خطاب حزب الأمة القومي للشعب السوداني في ذكرى استقلال السودان الثاني

علم حزب الأمة القومي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكرى استقلال السودان الثاني

خطاب حزب الأمة القومي للشعب السوداني

أجازه مجلس التنسيق الأعلى وتلقيه الأمينة العامة الأستاذة سارا نقد الله

 

1 يناير 2019م

في الظروف الثورية التي يمر بها الوطن وما حوله من أوطان مأزومة من الفجوة بين الحكومات والشعوب، وتدابير الهيمنة الدولية، فإن لاستقلال بلادنا معانٍ خاصة توجب ذكرها والتدبر في معانيها والالتزام بواجباتها:

أولاً: هنالك بعض التهوين لشأن السودان يوجب التصدي له ببيان أن السودان يمثل عطاءً حضارياً عريقاً كان له في عهد عاصمة مروي تفرداً حضارياً بعقائده الدينية وثقافته ولغة ذات أبجدية وتقدم تكنولوجي. حضارة استمرت ألف عام حتى تمدد الديانة المسيحية.

ثم قامت في السودان ثلاث ممالك مسيحية مزدهرة وقادرة على صد الغزاة بكفاءة رماة الحدق.

ثم تمدد الإسلام بصورة فريدة سلمية، وفي مرحلة لاحقة قامت في البلاد سلطنات إسلامية استمرت حتى الغزو الخديوي العثماني. الاحتلال الذي انتهى إلى احتلال مزدوج بعد الاحتلال البريطاني لمصر في 1882م.

الدعوة المهدية بإلهام قائدها واستنكاراً للاحتلال الأجنبي ومظالمه، عبأت الشعب السوداني في موجة تحرير وتوحيد لإرادته هادفة بعد ذلك لتحرير كل العالم الإسلامي لولا تواطؤ قوى التكالب الإمبريالي الذي حاصرها وحصرها في القطر السوداني ثم أطاح بدولتها. هذا السجل يحق لأجيالنا الإلمام به لإعزاز وطنهم وإدراك مكانته التاريخية.

ثانياً: الحكم الثنائي اسماً البريطاني فعلاً الذي احتل السودان في نهاية القرن التاسع عشر بعد مقاومة في ملاحم كرري وأم دبيكرات. مقاومة قال عنها الغزاة: لم نهزمهم ولكن دمرناهم بالتفوق الناري. وقال آخر: لم تكن كرري معركة حربية بل كانت إعدام أبطال.

الدرس المستفاد من اختلال توازن القوى النارية هذا استوعبه الإمام عبد الرحمن وحلفاؤه فابتكر أسلوباً جديداً: الجهاد المدني.

كان مؤتمر الخريجين العام صحوة وطنية كبيرة ولكن عضويته بعد ذلك انقسمت حول المصير الوطني ما أدى لنشأة تيارين: تيار اتحادي في جوهره اتحاد مع الحركة الوطنية المصرية لمواجهة البريطانيين. وتيار استقلالي شعاره “السودان للسودانيين”.

بعد الحرب الأطلسية الثانية اضطرت الظروف بريطانيا لتصفية الإمبراطوية بخطى دستورية في البلدان المحتلة. خطى قبلتها القوى الوطنية في كل أرجاء الإمبراطورية كما في الهند ونيجريا وغيرهما.

هذا الأسلوب اتخذته الحركة الاستقلالية، وتدرج من الجمعية التشريعية إلى الحكم الذاتي.

البريطانيون اعتبروا المطالبة بالحكم الذاتي أوسع مما قدروا، فعارضوه تجاوباً مع الموقف المصري الذي كان معترضاً لأية خطى نحو استقلال السودان، وكان البريطانيون حريصين على استرضائهم مقابل استمرارهم في احتلال قناة السويس. ولكن مطلب الحكم الذاتي فاز داخل الجمعية التشريعية بصوت واحد وصارت الخطوة التالية هي وضع الدستور الذي بموجبه تحكم البلاد.

في تلك المرحلة تغير نظام الحكم في مصر في 1952م وتواصل مع قيادة الحركة الاستقلالية واستجاب لأول مرة لمطلب تقرير المصير للسودان، وكانت ثمرة هذا التواصل اتفاقية المهدي نجيب. ومن ثم أبرم الحكم المصري الجديد مع بريطانيا اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير في القاهرة في 2/2/1953م، فأجمعت الأحزاب السودانية على ذلك بما فيها الحركة الاتحادية.

ذكر الإمام عبد الرحمن في مذكراته التي نشرناها بعنوان “جهاد في سبيل الاستقلال” أن رفض الحركة الاتحادية للجمعية التشريعية مع ما فيه من تطابق مع الموقف المصري كانت له فائدة إيجابية ساعدت الحركة الاستقلالية داخل الجمعية التشريعية على الضغط على البريطانيين للإستجابة لمزيد من الخطى نحو الحكم الذاتي.

الحركة الاتحادية بدعم مصري كسبت أول انتخابات عامة حرة في البلاد تنفيذاً للاتفاقية المصرية البريطانية. ولكن بعد ذلك انقسم الحزب الوطني الاتحادي إلى تيارات مختلفة، ففي أكتوبر 1954م صرح السيد خلف الله خالد وزير الدفاع في جريدة صوت السودان وهي جريدة يملكها السيد علي الميرغني راعي الختمية تصريحاً مفاده أن الوطني الاتحادي اعتمد علي التمويل المصري وأشاد باستقلال السودان. وفي ديسمبر 1954م هاجم الرئيس إسماعيل الأزهري ثلاثة من وزرائه وهم: خلف الله خالد، وميرغني حمزة، وأحمد جلي، وأبعدهم من الوزارة فكونوا حزباً سموه حزب الاستقلال الجمهوري وأعلنوا ذلك في جريدة صوت السودان وضموا حزبهم الجديد للجبهة الإستقلالية. وفي أواخر ديسمبر 1954م دعا الرئيس إسماعيل الأزهري لقيام نظام فيدرالي بين السودان ومصر. هذا الاتجاه أزعج جماعة السيد محمد نور الدين المتمسكين بالاتحاد الكامل مع مصر. وفي أبريل 1955م أعلن الحزب الوطني الاتحادي تأييده  قيام جمهورية سودانية مستقلة ووضع تفصيلات تتعلق بالرباط مع مصر لإرضاء الأقلية المتمسكة بالاتحاد. لقد عبأ حزب الأمة الشعب السوداني في كل مكان لدعم مطلب الاستقلال وفي طوافه على الأقاليم أدرك الرئيس إسماعيل الأزهري قوة التمسك بالاستقلال، وانحاز لشعار الاستقلال بالكامل. وكان من ثمار التواصل بين القوى السياسية السودانية ومحمول التسامح السائد في الثقافة السودانية أن أجمعت القوى السياسية السودانية على تقرير المصير من داخل البرلمان المنتخب وإعلان استقلال البلاد في 19 ديسمبر1955م.

كانت بعض الأصوات في حزب الأمة ترى التعاون مع المنشقين على قيادة الرئيس إسماعيل الأزهري لإسقاط حكومته وتكوين حكومة بقيادة حزب الأمة ترفع علم السودان المستقل في أول يناير 1956م. ولكن قيادة حزب الأمة رأت غير ذلك ودعمت حكومة الرئيس إسماعيل الأزهري ما دامت مع قد انحازت لمطلب استقلال السودان، وقد كان.

ثالثاً: منذ إعلان استقلال السودان في 1956م تعاقبت على حكم البلاد ستة نظم. وللأجيال السودانية نقول ينبغي استيعاب الدرس المستفاد من هذه النظم وإدراك إنجازاتها وإخفاقاتها فإن مناهج التعليم لا سيما في العهد الحالي أغفلت تاريخ الحركة الوطنية بل شوهت ما ذكرت منه.

أهم الدرس المستفاد من تجربة النظم الديمقراطية التي حكمت البلاد هو:

  • النظام الديمقراطي هو الذي حقق السيادة الوطنية بلا شائبة وحافظ في كل عهوده الثلاثة على حقوق الإنسان، والحريات العامة، وقومية مؤسسات الدولة الحديثة. ومهما واجه من عقبات فإنه تدرج من حسن إلى أحسن في مراحله الثلاث. حقائق وثق تفاصيلها رئيس حزب الأمة في كتابه “الديمقراطية راجحة عائدة” الصادر في عام 1990م.
  • يعاب على الممارسة الديمقراطية في السودان ممارستها للديمقراطية بصورة خالية من أقلمة ثقافية واجتماعية مطلوبة.
  • ويعاب على التجربة الديمقراطية أنها لم تراع خصوصية التطلعات الجنوبية ولم تراع مطالب التوازن الثقافي، والإثني، والجهوي المطلوب.
  • ومورست الحرية بصورة لبرالية استغلتها قوى راديكالية للاستيلاء على السلطة بتآمر مع فصائل القوات المسلحة لتطبيق أيديولوجيات طوباوية انتكست على أصحابها وأحدثت ضرراً للبلاد.

والدرس المستفاد من النظم الانقلابية الثلاثة هو:

  • كان النظام الانقلابي الأول إدراياً وخالياً من الادعاءات الأيديولوجية ولكنه قمع الحريات وغرس في القوات المسلحة السودانية تطلعاً لدور سياسي متناقض مع مدنية القرار السياسي في ظل الحكم الديمقراطي.
  • الانقلابان الثاني والثالث أقاما نظماً شمولية مدعومة بوسائل فاشستية أودت بقومية مؤسسات الدولة الحديثة وحاولت تطبيق برامج أيديولوجية بصورة قفزت فوق الواقع الاجتماعي أودت بمقاصدها بل أتت بنتائج عكسية. وكان النظام الديمقراطي قد اتفق مع اليابان على شراكة تنموية إستراتيجية لتنمية كل موارد البلاد الطبيعية، هذا الاتفاق قوضه قيام النظام الانقلابي؛ كما كان النظام على وشك اتفاق تاريخي مع الحركة الشعبية في 18/9/1989م، اتفاق سلام بلا وساطة أجنبية وبلا تقرير المصير. وبعد فترة من التهريج بالحسم العسكري خضع النظام لإملاء أجنبي ووافق على تقرير المصير واتبع من السياسات ما جعل نتيجة تقرير المصير في الجنوب محسومة لصالح الانفصال. كان انفصال الجنوب من أهم عورات نظام الإنقاذ التاريخية. ويعاب كذلك عليه التفريط في السيادة الوطنية بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان.
  • النظم الانقلابية عمقت عدم التوازن الجهوي والثقافي والإثني الموروث. وقفلت نوافذ المشاركة المتاحة في الديمقراطية ما تسبب حتماً في إشعال الحروب الأهلية في السودان. والنتيجة أن كل الحروب الأهلية التي قوضت بناء الوطن اشتعلت في بداياتها في ظل النظم الانقلابية أي في الأعوام: 1963م، 1983م، 2002م، و2011م.
  • النظامان الانقلابيان الثاني (1969- 1985م) والثالث (1989م- الآن) خربا الاقتصاد الوطني حتى بلغ الآن بؤساً لم يسجل مثله في التاريخ. كان الاقتصاد السوداني في العهد الديمقراطي مزدهراً، والتدهور بدأه نظام مايو 1969م، ولكن النظام الذي سمي نفسه الإنقاذ بلغ بالدمار الاقتصادي هذا الانحطاط المشاهد اليوم.
  • ومع أن شكل الانقلاب في الحالات الثلاث كان عسكرياً، فإن العسكريين الانقلابيين في الحالات الثلاث كانوا ضحية تآمر جهة سياسية مدنية قررت الاستعانة بهم لتحقيق أهدافها السياسية: ولكن في الحالات الثلاث فجعت العناصر المدنية المتآمرة بانفلات الأمر من يدها وانقلاب التلاميذ على أساتذتهم، بصورة رسمها الكاتب البعثي منيف الرزاز في كتابه “التجربة المرة” وكررتها التجارب السودانية الانقلابية الثلاثة.

رابعاً: بعض المستجدين في الوسائط الاجتماعية يستنكرون دورنا في العمل العام. المكانة في العمل العام رهينة بالاجتهاد والمجاهدات.

كياننا قاد تحرير السودان الأول وقد كان آخرون موالين للسلطان الخديوي. وقاد التحرير من السلطان الثنائي وقد كان آخرون موالين لتاج الملك الراحل فاروق. ومع ما كان في الانقلاب الأول من ملابسات مشاركة بعض قادة الحزب وموافقة راعيه ضد رغبة رئيسه وضد رغبة الغالبية في مجلس إدارة الحزب، فقد شارك حزب الأمة في قيادة الثورة ضده كما في قيادة الثورة ضد الانقلاب الثاني وفي الحالين تحمل جزءً كبيراً من بطش النظامين، وفي الوقت المناسب كتبنا ميثاقي الثورة.

ومنذ قيام الانقلاب الثالث تصدى له كياننا السياسي بكل وسائل النضال. نعم حاوره لأن الحوار من وسائل النضال ولكن لم يشاركه أبداً كما شاركه آخرون.

كياننا الدعوي الأنصاري وكذلك الحزبي السياسي يتسم بأنه صنع في السودان، ليس وافداً. صارت هيئة شؤون الأنصار كياناً دعوياً شورياً يبث صحوة إسلامية، ومع تجنب النشاط السياسي قاد عملاً وطنياً قوياً في كل منابره. هذه الحقائق ليست مناً على أحد ولكن تصويباً لمغالطات نشرها تجهيل النظام الانقلابي لبعض العناصر المستجدة في العمل العام.

ومهما كان لحزبنا من دور قيادي فإنه في كل مراحل العبور الوطني حرص على قومية العبور كما كان في تحقيق الاستقلال، وفي ثورتي أكتوبر 1964م، و1985م. وحتى عندما خاطبنا ولاة الانقلاب الأول في أكتوبر 1964م عندما ضاقت بهم الأمور حرصنا أن يكون العبور قومياً.

نعم نهض الشعب السوداني ضد نظام الانقلاب الأول، ثم ضد نظام الانقلاب الثاني. ولكننا في المرحلة الحاسمة استطعنا أن نبلور موقفاً مشتركاً مع القوى السياسية والمدنية الأخرى نقل الاحتجاج من موقفه التلقائي إلى موقف مخطط ملتزم بميثاق وطني قدمناه وتجاوب معه الآخرون.

خامساً: النظام الحالي الذي يحكم البلاد عارضه وحاوره كثيرون. أكبر حركة قاومته مقاومة مسلحة الحركة الشعبية لتحرير السودان، ثم حاورته وشاركته الحكم ما أدى لحكم مشترك بينهما في الفترة 2005 إلى2011م، وفي تلك الفترة انخرطت فيه أكثر الأحزاب السياسية السودانية، ولكنه في كل حالات المشاركة لم ينفذ الاتفاقيات وسعى للاكتفاء بقسمة كراسي، وجعل المباديء المتفق عليها حبراً على ورق، فتخلى كثيرون ممن شاركه عن تلك القسمة الضيزى. نحن حاورناه ووصلنا معه لاتفاقات إطارية لم تنفذ ومع قبول مبدأ الحوار لم نشاركه أبداً.

ووقفت في وجه النظام جبهة ثورية مكونة من الحركة الشعبية- شمال، وهي جزء من الحركة الشعبية الأم، ولكن ما يليها من اتفاقية السلام لم ينفذ؛ وحركة تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة وقد انطلقتا بسبب ما مارسه النظام من مظالم إذ لم توجد في دارفور قبل قيام نظام الحكم الحالي أية بندقية موجهة للحكم المركزي. نعم كانت هنالك مطالب ولكن لم تبلغ درجة العمل السياسي المسلح في العهد الديمقراطي. هذه الحركات تحالفت معنا في نداء السودان لا لشن الحرب بل لتحقيق السلام والحكم الديمقراطي بوسائل سلمية، نعم في واقعهم مكونات مسلحة سوف تستمر إلى أن يبرم اتفاق سلام عادل شامل ولكنهم التزموا معنا بمواثيق تحصر وسائل إقامة النظام البديل في الحوار باستحقاقاته أو الانتفاضة الشعبية السلمية.

سادساً: النظام الحالي في حكم السودان وصف نفسه بالإنقاذ. ومهما كانت نواياه فقد حقق عكس مقاصده، لذلك واجهه الشعب بالرفض في أشكال مختلفة: هبات شعبية، عصيان مدني، فرار جماعي من البلاد، وعصيان مسلح في مناطق عديدة. ولكنه حافظ على بقائه بأعلى درجات العنف داخلياً، وأعلى درجات التقلب بين المحاور خارجياً.

ومع أنه الأطول عمراً بين النظم التي حكمت السودان فإنه الأسوأ حتى بلغ الآن درجة من الفشل في كل المجالات لا تطاق.

سابعاً: التزاماً بالإيجابية وبالنهج القومي، وهما يطبعان عطاءنا الوطني في كل المراحل لا سيما مراحل العبور فقد تشاورنا مع كثير من القوى السياسية والمدنية في البلاد وفيما يلي نطرح ميثاق الخلاص الوطني مع تحديد وسائل تحقيق أهدافه. هذا الميثاق يجسد مطالب الشعب السوداني المشروعة ويحقق الاستقلال من الاحتلال الداخلي الحزبي.

إن يد الله مع الجماعة، وهو القائل:(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)[1]. والحكماء على مر التاريخ ينادون كما قال الحكيم المصري:

رَأىُ الجَمَاعَةِ لا تشقى البِلادُ به       رَغمَ الخِلافِ و رَأىُ الفَرْدِ يُشقِيهَا

والحكيم السوداني:

إذَا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ

الشعب السوداني في العاصمة والأقاليم نهض ينادي بمطالبه المشروعة. نحن نؤيد التعبير السلمي الشعبي عن المطالب المشروعة وندين القمع الوحشي الذي واجه التعبير السلمي عن المطالب المشروعة. رحم الله الشهداء وعجل بشفاء الجرحى. إن القمع الذي درج النظام على ممارسته لا يجدي، والفشل السائد في البلاد أكبر حافز على المطالبة بنظام جديد.

فيما يلي نص ميثاق الخلاص الوطني المجسد للمطالب الوطنية المشروعة يرجى أن يلتف الجميع حوله والتوقيع عليه، باعتباره مشروع لبناء الوطن يحقق أهدافه بوسائل سلمية وقومية.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ميثاق الخلاص الوطني

27/12/2018م

هبة الشعب السوداني في وجه نظام الحكم الاستبدادي الظالم مشروعة، والتعبير بالمظاهرات الاحتجاجية السلمية مشروع بموجب الدستور وبموجب المعاهدات الدولية التي وقع عليها السودان. والتصدي لها بالبطش جريمة توجب مزيداً من المساءلة الجنائية الدولية.

هذه التحركات العفوية ينبغي أن تستمر لإدانة إخفاقات ومظالم وفساد النظام بصورة عملية، على أن تتجنب التخريب فهو ليس من طبع السودانيين ولا يجدي بل يمنح سلطات البطش مبرراً لممارسته.

الواجب الوطني في هذه الظرف التاريخي يتطلب من جميع القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والحركات الشبابية والنسوية، وجموع المفصولين والمهجرين والنازحين، والتجمعات المطلبية، والمتأثرين بالسدود وبيع الأراضي، ومؤسسات القطاع العام، والحركة الطالبية، والمفكرين والشخصيات القومية التوقيع على ميثاق الخلاص الوطني باعتباره الإعلان التاريخي لمطالب الشعب المشروعة، وهي:

أولاَ: إزالة هذا النظام الذي فرض على البلاد احتلالاً داخلياً، وإقامة نظام جديد يقيم دولة الوطن في مكان دولة التمكين الحزبي الإقصائي.

ثانياً: كفالة حقوق الإنسان وبسط الحريات العامة وتكوين حكومة قومية انتقالية تدير البلاد إلى حين إجراء انتخابات عامة حرة.

ثالثاً: إبرام اتفاقية سلام عادل شامل تقوم على المبادئ الآتية:

  • وقف شامل للعدائيات وكفالة الإغاثات الإنسانية لمستحقيها بإدارة مستقلة ومحايدة.
  • كفالة عودة النازحين واللاجئين إلى مواطنهم وتنفيذ التعويضات الفردية والجماعية.
  • الالتزام ببرامج اقتصادية واجتماعية نحو المناطق الأقل نمواً والمتأثرة بالحروب لتحقيق المساواة الجهوية والاجتماعية.
  • الاعتراف بالتنوع الثقافي والإثني والالتزام باستحاقاقاته.
  • الالتزام بلامركزية فيدرالية حقيقية تمكن ولايات البلاد المختلفة من ممارسة صلاحيات دستورية. هذا مع دمج الولايات في الخمسة أقاليم التاريخية (الإقليم الشمالي- الإقليم الشرقي- إقليم كردفان- إقليم دارفور- وإقليم النيلين الذي يضم ولايات الجزيرة والنيل الأبيض والنيل الأزرق وسنار).
  • هيكلة القوات النظامية بصورة تحقق قوميتها، وضبط عقيدتها العسكرية بحماية النظام المدني.
  • الإلتزام بعدالة انتقالية للحقيقة والإنصاف لكل الفترة منذ استقلال السودان.

رابعاً: عقد مؤتمر قومي دستوري مهمته كتابة دستور البلاد يحقق:

  • كفالة الحريات العامة وحقوق الإنسان.
  • ضبط العلاقة بين الدين والدولة بما يشبع تطلعات المؤمنين والتزام الجميع بالمساواة في حقوق المواطنة.
  • يكفل الدستور مبادئ اتفاق السلام العادل الشامل.
  • الاتفاق على وسيلة ديمقراطية لإجازة الدستور.

خامساً: اتباع سياسية توازن بين الانتماء الوطني، والعربي، والأفريقي، والإسلامي والدولي، والتخلي عن سياسة المحاور الانتهازية حرصاً على الصداقة والتعاون دون محورية.

سادساً: نداء للقوى النظامية الامتناع عن البطش بالشعب الذي  يعبر سلمياً عن مطالبه بل الانحياز لمطالبه المشروعة.

سابعاً: النداء لكل الذين ساندوا هذا النظام في مراحله السابقة المثوبة لحضن الشعب، والمشاركة في بناء الوطن بعد أن اتضحت عيوب التجربة لكل مَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ. أما الذين مازالوا يمسكون بالسلطة فبقدر تجاوبهم مع مطالب الشعب المشروعة سيجدون من الشعب المعاملة العادلة لا الانتقامية.

ثامناً: مطالبة أشقاء وأصدقاء السودان في العالم العربي، والأفريقي، والدولي تقديم البرهان على دعم أهل السودان بالآتي:

  • دعم مبادرات السلام العادل الشامل.
  • دعم برامج الإغاثات الإنسانية.
  • المساهمة في التوطين الطوعي للنازحين في قراهم بتعمير جديد.
  • دعم كل ما من شأنه كفالة حقوق الإنسان والحريات العامة في السودان.
  • المساعدة في إعادة الأموال المنهوبة للوطن.
  • المساعدة على عدم الإفلات من العقوبة للجناة.
  • الالتزام بمعاملة طيبة للاجئين السودانيين فهؤلاء طردهم الظلم من وطنهم.

الوسائل:

أولاً: أن يوقع على هذا الميثاق كل عناصر المجتمع المذكورة.

ثانياً: أن يقدم هذا المطلب في العاصمة والولايات والسفارات في الخارج في آن واحد في مواكب سلمية وفي يوم محدد لا يتجاوز أسبوعاً من اليوم.

ثالثاً: أن نعتصم جميعاً في مائة موقع داخل السودان وأمام كل سفارات السودان في الخارج، اعتصام يستمر مصحوباً بإضراب عام إلى أن تتحقق مطالب هذا الميثاق.

رابعاً: تكوين قيادة وطنية مشتركة لتنظيم هذا الفلاح الوطني.

 

 

[1] سورة التوبة الآية (71)