مآلات التطبيع مع إسرائيل

الإمام الصادق المهدي
الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب الأمة القومي

حلقة نقاش حول التطبيع مع الكيان الصهيوني

دار الأمة- أم درمان في 16 سبتمبر 2020

الخطاب الافتتاحي الذي ألقاه رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي

بعنوان: مآلات التطبيع مع إسرائيل

 

 

(بحثت الحلقة الخطا ب وسوف تقدم توصيات تنشر لاحقاً بإذن الله.)

 

كثير من الكتاب أسسوا هزيمة إسرائيل على الرفض العربي والإسلامي عامة، والرفض الفلسطيني خاصة، وهو احتمال له وجاهته واستناده على حتمية انتصار الحق على الباطل، ولكن هنالك قراءة أخرى لمستقبل إسرائيل قال بها يهود:

قال ازايا برلين: إن إسرائيل سوف تمضي ” منتصرة” نحو الهاوية.

وقال ازايا باراك وهو رئيس وزراء إسرائيلي سابق: إذا قوضت إسرائيل فرصة إقامة دولتين إحداهما للفلسطينيين فإن مصير الدولة الواحدة أن تكون دولة فصل عنصري كما كانت جنوب أفريقيا قبل التحرير.

وفي كتاب صدر العام الماضي بقلم إسرائيلي هو كارل كاستروم بعنوان: إلى متى تبقى إسرائيل؟ قال: العوامل التي تقوض إسرائيل ليست المقاومة الخارجية بل عوامل داخلية فإسرائيل منقسمة على نفسها انقسامات حادة لا يرجى توفيقها أهمها: الاتجاه العلماني الذي تتبناه الأحزاب الكبيرة والاتجاه الأصولي اليهودي الذي تقول به دوائر دينية متعصبة. والتباين بين اليهود الوافدين من دول أوروبية والوافدين من البلاد الشرقية. والتناقض بين التيارات الداخلية وتلك التي تقول بها أغلبية اليهود في العالم التي ترفض الهجرة لإسرائيل بل تحدث هجرة عكسية من إسرائيل للخارج.

إن هذه التناقضات هي الكفيلة بتقويض التجربة الإسرائيلية.

ومع عيوب التبادل الدبلوماسي الذي جرى مع إسرائيل في الماضي، فان إسرائيل اليوم ليست هي إسرائيل التي تبادلت معها مصر 1979 والأردن 1993 العلاقات الدبلوماسية.

إسرائيل اليوم قد عبرت خطوطا حمراء أهمها: قانون الربط بين المواطنة واليهودية ما يجعل كل سكانها من غير اليهود مواطنين من درجة دنيا.

وإسرائيل اليوم قررت قيادتها ضم الأراضي المحتلة عام 1967 في تحدٍ للقانون الدولي الذي يحرم ضم أراضٍ محتلة. وإسرائيل تتبع ما سمى ” صفقة القرن” وهي تعني تحدي كافة القرارات الدولية.

التطبيع مع إسرائيل اليوم هو تطبيع مع دولة فصل عنصري، ودولة خروج على القانون الدولي.

المطبعون حالياً يخاطرون بأمنهم القومي بحجة الحماية من إيران. ولكن إيران اليوم ليست دولة الفرس وحدها بل تقف معها جماعات عربية شيعية في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن التي تصدت للهجوم الخارجي وصارت أشبه بموقف طالبان في أفغانستان.

وإلى جانب هاتين الدولتين في إطار التشدد في المنطقة يضاف تمدد القاعدة وانبعاث داعش بأسلوب جديد.

من المستفيد من التطبيع الراهن؟ هم:

  1.   الرئيس ترامب المحاصر سياسياً والذي تحدى الاعتدال الأمريكي لتطرف تبني الطرف الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط ويأمل أن يحسن هذا التبني المتطرف من فرص انتخابه.
  2.  المستفيد الثاني هو بنجامين نتنياهو الذي يأمل أن تؤدي نجاحاته الدبلوماسية إلى القضاء على احتمالات السجن التي تلاحقه.
  3.  وإيران التي سوف تحصد تعاطفاً واسعاً شعبياً في البلاد العربية والإسلامية.
  4.  وتركيا التي برمزية تحويل متحف آياصوفيا لمسجد سوف تجد تقديراً واسعاً في العالم الإسلامي.

الدول المطبعة تخاطر بأمنها القومي، فسوف تواجه غضبة شعبية واسعة، وما يمكن أن يتحرك ضدها لن تكون إيران بل قوى سنية وشيعية غير حكومية. وإذا تطور الموقف حربياً بين إيران وأمريكا، أو إسرائيل، فإن دول الجوار العربية لها سوف تتلقى أول الخسائر، فإيران جارة لها وإسرائيل وأمريكا بعيدتان جغرافياً.

نحن نشعر بإهانة شديدة إذ يصرح أجانب بزفة السودان لسقطة التطبيع. وحتى السودانيون الذين قالوا بالتطبيع في ظروف أخرى شعروا بأن الابتزاز والتهافت الذي اتسمت به مهمة وزير الخارجية الأمريكي جعلهم يرفضون هذا التطبيع المتهافت الابتزازي. المؤسف اليوم أن السياسة الخارجية الأمريكية صارت مقيدة بمصالح حزبية وطائفية ضيقة، وينبغي أن تواجه بموقف حازم من السلطات الانتقالية بأن صلاحياتها غير معنية بأية قضايا خارج مهامها المحددة وإلا سحبنا تأييدنا لها. وحضور دبلوماسي سوداني لمشهد البيت الأبيض أمس خطأ يوجب المسألة.

أما نحن في حزب الأمة القومي والقوى الوطنية والإسلامية والعربية بل والأفريقية الحقانية فينبغي أن نصعد الموقف الرافض للتطبيع ومناصحة الأشقاء الذين ذهبوا إليه فصديقك من صدقك لا من صدّقك.

ويرجى أن تتبدد هذه “الرغوة” عندما يحرر الشعب الأمريكي نفسه قريباً وينفذ القضاء الإسرائيلي عزمه.

وسواء تحقق ذلك أو لم يتحقق فموقف الشعب السوداني هو الالتزام بمقولة لا سلام بلا عدالة.