هذا أو الحالقة

الإمام الصادق المهدي

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا أو الحالقة

 

أعدم يوم السبت المنصرم 47 شخصاً في المملكة العربية السعودية أكثرهم من خوارج أهل السنة، وأبرزهم الداعية السعودي الجنسية الشيعي مذهباَ الداعية نمر الباقر النمر.. ونظراً لاحتقان الموقف الطائفي في كثير من البلدان انطلقت تداعيات محملة بعظائم الأمور.

شملت التداعيات هجوماً على مؤسسات دبلوماسية سعودية ومظاهرات احتجاج، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين دولتي السعودية وإيران.

كل هذه الأحداث من إعدام الداعية الشيعي والتداعيات المصاحبة أعراض لداء ظل ينخر في جسم الأمة الإسلامية منذ 14 قرناً من الزمان، ما قسم الأمة بين تكفير سني “للروافض” وتكفير شيعي “للنواصب”.

الداء هو هذا الاستقطاب الرافضي الناصبي الذي تحتضنه الآن شعوب ودول مسلحة بأفتك الأسلحة المدعومة بتحالفات دولية مسلحة بأسلحة دمار شامل.

هذه المواجهة ليست كسابقاتها بل من نتائجها المباشرة الآتي:

  • حروب أهلية داخل بلدان المسلمين.
  • حروب بينية بين دول الأمة.
  • نوافذ لتداول القضايا بتدخل حلفاء أطراف المواجهة.
  • تهميش أولويات بناء الأوطان والتنمية البشرية فيها.
  • انصراف عن الدفاع عن سيادة شعوب المنطقة.
  • تعريض الشعوب لويلات نيران دموية كما نشهد اليوم في اليمن، أي تعميم الحالة اليمنية على كل الأمة.
  • الانصراف عن قضايا الانتصار لشعوبنا المظلومة في كل مكان وعلى رأسها قضية فلسطين.

المواجهة المقبلة هذه لن تحسمها إجراءات أمنية داخل البلدان ولا اقتتال حربي بين الدول المعنية. بل بعد كل الخراب والدمار سوف يزيد شقاء الشعوب، وتزيد المرارات الطائفية والقومية والاجتماعية، ويزيد تمدد النفوذ الدولي على مصير الأمة لدرجة غير محدودة.

هذه هي الحالقة.

نقول:

ينبغي أن يتحرك حكماء الأمة لوقف هذه المواجهات الكارثية النتائج والتي لن تحسم أية قضية خلافية بل تعرض أمتنا للدمار بأيدي أهلها ما يحقق لأعدائها أمانيهم.

على حكماء الأمة التحرك السريع لموقف يحقق تخلياً تاماً عن التكفير بين الروافض، والنواصب، وإبرام صلح مصيري بين أهل القبلة ووقف المواجهات القتالية على جناح السرعة.

هذا الآن واجب ديني، ووطني، بل إنساني، فالعالم يتجه لمصالحات بين الحضارات والأديان والمصالحة بين المسلمين من باب أولى.

إن الذين يتخلفون عن هذا الواجب ويدعمون الاصطفاف السرطاني القادم إنما هم مخالب الحالقة.

هذا نداء لحكماء الأمة أن يتنادوا لرأب الصدع استجابة للتوجيه الرباني: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)[1]

واستجابة للحكمة الإنسانية: كل أمر يأتي بعكس مقاصده باطل.

ونداء مخلص للمملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية تدارك فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، والترحيب بمبادرة الحكماء المخلصين لاحتواء التصعيد ورأب الصدع فالدين النصيحة لله ولرسوله ولائمة المسلمين.

والله ولي التوفيق.

الصادق المهدي

4/1/2016م.

 

—————————————————————————————–

 

[1] سورة الحجرات الآية (9)