محاضرة المصالحة الوطنية أكتوبر  1966م

محاضرة المصالحة الوطنية أكتوبر  1966م. [1]

 

أشكر أولاً السادة المسئولين في دار الثقافة على دعوتهم لي للحديث في هذا الموضوع الهام وأشكر ثانياً السيد نصر الحاج على الكلمات الطيبة التى طوق بها عنقي وأرجو أن أوافق في التعبير عن المراد بالمصالحة الوطنية.

وأود أن أبدأ بمقدمة قصيرة وهى أن الموضوع الذي سأتحدث عنه موضوع يتعلق بمسائل كبيرة جداً وأود أن أؤكد أن مبدأ المصالحة الوطنية لم يدر الحديث عنه حديثاً كما سماه بعض مواطنينا “من سكرات السلطات” فهو لم يدر بخلدي أو بخلد من يؤيده ونحن في مركز السلطات، وكذلك لم يكن كما سماه بعض مواطنينا(من عبث أبناء الثلاثين) فقد كان التفكير فيه من كثير من المواطنين المخلصين في زمن لم أبلغ فيه الثلاثين.

إن المشكلة التى أود أن أركز عليها في البداية هي مشكلة الحكم في تراثنا. التراث القبلي قبل الإسلام يحسم مشكلة الحكم بدستور بسيط مربوط بالنسب والوارثة.  وتراثنا الإسلامي بعد الصدر الأول واجهته مشاكل دستورية في الحكم أدت إلى قيام المدارس الفكرية الإسلامية المختلفة التى مزقت العالم الإسلامي وانتهت بتلك النكبة وكان أساس الفساد فيها فساد الحكم والدستور. وفي المهدية أي تراثنا الخاص في السودان نجد أن إحدى المشكلات الكبيرة التى أحاطت بالدولة المهدية كانت أيضاً تتعلق بمشكلة دستورية تتعلق بكيان الحكم وأزمة الحكم والخلاف فيها.. نحن إذن نستمد من بلادنا هذه تراثاً عريقاً من الأزمة في الحكم والدستور ونظامه.

بعد ذلك دخلنا الفترة التى حكمنا فيها بدستور مبسط وهو الحكم الثنائي الذي فيه جرد سيادة بلادنا حكم أجنبي فرض علينا دستوراً مبسطاً للحكم ووزع السلطان بين أفراد معينين محددين وجردنا الإرادة والسيادة والحرية واستطاع أن يحكم مستنداً في النهاية على قوات كثيرة انخرطت في سلكه المسلح تستطيع أن تقهر أية حركة سياسية تقوم. إذا فشلت محاولات السلام عن طريق فرق تسد، وعن طريق المقايضة، وعن طريق العمل على توطيد ذلك السلطان وقبول الناس له، هرعت قوة مسلحة أخمدت أي تحرك، فإذا فشلت تلك القوة المسلحة فإن خط الدفاع الذي يكمن وراءها خط دفاع من جنود أجانب يضربون المواطن السوداني المسلح وغير المسلحإن هو اعتدى على أساس الحكم القائم.

فلما بارح الحكم الأجنبي بلادنا أقام نظام الحكم في البلاد وفق ما يعرف من نظم دستورية وهكذا كان التطبيق في كل الدول التى نالت استقلالها حديثاً فإن جميعها نالت استقلالها في شكل حكم منقول من نظام الحكم في الوطن الأم سواء كان بريطانيا أو فرنسا أو غيرهما من البلدان المستعمرة، ولم يفكر الحكم الأجنبي تفكيراً كثيراً في مشاكل الحكم التى قد تعقب خروجه ولا عن ملاءمة نظام الحكم للبيئة التى يحكمها، وحينما غادر البلاد بموجب الاتفاقيات المختلفة والجلاء كان طابع القيادة السياسية يوم الاستقلال يتميز بظاهرتين رئيسيتين هما:  الأولي الشعار والتيار والهدف الغالب يشيرون  لوطنية متحمسة مستمدة كثيراً من حماسها ضد الحكم الأجنبي والسند العريض الذي يجده النزاع والصراع مع الحكم الأجنبي. والثانية  افتراض أن الأشياء المتعلقة بنظام الإدارة والحكم التى تسود البلاد ستستمر كما لو كان الأمر عادياً وطبيعياً وأن في ذلك الاستمرار كفالة لتماسك الدولة، كان ذلك طابع القيادة السياسية في كل البلدان التى نالت استقلالها حديثاً ولكنما أن انطوت صفحة الاستعمار حتى واجهت جميع القيادات السياسية في البلدان حديثة الاستقلال مشاكل جديدة.

مشاكل ما بعد الاستقلال

المشكلة الأولي هي مشكلة تكملة أجهزة الدولة الحديثة إذ كان من واجب القيادة السياسية الأول أن تمتد فتشمل جميع أجزاء القطر وأيضاً أن تمتد فتفرض نفوذها على كل جيوب النفوذ الاجتماعي المختلفة وأن تكون  الدولة السيدة كما تكون الدول الحديثة  المعاصرة أو استكمال التحديث ((موردنايزيشن)).

 والمشكلة الثانية مشكلة البناء القومي فمما لا شك فيه أن البلدان التى غادرها الاستعمار كانت فيها جيوب عديدة للانقسام والصراع والخلاف وهذه الجيوب تمنع النمو القومي.

 والمشكلة الثالثةمع الحرص على التحديث الحرص أيضاً لبعث الذاتية الموروثة في تراثنا لأنها بغير الذاتية نفقد أحد المقومات الرئيسية لبناء الأمة.  فلا بد من بعث التراث القديم ولا بد من أن يشعر المواطنون أنهم ليسوا وجوداً طارئاً تم عن  طريق الصدفة وأنهم وجود ذو اصل وكيان وعروق دفينة وأن هذا الكيان  له رسالة وكل ذلك  ضروري لقيام الدولة والأمة. هذه المشكلة أيضاً تواجه القيادة السياسية فمنهم من يحاول أن يتجاوب معها مثلا بالتسمي باسم مملكة عريقة من الممالك التى كانت تسود في البلاد التى يحكمها كغانا مثلا وتسمية ساحل الذهب بغانا أو كتغيير التسمية جملة وتفصيلا تجاوباً مع مفهوم أيدلوجي جديد كما حدث بالنسبة للجمهورية العربية المتحدة أو غير ذلك من الضرورات التى تفرضها مسألة الذاتية على القيادة السياسية بعد استكمال السيادة.

 والمشكلة الرابعة التى تواجه القيادة السياسية بعد الاستقلال هي مسالة النفوذ الأجنبي فهو  لا ينقضي بالجلاء وإنما يستمر بأشكال مختلفة وتكون له مصالح مختلفة تتدخل في الكيان السياسي الداخلي وتحاول أن تفرض أنماطاً وأشكالاً معينة.

المشكلة الخامسة النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية:  الدولة والمجتمع الذي ترثه هذه القيادة السياسية تكون فيه تطلعات اقتصادية ومطلبية كبيرة بسبب أن نظام المواصلات ووسائل الإعلام نقلت إلى كل أجزاء العالم مستويات من النشاط الاقتصادي ومن الحياة أصبحت تجبر كل مجتمع أن يسير بخطي ليست هي خطاه وأن يتشابي لمستوى ليس هو مستواه وهذه المفارقة تفرض ضغطاً شديداً على القيادة السياسية بعد الاستقلال ليواكبها. كما أن التفكير القائم على ضرورة العدالة الاجتماعية سواء كان انطلق من بعث قديم كالكيان الإسلامي أو انطلق من أثر غير مباشر لقوى الاشتراكية في العالم فهو يؤدي لمطالبة بمستوى معين من العدالة الاجتماعية، ومن الكفاية تكون أكبر من الطاقة الموجودة في المجتمع وهذا يواجه القيادة السياسية بأحد مشكلاتها الكبيرة.

المشكلة السادسة المجتمع الحديث به قوى اجتماعية جديدة تنشأ حول ما قامت من مؤسسات في البلاد كمنظمات العمال وكمنظمات الطلاب إلى آخره و هذه المنظمات لديها تقاليد وأوضاع معينة في الوطن الذي نقلنا منه نظامنا ولكنها نقلت بغير تقاليدها ونظمها ومحتاجة لتقاليد ولأوضاع ولمعاملات جديدة وهذه أيضاً تنوء بكاهل القيادة السياسية بعد الاستقلال تتركها في شئ من الخلاف والانقسام.ونجد أن نخبة المثقفين تشعر بنوع من العزلة نحو السواد الأعظم من المواطنين الذين ينضوون تحت لواء منظمات تقليدية قبلية وخلافها، وهذا يؤدى لإنشطارات وانقسامات ومشاكل. كذلك تأتي مشكلة التنظيم السياسي الذي لا يوجد في تراثنا تقليد ثابت حولهإلا ما كان من أمر التراث الإسلامي والقبلي وهذه مسائل تحتاج لبحث كيما نتمكن من مواجهة التطبيق المعاصر للتنظيم السياسي في ظل الدولة الحديثة والمجتمع الحديث.

مشكلة الاستقرار ومشكلة الشرعية  ثم تواجه القيادة السياسية مشكلة الاستقرار إذ أن جميع تلك المشاكل تضغط عليها وتؤدي إلى عدم الاستقرار. وتواجهها أيضاً مشكلة الشرعية التي تتمثل في اتخاذها لدستور دائم ونجد هذه الدول تعيش في صراع طويل حول وضع دستورها الدائم وقد أخذ في عدد كبير منها وضع الدستور الدائم مدد تتراوح ما بين خمس سنوات وعشر سنوات.

مشاكل إدارية ومشكلة الفصل بين السلطات كذلك تنبع مشاكل الحكم الإدارية والخلاف الذي يقوم بين القيادة السياسية والخدمة المدنية، والخلاف الذي ينشأ بين القيادات السياسية والقضاء الذي يضع له الدستور نظام استقلال واضح بعد مغادرة المستعمر ولكن هذا الاستقلال في ظروف البلدان المنقول منها هذا النظام يسير وفق تقليد معين يزيل التناقض والانفصام والاحتكاك، ولكنه لا يجد في هذه البلدان هذا الوضع ولذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى كثير من الاحتكاك والتناقض والمشاكل.

مشكلة الصراع في مستويات الحكم وكذلك نجد مشاكل تتعلق أيضاً بمفهوم مسئوليات المؤسسات المختلفة الحاكمة فمثلا نشأ في نيجيريا قبل الثورة أو الانقلاب الأخير نشأ صراع عنيف ما بين رأس الدولة الذي ينص الدستور على أن مسئوليته اسمية وما بين رئيس الوزراء وكان ذلك النزاع سبباً رئيسياً في الفوضى التى أدت في النهاية إلى الانقلاب العسكري.

مشكلة ضبط القوات المسلحة  وفوق ذلك كله أيضاً نجد مشكلة السيطرة المدنية على القوات المسلحة فهي في هذه البلدان لا تأتي بطبيعة الحال وإنما تحتاج أيضاً لمران ولقوة من ناحية الإدارة المدنية الشعبية حتى تتمكن من السيطرة الفعالة على كل أجهزة الدولة..

هذه المشاكل كلها تقع عل  عاتق القيادة السياسية فجر الاستقلال وتؤدي إلى مشاكل وإلى فوضي كبيرة، فقد يزيد الطين بله قيام صراع حزبي عنيف وقيام فتن مصيرية كما حدث مثلا من قبل الأشانتي في غانا وتنشأ أيضاً مشاكل إخفاق في مستوى تصريف اقتصاد البلاد وتنشأ أيضاً مشاكل تدخل أجنبي قد تصل درجة قريبة من الاحتلال والسيطرة التامة والتصريف التام لشئون البلاد بطريقة غير مباشرة كما يحدث في كثير من بلدان العالم الثالث اليوم.

هذه المشاكل كلها تعصر نفسها في عصير مركز يكون جرعة سامة تشربها الحركة السياسية في البلدان حديثة الاستقلال فتموت الحركة السياسية وتقتلها معاول شكلها كالآتي: إما أن يقوم انقلاب عسكري ويتولى السلطة والحديث عن الفشل وأنه  القادر على حل المشكلات، وعلى فرض التحديث وخلق الأمة ومواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، أو أن يحدث انقلاب مدني يقومعلى أساس حزب واحد.

حدث هذا بالضبط تقريبا في كل العالم الثالث ولكن المشكلات التي أدت إليها لم تواجه في الحقيقة أبداً بطريقة نهائية وحاسمة بل على العكس كان كل انقلاب عسكري في الواقع بداية لانقلاب عسكري ضده، وكانت كل مؤامرة عسكرية تمهيداً لمؤامرة عسكرية تعقبها وكان كل حزب واحد فرض نفسه وسيطر على الأوضاع بطريقة مغلظة أو مخففة مقدمة لقيام تآمر في داخل الحزب الواحد يطيح بالحزب الواحد عن طريق مؤامرة مدنية أو عسكرية، ولذا فقد استمرت أزمة الحكم والسياسة في هذا العالم الثالثمتعاقبة. فالأمر في الحقيقة أن التجارب العسكرية والوصاية المدنية وصلت نهاية الشوط ولا بد أن ندرك ذلك وأن جميع الشعارات التى تعلل بها عدد كبير منا لم تصل لتلك الغاية ليس هذا لأنهم كذابون ولا أنهم مراوغون ولا لأنهم أرادوا أن يضللوا شعوبهم ولكن المسألة في حقيقتها أن التجربة أدت إلى هذه النتيجة.

الحقيقة أنا وجدنا أن نظام الحكم الغربي واجه في بلادنا مشاكل عديدة ولم يتمكن حتى الآن في العالم الثالث أن يعيش عيشة مضطردة متماسكة متصلة إلا في الهند لأسباب قد نذكرها فيما بعد. نجد أن هذا النظام إذا واجه مشكلة عدم المقدرة على معالجة أزمة الحكم في العالم الثالث قد يقول بعض الناس أن نظاماً لم يجرب بعد وهو النظام الشيوعي، إن النظام الشيوعي للحكم قد أدي للاستقرار في البلدان التى جربته والحقيقة التى لا اعتقد أن هناك فراء فيها في أن ذلك النظام يحقق قدراً من الاستقرار سببه غياب الحرية والمسألة الثانية هي أن ذلك النظام لم يواجه بمشكلة الخلافة.

هذا هو الأساس النظري لما وددت أن أقوله وانطلق منه فأتحدث عن مسألة السودان.  نحن بالطبع واجهناإخفاق النظام البرلماني في التجربة الأولى وواجهنا الحكم العسكري وانتهت مؤامراته بأن صفي الحكم العسكري بثورة الشعب في أكتوبر واستطاعت هذه الثورة بطريقتها وأسلوبها أن تضع مستوى من الإنجاز والتوفيق عالياً لم يتكرر التطبيق فيه في مكان آخر. فتمكنا بذلك من الوصول إلى نظام الحكم القائم اليوم المبني على الدستور المؤقت المعدل لعام 1964م الدستور الذي ينظم الحكم في بلادنا الآن ويحكم تصرفاتنا.

السؤال الأول الذي يواجهنا هو  ما الفرق بين وضعنا الآن وبين وضعنا قبل الانقلاب العسكري وإذا لم يكن هناك فرق فماذا لنا أن نتوقع ؟ وماذا ينبغي علينا أن نتوقع ؟هذه الحيرة وهذا السؤال هو الذي جعلنا نرفع شعار المصالحة الوطنية.

رفعناه أولاً لأننا أثناء الحكم العسكري وجدنا الفرصة لتعيش القيادات السياسية المختلفة قريبة من بعضها البعض ولتعرف إلى حد كبير كثيراً عن بعضها البعض ولذا فقد تقدمنا للأحزاب السياسية المختلفة التى كنا نعمل معها أثناء الحكم العسكري ضد الحكم العسكري بمشروع للمصالحة الوطنية في مارس 1963 وذلك المشروع كان يقضي بضرورة تغيير العمل السياسي والأسلوب السياسي بعد القضاء على الحكم العسكري إذا وفقنا الله أن نقضي عليه حتى لا نعود بالأمور إلى ما كانت عليه قبل عام 1958م قبل الانقلاب العسكري. هذه إذن ناحية تاريخية هي أن الجماعة التى كانت لها مسئولية في قيادة الاتجاهات المختلفة في الحركة السياسية السودانية وجدت فرصة التفاهم والتفا كر والاتصال ببعضها البعض أثناء الحكم العسكري وقد نشأ نتيجة لهذا  الاتصال فكرة التقارب أو اللقاء الوطني وقد تجسدت تلك الفكرة في مشروع قدم في مارس 1963م.

السبب الثاني هو أن الصراع حول استقلال البلاد وعدم استقلال البلاد واتحاد البلاد مع مصر، الخلافات السياسية التى نشأت في المعترك السياسي السوداني تركت جراحاً، فكان من ضمن مقاصدنا أن نعمل على محو آثار تلك الجراح، إذ أن المعركة التى استوجبت أو التى أدت إلى تلك الجراح قد حسمت وحسمت بإجماع فاصبح من الضروري أن يعمل الناس على محو آثار الخلاف تلك وكان لا بد من استدراك هذا الذي فاتنا.

السبب  الثالث هي ضرورة الوفاء لتراث العمل الوطني المشترك أثناء الحكم العسكري وضرورة الوفاء لتراث التعاون الوطني الصادق المخلص الذي كلل الله  مجهوده بالانتصار الرائع الذي حدث في أكتوبر 1964م.

هذه المسائل كانت من ضمن الأسباب المقدمة لضرورة العمل على مسألة المصالحة الوطنية.

لكن هناك أسباب أخري وهي ضرورة توحيد الإرادة السودانية في وجه المشكلات الكبرى التى تواجهها البلاد وهذه الأسباب مجتمعة كانت هي في الواقع السبب الذي أدي إلى تقديم مشروع وفاق متكامل في مارس 1963م وهي أيضاً كانت السبب الذي أدي إلى تقديم مشروع وفاق متكامل في ديسمبر 1964م والحقيقة أن هذه المجهودات لم يكتب لها التوفيق في وقته،ا ولكنها لا بد أن تذكر كحقائق تاريخية كمعالم بالنسبة لتطور الحركة السياسية في بلادنا.

 ما هي المسائل الكبرى؟

 أولا: نظام الحكم. وقد أوضحنا أن العالم الثالث كله يواجه أزمة في نظام الحكم والدستور فلا بد إذن إن كنا جادين أن نسعى لاتفاق حول الأسس التى يقوم عليها نظام الحكم والدستور.

 ثانياً: مشكلة المصير التى يواجهها شعبنا في جنوب السودان وضرورة الاتفاق حول النقاط الرئيسية للحلول لهذه المشكلة.

ثالثاً: ضرورة الاتفاق حول معالم رئيسية لسياستنا الخارجية.

رابعاً: ضرورة الاتفاق على الأسس التى يتم عليها الإنتاج والتوزيع الاقتصادي.

خامساً: الاتفاق على الأساس الذي يتم به تنظيم الفئات والذي يحكم هذا التنظيم بصورة لا تخضع للصراع الحزبي.

سادساً: مسألة تحديد الذاتية التى لابد من تحديدها لتكون الحركة السياسية قادرة فعلا على مواجهة المشاكل والتطلعات التى تعيشها البلاد.

كيف نستطيع أن نتوصل لحلول لهذه المسائل الرئيسية بينما فشلت القيادات السياسية المختلفة في العالم كما حاولنا أن نقول. وكيف نختار السودان ليكون مركز تطبيق ممتاز أو جديد لشيء لم يسبق إليه في تلك المناطق؟ هذا السؤال مهم خاصة وأن السودان كغيره من البلدان يواجه انقسامات خطيرة وانقسامات رئيسية ولابد لهذه الانقسامات من أن تؤثر على أي مشروع للوفاق العام  لأن الناس أينما يتحركون بتأثير انقساماتهم الجذرية التى يعيشونها.

فرادة الانقسامات في السودان

إن السودان يمتاز بوضع فريد بالنسبة للانقسامات المصيرية التى تواجه البلدان الأخرى وهذا الوضع الممتاز هو الأمل الوحيد في أن نستطيع أن نتقدم بتطبيق أعلى مستوى وأكثر تحضيراً مما يتم أو يجري في بلدان أخري.

الانقسامات هي:

 الانقسام العنصري. في السودان عناصر مختلفة، عربية وزنجية وهذا الاختلاف العنصري موجود في بلدان كثيرة ولكن في السودان العنصر العربي الموجود فيه عنصر قد تمت فيه عملية الانصهار مع البيئة الزنجية فهو إذا استثنينا الجيوب القليلة من قبائل الجمالة من القبائل المترحلة يعيش في  شئ من الانصهار والاختلاط كبير، كذلك إن تجربة الانصهار في السودان عبر تاريخه الطويل كانت تجربة سليمة موفقة مثالية ناجحة فليس أقل من أن نأمل أن تكون هذه التجربة حافزاً لنجاح في نفس الخط في المستقبل. بالنسبة لإخواننا الجنوبيين الذين يعيشون معنا هذا الانشطارفقد  تركهم الاستعمار في وضع الإهمال والتخلف مما جعل وضعهم يحتاج في الواقع إلى عمل جديد ونشاط وإلى نشئ من جديد وهذا الوضع في الحقيقة مع انه سيئ بالنسبة لهم إلا أنه يجنبنا نوع من الانشطار الذي مثلا عاشته أو جربته بلاد كنيجيريا بين شمالها وجنوبها أو حتى بلاد كالعراق بين العنصر العربي والعنصر الكردي فيها. فإذن مع وجود الانقسام العنصري هذا توجد هناك أسباب تدعو للتفاؤل في مواجهة هذا الانقسام العنصري خاصة وأن القيادة السياسية السودانية كلها مجمعة على أن لا تعتبر العنصرية سبيلاً للعمل السياسي وألا تعتبرها سبيلا للتطبيق السياسي.

الانقسام الديني،الشيء الوحيد الذي يمكن أن نخرج به في هذا الانقسام هو أن التطبيق الإسلامي الذي تحرص عليه الحركة السياسية السودانية أيضاً يؤكد وضع ممتاز في السودان من جرائه.

 الانقسام الطائفي، الذي يتشكل في وضع رئيسي بين الأنصار والختمية والطوائف المختلفة الأخرى، وفي هذا الوضع فإن المخرج في نظري لتفسير أوجه التفاؤل هو أولا إذا نظرنا للانقسام الطائفي الموجود مثلا في العالم العربي المسلم لوجدنا أن الخلاف مثلا ما بين الشيعة والسنة والدروز والعلويين انقسام أساسي هائل للغاية أما الخلاف هنا فخلاف مختلف للغاية باعتبار أن القدوة التى يقتدي بها ويسير عليها الأنصار هي الإمام المهدي الذي وضع دستوراً واضحاً محددا بتطبيق وأحياء للكتاب والسنة لذا فهو قد رفع رأساً لبعث إسلامي سني.والختمية أيضاً يتبعون تطبيقاً دينياً سنيا.إذن فقد قصرنا الخلاف في داخل نطاق معسكر واحد من معسكرات الإسلام مما يخفف وطأة الانقسام الطائفي تخفيفاً كبيراً لدرجة أنه يمكن أن تلتقي طوائف السودان المختلفة حول مسألة رفع البعث الإسلامي على أساس إحياء الكتاب والسنة. وقد وضع الإمام المهدي أساساً للتسامح الطائفي مرة واحدة  إذ قال: أهل الطرق جزاهم الله خير وصلوا وأوصلوا لكن بعد اليوم رفعنا راية الخلافة الكبرى والخلافة الكبرى تقتضي وحدة الأمة ووحدة الأمة تقتضي أن يسير الناس جميعاً في راية موحدة. فلم يقل ما قاله البعض في أمر الطرق الصوفية من مواقف مسيئة لها، وإنما قال قولا كان يمكن أن يستوعب في الواقع النشاط الديني كله في ظل بعث إسلامي جديد، وهذا يشير إلى حقيقة  أن قيام الإمام المهدي في السودان في الواقع كان جزءاً من حركة اليقظة الإسلامية التى اجتاحت العالم الإسلامي كله في القرن التاسع عشر وهي سلسلة من الحركات الإسلامية التى جردت السيف والعلم والقلم والكتاب في وجه الحكم الأجنبي وفي وجه الخلافة العثمانية إذ تعفنت وفقدت صلاحيتها. فاتخذت صورة المشاعر كلها في حركة اليقظة الإسلامية التي أدت إلى قيام كثير من المبشرين والمصلحين والمسلمين في كل بقاع العالم، منهم السنوسي ومنهم الوهابى ومنهم الحركة التي بعث بها من قبل السيد أحمد بن إدريس إذ أرسل السيد محمد عثمان الميرغني الكبير في حركة تبشير إسلامي وتوسع إسلامي في السودان وأيضاً شملت هذه الحركة قيام دعوة الإمام المهدي لإحياء الكتاب والسنة كحركة بعث إسلامي مرتبط ببعضه البعض. هذه المسائل كلها تشير إلى أن الانقسام الطائفي في السودان ليس كالانقسام الطائفي في البلدان العربية الإسلامية الأخرى وإنما يتميز بهذه الصفات مجتمعة.

الانقسام بين القديم والجديد، ففي السودان كغيره من البلدان الحديثة هذه يوجد انقسام كبير ما بين القديم والممثل في قبائله وأوضاعه وظروفه إلى آخره، وبين الجديد والممثل في خريجيه ومثقفيه ومتعلميه إلى آخره. هذا الانقسام بين القديم والجديد حدث في السودان في الواقع بظروف ألطف بكثير من الظروف التى يوجد فيها في مناطق عديدة أخري، حيث أن  الجديد هم  أولئك الذين يمثلون الجاه والعلم والنفوذ إلى آخره في الواقع قد جندوا في طبقات اجتماعية معينة ذلك لوجود سلطان إقطاعي أو سلطان ملكي في تلك البلاد فرض أن يكون تجنيد المثقفين أو اخذ الشباب للتعليم أو تجنيد الضباط في الجيش أو تجنيد المدرسين أو المتعلمين إلى آخره من طبقات اجتماعية معينة. هذا الوضع لم يحدث في السودان بل جاءت الطبقة السودانية المثقفة من كل حدب وصوب وفي كل مجال اجتماعي لم يكن هناك أي نوع من الحرص على أن يكون النظام الاجتماعي هو السبيل لتجنيد الشخص ليذهب إلى المدرسة أو يؤخذ في القوات المسلحة أو ليؤخذ في أوجه التعليم ودوره المختلفة ولذا فالطبقة المثقفة في السودان في الواقع تختلف عنها في كثير من البلدان الأخرى إذ أنها معبأة أو مجندة من بيئة ديمقراطية دون مراعاة للوضع الذي فيه أب أو أسرة الشخص الذي ينخرط في سلك التعليم ليأتي بعد ذلك وبعد مؤهلاته فيكون حاكماً في الخدمة المدنية أو مدرساً في الجامعة أو ضابطاً في القوات المسلحة.

الانقسام الحزبيأولاً، نستطيع أن نقول نحن أبناء السودان إنه خضع في مراحل عديدة في الماضي إلى وحدة صف واجهت مثلا تحقق مشكلة استقلال السودان وواجهت أيضاً مشكلة الحكم العسكري وواجهت أيضاً العمل على ثورة أكتوبر كل هذه الأشياء تعد تراث لقاء وتراث وفاق يبن الأحزاب السياسية السودانية وقد التقت فيها في تلك المناسبات المختلفة. ثانياً، إن الضرورة التى واجهها القائمون بالقيادة السياسية في بلادنا في وجه التفتيت والتمزيق أصبحت واضحة حتى أنه لا يتحدث الساسة السودانيون الآن إلا في ضرورة الوفاق أو حتى أولئك الذين لا يرون ذلك الوفاق يسكتون باعتبار أن المسألة قد تواجه مشاكل عملية.

إن ما يجعل الوضع في السودان إلى حد ما ممتاز هو أنه عندما يطوف أي منا على أجزاء السودان المختلفة يجد أن الجماهير أصبحت لديها تمسك ببعث لذاتيتها في شكل يقظة إسلامية واضحة المعالم هذه واحدة، والناحية الثانية أن هذه الجماعات تتضح فيها أيضاً معالم مطالبة بأوضاع بالنسبة لمعايشها مطلبية قائمة أيضاً على العدالة ومقتضية مستويات معينة من الكفاءة.

و لصدفة أرادتها تطبيقات النظام القائم في السودان في الماضي  يتمتع السودان بقطاع اقتصادي عام كبيريفرض هيمنته على كل الاقتصاد السوداني بصورة لا تحققها البلدان الأخرى إلا بعد سعي جهيد وبعد تصفية قوى سياسية كبيرة وصراع سياسي هائل. كيف نتمكن من الوصول إلى هذه الغاية التى تمكننا من افتراض أننا فعلا قد جئنا بتطبيق جديد لوضعنا السياسي كله؟

المسألة الأولي هي أن تتفق الأحزاب السياسية السودانية على الخطوط الرئيسية لمواجهة المشكلات السودانية الكبرى هذه المسألة يمكن أن نسميها التقاء الأحزاب السودانية.

والثانية أن تنظم الفئات العمالية وخلافها في إطار عام متفق على الأوضاع الرئيسية لهذا الإطار وميسر لهذه الفئات وهذه التنظيمات وحرياتها النقابية ومحدد للإطارات العامة التي تعيش فيها هذه الفئات.

والثالثة إقامة التعبئة المدنية العامة للمواطن السوداني العادي وهذا عن طريق المنظمات المختلفة غير السياسية بالإضافة إلى الأحزاب السياسية التى تعمل لتحقيق هذا الاتفاق الجديد وأما المثقف غير المنتمي فلابد أيضاً من وصوله لمرحلة المشاركة في هذه العملية وهذا لا يتم إلا بالاعتراف بين الأحزاب نفسها أنه لا ينبغي لكي يكون الشخص مفيداً في العمل العام أن يكون حزبياً وقد يكون غير حزبي واقتناع المثقفين غير المنتمين بأنهم يمكن أن يعملوا في العمل العام دون شرطانتماء للأحزاب السياسية وإنما يكون العمل السياسي الذي يقوم به متجهاً نحو مقابلة كل هذه القوى في  الأفق الجديد الذي ذكرناه.

ما هي الأشكال العملية التي يمكن أن تتم فيها؟

أولا أن ينبع من كل هذا الحديث التيار الفكري الذي يأخذنا جميعاً في موجته.

ثانياً التكوين القومي لمؤسسات إنجازنا التى تعمل على مواجهة المسائل التي إن لم تتسم بهذا الطابع فقدت القدرة على التجاوب مع هذا التيار الذي يؤدي في النهاية إذا وفقنا فيه بتوحيد الإرادة السودانية.

إن الاتفاق حول هذه المعالم وهذه الأسس وقيام هذا التيار الفكري ليحيط بنشاطنا العام كله ولنظمه  حول هذه المسائل يؤدي أيضاً إلى عدم الالتفات إلى المشكلات العامة والصراع وحولها وإلى الانتباه للمشكلات التفصيلية مثلا مشكلات اقتصادنا كالمشكلات الزراعية ومشكلاتنا الصناعية إلى آخره.. كل هذه المشكلات الآن لا تأخذ الصدارة لأن الصراعات السياسية والخلافات حول المشاكل العامة تحجب الأفق عن الناس، ولذا ينتبهون إلى تلك المشكلات العامة وهي مهمة ولا يمكن أن نصل إلى صرف الناس عنها إلا بالوصول إلى اتفاق عام أساسي حولها، فالمظهر العملي الآخر أيضاً هو انصراف الناس للمشكلات العملية الحقيقية التى تواجههم يومياً، وفوق هذا كله وذاك إن قيام دستور متفق عليه يحسم أزمة ومشكلة الحكم والقيادة يستطيع أن يعطي القيادة السياسية التفويض اللازم والاستقرار اللازم والاستمرار اللازم لتتمكن من مواجهة المشكلات المختلفة وفق البرنامج الموضوع لها.

إذن فخلاصة القول التى وددت أن أصل إليها هي أن مسألة المصالحة الوطنية هذه هي استثمار لظروف السودان الخاصة لمحو جراح الماضي، وتوحيد إرادة السودانيين حول أفق سياسي جديد وهي ليست كما يحاول أن يقول بعض الناس محاولة لمزيد من المساومات الحزبية، فليس فيها مجال في الواقع لمساومة لحزب من الأحزاب إن وفقنا إليها، وليست هي أيضاً محاولة لتخدير المعارضة أو تجميدها كما يحاول بعض الأخوان أن يصفوها، وهي ليست بدعوة سياسية جديدة في محيط العمل السياسي السوداني وقد تكررت المصالحة وتكرر الوفاق في مراحل من تاريخ السودان مختلفة ومحددة من تاريخه القديم والجديد، ولكنها هذه المرة نود أن نصبغها بشيء من الاستمرار وشئ من التنظيم لمواجهة المشكلات التى ذكرناها في البداية و التى لا يمكن أن نواجهها إذا لم نحسم هذه المسألة حسماً نهائياً.

قوى التوافق

ما هي القوي الاجتماعية التى تساند هذه المصالحة ؟ ما هي القوي صاحبة المصلحة فيها؟لأنه لا يمكن لشيء أن يتم في عالم السياسة وليست وراءه إرادة اجتماعية قوية وليست وراءه أيضاً أسس وأهداف واضحة المعالم.

إن القوي السياسية والاجتماعية التى تكمن وراء مسألة المصالحة هذه هي الجماعات الواعية في الأحزاب السياسية المختلفة على اختلاف أحزابها السياسية، وأيضاً المثقفون السودانيون المنتمون وغير المنتمين الذين يريدون توسيعاً لماعون العمل السياسي حتى يتمكنوا من المساهمة في بناء وطنهم والانخراط في سلك تلك المساهمة، وأيضاً السواد الأعظم من السودانيين الرعاة والزراع الذين لم يمسهم السودان الحديث بعد والذين أصبحوا قوة مطلبية هائلة، ولابد أن يحيط السودان الحديث نفسه طولا وعرضاً ويتشابي طولا وعرضاً حتى يتمكن من الاستجابة لمطالبهم في الآبار والشفخانات والمدارس إلى آخر المطالب التى أصبحت تقلق النواب وتقلق معهم الحكام وأيضاً كل الحركة السياسية اليوم.

إذن الجماعة  التي يمكن أن تكون صاحبة مصلحة حقيقية في توسيع مواعين العمل السياسي في السودان هي الجماعات المختلفة الواعية في جيوب العمل السياسي المختلفة السودانية صاحبة المطالب الحقيقية سواء جاهرت بذلك أو أسرت به في توسيع مواعين العمل السياسي حتى تتمكن من حسن الأداء وحسن المساهمة، والجمهور العريض من السواد الأعظم صاحب المطالب الكبيرة اليوم التى تطالب مطالبة حثيثة بتوسيع قاعدة السودان الجديد حتى تتمكن من أن تنخرط في سلكه وأن تستمتع بنعمائه.

هناك عناصر لا شك ستعارض المصالحة الوطنية بكل هذه المفهومات التى وردت فيها لأسباب كثيرة أولا هنالك أشخاص عديدون وجيوب كثيرة لا شك أنها منتفعة في تجميد الوضع الحاضر كما هو، جماعة أخري هم النقليون من الذين ينقلون أفكارهم من جهات مختلفة سواء كانت تلك الجهات من تراث سوداني أو غير سوداني المهم في الظاهرة مسألة النقل والاعتماد على مسألة((تابلت)) مخطط معروف محدد لا يخضع في كثير أو قليل إلى مسألة التجاوب مع ظروف خاصة موجودة في قطر من الأقطار إلى مستوى يمكن من التمشي مع ظروف تلك البلاد كما ينبغي أن تكون.  فإذن نحن في وجه الذين يحرصون على تجميد الوضع وأولئك الذين يحرصون على النقل سنجد أن مسألة التجميد ومسألة النقل هذه ستمدنا بمعارضة عنيفة وتشكيك كبير فيما نحن بصدده من ناحية توسيع مواعين العمل السياسي في السودان.

إن أهم شئ في مسألة المصالحة الوطنية هذه هي أنها توضح أن هناك ضرورة حتمية لتوحيد إرادة الأمة وأنه في غير ظل الوصاية العسكرية أو المدنية لا بد أن يتم ذلك عن طريق الاختيار،  وأن هناك عناصر تداعب اليوم أوتاراً تثير بركانا هائلا إنها لم تترك هذا المسلك لأن في ذلك الوضع الذي نحن مجبرون لمصلحة المصالحة أن نتركه إمهال لكل من فكر أن يشاجر أن يفكر قبل المشاجرة في المصالحة حتى نوفق إن أمكن في توحيد إرادة الأمة في ظل الحرية وفي ظل الاختيار لا الوصاية والجبرية، لأن شعار المصالحة الوطنية يوجه طاقتنا لأفق جديد في ظل الحرية وإن سقط هذا الشعار فستتوجه طاقتنا لتمزيق بعضنا ببأس بعض في معركة من ينتصر فيها لا شك لن يعامل الأطراف الأخرى معاملة لطيفة.

[1] الندوة منقولة عن كتاب خطب السيد رئيس مجلس الوزراء 1966م، بتصرف مع وضع عناوين جانبية وتلخيص.