كيف فقدت انتخابات السودان معناها؟ وما العمل؟

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله

 

 

بقلم:- الحبيب الإمام الصادق المهدي

أبريل 2010

بسم الله الرحمن الرحيم

العلة الكبرى في السودان الآن تعود لحدث كبير هو استيلاء حزب أقلية ينادي بأيديولوجية إسلاموية على السلطة في بلاد متعددة الأديان والثقافات ومحاولة فرض رؤاه بالقوة. هذا التوجه خلق حتما استقطابا حادا من داخل الجسم الإسلامي نفسه بين أهل القبلة والإسلامويين (الذين اتخذوا من الشعار الإسلامي أيديولوجية للسلطة) واستقطابا حادا داخل الوطن بين أصحاب السلطة الإسلاموية وسائر المواطنين من علمانيين وأتباع أديان أخرى. هذه الاستقطابات الحادة أدت إلى سياسة قمعية ضد المخالفين لهذا النهج من المسلمين الذين صنفوا بغاة، وضد أتباع الأديان الأخرى الذين صنفوا كفارا وهدفا للجهاد.

كانت حركة الجنوب المسلحة أشبه بحركة مطلبية لثلاثة مطالب: نيل نصيب في السلطة، والثروة، واستثناء الجنوب من أية أحكام إسلامية. ولكن نتيجة لأيديولوجية النظام الانقلابي الجديد تحولت لحركة تحرير تطالب بتقرير المصير.

نتيجة لهده المواجهات واجه النظام الانقلابي السوداني تحالفا معارضا عريضا داخليا، وجد دعما إقليميا من دول الجوار ودعما دوليا.

هذا التحالف عزل النظام السوداني فتراجع من أطروحاته فأبرم اتفاقية “السلام الشامل” في عام 2005م. هذه الاتفاقية أقامت حكما ثنائيا بين المؤتمر الوطني (الاسم المعدل للجبهة الإسلامية القومية) والحركة الشعبية لتحرير السودان. حكم مداه الزمني 6 سنوات ثم يجرى استفتاء لتقرير مصير الجنوب في 2011م. كثير من الناس يستغربون لماذا تقرير المصير؟

فكرة تقرير المصير للجنوب لم تكن شائعة في الثقافة السياسية السودانية إلا بعد انقلاب يونيو 1989م الذي أعلن برنامجا عروبيا إسلامويا جسده المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي الذي كونه النظام الانقلابي في عام 1992م.

قررت القوى السياسية الجنوبية بعد ذلك أن هذه الهوية عازلة لهم لأنهم ليسوا عربا وليسوا مسلمين فاجمعوا على المطالبة بتقرير المصير في نوفمبر 1993م وطالبو به لدى إبرام اتفاقية السلام في يناير 2005م.

إلى جانب تقرير المصير للجنوب اشتملت اتفاقية السلام على برنامج تحول ديمقراطي عبر انتخابات عامة حرة تجري في عام 2007م.

وكان المتوقع أن يحقق طرفا اتفاقية السلام (المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية) توافقا أثناء الفترة الانتقالية يجعل الوحدة جاذبة لدى تقرير المصير القادم. وأن يحققا حكما توافقيا يوفر الحريات العامة وحقوق الإنسان ويمهد للانتخابات العامة الحرة. ولكن أثناء الحكم المشترك تدهورت العلاقة بين طرفي الاتفاقية فصارت حربا باردة مستمرة. وتقاعس مشروع التحول الديمقراطي فلم تتوافر الحريات بالدرجة المطلوبة وتأخر إجراء الانتخابات العامة.

هكذا حققت اتفاقية السلام عكس مقاصدها فلم تجعل الوحدة جاذبة بل طاردة. ولم تمهد للتحول الديمقراطي المنشود.

ومنذ عام 2002م ونتيجة لإحساس كثير من عناصر دارفور سيما غير العربية نشأت في دارفور ظاهرة الإثنية المسيسة (تكوين دارفور العرقي كسائر السودان فيه عرب وزنوج) مما أدى لنشأة أحزاب مسلحة من بين بعض القبائل أكثرها من الفور والزغاوة والمساليت، باسم حركة تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة؛ رفعت سلاح المقاومة في وجه الحكومة المركزية.

حركة تحرير السودان وجدت دعما من الحركة الشعبية لتحرير السودان وحركة العدل والمساواة دعما من المؤتمر الشعبي.

الحكومة المركزية اتبعت خطة في قمع هذه الحركات تحالفت عبرها مع قوى غير نظامية ارتكبت معها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بصورة أجبرت ثلث سكان إقليم دارفور للفرار إلى معسكرات نازحين داخل البلاد ولاجئين خارج البلاد. هذه التجاوزات هي التي لفتت نظر العالم فاصدر مجلس الأمن 24 قرارا ضد الحكومة السودانية وأرسل قوات دولية/ أفريقية لحماية المدنيين، وقرر تقديم الذين ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية للمحكمة الجنائية الدولية بموجب القرار رقم (1593).

النظام السوداني رفض هذا القرار واستعد لمواجهته ما أدخل السودان في مواجهة مع النظام الدولي.

والمشكلة الرابعة هي أن النظام السوداني ضخم الصرف الإداري والصرف الأمني أضعافا مضاعفة. ساعده على ذلك منذ عام 1999م استغلال النفط بحجم تصدير 500 ألف برميل يوميا.

تضخم الصرف الإداري والأمني كان مسرفا، إذ تضاعف الصرف الحكومي بسببهما عشرة أضعاف في عشرة سنوات ما أجبر الحكومة على تصفية دولة الرعاية الاجتماعية المعهودة في السودان منذ استقلاله وإهمال الصرف على الانتاج الزراعي والصناعي. والمبالغة في جباية الضرائب.

هذه هي الأزمات الأربع التي أحاطت بالبلاد نتيجة لسياسات النظام الانقلابي.

العلاقة بين شريكي الحكم وصلت قمة السوء في نهاية عام 2007م وكذلك تحولت أزمة دارفور إلى مشكلة الأمن القومي السوداني الأولى وإلى مشكلة عالمية.

ومنذ عام 2008م حاولنا محاولات ملحة لايجاد مخرج وطني ما أدى لإبرام اتفاق التراضي الوطني في مايو 2008م. ولكن عناصر متنفذة في المؤتمر الوطني الحزب الحاكم لم تشأ قبول أية إصلاحات حقيقة في برنامجها السياسي فأجهضت التراضي الوطني.

وفي سبتمر 2009م دعت الحركة الشعبية القوى السياسية لمؤتمر جامع في عاصمة الجنوب (جوبا) وسعينا لتحويل المؤتمر لبوابة جنوبية للتراضي ولكن نفس العناصر التي أجهضت التراضي عاكست المساعي، ما جعل مؤتمر جوبا نافذة لاستقطاب جديد بين أعضائه وبين المؤتمر الوطني وحلفائه.

من أهم أهداف التراضي الوطني المذكورة إيجاد أرضية مشتركة للقوى السياسية تمهيدا لمناخ صحي لإجراء الانتخابات العامة المزمعة في عام 2010م ولكن تلك المساعي باءت بالفشل لذلك عندما جاء رئيس جنوب أفريقيا السابق ثامو مبيكي مبعوثا من الاتحاد الأفريقي إلى السودان في 1 أبريل 2009م، واستمع لممثلي القوى السياسية السودانية تأكد له أن أزمة دارفور لا يمكن حلها بمعزل عن بقية القضايا الوطنية؛ لذلك تبني فكرة عقد ملتقى قمة سياسية سودانية لحل قضايا البلاد ومن بينها الاستعداد للانتخابات القادمة. هذه المساعي لعقد قمة سياسية أخفقت مما دفع الأمور نحو سوء التفاهم والاستقطاب.

القوى السياسية التي تحالفت في مؤتمر جوبا رأت أن هناك قضايا ينبغي حسمها قبل إجراء الانتخابات أهمها: الاختلاف حول الإحصاء السكاني الذي جرى عام 2008م، وترسيم الحدود بين شمال السودان وجنوبه، وكفالة الحريات، وحل مشكلة دارفور. لذلك طالبوا في موكب قدم مذكرة لمفوضية الانتخابات في 4/3/ 2010م بضرورة تأجيل الانتخابات حتى نوفمبر 2010م لاتاحة الفرصة لحل تلك المشاكل، دون جدوى.

تقدم للترشيح لرئاسة الجمهورية السودانية 12 شخصا. قدم 11 منهم (أي كلهم ماعدا السيد عمر حسن أحمد البشير) مذكرة في 18/3/2010م ذكروا فيها أن مفوضية الانتخابات ارتكبت مخالفات قانونية وإدارية، ومالية وطالبوا بمراجعة محايدة لأدئها قبل إجراء الانتخابات المزمعة. ونتيجة لعدم الاستجابة للمطالب الإصلاحية هذه قرر عدد كبير من الأحزاب مقاطعة الانتخابات في 1/4/2010م.

كان حزب الأمة القومي من أحرص الأحزاب على خوض الانتخابات: عقد مؤتمره العام السابع في فبراير 2009م استعدادا للانتخابات، وخاض حملة التسجيل، ورشح 965 شخصا لكافة المقاعد الانتخابية وطرح برنامجا واضح المعالم نقدا للنظام القائم وبيانا للبديل. ومع دنو مواعيد الاقتراع عقد الحزب اجتماعا لمكتبه السياسي في 1و2 أبريل 2010م لتحديد موقفه من الانتخابات بعد أن رفض مطلب تأجيل الانتخابات لنوفمبر لإجراء الإصلاحات المطلوبة. في ذلك الاجتماع أنقسم رأي أعضاء الحزب على النحو التالي:

  • 23% نادوا بمقاطعة الانتخابات لعدم نزاهتها.
  • 26% نادوا بالمشاركة الكاملة فيها رغم عدم نزاهتها.
  • 44% نادوا بمقاطعة انتخابات الرئاسة وخوض المستويات الأخرى.
  • 7% رأي غامض.

وبعد تداول الأمر اقترحت الرئاسة اقتراحا أجمع عليه الحاضرون وهو تقديم ثمانية شروط مخففة لخوض الانتخابات فإن قبلت يخوضها الحزب. أهم تلك الشروط: الالتزام بكفالة الحريات وعدم استخدام قانون الأمن القمعي ضد المرشحين ومناديبهم، إشراف الأحزاب المتنافسة على أجهزة الإعلام الرسمية لضمان إتاحة الفرصة لهم، وضع سقوف مالية لصرف المرشحين والأحزاب، دعم الحكومة للأحزاب، ترتيبات استثنائية لدارفور، وأخيرا تأجيل الانتخابات لمدة أربعة أسابيع لإعطاء فرصة للإصلاحات المذكورة لرفع مستوى نزاهة الانتخابات.

فيما جرى من تفاهم مع المؤتمر الوطني اتفق علي معظم تلك المطالب ولكن رفض التأجيل. لذلك عندما اجتمع المكتب السياسي للحزب في 6و7 /4/2010م قرر مقاطعة الانتخابات في كل المستويات.

هنالك أسباب فنية لتأجيل الانتخابات ولكن عناد وانفراد الحزب الحاكم بالقرار جعله يقفل الباب ما أدى لمقاطعة القوى المنافسة الأكبر وبالتالي تنفيس العملية الانتخابية وتجريدها من كثير من معانيها.

الحكمة في إجراء الانتخابات قبل استفتاء تقرير المصير هي أن تأتي حكومة منتخبة يرجى أن تخلق ظروفا أفضل للاستفتاء في فترة زمانية تتجاوز العامين. أما أن تأتي الانتخابات شهورا قبل الاستفتاء وأن تجير لاستمرار الحكام وسياساتهم كما هي فضياع للحكمة وصرف لأموال طائلة لتفسير الماء بعد الجهد بالماء!

وبصرف النظر عن هذه الأسباب وما أدت إليه من مقاطعة فإن القانون الذي ينظم هذه الانتخابات قد خرقت كثير من مواده أهمها خمسة هي:

  •  خرق شروط التسجيل الملزمة: أن يكون الشخص مقيما في الدائرة الجغرافية والسماح للقوى النظامية بالتسجيل في مواقع عملهم. المادة (22-2).
  •  خرق المادة (66) التي تنص على توزيع الفرص الإعلامية في الإعلام الرسمي بالتساوي بين المتنافسين وهيمنة دعايات الحزب الحاكم عليها.
  •  خرق المادة (67-2-ج) تنص على مساهمات مالية تقدمها الحكومة للأحزاب.
  •  خرق المفوضية للمادة (67-3) التي توجب عليها وضع سقوف مالية لصرف الأحزاب والمرشحين. وبعد أن أوشكت الفترة الانتخابية على الانتهاء أصدرت المفوضية بيانا بتلك السقوف في 31/3/2010م. وهي سقوف تجاوزها صرف مرشحي المؤتمر الوطني بمراحل وبيانات هذا الإسراف موثقة.
  •  خرق المادة (69) التي تنص على حظر استعمال إمكانيات الدولة والموارد العامة لأغراض الحملة الانتخابية.

وهنالك مواد تحظر الاساليب الفاسدة في شراء الذمم (المادة 87) وفي منع العبارات النابية والجارحة والداعية للكراهية (المادة 65-3) وقد حدث منها ما أزكم الأنوف.

ومنذ بداية التصويت في يوم 11/4 ظهر عجز لوجستي في إدارة الانتخابات ومخالفات أهمها:

  •  عدم توصيل أوارق الاقتراع لمواقعها في الوقت المحدد –مثلا- منطقة النيل الأبيض.
  •  خلط رموز المرشحين -مثلا- في مناطق تندلتي ونيالا والضعين والخرطوم.
  •  لدى انتهاء التسجيل وقفل بابه انتهى الكشف على أرقام معينة ولكن لدى بداية الاقتراع ظهرت زيادة كبير في عدد المسجلين –مثلا- في منطقة قلي.
  •  ضبط أعضاء المؤتمر الوطني متلبسين بوضع أوراق اقتراع بصورة مخالفة لإجراءات الاقتراع- مثلا- في منطقة ربك.
  •  وظهرت عيوب كثيرة في دارفور نيتجة لاضطراب الحالة الأمنية هناك.
  •  واتضح بصورة مجربة سهولة إزالة صبغة الأصبع المتخذة لمنع تكرار التصويت.
  •  كانت إدارة الانتخابات في الخارج أصلا معيبة لتبعيتها للسفارات لا للمفوضية. مما سهل الأساليب الفاسدة في كثير من السفارات – مثلا – في القاهرة وفي جدة وغيرهما.

نتيجة لهذه المخالفات المبطلة لنزاهة الانتخابات منذ بداية الاقتراع أعلن عدد آخر من مرشحي الرئاسة عدم نزاهتها وعدم اعترافهم بنتنائجها – مثلا- عبد الله دينق، وحاتم السر، وكامل الطيب إدريس. وأعلن عدد من المرشحين المستقلين ذوي الاسماء المرموقة انسحابهم منها –مثلا- عثمان ميرغني صاحب صحيفة التيار، والهندي عز الدين رئيس تحرير صحيفة الأهرام اليوم.

في العهود الديمقراطية كانت الانتخابات في السودان مضرب المثل في النزاهة والانضباط. وكان متوقع لهذه الانتخابات أن تكون انموذجا للتحول الديمقراطي مما يشكل قدوة للمنطقة في الاحتكام للشعب والتداول السلمي على السلطة. ولكن هذه الانتخابات مع ما فيها من هامش للحرية تحولت في الواقع إلى آلية للتمكين الأوتقراطي.

هذه الفرصة فاتت على البلاد ومن الخسائر التي سوف تجرها للبلاد:

  •  استقطاب جديد في الجسم السياسي السوداني بين الذين يفرحون بنتائجها والذين لا يعترفون بها.
  •  المناخ الاستقطابي في الجسم السياسي السوداني سوف يخلق مناخا سيئا يجرى فيه استفتاء تقرير المصير للجنوب في عام 2011م مما يجعل الوحدة طاردة ويؤدي لانفصال عدائي.
  •  أجمعت حركات دارفور المسلحة على رفض هذه الانتخابات مما يضع عائقا كبيرا أمام أية محادثات سلام مقبلة.
  •  ومهما كانت النتيجة فإن بقاء قادة المؤتمر الوطني الذين تلاحقهم المحكمة الجنائية الدولية في السلطة سوف يجعل ملاحقتهم مستمرة لا يحول دونها تقادم ولا حصانة.

هذه الملاحقة سوف تشل حركتهم الدولية في وقت يحتاج فيه السودان لتحركات دولية نشطة في أكثر من مجال:

o تحرك لإعفاء الدين الخارجي البالغ 34 مليار دولار لاستحقاق السودان ضمن الدول الفقيرة المثقلة بالمديونية.

o تحرك في إطار الشراكة التنموية العالمية التي حددتها أهداف الألفية الثمانية.

o استفادة السودان من دعم الاتحاد الأوربي التنموي بموجب اتفاق كوتنو والذي يوجب الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية.

o تحرك للاستفادة من العدالة البيئوية التي قررها مؤتمر كوبنهاجن الأخير الذي أوجب على الدول الغنية الملوثة للبيئة والاحتباس الحراري تعويض الدول الفقيرة ضحايا هذا الاحتباس.

o واجب السودان باعتباره الدولة الجارة لكافة دول حوض النيل التحرك للحيلولة دون نذر المواجهات بين دول الحوض. تحرك يحول دونه ملاحقة المسئولين السودانين جنائيا.

هكذا تتراكم على السودان أضرار كثيرة تزيدها الانتخابات الأخيرة حدة.

فما العمل؟

هنالك احتمالان الأول: أن يعتبر الفائزون بالانتخابات أنهم حصلوا على تأييد شعبي لسياساتهم فيستمرون فيها بشراسة ويواجهون القوى السياسية المعتبرة التي لا تعترف بنتائج تلك الانتخابات، وتقع البلاد ضحية لاستقطاب حاد، مع وجود التحديات المذكورة يسرع بتدمير البلاد. الثاني: أن يدرك الحكام أن للقوى المعارضة وزنا كبيرا لا يمكن تجاهله ويسعون لوفاق وطني يتصدى لتحسين فرص الوحدة في استفتاء تقرير المصير أو إبرام بروتوكول علاقة خاصة بين دولتي السودان في حالة الانفصال. وفاق يركز على إبرام سلام عادل في دارفور ويضع أساسا لتعامل واقعي مع المجتمع الدولي. وبعد تقرير المصير للجنوب وإبرام اتفاق سلام دارفور تجري انتخابات عامة جديدة مبرأة من الأخطاء الحالية حرة ونزيهة.

تجنب السيناريو الأول وإنجاح الثاني وهو التحدي الذي يواجه الحركة السياسية السودانية.

لعبت الولايات المتحدة دورا كبيرا في إبرام سلام نيفاشا يناير 2005م وأبوجا مايو 2006م ولكن الاتفاقيتين لم تحققا مقاصدهما.

الموقف الأمريكي الحالي من انتخابات السودان منقسم بين رؤية سطحية غر معنية بجودة الانتخابات بل مجرد إجرائها لافساح الطريق لاستفتاء تقرير المصير للجنوب العام القادم. أقول سطحية لأن الانتخابات المعيبة سوف تؤثر سلبا على مناخ نتائج الاستفتاء؛ ورؤية خبيثة يراها اليمين الأمريكي المطابق للرؤية الإسرائيلية. هؤلاء يريدون استمرار سياسيات النظام السوداني بعد الانتخابات لأنهم يرونها الطريق لانفصال عدائي في الجنوب، ولاستمرار وزيادة حدة الانقسام في الجسم السياسي في شمال السودان، ولاستمرار أزمة دارفور، أي تفكيك البلاد.

إن لأصدقاء وأشقاء السودان دورا في مساعدة أهله بالنصح الأخوي الموضوعي لمواجهة التحديات المحدقة بالبلاد. نصح يقوم على تشخيص صحيح للحالة السودانية وفهم صحيح لروشتة الدواء مبرأ من العواطف والمجاملات المعتادة بين الدول العربية.

النصح الموضوعي لا الانحياز العاطفي هو نداء أهل السودان لأشقائه كافة ولجيرانه خاصة لا سيما مصر.