ولد المصطفى وحق الهناء

الإمام الصادق المهدي
سماحة دولة الحبيب الإمام الصادق المهدي حفظه الله ورعاه رئيس حزب الأمة القومي وإمام أنصار الله ورئيس الوزراء الشرعي والمنتخب للسودان وعضو مجلس التنسيق الرئاسي لقوى نداء السودان ورئيس المنتدى العالمي للوسطية والفائز بجائزة قوسي للسلام لعام 2013 وعضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية لنادي مدريد للحكماء والرؤساء السابقين المنتخبين ديمقراطياً والمفكر السياسي والإسلامي

 

 

 

بقلم الحبيب الإمام الصادق المهدي

 

أحبابي في الله وأخواني في الوطن العزيز

 

السلام عليكم.

 

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) .

إن محمدا صلى الله عليه وسلم بشخصه حجة إثبات لصحة رسالته، حجة تسوقها سبع آيات:

• إنه النبي الوحيد الذي لا لبس في وجوده التاريخي زمانا ومكانا.

• إنه الأمي الذي أتى بمعارف تفوق قدراته المعروفة دليل على إلهية مصدرها.

• إنه الوحيد الذي أسس نظاما دينيا ونظاما سياسيا في آن واحد.

• إنه لا لبس في بشريته، والوحيد الذي أسس حجته على الإقناع لا المعجزات.

• إنه الوحيد الذي قيد مفردات الوحي فحفظ نصها كما وردت إليه.

• إنه الوحيد الذي تجاوز القومية والجهوية ليخاطب الناس كافة.

• إنه ختم رسالات الوحي ما جعل أمته وصية على مصيرها.

لذلك احتل في عقول وقلوب الأمة مكانة لا يجارى سموها. كما احتل في ميزان الفكر البشري الوضعي المرتبة الأولى بين كافة الشخصيات المؤثرة في تاريخ الإنسانية كلها.

لا غرو إذن أن تصير سيرته كلها من ميلاده حتى وفاته محط أفكار وأنظار العالمين.

تعالوا معي لنحصي معا في ذكرى ميلاده سبعة معان فيها عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

أولا: بعض الناس قال إن الاحتفال بمولده بدعة منكرة. البدعة المنكرة هي التي تضيف أو تنقص من ثوابت الدين، فثوابت الدين تعتمد على نص الوحي المنقول بلا زيادة ولا نقصان، أما العادات فأمورها متحركات حركة تضبطها الخماسية الذهبية، وهي: الحكمة، والعقل، والمصلحة، والمقاصد، والإلهام الصائب. إنها وسائل أشاد بدورها أئمة المعرفة الإسلامية: قال ابن القيم مشيرا لمبادئ كلية ملزمة في هذا المجال: “كل ما تحقق به العدل هو من شرع الله وإن لم يرد به نص”. وقال: “كل مسألة خرجت من العدل للجور، ومن الرحمة لضدها، ومن المصلحة للمفسدة ومن الحكمة للعبث فليست من الشريعة”. وقال الشاطبي: الشريعة تشترط العقل لذلك كل ما جاء به الشرع أوجبه العقل.

واحتج نجم الدين الطوفي بأن المصلحة حجة راجحة لأن مقولة الحديث “لا ضرر لا ضرار” تؤسس لذلك.

صحيح إن بعض الناس طعن في الإلهام، ولكن روى البخاري ما قاله النبي (ص): “لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا المُبَشِّرَاتُ ” قَالُوا : وَمَا المُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ : ” الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ” . وتراث الإسلام منذ الصدر الأول، منذ رؤية الأذان، حافل بوقائع الإلهام. إن الرؤية الصادقة من الله وهي من النبوة، والتصديق بها حق وفيها من بديع حكمة الله ولطفه ما يزيد المؤمن في إيمانه. ومن هذا الباب صار أهل المحبة في الظلام صُباح، وقيل:

قلوب العاشقين لها عيون ترى ما لا يراه الناظرون

وأجنحة تطير بغير خفــق إلـى ملكوت رب العالمين

ثانيا: المستبدعون حرموا الاحتفال بمولد محمد صلى الله عليه وسلم. ما كل ما لم يعهد في الصدر الأول ذميم. أحدهم صلى جوار آخر فمد جاره إليه يده يصافحه بعد الصلاة، فقبض ذلك المصلي يده وقال: ليست من السنة! فقال له: أهذه الجفوة من السنة؟ وروى الداعية محمد الغزالي أنه قال: حبذا لو أن الإمام علي والصحابي معاوية احتكما لصندوق الاقتراع في نزاعهما. فاحتج أحد الحاضرين قائلا: ليس من السنة! فرد عليه: وهل اقتتال المسلمين من السنة؟

الاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من باب محبته، والمحب يكثر من سيرة محبوبه:

وحدثتني يا سعد عنه فزدتني سرورا فزدني من حديثك يا سعد!

ديوان محبته لا ينقطع. من آخر تجلياتها قصيدة الشاعر محمد الجزائري:

تحبه الصفوف فى صلاتها

يحبه المؤتم في ماليزيا

وفي جوار البيت في مكّتهِ

يحبه الإمامْ

تحبه صبيةٌ

تنضّد العقيق في أفريقيا

يحبه مزارع يحفر في نخلته (محمدٌ)

في شاطئ الفرات في ابتسامْ

إلى آخر القصيدة (قدر حبه ولا مفر) حتى قال:

نحبه لأنه بجملة بسيطة:

من أروع الأقدار في حياتنا.

سأل النبي (ص) يوما عن صيام يهود لعاشوراء، قيل لأنه يوم ولد موسى، قال: “نحْنُ أوْلى بمُوسَى مِنْكُمْ”، وَأَمَرَ بِصِيَامِه . وسئل لماذا يصوم يوم الاثنين؟ قال: كان يوم مولدي. كل احتفاء بذكرى مولده قولا وعملا مستحب أو مباح، اللهم إلا إذا دخلت فيه أقوال وأعمال هي في غير احتفال المولد منكرة.

ثالثا: ومع أن الله سبحانه يقول: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ، والنبي (ص) قال: ” قَدْ يَئِسَ الشّيْطَانُ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ” ، اختلف المسلمون فرقا ومذاهب. الاختلاف سنة كونية وحقيقة إنسانية: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ولكن النهج البغيض هو التعصب لأن التعصب نافذة للغلو، والغلو من حبائل الشيطان. قال ابن القيم: ما أمر الله تعالى بأمر إلا للشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو. ولا يبالي بأيهما ظفر.

الأمة مستخلفة وهي مكلفة بحسن إدارة أمرها. هنالك ثوابت ينبغي النص عليها من صحيح المنقول. وهنالك أمور مختلف عليها يرجى تناولها بالتي هي أحسن والسعي لتوسيع قاعدة الوفاق فيها. ولكن ما يستعصي على التوافق ينبغي التعايش بين أصحابه وتفويضه لرب العالمين: (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) .

الخلافات في أمور الدين أو الدنيا لا يمكن حسمها بالقوة. من أخبث خطط الشيطان في هدم بناء الإسلام وتقويض لبنات بنائه من الرحمة والحسنى نهج قوم تصوروا أن الإسلام يفهم بظاهر النصوص بلا مشروعية لتأويل وتدبر، مكتفين بظاهر النصوص وهذا حقهم ولا غبار عليهم إن دعوا إليه. ولكن مدخل الباطل أن يعتقدوا أن فهمهم هذا هو وحده الصحيح وأن فهم غيرهم باطل. ومن هذا المنطلق يتمادى بعض الناس فيكفرون من يخالف مذهبهم.

التكفير هو أسوأ مناهج الغلو، فاتهم في أمره موجهات القرآن وآداب السنة. قال النبي (ص): “مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا ، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ المُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ” . التكفير هو فيروس الغلو، ولا بد أن يدان ويعزل ويجرم القائمون به بأحكام إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ. فساد يزيد الجسم الإسلامي تمزقا، ويمزق النسيج الاجتماعي.

التكفيريون تناسلوا من قتلة الخلفاء. قتلوا الخليفة الثالث والرابع بعد أن كفروهما. ويروي الميرزا عبد الله الأفندي أن الخليفة الثاني كذلك قتله أحد غلاة الشيعة، والثابت في الصحاح أن أبا لؤلؤة كان مجوسيا، إلا أن الغلو في الدين يلحق بمن أقاموا لقاتل الخليفة الثاني مزارا بقبر وهمي في كاشان وألحقوا باسمه الدعاء: رضي الله عنه!

هذه السلالة التكفيرية اللعينة ساقها الغلو الأعمى لقتل خلفاء محمد (ص) وهم اليوم أطلوا برؤوسهم في بعض أقطار المسلمين.

إن لسعينا لبلوغ أقصى درجة من وحدة المسلمين ولتطهير ديباجة الإسلام من نهج التكفيريين مشروعية قرآنية وسنية راسخة. قال تعالى (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ) وقال: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقال النبي (ص): “يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ”.

رابعا: من دلائل الخير في أقدار أمتنا هبة كثير من شعوبها لنفي الطغاة، واستلام مصائرها وكفالة حقها في الحرية، وتعبيرها وهي حرة عن تطلعاتها الإسلامية. فتح الحرية وفتوحات الإسلام هذه أمانة ثقيلة مفرداتها:

– لا أحد يجوز له أن يفرض وصاية على الناس ولا حتى إذا كان نبيا (إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ) . المطلوب هو ليس فقط بلوغ ولاية الأمر عبر سلم الشورى والآلية الديمقراطية. بل إدارة الحكم بما يكفل المشاركة، والمساءلة، والشفافية، والكرامة، وسيادة حكم القانون.

– الجوع أخو الكفر، وقال عمر (رض): “ولينا على الناس لنسد لهم جوعتهم ونوفر لهم حرفتهم فإن عجزنا عن ذلك اعتزلناهم”. إن كفالة المعيشة للناس شرط لدوام الشرعية للحاكم.

– إن الله يأمر بالعدل والإحسان. وفي هذا الصدد قال ابن تيمية: إن الدنيا تقوم مع العدل والكفر ولا تقوم مع الظلم والإسلام.

– النظام الدولي المعاصر فيه هيمنة عدوانية توجب الدفاع على أساس (فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ) . وفي النظام الدولي كذلك أيد ممدودة للتعاون على أساس العدل والإحسان ما يتقضي التجاوب على أساس (لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) . ينبغي أن يكون التعامل الدولي مع كل موقف بما يناسبه.

إن التعامل مع هذه التحديات الأربعة بنجاح وبمرجعية إسلامية ينقل التطلع من مجرد التطلع المثالي والعاطفي إلى حسن إدارة شئون الحياة المعاصرة. إن الإخفاق في هذه المهمة سوف يفتح الباب أمام نوعين من الغلو: غلو الذين يفهمون الواجب فهما ظاهريا ويجهلون الواقع فيندفعون في اتجاهات ماضوية بلا تدبر فيزيدون تمزق الجسم الإسلامي ويلهبون المعاملات بين المسلمين وغيرهم ويفتحون أبواب التدخلات الأجنبية. وهنالك غلو آخر سوف تتسع أبوابه مع إخفاق المشروع الإسلامي في الحوكمة وهو غلو الذين ينادون بطرد الدين من الحياة السياسية لأن مشروعه فاشل.

إن طرد الدين من السياسة لم يفلح حتى في البلدان المنادية بالعلمانية، فأقوى ثلاثة قوى سياسية في الولايات المتحدة هي: جيري فالويل القس، قيل إنه صنف الرب عضوا في الحزب الجمهوري وقام بتعميد يمين الحزب الجمهوري. وتيموثي دونالد كاردينال نيويورك الذي صار الصوت الأقوى في قيادة الكاثوليك في أمريكا كموجه ديني وسياسي. والحزب الثالث القوي هو اللوبي الصهيوني الذي يتلاعب بالسياسة الأمريكية كتلاعب الأفعال بالأسماء.

لقد طردت النظم القومية في البلدان العربية الدين من السياسة فكانت النتائج عكسية كما هو مشاهد.

من الدروس المهمة التي ينبغي أن تدركها الدول العربية الغنية هي أن الشعوب العربية صارت تتحرك بوعي ووجدان مشترك فعليها أن تتخذ مشروعات إصلاحات سياسية استباقية، وعليها كذلك أن تدرك مصلحتها في نجاح التجارب الإسلامية التي تخوضها الشعوب الحرة وتسارع في تكوين صندوق واسع الإمكانات المالية لمساعدة التنمية في بلدان التحول الديمقراطي العربية، مثلما فعلت الولايات المتحدة تاريخيا بعد الحرب بمشروع مارشال في أوربا، ومثلما يفعل الاتحاد الأوربي الآن وآخر طفراته التنموية إقراض 800 بنك أوربي 500 مليار يورو بفائدة 1%.

خامسا: إن للسودان دورا مهما في المصير الإسلامي والعربي لأنه جرب تطبيق المشروع الإسلامي عبر الانقلاب العسكري وعبر التمكين الحزبي فمزّق الجسم الإسلامي واستعدى غير المسلمين وصنع لهم مراكز توحد ومظلة دعم خارجي، وها نحن اليوم نعاني نتيجة لذلك من تمزق البلاد والحروب المستمرة والوصاية الأجنبية في شئون بلادنا.

علينا في المقام الأول ألا نعتبر هذا الإخفاق إدانة للإسلام بل هو إخفاق تجربة منسوبة لأصحابها وهو كذلك درس في كيفية تجنب الفشل.

ولكن بدل هذا الاعتبار المطلوب انطلقت أصوات في بلادنا تدعو للأسلمة الفورية كما قيل قبل ربع قرن، وفي المقابل انطلقت أصوات تنادي بالعلمنة الفورية فصارت بلادنا أمام إعادة مضحكة مبكية لدوحة أكلنا المر من ثمارها.

ينبغي أن ندرس أسباب فشل مشروع الأسلمة في السودان لتجنب أخطاءه.

إن للمواطنين الحق في الدعوة لما يشاؤون من نظام ودستور على أن يتجنبوا أي اتجاه لفرض رؤيتهم على الآخرين، ويعمل الجميع على إقامة آلية حرة لتشريع نظام ودستور يمثل إرادة الشعب، وإلا وسعنا أبواب الفتنة والتمزق، وأعطينا لأعدائنا أقوى المنافذ لتحقيق أهدافهم التدميرية لبلادنا.

إن السودان مهد حضارة الإنسان كما أثبتت الحفريات الأخيرة، ومختبر كافة أنواع الحوكمة أشبه ما يكون بجراح أثخنته الجروح، ما يؤهله أن يكون خبير الأمة في التعامل مع تحديات التأصيل والتحديث، والتعامل مع الوحدة والتنوع الثقافي، وفي التعامل العادل مع النظام الدولي الحديث.

ولكي يقوم السودان بهذه المهمة المباركة عليه القيام بالتشخيص الصحيح للحالة، ثم وصف الدواء الناجع فيصير ما عانينا من ويلات من باب المنن في طي المحن، والمزايا في طي الرزايا.

الحق منصور وممتحن على حد تعبير مأثور ولا عجب فتلك سنة الرحمن.

سادسا: دليل جديد آخر للخيرات هو تمدد الإسلام في هذه الأيام في أمريكا وأوروبا. إن تمدد الإسلام في الغرب وهو مركز القوة الأعظم اقتصاديا وعسكريا، ظاهرة مدهشة تصدق مقولة صاحب المولد: بعث الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ. أي مدهشا.

علة هذا التمدد من لطف الله، مرتبطة بأمرين هما القرآن، وشخصية صاحب المولد.

جمعت مقولات كثير من الذين اهتدوا للإسلام من مواطني الحضارة الغربية وإليكم بعض النماذج:

– سجلت مقولات زوزاريو باسكوني المحامي الإيطالي الشهير،

– ومراد هوفمان الدبلوماسي الألماني المعروف،

– ودانيال مور الشاعر الأمريكي الذي قال: عند تلاوة القرآن جهرا في الصبح أدرك أن هذا الخلق لم يخلق إلا لقراءة القرآن.

– وسجلت مقولات اثيان رينيه الرسام الفرنسي، وروجيه جارودي الفيلسوف الفرنسي،

– وقال جفري لانغ الأمريكي: قرأت القرآن فشعرت أنه هو الذي يقرؤني فأسلمت.

– وقال توكوتو كارديللي الإيطالي: شدتني للإسلام شدة قدسية مكارم الأخلاق في القرآن.

– وقال عبد الواحد داوود رجل الدين المسيحي: أسلمت لأنني وجدت أن التوحيد في الإسلام لا يجارى.

– وقال موريس بوكاي الطبيب الفرنسي: درست العربية وقارنت بين كتب الديانة الإبراهيمية الثلاثة في تناولها لمجالات العلوم الطبيعية فأدهشني انفراد القرآن بأن نصوصه تطابق المعلوم من قوانين الطبيعة، فأسلمت.

آخرون من هؤلاء شدتهم للإسلام شخصية محمد، صلى الله عيه وسلم، الإنسان، والبطل، وجامع النجاح في عالمين يندر تحقيق النجاح فيهما معا، على حد تعبير أبي العلاء:

طموح السيف لا يخشى إلها ولا يرجو القيامة والمعادا

وحتى من لم يسلم فقد صنف شخصية محمد عليه الصلاة والسلام الأول بين كافة شخصيات التاريخ كما فعل مايكل هارت في كتابه عن المائة العظام.

آخرون أثبتوا البشرى بمحمد صلى الله عليه وسلم من أقوال عيسى عليه السلام كما فعل برنابا الرسول أحد الحواريين في إنجيله.

وحتى في العهدين القديم والجديد المعتمدين لدى أهل الكتاب، فقد جاء في التوراة في سفر التثنية في حديث عن آل إسماعيل عليه السلام على لسان الرب: وأقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم وأجعل كلامي في فمه.

وفي سفر التكوين جاء على لسان الرب قوله لإبراهيم عليه السلام:”أما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه وأنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا جدا”، وعبارة إسماعيل معناها قد سمع الرب. ولا توجد أمة عظيمة من نسل إسماعيل إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

وجاء في إنجيل يوحنا: أما المعزى الروح القدس الذي سيبعثه الأب باسمي هو الذي سيعلمكم كل شيء وهو الذي سيذكركم بكل الذي أقول لكم.

واضح أن عبارة الروح القدس مقحمة على النص لأن الروح القدس في اعتقاد المسيحيين موجود منذ الأزل كأحد أقانيم الإله، أي لا معنى لمقولة أنه سيأتي مستقبلا.

وقال عيسى عليه السلام في إنجيل يوحنا: “وأما متى جاء ذلك الروح الحق فهو الذي يرشدكم للحق لأنه لا يتكلم عن نفسه”.

حقا كما قال البوصيري:

ما مضت فترةٌ من الرسل إلا بشـّرت قومها بك الأنبياء

هذه الحقائق السبع أسوقها لكم بمناسبة ذكرى مولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، لعلنا نكون من الذين يسمعون (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) .

والله ولي التوفيق.

 

 

 

 

 الكلمة التي القاها سماحته في احتفال هيئة شئون الأنصار بالمولد النبوي الشريف 1433هـ

مسجد الهجرة بودنوباوي/ 3 مارس 2012م الموافق 10 ربيع الثاني 1433هـ