كلمة الحبيب الإمام في احتفال عيد ميلاده 25/12/2001م

بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة الحبيب الإمام في احتفال عيد ميلاده

25/12/2001م

 

الحمد لله والصلاة والسلام

 

أخواني وأخواتي أبنائي وبناتي،،،

كل هذا المشهد مفاجئ لي فلم أكن أتوقعه والحقيقة إن الاحتفال بيوم ميلادي كان تقليداً وضعته الوالدة رحمها الله، لعلها تفاءلت بأن يوم الميلاد صادف عيدين الأول من شوال و25/ديسمبر فمنذ نعومة أظافري وفي وقت لم يكن فيه الناس يحتفلون بعيد الميلاد كانت تحتفل به ثم واصل هذا التقليد أسرتي المباشرة فكانوا غالبا ما يفاجئونني بهذا الاحتفال ثم درج الأخ الحبيب صلاح عبد السلام على الاحتفال بهذه المناسبة لسنوات،  واليوم وجه دعوة لهذا الاحتفال، ولكنني فوجئت أن مكتبي الخاص جزى الله خيراً القائمين عليه. رتبوا هذا الاحتفال ثم طلبوا مني أن أقول شيئا لا شك أن العبارات الصادقة والمخلصة التى أسمعوني إياها كانت شيئا دافئا حميما حبيبا حنينا وديا جزاهم الله خيرا، وحبذا أن تكون العلاقات بين الناس الذين يعملون في صعيد واحد لا تقف عند حد المسئوليات الرسمية والمؤسسية وإنما تتعداها لرسم خيوط ووضع جسور المحبة لعل هذا جزء من ميراثنا الصوفي، فالخطاب الذي كان الإمام المهدي يخاطب به الجميع هو خطاب أحبابي حبيبي في الله، وعبارة الحب هذه عبارة صادقة كرسها في تراثنا الإسلامي الصوفية، فالصوفية طوروا معنى العلاقة بين الإنسان وربه والتي تقوم أصلا على العبودية إلى أن تصبح هذه العبودية محبة وهذا في حقيقته ما جسده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يتم إيمان أحدكم حتى يكون ما جئت به مصادفا لهواه).

وهذا ما يخلق تطابقا أساسيا بين العبودية لله والمحبة لله والتي صاغها الإمام المهدي في تراثنا المباشر:( فأنقذني ومن صحبني ومن أحبني على حب نبيك صلى الله عليه وسلم لأجلك) فرسم بذلك عنقود محبة بين الإنسان وربه ورسوله ومن حوله من الناس.

مما يعجبني جداً أن تكون العلاقات بين العاملين في أي مجال متعدية للرسميات محترمة للمسئوليات ولكنها قادرة على أن تجعل العلاقة محاطة بالمحبة لأن الإنسان لا شك إذا خلت حياته من عاملين غدت جرداء،

العامل الأول: هو الإيمان الذي يحقق وينظم ويجسد ويحدد العلاقة بينه وبين الغيب، وبينه وبين نظام الكون، هرم القيم ، والدين أصلا يحقق هذه المعاني: العلاقة بالغيب، فالإيمان هو الذي يخلق الدفء والخضرة والنضرة والثمرة في حياة الإنسان بما يحقق من علاقة بين الإنسان وهذه المعاني.

المسألة الثانية: أن الإنسان تجدب حياته وتكشر وتزمجر فإذا خلت، الحياة الإنسانية من قيمتي الإيمان والحب أجدبت واصفرت واحطوطبت واخشوشبت وصارت في حقيقة أمرها أشبه ما تكون بنظام الطوب والحجارة والحصى والرمال وهذه كلها بعيدة كل البعد عن الإنسان، فالإنسان أغرب ما في هذه الحياة فإذا فحصنا مخلوقات الله وجدناها تبدأ بأدناها الذي هو جمادها ثم ترتقي من الجماد إلى الحياة النباتية ثم الحياة الحيوانية ثم الطفرة إلى الإنسانية، هذه الطفرة التي تجعل الإنسان مفارقا للكون وهو جزء منه، فهو مفارق له لأن فيه هذا العامل النفسي الذي يدخل فيه الحب والإيمان وعبر هذه المعاني والقيم يمكن أن يكون الإنسان الواحد كألف.

أنا شاكر لكم لترتيب هذه المناسبة التي فوجئت بها والتي كانت رشيقة و خفيفة الدم وظريفة ، وكنت قد فكرت أن أخاطبكم فيها.  إذا طلب منى ذلك خطابا خفيفا ظريفا بعيدا من هذه المعاني الثقيلة، لا أقول أنها ثقيلة بمعنى أنها شيء ثقيل على النفس ولكن تخاطب ملكات أكثر جدية وكنت أتطلع لأن يكون الحديث أشبه بالفكاهة ولكن الخطاب والمناسبة حركتني ونقلتني من خانة الفكاهة إلى هذا الحديث.

إنني أشكر الجميع على هذا التقدير وأسال الله أن يوفقني لأصبح مستحقا لجزء منه كثير من الناس يقولون لي أنت لا تنفعل كثيرا بما يقال ضدك من عبارات وما يكال لك من مشاعر سالبة فكان ردي دائما إنني أيضا أسمع ما أسمع من المدح والإطراء في الميزان النهائي بين هذا وذاك ، فإنني سعيد بأن ميزان من يحب ويطرى ويبالغ في الإطراء أكثر بكثير من هؤلاء مما يجعل ما يقولون زكاة ،و فما أجد من إطراء ومدح هو ثروة أنا أزكيها بما اسمع من إساءات ومن قدح واعتقد أن الصفقة رابحة وراجحة ولله الحمد.

أشكر كل من ساهم في هذه المناسبة وأقدر للإخوة في نادي الصحافة التعبير الطيب الذي قالوه ولكن لا أظن بالنسبة للأخ زهير السراج الذي طلب من الجميع أن يشتركوا معه في النوايا الطيبة نحوي، أنهم يمكن أن يشاركوه أيضا في الجزء الأخير من نينه وهو التصويت لي في مرحلة قادمة فأنا أفهم إن ما قاله محصور في بعضهم ولكن على كل حال أنا أريد أن نجتمع جميعا حول عبارة ليس مهم من يحكم السودان بل المهم كيف يحكم السودان، هذا ما يجب أن نتفق عليه ونشكل على أساسه وحدتنا الوطنية.

ختاماً: لا يمكن أن أنسى الهدية التي قدمتها جريدة الوطن بأن خصصت جزءا من صفحاتها لسيرتي فلهم جزيل الشكر، واختم حديثي بشكركم.

وأما فيما يتعلق بمسألة الاحتفالات بأعياد الميلاد فهذه بدعة ولكن ليست كل البدع سيئة ، فيمكن أن تكون أعياد الميلاد بدعه حسنة إذ جعلت مناسبة للربط بين الأجيال والجميل فيما قدمه هذا المكتب في هذا اليوم هو هذا الإشراك للرجل والمرأة وللأجيال المختلفة من الجد إلى الحفيد.

هذا الربط بين الأجيال حول معاني معينة شيء جميل ولا سيما أنه في مناسبة طيبة شيقة يشعر فيها الجميع أنهم جزء من تجربة واحدة. فلهم الشكر الجزيل ولكم كذلك.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،