الوطن الجريح والشفاء المنشود

بسم الله الرحمن الرحيم
الوطن الجريح والشفاء المنشود
8/7/2019م

1. في مرحلة من الزمان أثناء عهد الطغيان بدا لنا أن شبابنا قد ضاع وتعلقت آماله بالتوطين خارج السودان أو الهروب من الواقع عن طريق تعاطي المخدرات. مما حدا بي لتأليف ونشر كتابي “أيها الجيل” لاستنهاض شبابنا.
2. تراكم على نبذ النظام البائد ست انتفاضات قبل ثورة ديسمبر/ أبريل التي توج فيها شبابنا ما تراكم من نبذ النظام البائد آيات من التضحيات والإقدام والإبداع ما حظى بإعجاب أهل السودان جميعاً والرأي العام العالمي.
3. حظيت الثورة الشعبية السودانية بسبع بركات: بادرت بها الأقاليم قبل العاصمة، احتضنت المواكب عناصر في القيادة العامة، شارك الشعب في مواكب السادس من أبريل، اصطفت القوى السياسية والمدنية مع المواكب والاعتصام، تأييد الرأي العام في الدول العربية والأفريقية بل عالمياً، وأخيراً انحازت مكونات اللجنة الأمنية الأربعة للمطلب الشعبي فرفضت فض الاعتصام وخلعت الطاغية الآمر به.
4. التفاوض بيننا وبين المجلس العسكري وصل لتفاهم في شهر مايو ولكنه لم يبرم وأعقب ذلك ثلاثة تطورات:
• الفض الوحشي للاعتصام مما قفل باب التفاوض.
• بروز قوى سياسية كانت خاملة منذ الثورة واستنكارها لحصر التفاوض ثنائياً بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.
• اتجاه المجلس العسكري لحشد تأييد سياسي واتجاه الحرية والتغيير لتصعيد المواجهة الشعبية ما أدى لاتساع الفجوة بين طرفي التفاوض وأيلولة الأمر لمساجلات التصعيد.
5. انطلقت طائفة من المبادرات الوطنية بهدف تجاوز الطريق المسدود واحتواء المواجهة المنتظرة. بادر بها صحافيون وأكاديميون، ورجال أعمال، ومفكرون، ونشطاء مجتمع مدني مقدمين البرهان على حيوية المجتمع السوداني وحرص كثير من عناصره على درء فتنة تجر وراءها حرباً أهلية متجددة.
6. مرت أفريقيا بعهود مظلمة مارسها نظام الفصل العنصري، ونظم الطغاة، ومذابح التوتسي والهوتو، ومن هذا الظلام انبثق في أفريقيا فجر جديد تمثل في المناداة بميثاق لحقوق الإنسان الأفريقية ، وتكوين مجلس السلم والأمن الأفريقي، ووضع مقاييس نزاهة للانتخابات في أفريقيا، ومنع الاعتراف بأية انقلابات عسكرية، وإعلان إسكات البنادق بحلول عام 2020م.
هذه الموجة الإصلاحية أشرقت في كثير من البلدان الأفريقية مثلاً في رواندا وفي أثيوبيا.
7. عندما انطلقت الثورة الشعبية في السودان اهتم مجلس السلم والأمن الأفريقي بمآلاتها، كذلك دولة الجوار الأثيوبية، فآبي أحمد اتخذ نهجاً إصلاحياً في بلاده ونحو الدول المجاورة لذلك تقدم بمبادرة توافق في السودان، كذلك اهتم مجلس السلم والأمن الأفريقي بمآلات الثورة في السودان، ما أدى لتكوين المبادرة الأفروأثيوبية. المبادرة التي أحدثت انفراجاً في شأن التفاوض السوداني، وسهلت لطرفي التفاوض الاتفاق حول بعض المسائل المهمة مثل تكوين المجلس السيادي ومجلس الوزراء، وانطوت على بنود ميثاق شرف لضمان التفاوض بإخلاص حول النقاط الباقية وتجنب الأقوال والأفعال التصعيدية.
هنالك ثلاثة عوامل يرجى أن تساعد في نجاح التفاوض حتى يبلغ نهايته هي:
• تحلى أطراف التفاوض بروح وفاقية في الحوار تجنباً للإخفاق الذي سوف يجر حتماً للبلاد الطامة.
• مساهمة المبادرات الوطنية في تقديم نصائح ذات مقبولية.
• مدى الإستجابة لمبادرة حزب الأمة القومي التي سوف نقدمها لحلفائنا ثم للعناصر الأخرى والتي تقدم حلولاً لكافة النقاط الخلافية.
8. يرجى أن نفلح في إقامة الفترة الانتقالية، وأن نبرم اتفاق سلام، وأن نحقق برنامج تحول ديمقراطي. ولكن هنالك قنابل موقوتة مهملة الآن، إهمال سوف يبدد السلم الاجتماعي هي: حالة التهميش، ونسبة العطالة، والسكن العشوائي، ومساهمة هذه العوامل في رفع نسبة الفقر.
9. حتى في البلدان الديمقراطية العريقة لم تعد الديمقراطية السياسية وحدها مجدية ما لم تصحبها ديمقراطية اجتماعية اقتصادية. حالة الظلم الاجتماعي أدت لحركة احتلال وول ستريت في أمريكا، والزحف على السيتي في بريطانيا، وحركة القمصان الصفراء في فرنسا.
10. عامل آخر مهم لا يحظى الآن بالاهتمام هو أن الأحزاب السياسية ضرورية للممارسة الديمقراطية، ولكن أغلب أحزابنا في غيبوبة عنها، فقد ارتفع وعي وحماسة المكون الشبابي السكاني، والمكون النسوي، والوعي بالتهميش في بعض مناطقنا، وتعاظم دور السودانيين بلا حدود (المهجر).
11. التأسيس الرابع المنشود في حزب الأمة القومي سوف يخاطب هذه المستجدات ويرجى أن تراعي كل أحزابنا المراجعات المطلوبة لجعل الديمقراطية القادمة ديمقراطية مستدامة، وقفل الباب نهائياً أمام المغامرات الانقلابية.