30 يونيو 2019م إدانة موثق للانقلاب الغشاش وتجديد عزيمة الشعب نحو الحرية والخلاص

بسم الله الرحمن الرحيم

30 يونيو 2019م إدانة موثق للانقلاب الغشاش

 وتجديد عزيمة الشعب نحو الحرية والخلاص

 

30/6/2019م

كان اليوم يوماً عظيماً. أسجل له ثلاثة معانٍ مهمة لمن يعتبر: الأول: غضبة على انقلاب يونيو، الثاني: إدانة للعنف في التصدي للتعبير الحر السلمي، والثالث: تأكيد أن الثورة حققت عودة الروح للهمة الشعبية ما جعلها خزينة طاقة شعبية متفجرة في وجه كل اغتصاب للحقوق الوطنية. فالاعتصام أمام القيادة العامة فض بطريقة عمدته أيقونة خالدة، وانداحت معالمه على كل الوطن داخل حدوده وخارجها.

أقول أولاً: إن انقلابات بلادنا الثلاثة استدعت ضدها ثورات مدنية ثلاث في 1964م، و1985م، و2019م. وأوقدت ضدها أربعة حركات مقاومة مسلحة في 1963م، 1983م، 2003، و2011م. هذا دليل على حيوية شعبنا وإستعداده لرفض الطغيان بالوسائل المدنية والوسائل المسلحة.

أقول ثانياً: إن الانقلابات المشئومة الثلاثة قد تدرجت في السوء من الأٌقل سوءً إلى الأوسط سوءً إلى الاسوأ مطلقاً.

ابدأ حديثي مخاطباً النظام الذي أقامه انقلاب 30 يونيو: أعوامك الثلاثين العام يخازي العام في السوء والإجرام. وأوثق هذه المساوئ في ثلاثين خطأ وخطيئة أعددها لا لمجرد التشفي ولكن للعبرة في تاريخنا ولاعتبار كل الشعوب الأخرى لكيلا تقع فيما وقعت فيه بلادنا. ثلاثون خطأ وخطيئة بيانها:

انقلاب 30 يونيو تأسس على الغش بخديعة السجن حبيساً والقصر رئيساً. وأقسم صاحب القصر هذا لكل من سأله أن هذا الانقلاب وطني ولا صلة له بأي حزب سياسي. غش يعزل أصحابه من أمتنا. كما قال نبي الرحمة: “مَنْ غَشَّ، فَلَيْسَ مِنِّي”[1]

  1. أسس النظام لإعلام كذوب رمى التجربة الديمقراطية بمساوئ ليست فيها وادعى لنفسه على طول عمره فضائل ليست فيه مسخراً الإعلام الصحافي والإذاعي والفضائي للترويج للأكاذيب.
  2. واتخذ النظام نهجاً إقصائياً يولي محاسبيه ويطرد الآخرين ويفرض برنامجه الحزبي المنكفئ على كافة الناس ما جعل كافة القوى السياسية الجنوبية تجمع على أن هذا يجعلهم مواطنين من درجة دنيا فأجمعوا على المطالبة بتقرير المصير في أكتوبر 1993م
  3. ونفس النهج الإقصائي الحزبي المنكفئ هذا هو الذي أشعل حروب الهامش الأهلية في 2003م، و2011م.
  4. أجهض الانقلاب المؤتمر الدستوري المزمع في 18/9/1989م المتجه نحو حل سلمي قومي لمشكلة الجنوب دون حاجة لتقرير المصير ودون حاجة لتدخل لرافع أجنبي وزعم حسم الأمر بالتصعيد العسكري تحت مسمى الجهاد وانتهى به الأمر لإبرام اتفاقية نيفاشا في يناير 2005م التي حققت عكس مقاصدها لما في هياكلها من عيوب فلم تحقق الوحدة الجاذبة ولا السلام ولا التحول الديمقراطي. عيوب كشفناها في بيان “اتفاقية السلام يناير 2005م ومشروع الدستور الانتقالي 2005م في الميزان” الصادر في مايو 2005م، والنتيجة تقسيم الوطن.
  5. واتسم هذا النظام بنهج دموي بفهم أن السودانيين جبناء تردعهم الإخافة لذلك كان إعدام ثلاثة أبرياء في مخالفة لأمر إداري لامتلاكهم دولارات، وإعدام 28 من ضباط القوات المسلحة دون محاكمة عادلة.
  6. تطبيق هذا النهج الدموي جعل النظام يواجه كافة هبات البلاد الست في 1990م، و1996م، و1998م، و2006م، و2011م، و2012م، و2013م بعبارة اطلق النار لتقتل. وكان هذا ما أراده النظام لاعتصام السادس من إبريل 2019م داعمين هذا التوحش بفتوى مالكية كاذبة، الإمام مالك برئ منها وإن قال بها فقيه مداهن للسلاطين، توحش مناقض للرسالة المحمدية: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[2].
  7. نتيجة لهذه الوحشية وما صحبها من مظالم صار عُشر سكان البلاد مكدسين في معسكرات نزوح معتمدة على دعم خارجي، وصارت البلاد تحت رحمة يوناميد لحماية المواطنين من حكومة بلادهم.
  8. ونتيجة لهذه الوحشية لا سيما في إقليم دارفور الكبرى صارت البلاد تحت تحقيق دولي أدى على مراحل لإصدار 62 قرار مجلس أمن أغلبها تحت الفصل السابع ضد نظام الحكم الباغي. هذا سجل من المخازي غير مسبوق في أية دولة من دول العالم.
  9. والخزى الأكبر أن عدداً كبيراً من الحكام بموجب القرار الدولي 1593 وعددهم 51 محولين بإجماع مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية منهم أربعة أعلنت اسماؤهم على رأسهم رئيس الانقلاب.
  10. نهج النظام الانقلابي الاقتصادي يضارع في الخزى والسوء نهجه الأمني. ففي البداية أعلن النظام نهج الاكتفاء الذاتي اقتصادياً، نهج تسلط فيه على أموال المواطنين وأفسد النظام المصرفي بما سمى المصرفية الإسلامية ونهجها أكثر استغلالاً من سعر الفائدة التقليدي. وبعد فشل هذا النهج الاقتصادي العبثي امتثل النظام لتوجيهات النظم المالية الدولية، ولكنها طبقت في إطار نهج سياسي غير مقبول/ وفي النهاية مهما قدم اقتصاديون للنظام من برامج تقوم على ثلاثية خفض المصروفات/ ودعم الإنتاج، وتشجيع الاستثمار، لم يتمكن النظام من تحقيق أية إصلاحات اقتصادية وانتهى به الأمر لحالة انهيار اقتصادي غير مسبوق.
  11. كنا في في العهد الديمقراطي قد أعلنا شركة شفرون الأمريكية التي اكتشفت البترول في السودان (وصرفت مليار دولار في هذا العمل ولكن لأسباب أمنية وأخرى متعلقة بتدني أسعار البترول توقفت الشركة عن الاستمرار في عملها) أعلناها أن تستأنف عملها في ظرف مدة محددة أو تتخلى عن الامتياز الممنوح لها. وعندما انتهت المدة رفعت شفرون يدها عن الامتياز واستطاعت السلطة الانقلابية أن تجد بدائل استطاعت استخراج البترول. إيرادات البترول السوداني في الفترة 1999م – 2011م تقدر بمبلغ 60 مليار دولار على الأقل، صرفت بطرق فاسدة في أولويات خاطئة وفي ممارسات فاسدة فلم تحقق التأثير الإيجابي على الاقتصاد الوطني، وسوف يكشف قانون “من أين لك هذا” مدى النهب الذي بدد تلك الإيراداتِ. تبديد مدخلات البترول من أهم مخازي النظام الاقتصادية.
  12. ومفسدة كبيرة أخرى تتعلق بتمليك أجانب لأراضٍ سودانية بمساحات كبيرة مع أن قانون الأراضي في العهد الديمقراطي يمنع تمليك أجانب للأرضي السودانية. كان هذا التمليك كذلك على حساب مواطنين مستحقين لها.
  13. معلوم أن المجال الاقتصادي يقسم على ملكية الدولة وملكية القطاع الخاص والقطاع التعاوني. ولكن النظام بالمحاباة للمحاسيب نفذ مشروع خصخصة معيب، وكذلك بالمحاباة في كل الممارسات كالعطاءات والإعفاءات كون قطاعاً خصوصياً يملكه محاسبيه وتملكه جهات أمنية ويملكه مسؤولون وأقاربهم. هذا القطاع الخصوصي كان له أسوأ الأثر في عدم تطبيق المعايير المالية والاقتصادية السليمة.
  14. ومن اسوأ الممارسات المالية التي دمرت قيمة العملة الوطنية اللجوء لضخ العملة دون غطاء، الذي جعل الكتلة النقدية في البلاد تزن في عهد النظام أكثر من ثلاثة آلاف في المائة مما سبقه، فتدهورت قيمة العملة الوطنية التي كانت 12 جنيهاً للدولار فصارت 70 ألف جنيهاً للدولار.
  15. الحروب الأهلية، والقمع الأمني، والانهيار الاقتصادي ثلاثية جعلت السودان طارداً حتى صار عدد السودانيين اللاجئين يساوي ربع السكان. لقد كان السودانيون يتجهون للخارج لعقود مغتربين أو لعلاج أو لتعليم أو للتسوق أما ظاهرة اللجوء الحاشد للخارج فهو نتيجة مباشرة للعوامل الطاردة المذكورة.
  16. الفساد الذي مارسه النظام صنفه من الخمس دول الفاسدة في العالم في نظر منظمة الشفافية العالمية، وصار معروفاً لدى الذين يقدمون على الاستثمار في السودان أن للمسئولين السودانيين طلباً خاصاً لإكمال المعاملات.

قال المرحوم الزبير محمد صالح نحن أبناء أسر فقيرة فإن رأيتمونا ملكنا العمارات والسيارات فاحكموا علينا بالفساد. نقول لهم نعم رأيناكم قد نهبتم الأموال الطائلة ما سوف يكشفه قانون “من أين لك هذا”، وسوف نسعى مع حكومات البلاد التي أخفيتم فيها مسروقاتكم لرد المنهوبات لأهلها في السودان.

  1. وأفسد النظام مؤسسات الدولة: الخدمة المدنية، والخدمة الدبلوماسية، والمنظمات النظامية خاصة القوات المسلحة من الكلية الحربية إلى كافة القيادات. شردتم الأكفاء لأنهم ليسوا من حزبكم وعينتم الموالين بلا كفاءة. لقد صار عدد المشردين الأكفاء بعشرات الآلاف/ سلبتم حقوقهم وأفسدتم سمعتهم وأصيبوا بأضرار مادية ومعنوية.
  2. الانقلاب العسكري في حد ذاته جريمة مكتملة الأركان قال عنه الإمام الألباني أنه نهج مارق مخالف لنهج الإسلام، وهو اعتداء مسلح على مدنيين عزل يستحق أن يضاف للجرائم الأربع المستحقة المساءلة الجنائية الدولية.

إنه نهج أدانه عرابه في حياته بل أدانه أغلبية المفكرين الذين ساندوه في البداية. شهد شاهد من أهلها.

  1. ومن أخزى مخازي انقلاب 30 يونيو والنظام الذي أقامه ما الحق بالشريعة الإسلامية من تشويه.

أبو بكر رضى الله عنه عندما بويع قال: “ولِّيتُ عليكم ولست بخيركم (ولاية بشرية في سقيفة بني ساعدة)، فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني (المساءلة)، الصِدْقُ أمانةٌ والكَذِبُ خِيَانَةٌ (الشفافية)، وَالْقَوِيُّ فِيكُمْ ضعيف عندي حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، والضَّعيف فيكم قَوِيٌّ عندي حتى أرجِّع عَلَيْهِ حقَّه إِنْ شَاءَ اللَّهُ (سيادة حكم القانون). هذه الرباعية هي مفردات النظام الديمقراطي. وقال عمر رضى الله عنه: “من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا للذي بايعه تغِرَّةً أن يُقْتَلا”[3]. إن انقلاب 30 يونيو والنظام الذي أقامه استولى على السلطة بالقوة والخداع، وأسس حكمه على حزب حاكم عازل للآخرين وألزم الناس طاعته بالقهر. وما طبقه باسم الإٍسلام من ممارسات في الزكاة والنظام المصرفي طبقت بصورة مناقضة لمقاصد الشريعة. لقد صارت التجربة السودانية الإسلاموية عورة يعترف بعوارها دعاة النهج الإسلامي في كل مكان.  ويرجى من الذين ناصروا هذه التجربة باسم الإسلام الاعتراف بعيوب التجربة والالتزام بمراجعات أساسية لتأهيل أنفسهم في مشروع بناء الوطن.

  1. لقد ركز النظام المخلوع على تكوين حزب حاكم سخر له موارد الدولة كأنه قطاع رسمي، ووظف كوادره في كافة مناصب الحكم، وأقام أجهزة ذات ولاء حزبي موالٍ لهم. إنها تجربة لا صلة لها بالإسلام بل مقيسة على تجارب الفاشستية والستالينية، واسوأ ما مورس في بعض دول أمريكا اللاتينية، هذه التجارب هي مرجعياته لا الإسلام.
  2. ومن مساوئ هذا النظام تطبيق قاعدة الإمبريالية حتى صاروا إمبريالية داخلية، فانبروا للأحزاب السياسية الأخرى بحلها، ثم بعد إعادة تكوينها باختراقها بأفراد ألفت جيوبهم وكونت منهم حزيبات ضرار، وهو نفس النهج الذي اتبعوه في تمزيق الكيانات القبلية والكيانات الطائفية. إن النظام فتق كل الرتق الاجتماعي في السودان.
  3. ومن أهم مخازي النظام المخلوع استغلال التباين الإثني في السودان. إن للسودان تكويناً متنوعاً: عربي، زنجي، نوبي، نوباوي، بجاوي، وهو بحق أفريقيا مصغرة تستوجب إدارة حكيمة لهذا التنوع على نحو ما شرحنا في كتابنا: (الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك) الصادر في عام 2014م. كل الحركات السياسية التي أسست فكرها على استغلال هذا التنوع آثمة. والنظام الانقلابي استغل هذا التنوع بصورة مجرمة تستوجب علاجاً حاسماً لا سيما في مشروع بناء السلام والمشروع العادل بين المركز والهامش.
  4. عقد النظام عدداً كبيراً من اتفاقيات السلام في وجه الحروب الأهلية التي أشعلتها سياساته الإقصائية، ولكن طبق تلك الاتفاقيات بصورة حصرتها في المحاصصة دون إزالة أسباب النزاع.

وفي وجه كل محاولة لإيجاد مخرج أعرض النظام وأصر إصراراً. أجهض اتفاقية السلام، وأجهض مشروع التراضي الوطني، وأجهض الاتفاق الإطاري 2011م، وأعرض عن مشروع التطوير لنظام جديد قدمناه له في مارس 2011م، وأجهض نتائج حواره الداخلي المعيب أصلاً ودمر خريطة الطريق التي رعاها مجلس السلم والأمن الأفريقي برعاية ثامبو أمبيكي وقفل الباب أمام كل اختراق لصالح الوطن فعندما صدر إعلان باريس في أغسطس 2014م وحمل رسالة اتفاق بين قوى مركز وقوى هامش وقوى مدنية بوحدة السودان وبالعمل من أجل نظام جديد بوسائل خالية من العنف، رفض الإعلان ولكي يستر هذه العورة إدعى أن هذا الإعلان غطاء لخطة احتلال الفاشر. كذبة كسائر الأكاذيب. وعندما هيكل نداء السودان أوضاعه بصورة نظمت عمله والتزامه بخريطة الطريق وانتخابي رئيساً له فقد النظام صوابه وسجل ضدي عشرة بلاغات جنائية عقوبة خمسة منها الإعدام. مع أن القراءة الوطنية لهذا الإجراء تبشر بأن هذا الانتخاب تأكيد للنهج السلمي والوطني الوحدوي.

كان نهجه أصدق مثل للعبارة القرآنية: (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)[4]. وكان لآخر لحظة في وجوده من كان تدبيره في تدميره.

  1. كان للسودان خدمة مدنية مشرفة، لا سيما حكم إقليمي لا مركزي وحكم محلي ديمقراطي وإدارة أهلية توظف الولاء القبلي للإدارة والأمن. النظام الآثم انبرى للإدارة الأهلية ممزقاً الولاءات وممزقاً الأسر، وجاعلاً كل مستويات الإدارة خاضعة لمقياس الولاء الحزبي. خطة مناقضة تماماً للمصلحة الوطنية ومحصورة في المصلحة الحزبية.

وهو نفس النهج الذي أفسد به الحركة النقابية ومنظمات المجتمع المدني.

  1. وأفسد النظام التعليم في كل مراحله: التعليم العام والفني والعالي، وأخضعه في كل جوانبه لنهج أيديولوجي فطير، وأورث السودان عبئاً ثقيلاً للإصلاح التعليمي.
  2. وهو نفس التخريب الذي مارسه النظام في كافة مؤسسات البلاد: مشروع الجزيرة، والسكة حديد، والطيران، والبحرية.
  3. الأنشطة الرياضية في السودان ثمرة لعطاء شعبي كبير وناجح، تصدى له النظام وأخضعه لاختراق حزبي أفقد الرياضة الاعتراف الدولي وجعلها وجهاً من وجوه الاستمالة الحزبية.
  4. واتبع النظام علاقات إقليمية كذوبة تقوم على مراوغة انتهازية جعلت البلاد تفقد سمعتها وتعامل بمقاييس الرشوة والتقلب بين الموائد بلا مبادئ.
  5. دولياً وضع النظام البلاد في قائمة رعاية الإرهاب، وحرمها من برنامج إعفاء الدين العام للدول الفقيرة ذات المديونية العالية، وتحول النظام لمن يداهن الأمريكان وفي نفس الوقت يخاطب الروس لحمايته منهم ويفقد مصداقيته في المجالين.

ختاماً أقول: ترك النظام المخلوع لبلادنا تركة مثقلة وضعنا دراسة علمية لإزالة آثارها الفادحة نأمل أن تجد قبولاً قومياً، وأن تستهدى بها الحكومة المدنية الملتزمة بالسلام وبالتحول الديمقراطي المزمعة، ولكن أقولها بوضوح: لقد ترك النظام المخلوع لنا شعب السودان تركة تَنُوءُ مفاتيحها بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ، ولا سبيل لمواجهتها بنجاح إلا بوحدة وطنية قوية تضم القوى السياسية والمدنية والمقاومة المسلحة والقوات النظامية لا سيما القوات المسلحة.

إذا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قومٌ      فَإنّهُ يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِم

نحن في حزب الأمة القومي ومع حلفائنا في نداء السودان أولاً، ثم قوى إعلان الحرية والتغيير ثانياً، ثم كافة القوى التي عارضت النظام المخلوع ثالثاً، ثم المراجعين لأنفسهم من الآخرين رابعاً، سوف نبذل أقصى جهدنا لإخراج السودان من المستنقع عبر فترة انتقالية ناجحة لا بمدتها ولكن بإنهاء مهامها وتنفيذ استحقاقات النزاهة للانتخابات الحرة لكي يمارس الشعب حقوقه المسلوبة في اختيار حكامه لأول مرة بعد الثلاثين عاماً الجدباء.

إننا نستبشر بقبول الجميع المبادرة الآفروأثيوبية، ونرجو أن تؤدي لفتح وطني مبين، ونكرر مناشدتنا للمجلس العسكري الالتزام بكفالة الحريات العامة.

كان حشد اليوم عظيماً وغالباً سلمياً ومنضبطاً، ولكن وقع عنف ونداء إلى القصر في مخالفة لأهداف الحشد، ولتجنيب العنف ما يوجب التحقيق والمساءلة لكيلا ينحرف الموقف إلى مواجهة مؤذية للتطورات الإيجابية.

إننا نترحم على شهداء اليوم، ومع رفض المجلس للجنة التحقيق الدولية حول مأساة الثالث من يونيو نكرر مطالبتنا بلجنة تحقيق مستقلة تضم ذوي اختصاص وأهلية، وبراءة من أية شبهات تعاون مع الشموليات، مكونة من: عسكري، وشرطي، وطبيب، ومختص بالعنف ضد المرأة، وقاض: خمس سودانيين مؤهلين ومقبولين قومياً، ولا مقبولية للجان تحقيق الخصم والحكم. ويجب أن يضاف لمهام هذه اللجنة المستقلة التحقيق في أحداث 30 يونيو 2019م ومساءلة الجناة.

 

 

[1] رواه مسلم

[2]  سورة الأنبياء الآية رقم (107)

[3]  (رواه البخاري وأحمد)

[4] سورة الليل الآيات (8، 9، 10)