إنسانيات سودانية وقضايا اجتماعية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 إنسانيات سودانية وقضايا اجتماعية

الإمام الصادق المهدي

  

فبراير 2019م

 

 

محتويات

تعريف.. 4

الإنسانيات السودانية. 5

اللا إنسانيات السودانية. 14

الوعي البيئي ومتطلباته ضرورة حياتية. 21

الجنس توالد وزيادة 27

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تعريف

في هذا المكتوب أربع دراسات عن:

  • الشخصية السودانية ما لها من إيجابيات وما عليها من سلبيات: مرآة لذواتنا.
  • وثالثة عن البيئة الطبيعية موروثنا من الماضي ووديعتنا للمستقبل ما بين صيانته أو إفساده.
  • ودراسة رابعة عن الثقافة الجنسية فالنوع هو أول هوية المولود ولكن الثقافة الجنسية محاطة بالسرية وأشبه بالمسكوت عنه.
  • دراسات يرجى أن تساهم في الاستنارة المنشودة. مصباح يستضاء به في دروب الحياة وفي ذلك فليجتهد المجتهدون.

 

 

 

الصادق المهدي

القاهرة في سبتمبر 2016م

 

 

الإنسانيات السودانية[1]

 

أجد في كثير من الكتب والمقالات استخفافا بالسودان كوطن وجد صدفة أو أوجده الغزو العثماني، وأنه بلا تاريخ عريق حتى أن الأثري السويسري شارلس بونيه قال: عندما هممت أن أشرع في حفريات في كرمة قال لي أحد الأثريين لا تتعب نفسك كل التاريخ في شمال وادي النيل.

كان السودان وطن حضارات عظيمة:

  • حضارة سبقت الحضارة الفرعونية وهذه كشفت عنها الحفريات أخيراً.
  • وحضارة مشتركة مع الفرعونية وتبادل السلطان فيها فراعنة من الشمال ومن الجنوب أمثال بعنخي وترهاقا.
  • والحضارة الكوشية والتي ازدهرت في مروي واستمرت ألف عام من خمسة قرون قبل المسيح إلى 5 قرون بعده.
  • وحضارة مسيحية استمرت ألف عام كذلك من 5 قرون بعد المسيح إلى القرن السادس عشر.
  • والحضارة الإسلامية القديمة التي تمركزت في ممالك إسلامية. ثم كان الغزو العثماني ثم المهدية ثم الغزو الثنائي.

والمؤسف حقا أن كثيراً من تلك الفترات ملتف بالغموض محتاج لمزيد من التوثيق التاريخي ومن التجسيد المتحفي. قال ليوبولد سنغور لسفير السودان الحردلو: “الحضارة الأولى أقامها أجدادكم النوبة. وهم سادة الصناعة الأولى، والزراعة الأولى، والمعرفة والشعر والفنون والأهرامات”.

وما قاله بروف هيرمان بل عالم الآثار: “السودان هو أساس حضارة وادي النيل”.

من أخطر نتائج هذه الغفلة عن تاريخنا الاستعداد الكبير في مجتمعاتنا المعاصرة للاستلاب، فإذا أنت مررت على المحال التجارية رأيت في عواصمنا العجب العجاب: كوافير ديانا- مطعم هافانا- سوبر ماركت باريس. وآخر حالات الاستلاب تلوين أعراسنا بألوان غريبة: فساتين الزفاف، وبدلة العريس السموكنج.. ثوب السرتي للعريس وفركة القرمصيص للعروس، خاصة كما طورتهما الأستاذة سارة جلال، هي ما يناسبنا ذوقا وبيئة وجمالا أصيلا. والبدلة الأسموكنج بدل الجلابية محاكاة لا معنى لها. قالت الشاعرة السودانية خالدة:

هـــي الزي الغالي وأجمل

فيها المعنى الكامل وأكمل

يحكي حكاية شعب مؤصل

والزفة مكان العديلة، وأنواع المكياج للعروس الذي يجعلها أشبه ما تكون بلوحة إفرنجية ما يناقض ألواننا ويعارض مناخنا ويعاكس أذواقنا. فالتجميل السوداني الأصيل مختلف من حيث مفاهيمه ومفرداته، فمن حيث المفاهيم مكياجنا من حيث الدخان والدلكة والحنة يقوم على فتح مسام الجلد واستخدام الأعشاب الطبيعية بما يتماشى مع المناخ الحار، ولكن عند الإفرنج يقوم على سد المسام بالبدرات والمساحيق الكيمائية وتشجع عليه برودة الجو. ومن حيث المفردات المستحب في الذوق الأصيل اللما لا الأحمر وهو سمرة لا حمرة الشفاه على نحو ما قال العباسي:

        بالله يا حلو اللما      مالك تجفو مغرما؟

واخطر ما في الأمر ليس هو إعدام السمرة والخضرة لون الحياة واللون القمحي لون نساء الجنة (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ)[2]، أخطر ما في الأمر أن إعدام السمرة على يد سموم الزئبق والكورتزون (Hydroquinone  وhydrogen peroxide) وهي تبيض الوجه بمواد سامة تتسرب عبر الجلد لأعضاء الجسم، وهات يا فشل كلوي!

ومن طرف خفي توجد نزعة احتقار لما هو سوداني. احتقار عززته كثرة الكوارث في بلادنا لا سيما في المهجر إذ ارتبط اسم السودان بالعنف، والاقتتال، والمجاعات، والتدخلات الأجنبية؛ ما أدى لكثير من النكات – مثلا- ما حجم السودان؟ الرد: مليون ميل مربع! التعليق: لا مكعب لأنه حفرة!. ومقولة عبد الله ضحية: كيف تكون سودانيا؟ والرد: أنماط من التواكل والكسل من باب لا تؤخر عمل اليوم لغد ما دام يمكن أن تؤخره إلى بعد غد! ومقولة طوني بوزان الذي سأل: “ما الفرق بين الديناصور والسوداني النشيط؟، فرد: الاثنان انقرضا..

نتيجة هذا كله إسقاط السودان من الحساب، وعدم الرهان عليه، والتطلع للفرار منه بتذكرة في اتجاه واحد. وكثيرون صاروا يخلطون بين الكرت الأخضر الأمريكي وسندس الفردوس.

في تصحيف لبيت البحتري:

تَذُمُّ الفَتاةُ الرُّودُ شِيمَةَ بَعْلِهَا إذا بَاتَ دونَ “الكرت”ِ، وهوَ ضَجِيعُهَا

منذ مدة أزعجتني هذه الظاهرة وصرت أفكر في وسائل لدحرها منها الاهتمام بالتوثيق التاريخي، والتربية الوطنية، والتوثيق المتاحفي وغيرها.

ولكن بدا لي أن للإنسان السوداني ميزات فريدة لا ينكرها إلا مكابر. ميزات أشار إليها كثير من شعرائنا أمثال: محمد عبد الحي، ومحمد المكي إبراهيم، وصلاح أحمد إبراهيم، وسيد أحمد الحردلو وغيرهم.

هذه الميزات تقود لقيم غرسها في نفوس أهل السودان تراث الخلاوي، والمسايد، والأحاجي، وصدح بها الشعراء الشعبيون من حكامات، وكنداكات، وأصحاب المسادير، وشعراء الدوبيت، وغيرهم.

في هذه المجالات ثقافة أواسط السودان هي الأكثر توثيقا مع غياب نسبي لثقافات الغرب، والشرق، والشمال، والجنوب. وإن كانت ثقافة الوسط هذه عن طريق الدور المحوري للعواصم بقيادة أم درمان استطاعت أن تستصحب كثيراً من الثقافات الجهوية السودانية المختلفة. في هذا الصدد أم درمان قيمة وبوتقة لا مجرد رقعة  في المكان كما قال الشاعر عبد المنعم عبد الحي:

أنا أمدرمان تأمل في نجوعي        أنـــــا السودان تمثل فـي ربوعي

أنـــا ابن الشمال سكنتو قلبي على ابن الجنوب ضميت ضلوعي

ولا شك أن القيم التي أسميها إنسانيات سودانية قد صارت أشبه ما تكون بقيم سودانية قومية.

ومع ذلك فنحن بحاجة لصحوة ثقافية تجعلنا أكثر اهتماما بالتنوع الثقافي في بلادنا تقديراً لحقيقة التنوع الثقافي  هذه، واعتباراً لقيمتها، فالتنوع من مقاصد الكون: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)[3].

إن الاهتمام بهذا الجانب من حياتنا صار ضرورة وطنية لأن إهماله قد صار يمثل إخفاقا في إدارة التنوع، ويمثل خطراً حقيقياً على وحدة البلاد.

الأشعار القومية حاملة قيم الإنسانيات السودانية لعبت:

  • دورا رئيسيا في الدعوة المهدية وفي الكيانات الصوفية وفي المدائح النبوية.
  • دورا سياسيا في دعم النظم أو في معارضتها.
  • دورا اقتصاديا في الحث على الكسب والمغامرة من أجله.
  • دورا اجتماعيا في المدح، والهجاء، والرثاء، والغزل.

ومع أهمية هذه الأدوار، فإن ثقافتنا المركزية وتعليمنا الرسمي لم يحفل بها بالقدر الكافي وصارت ثقافة شعبية تفرض نفسها رغم تجاهلها.

ههنا سوف أتناول الحديث عن الإنسانيات السودانية. ولكيلا يكون هذا الحديث تمرينا في الشوفينية استهله بالحديث عن سلبيات وأهمها: العفوية، والمجاملة المبالغ فيها على حساب الصراحة،  والاهتمام الأكبر بالأخلاق  الخاصة كالعرض وإهمال العامة كالمواعيد، وتضخيم الاجتماعيات وتهميش العمل.

ولكن رغم هذه السلبيات فإن للسودانيين أخلاقيات إنسانية سار بذكرها الركبان:

  • في عام 1988م اجتمع بنا الأمير الحسن بن طلال في عمان وخاطب جماعة منا قائلا إنه وغيره من الزعماء العرب يتحدثون عن وجود أخلاق سودانية سماها إنسانيات سودانية مميزة.
  • وقال لي أحد سفراء السعوديين بعد أن نقل من السودان إلى بلد آخر: السودان مع قسوة الطبيعة فيه نعمة الطبع. تلك الأخلاقيات آسرة. لذلك كثير من السفراء يقولون لي عندما نقلنا للسودان حزننا. ولكن عندما نقلنا من السودان بعد معرفة أهله حزننا!
  • ولا ينفك الرئيسان ملس زناوي الأثيوبي وأسياسي أفورقي الأرتري، عند لقائهما يذكران الفترة التي قضياها في السودان بانبهار بإنسانيات أهل السودان.
  • إنسانيات عبر عن إعجابه بها كل الذين توسطوا بين أطراف سودانية مقتتلة إذ لاحظوا درجة أعلى من التسامح بين أطراف الاقتتال السودانية وعبروا عن هذه الملاحظة – مثلا الجنرال سمبويو وسيط الإيقاد.
  • الإنسانيات السودانية الآسرة كثيرة وقد عبر عنها كثير من شعرائنا أمثال محمد عبد الحي، ومحمد المكي إبراهيم، وصلاح أحمد إبراهيم، والهادي آدم، وغيرهم كثيرون وأسهب في التعبير عنها رواد الشعر الشعبي من مسادير ودوبيت وحكامات وكنداكات، وهذا بحر من العطاء عريض ولكنه بالقياس للاهتمام الذي يحظى به شعراء النخبة نسبيا مهمش ولذلك فضلت أن أوثق للإنسانيات السودانية عن شعراء النخبة في مقابل الشعر الشعبي في التعبير عنها – مثلا- أشعار محمد المكي إبراهيم:

عذراء كقلب القمحة امتنا

فالألسن والأجفان هنا عذراء

  • أو أشعار صلاح أحمد إبراهيم:

الحافظ ديمة حقوق الغير

 سيد الماعون السالي السيف

الهدمه مترب وقلبه نضيف

وبعد تأمل وتفكر في الأمر أرى أن أهم الإنسانيات السودانية التي ساهمت الثقافة الشعبية في التعبير عنها، والترويج لها، والترويج لها عبر الأناشيد، والدوبيت، والمدائح، والمراثي، والأغاني ثمانية خصال هي: الكرامة- الكرم- التواضع- التسامح- المروءة – التضحية- الإقدام- الغزل العذري.

  1. الكرامة: الأمثال الشعبية السودانية لا تبرح تلح على الكرامة- مثلا – لاقيني ما تعشيني، بليلة مباشر ولا ذبيحة مكاشر وهلم جرا.
  • قال ود الرضي عن الكرامة:

جلد الحر رهيف أقل حاجة تقدو

وقال:

الزول البهين أمرك قطع لا تزورو

ولو كان القمر لا تهتدي بي نورو

  • والاحتجاج بالكرامة من أجل الاستقلال: أبيات عكير:

ما بنتبع نروح للغير ونبــــقى سعية

              ننساق بالخشوم غنما موالفة رعية

  1. الكرم: تكثر في الإشادة به الأمثال: قدح ود زايد، عوج الدرب، ما في دين بلا عجين… الخ.

وهذا المثل يعزز مقولة بعض رجال الدين إذ قال إن ولاية الشوام بالسياحة، وولاية المصريين بالعلم، وولاية السودانيين بالكرم. وإليك أبيات ود شوراني في الكرم.

تمساح أم كبلو الحارس التنيــــــــــر

الجود والكرم راجيك نحــــــلة عديل

يا ركازة الحي العليــــــــــــــك بيميل

بلاك منو البضبح اللقحة اللبنها بسيل

  1. التسامح: تعبر عنه أمثال كثيرة مثلا: المسامح كريم، الفشّ غبينتو خرب مدينتو، وغيرها.

وقالت مادحة تمدح تسامح الشيخ العبيد ود بدر:

الهوى والشرق بي ليمو لماهو

الزين والفسل بي خيروا عماهو

حفرا لعد غريق لامن يجيب ماهو

شال سعينات الرجال سواها في سقاهو

وما قاله عكير في الإمام عبد الرحمن:

جهادك لين وحكمة وفـــاطرا بسام

يربي الروح رباية الموية للأجسام

وقال فيه أيضا:

يا بحر السماح كل البزل تعفـــــاه

والأعجب عدوك وقت الدرك تلفاه

  1. المروءة: أمثال كثيرة تجسدها: دخري الحوبة، روى العطشان، أبو مروة.

مما قام صغير ما بيمشى في الفارغات

للجار والعشير هو الدخرى للحبوبات

ستار العروض البرفع الواقعات

وهناك ما قاله صلاح أحمد إبراهيم بالشعر القومي:

البسمع فيهم يا أبو مروة

بـــــي فراره ينط من جوة

يبادر ليك مــن غير تأخير

  1. الإقدام: أمثال الطولوا لساني، نسيبتك، الحي قدر السبيبة والميت قدر التبلدية.

وما قالت بنونة في أخيها الذي قتله الجدري وميت الجدري لا يبرد خوف العدوى بل يرشح بالرماد:

ما ديرالك الميتة أم رمادا شح

دايراك يوم لقا بدميك تتوشح

الميت مسولب والعجاج يكتح

أحي على سيفو البسوي التح

وفي مجال الإقدام هذا فإن الحكامات، والكندكات، قمن بدور لا يقدر بثمن في حشد الحماسة، أما الحكامة فمؤسسة حماسية أشبه بالتوجيه المعنوي في القوات المسلحة لأن الحكامة من أواسط الأسر ويختارها الفرسان لهذه المهمة وهي التي تخلد البطولات وتمقت الجبن وكما قيل:

وَالعارُ مَضّاضٌ وَلَيسَ بِخائِفٍ        مِن حَتفِهِ مَن خافَ مِمّا قيلا

والهمباتة ليسوا مجرد لصوص بل هم كصعاليك العرب أمثال الشنفري، وتأبط شرا، وروبن هود الانجليزي كانوا نهابين وهابين ولهم أشعار في الإقدام رائعة  أمثال ود ضحوية.

ولما كانت أقوى نهضات الشعب السوداني في المهدية فإن الشعر الشعبي قد سطر روائع في الحماسة، ورد في منشور المهدي لود سعد يجيزه في المدح بقوله إن “فيه إرهاب للكافرين وموعظة وتذكرة للمجاهدين ولهو فيهم -أي الكفار- أسرع من النبل” وفيه: “وأذناك في إنشاد الشعر فإنه مهيج للشعرة ومستحسن في معرض الجهاد ومدح النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقره هو نفسه صلى الله عليه وسلم حيث قال لمادحه: “اهْجُهُمْ، أَوْ هَاجِهِمْ، وَرُوحُ الْقُدُسِ مَعَكَ”[4]. وقال لعمر رضي الله عنه حين سمعه انتهر من يحرض بكلمات الشعر بين يديه صلى الله عليه وسلم: “خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ، فَلَهِيَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ”[5]. وهو معنى صاغه ود سعد في عبارته:

شمر ود سعد من ايدو لى بركـو

قصّر جبتو سواها فوق وركـو

قصدو يمدح الهانو لناس ماركو

والعود ما بيجب النار بلا يفركو

  1. التواضع

التواضع قيمة إنسانية سودانية أصيلة، فالسودانيون يبغضون الاستعلاء لدرجة كبيرة، ويحرصون في قيمهم أن يتواضع الزعماء والقادة ويختلطون بالناس، كما يحرصون على إزالة فوارق الطبقية المعروفة في مجتمعات أخرى حرصا شديدا. أمثال التواضع كثيرة، مثلا، الزعامة سباتة وقدح، بابو فاتح، مباشر، وغيرها والتواضع قيمة حرص عليها الصوفيون وكانت من أهم وسائل تفوقهم لدى الجمهور على الفقهاء على نحو ما سجل ود ضيف الله في طبقاته. وهو قيمة أشاد بها الإمام المهدي قائلا: إن الارتفاع بالاتضاع.

والتواضع قيمة عبر عنها الشعر الشعبي بقوة.

ما قاله عكير:

ظلمات المساكين هب ضو مساهن

بى الندى والتواضع ثبتن رساهن

أو ما قاله عكير في رثاء الشيخ الجيلي الكباشي:

متواضع كريم شيم البرامكة صفاتك

واسع جاه رحيم اتوفوا ناس بوفاتك

وما قاله ود الرضي في حكمه:

إياك والغرور مذ كان جلوسك حافــل

اتواضع لي إلهك لا يراك الغــــافل

إذا كنت ترى نفسك فضيل تكون السافل

أما العافية زايلة وكل بدرا آفـــــل

  1. التضحية: أمثال كثيرة تعبر عنها، مثلا الفى ايدو ما حقو، سايم نفسو، والشعر الشعبي غنى بالتعبير عن التضحيات. قال صاحب إبراهيم:

إبراهيــــم صاحبي المتمم كيـــــــــــفي

ثبـــــات عقـــلي ودرقتي وسيــــــــــفي

مونة غذاي مطمـــورة خريفي وصيفي

سترة حالي في جاري ونساي وضيفي

  1. الغزل العذري: الغزل ككل أنشطة الإنسان فيه الحميد والخبيث. والذي ينكر وجود عواطف قوية بين الرجال والنساء ويعبر عنها الشعر والنثر يحاول تجريد البشر من بعض سمات الإنسانية. وقد عبر عن ذلك بعض أهم علماء الدين في التاريخ أمثال ابن حزم في كتابه طوق الحمامة وابن القيم في كتابه روضة المحبين ونزهة المشتاقين. ولكن مع أن عبارة حب هي روح كل علاقة بين الإنسان والرب، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، فقد كاد يتخلى عنها الأسوياء ويتركونها للسفهاء. قال فان كوخ: “أفضل الطرق لمعرفة الحياة أن نحب أشياء كثيرة”. وقال غبرييل غارسيا ماركيز: “الناس مخطئون لو ظنوا أنهم يتوقفون عن الحب عندما يتقدمون في السن. الحقيقة هي أنهم لا يتقدمون في السن إلا عندما يتوقفون عن الحب”. الحقيقة هي أن:

الحب سر الحياة فسمه       وحيا إذا ما شئت أو إلهاما

ويمكن تسميته وحيا إذا تأملنا قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)[6]

إن قصائد الحقيبة زاخرة بهذا التعبير عن الحب العذري – مثلا – ما قاله إبراهيم العبادي:

دون فصادة سواك إلهـك

الإبار ما مسن شفاهـك

بفظاظة ما فاه فاهــــــك

فطرة أدبك وطبع انتباهك

ما بيدروا ديل جهل جاهك

وفي أشعار شعراء الحقيبة غزل واجب مثل ما قاله عبيد عبد الرحمن في ست البيت:

ست البيـت بريــدها بــراهـا

ترتاح روحي كل ما أطراها

قـالــت جارتهـا مجـاوراهــا

مــا قوالــة بـس حـاشـاهــا

مــا قـالــــت بقيـت حبــوبة

وخلــت بـوختـه المحبـوبـة

مهــما أبقــي مـــر بالعانــي

حافظة مــن الأنوثة معانــي

 

  • وفي هذا المجال فان المسادير والدوبيت وغيرها من الأدبيات زاخرة بوصف الطبيعة والخيل والجمال والطبيعة والجمال في القمر، والشجر، والزهر، والبشر.
  • كثيرون قالوا لي ما عرفك بهذه الثقافات الفولكلورية السودانية وتعليمك في فيكتوريا وأكسفورد يرشحك لعضوية قبيلة “الحناكيش” الذين يصفون الآبري بأنه “عصير التشويز” وملاح الروب بأنه “الملاح البيج” وغيرها من القفشات التي رددتها فرقة تيراب الكوميديا. ولكن إذا عرف السبب بطل العجب:
    • أسرتنا عبارة عن عصبة قبائل السودان. بعض الأسر الكبيرة تحرص على حصرية الأنساب أسرتنا مخالفة لهذا التقليد، مع أن الأصل من نسب حسني استقر بمصر ثم وفد للسودان قبل ألف عام فإنهم تناسلوا مع أهل دنقلا من النوبة وزاد التمازج بعد الإمام المهدي فأم الإمام عبد الرحمن مقبولة بنت نورين سلطان دارفور، وجدتها دينكاوية وأمها زغاوية. ومع أن هذا الانفتاح نحو الآخر القبلي اختفى قليلا في فترة مضت فإنه استؤنف بشدة مؤخرا.
    • الجزيرة أبا وهي بيئة نشأتنا الأولى هي كذلك جامعة قبلية لأهل السودان.
    • وكانت أمي مخزنا حيا للثقافة السودانية والمهدوية ما جالستها إلا ونفحت منها، فكان أثرها عظيما في تحبيب الثقافة السودانية وفي تلقيمها لنا، بل تجاوز أثرها من جيلنا لجيل أحفادها الذين عايشوها.
    • وفي حالتي الشخصية فإن ضخامة دور الاستلاب جاء بنتيجة عكسية وهي النزوح نحو الأصالة بأبعادها الثلاثية الإسلامية، والعربية، والسودانية.

عاشراً وأخيراً

الإنسانيات السودانية وهي أخلاق السمتة تجد اهتماما زائدا في نظري لأنها الآن تعاني من خطر الإبادة من مصدرين:

الأول: داخلي وهو تفوق طبقة طفيلية من الأثرياء الجدد الذين كونوا ثرواتهم بالمحسوبية أو بغسيل الأموال أو حتى بتنزيل الأموال، هؤلاء تبنوا نزعة استهلاكية اندفعت في أساليب حياة تقلد الموضات بلا بوصلة.

والخطر الآخر: خارجي تجسده ثقافة التسلية الهابطة المفتونة بالملذات وللأسف تروج لها أكثر الفضائيات التي انتشرت انتشارا مرضيا، فمع قلة نسبة الناطقين بالعربية في العالم فإن الفضائيات الناطقة بالعربية تمثل 20% من كل الفضائيات! وبرامجها في الغالب تافهة ولكنها كذلك مغرية في نشر قيمها وملابسها وأنغامها. المدهش أن حوالي 20% من برامج الفضائيات العربية تغيب الأخلاق ونسبة مماثلة منها تبث برامج دينية منكفئة تغيب العقل. أنا أرى في هذه الهجمة على الأخلاق وعلى العقل هجوما على حضارتنا.

هذه المحاضرة فرصة لأقول لقطاعاتنا وأجيالنا المستلبة إن في ثقافتنا السودانية ما هو أصيل وجميل.

 

 

 

 

اللا إنسانيات السودانية[7]

 

أشكر لدعوتي، وأقدر لهذا المجهود المفيد الممتع فالقلوب إذا ملت كلت وإذا كلت عميت.

مداخل للموضوع:

الأول: فلسفي. الإنسان في نزاع جدلي بين عنصري الطبيعة المادية- والقبس الروحي لذلك لا يخلو فاضل من عيوب، ولا ساقط من محاسن.

صورة الإنسان أنه مقياس نفسه في الوجودية، ولكنه ظل طبقته في الماركسية، أما في الإسلام فهو حاصل تداول بين نفس لوامة روحانية ونفس أمارة شهوانية.

دور الوحي في هذا المجال هو دعم عامل الخير وكفالة جزاء آخروي لصاحبه.

  • كذلك الدين يشجع الإنسان على التسامح: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)[8].
  • وينفي إحباط الإنسان أمام سلطان شهواته بالوعد أن الحسنة بعشر أمثالها. وبالغفران الذي لخصته مقولة البصيري:

لعل رحمة ربي حين يقسمها تأتي   على حسب العصيان في القسم

المدخل الثاني: أنا من محبي السودان وأهله. وما برحت أتغزل في سجاياتهم: أول من خط بالقلم واخترع الأبجدية، ومن عبد الله، وهم تاريخياً رماة الحدق الذين استعصوا على الغزاة. الأوفياء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ لم يكن له أخٌ فليتخذ أخاً نوبياً”. ولكن الإعجاب يورث العجب، ما أطاح بالمتنبي:

إن أكن معجبا فعجب عجيب          لم يجد فوق نفسه من مزيد

إنه من نوافذ إبليس.

المدخل الثالث: نعم هناك تباين ثقافي وجهوي قد لا يسمح لنا بالحديث عن إنسانيات ولا إنسانيات سودانية. ولكن نتيجة لعهود المركزية القديمة والحديثة يمكننا مع وجود أحزاب قومية وكيانات دينية متعدية للجهوية، وأدباء ومفكرون قوميون، وتراث غنائي يطرب له الكافة، يمكننا الحديث عن ثقافة سودانية جامعة عاصمتها أم درمان دون إغفال وجود ثقافات جهوية ما زالت حية.

المدخل الرابع: في العام الماضي تحدثت عن الإنسانيات السودانية من كرامة- وكرم- ومروءة- وتواضع- وتسامح- وغيرها. حتى بدا كأن أسطورة كاتب الإلياذة عن حج آلهة اليونان إلى أرض نوبيا التي خلا من العيب أهلها أسطورة صحيحة.. ولكن:

منذا الذي ترضى سجاياه كلها       كفى المرء نبلا أن تعد معايبه!

لذلك قال أمير المؤمنين عمر (رضي الله عنه): “رحم الله أمرئ أهدى لنا عيوبنا”، وبعد ألف عام من تلك المقولة قال عمانويل كانط: النقد هو أفضل وسيلة للبناء عرفها الإنسان. لذلك كان الواجب أن يحاسب الإنسان نفسه قبل أن يناقش الحساب ولذلك قال تعالى: (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ* وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)[9].

عندما سمع الحبيب العميد[10] بأنني بصدد الحديث عن اللا إنسانيات السودانية قال: إذن سوف يتحدث حتى الصباح! طبعاً إذا اتبعت تكتيك شهرزاد لفرخت شجون الحديث حتى الصباح، وتفريخ الحديث من غير موضوع ممكن!

كم سألنا ونحن أدرى بنجد           أطـــويل طريقنــا أم يطـولُ

وكثـير مـن السـؤال اشــتياق         وكثــــير مـن رده تعليــلُ

ولكن الحكمة أن يكون الحديث ما قل ودل. لذلك كان ولا زال أسلوبي تحديد النقاط وتنميرها.

طبعا لا أستطيع أن أحيط بكل اللا إنسانيات السودانية وأتوقع أن أسمعكم وأن أسمع منكم، فلا أحد أكبر من أن يتعلم ولا أحد أصغر من أن يُعلم.

تقع محاضرتي عن اللا إنسانيات على سبع كبائر عامة، وسبعة مآخذ دونها وسبعة عيوب رجالية وسبعة عيوب نسائية.

الكبائر السبع:

أولها: الغلو في الدين. هذا الغلو اقتحم المجتمع السوداني الحديث من خارجه، وهو يعلن تكفيراً عاماً للمسلم المخالف وللكتابي وبما أنهم يعتقدون خطأ أن الكفر لا العدوان هو علة القتال فإنهم يهدرون دماء الآخرين من خالفهم في الدين ومن خالفهم في المذهب هذا نهج خطر على النسيج الاجتماعي وعلى الأمن القومي.

إذا لم يطفه عقلاء قوم               يكون وقوده جثث وهام

وآخر حلقاته مجزرة الأبيض.

ثانيها: الاستعلاء الإثني: هذا الاستعلاء الاثني خطر على الأمن القومي دفعنا ثمنه وسندفع ثمن له لو استمر هذا الفهم الخاطئ. كل من غلب على لونه السواد عبد في نظر هذه الثقافة المنحرفة، هذا خلق مرارة وفجر انتقاما لجأ للعنف واستنصر بالخارج وما زال.

ثالثها: دونية المرأة: أن تكون حبيسة دارها حتى الوفاة:

قالوا المرة الفعلا مرا                من خشم بيتا ولا ورا

والمرة النص المرة                  بتزور جوارا وبالضرة

أما الأخيرة وما مرة في              السوق تشوفها تخابرا

أسيرة الحجاب بمعنى محبوسة والنقاب بمعنى ملفوفة، الصحابيات خضن في الحياة الاجتماعية وفي ساحات القتال وعبارة حجاب وردت فقط في مخاطبة نساء النبي، (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)[11]. أما سائر المؤمنات فالآية (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[12] (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)[13]. وهذا معناه أنهن يتحركن وهن سافرات الوجوه.

أما الزي فالمطلوب إسلاميا احتشام: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ)[14] ويسترن فتحة الصدر (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)[15]، روت السيدة عائشة (رضي الله عنها) وأخرج أبو داؤود والنسائي: “يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا هَذَا وَهَذَا ” – وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ”. وفي ترجمة مندوس بنت عمرو في كتاب ابن حجر عن الصحابة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لها وهي منقبة: “يَا أَمَةَ اللَّهِ، أَسْفِرِي، فَإِنَّ الإِسْفَارَ مِنَ الإِسْلامِ، وَإِنَّ النِّقَابَ الْفُجُورُ”[16]، والحقيقة هي أن النقاب تقليد الحضارات القديمة (أشورية، وبابلية ويونانية، ورمانية…إلخ) التي تقوم على حجز النساء للرجال، وتمييز الحرائر من الإماء.

وأدبياتنا حبلى بما يكرس لدونية المرأة: شاورهن وخالفوهن. المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان. أخروهن من حيث أخرهم الله. كان فاس ما قاطعة راس..الخ كل هذا تأسيس لدونية المرأة وتعارض (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)[17] و(لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى)[18] و(يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ)[19].

رابعها: سوء معاملة الأطفال:

  • الأسماء التي توحي بسلوك شاذ غير حميد للأولاد، أسماء الوحوش: أسد، نمر، فهد، صقر، دابي. أما البنات أسماء توحي بالشهوانية: اسماء المأكولات أو التسمي بأجزاء الجسم أو بالتغزل في حركة جسمها.
  • قسوة التربية وقسوة الألفاظ، شفع، جهال،…الخ.
  • زواج الأطفال غير شرعي: قال الرسول (ص): “رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثلاث: عن الصَّبِى حَتَّى يَبْلُغَ”[20]. ثم أن للزواج سن معلومة: (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ)[21]. أما الاستشهاد بزواج السيدة عائشة (رضي الله عنها) فباطل. كان عمرها 17 سنة.
  • تنظيم الأسرة: الولادة بدون ضابط غلط كبير جداً لأن تنظيم الأسرة ضرورة في كل المجتمع وفي كل الطبقات لأن الناس ينبغي أن تكون عندهم قدرة يعلموا ويعالجوا أبناءهم، كما أن التنظيم ضرورة لصحة الوالدة، أما الولادة المستمرة فغلط ولا بد من تنظيم الأسرة.
  • التمييز بين الأطفال يؤدي لآثار تربوية سيئة جداً، ولا بد من التعامل معهم بمساواة تامة في التربية. مقولة ابن الرومي:

أولادنا مثل الجوارح أيهما   فقدناه كان الفاجع البين الفقد

لكل مكان يسد اختلاله        مكان أخيه في جزوع ولا جلد

خامسها: الاستهتار بالوقت:

  • إخلاف المواعيد.
  • اقتحام ساعات العمل.
  • الفساد الذي يعود لأنماط ثقافية كالمحسوبية وللاستبداد، فإذا غابت المحاسبة والشفافية يمرح الفساد حتما، فالاستخفاف بالوقت من أكبر وسائل التخلف.

سادسها: خفض الإناث: التعريف خفض لا خفاض. والختان عملية لا تنطبق على الإناث. وهو كالنقاب من موروثات مجتمعات أخرى تسرب إلينا، ومثل النقاب تلفح الخفاض بملفحة الدين:

  • ولكن مع أن القرآن يتصدى لكثير من شئون النساء تفصيلاً لم يذكره.
  • وفي السنة وردت أحاديث فندها كثيرون كالإمام الشوكاني، والشيخ محمود شلتوت والدكاترة محمد سليم العوا، ومحمد لطفي الصباغ، ويوسف الكودا، وعلي هاشم السراج، والسيد سابق..الخ

الأحاديث هي:

  • “يَا أُمَّ عَطِيَّةَ أشِمّي ولا تَنْهكي” رواه محمد حسان – مجهول.
  • “الْخِتَانَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ ” رواه الحجاج بن ارطأة- مدلس.
  • “إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ” روته عائشة، والتثنية بصفة واحد لا تعني الاشتراك في الصفة، يقال الأسودان: الماء والتمر، والأصفران الذهب والحرير.. إلخ.

فوق ذلك جمهور الأطباء يؤكد مضاره.

ومن مقاصد الشريعة: “لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ”[22].

خفاض الإناث عدوان على عضو تناسلي يوجب الدية.

وأبلغ من صور ذلك أحمد مطر:

ألبَسـوني بُرْدَةً شَفّافـَةً
يَومَ الخِتانْ
ثُمّ كانْ
بَـدْءُ تاريـخِ الهَـوانْ
شَفّـتِ البُردةُ عَـنْ سِـرّي،
وفي بِضْـعِ ثَوانْ
ذَبَحـوا سِـرّي
وسـالَ الدّمُ في حِجْـري
فَقـامَ الصَّـوتُ مِـن كُلِّ مَكانْ
أَلفَ مَبروكٍ..
وعُقبى لِلّسـان

سابعها: الاستلاب الثقافي:

  • فكرياً: تبني أفكار مستوردة.
  • سياسياً: هاجرت كل قضايا بلادنا لمحطات أجنبية وتحت وصاية جهات أجنبية.

ولكن بعيداً عن السياسة هنالك طبقة تعبر عن تعلق بالوافد، ففي أسماء البقالات والمتاجر والمطاعم: مطعم مكسيكان، كوافير ديانا، صيدلية لندن، سوبر ماركت، سنتر.. إلخ.

إلى جانب هؤلاء طبقة خطيرة جداً يخرجها من عطاء المجتمع الفقر، وإلحاف السؤال، وأحزمة العشوائيات، والجوع الكافر الذي صوره أحدهم:

مولاي لا تلم الجوع الكافر

في هذا الزمن الكافر

أنا في صف الجوع الكافر

ما دام الصف الآخر

يسجد من ثقل الأوزار

اللا إنسانيات الأصغر (العامة)

  • البدانة داء عام في الطبقة العليا والوسطى: عادات غذائية سيئة، وإهمال الرياضة.. النتيجة كشكول أمراض.

الوزن الصحيح= (الوزن بالكيلو ÷ مربع الطول بالمتر)= 20 إلى 25%  هذا معقول أما ما فوق ذلك فلا.

  • رمضان شهر الصيام والقيام. الآن للأسف صار شهر الطعام والمنام، وهذا يناقض مقاصده. خلوف فم الصائم بمعنى أن ننظف وننظف لأن الصيام أصلاً يترك رائحة وهذا هو الخلوف المأجور أما خلاف ذلك فغير مأجور. والبصق المستمر غير صحي في رمضان وغير رمضان.
  • المقابر : للأسف الشديد نحن مقابرنا كوشة.
  • اعتقاد يناقض بين الدين والفن وهذا خطأ كبير جداً وقد ألفت في هذا الموضوع كتاب، فالجماليات كلها في الكون من مقاصد الكون.
  • المبالغة في الاجتماعيات، وحزمة عيوب: الحسد، الكسل، المحاكاة، والاهتمام بالنظافة الشخصية لا البيئية.
  • عيب القاف. كثير جداً منا لا يحسنون نطق القاف، فتصير ليلة الغدر خير من ألف شهر، وهكذا! أسماء الله كلها يحذفون منها القاف ويستبدلونها بالغين مما يقلبها ويحولها لكفر، فبدلاً عن الله قادر: الله غادر وهكذا.
  • زواج الأقارب. قال الأصمعي:

بنات العم اصبر والغرائب أنجب  

وما ضرب رؤوس الأبطال كابن عجمية

لا بد من الاغتراب وليس الاقتراب في الزواج.

 

اللا إنسانيات الرجالية

  • الحلف بالطلاق.
  • العنف ضد المرأة.
  • السفّة (التمباك).
  • الاستهتار بالزي الوطني.
  • المعاش مقبرة الأحياء:

إذا لم يشكو مثلي علة              هل من الحكمة أن يلزم داره؟

  • شجاعة شخصية وجبن أدبي أي (جبن في المسائل العامة) الخوف من أهم وسائل استمرار النظم الاستبدادية.
  • (سي السيد) في البيت وخارجه مافي شيء من ذلك عكس المسائل الأخلاقية الصحيحة:

كاتال في الخلا                وعقبا كريم في البيت.

لا إنسانيات نسائية:

  • المكياج الإفرنجي والتمرد على الخضرة بالكيمياء الحديثة، وهذه كلها سموم تدخل بالمسام وتؤثر على الكلى.
  • الكعب العالي: هذا الكعب العالي يغير توازن الجسم ويؤثر على العمود الفقري ويسبب مضار وآلام في الظهر أو الرقبة وواضح فيه خطر على تركيبة الجسم الإنساني.
  • التسليم للغيبيات الخرافية.
  • سن اليأس: فاليأس ليس من الحياة، اليأس من المحيض وهذا معناه أن المرأة عندها عمرين عمر أول أمومة وعمر ثاني اجتماعي.
  • الحداد: عندنا فوق الطاقة وفوق المقدرة وهذا غلط، والعدة: عندنا عقاب فالعدة هي مسائل معينة ممنوعة منها المرأة.
  • حرب باردة على الرجال: هناك سيدات منشغلات بحرب ضد الرجال:

إن النساء متى ينهين عن      خلق فإنه واقع لا بد مفعول!

والآن توجد حالة قطعية سيما في الشابات العاملات، صار لديهن فقدان ثقة والعكس بالنسبة للرجال أيضاً صحيح فهناك مشكلة فقدان ثقة.

  • الموقع من صلاة الجماعة: المرأة لا يلزم أن تكون في الصفوف الخلفية للصلاة، وأرى أنه  يجب أن نعيد تنظم صفوفنا للصلاة بأن يكون قسم للرجال وقسم للنساء مثلما يحصل في الحرم المكي.
  • عقد الزواج: فهن لا يحضرن عقد الزواج وهذا خطأ ينبغي أن يحضرن وهذا أهم شيء يعنيهن.
  • التشييع: لا يحضرن تشييع الجنازة وينبغي أن يحضرن.

كل هذه الأشياء كانت في ظروف فائتة نغيرها لأن المرأة مشاركة في المجتمع.

ختاماً:

أقول: هذا التشخيص ليس من باب الاستعلاء فطوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب الناس أو كما ورد كلام أحد عباد الله الصالحين: قد أصبح من نعم الله ما لا أحصيه من كثرة ما أعصيه، فلا أدري أيهما اشكر؟ أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر.

هو المعنى الذي صاغه بأقوى صورة الإمام المهدي في مناجاته لربه: أدعوك آمناً، وأسألك مستأنساً، فإنك أنت المحسن إلي، وأنا المسيء إلى نفسي فيما بيني وبينك، تتودد إلي بنعمك واتبغض إليك بالمعاصي، ولكن الثقة بك حملتني على الجراءة عليك فعد بفضلك وإحسانك علي انك أنت التواب الرحيم.

الهدف من هذه الأطروحة هو تشخيص العلة بصورة مفيدة ولا تخلو من الإمتاع لكي نسلط على عيوبنا الوعي بها والتصدي لها عبر الفكر والثقافة، والتعليم،  والإعلام، فالإنسان بالإيمان والوعي هو ربان حياته (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)[23].

قال إدريس جماع:

كم طالب لسعادة              ضل الطريق وما اهتدى

هي فيك، هي رضاك          عنك ففيم تبحث أبعدا.

 

والسلام عليكم ورحمة الله.

 

الوعي البيئي ومتطلباته ضرورة حياتية[24]

 

آخر كتبي المطبوعة[25] كتاب بعنوان “أيها الجيل” موجه لجيل الشباب، وفي الكتاب مرافعة فكرية فحواها أن للإنسان عشر ضرورات حياتية تتطلب إشباعاً موزوناً، وإلا اختلت حياته. الضرورات هي: روحية، ومادية، وعقلية، وأخلاقية، وعاطفية، واجتماعية، ورياضية، وجمالية، وترفيهية، وبيئية.

البيئة الطبيعية آية من آيات الله، بل هي كتاب الله المنظور، ومثلما يستدل على الخالق بآياته المنزلة في كتبه، (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ)[26]، يستدل عليه كذلك بكتابه المنظور أي حقائق الطبيعة: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ)[27].

البيئة الطبيعية هي موروث الأجيال البشرية منذ الأزل، وهي وديعة للأجيال القادمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والإنسان جزء من الطبيعة، ولكنه مفارق لها في ثلاثة أمور:

  • أنها مسخرة له: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ)[28]. وأدوات التسخير هذه هي قوانين الطبيعة. فما من شيء في الوجود الطبيعي والاجتماعي إلا خاضع لقوانين كما قال ابن خلدون، ونص القرآن (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[29].
  • والإنسان مكلف بعمارة الأرض: (أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)[30]، أي جعلكم عمارها.
  • ومع أن الإنسان جزء من الطبيعة وخاضع في المجالات المادية لقوانين الطبيعة، فإنه مفارق لها، لامتلاكه حرية الاختيار. (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)[31]، (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)[32]، هذا معناه أن الإنسان يمكن أن يصلح ويمكن أن يفسد.

لا يكفي أن يعرف الإنسان الحق والباطل لينفذ الحق. قال أفلاطون إذا عرف الإنسان الحق والباطل فإنه حتماً سوف يعمل بالحق. ولكن تلميذه أرسطو قال لا يكفي أن يميز الإنسان الحق من الباطل، بل ينبغي أن تكون له إرادة نصرة الحق.

إن درسنا اليوم يقوم على معرفة الحق في أمر البيئة، وما ينبغي عمله لصلاح البيئة.

  • البيئة الطبيعية مكونة من ستة مقومات، والتفاعل الإنساني معها. لأن للمقومات الطبيعية وجوداً مستقلاً، ولكن للإنسان فيها دورا تعميرياً أو تدميرياً. المكونات هي: الأرض، والماء، والغطاء النباتي، والغطاء الحيواني، والمناخ، والفضاء.
  • الأرض تتعرض الآن للتدهور البيئي ما يهبط بإنتاجيتها، وأهم داء تعاني منه هو الزحف الصحراوي. الزحف الصحراوي هو طاعون الأرض. الزحف الصحراوي تساهم فيه حالات الجفاف وأعمال الإنسان، مثل: الاحتطاب الجائر، والمرعى الجائر، والإدارة الزراعية المعيبة مثل عدم الالتزام بالغابات المخططة في المشاريع المروية، وعدم الالتزام بالدورة وبمصدات الرياح في المزارع الآلية. لذلك فإن الزحف الصحراوي في السودان قد غطى 63% من أرضه ويهدد بقية الأرض. توجد اتفاقية دولية لمكافحة التصحر والسودان مصادق عليها. ويوجد قانون وطني سوداني لنفس الهدف، ولكن هذه القوانين غير نافذة. فالمجلس المنسق لمشاريع مكافحة التصحر ودرء آثار الجفاف غير قادر على التنسيق ولا المتابعة، والخطة القومية لمكافحة التصحر لا تنفذ لثلاثة أسباب: ضعف التنسيق بين الوزارات المعنية، وقلة الكوادر المدربة، ونقص التمويل لأن التمويل المطلوب يفوق إمكانات البلاد المالية.
  • الماء: الماء العذب في العالم يقل عن حاجة السكان الذين بلغوا الآن زيادة عن 6 بليون نسمة. وهو موزع على المناطق المختلفة بصورة غير متوازنة. مصادره التقليدية هي: الأنهار، والأمطار، والمياه الجوفية. وغير التقليدية هي: التحلية، والاسترجاع أي إعادة تدوير المياه المستعملة. بالنسبة لنا فإن بيئة نهر النيل تعاني من مشاكل أهمها انتشار الحشائش الطفيلية، وفي استعمالات مياه النهر ما يحمل من أمراض مثل عمى النهر، والبلهارسيا، والملاريا. وقد قدرت منظمة الصحة العالمية أنه بالنسبة للبلدان الفقيرة فإن 80% من الحالات المرضية مرتبطة بنقص المياه النقية لاستعمال الإنسان. ومن أكثر أسباب العدوان على النيل استخدامه كمزبلة.
  • الغطاء النباتي ثروة طبيعية لأنه يثبت التربة، ويساهم في دورة المياه، ويتيح فرصاً استثمارية. يقدر عدد الذين يعيشون على الثروة الغابية في العالم بـ1,1 بليون شخص. ولكن التصرفات الإنسانية غير الرشيدة تهدد الغطاء النباتي. ففي السودان تقلصت أكثر الغابات، والبلاد مهددة بانحسار الغطاء النباتي.
  • الغطاء الحيواني جزء من التوازن البيئي الأيكولوجي، وهو والغطاء النباتي يعانون من مشروعات التنمية غير المرشدة أو المستدامة. التنمية المستدامة المنشودة هي التي توفر احتياجات الأجيال الحاضرة دون التأثير على قدرة الأجيال القادمة على توفير احتياجاتها. الوعي الدولي وضع جدولاً للدول حسب التزامها بمقاييس التنمية المستدامة. للأسف السودان مصنف تصنيفاً متدنياً في هذا الجدول. بعض البلدان اهتمت بإقامة محميات واسعة للحياة البرية، مثلاً، جنوب أفريقيا وكينيا، ونتيجة لذلك صار لهذه المحميات دور مهم في الاستثمار وفي جذب السياحة بحيث صار للسياحة البيئية دور كبير في اقتصاد جنوب أفريقيا. السودان لديه محمية الدندر، ولكن الاضطرابات الأمنية أثرت سلباً عليها.
  • الإنسان أحدث فساداً كبيراً في المناخ الطبيعي بكثافة الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون، وزيادة ترسبات النيتروجين والكبريت، وتآكل غلاف الأوزون في الطبقات العليا من الجو. إن الدول الصناعية هي الملوث للبيئة في هذا المجال، ومع ارتفاع درجة حرارة الأرض ينتظر أن تواجه الأرض مشاكل كثيرة كاضطراب المواسم، وارتفاع منسوب مياه البحار.
  • الاهتمام العالمي بالبيئة:

البيئة الطبيعية عانت من إهمال كبير: بالنسبة للبلدان الصناعية، فهي اندفعت في نهمها الاستثماري دون ضوابط ما أدى في الثمانينات لأول ناقوس خطر بموجب تقرير نادي روما.

وأضرت بالبيئة كذلك التكنلوجيا النووية ونفاياتها، فالدول الصناعية هي المفسد الأكبر للبيئة الطبيعية. وكان يقال إن الاهتمام بمشاكل البيئة مسألة ثانوية للبلدان الفقيرة، لأن هدفها الأول هو التنمية ودحر الفقر. ولكن هذا رأي خاطئ، فتدهور البيئة يهبط بإنتاجية الموارد الطبيعية، والدول الفقيرة هي الأكثر اعتماداً على إنتاجية الموارد الطبيعية.

العالم، لا سيما بعد نهاية الحرب الباردة تنبه لأهمية البيئة الطبيعية، فتنادت الدول لمؤتمر قمة الأرض في عام 1992م في ريودي جانيرو. ووصفوا قرارات ذلك المؤتمر بأنه قمة حماية العالم. وقرروا الحد من انبعاث الغازات الملوثة.

ثم في عام 2000م أصدرت الأمم المتحدة قرارات الألفية الثمانية، ومن أهمها قرار متعلق بسلامة البيئة ومتطلباتها.

وفي عام 2002م انعقد مؤتمر ثانٍ لقمة الآرض في جوهانسبيرج سمي ريو +10، أي زائد عشر سنوات.

وقبل ذلك أبرم بروتوكول كيوتو في اليابان في عام 1997م، الذي صار ملزماً دولياً في عام 2005م، وقرروا أن تخفض الدول الصناعية 5% من إفرازها للغازات الدفيئة في السنة.

وفي عام 2009م عقد مؤتمر دولي في كوبنهاجن، وأعادوا الالتزام بالحد من الغازات الدفيئة، ولأول مرة قرروا مفهوم العدالة البيئية، لكي تدفع الدول الصناعية للدول الأخرى ضحية تلوث البيئة تعويضاً قدروه بمبلغ 30 بليون دولار في أول سنة، ثم يرتفع لمبلغ 100 بليون دولار في عام 2020م.

ولكن الذي يعاب على هذه القرارات أمران: الأول؛ لا وجود لأية متابعة ومساءلة عما يقرر. والثاني؛ أن الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة لا تلتزم بما يقرر.

كثيرون في السودان لا يهتمون بقضية البيئة الطبيعية، ولا يدركون حجم التدهور الذي أصاب مواردنا الطبيعية خاصة، وعدد السكان الذي كان 10 مليون لدى الاستقلال تضاعف أربع مرات الآن. كذلك الثروة الحيوانية بلغت 133 مليون رأس. هذه الزيادة في المستهلكين من بشر وأنعام يقابلها تدهور في الموارد الطبيعية. هذه كارثة اقتصادية كبيرة. وسوف تؤدي لمزيد من التنازع على الموارد بين السكان، كالنزاع بين الفلاحين والرعاة الذي سبب مشكلة دارفور بعد جفاف 1983م وضمن عوامل أخرى أدى للأزمة التي أفرزت الحرب الأهلية في دارفور.

  • المطلوب وطنياً: لا بد من الاهتمام العاجل بقضية البيئة بالآتي:
  • إصلاح أساسي في السياسة الزراعية على أساس متطلبات التنمية المستدامة.
  • إدارة قومية موحدة للموارد المائية واتباع وسائل الري الحديثة في الزراعة وحصاد المياه على أوسع نطاق.
  • نشر بذور حشائش مختارة لإثراء المراعي، والاستفادة من التجربة الاسترالية في هذا المجال.
  • حملة واسعة لتشجير البلاد بملايين الأشجار، والاستفادة من تجربة فنلندا في هذا المجال، وتحريم الاحتطاب.
  • الاستفادة من تعويض العدالة البيئية في أمرين: التشجير الواسع النطاق لاخضرار السودان، واستخدام الطاقة النظيفة في كل الأغراض المنزلية من إضاءة، وتبريد، وتسخين، وطبخ، ليكن الهدف السودان الأخضر.
  • عبر الشبكة الموحدة استيراد كهرباء سد النهضة التي تدعم إنتاجنا الكهرومائي.

والمطلوب في إطار الإدارة القومية المنشودة للشأن الوطني وضع خطة قومية تنفذها هيئة قومية تنسق جهد الوزارات المعنية، وتشرك المجتمع المدني، والمجتمع السياسي، وتعطى صلاحيات جذب الموارد الدولية، وتكون وثيقة الصلة بالسلطات المحلية والولائية، وتستهدي بمانفستو بيئي محدد الأهداف، ويصحبها برنامج إعلامي يستخدم كافة وسائل الإعلام للترويج للخطة القومية لسلامة البيئة. وينبغي كذلك إدخال دراسة البيئة في مراحل التعليم.

الأمن البيئي مفتاح مستقبل السودان، وينبغي أن نعامله كذلك، وأن ننبه في مجتمعنا للمسؤولية نحو الطبيعة كلها، فهي ليست موجودات صماء، فموجوداتها حتى غير الحية قال عنها تعالى: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)[33]. أما الكائنات الحية، فقال عنها تعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)[34]، والتعامل معها على أن لها حقوقاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَقْتُلُ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا إِلَّا سَأَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ”[35]. وقال: “فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبٍ أَجْرٌ “[36].

كذلك النباتات، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ “[37]. و قال: “إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا”[38].

وفي التعامل مع كل الوجود نحن مكلفون بقاعدة: لا ضرر ولا ضرار. بل تعامل مع الوجود حتى الفضاء الخارجي الذي للأسف تهم التكنلوجيا غير الرشيدة بجعله ميداناً حربياً على نحو ما في مشروع حرب النجوم.

المسلك الرشيد أن نعتبر أنفسنا البشر مجلس إدارة مستخلف على وجود سقمنا في سقمه وعافيتنا في عافيته، على نحو مقولة الصوفي اليقظ:

إن غيبت عني فلـــي بصـــرٌ             يرى محاسنها في كل إنسان

ما في محبتها ضد أضيق به             هي المدام وكل الخلق ندماني

  • البيئة البشرية: وقبل أن أختم حديثي عن البيئة الطبيعية لا يفوتني أن أتحدث عن البيئة البشرية. فمثلما علينا العمل على صلاح البيئة الطبيعية، علينا كذلك إصلاح البيئة البشرية.هذا موضوع واسع أحيلكن لكتابي “أيها الجيل“، وستوزع لكنّ خلاصة منه لأنه يتعلق باستقامة الإنسان مدير البيئة الطبيعية. ولكن موضوعاً واحداً سوف أذكره وهو أن هناك تلويثاً للبيئة البشرية أترافع ضده. في تسعينيات القرن الماضي كنت في باريس وحضر محاضرة قدمتها عن حقوق الانسان في الإسلام بعض ممثلي بيوت الموضة الفرنسية أمثال فوج وديور، وقلت فيما قلت إن وسائل التجميل عندنا صديقة للبيئة فالدخان نوع من حمام البخار، والدلكة منظف بمواد طبيعية، والحنة عشب طبيعي، طبعاً لم أتحدث عن وسائل التجميل البائدة ولله الحمد مثل الشلوخ ودق الشفاه واللثة وقطع الشكال.. إلخ. وقلت: لكن مواد الـMake-up عندكم معادية للبيئة فكلها تقريباً مع كثرة الاستعمال كالمساحيق، وتظليل الجفون، والماسكارا، والأحمر، وآلاف المنتجات؛ إما سامة أو مسرطنة. هذه الآن حقائق وأدعوكن للإنترنت تحت عنوان Cosmetics ، فسوف تجدن دراسة في جامعة كاليفورنيا أن العاملين في صناعة المساحيق التجميلية إحتمال أن يصابوا بورم سرطاني في العظام أربع مرات أكثر من العادة. وسوف تجدن أن أكثر من مائة ألف من منتجات تجميل الوجه وتلوينه مضمخة ب Titanium Dioxide ,Zinc Dioxide  والزئبق وغيره من المبيضات.. هذه ملوثات لبيئة الجسم الانساني. بعد المحاضرة طلبوا مني أن أكتب مقالاً في إحدى مجلاتهم ولكنني اعتذرت.

والآن يا بناتي مثل اهتمامكن المشروع بالبيئة الطبيعية يمكن أن أقدم لكن محاضرة في التجميل الأفرنجي الجذاب على المدى القصير ولكن بثمنٍ غالٍ من الصحة، وستجدن بياناً موثقاً كيف أن الناس يدمرون بيئتهم الجسدية بعوامل كثيرة كالتبغ، والمخدرات، والكحول، والسمنة، وإهمال الرياضة البدنية، وغيرها مما هو عدوان على الصحة تماماً كالعدوان على البيئة الطبيعية. وطبعاً لا يفوتني أن أتحدث عن أهمية الضرورات الأخرى الروحية والعقلية والأخلاقية وغيرها، وستجدن بيانها في كتاب “أيها الجيل”.

 

هذا مع صادق الدعاء لكن بالتوفيق، فالأحفاد منارة، وأنتن ثمارها، والسلام.

 

 

الجنس توالد وزيادة[39]

 

لا نجد حرجا في الحديث عن السلطة، أو المعيشة، أو الرياضة، وغيرها من وجوه الحياة. ولكن يحيط بنا الحرج إذا ذكر الجنس. ومع أن حفظ النفس من مقاصد الدين، والتوالد من سنن الحياة، والتوارث من أحكام  الشريعة والقانون الوضعي، وكلها مرتبطة بغريزة الجنس؛ فإن هذا الوجه من وجوه الحياة لا يدخل في التربية العائلية، ولا في التربية المدرسية، ولا في التثقيف الإعلامي، بل يترك ليشغله أهل الهوى في مقاصدهم الدنية.

والغريب في الماضي كان الحال مختلفاً، إذ نجد عددا من أعلام الفقهاء أعطى اهتماماً بالثقافة الجنسية كما فعل الإمام أحمد بن حزم الظاهري في كتابه “طوق الحمامة في الالفة والآلاف”، والإمام جلال الدين السيوطي في كتاب “شقائق الاترنج في رقائق الغنج”، وكذلك الإمام  النفزاوى في كتاب “الروض العاطر في نزهة الخاطر”.

إن غياب التربية الجنسية في حياتنا العائلية، والمدرسية، والاجتماعية فجوة ذات ضرر بالغ في كل المجالات. وسدها واجب ديني، وتعليمي، وتربوي واجتماعي.

أولاً: التكاثر من خصائص الحياة:

  • أبسطه التكاثر بالانشطار كالأميبا.
  • ثم التكاثر الاستنساخي لدى بعض النمل في الأمازون.
  • ثم التكاثر من جنسين في كائن واحد (هيرمفروديت).
  • وأبدعها التكاثر الجنسي في النبات والحيوان لأن التنوع فيه يفسح مجال التطوير.
  • الاتصال الجنسي النباتي والحيواني توالدي وحسب، ولكن الإنساني توالدي وزيادة.

ثانياً: ما هي تلك الزيادة؟

  • ‌أ. الاتصال الجنسي في الحيوان مرتبط بالتوالد بحيث لا يكون إلا إذا كانت الأنثى مستعدة للقاح. الجنس في الإنسان استعداد مستمر غير مقترن بالاستعداد للقاح.
  • ‌ب. البشر يختلفون من كافة الكائنات في ممارسة الجنس وجهاً لوجه. والوجه مرآة لأحوال نفسية كثيرة. هذا مدخل للمشاعر في الجنس أي القبول العاطفي. أي المحبة.
  • ‌ج. والبشر عامة يدخل في علاقاتهم عنصر روحي على حد تعبير حديث النبي (ص) “إَنَّ الْأَرْوَاحَ أَجْنَادٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَف”[40]. العامل الروحي هذا من عناصر الإسعاد بين الرجال والنساء على نحو ما عبر الحكيم:

والحـب ما لم تكـتنفه شمـائل                  غُــر يعــــــود معـرة وآثـاما

والحـب من سر الحياة فسمه         وحـيا إذا ما شـئت أو إلهاما

  • ‌د. والجنس لدى البشر يدخل فيه عامل أخلاقي يميز بين حلاله وحرامه. عامل أوجبه حفظ الأعراض ومنع تخليط الأنساب. عامل لم تخل منه أية ديانة أو ثقافة إنسانية. إنه عامل لا غنى عنه تنمية للحضارة الإنسانية نفسها، فقد أثبتت دراسات انثروبولوجية أنه كلما كانت ثقافة مجتمع أكثر تطوراً كلما كانت أكثر حرصاً على تنظيم العلاقات الجنسية. كذلك فإن الجنس بين البشر – بخلاف بقية الكائنات- صاحبته أحيانا انحرافات وعدوان، فالأخلاق مهمة لضبط الممارسة ومنع العدوان ومحاربة الانحرافات ومحاصرتها.
  • ‌ه. ولأن الجنس لدى البشر هو توالد وزيادة فإن فيه عنصراً ثقافياً يبين ما هو دور الذكر وما دور الأنثى، وما هي الممارسة الجنسية نفسها وأوقاتها، وأنماطها، وهي دروس حفظتها الثقافات المختلفة وتتوارثها الأجيال. بعض هذه الخبرة الثقافية مفيد ومبني على تراكم التجربة، وبعضها مخلوط بالوهم ويشكل عقبة في سبيل حياة جنسية معافاة ولا يمكن تجاوزها إلا بإتاحة ثقافة جنسية رشيدة ترفد من توجيهات العلوم الدينية والوضعية ومن الخبرات الثقافية التي ثبتت صحتها.

ثالثاً: معالم الثقافة الجنسية  المستنيرة:

نحن بجاحة ماسة لثقافة جنسية مستنيرة تبثها أدوات التربية الخاصة والعامة والإعلام تقوم على سبع نقاط:

الأولى: بيان أن الجنس ضرورة فطرية لا حرج في تناوله وبيان حقائقه.

الثانية: إن استباحة الجنس تنهكه، لأن الإباحة تقتل الرغبة، وتدمر العلاقات الاجتماعية بغزو الأعراض، وتعرض الخصوبة والصحة للضياع بما تسبب من أمراض. لذلك صار ضبطه عن طريق الزواج واجب ديني وإنساني.

الثالثة: إن هناك طائفة من الانحرافات الجنسية يجب الإلمام بها واجتنابها.

الرابعة: إن هناك قائمة من الأمراض الجنسية فما هي؟ وما أعراضها؟ وما علاجها؟

الخامسة: إن الزواج تعاقد ومسئولية نحو الجيل الجديد يشترط فيه بلوغ سن الرشد.

السادسة: إن ختان الذكر سنة إبراهيمية محمدية وإن ختان الأنثى بكل أنواعه سنة فرعونية تزيل بعض أعضاء الأنثى التناسلية.

السابعة: إن الاستمتاع بالجنس من مطالب الإنسانية ومن مقاصد الشريعة لذلك يجب أن تسبق ممارسته مغازلة وملاعبة، وأن تتنوع مواضيع الممارسة بما يضاعف المتعة، وأن يحرص الزوج على وصول زوجه حد النشوة وأن يعقب ذلك ملاعبة بعدية حتى لا ينشأ شعور بالنفور بل تتصل المودة.

رابعاً: ضرورة تيسير الزواج

إن الجنس ممارسة بيولوجية، وملاطفة عاطفية، وملاءمة روحية في مناخ رباني قال عنه تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)[41]، وقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[42]. لكن مجتمعاتنا اليوم تعيش في جهالة من هذا كله وأولادنا في غياب تربية جنسية في المنزل والمدرسة يعيشون حياتهم في تخبط تتلاعب بهم عوامل الغريزة الجامحة وبرامج أصحاب الهوى وتفتك بهم الأمراض الجنسية والانحرافات الجنسية إلا من رحم ربك. ومثلما يتعرض شبابنا للعطالة بنسبة عالية فإنهم يعانون من عطالة اجتماعية أخطر هي أزمة الزواج.

لقد صار الزواج عقبة كبرى يقف دونها أغلبية شبابنا عاجزين.

لقد صار البحث عن صيغة للزواج الميسر واجباً إنسانياً، ودينياً، ووطنياً. الزواج الميسر الذي يقوم على المقاصد السليمة ويزيل العوائق المادية.

خامساً: ثنائية الذكورة والأنوثة

الذكورة والأنوثة من الثنائيات التي يقوم عليها نظام الكون.  نعم في الجوانب الإيمانية، والإنسانية، والمواطنة، ينبغي تحقيق المساواة.

ولكن في أمر التوالد، والمحبة، والأسرة، لكل منهما دور عظيم ينبغي الاعتراف به والاستزادة منه استزادة من معاني الرجولة والأنوثة فكلاهما من أعذب أنغام الحياة. واستزادة من جمال الرجولة والأنوثة، وفي الأثر: تصنعوا لنسائكم مثلما يتصنعن لكم.

سادساً: أحوال يجب مراعاتها:

كل أولادنا من بنين وبنات يمرون بمرحلة المراهقة. هذه المرحلة مهمة للغاية وترتبط بأحوال فسيولوجية وسيكولوجية متغيرة. وينبغي أن نعد أبناءنا وبناتنا لهذه المرحلة باعتبارها تطوراً طبيعياً نستعد له ونتقبله ونعتبره استعداداً لمرحلة من المسؤولية الشخصية والاجتماعية.

وعلى الآباء و الأمهات وكذلك الأزواج أن يدركوا أن النساء يتأثرن بالمحيض فسيولوجياً ونفسياً وينبغي مراعاة ذلك في لطف المعاملة.

ختاماً، سوف ننظم في إطار هيئة شئون الأنصار مؤتمراً يضم علماء شريعة وعلماء علوم وضعية لإصدار مرجعاً للتربية الجنسية وللاتفاق على معادلة للزواج الميسر. إن واقعنا يتأوه وشبابنا يستغيث!

 


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] محاضرة ألقيت على خيمة الصحفيين الرمضانية التي تنظمها مؤسسة «طيبة برس» 16 رمضان 1431هـ/ 26 أغسطس 2010م

[2] سورة الصافات الآية (49)

[3] سورة الروم الآية (22)

[4] رواه البخاري

[5] جامع الترمذي

[6] ، سورة الأعراف الآية (189).

[7] محاضرة ألقيت على خيمة الصحفيين- الموسم الرابع  – طيبة برس  رمضان 1432هـ /أغسطس 2011م

[8] سورة هود الآية (114)

[9]  سورة القيامة-  الآيات: 1-2.

[10]  الإشارة هنا للبروفسر قاسم بدري رئيس جامعة الأحفاد للبنات

[11]  الأحزاب الآية (53)

[12]  سورة النور الآية (30)

[13]  سورة النور الآية (31)

[14] سورة الأحزاب الآية (59)

[15] سورة النور الآية (31)

[16]  سنن النسائي.

[17] سورة التوبة الآية (71)

[18] سورة آل عمران الآية (165)

[19]  سورة الشورى- الآية (49)

[20] رواه ابن حنبل

[21]  سورة النساء الآية (6)

[22]  سنن ابن ماجة

[23] سورة الرعد الآية (11)

[24]  قدمت المحاضرة في جامعة الأحفاد للبنات في 12 سبتمبر 2013م نظمتها جمعية الأحفاد البيئية وتم تكريم الكاتب لجهوده في الحفاظ على البيئة.

[25]  كان ذلك في ديسمبر 2012م، وآخر كتاب مطبوع للكاتب الآن هو (حالنا ومآلنا)، 2016م

[26] سورة الإسراء الآية (105)

[27] سورة الحجر الآية (85)

[28] سورة الحج الآية (65)

[29] سورة طه الآية (50)

[30] سورة هود الآية (61)

[31] سورة الإنسان الآية (3)

[32] سورة الكهف الآية (29)

[33] سورة الإسراء الآية (44)

[34] سورة الأنعام الآية (38)

[35]  المستدرك على الصحيحين للحاكم

[36]  مستخرج أبي عوانة

[37]  رواه النسائي

[38]  رواه ابن حنبل

[39]  مقال للكاتب نشر في صحيفة الشرق الأوسط في25 أبريل 2009م

[40] أخرجه بخاري ومسلم

[41] سورة الأعراف الآية (189)

[42] سورة الروم الآية (21)