نحو مشروع قومي للرياضة بالسودان

بسم الله الرحمن الرحيم

المحاضرة التي ألقاها الإمام الصادق المهدي بنادي بيت المال الرياضي بعنوان: نحو مشروع قومي للرياضة بالسودان

24/3/2003م

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الوالي الكريم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله وصحبه مع التسليم.

أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي مع حفظ الألقاب جميعاً،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أشكر نادي بيت المال الرياضي لدعوتي للتحدث إليكم هذا المساء في هذه الندوة الهامة، وإن كنت قبيل حضوري أردت أن أعتذر عن هذه الندوة نسبة للأحزان المحيطة بنا الآن، هذه الأحزان توجب منا تأملاً وتفكراً لما نشهد فيها من سلبيات، ولكن الأخ الهادي مبارك وهو شخص قوي الحجة ومتحمس لناديه، أصر وألح علي فأقدمت، ولكني سأشارككم في دقائق بسيطة الحديث عن الأوضاع التي أحزنتني فالحزن لا يتم إلا بالمشاركة وكذلك السرور.  السبب الأول: لهذا الحزن الذي أراه مخيماًُ علينا جميعاً هو ما يحدث الآن لأهلنا في العراق من بطش غير شرعي وغير مبرر وفيه نرى بأعيننا كيف يشقى هذا الشعب الأصيل الطيب، صحيح نحن من أكثر نقاد النظام الذي يحكم العراق ومن أكثر نقاد كل النظم التي تعتقل شعوبها وتحرمها حريتها وحقوقها وكنا ولا زلنا نناضل من أجل رفع البطش عن شعوب منطقتنا، ولكن هذه الحرب على العراق لا مبرر لها وهي خارج شرعية الأمم المتحدة، إن حجة حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل والاستبداد السياسي ليست حقيقية فليس العراق وحده الذي يملك هذه الأسلحة وليس النظام العراقي وحده المستبد، إنما يحدث في العراق غير شرعي وهو سبب حزن عميق. على كل حال يجب أن يؤول مستقبل العراق للأمم المتحدة لتقرر بشأنه لأن أي ترتيبات خارج هذا الإطار ستكون ترتيبات جائرة وغير قانونية، نسأل الله أن يرحم شهداء العراق ويرفع البلاء عن شعبه.

السبب الثاني: للحزن آت من أن انشرحاً لرفض أكثرية شعوب العالم لهذا العدوان الجائر شابه أن بلداننا تتصدى للأسف للتعبير عن هذه المشاعر بالمنع والقمع مما أسقط كثير من الشهداء والضحايا بغير مبرر. لقد طالبنا ولا زلنا نطالب بأن تجرى تحقيقات عادلة في التجاوزات التي وقعت جراء التصدي لهذه المشاعر الفطرية الإنسانية ومعاقبة كل من تسبب فيها.

إن على النظم الحاكمة في بلادنا والبلدان الأخرى أن تدرك أن التحول الديمقراطي قد صار أمراً حتمياً، وقد صار لذلك لزاماً على هذه النظم وضع آليات للتعامل مع معارضيها بصورة تواكب هذه الحقيقة، أي تجاهل لهذه الحقيقة سيحدث تناقضاً غير مقبول.

السبب الثالث للحزن هو الحادث المؤسف الذي وقع لاخوتنا في نادي المريخ وراح ضحيته الاخوة عز الدين ربيع، صديق العمدة وعبد اللطيف السيد، رحمهم الله رحمة واسعة، وأسال الله عاجل الشفاء للجرحى محمد الياس محجوب، محمد فقيري عدلان وعادل أبو جرشة.

أما الحزن الرابع والأخير فهو بسبب المشهد الرياضي في السودان اليوم، إن حال الرياضة السودانية جد محزن وهو جزء من حزن عام لا يقتصر على مجال الرياضة فحسب. لقد كان  السودان في الماضي رائداً ومتقدماً مقارنة مع كثير من دول عالم الجنوب في كثير من المجالات مثل الخدمة المدنية والتعليم العالي والرياضة، قال الشاعر محمد المكي إبراهيم يصف تلك المرحلة من الفأل بالسودان:

من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر

من غيرنا ليغير التاريخ والقيم الجديدة والسير

من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة

جيل العطاء المستجيش ضراوة ومصادمة

المستميت على المبادئ مؤمنا

المشرئب إلى النجوم لينتقي صدر السماء لشعبنا

جيلي أنا

جيل العطاء لعزمنا حتما يذل المستحيل وننتصر

وسنبدع الدنيا الجديدة وفق ما نهوى

ونحمل عبء أن نبني الحياة ونبتكر

تبدل حال السودان الآن وأصبح في المؤخرة وصار الرهان الآن ضد السودان، قال الشاعر عالم عباس واصفاً تلك الحالة من التشاؤم:

يميع وطن

كقطعة الثلج وقد شواها لهب الظهيرة

ونحن حوله على رؤوسنا الطير

وفي العيون حيرة مطفأة

ودمعة كسيرة

نجول بين الحبل والجلاد

منفيين في البلاد

هدنا الوهن

وفي الجوانح الإحن

نسائل الدمن: هل التي تعممت أرجلنا؟

أم الرؤوس انتعلت أحذية؟

هل القميص ما نلبس أم كفن؟

وطن وطن

 كان لنا وطن

هذا التغيير من التفاؤل العظيم بالسودان إلى التشاؤم العظيم هو الذي يجب أن نخاطبه جميعاً في جميع المجالات وعلى رأسها المجال السياسي لنستنهض الهمم  لتغيير هذا الرهان ضد السودان.

المشهد الرياضي الحزين يتجلى في مظاهر كثيرة أهمها:

  • التراجع السوداني الكبير في مجال الرياضات التي كنا سباقين فيها.
  • الانحراف الكبير في مفهوم الرياضة نفسه، كثير جداً من المهتمين بالرياضة الآن يهتمون بها كمشجعين أو متفرجين فقط، عندما أستعرض زملائي – في الدراسة أو السجن– لا أجد واحداً منهم يمارس الرياضة الآن، هذا على  كثرة أندية الرياضة خاصة كرة القدم التي أصبحت في الحقيقة كرة “بطن”! هذا الزهد في الرياضة أمر مدهش.
  • الانحراف الثاني في مجال الرياضة هو الربط الخاطئ بين الرياضة والشباب وكأن الرياضة للشباب فقط، صحيح أن الشباب يحتاج للرياضة ولكن جميع الأعمار الأخرى تحتاج أيضاً للرياضة، هذا الربط غير صحيح ويجب العمل على فصله، الصحيح هو أن الرياضة للجميع من المهد لللحد.
  • اختفاء الرياضة المدرسية، كانت الأكاديميات في الماضي تهتم جداً بالرياضة. عندما كنا طلاباً في جامعة الخرطوم كانت هناك ميادين لكرة القدم والتنس والطائرة والباسكت وغيرها. الآن تقلصت هذه الميادين في جامعة الخرطوم، وبالنسبة للجامعات الجديدة فلا يوجد فيها هذا البند أصلاً! أما الميادين العامة في الأحياء فهي الأخرى تقلصت بالبيع لصالح تمويل الميزانية العامة. لقد شهدنا سعادتنا في صبانا في هذه الميادين خاصة بالعباسية، كانت في الحقيقة نوادينا التي لعبنا فيها شدت وشليل وكرة القدم وغيرها.
  • هناك مشاكل رياضية ترتبط بالسياسة. اهتم العهد الشمولي الأول بالرياضة ولا بد أن نذكر للسيد اللواء محمد طلعت فريد كبير اهتمامه الرياضي، ولكنه كان اهتماماً بالرياضة كوسيلة من وسائل صرف الناس عن القضايا السياسية مثلما حدث في كثير من الدول الشمولية في الاتحاد السوفيتي ودول الكتلة الشرقية، النظامان الشموليان التاليان مايو والإنقاذ اهتما أيضاً بالرياضة ولكن على أساس أن بالرياضة نوع آخر من الولاء – سمى بالطائفية الرياضية- خارج إطار الشمولية التي يريدون أن يتجه إليها كل الولاء. النظم الديمقراطية لم يكن بها اهتمام خاص بالرياضة ولكنها على كل حال لم تحتل من عمر السودان المستقل سوى ربعه ولم تمهل لتمارس شيئاً لا في الرياضة ولا في غيرها! ولكن  نحن على الأقل في حزب الأمة كان لنا دائماً في كل برامجنا برنامجاً رياضياً.
  • هناك مشاكل تشريعية تتعلق بالتشريعات الرياضية، وهناك مشاكل إدارية تتعلق بالمركزية واللامركزية بالنسبة للاتحادات المختلفة.
  • هناك قصور في مفهوم النشاط الرياضي يحصره في كرة القدم فقط، كرة القدم لعبة هامة وعالمية وشعبية بالمقام الأول، ولكن لا ينبغي حصر النشاط الرياضي فيها فقط.

إن مشاكل الرياضة بالسودان تحتاج منا لنظرة أساسية ولا بد لنا عند مناقشتها من وضع تصور لكيفية معالجتها. نحن الآن نستشرف كثير من التغييرات فلأول مرة في تاريخ السودان الحديث تواتي الفرصة لحوار جاد حول مستقبل السودان في جميع المجالات ولأول مرة تجري مناقشات لرسم خريطة جديدة للسودان ولا بد أن تحتل الرياضة فيها قسماً معلوماً. علينا أولاً تشخيص مشاكل الرياضة ومن ثم وضع المقترحات لعلاجها، سأقدم في نهاية هذه الكلمة اقتراحاً بمشروع قومي لمستقبل الرياضة السودانية تتفق عليه جميع القوى المدنية والسياسية وتلتزم به، حتى لا يكون الأمر مجرد مناشدة خاصة لي وفي هذا الطريق أقول:

  • نحن نحتاج لمفهوم جديد للرياضة. الرياضة ليست لعباً، واللعب نفسه ليس عبثاً، الرياضة ضرورية جداً للصحة البدنية، جميع العضلات بالجسم ومن بينها القلب تحتاج الرياضة والمران فهي إما أن تمرن أو تذبل. التمرين يزيد نسبة الكولستول الطيب HDL الذي يقوم بدوره بإزاحة الكولسترول السيء ( LDL ) من الشرايين، الرياضة تخفف من ضغط الدم والقلب والشرايين وتقوي  المفاصل وتزيد مرونتها، وتزيد من كثافة العظام. الرياضة ضرورية كذلك لمحو وإزالة آفة السمنة، كثير من الناس يتحدثون عن الشخص السمين على أنه شخص ذو صحة جيدة، السمنة مرض ولا بد أن نفهم هذا، المعدة بيت الداء والحمية بيت الدواء وللرسول (ص) أحاديث كثيرة في هذا المعنى أحاديث قمينة بأن تشعر الشخص السمين بالاستحياء: ما ملأ بن آدم وعاءً شراً من بطنه، البطنة تذهب الفطنة، وغيرها. فكرة أن السمين صحته جيدة فكرة خاطئة ووهم ينبغي طرده، الرشاقة هي المثل الأعلى:

كميش الإزار بارز نصف ساقه       خلي من الآفات طلاع أنجم

هذا هو مفهوم الرشاقة.

ترى الرجل النحيف فتزدريه         وفي أثوابه أســـد هصــور

ويعجبك الطـــــرير فتبـتليــه         ويخلف ظنك الرجل الطرير

أما السمنة في الأنثى فهي اغتيال لصحتها:

غراء فرعــاء مصقــول عوارضها

تمشي الهوينى كما يمشي الوجى الوحل

هذه سيدة معوقة، الوجى الوحل يمشي مثل “سكين الخدرة” أو كما يقول المثل السوداني ” كراع الطين بشيلوها رجل رجل”. هذا منظر إنسان معوق، لابد أن نستلهم قيم أخرى. كانت المرأة قديماً عندما يحين زفافها تجرى لها عملية تسمين باستخدام ما يعرف”بالموص” حتى تصبح مستديرة تمشي كما الوحي الوجل، وقد كان الشيخ البنا رحمه الله  من الجيل الذي كان أول من شهد مدارس البنات الجديدة، وما أدخلتها من تغييرات في مفهوم السمنة والجمال، قلما شهد هذه التغيرات قال مسهماً في تغيير الذوق القديم:

برزت وقد تبلت فــــؤادك زينب       حسنــــاء تصبي للحليم وتســلب

فالخصر واه متعـب كمحبها         والردف مثل الشوق موه متعب

هذا هو المعنى وليس ذلك المنظر الذي ينقل الفتاة من ” غزالة إلى فيلة!

قمر تفرد بالمحاسن كلها          فإليه ينسب كل حسن يوصف

فجبينه صبح وطرته دجى        وقوامـه غضـن رطيب أهيـف

الرياضة أيضاً مطلوبة للصحة النفسية، أكثر عذابات الإنسان سببها الهم والملل، الرياضة ضرورية لكسر الروتين “إن القلوب إذا ملت كلت وإذا كلت عميت” الرياضة تساعد في دفع الملل.

  • الرياضة يستعان بها على التوتر النفسي، التوتر حالة مصاحبة للإنسان، قال العقاد:

وكم من وحشة في النفس يخشى اقتحامها

أخو غمـــرات ليس يخشى الفيافيا

  • الرياضة تشعر ممارسها بنوع من النشوة يمثلها البعض بالإدمان الحميد.
  • وللرياضة فوائد اجتماعية فهي تذكي روح الفريق وفي هذا يقول الإنجليز” لقد كسبنا الحرب العالمية الأولى في ميادين الرياضة في مدارسنا” والرياضة تهيئ الفرد للاستعداد لقبول النتائج والتعاون من أجل هدف ما، وهي تمتص المشاعر العدوانية، جميع البشر تتولد لديهم نتيجة لما يواجهونه من مشاكل مشاعر عدوانية، هذه المشاعر تمتصها الرياضة خاصة التنافسية منها.
  • الرياضةهي في الحقيقة كأنها وصفة لإبطاء الشيخوخة وعدمها توصية للإسراع بالشيخوخة. الإنسان له ثلاثة أعمار، عمر إحصائي ويحسب بسني الإنسان التي عاشها منذ ميلاده وحتى وفاته، هذا العمر مجرد رقم إحصائي لا قيمة له إلا في سجلات إحصاء السكان، وهو يختلف تماماً عن العمر كمفهوم فسيلوجي ، يمكن أن يكون عمر الإنسان الإحصائي شاباً بينما يشيخ عمره الفسيلوجي فجميع أجهزة جسمه: أوردته،  شرايينه، معدته، قلبه، …الخ تتأثر سلباً أو إيجاباً بأسلوب الحياة التي يمارسها الإنسان، وهنا تلعب الرياضة الدور الإيجابي  بالإضافة طبعاً إلى الحياة المستقيمة. هناك العمر النفسي للإنسان وهو أيضاً يختلف عن العمر الفسيلوجي فالإنسان قد تشيخ نفسه لأسباب كثيرة مثل الاكتئاب والشقاء والتعاسة. نحن لا نستطيع التأثير على العمرين الأولين ولكننا نستطيع بالعقل والإرادة أن نؤثر على العمر الثالث. والرياضة أحد أدواتنا في ذلك. أراد أحدهم الزواج، فعيرته من يريد الزواج بها بكبر السن، فقال لها:

أعنز هل لك في شيخ فتى أبداً       وقد يكون شباب غير فتيـان

كذلك قال المتنبي في ذات المعنى:

وفي الجسم نفس لا تشيخ بشيخه     ولو أن ما في الوجه منه حراب

لها ظفــــر إن كل ظفــــر أعده        وناب وإن لم يبقى في الفم ناب

يغير الدهر مني ما شاء غيرها          وأبلغ أقصى العمر وهي كعاب

راج عند الناس مفهوم يقول بأن العقل الصحيح في الجسم الصحيح، هذا ليس صحيحاً الصحيح هو أن الجسم السليم يصنع العقل السليم بإرادته وأسلوب حياته المنضبط كما ذكرنا.

إن الإسلام دين الفطرة وللفطرة عشر مطالب: مادية، روحية، معرفية، عاطفية  جمالية،  ثقافية، فنية، اجتماعية، خلقية،  بيئية و رياضية. لذلك لا بد أن نعلي من شأن الرياضة بمفهوم ثقافي جديد.

نحتاج كذلك للتأصيل الرياضي ، لاشك في أن لنا في تراثنا الشعبي كثير جداً مما يحتوي على أنشطة رياضية مثل الفروسية والرماية والسباحة، وألعاب الأطفال. ألعاب الأطفال هذه في غاية الأهمية لأنها تحفظ للطفل توازنه البدني والنفسي، اللعب للأطفال ضرورة تربوية ونفسية، لقد عشنا كأطفال حياة مؤكد هي أفضل بكثير من أطفال اليوم، ليس لأننا كنا نمتلك لعباً أكثر أو أفضل بل لأننا كنا نصنع لعبنا بأنفسنا كنا نصنع ” الترتارة والعربة” وغيرها بأنفسنا، كل هذه الأشياء الآن تأتي لأطفال اليوم جاهزة مما يقلل فرصتهم في الخلق والإبداع، عالمنا كان فيه ولا شك درجة عالية من الاستقلالية والارتباط بواقعنا مما ساعد كثيراً على نمو شخصياتنا. الآن دخلت ألعاب الكمبيوتر وهي في الحقيقة مفيدة لأنها تطور عندهم بعض الذكاءات والمعارف ولكنها تشد الأطفال لنوع من الثقافة المسلية تجعلهم يعيشون في عالم وهمي مفصول عن بيئته.

يمكن لكافة الثقافات الوطنية أن تلعب دوراً في الربط بين الثقافة والرياضة. هذا الأمر ذي أهمية بالغة خاصة فيما يتعلق بالإسلام، كثير من مشايخنا الظاهريين يعتبرون أن الاهتمام بالرياضة أمر يتناقض مع الوقار. بعض الظاهريين يقولون بأن الرياضة التقليدية المعهودة عن عهد الرسول (ص) مقبولة، أما الرياضة الحديثة فهي مرفوضة. ولا مجال للمرأة فيها، فالمرأة بحكم كونها امرأة  ممنوعة من الرياضة، يريدون لها تلك الاستدارة. هذا خطأ كبير جداً، حقيقة بعض فقهائنا يرسم صورة متزمتة جداً للمرأة تبعدها عن الرياضة. كما يرسمون صورة للرسول (ص) بعيدة جداً عن واقع حاله كإنسان كامل الإنسانية. أنا الآن كما تعلمون أكتب في السيرة، لأني أرى أن كتب السيرة ظلمت الرسول (ص) من ناحيتين: فمن ناحية أولى أخرجت شخصيته عن إنسانيتها، ومن ناحية ثانية ركزت على أن أهم إنجازاته كانت حربية فسموا سيرته ” الغزوات” مع أن المسألة الحربية في سيرة الرسول (ص) كانت سجال ومع أنه حقق أهم إنجازاته وهي: فتح مكة، إقامة دولة المدينة واستمالة الجزيرة العربية سلمياً. إن المرأة أحوج من الرجل للرياضة خاصة في قترة الحمل وكذلك بعد انقطاع الطمث حيث تحتاج لرياضة خاصة، نحن كمسلمين نمارس الرياضة في صلاتنا وفي الحج، إن من مقاصد الشريعة الخشونة ” اخشوشنوا فأن النعم لا تدوم” الحج أشبه ما يكون من الناحية المادية بمعسكر كشافة من كل النواحي. إن في الإسلام تربية تؤدي للعناية بالروح والجسد. إن خير من استأجرت القوي الأمين”..

نحن نحتاج لفقه جديد يتناول هذه المسألة ويؤكد بأحكامه الصلة القوية بين مقاصد الشريعة والرياضة لأن هذا الأمر متروك الآن لاجتهادات بعضها منكفئ وخاطئ يريد أن يجرم الرياضة على الأقل في سن معينة. عندما كان رجال أمن النظام يحققون معي قال لي أحدهم: كيف لرجل في مثل سنك ومركزك أن يلعب البولو والتنس؟ كان نشاطي الرياضي أحد الجرائم التي يحقق فيها معي!

نحن نحتاج في مسألة الرياضة هذي إلى الآتي:

  • محو وإزالة الأمية الرياضية.
  • توسيع مفهوم الرياضة.
  • معالجة المشاكل الإدارية وفي هذا يجب الفصل بين الشباب والرياضة على أساس أن الرياضة للجميع.
  • مجلس قومي للرياضة بمشاركة مدنية واسعة للتشاور في أمر الرياضة.
  • ضمان استقلالية المسجل الرياضي كما القضاء.
  • معالجة مسالة المركزية واللامركزية واحترام الاتحادات القطاعية والفرعية في إطار الاتحاد العام.
  • توفير المعدات الرياضية وتصنيعها.
  • التدريب وضرورة اللحاق في هذا الشأن.
  • الاهتمام بالتأمين والطب والصحة الرياضية.
  • التمويل وذلك باقتراح وسائل مختلفة لتمويل النشاط الرياضي، باقتراح ضريبة مثلاُ أو دمغة أو خلافه، وبالعمل على جذب الاستثمار للعمل في المجال الرياضي.
  • ضمان استقلالية النوادي الرياضية وعدم التدخل فيها والناي بها عن أي توظيف سياسي حتى يشعر أعضاؤها بذاتية يحترمها القانون. على أن ترعى هذه النوادي درجة معلومة من الديمقراطية تضمن تناوب الأجيال، وتفسح مجالاً للأسر والأطفال والمرأة فتدخل الأخيرة في مجالس وهياكل إدارتها.
  • توسيع مساهمة الأسرة والحي ولأكاديميات في النشاط الرياضي.
  • الاتفاق على ميثاق رياضي يتضمن ضرورة أن تدعم السياسة الرياضة باعتبارها جهد قومي لا يجب أن يخضع لأي توظيف سياسي أو حزبي.
  • تفعيل البرتوكولات الرياضية بيننا والآخرين وتفعيل دور الدبلوماسية الرياضية.
  • مراعاة ما تتيحه العولمة الحميدة من فرص في المجال الرياضي.

وأخيراً هناك الإعلام الرياضي، لدينا الآن في السودان إعلام رياضي ناجح يحظى بإقبال جماهيري واسع. ولكنه في الغالب كما يتضح من أسماء صحافته: قوون، النخبة، الكابتن، القمة، ..الخ تركز على منشط كرة القدم.  لا بد من توسيع اهتمام الإعلام الرياضي ليسهم في المشروع النهضوي الرياضي الذي نتحدث عنه خاصة في مجال محو الأمية الرياضية، على أساس أن إزالة الأمية الرياضية هو الهدف النهائي.

نحن عندما نأتي للحكم بعد سقوط النظم الشمولية ننشغل للأسف بإطفاء الحرائق التي تخلفها النظم الشمولية. لأول مرة تسنح الفرصة في نظام شمولي  للاستماع للرأي والرأي الآخر للخروج بمعاهدة للتعاهد الوطني ليس فقط في مجال السلام والتحول الديمقراطي، بل في جميع المجالات ومن بينها بالطبع المجال الرياضي.

في نهاية هذا اللقاء أقترح أن نعتبر هذه الندوة تهوية للآراء تخرج بنداء رياضي يلبى قومياً لعقد مؤتمر قومي رياضي تشارك فيه جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى وكل المعنيين والمهتمين لنخرج بمشروع رياضي قومي لسودان ما بعد إحلال السلام والتحول الديمقراطي.

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.