منتدى الإنتباهة الأول يستضيف رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي

الإمام الصادق المهدي
الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله في منتدى الإنتباهة

 

 

الخرطوم: ندى محمد أحمد

 

بالسبت الماضي أشهرت صحيفتكم (الإنتباهة) النسخة الأولى من منتداها الشهري ، والذي يتطرق للقضايا العامة كافة ، في مساقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية ، فضلا عن ضروب الفن والرياضة والشأن الاجتماعي، ولا عجب ان كان الشأن السياسي هو المعترك الأول للمنتدى ، أما الخيار فهو مضمار الأمة الباذخ ، بمعية ربانه المخضرم الإمام الصادق المهدي ، الذي استضافنا في داره العامرة بأم درمان الملازمين ، ليطوف بنا الإمام في سوح السياسة والفكر والتاريخ ، عبر لافتة المرور على العام الأول لحكومة الثورة ، وتداعياته على موقف السودان اليوم  ، بمعية ثلة كريمة من قبيلة الصحافة والإعلام الوطني والعالمي ، وهانحن نبسط ذلك كله بين أيديكم ، بسخاء مستمد منكم وبكم ولكم ..

 

فض الاعتصام

ويمضي المهدي في تقديم الإيضاحات التي طلبها الإعلاميون عبر أسئلتهم ، ومنها قضية فض الاعتصام ، التي وصفها بالأمر الخطير جدا ، وأشار إلى ان رئيس لجنة التحقيق نبيل أديب ذكر له انه سيقدم الحقائق كما عرفها ، وذهب إلى أن نتيجة التحقيق سيترتب عليها أثر سياسي كبير .

معاهدة تعايش

وأبدى دهشته من نعته بمهاجمة إيران وتركيا ، ونفى صحة ذلك، وقال إيران ليست فارس، فلديها وجود عربي في لبنان وسوريا والبحرين واليمن والعراق  ، لذلك  ليس من الحكمة أخذ رأس الرمح بمواجهتها ، استنادا للسياسة الأمريكية ، فهذا غلط كبير جدا ، فلابد من تعامل قائم على التعايش مع إيران ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ،  الإصلاحيون في إيران  على استعداد للتعايش مع العرب. أما تركيا فأشير إلى ان القضية الليبية تخص الليبيين ، وإذا لم تحل سيستقوى كل طرف بالخارج ، ولابد من حل سياسي ، لتنسحب كل القوى الخارجية، وقال إن العرب وإيران وتركيا يلزمهم الاتفاق على معاهدة تعايش ، ولكن هناك أناسا من العهد السوداني القديم ينشطون في تركيا ، ورجائي ان تستقبل تركيا من تشاء ، على ان تمنع قوى الثورة المضادة في السودان من النشاط السياسي ، لتكسب صداقة السودان  .

سياسة الأمة

المهدي ذكر بتأييدهم حمدوك من البداية ، ولفت إلى أنهم  كحزب يطرحون سياساتهم، ومنها مشروع العقد الجديد لإصلاح عيوب الحاضنة السياسية للحكومة ، وقال نحن نتصدى لأي أخطاء ضد مصلحة الوطن ،  ومن ذلك انتقادنا طلب البعثة الدولية الخاصة ضمن الفصل السادس في يناير ، وأعلنا بانه تسليم للسيادة الوطنية ، فعمد حمدوك بتصحيح الموقف بخطاب فبراير، وعندما زار كاودا على نحو فيه تنازل عن السيادة الوطنية انتقدنا هذا أيضا، وايضا اعترضنا على لقاء البرهان مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا، ونحن نتصدى لكل ذلك بموجب سياساتنا .

ميزان الديمقراطية الثالثة

ودافع المهدي عن حكومته في الديمقراطية الثالثة ، بقوله في 1989 كان للسودان أنجح موسم زراعي ، ونسبة النمو 12 % ، وكنا على وشك توقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية بقيادة قرنق ، عبر مؤتمر في 18 سبمتبر 1989 للوصول لاتفاق ، يخلو من الهيمنة الأجنبية ومن تقرير المصير ، وعوضا عن أن يبني الانقلاب على هذا شطبه ، كما زرت اليابان واتفقت معهم لإرسال بعثة فنية لإحصاء إمكانات البلاد الزراعية والحيوانية والمعدنية، ونؤسس لشراكة بيننا ، ووفدهم كان سيصل البلاد في ديسمبر من نفس العام ، وأذكر ان المرحوم عمر الدائم قال لي إن الغرب لن يتركنا وسينفذ انقلابا . وفي 1988 دعونا لمؤتمر دولي في السودان ، أداره البنك الدولي ، لطلب إجراءات تؤمن السودان ضد المطر ، وخرج المؤتمر بنصف مليار دولار ،لإغلاق الثغرات في هذا الشأن ،وتوقف ذلك بعد الانقلاب ، ولو طبق ذلك البرنامج لتمت معالجة مسألة الفيضانات السابقة والحالية بمعالجة كل نقاط الضعف.

الساسة والعسكر

لاشك أن الوضع الحالي قد يغري بالانقلاب العسكري ،والثورة المضادة في دول الربيع العربي مضت في هذا الاتجاه  ، دعمت الجيش لاستلام السلطة، ويمكن حدوث ذات السيناريو في السودان، من قبل يائسين وآخرين لا ثقل شعبي لهم ، ولكنه سيفشل، ومن يفعل  لم يتعظ بدروس الأمس . وصحيح ان الانقلابات الثلاثة كان وراءها مدنيون ، فالانقلاب الأول كان بيد المرحوم السيد عبد الله خليل ، وأيده السيدان ، لكن الأمة كحزب عارضه من أول يوم ، وكان هناك انقسام بين الحزب ورئيس الوزراء ، وأنا شاهد بأن والدي رئيس الحزب كان في الخارج ، وعاد إثر الانقلاب ، وأخبر والده عبد الرحمن بذلك وقال (لازم الانقلاب يتفرتك الليلة)، وهذا هو رأي حزب الأمة ، وقد ورد ذلك في مذكرات السيد أمين التوم ، أحد وزراء الأمة في الحكومة .
وأقر المهدي ان كل الانقلابات العسكرية كان وراءها حواضن سياسية ، ولكن بجانب ذلك هناك ثورات سياسية ضد الانقلاب باستمرار ، عبر الانتفاضات الثلاث والحركات المسلحة ، والدرس المستفاد أن الثورة المضادة ترغب في الانقلاب ، وكذلك القوى السياسية التي لا أمل لها في تأييد شعبي .

 

الإمام الصادق المهدي
الإمام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله في منتدى الإنتباهة

 

حوارات

وأخبر المهدي عن لقائه مع  ميشيل عفلق في 1988 في بغداد ، وهو مؤسس حزب البعث ، طرد من سوريا ،فاتجه للعراق، وتحاور معه حول  مواقف البعث من الإسلام ؟  وعن  شعارات الحرية والوحدة والاشتراكية التي تبنوها،  ورد عليه عفلق  بأنه  من الخطأ الدخول في كلاش مع الإسلام ، ولا داعي للتناقض مع الإسلام ، ونعترف بخطأ الوصول للسلطة عبر الانقلاب .  وأشار المهدي إلى اجتماع الإسلاميين الإخوانيين في يناير 1989 في الكويت، وخرجوا من اجتماعهم بتجنب  تطبيق الشريعة عبر الانقلاب العسكري ، والدكتور حسن الترابي كان معهم ،ولكنه مضى في طريق الانقلاب ، ولكنه اعترف بالندم في برنامج شاهد على العصر ، والآن في السودان هناك أحزاب لا ثقل شعبي لها تفكر في الوصول للسلطة عبر الانقلاب ، وسيجدون عسكريين لديهم طموح ، ولكن تدميرهم في تدبيرهم، وقبل عدة أيام عملوا مظاهرة لتفويض الجيش  ، واعتقد أن تركيبة السودان ترفض الحكم الاستبدادي .

دمج وتسريح

وحول تعدد القوات النظامية قال المهدي لابد من دمج القوات المسلحة والدعم السريع في كيان عسكري واحد بقانون واحد، على أن يكون الدعم من أركان القوات المسلحة ، ولابد من إشراك كل العناصر المسلحة حاليا في عملية الدمج والتسريح بصورة منضبطة في القوات المسلحة ، لتكون لدينا قوات مسلحة واحدة بقانون واحد وعقيدة قتالية واحدة ، وأي خلل في هذا الأمر سيفضي لانقسامات في السودان، ومن أخطاء  اتفاقية نيفاشا الكبيرة ، الاتفاق على احتفاظ الجيش الشعبي بكيانه كما هو ، والاحتفاظ بالفرقتين التاسعة والعاشرة في الشمال، لأنها علقت الحرب الأهلية ولم تنهها ، لذلك قلنا إن نيفاشا لن تجلب السلام ، فعندما تم الانفصال كان هناك خلاف حول عشرين نقطة حدودية بين الشمال والجنوب ، فكيف تمنح الجنوب تقرير المصير قبل أن تحدد حدوده ، وهناك أمران غذيا دعاوى الانفصال ، تقسيم البلاد على أساس ديني ،  وبرتوكول الثروة والنص فيه على النفط فقط   .

اصطفاف جديد

قال المهدي نحن لدينا رؤية لكيفية تشكيل المجلس التشريعي،  فهو الآلية الوحيدة لتعديل الوثيقة الدستورية ، وكذلك التعديلات التي تتطلبها اتفاقية

السلام ، فاجتماع مجلسي السيادة والوزراء لا صلاحية له في تعديل الوثيقة الدستورية .

وبشأن اتفاق السلام في جوبا قال المهدي قوى اتفاق السلام  كانوا معنا في نداء السودان ، وحصل افتراق ، ونأمل أن يتخلوا عن العمل المسلح وأن يتحولوا لقوى مدنية سياسية ، ويمكن ان نطرح لهم مشروعا للتحالف فيما بيننا ، الآن هناك عشرات الأحزاب السياسية ، وهذا وضع غير صحي للديمقراطية ، لذلك لابد من اصطفاف جديد ، هناك عاملان في المصير الوطني هما التأصيل والتحديث ، ومن يغلب الأول على الثاني يمين ، ومن يغلب الثاني على الأول يسار ، ومن يجمعون بين الاثنين هم الوسط ،ونحن نعمل تحالف للوسط ، بإجراء تسوية بين التأصيل والتحديث .

الوحدة الوطنية

وحول الأوضاع التي تمر بها البلاد حاليا ، قال  المهدي إن الرسالة الحقيقية لإنقاذ المدنية والتحول الديمقراطي  في السودان لابد من وحدة وطنية تشمل جميع الأطراف ، وبدون هذا لن تنجح الفترة الانتقالية ، لأنه لا توجد وسيلة ترجيح الآن ( انتخابات) ، والوسيلة الوحيدة هي التوافق .

اتفاق مرحلي

صحيح الحركات الموقعة على اتفاق الأحرف الأولى لا يمثلون الكتلة المسلحة الأقوى حاليا ، ولكنهم عناصر لهم وجود سياسي ، ويجب أن لا ننظر للاتفاق على انه نهائي ،فهو اتفاق مرحلي، مع أناس معنيين بالسلام ، ولكن السلام لن يكتمل ما لم يشمل الآخرين .

وفيما يتعلق بإحجام المجتمع الدولي عن دعم السودان بعد التغيير، قال نحن كتبنا لهم ،وهم ظلمونا ظلما شديدا جدا ، وظلمونا بخطايا البشير، فكيف يعاقبوننا بها ونحن من ضحاياها،  وكنت أتصور أن يشطبوا اسم السودان من قائمة الإرهاب بعد التغيير مباشرة .

احتواء الصراع

وفيما يتعلق بالصراع بين مجلسي السيادة والوزراء، قال المهدي نحن نعمل على احتوائه ، لأنه ممكن يضر ، (لأن الكلام الذي اتقال من حمدوك ورد عليه البرهان ، يخلينا لازم نتدخل بصورة ما) ، (عشان نطلعهم من احتمالات المواجهة).

عنوان

وبشأن تعديل الموازنة الذي من المفترض أن تبدأ في سبمتبر الجاري ، قال المهدي رؤيتنا أنه لابد من مؤتمر اقتصادي لنتفق على المفاهيم ، فهناك من يرى أن لا ننسق مع المؤسسات الدولية ، وآخرون يدعون لذلك ، ونحن أصدرنا بيانا يوضح موقفنا ، ومن ذلك لابد أن يكون للدولار سعره الواقعي أي قيمته الفعلية ، وبغير ذلك يحصل التهريب والمشاكل ، ولا تستطيع أن تستقطب أموال المغتربين ، ثانيا يجب رفع الدعم بصورة ذكية ، بحيث تعوض العناصر الضعيفة في المجتمع ، وطالما كان سعر موادنا مدعوما ستهرب للخارج ،خاصة وأن حدودنا واسعة، ومن الصعب السيطرة عليها.

 

 

الإنتباهة