نكهة سودانية لعُرس كيت وتوم: الكلمة التي ألقاها الإمام الصادق المهدي عن الجرتق

الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه زعيم حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان

 

بسم الله الرحمن الرحيم

11 أبريل 2013م

 

هذه المناسبة التي نظمها أصدقاء الزوجين تشهد على مدى تمدد علاقاتهما الاجتماعية، وتدل على أن الدبلوماسية تشمل علاقات الدول بالدول والشعوب بالشعوب.

لا يمكن أن أعلق على هذه المناسبة دون كلمة إجلال وتقدير للسيدة الراحلة مارقريت تاتشر. لقد انتقدت كثيراً من السياسيات التي انتهجتها الراحلة في فترة رئاستها للوزارة لا سيما الرأسمالية الجامحة دون كوابح. ومع ذلك فقد أعجبت بتعاطيها المبدئي مع السياسة وعرفت لها على الدوام قدراتها العملية والخطابية، فليبارك الله روحها.

الزواج في الإسلام عقد مدني بين الزوجين وهذا هو سبب شرعية التعاقد بين أزواج من معتقدات مختلفة. لقد سألني أحد اصدقائي المسيحيين: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تسمحون لرجالكم الزواج بالمسيحيات ولا تسمحون بالعكس؟ كانت إجابتي: للرجل مسؤولية محددة في الأسرة. الرجل المسلم سيحترم عقيدة زوجته المسيحية لأننا نعترف بقيمة روحية وأخلاقية لعقائد أهل الكتاب ولكن لأنكم لاتعترفون بالإسلام، فالزوج المسيحي سيعتبر زوجته المسلمة كالوثنية. وإذا بادلتم الإسلام اعترافا باعتراف فاعترفتم به كديانة إبراهمية حقيقية سنقبل أزواجكم.

الأعراس السودانية لها تراث “دنيوي اجتماعي” ثر، وهي كتراث ثقافي سوداني جاذبة ولافتة للغاية فاصبحت جاذبة للسائح. وإذا قارنا السياحة السودانية بالسياحة المصرية نجدها متخلفة عنها. لقد اخبرني شارلس بونيه أنه حينما كان يستعد لزيارة السودان قال له زملاؤه: (لا تتعب نفسك فلا تاريخ جنوب مصر). ولكنه اكتشف العكس، فالتاريخ السوداني القديم بالغ الغنى على سبيل المثال:

• كشفت حفريات كرمة حضارة سبقت الحضارة المصرية.

• وفي فترة أخرى، التحق السودان وشارك في الحضارة المصرية بفراعنته السودانيين.

• الحضارة المروية السودانية تفردت في عدة مجالات:

– عمرت لالف سنة

– كانت لها لغتها الخاصة وحروفها الهجائية.

– أفران الحديد.

– أيقونة أبادماك الدينية (رمزها الديني).

– معهد المصورات التعليمي.

– البعد الأفريقاني كما وصفه وليام آدامز في كتابه: النوبة رواق أفريقيا.

ولكن كل هذا ظل مجهولا على نطاق العالم إلا فيما ندر.

ومما زاد الطين بلة أن الأحداث الجارية في السودان أكسبته سمعة سيئة. أخبرني كثير من الدبلوماسيين أنهم أحسوا بمشاعر سالبة حينما عُينوا للعمل في السودان وأحسوا بنفس المشاعر الحزينة حينما نقلوا منه بعد عملهم فيه.

السودانيون ليست لهم مشاعر عدائية تجاه الأجانب. وصف أمير عربي أخلاق سودانية معينة بالإنسانيات السودانية. أحد تلك الإنسانيات هي أنه ورغم أن المواجهة مع الاحتلال الأجنبي كانت دموية للغاية ولكن بعد نصف قرن من الحكم الأجنبي انتهت الفترة إلى صداقة مع بريطانيا. كانت الإدارة البريطانية رغم فظائع كتشنر مستنيرة.

بالإضافة لمودتهم للغرباء فإن للسودانيين إنسانيات تحببهم للآخرين مثل التواضع والتسامح. وعلى الرغم من أن الزواج في الإسلام هو تعاقد بسيط إلا أن الأعراس السودانية اكتسبت زخماً احتفالياً كطقس من طقوس العبور.

ما نحن بصدد القيام به بالنسبة لكيت وتوم يسمى الجرتق وهي كلمة نوبية تشير لحجر شبه كريم يلبس لطرد العين الشريرة. حجر آخر يستخدم في الجرتق: حجر الدم وهو نوع من العقيق يلبس بغرض الحماية من النزيف. وعنصر آخر هو الضريرة وهي مسحوق بعض العطور يوضع على رأس العروسين.

هناك رمزية كبيرة في اللون الأحمر كرمز للسعادة، وبالطبع فإن للون الأحمر رمزية كبيرة في الحب والثورة.

يتكون طقس الجرتق من مجموعة من الرموز من ثقافات السودان المختلفة، كما يضم عددا من الرموز الثقافية الأفروآسيوية.

إني أقدم تفسيراً فكرياً عقلانياً لطقس الجرتق وهو أن كل مراسمه وشعائره ترمز لثلاثة معاني هي:

المعنى الأول: من الآن فصاعداً اثنان يساوي واحد بالمعنى الافلاطوني وهو أن الكرة انقسمت وبالزواج يسترجع النصفان الكرة مرة أخرى.

المعنى الثاني: يجب أن تكون العلاقة تمريناً في الخصوبة.

المعنى الثالث: أن كل أمور الزوجين يجب أن تعطن في التفاؤل.

ولا ننسى بالطبع (الحنة) وهي صبغة تجميلية. مستحضرات التجميل السودانية صديقة للبيئة، فعلى سبيل المثال: الحناء عشب طبيعي، الدلكة: تدليك بحبوب وعطور طبيعية، الدخان هو نوع من الحمام التركي للبشرة بالإضافة لخواصه العطرية وخصائص العناية بالبشرة. ومع ذلك فقد غزت مجتمعنا كل أنواع مستحضرات التجميل المعادية للبيئة والتي أحاول – دون نجاح- إبطالها ودحضها.

يحاول أصدقاء كيت وتوم اضفاء نكهة سودانية على عرسهما واتمنى في طقس الجرتق هذا أن يكونا اثنين في واحد وأن يرزقا الذرية وأن ينغمسا في التفاؤل وإذا حدث هذا تكون رمزية الجرتق قد خدمت غرضها.

 

كلمة الحبيب الإمام الصادق المهدي باللغة الانجليزية