كلمة الإمام الصادق المهدي في الليلة السياسية الكبرى بمحلية الأمير بأمبدة

الإمام الصادق المهدي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 حزب الأمة القومي – ولاية الخرطوم

 الليلة السياسية الكبرى بمحلية الأمير بأمبدة

 أمسية الخميس 26 يونيو 2014م

 كلمة رئيس الحزب الحبيب الإمام الصادق المهدي

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن والاه،

أخواني واخواتي، أبنائي وبناتي، السلام عليكم ورحمة الله

لولا أن يساء الفهم، لقلنا للنظام شكراً جزيلاً، لأننا تحمسنا للحوار وأقنعنا كثيراً من المتشككين، وقلنا هذا طريق للخلاص، والنظام مع أنه يعرف ما نقوم به فعل ذلك. في 2004 زرنا دارفور، وزرنا المعسكرات، والتقينا بمجالس شورى القبائل، ولاقينا الكوادر السياسية في دارفور، فقالوا لنا هناك أحداث خلاصتها أن هناك جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، فجئنا هنا في أم درمان وعقدنا مؤتمراً صحافياً، وقلنا فيه هناك تجاوزات: أُحرقت قرى، وشُرّدوا الناس، وحاصلة أشياء تسمى في القانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقلنا إن للأسرة الدولية نظماً ومعاهدات تفرض عليها حماية المدنيين، وتفرض التزاماً بقانون الحرب الذي يعطي حقوقاً للمحارَبِين وللمحارِبين فلا تكون الحرب مجرد كبر وقتل، ويقول ذلك القانون بوضوح إذا حصلت تجاوزات من أية جهة سيحصل تحقيق ومساءلة، وقلنا لئلا يحدث ذلك يا سوداننا بسرعة اعملوا تحقيقاً، وأفرزوا الكيمان ودعوا الذين ارتكبوا جرائم يحاسبوا ويسائلوا، وإلا فان الأسرة الدولية جاياكم لأنها ملتزمة بموجب قوانينها ومعاداتها التي نحن جزء منها لأننا أعضاء في الأمم المتحدة، ولكنهم أهملوا كلامنا وعملوا “اضان الحامل طرشا”، واستمروا في هذا الطرش، كان كلامنا هذا في يونيو، وفي أكتوبر جاءت بعثة من الأمم المتحدة زارت دارفور وزارت المعسكرات وكتبت تقريراً بأن هناك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولذلك أخذوا باشخاص من السودانيين من قيادة الدولة مساءلين أمام المحكمة الجنائية الدولية بموجب قرار مجلس الأمن 1593. والآن أيضاً قلنا هناك تجاوزات تقتضي أن نعمل لجنة تحقق فيها ليميز الخبيث من الطيب، وتكلمنا عن هذه التعديات، وبدلاً عن عمل لجنة لتمييز الخبيث من الطيب، قالوا لا، واتخذوا إجراءات ضدنا، هذه الاجراءات ضدنا لا شك مسيئة لأنه كان ضمنها بلاغ كيدي، وفرق البلاغ الكيدي عن البلاغات الأخرى أنها من الممكن أن يحققوا معك فيها ويطلق سراحك، لكن هناك مواد، المادتان 50 و63 في القانون الجنائي، إذا قدم أي إنسان لمساءلة بموجب هذه المواد يعتقل ويحقق معه ويبقى رهن الاعتقال إلى أن تتم المحاكمة، لذلك حينما وجدوا أن البنود التي اتهموني بها ليس فيها سجن ألحقوا المادتين 50 و63 إلحاقاً وهذا ما نسميه البلاغ الكيدي، وبموجبه تم الاعتقال.

 لقد تكلمت في خطبة الجمعة عن مكاسبنا من هذا الاعتقال وأتكلم اليوم عن خسائرهم. فالاعتقال بالنسبة لهم أول نتائجه أنه وحد الشعب السوداني: ناسنا ومنافسينا وغيرهم، كلهم صاروا كلمتهم واحدة أن هذا خطأ وظلم، هذه هي النتيجة الأولى للاعتقال بالنسبة لهم.

النتيجة الثانية أنهم استثاروا عدداً كبيراً من العلماء، فكتبوا لهم بأننا نشهد لفلان هذا أن نظرته الإسلامية معتدلة، وأنه حريص على الديمقراطية، ونطالبكم باطلاق سراحه.

 ثالثاً هذا العالم مربوط، وهناك نادي (نادي مدريد) يجمع أكثر من 90 رأس دولة وحكومة سابقين منتخبين، هؤلاء كذلك كتبوا وقالوا إنهم يشهدون لفلان بالحرص على الديمقراطية والسلام وطالبوا بإطلاق السراح. إذن أول مصيبة جاءتهم بالنسبة لهذا الإجراء أنهم وحدوا كلمة السودانيين في رفض هذا الظلم في استفتاء شعبي لموقفنا، ثم مساندة عربية وإسلامية ومساندة دولية لنا في رفض هذا الظلم.. أي أنهم ركبوا نياشين بالعكس “بالقلبة”. وهذا كله عزلة للنظام وسخط على ما فعله.

ومن خسائرهم كذلك أنهم ما دخلوا في هذا الحوار إلا لوجود مشاكل لا حل لها إلا في الإطار القومي، فهم يدركون أنهم حقيقة بالاعتقال دمروا الفرصة التي كانت من الممكن أن تجد مخرجاً وصورة فيها مصداقية لكلامهم لأننا عملنا مرافعة قوية في هذا الصدد، ذكروني بالقط “الكديس” الذي جاءوا له بلبن فشب فيه وطق إناءه ودفق عشاءه.

ومن الخسائر أنه صار الناس متشككين في هذا الموضوع، لأنه إذا كان الشخص الذي بذل ما بذل من تضحيات ومجهود في هذا الأمر حتى اعتقد البعض أننا بعنا القضية، هذا الشخص عملوا فيه هذا الإجراء، وبعد أن اتخذوا تجاهي هذا الإجراء، صار الآن كل شخص آخر “يبل راسه”، لأنه اتضح بالنسبة لنا كلنا ألا أمان، وهذه خسارة أخرى.

وخسارة أخرى لهم أن الكلام عن الإجراءات التي فيها تجاوز سوف تأتي بإدانات دولية، وكان من الممكن تفاديها لو فكروا في عمل لجان مسئولة لتميز الخبيث من الطيب، هذه كلها مسائل تذكرني بقوله تعالى (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)، فهذا تيسير للعسرى، فلا شك أن هذه مسالة عملت لهم أضراراً بالغة.

ومن الأضرار البالغة أيضاً أنهم أعطونا نحن الذين قدمونا لهذه المحنة رأسمالاً سياسياً، وأعطونا فرصة لكسب زمام المبادرة، وهذا سوف نستثمره في الآتي:

أولاً: نقول إن العملية التي كانت موجودة فيها عيوب لا بد من أننا نستبصر ونقول هذه العيوب لنصحح النظرة.

ثانياً: سنصالح كل القوى السياسية التي كان بيننا وبينها مشكلة “إنة”، لنتفق على موقف موحد.

ثالثاً: في الحديث مع كل الذين يحملون السلاح ونقول: تعالوا معنا إلى كلمة سواء بيننا نوحد موقفنا كلنا من أجل إقامة نظام جديد. أي أن رأسمالنا السياسي والمبادرة التي أعطونا زمامها بموجب هذا الإجراء ستمكننا إن شاء الله أن نتعامل مع كل القوى السياسية على أساس توحيد الكلمة، وكذلك نتفاهم مع إخواننا في الجبهة الثورية على أساس أننا كلنا نراهن على الحل السياسي الشامل الذي فيه سلام عادل وشامل وتحول ديمقراطي كامل.

رابعاً: نقول للأسرة الدولية كلها، وقد قابلونا كلهم واتصلوا بنا، إذا استطاع السودان أن يوحد كلمته، وأن يعبر الطريق للوفاق الوطني ويحقق السلام العادل الشامل، نحن نريدكم أن تعدونا بالآتي:

  1.  إعفاء الدين السوداني البالغ 44 مليار دولار من أجل الوفاق السوداني والسلام السوداني،
  2.  رفع كل العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان التي تكلفه حوالي 745 مليون دولار في السنة،
  3.  رفع السودان من قائمة دعم الإرهاب، إذا اتفق السودانيون كما قلنا الوفاق الوطني الذي مؤداه نظام جديد يحقق السلام الشامل الكامل والتحول الديمقراطي الكامل.
  4.  وهناك مبالغ تخص السودان تبلغ 350 مليون دولار في السنة يدعم بها الاتحاد الاوربي الدول الفقيرة، للسودان هذه الحصة ولكنها مجمدة لمدة 15 سنة فإذا ضربت المبلغ بعدد السنين نجد الفائدة التي يمكن أن يجنيها السودان،
  5.  أن يجد السودان الديمقراطي الموحد الذي يستظل بالسلام العادل الشامل تأييداً ودعماً من الأسرة الدولية في التعامل مع المؤسسات المالية الدولية. هذه منافع لن تعطى لهذا النظام مهما قالوا إنهم تكلموا وقالوا حاورناهم، ولكن أي كلام عن إعفاء الدين أو رفع اسم السودان، أو رفع العقوبات، وهذه لا تكون بدون نظام جديد يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، وكل من يقول أن ذلك ممكن نقول له كضباً كاضب.

أقول، من شدة ما رأى الناس هذه الحكاية فيها منفعة لنا، ابتدأ بعض المرضى يقولون إنها مجرد تمثيلية عملت لتعطي حزب الأمة شعبية!

 ومن يك ذا فمٍ مرٍ مريضٍ    يذق مراً به الماء الزلالا

الحقيقة أن رأسمالنا السياسي المكتسب، والمبادرة الجديدة المكتسبة، سوف تمكننا من توحيد الصف الوطني حول النظام الجديد والمستقبل، وكذلك تمكننا فيما يتعلق بالتعامل مع حملة السلاح وكذلك فيما يتعلق بمخاطبة الأسرة الدولية. بعض الناس يقولون إن الاسرة الدولية لا تهمنا ولا تعنينا، وهذا كلام عميان، فهذه الأسرة الدولية داخلة في الشان السوداني بصورة كبيرة. هناك 61 قرار مجلس أمن يخص السودان وهذا مدخل، وهناك قوات أجنبية بالآلاف في دارفور وفي أبيي، وهذا مدخل، مدخل آخر هو الإغاثة الدولية وأنهم يصرفون مليارات في الإغاثة الإنسانية في السودان، فالمداخل التي تجعل الأسرة الدولية شريكاً معنا كثيرة جداً، ونأامل ان يكونوا شريكاً في تأييد موقف السودانيين وأن يكون موقفهم واضحاً وأن تستثمر الأسرة الدولية تدخلها في تأييد السودانيين حينما يوحدون كلمتهم، لا نريد من الأسرة الدولية أي نوع من التدخل، لا نريهم أن يأتوا بجيش ولا نريدهم أن يدعمونا بأي صورة من الصور، ولكن نريدهم أن يقولوا بوضوح إنكم يا سودانيين لو حققتم تحولاً ديمقراطياً كاملاً وحققتم السلام العادل الشامل سوف نعطيكم كل هذه المنافع، يقولون هذا فقط ويقفون عنده. فهذا استخدام قوة ناعمة في دعم ناس شغالين بصورة ناعمة لإخراج بلادنا من الظلمات إلى النور. هذا هو ما نصرف فيه رأسمالنا السياسي المكتسب وكذلك نحقق به استخدام المبادرة السياسية الجديدة.

 طبعاً البعض يستنكرون أن لدينا أدواراً أخرى: هذه الأدوار تتعلق بأننا نريد أن يكون لدينا اجتهاد لوقف الخناقات الموجودة في المنطقة سواء العربية أو الإفريقية أو الاسلامية، فإذا لم نوقفها نتيجتها استقطاب حاد وحروب أهلية ونحن لا نعيش معزولين من الدنيا، وأي استقطاب حاد يصلنا ويؤذينا في النهاية وكما يقول المثل (نبيح الكلب خوفا على ضنبه)، بمعنى أننا نجتهد ليس فقط لأننا نعتبر أن هذه الشعوب، وهي فعلا شقيقة وصديقة، ولكن أيضاً إذا حصل لها أذىً يتعداها لنا، فإذا قامت نار في بيت جارك فاذا لم تطفأ ستصلك، نريد إطفاء هذه النار. البعض يقولون: إن الصادق مثله مثل فاشلين وشايلين قلمهم يصححون، أقول، إن هدفنا في ذلك أنه لو وجدت حريقة في دار جوارك ولم تطفأ ستصلك، فالنار لا تعرف الحدود وتعبرها، لذلك اهتمامنا بهذه الملفات، وهذا ما نصرف فيه رأس المال السياسي المكتسب وننفق فيه زمام المبادرة الذي تحقق لنا. فهذه أشياء كلها مربوطة مع بعضها.

 ولكن لكي نتكلم بهذه اللغة نريد أن نقول من نحن؟ بعض الناس يعرفون حزب الأمة تاريخياً، ودوره في التاريخ، ولكن:

 دع عنك نهبا صيح في حجراته وهات حديثاً ما حديث الرواحل

ومعنى هذا الكلام ألا نتكلم بمنجزات الماضي، وكما قال الشاعر:

إذا أنت لم تحم القديم بحادثٍ من المجد لم ينفعك ما كان من قبلُ

أي لو لم يكن لديك ماعون تتلقى به فإن القديم لا ينفعك. نريد أن نثبت للناس أننا لسنا فقط جمعنا الصف الوطني، وليس فقط سعينا للاتفاق مع الجبهة الثورية، وليس فقط سعينا لمخاطبة الأسرة الدولية لتكون معنا، بل أيضاً لدينا كثافة شعبية ليست فقط مجرد كثافة بل أيضاً متحمسة لهذه القضايا، وهذا نعمله بمثل هذه الندوات والليالي السياسية. هذه الندوات نحن محتاجين عمل عدد كبير منها ليرى الناس أين هؤلاء الناس وأين هي شعبيتهم وقواعدهم. لذلك فالجهاز التنفيذي في حزب الأمة مكلف بالتعاون مع هيئة شئون الأنصار ليصرفوا مجهوداً كبيراً لعمل ندوات وليالٍ سياسية كبيرة الحجم، حتى ترى كل الأطراف أن أهل السودان يقفون مع هذه الأجندة الوطنية ويدعمونها ويؤيدونها.

هذا يجعلنا نقول إن ندوتكم هذه، وما سبقها من ندوات أثناء اعتقالي، وما سيلحقها من ندوات، يجب أن تعم السودان كله ليرى كل إنسان بعينه أين يقف الشعب السوداني؟ ولا تكون عملية وقوف كوقوف (فكي مستحي)، وهو نوع من قناديل العيش، لا يكون اللقاء كوقوف فكي مستحي بل ناس يتكلمون بلغة التأهب، ويتكلمون بلغة الواحد فيهم كألف، بما فيهم من وعي ومن حماسة، ويقف معنا في ذلك حقيقة أن الشعب السوداني الآن متطلع لهذا النظام الجديد لأنه الآن يشكو من شقاء هائل وكبير: عيشتهم في عنت شديد(تلتلة شديدة)، والأمن، والعلاقات الدولية في عنت شديد، وهذا كله يجعل المواطن السوداني الآن في حالة شقاء لا يمكن أن يزول إلا في ظل النظام الجديد لأن هذا الشقاء سببته سياسات معينة، ومعروفة هذه السياسات التي أوصلت الناس بالخطأ وبالعيوب للحالة التي نحن فيها الآن.

لذلك نقول من هذه الندوة وما بعدها يجب أن تتعاون الأمانة العامة في الحزب والهيئة لتكون هذه الحشود، وهي ليست حشود للمباهاة أو المفاخرة بل لأنها تظهر الناس المتحمسين للنظام الجديد ويريدونه.

هناك ناس في النظام يقولون إما أن تحاورونا أو الانتخابات، نحن نقول لهم بوضوح تام إما حوار حسب ما يرتضيه السودانيون ويجمعون عليه، أي الحوار الخالي من العيوب، أو نرفع يدنا من الحوار ونتكلم فقط عن الانتفاضة. فإذا قالوا إما تحاورونا بالحوار القديم، أي نمشطها في قملتها نقول لا.. إما حوار يكون فيه “الكوافير” طلع القمل كله، وسرّح الشعر، وخلاه معافى، أو الانتفاضة هي الطريق الآخر.. لأننا نعتقد كما قلت إن واجبنا إيجاد مخرج لبلدنا في نظام جديد معالمه سلام عادل شامل، وتحول ديمقراطي كامل. فإذا قالوا نحن نزمع إجراء انتخابات الحزب الحاكم فيها مسيطر على أجهزة الدولة ومؤسساتها، ومسيطر على أجهزة الإعلام القومية، وعلى مالية البلد، فهذا يعني أنت مكتف وهو جاري يقول لك تعال سابقني، كيف يسابق المكتف الإنسان الطليق؟! هذا غير ممكن وعبث. لا بد من أن الانتخابات تكون في ظل حكومة قومية قادرة على أن تجريها انتخابات نزيهة، وإلا فلا. إذا كانوا يريدون القول ليس في الإمكان أبدع مما كان، ونحن سنجري الانتخابات التي ستصير نسخة ثانية “نمرة 2” من انتخابات 2010م، فهي لا تقدم ولا تؤخر.

في النهاية موقفنا واضح، نحن اكتسبنا رأسمالاً وزمام مبادرة وسنصرفها في المجالات المذكورة لصالح السودان ولصالح الشعب السوداني، وهذا هو الخط الذي نلتزم به، ونعتقد أن المخرج عن طريقه، وكما قال شاعرنا الهادي آدم:

إذا التف حول الحق قوم فإنه يصرّم أحداث الزمان ويبرم

وقديما جاء في الأثر: يد الله مع الجماعة. هذا هو خطنا الذي نسير فيه وسنمشي فيه إن شاء الله، ونقول بوضوح تام: المطرودة ملحوقة، والسايقة واصلة، وما ضاع حق قام عنه مطالب، فبهذا المعنى نريد من الجميع أن يكون واعياً للموقف، وسنمشي فيه إن شاء الله بقوة وثبات.

وطبعاً ممكن نتعرض مرة ثانية لاعتقالات ومرة ثانية لمساءلات، هذا وارد جداً لأنه ما دامت هناك ديكتاتورية سيكون هناك ظلم، وقد سمي الظلم ظلماً لأنه مشتق من الظلام، والظلام يدع الإنسان لا يضع الشيء في محله لذلك سمي ظلماً، فالظلم هو عدم وضع الشيء في موضعه. وما دامت هناك حرب ستكون هناك تعديات، حتمياً، لو كانت لديهم الحكمة لقالوا نعم هناك تعديات ولابد أن ننظر ما هي لنميز الخبيث من الطيب. خالد بن الوليد رضي الله عنه، حينما أرسل في سرية لبني جذيمة ذهب وعمل أشياء منها قتل الأسرى، وحينما سمعها الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا خالد بن الوليد، قال اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد. وأسامة بن زيد ومعه آخر قتلا واحداً يقول لا إله إلا الله، وذهبا للنبي صلى الله عليه وسلم فعنفهما النبي فقال أسامة: قالها فقط ليفدي نفسه، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم: هل شققت قلبه لتعرف؟ أسامة قال إن هذه العبارة تدق في أذنه حتى مماته، لأن فيها تقريعاً لأنهما قتلا نفساً ظلماً، فاذا كانت نفس واحدة تقتل ظلماً تكون هذه التبعات، ناهيك عن الأعداد الأكبر والأكثر.

على كل حال، نقول ما دامت هناك ديكتاتورية ستكون هناك تجاوزات وما دامت هناك حرب ستكون هناك تجاوزات. ولذلك نريد ألا تكون هناك ديكتاتورية لنحافظ على حقوق الإنسان وحريته فهذه هي الطريقة الوحيدة ولا طريقة غيرها، والديكتاتورية معناها اعتداء على الحقوق. ونريد ألا تكون هناك حرب فما دامت هناك حرب فكما قال أبو تمام: الحرب مشتقة المعنى من الحَرَبِ، أي الخراب. لذلك لا بد من نظام ديمقراطي يحافظ على حقوق الإنسان ينطلق من السلام العادل الشامل لئلا تكون هناك ويلات الحرب.

أشكركم على هذه الندوة وفي المرة القادمة نريدها أن تكون عشرة أضعافها حتى يرى الناس في السلطة وحلفاؤنا في القوى السياسية وفي الأسرة الدولية بعينهم هذا التكاتف حول أهداف الوطن المشروعة وهي السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل.

مع الشكر الجزيل،،

 

 

ملحوظة: ألقيت الكلمة شفاهياً، وقمنا في المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بمتابعتها وضبطها من التسجيل الصوتي.