتها الآن جاء لأن هذه الأزمة الكبرى كذلك هي فرصة كبرى فنحن نأمل أننا نعمل إن شاء الله في كل هذه المجالات على أن نوحد الصف الوطني حول هذه المبادئ ونسعى لتحقيق هذه المقاصد ونعتقد أنه بحجم الأزمة الموجودة حاليا يمكن أن تتاح الفرصة.

نسال الله سبحانه وتعالى يجعل لنا في هذا الشهر نفحات تنفحنا بالخير والبر والفضل.

والسلام عليكم.

 

(ملحوظة: ألقيت الكلمة شفاهة وقمنا في المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بتفريغها من تسجيل الفيديو)

_________________________________________________________

[1] مسند ابن حنبل
[2] صحيح مسلم
[3] سورة البقرة الآية (187)
[4] سورة البقرة الآية (184)
[5] سورة البقرة الآية (195)