المهدية في الماضي والحاضر والمستقبل

بسم الله الرحمن الرحيم

المهدية في الماضي والحاضر والمستقبل

 

الإمام  الصادق المهدى

 

 

26/ 2/ 2018م

مقدمة:

عقيدة المهدية:

عقيدة المهدية عامة لدى أهل السنة والشيعة، لكنها لدى الشيعة جزء أساسي من العقيدة مرتبط بالنبوة، ففي اعتقادهم أن النبي صلى الله عليه وسلم عين الإمام علي خليفة له، وأن الإمامة متوارثة بعده على نمط واحد هو الحسن، ثم الحسين، ثم تسلسلت الإمامة في ذرية الحسين إلى الإمام الحادي عشر الحسن العسكري، ثم ابنه محمد الذي غاب وسوف يأتي وقت ظهوره، وهو الإمام المهدي المنتظر. يقولون إن هؤلاء الأئمة باختيار إلهي، وهم معصومون، والإيمان بهم كالإيمان بالنبوة. هذا الاعتقاد مسنود بتأويل آيات في القرآن، وأحاديث منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم وللأئمة. وهذه عقيدة الشيعة الإثنى عشرية ولكن هنالك مدرستان أخريتان هما السبعية والزيدية. أي أن للشيعة ثلاث مدارس في المهدية.

الشيعة باستثناء الزيدية لا يقبلون تعاقب الخلافة الإسلامية منذ أبي بكر (رض) إلى عثمان (رض) لذلك وصفهم بعض متكلمي أهل السنة بالروافض.

أما أهل السنة فقد صنفوا كتباً عديدة في تأييد المهدية، ووضعوا أوصافاً للمهدي المنتظر كما جاء في كتاب “العرف الوردي في أخبار المهدي” للسيوطي. وفي كتاب “القول المختصر في علامات المهدي المنتظر” لابن حجر العسقلاني. وهلم جرا. كتب الحديث المعتمدة لدى أهل السنة أوردت عشرات الأحاديث النبوية القائلة بالمهدية رواها كثيرون: أبو داود، وابن ماجة، والطبري وآخرون. هذه الأحاديث المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم ذكرت المهدي ولم تذكر المنتظر؛ المنتظر إضافة مذهبية.

عقيدة المهدي المنتظر لدى أهل السنة ليست راسخة كما هي عند  الشيعة، بل طعن في حقيقتها عدد من أهل السنة كما جاء في مقدمة ابن خلدون في القدامى، وفي “ضحى الإسلام” لأحمد أمين في المحدثين. والاستشهاد بالأحاديث النبوية لم يحسم الخلاف حول المهدية لأنها أحاديث آحاد. قال النووي: لا يكاد يوجد متواتر؛ أي رواه عدلان عن عدلين تسلسلاً حتى النبي صلى الله عليه وسلم.

ولدى أهل السنة حول عقيدة المهدية سبع مدارس فصلناها في كتاب “يسألونك عن المهدية”.

ولأن أهل السنة لا يقبلون عقيدة الشيعة في الإمامة تسلسلاً حتى الإمام المهدي عندهم وصف متكلمو الشيعة أهل السنة بالنواصب.

المفارقات حول عقيدة المهدية:

  • بالنسبة لأهل السنة وظهور المهدي آخر الزمان تواترت آيات تدل على أنه إذا جاءت علامات آخر الزمان لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، قال تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ن)[1]. وقال: (فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ۖ)[2]. إذن لا معنى لمهدية تأتي في آخر الزمان .
  • بالنسبة للشيعة مهما كانت الحجة النقلية أمثال قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)[3]. وقوله: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[4]. فإنه لا يجوز بقاء شخص حياً وقد ولد في 255هـ، أي قبل 12 قرن من الزمان، وقد قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ* كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)[5].

إذن نقلياً وعقلياً لا يمكن قبول هذه الرؤية.

  • وعلى أية حال، مؤكد أن الشيعة لن يقبلوا مهدياً ليس هو محمد الحسن العسكري لذلك ادعى عشرات الدعاة المهدية كما بين ذلك سعد محمد الحسن في كتابه عن المهدية كلهم من أهل السنة لأن المهدية لدى الشيعة مرتبطة بشخص واحد في مكان واحد. وأهل السنة لن يقبلوا المهدية بالأوصاف الشيعية لأن هذا معناه التحول للمذهب الشيعي وقبول روايته للتاريخ والتزامه بالعقيدة الشيعية.

إذن صارت العقيدة المهدية أساس اختلاف حاد بين أهل السنة والشيعة لن يحسمه جدل منطقي ولا تغلب بالقوة.

حجة ابن خلدون ضد المهدية واهية، لأنه اعتمد على تضعيف أكثر الأحاديث النبوية، وقد اعتمد في رفضها على أساس أنها صارت وسيلة لعدم الاستقرار بفتحها المجال للثورات. ولكن معلوم أن واقع المسلمين صار إلى ملك عضود وظلم اجتماعي فادح ما يستدعى الخروج عليه.

هنالك تناقض حل بالأمة بين مثلها العليا وواقعها، ما يفسر الثورة على الواقع، وبما أن الواقع التمس لنفسه قدسية بمقولة مؤسس الدولة الأموية: ولايتنا بأمر الله فإن لم يكن يردها لغيّرها. ومقولة مؤسس الدولة العباسية أبو جعفر المنصور: إنما أنا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده وحارسه على ماله..الخ. هذا التقديس للسلطان استدعى خروجاُ دينياً عليه.

هجوم أحمد أمين على فكرة المهدية في مؤلفه “ضحى الإسلام” لأنه يفكر في الأمور الاجتماعية بالمنظور الجدلي المنطقي. ولكن ليس بالإمكان دائماً تطبيق المقياس البرهاني على الحراك الاجتماعي لأنه مهما اختلف على الأسانيد السنية والشيعية حول المهدية فإن الفكرة تجسد الصراع بين المثالي والواقع.

ولا يمكن في المجال الإنساني عامة والإسلامي خاصة إسقاط الجانب الروحي المستمر والذي يزيد ظهوره بعد ختم النوبة قال تعالى: (اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ)[6].

هذا جانب طرقه كثيرون من علماء المسلمين. قال الإمام الغزالي في أمر الرياضات الروحية إنها تؤدي إلى حالة: “تبتدئ المكاشفات والمشاهدات حتى أنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون أصواتاً ويقتبسون منهم فوائد”. وألف الإمام السيوطي كتاباً سماه “تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك”.

وفي علم النفس الحديث علماء مثل جونق، ووليم جيمس، يتحدثون عن عالم مشابه للعالم الروحي يجري الاتصال به عن طريق العقل الباطن، وحتى المدارس الوضعية تدرس عالم ما فوق الشعور: الباراسيكولوجيا. دينياً لا خلاف على الرؤيا الصادقة وعلى المبشرات والإلهام وفي واقع الحياة توجد المعية: الألمعي الذي يريك الرأي كأن قد رأى وقد سمع.

بعد هذه المقدمة المعرفية نتحدث عن المهدية في الماضي، والحاضر، والمستقبل:

  1. المهدية في الماضي: الإمام محمد أحمد المهدي:

لم يقل إنه مهدي الشيعة المحدد بشخصه ومكان ظهوره، لذلك فإن العشرات من الذين ادعوا المهدية في تاريخ المسلمين كانوا جميعاً من أوساط السنة. ولدى بعض الزيدية أي اتباع زيد إبن علي بن الحسين فهم وظيفي للمهدية فحواه: كل فاطمي شجاع زاهد سخي خرج ثائراً على الظلم يكون إماماً مهدياً.

إذن هو ليس المهدي كما عبر عنه الشيعة.

وفي أقواله لم يقل إنه جاء في آخر الزمان بل اعتبر الزمان مستمراً وخلف الخلفاء أسوة بالصدر الأول للإسلام.

إذن هو ليس المهدي كما توقعه كتاب سنيون منتظراً آخر الزمان. وكان يقول إن دعوته هي دعوة اتباع فيما يتعلق بالأمور الشعائرية وفي هذه المجالات دعوته تقبل أو ترفض قياساً على الكتاب والسنة كما قال.

وبصرف النظر عن الدعوات المهدية فإن القرآن يحث على مهمة الخلاص قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)[7]. وقال: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)[8]. وقال: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ)[9].

في سيرته الذاتية روى الشيخ محمد أحمد أنه ضاق بالفرق بين تعاليم الإسلام وواقع المسلمين، وأنه لذلك سعى ليجد قائماً بأمر الدين فلم يجده، وأنه أثناء عباداته هجمت عليه المهدية بخطاب روحي حصل له وصدقه.

خلاصة دعوته:

  • أن الإسلام معطل وأن واقع المسلمين يتطلب إحياء الكتاب والسنة.
  • أن الناس تركوا أصول الدين وانشغلوا باستنباطات الفرق والفقهاء ما يوجب تركها والالتزام بمصادر الدين الأصلية في الكتاب والسنة.
  • أن إحياء الدين يتطلب الاتباع فى الأمور الشعائرية، وتجاوز الاجتهادات الماضوية في أمر المعاملات والعادات، باعتبار تغير الفتوى مع أحوال الزمان والمكان والحال كما قال ابن القيم، ومقولته “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”.
  • إن تفرق المسلمين يتطلب وجود قيادة تملأ مقعد خلافة النبي صلى الله عليه وسلم.
  • اسقاط الزامية الاستنباطات البشرية التي جعلت الدين اتباعاً لها فصارت حائلاً بين الأمة وقطعيات الوحي. وكما قال الجوزي التقليد فيه إبطال لمنفعة العقل لأنه إنما خلق للتدبر والتعقل وقبيح بمن أعطى شمعة يستضيئ بها أن يطفئها ويمشي في الظلام.
  • ضرورة القضاء على الحكام الظلمة الذين ساموا الناس عسفاً.
  • ضرورة تحرير المسلمين من السلطان الأجنبي وتوحيد الأمة.
  • ضرورة الالتزام بالعدالة الاجتماعية.

هذا هو جوهر الدعوة، لذلك أشاد بها الإمامان جمال الدين الافغاني ومحمد عبده، في مجلة “العروة الوثقى” التي كانا يصدرانها من باريس. ونشر الشيخ أحمد العوام أحد زعماء الثورة العرابية كتاباً مؤيداً للدعوة بقوله: “حال المسلمين يتطلب أن ينهض ناهض بأمر الدين فنسأل الله أن يمكن لنا ديينا الذي ارتضاه لنا وفاء لصادق وعده، وتصديقاً لحديث نبيه سواء كان بالإمام المهدي هذا عليه السلام فقد ظهرت كواكبه، ولاحت بوارقه، أو بغيره من عباده الصالحين”.

وعلى نفس النمط هذا قال د. عبد الودود شلبي عن الدعوة المهدية في السودان: “كانت حركة تمثلت فيها كل حركات الإصلاح في عصرها”.

مدرسة المهدية في السودان مدرسة سنية جديدة فصلت المهدية من توقيت آخر الزمان ومن السلسلة النسبية المحددة. لذلك فإن اتباعها يعتبرون المهدية دعوة خلاص وإحياء أسسها الإمام محمد أحمد المهدي قابلة للتطور مع ظروف الزمان والمكان وبالتالي هم يرفضون أية مهدية أخرى تأتي آخر الزمان أو تأتي بشخص غاب وسوف يعود.

أهمية هذه التعاليم للصحوة الإٍسلامية، أنها:

  • حررت الدعوة المهدية من قيد آخر الزمان، ومن قيد السلسلة النسبية، وربطتها بوظيفة الخلاص وإحياء الدين أي بواجبات محددة.
  • حررت النهج الإسلامي من إلزامية الاجتهادات البشرية المقدرة ولكن غير الملزمة في الفرق والمذاهب.
  • أكدت مشروعية الاجتهاد المستمر في المعاملات والعادات على أساس لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال.
  • وفقت ما بين الالتزام بالنص والأعماق الروحية، وقديماً قال الإمام مالك: من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق. وعن طريق الراتب قدمت نصاً ابتهالياً خالصاً مجرداً من أية مكانة لصاحبها، ومن أية ادعاءات مطلبية، بل ديوان للمحبة الإلهية والأشواق الروحية، ديوان يستطيع كل مسلم أن يلوذ به للذكر.

وفي ندوة في 6/9/2006م حضرها جماعة من أهل السنة، والشيعة الإثنى عشرية، والصوفية، قلت: الاختلافات بيننا حول المهدية لا يمكن حسمها لا بالإقناع ولا بالقوة، ما يوجب أن يحتفظ كل برؤيته، وهي من الأمور التي قال عنها تعالى في القرآن: (اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[10]. ولكن ما لا ينبغي الاختلاف عليه هو وظيفة الخلاص ووظيفة الإحياء، فلنتفق على هاتين الوظيفتين وفيهما فإن تعاليم الإمام محمد أحمد المهدي ضرورية لوظيفة الإحياء.

الحاضرون على اختلاف مذاهبهم رأوا معقولية هذا الرأي.

إن للدعوة المهدية في السودان بالإضافة لهذا الرافع الديني روافع أخرى:

  • جعلت السودان مركز عطاء لا مجرد استقبال للحركة الفكرية في الإسلام، ووحدت السودانيين في عمل تاريخي مشترك، وسجلت لمواطنيه بطولات سار بذكرها الركبان، وفي مجال النصر والهزيمة خصبت الوطنية السودانية.
  • وفي تعاليمها الاجتماعية نقلت الفكر الديني من الاستكانة للظلم الاجتماعي الذي كرسته النظم السلطانية، إلى مركزية العدل الاجتماعي على نحو ما جاء في سيرة أبي ذر الغفاري. العدالة الاجتماعية لدى الإمام المهدي احتلت مكانة مركزية حيثياتها:
  • لكل من الناس حسب حاجته وله ضرورته و”الزائد عن الضرورة فإنه على العبد لا له”.
  • المشارع والحدائق والمباني وكل المواقع ذات النفع العام تضم لبيت المال لتحقيق الكفاية للناس.
  • والأرض لمن يفلحها: من كان له طين فليزرع ما استطاع زرعه وإن عجز أو لا يحتاج له فلا يأخذ عنه فيه “دقندي” أي أجر، بل يعطيه لأخيه المؤمن المحتاج.

لذلك قال عبد الودود شلبي إنه سبق بهذه الأحكام الاشتراكيين.

وكتب جي أوكيلي الايرلندي محيياً الثائر السوداني كمصلح اجتماعي واقتصادي وعبر عن أشواقه “لتمتد أيدي هذا البطل الإسلامي الجديد لتلتقي مع جهود الاشتراكيين في أوربا”.

بل في إطار حركات التحرير يؤمئذٍ وصف زعيم حركة التحرير الايرلندي – بارنيل- بأنه المهدي الايرلندي.

  • وفي مجال التعامل مع الإمبريالية أوجبت الجهاد تحريراً منها بصورة نالت إعجاب دعاة التحرير من الامبريالية. إشارة ظهرت في رسائل فريدريك إنجلز.

هل هذا العطاء معناه أن المهدية مبرأة من كل عيب؟

الجواب قطعاً لا.

أهم المآخذ على الدعوة المهدية:

ينبغي تقسيم تاريخ المهدية في الماضي إلى مرحلتين مرحلة الدعوة وتنتهي بوفاة الإمام المهدي ومرحلة الدولة وهي التي قادها الخيلفة عبدالله. وحول ملابسات المرحلتين نقول:

  • نسب للإمام المهدي أنه قال من شك في مهديتي فقد كفر. هذه مقولة خاطئة وردت في بعض المنشورات على أنها بلاغ في حضرة ولكن لم يترتب عليه إجراء عملي بدليل أنه أجاز لبعض أصحاب الطرق الصوفية كالجزولية الذكر بأورادها وفيهم من لم يؤكن بالمهدية.

ونحن دعاة هذا المقام نتعامل مع النصوص الواردة بالتدبر وعلى أساسه لا نكفر من لا يؤمن بها.

  • قيل أن المهدية أجبرت المسيحيين على الإسلام ولكن ورد في صحيفة إيرلندية هي المختبر الايرلندي (عام 1884) نص مقابلة الإمام المهدي أوليفر باين الذي قال أنه قاله له أنه لا يجبر الناس على تغيير دينهم. وقد أوضح الأستاذ عبد المحمود أبو شامة في كتابه (من أبا لتلسهاي) أن المهدية خيرت القساوسة الذين كانوا في الجبال بين الإسلام أو إبلاغهم مأمنهم. ومهما كانت الوقائع التاريخية فدعاة هذا المقام الآن يؤمنون بأن (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ)[11]. وأن الواجب هو: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ)[12]. ولكن تاريخياً كانت الصرامة مع الأجانب باعتبارهم جواسيس للعدو.
  • مرحلة الدولة التي قادها الخليفة عبد الله شهدت أمرين مهمين هما عدم تقبل الولاءات الموروثة القبلية والطائفية لسلطة مركزية. وتكالب القوى الامبريالية ضد الدولة ما أدى في الحالتين لمنازعات واقتتال استغله ونجيت رئيس قلم المخابرات في جيش العدو وشجع كتاب مثل نعوم شقير، وسلاطين، وأهرولدر، وإبراهيم فوزي لكتابة كتب هي بمثابة دعاية حربية ضد المهدية كما قال الأستاذ بيتر هولت في مقدمة لكتاب ونجيت عن المهدية نعم وقعت بعض التجاوزات ولكنني في كتابي “يسألونك عن المهدية” تطرقت لأهمها مثل حادثة البطاحين، وحادثة المتمة، وغيرهما أوضحت حقائقها. وركزت الدعاية الحربية على تشويه شخصية الخليفة عبد الله – خليفة المهدي بانه :جاهل، عربيد، ظالم. كان المهدي من أكثر الناس حرصاً على العلم فلا يمكن أن يولي جاهلاً. ومقولة عربيد لا يمكن أن يوصف بها شخص يؤم الأوقات الخمسة في الجامع. صحيح كان حكمه حازماً ولكنه واجه مؤامرات معادية تصدى لها ولكن كما قال تشرشل فرغم الهزيمة في كرري لم ينفض الناس عنه. وفي تقدير ونجيت أن الدولة قوية ولا يمكن إسقاطها إلا بعمل من الخارج.

وفي كتاب بيتر هولت عن الدولة المهدية بيان لجدواها بمقاييس زمانها. ورغم معارضة الكيانات الموروثة والتدخلات الامبريالية حافظ على وحدة البلاد والدفاع عنها وفي النهاية لم يهزمها إلا غزو امبريالي بأسلحة نارية جديدة.

  • كانت الدعوة تتعامل في علاقاتها الخارجية بموجب رسالتها فلم تكترث بالواقع الإقليمي والدولي المعاصر.

 

المهدية في الطور الثاني وهو مرحلة ثالثة

المهدية في طورها الثاني متعلقة بعطاء الإمام عبد الرحمن.

بعد هزيمة كرري وأم دبيكرات والشكابة طبق الغزاة إبادة جماعية وقتلوا وأسروا كل من كان له صفة قيادية من خليفة، أو أمير، أو أبناء للمهدي وللخلفاء.

والصبي عبد الرحمن أصيب بالرصاص في مجزرة الشكابة وترك ليموت نزيفاً. ولكنه عاش واستطاع بأسلوب حكيم أن يجعل كيان الأنصار أكبر كيان ديني في السودان، وأن يجعل الحزب السياسي الذي أسسه القوة السياسية الأكبر في البلاد وقادها حتى حققت الاستقلال. ومثلما لطخت تاريخ المهدية أقلام الغزاة أصاب سيرة الإمام عبد الرحمن أذى للأسباب الآتية:

أولاً: وحدت المهدية السودان وحررته وأقامت به دولة رسالية فهدمت في سبيل ذلك كثيراً من الكيانات والمصالح فجحدها أصحابها وغمطوا حق كل منتم إليها.

ثانياً: أشعل الإمبرياليون حرباً معنوية هائلة ضد المهدية سبقت واعقبت حملتهم العسكرية لاخضاع السودان. هذه الدعاية الحربية نثرت الشوك في طريق المهدويين.

ثالثاً: انتهج الإمام عبد الرحمن أسلوباً في العمل العام يحمي به جماعته ونشاطه من حكام مستكبرين ومتحفزين ومعادين. هذا الأسلوب اتهمه كثير من رواد الوطنية السودانية التي أشعلها جيل جديد بعد الحرب الأطلسية الثانية، فقاسوا تصرفات الإمام عبد الرحمن بمقاييس أظهرته مستغلاً للمستضعفين ومهادناً للمستكبرين.

رابعاً: الخديوية المصرية على لسان متحدثيها من حكام تعتبر السودان ملكاً لمصر كما قال النقراشي باشا لمجلس الأمن في 1947م، وتعتبر السودانيين مصريين كما قال على ماهر باشا في محاضرته بنادي الخريجين في أم درمان. هؤلاء اعتبروا الإمام عبد الرحمن هو العقبة الوحيدة بينهم وبين تلك الأطماع لذلك كالوا له بالصاع الكبير هدماً وتجريحاً.

ولكن في الأخلاق السودانية تسامح وموضوعية ما لبث كثيرون حتى من أبناء خصوم المهدية أن دفعتهم الموضوعية لتصحيح الصورة مثلما حكى د. حسن أحمد إبراهيم الذي قال في مقدمة كتابه عن المهدية الثانية إنه نقب في الوثائق ليثبت إدانة السيد عبد الرحمن ولكنه عندما اطلع على وثائق الفترة المعنية شاهد حقائق مختلفة تماماً واقتنع أن صاحب السيرة قد استخدم أسلوباً حكيماً لتحقيق مقاصد نبيلة بحيث وصفه بأنه أهم مواطن سوداني في القرن العشرين.

وفي الاحتفال بمئوية مولد الإمام عبد الرحمن في عام 1996م أقدم كثيرون من شتى المشارب على الاعتراف بفضل الإمام عبد الرحمن.

وفي هذا المجال عن المهدية في طورها الثاني نقول عن عطاء الإمام عبد الرحمن وصحبه الانجازات السبعة الآتية:

  • عندما برز دور الإمام عبد الرحمن، راجع بعض مفاهيم المهدية في ثلاثة مجالات مهمة: قبول التعايش مع الجماعات الإٍسلامية الأخرى، وتعريف الجهاد بصورة مدنية، وتعريف الزهد بالاهتمام بالدنيا على أن تكون في يدك لتستغلها لا أن تكون في قلبك فتستعبدك. عندئذ قيل له لماذا لا تكون طريقة تدعى الرحمانية؟ ولكنه أعرض عن هذا بل أكد الولاء للمهدية مع مراجعتها في المجالات المذكورة.
  • وبينما الدعوة في مرحلتها الأولى اتخذت موقفاً صارماً من الثقافة الوافدة لدرجة المقولة السودانية الدارجة: الحمرة الأباها المهدي. المهدي لم يرفض اللون بل رفض الأعمال. وفي الإطار الإٍسلامي العام انقسم المسلمون إلى ثلاث فئات: الذين انبهروا بالحضارة الوافدة ونادوا بالاندماج فيها، والذين رفضوها ونادوا بطردها، والذين قالوا بالتوفيق بين التأصيل والتحديث. وكان الإمام عبد الرحمن من أهم رواد هذه المدرسة الثالثة وقد أسس لها صروحاً خالدة.
  • وفي نشاطه العام يحمد للإمام عبد الرحمن دوره في بناء السودان الحديث ففي كل جوانبه تظهر للإمام بصمات.
  • وبنظرة ثاقبة أسس للفصل بين الدعوي، والسياسي، والاسثتماري كوجه من وجوه التحديث.
  • ورغم كل الظروف استطاع أن يحشد أوسع قاعدة، وأن يتخذ أكثر الأساليب حكمة لتحقيق استقلال السودان.
  • ككل حكم لا سيما في ظروف القرن التاسع عشر تركت الدولة المهدية كدمات في الجسم الطائفي والقبلي السوداني. هذه الكدمات سعى الإمام عبد الرحمن ونجح في علاجها.
  • كان للإمام عبد الرحمن دوراً لا يجارى في عمل الخير ساهم في بناء المساجد، وفي تأسيس المدارس، وفي نجدة الغارمين، وفي البعثات التعليمية. في مئوية ذكرى مولده تبارى حتى خصومه في تسجيل العرفان بعطائه- هذه الأقوال مسجلة في كتاب نشره أبو القاسم محمد نور.
  • وفي الجزيرة أبا والهدى والرحمانية والنورانية أقام الإمام عبد الرحمن مدناً وقرى فاضلة في مقالي عن (الإمام عبد الرحمن الصادق إمام الدين) والذي نشر في الكتاب الذي نشره أبو القاسم محمد نور تطرقت لصفات الصلاح والشفافية الروحية التي كانت للإمام عبد الرحمن والتي أهملها كتاب سيرته إذ ركزوا على عطائه السياسي والاقتصادي.

يؤخذ على تجربة هذه المرحلة أمران: هما ولاية بعض غير المستحقين للقيادة السياسية. والأمر الثاني ما التبس عليه من أمور جعلته يؤيد انقلاب 17 نوفمبر 1958م.

ولكنه في هذا الأمر كان كمن قصد الحق فأخطاه لا من قصد الباطل فأصابه.

 

المرحلة الثانية من الطور الثالث للمهدية

هذا يشمل عطاء الإمامين الصديق والهادي:

هذه المرحلة الثانية من الطور الثالث الذي قاده الإمام عبد الرحمن متعلقة بمرحلة خليفتيه الإمام الصديق والإمام الهادي.

  • الإمام الصديق رفد تراثنا بموقف واضح ضد انقلاب 17 نوفمبر 1958م وهو موقف جسد موقف حزب الأمة كمؤسسة سياسية عارضت الانقلاب واستطاع أن يجمع حوله في هذا الموقف كل القوى السياسية الوطنية وكون الجبهة القومية المتحدة التي ضمت الرئيس إسماعيل الأزهري والقوى السياسية ذات المرجعية الإسلامية والقوى اليسارية بمن فيهم الحزب الشيوعي فصارت زعامته قومية. تبوأ السيد الصديق خلافة والده بالوصية فقد كان شريكاً لوالده في حياته ويده اليمنى.

وعلى فراش الموت أملي الإمام الصديق عليّ وصية واضحة المعالم أهم ما فيها: أن يدير شؤون الأنصار مجلس خماسي برئاسة السيد عبد الله الفاضل وذلك مؤقتاً إلى حين انتخاب الأنصار إماماً. أي أنه جعل أساس التعاقب على الإمامة انتخابياً أي دستور تعاقب انتخابي. والنقطة الثانية المهمة في وصيته هي إلزام الكيان برفض الدكتاتورية في حكم البلاد والعمل من أجل الحريات العامة وحقوق الإنسان ما جعل هذين المبدأين جزءاً لا يتجزأ من تراث الكيان.

  • المجلس الخماسي الذي أوصى به الإمام الصديق قرر أن تكون الخلافة للسيد الهادي فبويع إماماً.

الإمام الهدي امتاز على أقرانه من القيادات الدينية التي في العادة تهادن ولاة الأمر الحكام مراعاة لمصالحها. لذلك حافظ على موقف الكيان الرافض لدكتاتورية نظام 25 مايو 1969م ومهما حاول النظام مساومته صمد في وجه ورفض اتجاهات النظام الانقلابي. وكان موقفه مماثلاً لموقف خليفة المهدي عبد الله بن محمد الذي اختار الشهادة ورفض الاستسلام.

النظام الانقلابي ارتكب في حق الإمام جريمة حرب لأنه قتله بعد أسره وارتكب جريمة إبادة جماعية بحملته المسلحة على الأنصار وحلفائهم في الجزيرة أبا وودنوباوي.

مجزرة الجزيرة أبا وود نوباوي هي التي عبأت الأنصار قتالياً ضد النظام الدكتاتوري فهاجرت أعداد كبيرة منهم إلى الخارج إلى أثيوبيا ثم ليبيا. الهجرة الرائعة التي ضربت مثلاً فريداً في الفدائية والتضحية وكانت هذه الهجرة هي رافد انتفاضة 2 يوليو 1976 التي كادت تنجح لولا حدوث اخطاء فنية. ولكنها اثبتت للنظام الحاكم أن بطشها لم يفلح في محو الأرادة الدينية والوطنية ضده ما جعله يسعى للمصالحة الوطنية التي تمت على أساس استرداد الديمقراطية. لكن النظام اخلف وعده ولكن مناخ المصالحة 1977م اتاح الفرصة لقوانا السياسية أن تتحرك في كثير من المواقع بحرية ما فتح المجال للتحركات التي أدت إلى انتفاضة رجب/ أبريل 1985م الظافرة. لقد كان لدم الإمام الشهيد الهادي ودماء شهداء الجزيرة أبا وودنوباوي دوراً مهما في الوقود لتلك الانتفاضة.

 

المهدية: الطور الرابع

لقد نفينا عن المهدية التي دعا بها الإمام محمد أحمد المهدي أية صلة بمهدية محمد الحسن العسكري الشيعية، وأية صلة بمهدية آخر الزمان السنية، وأكدنا أن دعوته هي مهدية وظيفية استجابة للحاجة للخلاص وإحياء الملة. قال الإمام المهدي أن دعوته هي لإحياء الدين وتقويم السنة وفي عبارة أخرى أن دعوته هي لإحياء الكتاب والسنة.

على هذا النمط وصفت الدعوة المهدية في المرحلة الأولى بأنها كانت تجسد تطلعات أهل القبلة في زمانها على حد تعبير د. عبد الودود شلبي. وقلنا إن هذا الدور الوظيفي كان حاضراً في المرحلة الثانية في وظيفة التوفيق بين التأصيل والتحديث، الدعوة التي نادى بها كثيرون خلافاً لدعاة الاندماج في الحضارة الوافدة من الخارج، وخلافاً لدعاة الاندماج في الوافد من الماضي، والتزاماً بالتوفيق بين التأصيل والتحديث الذي دعا له نظرياً كثيرون أمثال الشيخ جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وابن باديس وغيرهم، وهو نهج طبقه الإمام عبد الرحمن عملياً مجسداً نهج التوفيق بين التأصيل والتحديث.

فما هو الدور الوظيفي للدعوة في حاضر القرن الواحد وعشرين الميلادي؟

ماذا ستكون رسالة الدعوة في الحاضر والمستقبل وتصبح أنموذجاً للصحوة في الحاضر والمستقبل؟

للإسلام بين الملل تميز عظيم:

  • رسوله المؤسس وحده بين الرسل أسس ديانة عالمية ودولة أممية.
  • كتابه المقدس – القرآن- بين الكتب المقدسة مجمع على النص بين دفتيه.
  • الحضارة التي أسستها الرسالة المحمدية تفوقت على العالم العمور في أطوراها العربية، والتركية، والفارسية، والهندية، والأندلسية لمدة ألف عام من القرن السابع الميلادي حتى القرن السابع عشر.
  • ومع هيمنة الحضارة الغربية الحديثة على العالم فإن للحضارة الإسلامية دوراً في صحوة أوربا من ظلمة عصرها الوسطى إلى فجر الحضارة الحديثة.
  • وكما قال محمد أسد النمساوي اليهودي الذي صار داعية إسلامي: رغم العقبات التي خلقها تخلف المسلمين فالإسلام هو أعظم مستنهض للهمم عرفه البشر.

هذا النور المبين تسلطت عليه عوامل تجريف أبطلت دوره المأمول كطليعة للتنمية الإنسانية هي:

أولاً: بعد فترة الاستنارة الاجتهادية هيمن التقليد حتى صار الدين هو التقليد ما جعل الأمة مرتهنة للماضي على نحو مقولة جوهرة التوحيد:

وَمَالِكٌ وَسَائِرُ الأَئِمَّهْ كَذَا أَبُو الْقَاسِمْ هُدَاةُ الأُمَّهْ

فَوَاجِبٌ تَقْلِيدُ حِبْرٍ مِنْهُمُ كَذَا قضى القَوْمُ بِلَفْظٍ يُفْهَمُ

ثانياً: بعد نشاط الفلاسفة وانتعاش مذهب المعتزلة العقلاني تغلبت عوامل غيبت العقل البرهاني على نحو مقولة:

العلمُ ما كانَ فيه قال حدثنا   وَمَا سِوى ذَاكَ وَسْوَاسُ الشَّيَاطِينِ

ثالثاً: تحول نظام الحكم إلى استبداد متوارث يحكمه التغلب على نحو ما قال ابن حجر العسقلاني: “لقد اجمع الفقهاء على وجوب طاعة المتغلب والقتال معه”.

رابعاً: استبد الظلم الاجتماعي على نحو مقولة:

مهر الفتاة بألف ألف كامل           وتبيت سادات الجيوش جياعا

لو لأبي حفص أقول مقالتي          وأقص شأن حديثهم لأرتاعا

خامساً: ومنذ الفتنة الكبرى تفرقت الأمة أيدي سبأ وصار بأس الفرق والمذاهب بينهم شديداً وتنابذوا بالألقاب: روافض ونواصب، بل كفروا بعضهم بعضاً، وتفشى الغلو والتعصب ليقلب مقولة: “الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ”[13] إلى: المسلم عدو المسلم. حدة العداء بين الفرق الإسلامية جعل أعداء الأمة الإسلامية يراهنون على هذا العداء لتمزيقها.

سادساً: أوربا التي كانت بالقياس متخلفة استيقظت، وعبر ثلاث ثورات: ثورة ثقافية حققت حرية البحث العلمي والتكنولوجي، وثورة اقتصادية حققت التنمية، وثورة سياسية حررت الشعوب من الاستبداد؛ تمكنت الدول الأوربية من التفوق على العالم المعمور وأخضعته لسلطانها. هكذا صارت الأمة مرتهنة للوافد من الخارج. حالة الأمة جعلتها جاذبة للاحتلال الأجنبي.

وحتى بعد رحيله فإن تفوق فكره وثقافته بهر كثيرين ما جعل عميد الأدب العربي نفسه يقول: علينا الانخراط في الغرب بخيره وشره لأنه يمثل مستقبل الإنسانية. هذا ما قاله د. طه حسين فيما نشر عن مستقبل الثقافة في مصر.

سابعاً: الدول التي تدير بلاد المسلمين غالباً دول هشة تعتمد غالباً على القمع الأمنجي وفي غياب نظم حكم تقوم على المشاركة والمساءلة والعدالة الاجتماعية فإن نظم الحكم غالباً محاصرة من ثورات شعبية قادمة أو حركات غلو إرهابة متحفزة. وصفت الحالة بمقولة: ” آفة الشرق حاكم معبود وشعوب تذلهن قيود”. حالة تستدعى الثورة عليها بحركات شعبية تقفز إلى الإمام أو حركات جهادوية تقفز إلى الوراء.

ثامناً: وينظم العلاقات الدولية نظام الأمم المتحدة ناقص العدالة المكون في غيبة أكثرية دول العالم، عندما اتفق على تكوينه كان عدد الدول الأعضاء 51 بينما الدول الأعضاء الآن 193، وكان لدول حلفاء الحرب العالمية الثانية الخمس هيمنة على النظام، لذلك ميزوا دولهم بحق النقض في مجلس الأمن. الخمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن يحتكرون السلطة، ودول كبيرة غير مميزة: الهند، اليابان، ألمانيا، البرازيل. ولا تحظى بالعضوية الدائمة أية دولة إسلامية مع أن عددهم يزيد عن 50 ولا أية دولة أفريقية مع أن عددهم 54 ولا أية دولة عربية مع أن عددهم 22.

وظيفة الخلاص والإحياء في هذه المرحلة تتطلب أن يكون للإسلام دور الطليعة في التنمية الإنسانية أو أن مسيرة الإنسانية سوف تستمر باجتهادات وضعية ويصير للإسلام وجود متحفي. التنمية الإنسانية المستدامة تتعلق بأربع غايات هي: دوام النوع البشري، وتحسين نوع الحياة، وترسيخ قيم التضامن بين البشر، وتوفيق المعادلة بين العقل وما فوق مدركاته.

استحقاقات أن يكون للإسلام دورٌ خلاصي إحيائي هي:

أولاً: ينبغي قيام صحوة ثقافية تدرك أن حقيقة الوجود تنقسم إلى حقاق فوق مدارك العقول وحقائق تدركها العقول. ينبغي تعميد العقل في كل مجال إدراكه وهو الطبيعة التي تسخرها سنن راتبة في علوم الطبيعة، والعلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية. إن المرجعية لمعرفة هذه السنن إلى العقل. المسائل التي تقع فوق إدارك العقول هي التي مصدرها الوحي والإلهام. العقل عمدة في مجال مدركاته.

ثانياً: فيما يتعلق بنصوص الوحي في القرآن والسنة نقول: إن القرآن قطعي الورود ولكن ليس قطعي الدلالة ولمعرفة هدايته تتبع المطالب الآتية:

  • معرفة أن النص حمال أوجه ولا نكون كـالذين إذا ذكروا بآيات ربهم خروا عليها صماً وعمياناً، بل الواجب تدبر القرآن: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[14].
  • النص القرآني (مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ)[15]. هذا هو معنى المثاني أي مقاصده وبموجب المقاصد تقاس الآيات. مثلاً، هنالك آيات تدل على الاختيار وآيات تدل على الجبر.

مكارم الأخلاق من مقاصد الشريعة والجبر يعفي المكلف من المسؤولية الأخلاقية. ما يعني أن آيات الاختيار هي المحكمة وهلم جرا.

كذلك هنالك آيات يعارض ظاهرها حقائق علمية مثلاً: (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ)[16]. التأويل هنا كما قال الرازي بحسب رأي العين.

وهنالك آيات تغيرت الظروف التي أوجبتها كسهم المؤلفة قلوبهم وكملك اليمين والرق وإطلاق يد صاحب الدم لأخذ حقه بيده، وهلم جرا. في هذا المجال على الفقيه أن يعرف الواجب اجتهاداً لا تقليداً ويحيط بالواقع ثم يزاوج بينهما.

  • وفيما يتعلق بنصوص أحاديث السنة فكما قال النووي لا يكاد يوجد حديث متواتر، وقال الشاطبي في الاعتصام قد أعذر أن يوجد حديث متواتر. ولكن السنة العملية مثل كيفية الصلاة تواترت باتباعها.

الأحاديث القولية تغربل بضوابط مثلاً:

  • أحاديث عذاب الميت بالبكاء عليه تتعارض مع قوله: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰۚ)[17].
  • ألا تتعارض مع مقاصد الشريعة مثل أحاديث إهانة أهل الكتاب ومن مقاصد الشريعة أن نعاملهم بالحسنى، أو أحاديث اضطهاد النساء مثل “النساء لعب شاوروهن وخالفوهن” والصدق من مقاصد الشريعة.
  • وألا تتعارض مع العلم مثلاً: منع تأبير النخل. ومقولة إن ذكورة وأنوثة الجنين يحددها إذا علا ماء الرجل أو ماء المرأة.
  • ألا تتعارض مع الواقع مثل أحاديث تشير لصبي وتقول إذا عاش حتى هرم يدرك قيام الساعة.
  • وألا تتعارض مع العقل، مثلاً: روايات كثيرة في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في إناء فجعل الماء ينبع من أصابعه، وأن الجذع خاطبه، وأنه خاطب صناديد قريش وهم في القبور. هذه تناقض العقل وتناقض القرآن: (وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَۚ)[18]. وقوله: (مَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ)[19].
  • وألا يكون الحديث شاذاً مثلاً: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ”[20]. وهنالك حديث نبه على نبذ الأحاديث الشاذة في مسند أحمد المجلد الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ، وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ فَأَنَا أَوْلاكُمْ بِهِ، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَنْفِرُ مِنْهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ”[21]. لذلك روى البخاري أن الإمام علي قال: “حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟”[22].

كذلك ينبغي أن تعرف تواريخ الأقوال المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم لأن اللاحق ينسخ السابق وهي في الكتب غير مرتبة بتاريخها.

  • كان اجتهاد الفقهاء لاستنباط الأحكام خصباً وأثمر عدداً من المذاهب أهمها ثمانية: الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والجعفري، والزيدي، والأباضي، والظاهري. وهي على اتفاق عام حول المسائل الشعائرية العبادية وعلى اختلافات واسعة فيما عداها.

ينبغي اعتماد التعايش بين المذاهب، واعتبارها غير ملزمة، وإسناد التشريع لمؤسسة تشريعية تكون على أساس المشاركة الحرة وتلم بالواجب اجتهاداً وبالواقع إحاطة وتزواج بينهما. ويراعى في تشريع الأحكام: مقاصد الشريعة، والعقل، والواقع، والمنفعة، والأولويات، والتدرج، وتستصحب كل النظم العدالية مهما كان مصدرها، فمهما تحقق به العدل فهو شرع الله ودينه حتى إذا لم يرد به النص، ففي نهج النبوة والخلفاء الراشدين استصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لخطة الحباب بن المنذر في بدر ولرؤية سلمان الفارسي في حفر الخندق، وجمع الصحابة للمصحف. واتلاف النسخ المخالفة وفيما يتعلق بقابلية الإسلام لاستصحاب المعقول والنافع الوافد قال الشيخ محمد مصطفى المراغي: قدموا لي أي شيء ينفع الناس وأنا أنبئكم بسنده في الشريعة.

  • سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كتبت في كثير من الأحيان بصورة تجاري عسكرية العهد القديم اليهودي، وتجاري معجزية العهد الجديد المسيحي، هذه المجاراة غير مشروعة فالنبي صلى الله عليه وسلم حقق أهم منجزاته بصورة سلمية. هكذا أسس للكيان الإسلامي في المدينة سلمياً، وهكذا استمال الجزء الأكبر من الجزيرة العربية أثناء عامي الحديبية، والمعارك الحربية بين المسلمين والمشركين كانت من الناحية العسكرية سجالاً ما لا يبرر وصف السيرة بالمغازي. وكان فتح مكة سلمياً.

والسيرة رائعة الأداء بحكم السنن الإنسانية والاجتماعية بلا حاجة لمجاراة ما ظهر في سيرة السيد المسيح عليه السلام.

وعندما تطرق عالم أمريكي، مايكل هارت، لعظماء التاريخ كلهم اختار النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأول بينهم.

يجب ألا نشوه السيرة المحمدية بمجاراة العهد القديم اليهودي، ومجاراة العهد الجديد المسيحي، وأن نعيد قراءة السيرة النبوية على أساس السنن الإنسانية والاجتماعية. هذا لن يسلبها صفتها بأنها أروع قصة شهدتها البشرية. سيرته معجزة بمعنى أنها لا تجارى.

بعد الصحوة الفكرية المنشودة، والقراءة المتجددة للنصوص كما تحدد يعاد الاجتهاد في كافة مطالب الحياة. بهدف واضح هو الاتجاه الإسلامي طليعة للتنمية الإنسانية في العصر الحديث.

  • إن لهذا التطلع التزامات في المجالات الإنسانية تتطلب موقفاً إيجابياً واضحاً من منظومة حقوق الإنسان وفي هذا الصدد قد أوضحت أن حقوق الإنسان كلها تنطلق من خمسة مبادئ هي: الكرامة، والعدالة، الحرية، المساواة، السلام. وقد نشرت كتابين بعنوان: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من منظور إسلامي في عام 1998م، وكتاب آخر بعنوان: الإنسان بنيان الله، أكدت فيه إلزامية حقوق الإنسان بتفاصيلها الحديثة من المصادر الإسلامية، وبينت أن الاسلام إنما يدعم الالتزام بها بما يوفر لها من أساس روحي وجزاء أخروي.

ماخذنا على معاهدة سيداو أنها مبنية على النفي إزالة بينما الصحيح أن تبنى على الإيجاب:

كفالة حقوق المرأة الإنسانية والإيمانية والمواطنة. هنالك ممارسات تقول بها الثقافات الغربية تتعارض مع الفطرة وأخرى ليست حقوقاً بالفهم الصحيح بل أفرزتها ثقافات غربية. هذه الجوانب لا نقرها بل نقر كلما من شأنه كفالة حقوق المرأة إنسانياً، وإيمانياً، وسياسياً، واقتصادياً، كما نلتمس لهذا الانصاف أساساً روحياً واخلاقياً من نصوص الوحي القطعية وبموجبها نسقط النصوص المتشابهة.

هذه هي المفاهيم التي قررتها ورشة عقدتها هيئة شؤون الأنصار في عام 2004م.

وفي كتابي عن “حقوق المرأة الإسلامية والإنسانية” أضفت ملحقاً بمدونة جديدة للأحوال الشخصية تنادي بالمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات. صحيح في بعض النصوص الدولية اعتبار المثلية الجنسية حقاً من حقوق الإنسان ولكننا قلنا ونؤكد مقولة كانط عن المقياس الأخلاقي أن يكون السلوك المقبول هو الذي يجد قبولاً إذا طبق على كل أو عموم المجتمع. هذا يمنع المثلية الجنسية. هذه حجة عقلية تدعم المبدأ الديني منها.

  • ولهذا التطلع التزامات في المجال الاجتماعي كالآتي:
  • الخلافة كنظام للحكم بدأ بخلافة أبي بكر (رض) وقد قامت بحكم الأمر الواقع الذي سماه عمر (رض) فلتة. وأدى الخلاف حول الخلافة بعد ذلك إلى الفتنة الكبرى وإلى أيلولة أمر الخلافة للمغالبة بالسيف على نحو ما قال الشهرستاني: ما سل سيفٌ في الإسلام مثلما سل في أمر الإمامة. لذلك كان تاريخ الإمامة دموياً سالت دماء ثلاثة من الخلفاء الراشدين اغتيالاً وخمسة من خلفاء بني أمية و12 من الخلفاء العباسيين. لا الولايات بلا مشاركة ولا التغلب  يناسبان مبادئ الإسلام السياسية. كذلك جمع سلطات الدولة في يد واحدة ينافي العدالة المنشودة وكما قال ابن القيم: حيثما  كان العدل فثم شرع الله ودينه.

إن العدالة في إدارة الشأن العام تتطلب إقامتها على المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون.

أما اتحاد المسلمين في دولة واحدة فقد كان في الصدر الأول  وفي العهد الأموي ثم بعد ذلك تعددت  الدول القطرية.

والآن المسلمون يعيشون في 55 دولة وثلثهم يعيشون أقليات في دول أغلبيتها غير مسلمة.

لا يرجى توحيد دول المسلمين اختارياً أو بالقوة. الخيار الممكن هو أن يكون لدول المسلمين أساس راشد للحوكمة و أن ترتبط تلك الدول بنظام تعاهدي.

فيما يتعلق بالعلاقات مع الدول الأخرى ينبغي التخلي عن التقسيم القديم بين أرض سلام وأرض حرب بل تقوم العلاقات الدولية على التعاهد الذي يقوم على (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[23].

نظام الأمم المتحدة الحالي أساس جيد ولكنه ناقص العدالة ما يتطلب إصلاحاً عدالياً.

مبادئ الإسلام السياسية تسمح بهذه الاجتهادات فلا يوجد نظام حكم معين يوجبه الإسلام وحجة الذين يقولون بالحاكمية وأن الإسلام هو الحكم إنما يدعون لثيوقراطية غريبة على الإسلام فقد قال الخوارج: إن الحكم إلا لله، وقال الإمام علي (رض): هذه كلمة حق أريد بها باطل لأن الإمرة أي ولاية الأمر مصلحة مرسلة يحددها المسلمون لتحقيق مقاصد الإسلام السياسية. وأفضل ما يحققها نظام يقوم على المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون كما جاء في خطبة أبى بكر الصديق عندما بويع خليفة إذ قال: “ولِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ (ولاية قررها المسلمون مشاركة)، فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي، وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي (مبدأ المساءلة)، الصَّدْقُ أَمَانَةٌ، وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ (مبدأ الشفافية)، وَالضَّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيٌّ عِنْدِي حَتَّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ،  وَالْقَوِيُّ فِيكُمْ ضَعِيفٌ عِنْدِي حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ (مبدأ سيادة القانون)”.

لذلك لا مبرر لفئة تدعي التحدث باسم الله وتعتبر ولايتها ولاية الله وأن من خالفها خارج عن ملة الإسلام. لا يجوز لأحد أن يجزم أن اجتهاده هو قرارإلهي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لقائد السرية كما روى مسلم: وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا؟

وقال أبوذر لمعاوية لا تقل في أمر مال المسلمين مال الله بل مال المسلمين لكي يكون عرضة للمساءلة. لذلك لا يقال إسلام سياسي بل سياسة إسلاميين.

إدعاء أية فئة أنها تمثل حاكمية الله باطل.

الحاكمية بالمعنى الكوني لله، أما بالمعنى السياسي فهي للأمة وإلا صارت ثيوقراطية غريبة على الإسلام .مقولات الانكفاء الماضوي التي تقول: ما لم يعرفه البدريون فليس بدين” تفتح باب الغلو والتكفير كذلك مقولة المرحوم سيد قطب: ليس عبد الله وحده من يتلقى الشرائع القانونية من سوى الله.

  • وفي المجال الاقتصادي توجد مبادئ اقتصادية عامة ولكن لا يوجد نظام اقتصادي إسلامي.

الاقتصاد علم اجتماعي فيما يتعلق بقوانينه أما فيما يتعلق بأهدافه فهو يتطلب أهدافاً مثل التنمية، والعدالة الاجتماعية، والاستثمار، والتجارة وغيرها.

موقف مجتمعات المسلمين اليوم معيب من ناحية تحقيق التنمية ومعيب من ناحية تحقيق العدالة الاجتماعية ففي المتوسط يملك 10% من السكان 90% من الثروات ما يتطلب إقامة نظم اقتصادية موجهة لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.

والنظام الاقتصادي العالمي الحالي في ظل العولمة أكثر استقطاباً بين 1% من السكان والآخرين. قدرت أوكسفام أن 1% من سكان الأرض يملكون أكثر من نصف ما يملك الآخرون. العولمة هي ظاهرة انتجتها ثورة الاتصالات والمعارف ولكن في واقع هيمنة دول معينة صارت أداة هيمنة وصارت مهددة للخصوصيات الثقافية. هذا يتطلب التجاوب مع إيجابياتها والحماية من سلبياتها.

الوضع الاقتصادي داخل بلدان المسلمين وفيما بينهم وبين العالم ظالم، ولا يمكن أن يستقر لما فيه من خلل في توزيع الثروات والدخول. بل يمثل وضعاً اجتماعياً متفجراً ورسالة الخلاص والإحياء معنية بإصلاحه جذرياً. نشرت في عام 1989م كتاباً بعنوان “تحديات التسعينيات” قلت فيه أنه بعد زوال الاستقطاب بين الغرب والشرق بعد هدم حائط برلين فإن الاستقطاب القادم هو بين شمال الكرة الارضية الغني وجنوبها الفقير وان ما في الجنوب من مظالم سوف يفرخ أسلحة الضرار السبعة وهي الإرهاب، والهجرة غير القانونية، والانفجار السكاني، والتلوث الصحي، والتلوث البيئي، وانتشار الاسلحة بصورة غير منضبطة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل ، والحروب الأهلية.

وقلت إن هذه الحالات سوف تعبر الحدد نحو نصف الكرة الشمالي ولا تجدي معها الوسائل الأمنية وحدها ولا بد من إزالة الأسباب لا مجرد معالجة الاعراض. وها هي هذه الحقائق الآن ماثلة للعيان.

قلنا إن المهدية على يد الإمام المهدي لم تعد أمراً مرتبطاً بشخص يعود بعد قرون، ولا بشخص يأتي آخر الزمان ولكنها مرتبطة بوظيفة الخلاص والإحياء وما حددنا هنا من شروط للخلاص والاحياء الآن.

ولكن إذا اتضحت معالم  الواجب فمن الذي سوف يتصدى لهذه الرسالة؟

الإمام المهدي تصدى للأمر في ظروف القرن التاسع عشر وجسد تطلعات أهل القبلة يومئذٍ، ودعم موقفه بخصوصيات غيبية.

والإمام عبد الرحمن تصدى لواجب التوفيق بين الـتأصيل والتحديث عملياً فجسد تطلعات المصلحين في القرن العشرين.

والآن المشهد مستعد لاستقبال من تؤهلهم الظروف الذاتية والموضوعية لتجسيد تطلعات أهل القبلة في يومنا هذا.

بالنسبة لنا كمجتمعات ذوات وجود إسلامي، عربي، أفريقي، آسيوي، وأوربي، وأمريكي ذات ثقافات متعددة وقد تعرضت للهيمنة الغربية وصارت تبحث عن نموذج للتنمية البشرية فقد جرت محاولات نهضوية انطلق بعضها من فكرويات علمانية قومية أو اشتراكية.

التجارب العلمانية سواء الاشتراكية أو القومية أخفقت لأنها اهتمت بالتنمية و تجاوزت الهوية هكذا كان الحال في تركيا الكمالية، وإيران الشاهنشاهية، ومصر الناصرية، والعراق وسوريا البعثية، واليمن الجنوبية الشيوعية، والسودان الاشتراكي، والتجارب اللبرالية، كانت تلك المشروعات للتنمية فاشلة لأنها أسقطت دور الهوية والمعلوم أن الهوية أولاً ثم مواجهة التحديات التنموية. مشروعات تنموية خارج وجدان شعوبها. إنها تجار متعلقة بمستقبل بلا وفاء

وجرت محاولات نهضوية تحت شعار إسلامي في كثير من البلدان في السودان وفي مصر وفي أفغانستان. هذه المحاولات اهتمت بالهوية على حساب التنمية العصرية ففشلت فشلاً ذريعاً، لأنها مشروعات تغرد خارج سرب التاريخ. هذه تجارب ذات وفاء بلا مستقبل

وهنالك محاولات توفيقية في تركيا، وفي تونس، وفي ماليزيا، وأندونسيا والحكم على نجاحها في تجسيد وظيفة  الخلاص والإحياء مؤجل حتى إشعار آخر.

ههنا سأقدم مرافعة من أجل احتمال أن يقدم السودان الأنموذج المنشود. فما هي أوراق اعتماد السودان؟

التجربة السودانية مدرسة مفيدة لمستقبلها ولغيرها للأسباب الآتية:

  1. كان السودان موطن أنجح ثورة شعبية في القرن التاسع عشر في الطور الأول من المهدية.
  2. وقدم السودان تجربة عملية للتوفيق بين التأصيل والتحديث. في الطور الثاني من المهدية.
  3. وقدم السودان أنجح عملية انتقال من السلطة الامبريالية إلى السلطة الوطنية.
  4. وشهد السودان تجربة لبرالية كاملة الدسم. تجربة بقدر ما كفلت الحريات العامة أخفقت في تحقيق توازنات اجتماعية وفي إدارة التنوع.
  5. وشهد السودان انقلابين عسكريين رفعا شعارات أيديولوجية اشتراكية وإسلامية أثبتت أن الاستيلاء العسكري لتحقيق أهداف أيديولوجية فاشل لأن السلطة الانقلابية سوف تحتاج للقوة لحماية سلطتها ما يحولها لنظام فاشستي أمنجي ويقزم الأيديولوجية. نعم تجارب الحكم العسكري لا سيما في انقلابي مايو ويونيو كانتا آية في الفشل ولكنهما شكلتا درسين في تجنب ارتكاب الخطأ.

قال غاندي بحق ما يتحقق بالقوة يحتاج للقوة لحماية نظامه.

الفاشية نهج سياسي يستمد اسمه من كلمة فاشيو الإيطالية وهي حلقة معدنية كان الإمبراطور الروماني يجمع فيها مفاتيح ترمز للسلطة المطلقة.

هذه النظم تتعارض حتماً مع منظومة حقوق الإنسان وتتعارض حتماً مع مؤسسات الدولة الحديثة لأنها تحولها لأدوات سيطرة لحزب السلطة بل تهمش المؤسسات النظامية بإنشاء تكوينات مليشياوية توالي السلطة خارج التكوينات النظامية.

لذلك فإن تجربة السودان مع النظام الذي رفع شعارات أيديولوجية بعد الاستيلاء الانقلابي على السلطة درس لتجنب الوسائل الانقلابية لتطبيق البرامج الإصلاحية.

ومهما حاولت الفاشية السيطرة على المجتمع السوداني فإن المزاج السوداني يستعصى عليها.

  1. السودانيون يمارسون اختلافاتهم الأيديولوجية والسياسية بنسبة عالية من التسامح ما يهيئ مساحة للهندسة المطلوبة للخلاص وللإحياء.
  2. الشعب السوداني ما زال يحتفظ بمواعين نشاط سياسي قادرة على الحركة، والنظام الحاكم في السودان هو الأكثر هشاشة وبالتالي الأكثر استعداداً للرحيل عن طريق التراضي أو الإطاحة. الدليل على هشاشة النظام الحالي أنه بعد 29 عاماً من الانفراد بالسلطة لجأ داخلياً لحماية سلطانه بأجهزة مليشياوية قبلية وخارجياً استجدى روسيا أن تحميه.

ما العمل؟

قدمنا الحاجة للخلاص والإحياء في المرحلة الحالية.

وقدمنا أن أوراق اعتماد السودان لتقديم الانموذج المطلوب لا تجارى فما هي مسؤليتنا عبر تفصيل آليات العمل العام؟

لدينا كيانان أحدهما دعوى أي هيئة شؤون الأنصار والآخر سياسي أي حزب الأمة القومي.

ومع أن ظروفاً طارئة ألزمتنا بانتخاب قيادة واحدة لهذين الكيانين فإن المطلوب في المرحلة القادمة الفصل التام بين الكيان السياسي والكيان الدعوي، الفصل بين الكيان الدعوي والكيان السياسي سببه أن الكيان الدعوي يخص الأنصار وحدهم. أما الكيان السياسي فمفتوح لكل المواطنين انصار وغير انصار ومسلمين وغير مسلمين. نحن نقول نعم للفصل بين الديانة والسياسية وهذا لا يعني كما يظن بعض الناس الفصل بين الدين والدولة. الدولة عبارة عن شعب، وأرض، وسلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية تمارس عليه. لا يمكن الفصل بين الدين والشعب، ولا بين الدين والسلطة التشريعية، وبين الدين والسلطة القضائية ولكن المطلوب في هذه المجالات مراعاة المساواة في المواطنة.

إن النظام الشمولي الحاكم حاول في عام 2002م اختراق قيادة حزب الأمة القومي وقيادة كيان الانصار وبقيادات موالية له ما جعل جماهير الأنصار تحرص على قفل الباب أمام هذه الاخترقات. ما أوجب الجمع بين القيادتين في تلك المرحلة والآن وجب الفصل بينهما.  المرحلة الراهنة تتطلب التركيز على ستة مهام هي:

  • تبني الفكر الإسلامي المجسد لمطالب الخلاص والإحياء.
  • القيام بالدعوة والإرشاد لنشر ذلك الفكر. وفي هذا الصدد الانتماء للدعوة يتعدى الحدود القطرية.
  • التواصل مع كل الجماعات الإسلامية لإبرام ميثاق المهتدين، لا سلام بين المسلمين دون سلام بين الطوائف.
  • التواصل مع كل الجماعات الدينية لا سيما أهل الكتاب لإبرام ميثاق الإيمانيين، التعايش والاحترام المتبادل بين أصحاب الملل الأخرى ضروري لأنه لا سلام بين الشعوب دون سلام بين الأديان.

علينا أن نبدي قمة التسامح مع الديانة اليهودية فهم أهل كتاب والتفسير بأن (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [24] و(الضَّالِّينَ)[25] في الفاتحة هم اليهود والنصارى خطأ ففي القرآن أن هؤلاء هم المشركون. اليهود والنصارى أخوتنا في الملة الإبراهيمية.

أما الصهيونية فهي إمبريالية استيطانية ينبغي أن نتصدى لها بأقوى المواقف انتصاراً للحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية لا سيما في ظروف الانكسار الحالية. ولا ينفعهم الدعم الدولي فهو دعم الآن يحيد بعضه بعضاً. وأهل فلسطين سوف يصبحون أغلبية السكان بين النهر والبحر ولن يستسلموا. وتوازن القوى على الأرض ليس من مصلحة المعتدين فلا صلح إلا عن طريق رد الحقوق لأصحابها.

  • التمدد في مجال العمل الخيري والاجتماعي والإنساني.
  • تطوير فكرة أولاد النظام وشباب الأنصار وشباب النظام وتكوين منظمة شبابية، دعوية، تربيوية، رياضية، تغرس المهارات الحياتية باسم كشافة الفلاح.
  • تبني فكرة تعايش الحضارات.

ويرجى أن يتخذ هذا البرنامج شكله النهائي في المؤتمر العام الثاني لهيئة شؤون الأنصار.      قبل الدعوة للمؤتمر العام الثاني لهيئة شؤون الأنصار سوف أدعو لورشة تكوينية لتطوير الدليل الأساسي لدستور للهيئة وسوف نحرص على ربط جهاز الدعوة والإرشاد بالاجتهاد المستمر، وعلى تطوير نشاط الهيئة كمؤسسة للخدمات الاجتماعية، والصحية، والتعليمية، والاستثمارية، وللتنمية الحضرية، والريفية. سوف أقدم لهذه الورشة ورقة عمل مفصلة تقترح تطوير الدليل الأساسي لدستور وتقترح كافة الأنشطة المذكورة لتدرس وبعد ذلك تقدم لإجازتها عن طريق المؤتمر العام الثاني للهيئة.

ومن الرؤى الجديدة الدعوة لتمويل مجمع بيت الإمام المهدي، وجامع الخليفة، وبيت شيخ الدين، وبيت الخليفة، ودار الرياضة لمعاهد، ومساجد، ومكتبات، تحت عنوان البقعة المباركة قلب أم درمان عاصمة هوية السودان .

حزب الأمة القومي ودوره في هذه المرحلة:

  1. أن يقدم حزب الأمة القومي مشروعاً لعهد وطني لبناء الوطن يتناول بيان برامج تأسيس الدولة الحديثة، والتنمية العادلة، والسلام العادل الشامل، والعلاقات الأقليمية والدولية المنشودة.
  2. إجراء حوارات مع كل القوى السياسية ذات المرجعية الإسلامية، والشيوعية، والقومية، والأفريقانية بهدف استصحاب إيجابياتها وهندسة البناء التوفيقي الذي يحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل.
  3. يحسم مشروع بناء الوطن دور القوات النظامية في الدولة المدنية الديمقراطية الفدرالية الحديثة.
  4. بعد تحديد معالم العهد الجديد لبناء الوطن يترافع الحزب لجعله اساساً للتعبئة من أجل النظام الجديد. المشاكل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وفي العلاقات الخاريجة التي أفرزها النظام الحالي حللناها واقترحنا حلولها في مجال آخر. ولكن هنالك مشاكل جديدة أفرزها النظام تتطلب إدراكاً بها وحلولاً حاسمة لها أهمها:
  • مشكلة النازحين داخل البلاد وأعدادهم الآن نحو 3 مليون إلا قليلاً. إن بقاء هؤلاء المواطنين في حالة نزوح لأكثر من 12 عام أفرز مشاكل اجتماعية واقتصادية وأمنية كبيرة ما يتطلب علاجها وبرنامج عودتهم لمواطنهم الأصلية في أمان لذلك سوف ندعو لمؤتمر جامع. واتخاذ قرارات بحلها.
  • صحيح أن مشكلة الجنوب كانت موروثة من العهد الامبريالي. كذلك استمرت معقدة اثناء الحكومات التي سبقت النظام الحالي الذي باحتلاله للسلطة أجهض مؤتمراً قومياً دستورياً مزمعاً في 18/9/ 1989م.

وينبغي أن يحمل النظام الحالي المسؤولية عن وضع القوى السياسية الجنوبية امام خيار أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية أو أن يقرروا مصيرهم. وقد اختاروا ذلك.

ولكن بعد فترة من الحكم المستقل اتضح أن المشاكل في دولة الجنوب فاقت كارثية المشاكل القديمة.

نحن لسنا أوصياء على اخوتنا في الجنوب ولكن عوامل جيوسياسية قوية تجمع بيننا.

علينا أن ننظم مؤتمراً فكرياً، وسياسياً، شعبياً، لدراسة الموقف والمساهمة في اقتراح حل يحقق الاستقرار والسلام والديمقراطية والتنمية في دولة الجنوب واقتراح العلاقة الخاصة المطلوبة بين دولتي السودان.

  • وهنالك مشكلة الاراضي التي خالف النظام المصلحة الوطنية وباعها لجهات أجنبية بل فرط فيها لسداد ديونه. وهنالك مشكلة السدود التي تواجه معارضة سكان المناطق المعنية.

لقد نظمنا ورشة لدراسة مسألة الأراضي وأخرى لدراسة مسألة السدود وسوف نعمل لايجاد تأييد قومي لما اهتدينا له من توصيات.

يدعو الحزب إلى إجراء عدالة انتقالية تحقق مساءلة في الأداء العام منذ الاستقلال. هذه المساءلة تتناول كل الاداء العام عبر النظم الانقلابية والنظم الديمقراطية وذلك عن طريق مفوضية عنوانها الحقيقة والإنصاف.

  1. يحسم الحزب وينادي بإنهاء النظام الذي أسسه انقلاب 30 يونيو 1989 عبر التراضي أو الإطاحة بالوسائل السلمية.
  2. يؤهل حزبنا السياسي للقيام بهذا الدور عوامل اهمها: تآكل الأحزاب المنافسة، تمدد أواصر التفاهم السياسي بيننا وبين القوى الجديدة من منابر الهامش والمنابر الشبابية والنسوية والمدنية.
  3. ينسق الحزب مع كل القوى السياسية ذات الأهداف المماثلة داخل وخارج الوطن.

هذه المعالم تغذي برنامج الحزب الذي سوف يعرض لإجازته عبر المؤتمر العام الثامن.

وفي حالتي الكيان الدعوي والكيان السياسي يتم إجراء هيكلة جديدة بآليات ديمقراطية، وتدخل هذه الإجراءات في تجسيد وظيفة الخلاص والإحياء المنشودة. ومثلما تقوم هيئة شؤون الأنصار بنشر الدعوة في الإطار الإسلامي، يقوم حزب الأمة القومي بنشر الأنموذج الديمقراطي التنموي العدالي كأنموذج صالح بديلاً عن النظم الأوتوقراطية.

قيل أن بلداننا غير قادرة أن تحدث تغيراً أيجابياً، التحدي التاريخي أمامنا أن نفعل ذلك ولا نستبدل طغياناً بمثله بل نحقق عطاءاً سودانياً يقتدى به .

 

هوامش

 

[1] سورة الأنعام الآية 158)

[2] سورة غافر الآية (58)

[3] سورة القصص الآية (5)

[4] سورة الأنبياء الآية (105)

[5] سورة الأنبياء الآيتان (34، 35)

[6] سورة الحديد الآية (28)

[7] سورة النور الآية (55)

[8] سورة الانبياء الآية (105)

[9] سورة الأنعام الآية (89)

[10] سورة الحج الآية (69)

[11] سورة البقرة الآية (256)

[12] سورة النحل الآية (125)

[13] صحيح البخاري

[14] سورة محمد الآية (24)

[15] سورة آل عمران الآية (7)

[16] سورة الكهف الآية (86)

[17] سورة الأنعام الآية (164)

[18] سورة الإسراء الآية (59)

[19] سورة فاطر الآية (22)

[20] صحيح البخاري

[21] الطبقات الكبرى لابن سعد

[22] صحيح البخاري

[23] سورة الممتحنة الآية (8)

[24] سورة الفاتحة الآية (7)

[25] سورة الفاتحة الآية (7)