للأخوة المسيحيين: تهنئة بأعياد الميلاد

الإمام الصادق المهدي
الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس نداء السودان وآخر رئيس وزراء شرعي ومنتخب للسودان ديمقراطياً

 

بسم الله الرحمن الرحيم

6/1/2019م

للأخوة المسيحيين: تهنئة بأعياد الميلاد

 

 

السلام عليكم أيها الأخوة، ولكم التهاني الخالصة بعيد الميلاد المجيد، وبهذه المناسبة نستحضر معان تدل على أن لعقائدنا تطابقاً يدل على أنها من مشكاة واحدة. فالملل الإبراهيمة تتفق على أربعة معان هي التوحيد، والنبوة، ومكارم الأخلاق، والمعاد.

ومن تفاصيل ذلك: ما روى المسيح عليه السلام: “أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى”، “لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَزْنِ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُور” وفي القرآن: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)[1].

مقولة المسيح عليه السلام: “الله محبة” ومقولة محمد عليه الصلاة والسلام: “لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا”[2] وقوله: “أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ”[3].

وقال المسيح عليه الصلاة والسلام:”طُوبَى لِلْمُصْلِحِينَ بَيْنَ اَلنَّاسِ أُولَئِكَ هُمُ اَلْمُقَرَّبُونَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ”.

وجاء في القرآن: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ)[4] وجاء: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ )[5]. وجاء في الإنجيل: “طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ”[6] وفي القرآن: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ)[7]. وجاء في الإنجيل: “طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ”. وفي القرآن: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً)[8].

وإذا تدبرنا القرآن نجد بياناً لوحدة الدين الإلهي: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[9].

وفي التاريخ مواقف تدل على المودة بين الملتين نذكر منها: أن هجرة المسلمين الأولى كانت للحبشة المسيحية تحت ملكها النجاشي الذي أحسن استقبالهم. ولدى هزيمة الروم نزول سورة الروم والبشرى بما يفرح المؤمنين.

ومع ذلك هنالك تاريخ من الاحتراب والعداء بين طوائف المسيحيين، وبين طوائف المسلمين وبين أتباع الديانتين، ونحن الآن في عالم وحدته ثورة الاتصالات والمعلومات والمواصلات والتقدم التكنولوجي، وتهدده بخطر الدمار أسلحة الدمار الشامل وعوامل العدوان على البيئة الطبيعية ما يوجب الصلح والتعايش والتعاون بين طوائف المسيحيين وبين طوائف المسلمين، وبين المسلمين والمسيحيين كأساس يغذي الإخاء الإنساني.

علينا جميعاً أن نحرر أنفسنا من سلبيات الماضي ونستلهم المبادئ المشتركة والمواقف التاريخية الأخوية لنبرم ميثاق تعايش على أساس وتعاون بين الإيمانيين على أساس التعاون على البر والتقوى، ولنا في سبيل ذلك ثقافة مشتركة واردة في منظومة حقوق الإنسان العالمية، وهي في الأصل مستوحاة من هداية الوحي.

بهذه المعاني نحييكم ونهنئكم بعيد الميلاد ونتمنى لكم جميعاً اليمن والبركات.

 

أخوكم

الصادق المهدي

 

 

___________________________________________________

 

[1] سورة الأنعام الآية (151)

[2] صحيح مسلم

[3] سنن أبي داود

[4] سورة النساء الآية (128)

[5] سورة الأنفال الآية (1)

[6] (إنجيل متى 5: 7)

[7] سورة آل عمران الآية (159)

[8] سورة البقرة الآية (208)

[9] سورة آل عمران الآية (84)