منشور: مطلب الشعب السوداني

الإمام الصادق المهدي
سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

منشور من الإمام الصادق المهدي إلى جميع السودانيين

إلى أهل الوطن العزيز رجالا ونساء وأطفالا في مفرق الطريق الوطني إلى السلام العادل والتحول الديمقراطي الحقيقي.

يا أهلنا،

لقد عقدنا مع نظام “الإنقاذ” نداء الوطن في نوفمبر 1999م. وكنا نريد لهذا النداء أن يصير وثبة وطنية تبرمج لمشروع سلام عادل وتحول ديمقراطي حقيقي وتلتف حوله كافة القوى الوطنية على نمط ما حدث في جنوب إفريقيا بعد مؤتمر الكوندسا الذي فتح الطريق أمام التحول العظيم.

وحقا وصدقا صفينا وجودنا الخارجي، ووضعنا السلاح، ونبذنا العنف، ودخلنا مع النظام في تفاوض جاد لتحقيق المطالب الوطنية المشروعة.

لم يبادلنا النظام حقا بحق، ولا صدقا بصدق، بل عاملنا بالمناورة، والمراوغة، وفي عملية هي من أفدح ما عرف في تاريخ السودان الحديث اعتبر الوكيل المندوب هو الأصيل المتجذر وابرم معه اتفاقا انخرط بموجبه في النظام، واعتبر أهل النظام هذا الانخراط الجزئي انخراطا لحزب الأمة، وألغوا بموجبه كل مجاهدات حزب الأمة وتضحياته واجتهاداته وثقله الجماهيري في أبلغ صورة من مشاهد الآية (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)سورة النمل الآية14.

رغم هذا الاستفزاز لم نغيّر من استراتيجية العمل من أجل الحل السياسي الشامل المتفاوض عليه، بل حرصنا على الاستراتيجية بإلحاح ومثابرة أنجحتها وجعلتها مكان إجماع كافة القوى السياسية في السودان وقطعنا طريقا وعرا في مشوار فلاح وطني معالمه:

أولاً: قمنا بحملة تعبوية شملت منابر عديدة ومواقع كثيرة داخليا وخارجيا بشرنا فيها بالحل السياسي الشامل وأوضحنا مرتكزاته وجمعنا الرأي حوله.

ثانياً: في إطار كيان الأنصار العريق قمنا بحملة تنظيمية إصلاحية هدفها نقل هذا الكيان الأوسع شعبية من أطر تقليدية ساهم بها في ظروف الماضي في صلاح الدين وفلاح الدنيا إلى أطر تستصحب الحداثة والمستجدات الاجتماعية على أساس لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال. حملة سوف يجني الدين والوطن منها ثمار بعث واستنهاض لكافة كياناتنا التقليدية تفعيلا لدورها في الحياة العامة وفي التسامح والتعايش بين الملل والمذاهب والاجتهادات.

ثالثاً: حملة تنظيمية لحزب الأمة الذي كان الرقم الأول في التصدي للنظم الديكتاتورية، والرقم الانتخابي الأول في كافة الانتخابات العامة الحرة. حملة تنظيمية حققت طفرة في قومية حزب الأمة وديمقراطيته ومكنته من دراسة وتبني برنامج شارك في إعداده مئات الدارسين والمتخصصين.

رابعاً: ورغم تغييبنا اتخذنا موقفا إيجابيا من محادثات السلام للدفع بها نحو النجاح في إطار المبادرة المشتركة ثم في إطار مبادرة الإيقاد.

وعندما تعثرت المبادرة المشتركة رغم ما أسهمنا به في إنعاشها وتقدمت مبادرة الإيقاد برافع دولي فعلها، دعمناها بإيجابية فاقت حماسة طرفي التفاوض فيها. وكنا ولا زلنا نقوم بالاتصال المباشر مع طرفي التفاوض، والوسطاء، وبالمشاركة في المؤتمرات والمنابر الدراسية داخل السودان وخارجه ندفع بقوة في سبيل اتفاق يحقق سلاما عادلا وتحولا ديمقراطيا حقيقيا.

خامساً: ظهر لنا بوضوح أن طرفي النزاع المسلح بعد أن اتفقا على بروتوكول مشاكوس في يوليو 2002م لن يتمكنا من التحرك بالمرونة التي يوجبها الحل الوسط مما جعل اللقاءات بعد إبرام البروتوكول حوارات عقيمة تقف في خانة: مكانك سر!!.

إن السلام العادل والتحول الديمقراطي هما مطلبان شرعيان للشعب السوداني ولكن الإقدام اللازم للاتفاق بشأنهما لن يأتي من داخل طاولة المفاوضات بل لا يرجى أن يصل التفاوض بينهما درجة اللقاء وجها لوجه.

هذا الموقف يعني أن الحسم نحو الاتفاق ربما جاء من مبادرات الوسطاء أو جاء من موقف وفاقي شعبي سوداني يدفع طرفي التفاوض نحوه . لذلك فكرنا منذ ديسمبر 2002م في مشروع التعاهد الوطني الذي تطرق لكل النقاط المختلف عليها وأحصاها عددا واقترح لها حلا وسطا.

بخصوص العاصمة جاء في مشروع التعاهد النص الآتي:

  • عاصمة البلاد هي الخرطوم بحدود إدارية معلومة يتفق عليها وتمثل العاصمة الإدارية القومية وتخضع للقوانين المستمدة من الدستور الاتحادي.
  • ولاية الخرطوم الحالية تختار لها رئاسة ولائية أخرى.
  • الخرطوم الولاية تكون لها نفس حقوق الولايات الأخرى وتستثنى الخرطوم العاصمة القومية.

هذه الآراء هي من نوع الحل الوسط الذي لا بد منه في ظروف التفاوض، وقد طرحناها على كل القوى السياسية السودانية الحاكمة والمعارضة،استجابت الكثير من القوى السياسية للمبادرة بردود مكتوبة وكونت لجنة من تلك القوى لبحث الاتفاق النهائي، ولكن المؤتمر الوطني الحاكم والذي وعد بتقديم رده المكتوب لم يفعل حتى الآن، وما زلنا نجري اتصالاتنا لإبرام اتفاق شامل تتراضى عليه القوى السياسية السودانية.

سادساً: وفي مايو 2003م صدر إعلان القاهرة بين الزعماء السودانيين الثلاثة. جاء في هذا الإعلان بخصوص العاصمة النص الآتي: “ولذا فإن (الزعماء) يرون بأن الاتفاق على قومية العاصمة التي تساوي بين كافة الأديان والمعتقدات لهو ضرورة لازمة للحفاظ على وحدة بلادنا على أسس جديدة”. هذا نص عام يفصله ما ورد بشأنه في وثيقة التعاهد الوطني.

وكالعادة انطلقت أصوات الحماسات العاطفية التي كالت للجميع الاتهامات ودبجت الإدانات. صحيح أن ردود فعل الحكومة على الإعلان في البداية لم تكن هجومية إذ جاء الترحيب مضمرا تارة ومعلنا أخرى وانحصرت التحفظات حول الخشية من أن يكون العمل محورا جديدا ضد الحكومة حسب تصريح مستشار الرئيس السياسي، وكذلك الخشية من المطالبة بإشراك التجمع والأمة في الجولات القادمة حسب تصريح مستشار الرئيس لشؤون السلام، أما الأمين العام للمؤتمر الوطني الحزب الحاكم فقد رحب برمزيات اللقاء وأضاف بان مضمون الإعلان لا يحمل جديدا، ثم فجأة تغيرت اللهجة وابتدأت حملة شرسة حول وضع العاصمة القومية، وحولت التحفظات السياسية إلى تحفظات فقهية من باب المزايدة.. ردة الفعل المتأخرة والهجمة من قبل النظام جاءت بعد مرور خمسة شهور على طرح مبادرة التعاهد الوطني الحاوية لنفس أفكار الإعلان، والجديد الآن أن حزب الأمة اتفق مع الحزب الاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان على تبني الحل الوسط الذي كان تقدم به من قبل، أما الحكومة وحزبها فقد ظنا أنها فرصة يمكن أن تستغل لنسف عملية السلام. ولو أن أهل النظام تفكروا لأدركوا أن ما جاء من حل بشأن العاصمة متسق مع ما أبرموا من اتفاقيات وما شرعوا من دستور ففي تلك الوثائق ترد المعاني الآتية:

(أ) فكرة التنوع القانوني والدستوري.

(ب) فكرة المواطنة كأساس للحقوق والواجبات.

(ج) فكرة المساواة بين الأديان في الأمور المشتركة بين المجموعات الوطنية.

وما دامت العاصمة رمز للجميع ومقام مشترك فلا غرابة أن تحظى بمعاملة قومية لا سيما وهذا الوضع ينسجم مع وحدة البلاد ويبطل الانفصال الذي تراه أغلبية أهل السودان مفسدة ودرء المفاسد شرعاً مقدم على جلب المصالح.

سابعاً: إن الإسلام دين تسامح واعتدال والخوض في واجباته السياسية يوجب التفقه والتدبر: )أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)- سورة محمد الآية 24. )وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)- سورة الفرقان الآية 73.. المسلم يعلم أن قطعيات الوحي في الكتاب والسنة هي مرجعياته ولكنه كذلك يعلم أن عليه وهو يلتزم بالأحكام أن يراعي الحكمة، وأن يراعي مقاصد الشريعة، وأن يراعي ظروف الزمان والمكان.. فما معنى التشدد في الموقف إذا كان سوف يؤدي إلى نقيض مقاصد الشريعة؟. قال العز بن عبد السلام: “كل موقف يأتي بنقيض مقاصده باطل”.

عندما وقع انقلاب 30 يونيو 1989م كنا على وشك عقد مؤتمر قومي دستوري في 18/9/1989م. وكانت أجندة ذلك المؤتمر يومئذ مكونة من أربع نقاط: علاقة الدين بالدولة- توزيع الثروة- لا مركزية الحكم- والمشاركة في السلطة.

ولكن النظام الجديد اتخذ نهجا جديدا ملتزما بسياسات حزبية إسلاموية ضيقة ومسميا الحرب الأهلية جهادا.

هذا النهج الحزبي الضيق خلق استقطابا داخليا، وإقليميا، ودوليا استفاد منه الطرف الآخر في الحرب الأهلية حتى أن زعيمه الذي كان في عام 1989م يعامل بسرية صار يعامل الآن “كرأس دولة”. فيما يلي حصاد 14 عاما من سياسات نظام “الإنقاذ” في هذا الصدد:

  • فيما يتعلق بعلاقة الدين والدولة قبل النظام الصيغة التي قررتها قوى المعارضة في مؤتمر أسمرا 1995م وهي اعتماد المواطنة أساسا للحقوق والواجبات الدستورية، واحترام الحريات الدينية، والاعتراف بالتعددية الدينية والثقافية في البلاد.
  • التوجه الإسلاموي العروبي الحزبي الذي اندفع فيه النظام غذى رد فعل جنوبي واسع فاتجه نحو تقرير المصير. لقد صار تقرير المصير لأول مرة في تاريخ السودان الحديث مبدأ ضروريا لاتفاقية السلام.
  • في عام 1989م كان الحوار بين أطراف النزاع السودانية حوارا سودانيا سودانيا. لكن فجوة الثقة الواسعة التي خلقتها سياسات نظام “الإنقاذ” جرت إلى الساحة طرفا ثالثا –طرفا دوليا- مما أدى لتدويل القضية السودانية بصورة غير معهودة في تاريخ السودان ما بعد الاستقلال.
  • كانت جبهة القتال واحدة جنوبية شمالية، ولكن الآن صارت جبهات القتال ست بإضافة دارفور –الجبهة الجديدة- وصارت كل حدود السودان مع جيرانه خاضعة لقوات إما معارضة أو أجنبية!!.

خسر السودان ما خسر من أرواح وأموال عبر 14 عاما من التنطع والمكابرة، وفرّط النظام في جزء كبير من أراضى الوطن، وعرض النظام عبر تقرير المصير الذي أفرزته سياساته مصير السودان لخطر التمزق، ووضعت سياسات النظام مستقبل البلاد في يد التدويل.. هذا كله بسبب غلو النظام في توجهاته الأيديولوجية وسياساته الحزبية.. إننا نحاول الآن إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولكن ها هي نفس العقلية التي أورثتنا الضياع تطل علينا بنفس النظرة المتحمسة بغير وعي.. النظرة التي إذا جاريناها لعرضنا البلاد لتمزّق أكيد ومزيد من التدويل البغيض.

ولو أن هؤلاء تفكروا هل العاصمة السودانية اليوم أقرب للإسلام أم في عام 1989م عندما قامت السلطة الجديدة؟ لأدركوا أنه مهما كانت القوانين في الدفاتر فإن النظام المصرفي اليوم أكثر ربوية منه في عام 1989م، وأن الزكاة اليوم تطبق بصورة أبعد عن الإسلام منها في عام 1989م لأنها اليوم محض جباية وثنوية ضريبية يرزح المسلم تحت وطأتها. أما من ناحية الأخلاق فلا أحد ينكر أن الذمة والأمانة اليوم أقل كثيرا مما كانتا في عام 1989م، وأن الشارع السوداني اليوم أكثر استهتارا خلقيا، ففي كل هذه الحالات الضرورة الاقتصادية التي خلقتها السياسات خلقت فقرا والفقر أخو الكفر. هذا علاوة على استغلال الدين لتثبيت السلطان، ورفع الشعار الديني غطاء للكسب الدنيوي، والتلاعب بالدين على غرار حفلات عرس الشهيد والعقد على الحور العين، وإعلان الجهاد بغير ضوابطه وشروطه، وابتداع صلاة الشكر والإجماع السكوتي، والبيعة البعدية وتعدد البيعات، وغير ذلك من الألاعيب، كل ذلك أدى للاستهتار بالدين وبالخطاب الديني لدى الكثيرين.

سابعاً:الالتزام الإسلامي لا يكون مجردا من الظروف المحيطة بالمسلمين. فالتوجيه الإلهي يبدأ من (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) سورة آل عمران الآية 102 إلى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)سورة التغابن الآية 16.. وفي حالة الإكراه يجوز للمسلم أن يظهر الكفر (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ)- سورة النحل الآية 106.

وفي مكة كان التوجيه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)- سورة النساء الآية 77. وفي المدينة كان القتال دفاعيا (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) سورة الحج الآية39، ولدى قيام الدولة الإسلامية العظمى في دمشق ثم بغداد صار القتال هجوميا، وأمام غزو التتار ظهرت فتاوى ابن تيمية الأكثر هجومية.

وهنالك ظروف جعلت النبيصلى الله عليه وسلم يعطل الحدود –أي أثناء القتال- وجعلت عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يعطّل حد السرقة كما في عام الرمادة. والنبيصلى الله عليه وسلم عقد مع أصحاب الملل الأخرى صحيفة المدينة، وفي ظروف أخرى أجلاهم عمر (رضي الله عنه) عن جزيرة العرب. وفي ظروف معينة أبرم النبيصلى الله عليه وسلم مع المشركين اتفاق الحديبية الذي انطوى على “تنازلات” أدرك النبيصلى الله عليه وسلم حكمتها التي فاتت على أكثر الصحابة. ومع ذلك، سمى المولى تعالى هذا الاتفاق فتحا جنى المسلمون ثماره.

نحن اليوم في ظروف وطنية بالغة الحساسية، وظروف إقليمية بالغة الخطورة، وظروف دولية بالغة النذر، والعمل على إيجاد حل وسط يضع حدا للحرب الأهلية أولوية وطنية وإسلامية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

ثامناً: إن إنقاذ السودان من سياسات “الإنقاذ” التي أوصلته إلى ما هو عليه الآن من مخاطر التمزق والتدويل، بل إنقاذ “الإنقاذ” من نفسها يوجب العمل على إبرام اتفاق شامل يحسم كل النقاط المختلف عليها ويواجه الوسطاء والمتفاوضين بموقف شعبي موحد حول كل القضايا. فبالإضافة لموضوع العاصمة هنالك أربع قضايا مختلف عليها:

  • المناطق المهمشة وحولها خلاف. والحل الوسط هو أن تعامل كسائر المناطق المتأثرة بالحرب في كافة الحقوق والواجبات على أن يترك أمر مستقبلها لممثليها المنتخبين انتخابا حرا.
  • وضع القوات المسلحة مختلف عليه في الفترة الانتقالية. والحل الوسط هو أن يجري عليها ما جرى في منطقة جبال النوبة من إعادة انتشار، ورقابة لوقف إطلاق النار، وتنسيق دفاعي انتقالي. هذا مع حل المليشيات وإيجاد سبل حياة بديلة لها. وضع القوات المسلحة الانتقالي ينتهي بنهاية الفترة الانتقالية. وفي هذا الأثناء يدرس برنامج الدمج وبرنامج الفصل للتطبيق بعد الاستفتاء.
  • توزيع الثروات الطبيعية يكون على أساس ثلاثي بين المنطقة الحاوية وبين صندوق للتوازن التنموي لصالح المناطق الأقل نموا وبين الخزينة المركزية.
  • الحكومة الانتقالية تقوم على أساس ثنائي لمدة عامين مع تمثيل رمزي للقوى السياسية الأخرى لضمان نزاهة الانتخابات. وفي هذا الأثناء تتكون لجنة قومية للدستور لتضع الدستور القومي. وتجري انتخابات عامة حرة لتأتي بحكومة ديمقراطية مساءلة.

.. هذا النهج الوسطي في حل نقاط النزاع يطبق على كل النقاط الوارد الخلاف عليها. من المؤسف أن المؤتمر الوطني وحكومته ظلا أسيران لشعارات فارغة ربطت الإسلام بالديكتاتورية والقهر والنهب والأحادية، وبقية أهل السودان ترى في الإسلام العدل والرحمة والصدق والأمانة والتسامح والاعتدال والحرية، وهذا خلاف أساسي بيننا وبينهم، يوجب على المؤتمر الوطني وحكومته مراجعة موقفهما حتى يتحقق الخير والسلام لأهل السودان.

ختام: لقد اندفع النظام وراء سياسات وإعلام يناقض روح التسامح والتطلع لحل وسط لا بديل له إن أردنا تحقيق السلام العادل والتحول الديمقراطي الحقيقي وأقام المنابر للأصوات المتشنجة التي تعتقد أن اختلاف الملة سبب كاف لإعلان القتال بل وتعتقد أن المسلم بنص القرآن يجب أن يكون إرهابي في فهم جهول لمعنى آيات القرآن وردة إلى عهود الطالبانية. لقد عكرت إجراءات الاعتقال والاستجواب والتضييق على الصحف، وحماقات الإعلام الجارية الآن المناخ السياسي في البلاد مما أجبرنا للقيام بحملة تعبئة داخلية وخارجية للكشف عن هذه النكسة لكل الأطراف المعنية واتهام النظام بأنه يتذرع بمسألة العاصمة ليخفي تنازله عن مشروع السلام العادل والتحول الديمقراطي حفاظا على مصالح ذاتية وحزبية يخشى زوالها. إن ما نسعى إليه هو اتفاق سياسي شامل لا يستثني النظام بل يشمله، ولكننا لن نترك مصير بلادنا لأهواء نظام تحركه مصالح ذاتية يقدمها على مصالح الدين والوطن.

إن أمر السودان أهم من أن يترك لتفاوض ثنائي ووسطاء دوليين. لذلك ينبغي أن نعمل لإبرام اتفاق شامل بين القوى الفكرية والسياسية والمدنية السودانية في فترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع من الآن. وفي هذا الأثناء، على حماقات النظام الحالية أن تتراجع، وأن يتم الإفراج عن المتعقلين السياسيين وتتاح الحريات الصحفية والعامة توطئة لتحقيق الاتفاق الوطني بمشاركة قومية.

هذا الاتفاق هو مطلب الشعب السوداني العادل والمشروع ومن شأنه أن يحقق إجماعا من تخلف عنه فقد عزل نفسه.. إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.

أخوكم

الصادق المهدي

رئيس حزب الأمة المنتخب أبريل 2003م

وإمام الأنصار المنتخب ديسمبر 2002م